غزة... بوعزيزي الأمه

ثامر سباعنه

سجن مجدو  -  فلسطين

[email protected]

يعتبر البعض الشاب المصري  خالد سعيد هو الشرارة الأولى للثورة المصرية وهو المحرك للشباب المصري نحو الثبات والصمود في ثورتهم ، بينما كان إشعال النار بنفسه للشاب محمد بوعزيزي في تونس هو الدافع لتحرك الشارع التونسي ، فذلك الشاب ( البوعزيزي) خريج الجامعة الذي لم يعثر على عمل له في بلده نتيجة ما تعانيه الدولة من فساد ومحسوبيات ، فلجأ للبيع على عربة متواضعة للخضار لكن نظام الظلم لم يتوقف هنا ، فدوريةالشرطة تلاحقه، العربة غير مرخصة، تتوجه الدورية إليه بكل عناصرها، كأنما في جعبته أموال الوطن، وخزي الرشاوى المقبوضة لاختلاس حقوق مواطن آخر، جريمته الوحيدة أنه لا يستطيع أن يدفع رشوة، لم تنفع توسلاته لأكبرهم رتبة، والشرح الذليل الذي يتكبده في أن وراءه عائلة، صودرت عربته دون اكتراث، ووُجهت له صفعة على وجهه حركت كرامته المهدورة والمستباحة ليجد أن الرد الوحيد في دولة البوليس والأمن هو أن يحرق جسده لعله ينتقم لإنسانيته، وبالفعل كان جسده هو الشعلة التي حركت كل تونس وجعلتها تنتفض على الظلم والاستبداد ، ولم تقف نار جسد البوعزيزي عند تونس فقط إنما امتدت لتصل مصر واليمن والأردن وليبيا و سوريا ، ولم تتوقف هناك إنما لازالت هذه النار تحرق قيود الظلم عن الشعوب العربيه للتمرد على جلاديها معلنة ميلاد فجر جديد.

الشعوب العربية التي تحركت كانت تحمل في صدورها مكنونا كبيرا من الغضب على كرامتها ومكانتها وعزتها ، كانت تحمل غضبا وحزنا تراكم منذ سنوات طوال بل أحيانا من أجيال إلى أجيال ، لكن ما الذي ضخ الروح في جسد ألامه وجعلها واثقة انها قادرة على التغيير بل قادرة على الثبات وتحقيق النصر!! ما الذي أعاد للأمة ثقتها بنفسها وبمكنوناتها الرائع التي لا تملكها باقي الأمم والشعوب!!! من الذي اخرج مارد الحرية من قمقمه ؟؟ فإنتفض المارد وكسر حاجز الخوف ، تمرد على كل قوانين الظلم والاستعباد وأعلن أن الامه لازالت بخير .

هناك في غزة كانت البداية ...في غزة بدأت حكاية الحريه الحقيقية للشعوب العربية ، هناك انتصرت إرادة الشعب ، تاريخ  جديد يكتب على صفحات من العز والرفعه ، كف اهل غزة العاري الجائع لكنه يحمل الإيمان انتصرت على مخرز الظلم والفساد الإسرائيلي والعالمي .

استطاع اهل غزة بصمودهم وصبرهم على سنوات الحصار الطويله وانتصارهم على آلة البطش والظلم الاسرائيليه وثباتهم امام تخاذل القادة العرب .

شاهدت الشعوب العربية وسمعت ما جرى ويجري في غزة ، وأدركت في نفسها ان الشعوب العربية مقصرة بل أحيانا متخاذلة في نصرة إخوانهم الفلسطينيين في غزة ومن قبلهم نصرة كل فلسطين ، كما ان حصار غزة من قبل الحكام العرب حرق كل أقنعة الحكام  أمام شعوبهم وكشف مقدار التآمر على ألامه فزاد الغضب الشعبي في الصدور ، وجاء ثبات وصمود اهل غزة رغم الحصار الظالم لأكثر من اربع سنوات وما تخلله من حروب شنتها اسرائيل بكامل عدتها وعتادها على شعب غزة ،إلا انه بقي صامدا قويا لا يستسلم ولم يرفع راية الذل والخضوع .. كل هذه الدروس والعبر كان لها مكان في نفوس الشعوب العربيه وكان لها دور في رسم لوحة الحرية والاصرار على الانتصار عند الشعوب ، لقد أصبحت غزة بأهلها وصمودها عنوانا للشعوب المقهورة في العالم اجمع وفي الدول العربية خاصة .

هاهي الشعوب العربية تنتفض وتنتصر وكلها ترفع علم فلسطين معلنة ان الطريق الى فلسطين اصبح شبه سالك وان الشعوب العربية ستتحرك قريبا نحو فلسطين بإذن الله.