كشعب سوري لم يبق عندنا ما نخسره

بعد أن خسرنا كل شيء, وحتى كرامتنا,

سوى أننا نعاج في مزرعة الأسد

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

مرت أربعين سنة فوقها ثمانية سنين , مرت على الشعب السوري فيها كل أنواع الخزي والقتل والهزائم والتشريد , وكل ذلك يجري لسبب واحد فقط ألا وهو:

من يستلم الحكم والسلطة  ليذل ذلك الشعب العريق والأصيل والذي من دمشق انطلق تأسيس أكبر دولة عربية إسلامية امتدت من غرب أوروبا إلى الصين شرقا وروسيا

وكان للبعث الهدف في الوصول لهذه المكانة من السلطة ليكون همه الوحيد إذلال هذا الشعب

هذه النتيجة لم تكن افتراضاً ولا تهجما , لأنني مواطن سوري  قبل كل شيء , ولكن لقد حان الوقت لكي نراجع واقعنا بعين الناقد الفاحص والذي يكون هدفه من النقد البناء وليس الهدم,والتقويم وليس الكسر

ولكي لا نختفي حول حقائق وهمية صنعت لتبدو حقيقية بينما هي بعيدة كل البعد عن الحقيقة والحق والواقع

سأمر مرور الكرام على مواقف في ظل هذا النظام الذي حكم ويحكم باسم حزب البعث

استلم الحكم في سنة 1963  ورسخ الأحكام العرفية في الوطن حتى يومنا هذا , وبالضغط على المجتمع هربت رؤوس الأموال خارج سورية وبدأت العملة السورية في الانهيار , وألغى الحرية والديمقراطية وتعدد الأحزاب , وفرغ الجيش من كوادره المتمرسة ليستبدلها بكوادر موالية له همها الوحيد هو

اسرق.. اسرق حتى تصبح متخما

وكانت حرب ال1967 فسلم الجولان هدية للكيان الصهيوني وبدون حرب

دخل الجيش السوري لبنان تحت مظلة قوات اللدع العربية وبقي فيها عقدين ويزيد من الزمن لم يترك فيها شخص لبناني إلا وتعرض لسوء عنجر

دعم الخميني في حربه ضد العراق ودعم قوات الحلفاء عسكريا ضد العراق في حرب الخليج الثانية

حول الجمهورية إلى جمهورية ملكية متوارثة

تزعم النظام الفساد , قتل من الشعب السوري عشرات الآلاف بمذابح وإعدامات عشوائية , تحولت عناصر أركان النظام لعصابات مافاوية تسرق وتقتل وتغتصب فهي فوق القانون , حول كل عنصر في أمنه لقاض وحاكم وقاتل بدون محاسبة , أصدر قانون ال49 والذي يجيز قتل وإعدام أي شخص متهم بانتمائه لتنظيم الإخوان المسلمين , وبواسطة هذا القانون يستطيع أي حزبي أو مخبر أن يقتل شخص ما يشك في انتمائه لهذا التنظيم

تركزت الثروة بأيدي هذه العصابات فهبطت الليرة السورية في يوم واحد في مقابل الدولار من 3.5 ليرة سورية لكل دولار إلى سبعين ليرة سورية لكل واحد دولار في مدة أسبوع واحد عندما استولى رفعت الأسد على عدة مليارات من العملة السورية سنة 1983 في مقابل مغادرته سورية

لا يمكن محاسبة أي شخص من العائلة الحاكمة , مهما ارتكب من جرائم , أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية , والحاكم المطلق للوطن هم رجالات الأمن المنضوية تحت ظل عائلة الحاكم

لقد صبر الشعب السوري على كل التجاوزات , وصبر على فقدان عشرات الآلاف منهم في سجون النظام وصبر على فراق مئات الآلاف منهم خارج البلاد وصبر على المذابح والاعتقالات , والفقر والذل والخنوع  , والتهجير داخل البلاد وخارجها , واغتيال العلماء والمفكرين والأطباء والعمال والفلاحين واغتصاب النساء وسجن واعتقال الكثيرات منهن , فلم يوفر لامرأة ولا فتاة ولا رجل ولا شاب  ولا كبير في السن

فخرب العقول ونزع الثقة من العقول والقلوب , وحض على الفساد وأطلق حرية الحركة والسيطرة لعصابات ولي الفقيه في إيران

ولم يكتف النظام بتحويل الشعب السوري لمجرد مجتمع من النعاج ومجتمع المتسولين , وخوف السوري حتى من خياله

حتى يخرج علينا وعلى المجتمع السوري بهدية جديدة , لخروج بعض الفقراء من حالة الحاجة تلك

ما عليكم إلا أن تكونوا مرتزقة قتلة وخونة تقتلون من نرضى على قتله في مقابل المال ,

وكانت الدفعة الأولى مرتزقة من الطيارين والقوات الخاصة ومن وحدات الحرس الجمهوري لتقاتل مع نظام القذافي ضد الشعب الليبي بالتنسيق مع الكيان الصهيوني لحمايته من الانهيار

أيها الجنود السوريون والطيارون والضباط والرتب العسكرية  من المرتزقة

أسألكم جميعا

هل قارن أحدكم نفسه بالسوريين الذين استشهدوا في فلسطين والعراق ومصر , في الدفاع عن أهلهم هناك ؟

هل فكرتم أن هذه أول مرة تحدث في بلادنا العربية أن يكونوا مرتزقة , ومن أين من الشام؟

نحن نعرف أن العرب والمسلمين يذهبون للقتال عن دينهم وأرض المسلمين كما حصل ويحصل في بقاع كثيرة من العالم , بينما أنتم تذهبون لقتل إخوانكم الليبيون

هل هانت أنفسكم لهذه الدرجة من الخسة والنذالة لتصبحوا مرتزقة ؟

أيها الشباب السوري الصاعد , يا من لم تمت نفسك بعد وترضخ لسلطة الفساد

كل المناطق والدول الإسلامية التي احتلت أو محتلة تشهد إليك بالبطولة والفداء والتضحية في وقوفك ضد الظلم , وهذا النظام يحول من تبقى لمرتزقة , فاليوم في ليبيا وغداً سوف تكثر عليك العروض لتكون النمرة رقم واحد في الحصول على أعلى أجر في القتل

هل بقي عندك شيء لتخسره بعد كل هذا ؟

إن دعم النظام السوري للقذافي ومساعدته في قتل الشعب الليبي والقيام بقتل الليبيين نساءً ورجالا وأطفالا , لهو أعظم سبب يجعلك تتحرك ضد هذا النظام

هل ماتت نفوس شعبنا إلى هذه الدرجة من العبودية ليصل فيهم الأمر لقتل شعب منهم وفيهم ولهم بأيدي أبناءهم فقط مراضاة للنظام ؟

لم تتحرك من أجل حقوقك ولم تتحرك من الظلم ولم تتحرك بسبب كل ما تقدم ويزيد , ولم تتحرك عندما حولك لمرتزقة تقتل فيها أبناء أمتك ودينك

فكيف ستجد نفسك أمامك وفي داخلك , وكيف سينظر الناس لنا في عالمنا العربي أولا وفي العالم ثانيا؟

كلمات أستحي من كتابتها , حياءً من الشعب الليبي البطل

فلم يبق عندنا شيء نفتخر فيه ولا حتى الكرامة

سوى أننا نعاج في مزرعة الأسد.