نعم يا سيف الإسلام: ليبيا ليست كمصر وتونس
نعم يا سيف الإسلام:
ليبيا ليست كمصر وتونس
خليل الصمادي
[email protected]
عضو اتحاد الكتاب والصحفيين
الفلسطينيين/ المدينة المنورة
في خطابه الأخير أطلنا علينا ولي العهد الليبي سيف الإسلام القذافي يبشرنا بليبيا
الجديدة التي سيكون لها نشيدا جديدا وعلما جديدا ،ونهجا جديدا وربما قذافيا جديدا
على شرط إنهاء الثورة، وفي خضم انفعاله هدد سيف الإسلام بحمام الدم إذا لم يركن
الثوار للحوار ، واللافت للنظر أن القذافي الصغير قارن بين ليبيا وكل من مصر وتونس
وقال : ليبيا ليست كمصر وتونس، وربما تكون هذه العبارة هي الأصدق في خطابه ففعلا
ليبيا ليست كمصر وتونس ، فليبيا غير
..
نعم ليبيا غير ، أي غير بلدان المعمرة كلها ، لا دولة ولا نظام ولا حكومة ولا
مجتمع مدني ولا حتى اسم كبقية اسماء العالم : مملكة، جمهورية، امبراطورية ، إمارة،
سلطنة ، سلطة وطنية ، حكومة مؤقتة ، ليبيا غير إنها جماهيرية
.
فالبلدان
اللذان يحدان ليبيا من الشرق والغرب سقطت حكومتهما بفعل الثورتين الشعبيتين قبل
أيام قليلة ولم تقمع الثورتان كما قمعت الثورة الليبية ففي يوم واحد وفي مدينة
واحدة سقط من الشهداء الليبيين ما سقط في البلدين المجاورين فهما قيل عن دكتاتورية
مبارك وزين العابدين فهما تلميذان صغيران في مدرسة القذافي فالطاغوتية القذافية
فاقت البلاد كلها ، لذا فليبيا كما قال المهندس سيف الإسلام ليست كمصر وتونس فمصر
وتونس كانتا تتمتعان بقليل من المجتمع المدني الذي حرك المسيرات الاحتجاجية رغما عن
الحكام بقوة القانون والإعلام وبشرعية بعض
الأحزاب
وحتى لوكانت صورية ، فإن كان مبارك يملك الحمير والخيل والجمال لقمع المتظاهرين
فإن القذافي ليس كمثله فهو أرقى من ذلك فهو يملك الرصاص الحي والدبابات والصواريخ
، وإن كان نظام زين العابدين يستورد الرصاص المطاطي والغازات المسيلة للدموع فإن
نظام القذافي لا يستورد مثل هذه الألعاب الصبيانية التي تدلع الشعوب
!!
ليبيا غير ... فلا شك أن النظامين الساقطين كانا يملكان مقومات الدولة وأما ليبيا
فلا دولة ولا نظام فيها فكلها مختزلة وعلى مر أربعين عاما بشخص القذافي الأب فهم
لا يرون إلا كما يرى ولا يسمعون إلا كما يسمع ، جعل من نفسه أيقونة بعد الله وقبل
ليبيا ، وأما سبب عنف الثورة هناك فينطبق عليها شعار " لا يفل الحديد إلا الحديد "
فلم يترك القذافي أي منبر يستطيع الشعب أن يعبر به عن نفسه وتطلعاته
.
ومن الغريب ان يلجأ القذافي الابن إلى تهديد الغرب من الجماعات الإسلامية كما فعل
حسني مبارك في ساعاته الأخيرة فالأخير يخشى على إسرائيل من دولة أصولية تساند إمارة
حماستان الغزية ، وأما القذافي فيخشى على أوروبا من دولة أصولية في حوض البحر
المتوسط فهي كما قال لم ترض بدولة في الصومال أو افغانستان!!
هل كشف القذافي الأب والابن واللانظام عن نواياهم في قمع تطلعات الشعوب في الحرية
والكرامة وبناء دولة مدنية مهما كانت هويتها من أجل حماية دول حوض المتوسط كما
كان يفعل مبارك جهارا نهارا وزين العابدين فكرا وسلوكا في نظريته البائدة " تجفيف
المنابع ".
أظن أنَّ ما صرح به القذافي هو لب الموضوع فالغرب يعي ذلك فالطاغوت في ليبيا هو أهم
من مبارك وزين العابدين لذا لم نجد احتجاجا من أوروبا أو أمريكا يرتقي للحدث ،
فالدماء التي سالت في ربوع ليبيا وكأنها دماء غير آدمية ، وليس لليبيين بواك كما
يتباكى الغرب على من لا يستحق البكاء.
سيسقط القذافي ولجانه اللاثورية اليوم أو غدا بعد ان يحرق طرابلس وما حولها كما
حرق نيرون روما وستخلف هذا السقوط دولة ربما تكون في بدايتها ثورية وعنيفة واصولية
وسيلجأ الغرب للفوضى الخلاقة كما في افغانستان والصومال والسودان وسيفرز السقوط
امراء للحرب قد يعيثون في ليبيا الفساد لأجل قصير ، ولكن وعي الشعب الليبي الذي
يتكون من طيف واحد سيكون سياجا للعبث والفوضى في البلاد.
حمى الله ليبيا وحمى شعبها المختار " نسبة لعمر المختار" وحمى ثورتها المباركة
والتي لا شك أنها ستكون شقيقة للثورتين الجارتين وسندا للثورات القادمة.