نداء عاجل إلى جيش الكنانة
نداء عاجل إلى جيش الكنانة!!
حسام مقلد *
يا جيش مصر الباسل هذا هو يومك الموعود لتقوم بدورك في حماية مصر وشعبها، وصون أمنها وعزتها وكرامتها واستقرارها، يا جيشنا العظيم عودتنا على أنك درع مصر والأمة العربية، وحامي حمى أمننا القومي، وأن مصلحة مصر وحماية مقدراتها هو شغلك الشاغل، فأنت جزء منا ونحن أبناؤك، نحن زادك ووقودك وعدتك وعتادك في الشدائد، وذخيرتك الحقيقية وسندك ودعمك وعونك بعد الله تعالى عندما يجد الجد وتحين ساعة المواجهة.
يا جيشنا العظيم الآن جاء دورك وحان وقت القيام بواجبك نحو وطنك وأبناء شعبك بعد أن تنكر لنا النظام السياسي الفاسد الذي حكم البلاد بالحديد والنار على مدى ثلاثين عاما، وقد صبر عليه الشعب طويلا طويلا، وانتظر العدالة والحرية والإصلاح طويلا طويلا، وبقي يتطلع للتقدم الشامل والنهضة الحقيقية التي تليق به وبحضارته العريقة، ووجَّه الكثير والكثير من عقلاء الأمة ومثقفيها النصائح تلو النصائح للتوجه الطوعي نحو الإصلاحات الحيوية، والسعي الحديث لتطوير مصر تطويرا جادا وشاملا، وتحقيق قدر أكبر من الحرية والعدالة الاجتماعية، لكن بكل أسف تكبَّر النظام وتسلط وعاند أكثر وأكثر، واغتر بقوته وجبروته، واستمرأ ظلم الناس وتمادى في غيه وضلاله ورفض الاستماع لأية نصائح، ولسان حاله يقول كسلفه الغابر: "مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ" [غافر : 29].
لقد تقزَّمت مصر كثيرا في عهد الرئيس مبارك، وتقلَّص دورها، وتراجعت في كل الميادين وعلى كافة الأصعدة وفي جميع المجالات، والحزب الوطني وحكومته ونظامه ما هو سوى آلات تضليل جبارة لا تفتر أبدا عن الكذب والخداع والتزييف والتزوير!! وتدَّعي أنها تحقق الإنجازات تلو الإنجازات، وصدور الناس الوطنيين الغيورين على وطنهم تغلي كمرجل مكتوم يقترب أكثر فأكثر من لحظة الانفجار، ونظام مبارك لا يسمع لا يرى لا يتكلم، فقط يمارس دوره في الخداع والتضليل وكأنه يحكم شعبا من البلهاء أو جمهورية من جمهوريات الموز، وليس أعرق شعب في التاريخ، شعب له من العمق الحضاري والجذور الضاربة في أعمق أعماق الزمن ما يؤهله لحياة أفضل كثيرا جدا مما يعيشه الآن في واقعه البائس الحزين!!
وتمادى النظام الفاسد في استعلائه وغروره وكبريائه وحكم الناس من خلال جهاز سيء السمعة بين المصريين يعرف بجهاز (أمن الدولة) وهو أبعد ما يكون عن هذه التسمية المضللة، ففي الحقيقة ما هو إلا جهاز لقمع المواطنين الشرفاء وسحلهم وانتهاك كرامتهم وإنسانيتهم بأبشع الطرق والوسائل التي تتلذذ بإذلال المصريين وإهانتهم وسحق كرامتهم وإهدار إنسانيتهم، وهذا هو سر كراهية المصريين الشديدة للشرطة ولكل رموزها.
ومع استمرار كبت الحريات وانتهاك الحرمات وسرقة ثروات الوطن غضب الشعب المصري وأعلن غضبه بقوة صارخة، والكل يعرف ماذا يعني خروج المصريين للإعلان عن غضبهم، إنهم أسود تزأر في الشوارع ولن يعودوا إلى بيوتهم دون تحقيق مطالبهم، لكن الحكومة استمرت تكابر وتعاند، ثم غابت بشكل مريب فلم نسمع لها صوتاً حتى الآن رغم تفاقم الأوضاع وتسارع الأحداث بشكل مفاجئ للغاية، والآن دخلت البلاد في حالة فراغ سياسي خطير يجب أن يملأ بأقصى سرعة، حتى يستتب الأمن وتحفظ أرواح الناس وممتلكاتهم، ويقطع الطريق على أية أعمال شغب أو سلب ونهب، أغلب الظن أن عناصر من الحزب الوطني والحكومة تقوم بها لترويع الناس وإدخال الذعر والهلع إلى قلوبهم، وتشويه هذه الثورة المباركة الثورة الشعبية الحضارية السلمية لصرف الناس عنها وتخويفهم منها، وتشكيك الغرب فيها وفي أسبابها وأسلوب القيام بها!!
فيا جيشنا العظيم جاء دورك لإعادة الأمن إلى ربوع مصرنا الحبيبة، حان الوقت الذي تثبت فيه كما عهدناك دوما جيشا وطنيا جسورا تحمي شعبك ووطنك وتصون مقدراته، يا جيشنا العظيم أعداء مصر كُثُرٌ ويتربصون بها الدوائر وينتظرون حدوث فوضى عارمة فيها، وهي الأُمْنِيَة التي تحدثوا عنها صراحة وأسموها الفوضى الخلاقة، والعالم كله يتابع بكل دقة ما يجري في مصر لأنها مصر أم الدنيا ذات الثقل والحضارة والتاريخ والتأثير!!
يا جيشنا العظيم لا نريد وعودا براقة، وكلمات فضفاضة من أية جهة أو أية شخصية من النظام الفاسد الذي حكم مصر طيلة ثلاثين عاماً ولم ينجز شيئا منها، ولن ننخدع لهم مرة ثانية، لن نستمع لكلامهم المعسول فهو مجرد شعارات فارغة جوفاء ووعود كاذبة بلهاء، فما لم يحققوه طيلة هذه العقود لن يحققوه الآن، فلن يحترموا القضاء ولن ينفذوا أحكامه كما هي عادتهم، ولن يحترموا الشعب، ولن يحققوا لا رخاء ولا تنمية ولا عدالة اجتماعية، إنهم ببساطة لا يعرفون إلا مصالحهم ولا يفكرون إلا في ذاتهم بكل جشع وأنانية، وعندما يتمكنون من الشعب مرة أخرى فسيبطشون به ولن يرقبوا في أحد منا إلا ولا ذمة!!
يا جيشنا العظيم لم يعد أمامنا بعد الله تعالى سوى اللجوء إليك، وكلنا أمل فيك وفي حكمة رجالاتك وفي قدراتك الكبيرة وإمكاناتك الهائلة؛ فخذ زمام المبادرة بسرعة أيها الجيش العظيم ولا تنتظر أي شيء جديد من هذا النظام الفاسد، لأنه نظام مفلس بكل معنى الكلمة وليس لديه ما يقدمه سوى مزيد من الكذب والخداع والتضليل، يا جيشنا العظيم ثقتنا فيك بعد الله تعالى مطلقة فلا داعي لتضييع الوقت وإهدار الجهود والطاقات فيما لا جدوى منه، فنظام الرئيس مبارك نظام مفلس وسيعيد إنتاج فشالاته المتكررة لو منح أية فرصة أخرى؛ فهو نظام خاوٍ لا يمتلك أية رؤية مستقبلية لإحداث تغييرات حقيقية ملموسة في حياة الناس، وكيف ينتظر أحد أن يتغير هذا النظام بشكل إيجابي مفاجئ في هذا الوقت بالتحديد؟! وكيف سينجح فيما لم ينجح فيه طيلة العقود السابقة؟!!
يا جيشنا العظيم لا داعي لتضييع الوقت، وعليك وحدك بعد الله تعالى تنعقد الآمال في حقن دماء المصريين وحماية مؤسسات الدولة، وإجبار نظام الرئيس مبارك على الرحيل بكل هدوء؛ فكفانا خداعا وتضليلا، وكفانا إضعافا لمصر وتهميشا لدورها، وإساءة لسمعتها وكرامتها، ولن يكفي أبدا امتصاص غضب الشارع المصري بالطريقة التي تمت حتى الآن، ومن وجهة نظري لكي تخرج مصر منتصرة، ولكي يخرج شعبها البطل الأبي مصاناً مهاباً، وأكثر قدرة على الإنجاز الحضاري بعد كل هذه العقود الكئيبة من العجز والوهن والإضعاف يجب المبادرة بأقصى سرعة بفعل الآتي:
إنهاء نظام الرئيس حسني مبارك بشكل سلمي آمن، والإعلان عن تنحيه فورا وخروجه من السلطة، وليكن خروجا آمناً وسلساً؛ فمعركة مصر ليست مع الماضي، وإنما هي مع المستقبل وتحدياته الخطيرة.
حل مجلسي الشعب والشورى وإقالة الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنية مؤقتة من كافة القوى السياسية بما فيها الإخوان المسلمين.
تشكيل مجلس للحكماء من أبرز المفكرين والقضاة ورجالات القوات المسلحة المتقاعدين تكون مهمته إدارة الحكم في مصر، وصياغة دستور جديد للبلاد.
تجميد كل الأموال المشكوك في نزاهة أصحابها وفي مشروعيتها؛ للتأكد من أنها اكتسبت بالطرق الحلال ومن خلال أنشطة مشروعة وليس عن طريق تزاوج السلطة والثروة، ومعرفة ما إذا كانت من حق الشعب أم لا.
إنهاء كل حالات الفساد وفض التزاوج بين السلطة والثروة، ووضع آلايات محددة لضمان النزاهة في دولاب الدولة بكافة مفاصله وفي كل قطاعاته!!
طمأنة الرأي العام الدولي على استقرار مصر، وإرسال رسالة عاجلة لكل دول العالم ومنظماته الدولية والإقليمية مفادها مصر قوية ومستقرة وآمنة.
إشراك الشباب والأجيال الجديدة في تحمل المسؤولية، وفتح نوافذ الأمل أمامهم في أنهم سينالون نصيبهم المستحق في حمل أمانة المسؤولية الوطنية في جميع القطاعات وفي كل المجالات، وطمأنتهم على أنهم لن يظلوا مهمَّشين، ولن يبقوا مستبعدين من صدارة الواجهة في مصر.
التأكيد على النزاهة والعدالة الاجتماعية وطمأنة الناس على أرزاقها وأن كل واحد سيأخذ حقه المشروع وفق ما تؤهله له إمكاناته وقدراته دون أي محسوبية أو وساطة.
هذا والله تعالى أسأل أن يحفظ مصر وأمنها، ويصون شعبها، ويبقيها حصنا لأمتها ووطنها، ويحميها من الوقوع في شباك أية خديعة أو مكيدة محلية أو دولية تريد أن تلتف على ثورة شعبها، وتسرق جهود شبابها وتلتف على حقوقه من جديد؛ لجلب نظام مستنسخ من النظام السابق يوالي الغرب ويحرص على مصالحه ومصالح إسرائيل ولو على حسب مصالح شعبه، ولو تطلب الأمر كبت حرياته ومنعه من تحقيق أية منجزات حضارية له ولأمته، "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" [يوسف : 21].
* كاتب إسلامي مصري