إعلان للشباب عن جامعة تونسية ـ تخصص ثوري

إعلان للشباب عن جامعة تونسية

تخصص ثوري!

حسن قاطرجي

تسارعت الأحداث في تونس في الأسابيع الماضية إثر حادثة إشعال الشاب الخرِّيج الجامعي (محمد البوعزيزي) النار في جسده بعد أن سُدَّتْ في وجهه كل سبل الحياة الكريمة - وحتى غير الكريمة! - وأُهين في لقمة عيشه، ثم لما راح هائماً على وجهه ليشتكي ظلم الظالمين ودخل دائرة حكومية مستجدياً أن يُنصَف في مَظْلمته إذا بموظفـة ـ  متكبرة ظالمة لئيمة لؤم مَنْبَتها الحزبي العَفِن ـ تصفعه على وجهه! فخرج وقد أُغلق على عقله من شدة الظلم وغليان القهر وأشعل النار في جسده رحمه الله وغفر له فاشتعلتْ باشتعال جسده ثورة في تونس أسقطت نظام طاغية مستبدّ بقي يُعربد أكثر من عشرين سنة: يحارب الإسلام ويمنع التديُّن ويقهر الناس ويخنق الحريات ويمارس في سجونه أبشع أنواع التعذيب التي لا يُتصوَّر من الوحوش المفترسة الهائجة اقترافُها... أبقاه الله الجبّار ذليلاً طَريداً محتَقَراً يتجرّع علقم كِبْره وإجرامه وتَتَتَالى عليه لعائنُه جلّ وعلا إلى يوم الدين.

نقف أمام هذه الحادثة المفجعة لنلفت أنظار الشباب إلى الحقائق التالية في التخصُّص العالي في (جامعة ثورة تونس) التي تُعتبر بإجماع المراقبين أرقى جامعة في تاريخنا الحديث في تخصُّص (الثورة على الطغيان):

الأولى: دور الشباب في التغيير والطاقات المختَزَنة الهائلة المتوفرة عندهم؛ فيجب الاستفادة من مخزون طاقاتهم الضخم الذي تجلّى في هذه الثورة التي سُمِّيت ثورة الشباب في تونس.

الثانية: أن الحرية والتمرّد على الظلم وكُره الطغيان يجب أن تتربى الشعوب المسلمة ـ وخاصة قطاعات الشباب منها ـ تربية مركّزة عميقة على أنها حق لها ومن أعظم واجبات دينها ومقتضيات إنسانيتها.

الثالثة: أن القهر والطغيان والظلم... كلها تؤول بحَسَب سُنّة الله إلى زوال )وسيعلَمُ الذين ظلموا أيّ مُنقلب ينقلبون..(. وفي ذِلّةِ ومهانةِ ومصير الطاغية (بن علي) وقد فرّ فرار الفئران هارباً من تونس: عبرةٌ عظيمة لمن له عقل من الطغاة، وهي درسٌ بليغ من دروس هذا التخصص الدقيق الصعب في قدرة الشباب على محاسبة المجرمين إذا هبَّوا بكل قوتهم واجتمعت إرادتُهم وتوحّدت كلمتهم وثاروا لكرامة أمتهم.

الرابعة: مسؤولية العلماء وأهل الرأي والدعاة في جعل مطلب (عِزّة الدين) و(مرجعية الإسلام) و(مكانة الشريعة) أعزّ وأهمّ وأخطر من مطلب (لقمة العيش) على أهميته وضرورته وعدم التهوين من صعوبة ومرارة قهر الإنسان وحرمانه من هذا المطلب الحياتي الحيوي! وهذا يتطلّب (توعية... وتربية) لأن التديُّن ضرورة فطرية وفريضة ربانية وهو أعظم فرائض الله سبحانه على خلقه، فيستحق أن يُضحَّى من أجله بالغالي والنفيس. ولذلك لو فُقّه الناس في عِظَـم هذا المطلب وفي ضرورته لسعادة حياتهم وإرضاء ربهم ولضمان نجاتهم في آخرتهم وتربَّوْا على أهميته والشجاعة في طلبه والإصرار على نَيْله لكُنّا رأينا استعداداً من الشعوب المسلمة لأن تضحِّي في سبيل ذلك كما ضحى الشعب التونسي وثار من أجل كرامته وغيظاً ضد طُغاته!

وهنا تأتي النصيحة الغالية للعلماء الربانيين والدعاة الصادقين والشباب الواعي المخلص الجادّين: في وجوب أن يأخذوا الدرس بأن يكونوا في الأمام وروّاد التغيير... أولاً لإزالة شبهة أن الدين أفيون الشعوب، وثانياً لاستعادة دور العلماء وقادة الرأي الحكيم في قيادة الشعوب وعدم ترك الساحة فارغة فتتقدم السفارات الأجنبية فتسرق الإنجاز وتملأ الفراغ بتحريك أحزاب مُعادية لهويّة الأمة متصادمة مع مرجعيّتها الإسلامية كما حصل مرات ومرات!!