الزلزال التونسي .. يتفاعل

عبد الله خليل شبيب

[email protected]

كنا نريد أن نواصل توجيه أسئلتنا الصافعة ..إلى بعض الجهات التي تحتاج إلى تنبيه إلى باطل يغوصون فيه أو حق يغمطون أصحابه أو عِوج في مواقفهم ونظراتهم  .. كالأوروبيين والأمريكان الذين يدّعون مناصرة حقوق الإنسان والعدالة .. ويتعامون عن هذه الأمور إذا تعلق الأمر بالصهيونية ودولتها [المؤامرة ] في فلسطين ..وأفاعيلها الوحشية تجاه الآخرين – وخصوصا الشعب الفلسطيني .. وارتكابها كل الجرائم التي تعاقب عليه القوانين الدولية والإنسانية ..!

. وأسئلة أخرى إلى جهات أخرى .. نرجؤها إلى حين .

.. لقد شغَلَنا عن ذلك .. صفعة من أكبر صفعات التاريخ .. أطاحت بنظام العمالة الطاغوتي في تونس ..وجعلته عبرة لمن اعتبر .. ومن يعتبر ..!

صناعة كيانات واستقلالات وهمية !:

كانت بلاد المغارب – بشكل عام – أضعف صلة بمركز الخلافة العثمانية ..وخصوصا بعد بداية ضعفها .. ولذا كانت أول أقطار المسلمين اقتطاعا وهدفا لغزوات الاستعمار الصليبي الحديث .. الذي بدأ بالجزائر سنة 1830 .. ثم تكالب على سائر بلاد المغرب ..فكان للفرنسيين النصيب الأوفر ..وللإسبان نصيب ..وللإيطاليين كذلك ..إلخ

..وبعد إسقاط الغرب الصليبي والدسائس اليهودية ..لدولة الخلافة ..للمرة الأولى .._وإلى ما يشاء الله - .. هيمنت الدول الاستعمارية على العالم العربي والإسلامي    [ تركة الرجل المريض ] التي كانوا يتقاسمونها فيما بينهم قبل أن يُجهِزوا على ذلك المريض!– حتى قبيل إنهاء الخلافة – كما حصل في اتفاق[سايكس بيكو] وغيره ..!

.. وخلال هيمنة المستعمرين الكفرة على العالم العربي والإسلامي لم يضيعوا وقتا.. بل عملوا بجد على تكريس الانقسامات والخلافات ..وزراعتها وتعهدها وتشجيعها .. كما حرصواعلى تنشئة أجيال – على الأقل مما يمكن أن يسمى بالنخب – صنعوهم على أعينهم وغسلوا أدمغتهم..وشكلوا أفكارهم  وأوضاعهم .. بحيث يضمنون بقاء التجزئة .. والبعد عن الإسلام الحقيقي الشامل..وخصوصا الموحد تحت راية خلافة أو دولة مركزية واحدة قوية – كما كان يجب أن يكون – وكما هو المتاح ..وحتى كما كان يحلم بعض [ المخدوعين بدسائس اليهود وألاعيب الاستعمار ] .. ولو بخلافة جزئية مجتزأة عربية أو غيرها !

 ...وحينما أكمل الغزاة المتآمرون خططهم ..وضمنوا أنهم كرسوا كيانات مفتتة ...جعلوا لكل منها نظاما ومقومات وهمية غالبا ..وأقاموا حدودا وهمية جعلوها طبيعية .. بل وأصعب من الطبيعية ..وجعلوا لكل شعبا وحكومة وجوازا وعَلَما ونشيداً ومستلزمات .. جعلوا لها مقام التقديس .. ليتمسك كل بكيانه [ ومكاسبه ] الذاتية ..ويحرص عليها .. وفي نفس الوقت يحرص على بقاء التجزئة التي يستفيد منها .. وإن نادى كثيرون بالوحدة وأشباهها...ولكن كشعارات استهلاكية فقط..وليس كمواقف حقيقية !

.. كما جعلوا [الفتافيت ] تتبع نهجهم في مختلف الشؤون الحياتية من قوانين ونظم تربوية واقتصادية وغيرها – بحجة إنشاء الدولة الحديثة ..ووهم التقدم ..إلخ كما ضمنوا أن يظل الدين هامشيا ..محصورا غالبا في مجال العبادات والأخلاق والأحوال الشخصية .. وإن كان البعض قد تعدى حتى على هذه الخصوصيات الشرعية كالمجحوم بورقيبة ..وخلفه النجس المنبوذ !

 .. حينذاك .. أخذوا يمنحون الاستقلالات الوهمية لبلد بعد بلد .. على أساس بقاء التجزئة .. وأهدروا وأجهضوا حقيقة أهداف الشعوب التى لم تفتأ تثور على المستعمرين ..وتوقع بهم الخسائر .. وهم ينكلون بالثوار والأحرار تنكيلا وحشيا ..كما فعلت فرنسا في الجزائر وتونس وبلاد المغرب كافة وسوريا..وكما فعلت إيطاليا بليبيا ..وكما فعلت بريطانيا في فلسطين والعراق وغيرهما

.. وبالطبع – لم ينس المستعمرون قبل مغادرتهم ..أن يصطنعواالمشاكل ..ويبقوا على مولدات لها ..ويقتطعوا جزءاً من هذا ليضموه لذاك ..ولتبقى المشاكل قائمة بين الحيران والإخوان..يمكن إحياؤها حين اللزوم !

.. وهاهم الآن – وبتحريك يهودي مباشر أو غير مباشر – يحاولون تجزئة المجزأ ..وتفتيت المفتت .. كما في السودان والصومال والعراق واليمن ..إلخ..والبقية تأتي !

.. وحقيقة الاستقلال ..هو أن تمتلك الأمة كامل حريتها وتصرفها بأمرها بدون تدخلات أو دسائس ..وعلى أساس أنها أمه واحدة لها عقيدتها وتاريخها ومبادؤها المستقلة الخاصة غيرالمستوردة ولا المدسوسة .فما دامت الأمة تحكم وتدار بقوانين ونظم مستوردة من غير بيئتها وعقيدتها ..وما لم تحكم بشرع ربها الذي فرضه عليها وتعبدها به ..ويسألها عن إقامته يوم القيامة ..وربط به مصيرها وعزتها .. فالأمة تبقى في ضياع وتابعة لغيرها في أهم مقومات حياتها ..فأين الاستقلال إذن ؟! 

استقلال تونس:

..وبالطبع حينما جاء دور تونس [ مُنحت استقلالها ].. وكان في مقدمة المناضلين في سبيل الاستقلال ( الحزب الحر الدستوري التونسي ) الذي كان يرأسه المجاهد المخلص الشيخ ( محيي الدين القليبي ) وكان معه الحبيب بورقيبة [ والذي ثبت فيما بعد أنه ينحدر من سلالات يهود الدونمة ] – كما ذكر لي شخصيا المجاهد القائد عبدالله التل – رحمه الله -..وكان التل – خلال إقامته كلاجيء سياسي في القاهرة – قد تفرغ لمثل هذه البحوث ..وكان أول من اكتشف أصل بورقيبة وحقيقة نسبه ..ثم أيدته البحوث العلمية والتاريخية !

( وأذكر أنه قال لي أنه خلال بحوثه اكتشف أيضا أن سوكارنو- حاكم أندونيسيا آنذاك- وعلي صبري –أحد رجالات ثورة يوليو المصرية – كذلك من يهود الدونمة !)

كيف برز بورقيبة وتمكَّن .. :

. لقد انشق الحبيب بورقيبة عن زميله محيي الدين القليبي ..وأسس [ الحزب الحر الدستوري الجديد ] – وظل الحزب الأصلي بزعامة القليبي يحمل أسم ( القديم ) .. وشيئا فشيئا [حجّم ] بورقيبة زميله وأنصاره .. ودخلت فرنسا على الخط – وهي لم تغب عنه - لتصنع انتصارات وهمية لبورقيبة – كما صنع مسقطو الخلافة انتصارات وهمية لأتاتورك حتى مكنوه من رقبة تركيا وأهلها وكرسوه زعيما .. سلخ لهم تركيا وأهلها عن الإسلام – كما توهم هو وصانعوه -.. وهاهي الأيام تكذب ظنهم- ..واستطاع أن يفرض العلمانية واللادينية على تركيا ..وفعل ما يعرفه الناس والتاريخ ..

..وكذلك بورقيبة .. صنعت له فرنسا بعض الوقائع – كواقعة بنزرت وغيرها ..والتي خرج من بعدها بطلا وطنيا من أبطال التحرير.. مما مكنه من محاولة [ علمنة تونس] وسلخها عن إسلامها .. حتى إنه – مثل أتاتورك .. عبث بشرع الله وغير في قوانين الأحوال الشخصية وحارب الإسلام والأخلاق ..وحجاب المرأة ..وأشاع الفساد في تونس ؛ وفرنسا تمده وتشد أزره .. حتى كان ما كان !

.. وقد خان أستاذه ورئيسه ( القليبي ) ونفاه وشرده .. فذهب إلى مصر .. ثم الأردن – حيث عاش على نفقة بعض المحسنين الأوفياء من آل الحاج حسن.. ثم انتهى به المطاف أن يموت في إحدى مستشفيات دمشق وحيدا غريبا طريدا .. فلعن الله بورقيبة وخَلَفه ومن نهج نهجه من الغادرين الخائنين العملاء !

من عيّن [ زين العابدين ] رئيسا وكيف كان يتلذذ باللواط؟!! :

بعد أن شاخ بورقيبة .. وفقد معظم قواه ومواهبه .. وسمعته .. وأصبح [ مستهلكا ] حان وقت تغييره ..وإلقائه في [ سلة المهملات ] كما هي عادة المستعمرين المستخدِمين مع عملائهم  ..

.. وكان فريق من رجال الشرطة التونسية يقضون دورة في أمريكا [ الولايات المتحدة ] .. فوقع اختيار [السي آي إيه ] على المتدرب [ زين العابدين بن علي ] ..ورتبوا معه الأمور لتسير بالخطوات التي سارت فيها فيما بعد .. وحين أعادوه إلى تونس تقلد منصباً مهما في الأمن العام ..[ وكان من مؤهلاته أنه حمل الجنسية ألأمريكية ..وكان في بيته قبو مليء الخمور .. حيث يقيم حفلا ساهرا صاخبا ثملا كل ليلة أحد .. يحضره بعض عناصر السي آي إيه لاستكمال تزكيته للدور المطلوب ]!

.. وفجأة – وقد برزت مواهبه القمعية للشعب التونسي – وخصوصا حركة النهضة الإسلامية التونسية التي أصبح لها دور بارز وتأثير كبير في الشارع التونسي بدا     [ بورقيبة ] ونظامه عاجزا عن كبحه أو تحجيمه .. فرضت المخابرات الأجنبية [الأمريكية والفرنسية ] على بورقيبة تعيين [ بن علي = بنعلي] وزيرا للداخلية .. فأبدى موهبة إجرامية قمعية فائقة في التنكيل بكل ما هو إسلامي وأخلاقي !.. وشتت شمل حزب النهضة ..وسام أفراده سوء العذاب ..ولم يراع أي خلق أو إنسانية أو دين ..!فأُعجِبت به الدوائر الأجنبية ( وإن كانت بعض أوساطهم وجمعياتهم قد تحتج على تجاوز حقوق الإنسان ..وقلما سمعنا صوتها في الحالة التونسية بل سمعنا كل إشادة وتشجيع !!)..

ثم تآمر على رئيسه ( رئيس الوزراء مزالي ) وحاك له مؤامرة واتهمه بتهم [ تافهة بايخة ] كمتاجرة ابنه بالحليب ..إلخ مما ذكّرنا بتآمر العسكر التركي الكمالي على رئيس وزرائهم ( عدنان مندريس ..) وإعدامه بحجج تافهة كذلك مثل إطعام كلبته لحما ! وذنبه الحقيقي أنه أعاد الأذان بالعربية في تركيا بعد أن كان بالتركية منذ عهد اليهودي كمال أتاتورك ! ,..واكتسب مندريس شعبية كاسحة في تركيا فأعدمه العسكر بعد انقلاب أمريكي – صهيوني ..( وليأخذ أردوغان وغول وصحبهما ) كل حذرهم من الكيد الصهيوني وأضرابه  !!

.. لكن ( مزالي – رئيس الوزراء التونسي الأسبق ) فر هاربا – عبر الجزائر ونجا من تنكيل [ الإرهابي  الفاتك بنعلي ] ومن احتمال انتقامه منه وتلفيق تهم لإعدامه مثل مندريس !

.. وهنا أجبر [ بنعلي ] وصُنّاعه من [ السي آي إيه ]سلفه بورقيبة على تعيينه أو فرضه رئيسا للوزراء !

وفجأة – وبعد حين - أزاح [ بنعلي ] معلمه الخرف بورقيبة ..وعين نفسه – بقرار شخصي منه رئيسا للجمهورية - بالطبع بأمر ودعم من أسياده [السي آي إيه] –..وفرض نفسه على رقاب التونسيين – بالحديد والنار والخزي والعار ..وجثم على أنفاسهم 23 عاما ثقالا ..وهو يحارب الإسلام والأخلاق وحتى فلسطين – حيث منع الشعب التونسي من التظاهر لنصرة غزة وفلسطين  أو جمع التبرعات – في حرب غزة.. وأيد اليهود وتواصل معهم ..ومهد لهم ل[ تنجيس تونس ] وحضور احتفالات جزيرة جربة كل عام ....وغير ذلك ..! فليس غريبا أن يأسفواعلى زواله !

لقد سمع [ المنافقون والغربيون ] وغيرهم أن [ بنعلي ] كان يشرف على [ هتك أعراض اللسجناء ] ..وقد نشر  مؤخرا أسماء بعض الطلبة الجامعيين المساجين الذين كان [ رجال أمن بن علي يهتكون أعراضهم]!! وصرح بعض المساجين المفرج عنهم – مؤخرا بعد الانتفاضة - أن سجانيهم – بأمر [ بنعلي ] كانوا يجبرونهم على اللواط ببعضهم البعض !!!!!

..بل أكثر من ذلك ..كانوا يأتون بالنساء المسلمات المحجبات إلى السجون ..ويهتكون أعراضهن أمام أزواجهن ..ثم يأمرونهم ويأمرونهن بالسجود لهم ولبنعلي !!!!!

 كل ذلك – ودائما مشفوعا بالسب والإساءة للذات الإلهية والأنبياء والصالحين ..وبكل بذيء قذر فاحش من اللفظ يحفظه أؤلئك اللقطاء المرضى الممسوخون !!

...هل هذا- وهؤلاء- من بني الإنسان ؟ !!وهل هو من جنس البشر ؟! أشك في ذلك

.. وهل يستحق –هو وكل من أطاعه أو كان أداة قمع وسفالة له أو أيده أو تعاطف معه – ذرة من شفقة أو رحمة أو تعاطف..أو إحسان ؟ ..أم يستحق أن ينال جزاءه العادل .. ولو هرب إلى أقاصي الأرض ..؟

.. يجدر بالذكر أنه قبل أن يصبح [ بنعلي ] رئيسا بأكثر من عام .. توقعتُ – شخصيا - حسب معلومات بسيطة عنه أدلى بها لي بعض التونسيين - أنه يزحف – أو تزحزحه المخابرات الأمريكية نحو الرئاسة –. وبعد تأمل وتحليل صرحت لهم بتوقعي ذاك!..وتعجبوا حين وقع!

..من جهة ثانية ..لم نكف عن كشف زيف وخيانة وإجرام [ ذلك الشقي بنعلي ] ونظامه وطواقمه الأثمة ..منذ تسلق أو تسلط على الحكم ..وحتى آخر لحظة ..وحتى لفظ – أو يلفظ  نظامه أنفاسه الأخيرة !

ملاحظات حول الانتفاضة التونسية :

  لا شك أن شعب تونس أبدى بطولة وبسالة منقطعة النظير ..في وجه آلات القمع والدكتاتورية ..وضرب مثالا حافزا لكل الشعوب المضطهدة – وخصوصا العربية - ..أنْ آنَ اوان التغيير ..فهبوا من سباتكم ..وحطموا أصنامكم ..وأعتقوا رقابكم من نير العبودية والطغيان والنهب والفساد والإذلال ..إلخ..

..ولا نريد أن نطيل أكثر من ذلك .. ولكن لا بد من بعض الملاحظات المتنوعة واللازمة :

1 – ثورة الشعب التونسي ( ثورة الياسمين ) كما أسماها .. كانت عفوية تماما وبرزت من الشارع التونسي – بكل معنى الكلمة – ..ولكنها بلا قيادة و اضحة  ولذا فلا لون لها .. ليست حزبية ولا عقائدية .. ولكن مجمل الشعب التونسي مسلم متدين بالرغم من كل محاولات وسني الإفساد والدفع إلى الإلحاد .

2 - حيث أنه من الخطر – وليس من الصعب أن ينحرف البعض بثورة الشعب ..أو بجيرها لصالحه ويجني ثمارها ..وهذا ما يخشاه الكثيرون وصرحوا به وحذروا منه..ولذا استمر الشعب في ثورته بعد تشكيلات ظل فيها رموز من الحزب الحاكم – رمز الطغيان – في أمكنة قيادية بارزة ..وما ثار الشعب وقدم الشهداء إلا لإلقاء الحزب كله مع رئيسه في سلة المهملات..لأن الكل شركاء في جرائم العهد البائد ومظالمه !.. وحتى الأعضاء الصامتون ( او الممتعضون سرا ) كانوا شركاء بصمتهم على الظلم وتأييدهم للحزب ورئيسه وشياطين خرس – على أبسط الاحتمالات !

3 – ولذا فالشعب محق في رفضه لكل رموز العهد البائد ..ولكل من شارك – ولو  بشكل غير مباشر في ظلمه واضطهاده ونهب ثرواته !

.. بل لا بد أن تعقد محاكمات عادلة ..وتفتح أبواب المحاكم والقضاء لشكاوى المواطنين ..ويحاسب كل مجرم على جريمته..وخصوصا [ جلاوزة  النظام من المعذِّبين والجواسيس والقامعين ] ..ولا يجوز أن تأخذ أحدا بأحد منهم رحمة ! بل من الأفضل أن يتبع معهم أسلوب كاسترو حين كنس نظام سلفه الطاغية الكوبي باتيستا .. فحشد أكثر من ألف من أؤلئك الحشرات معدومي الضمير ..في ساحة أحد السجون ..وأمر بحصدهم بالرصاص ..جزاء وفاقا .. فدام حكمه مدة طويلة ..وتطهر الشعب من تلك النجاسات ..التي أشار إليها الشاعر مظفر النواب بقوله :

( ذاك السوس فإن لم يُقضَ عليه تسوّس كل الوطن العربي )

.. فهل يبدأ – من تونس الخضراء - تطهير وطننا من ذلك السوس ؟!

من الضمانات : رابطة استشارية من أهالي الشهداء ومن الجرحى :

ولا يزال الخطر قائما ماثلا ..أن تجهض ثورة الشعب التونسي ..أو يُنحَرَف بها عن مسارها ..أو يمتطيها البعض ..أو يستغلها..خصوصا وأن الأعداء كثر ..وعيونهم متفتحة ..واجهزتهم مبثوثة – وغالبا سرية – وناشطة .وتتكيف حسب المطلوب ..ومن الصعب أن تسمح القوى الكبرى المجرمة لأي شعب بأن يكون حرا حقيقة ,يملك شأن نفسه ..ولو اضطروا إلى غزوه – في نهاية المطاف ..خصوصا إذا لمحوا أن الإسلام سيكون له فيه شأن مؤثر .. وليس ما حدث في الجزائر أو فلسطين..أو غيرها منا ببعيد !!

..ولعل من ضمانات بقاء الثورة ونقائها..أن تكون هنالك رابطة لأهالي شهداء الثورة وأخرى لجرحاها – أو هما معا ..ويختارون منهم مجلسا رقابيا استشاريا ( عفويا كثورة الياسمين ) ويفرضوا منهم مشاركين فاعلين في القرار .. فقد انتخبهم القدر الذي أصابهم في مواجهة الطغيان ..

ولعل بعض الواعين من الإخوة التونسيين كالجامعيين والصحفيين الأحرار والمحامين .. يقومون بمثل هذه المبادرة ويؤسسون تلك الجمعية ..ويربطون بين أعضائها في جميع القطر التونسي .

4 – يتوقع الكثيرون أن تكون تونس وثورة شعبها مثالا يُحتذى .. فتنتشر الثورة في سائر الشعوب المقهورة والمجوَّعة .. كالنار في الهشيم .. حتى تأتي على آخر قلاع الطغيان والفساد والنهب والدكتاتورية ..إلخ..

..ولذا فقد حذا كثيرون حذو الشاب المظلوم ( محمد البوزيدي ) وأحرقوا أنفسهم..في أكثر من قطر..أملا أن يكونوا شرارة لثورة عارمة ..أو قربانا لتحرير شعوبهم..

..ولكن هيهات ..إن بعض النظم وسدنتها  لاتبالي ..ولو احترقت شعوبها عن آخرها ..ولم يبق إلا أركان النظام وكراسيهم !!

..أرى أنه من المستبعد أن يتكرر المثال التونسي قريبا في غير تونس  إلا إذا [ فاض الكيل  وبلغ السيل الزبى ] ..كما يقال .. وقد حصل ذلك في أكثر من قطر ومارس نفس ما كان يمارسه [ نظام بنعلي ] ..ولكنه ما زال واقفا ! ربما لأن طبيعته طائفية توحد معظم الطائفة ضد الشعب فيتكاتفون في حماية أنفسهم من المصير المحتوم !.. أو عصبية لها أعداد كبيرة من الأنصار ..أو غير ذلك كروابط الماسونية السرية وأشباهها !

.. لقد فرحت الشعوب بالتغيير التونسي ..وتمنت أن ينتقل إليها – ولعلها تترقب ..وبعض الشعوب يمور ويغلي ..

وكذلك النظم ارتعدت فرائص معظمها مما حصل لطاغية تونس ..وتصورت نفسها في مثل مصيره أو أسوأ .. خصوصا وأن بعض الفضائيات ذكّرت بمصائر بعض الطغاة ..

لقد توقع – ودعا- كثير من المصريين شعبهم أن يكرروا ما حصل في تونس ..

ورشحت الأوساط اليهودية مصر لتكون أول بلد تتبع تونس ..حيث نظامها شاخ وهرم ..وعفن من شدة وكثرة الفساد حتى أصبح الشعب والوطن على حافة الخطر ..وعلى كف أكثر من عفريت !!

ولذا فقد لجأ البعض لإجراءات متنوعة من محاولة خفض الأسعار ..أو دعم التدفئة ..او الرشوات.. والتودد للشعوب والوعود الوردية او بعض الإصلاحات ..إلخ

ولم ير الناس أوقح من أحد جيران تونس الذي دافع عن [ زميله ومثيله الطاغية الدكتاتور بنعلي ] وهاجم الشعب التونسي الذي أزاله..مع أنه [ كالمجنون هاجم نظامه الكتاتوري على حد قوله ]!!وحرض الناس على احتلال الشقق الفارغة !

.. ولعل من أهم ( صواعق= مفجرات ) الثورات ودفع الشعوب لحافة الانفجار.. عدوان يهودي وحشي ..مثل الذي شنوه على غزة سابقا..ووقوف الأنظمة وقفة المتفرج – مع بعض الاستنكار والشجب والمعونات .. ولكن بدون جدوى ..وبقاء الجيوش نائمة والأسلحة في مخازنها..إلخ ..لعل ذلك يكون صاعقا أكيدا من صواعق الثورة يفجر غضب الشعوب .. فتزيح أصنامها ..وتحرر قرارها وجيوشها وأسلحتها وقواها ..وتقف في وجه عدو الأمة والوطن وتصد الخطر الصهيوني عن بقية العالم العربي والإسلامي .. بل عن العالم كله..فتؤدي خدمة تاريخية مزدوجة بتحرير نفسها والأمة كلها .. فتصبح الطريق مفتوحة إلى وحدة أقوى ومستقبل أفضل ..

5 – وأخيرا فإننا نأمل أن يبقى الشعب التونسي مفتحا عينيه ..ولا يسمح لأية جهة بالتلاعب بمصيره وبثورته العفوية الصادقة ..وبدماء شهدائه وجرحاه ..

.. وقد لاحت بوادر الوعي في تصريح للسيد المنصف المرزوقي العائد من المنفى ..حيث أعلن رفضه ورفض الشعب ..أن يقوم على تنظيم الانتخابات الحزب الحاكم     [ السابق ] ..والذي سيُزَوِِّرها بالتأكيد ..مع أنه يجب أن يكون عليه [ حظر وحجر ] حتى يُتأكد من نقائه من فيروسات العهد البائد ومظالمه ..ويثبت أنه حزب عادي سوي وليس وكرا للمتآمرين والقامعين واللصوص – وحينها إن بقي له أنصار وجرى إصلاحه وتأهيله يمكن أن يظل حزبا من الأحزاب– لكن تحت المراقبة الشديدة

..وإن كنت – بعد كل ما حصل – لا أظن أن أحدا يغامر بشرفه وسمعته ومستقبله ..ويرضى أن ينسب إلى حزب مارس كل الموبقات والمظالم في شعبه..  

كيف وقد استقال منه بعض كبار رموزه ..هربا من التهم ومحافظة على مراكزهم !