تحرير الجَوْلان قابَ مؤتَمَرَيْن

تحرير الجَوْلان قابَ مؤتَمَرَيْن!..

د. محمد بسام يوسف*

[email protected]

(أرخميدس) السوريّ اكتشف السرّ!.. فانطلق مسرعاً صارخاً: وجدتُها.. وجدتُها!.. وحدّد الزمان المثاليّ، والمكان الأنسب .. لبدء المعركة المصيرية الفاصلة مع العدوّ الصهيونيّ!..

الزمان: في الساعة التاسعة، من مساء اليوم التاسع، من الشهر التاسع (أيلول أو سبتمبر)، من عام تسعةٍ وتسعين وتسع مئةٍ وتسعة آلافٍ ميلادية (9999م)!..

المكان: كوكب المشتري!..

الرجاء عدم الاندهاش، لأنه من ممنوعات الألفية العاشرة!.. خاصةً بعد أن نُكمل كل الخطوات المؤدية إلى الانفتاح السياسيّ والاقتصاديّ.. والرياضيّ، مع بعض الشفافية، وبضع حبّاتٍ من الديمقراطية، وإلغاء (نصف) قانون الطوارئ و(ربع) الأحكام العُرفية و(ثـــُمْن) القانون رقم49 لعام 1980م!..

لماذا؟.. لماذا حُدِّد الزمان بهذه الدقّة المتناهية؟!.. ولماذا الكشف عن المكان وكل مخلوقٍ يعرف أنّ أسرار المعركة لا يجوز أن تُكشَف؟!..

مع أنّ الإجابة على مثل تلك الأسئلة الجريئة الخطيرة، من الممنوعات أيضاً في عهد الانفتاح والحرّية والديمقراطية!.. إلا أنّ الصراحة التامة مع المواطن، من أساسيات الشفافية، فالضرورات تُطيح بالمحظورات!.. وليس من خوفٍ على الوحدة الوطنية الضرورية لدخول المعركة المصيرية، ولا من توهين نفسية الأمة، أو إضعاف الشعور القوميّ، أو نفاد (كاز) الإحساس بصدق شعارات (الممانعة) و(المطاحشة) الثورية!..

*     *     *

تعلمون أنّ (التوازن الاستراتيجيّ)، قضية شائكة صعبة، تحتاج إلى ثمانية آلاف سنةٍ ميلاديةٍ (كبيسةٍ وبلا كَبْس) لتحقيقها!.. وقوامها: ثلاثة آلاف سنةٍ لتحقيق (الوحدة)، وتأسيس (الولايات السورية المتّحدة)!.. وثلاثة آلاف سنةٍ لتحقيق (الحرية) لكل مواطن، في التنفّس خارج جدران الزنازين، التي ستصبح في الألفية العاشرة آلاف أضعاف عددها اليوم، لمواكبة التطور المذهل المتسارع!.. وثلاث دقائق لتحقيق (الاشتراكية)، إذ يشترك كل اللصوص الكبار، في كل قطعة نقودٍ، وكلّ أرضٍ ومسكنٍ ومزرعةٍ ومصنعٍ ومؤسسةٍ و.. في الوطن الكبير الذي يتّسع لـ(عُشرِ) أبنائه، ويؤسّسون (شركة الاتصالات النفطية الاشتراكية الرأسمالية المتحدة)!.. ثم ألفا سنةٍ، للعودة عن (الاشتراكية) ثم عن (الرأسمالية)، لاكتشافنا (الذي لا يقل بَهَرَاً عن اكتشافنا الأول) أنّ اشتراكية النظام فاسدة، ورأسماليته أشد فساداً، وكل منهما لا يحقق العدل ولا المساواة، لأكثر من (عشرين مليار) مواطنٍ مغلوبٍ على أمره، هو عدد سكان وطننا في الألفية العاشرة، يعيشون في المهجر!.. فضلاً عن مئة (ألفٍ) وسبع مئةٍ وأربعةٍ وعشرين مواطناً، يعيشون في الداخل السوريّ، ويتوزّعون على أحياء العاصمة، التي ستعاني من أزمة السكن الخانقة، بعد إلغاء المحافظات.. وتسعة أعشار العاصمة، بداعي (السفر) وعدم الحاجة إليها!..

*     *     *

بعد أن نـُحقّق أسطورة (التوازن الاستراتيجيّ)، وبعد إزالة الحليف الاستراتيجيّ نجّاد لـ(إسرائيل) من الخريطة.. المعلَّقة في مكتبه، سنكتشف أنّ الكيان الصهيونيّ المدعوم أميركياً، قد امتدّ وتوسّع، ليشمل كلّ بقاع الأرض، ومعها بعض الكواكب الأخرى من مثل: عطارد، والزهرة، والمريخ، والمشتري، وزحل، وأورانوس!.. وهذا سيفرض علينا تحديد مكان المعركة في كوكب (المشتري)، الذي يقع في مركز الكيان الصهيونيّ!.. وكما نعلم، فإنّ مهاجمة العدوّ في المركز والعمق، من بدهيّات العمل العسكريّ الناجح المذهل، وإن لم تُصدِّقوا، فاسألوا وزير الدفاع  (المزمن) صاحب كتاب: فنّ الطبخ!.. علماً بأنّ هناك سبباً آخر لاختيار كوكب المشتري ساحةً للمعركة الفاصلة، هو أنّ رَبْعَنا من وزراء الدفاع السابقين واللاحقين.. ضليعون بالبيع، وكوكب المشتري ضليع بالشراء!..

لكنّ مشكلةً بسيطةً عارضةً ستبرز أيضاً، وسيكتشفها (أرخميدس) الأحاديّ الشموليّ صاحب المادة الثامنة من الدستور، ويضمّها إلى مجموعة مكتشفاته المذهلة!.. هي نشوء أزمة مواصلاتٍ على خط: (الأرض-المشتري)!.. وعدم كفاية (الأوتوسترادات)، التي سننقل بواسطتها جيوشنا الجرّارة الساحقة الماحقة إلى ساحة المعركة!.. وهي مشكلة (لوجستية) حقيقية!.. وهذا سيفرض علينا (تكتيكاً) جديداً، لإدارة الصراع مع عدوّنا الصهيونيّ!.. قوامه: (الفقّوس الاستراتيجيّ)، وهو التكتيك التوأم لتكتيكنا الحاليّ المسمى بـ(الخِيار الاستراتيجيّ)، مع شيءٍ من التطوير والتشذيب والتهذيب المناسب!..

الفائدة الكبرى التي سنجنيها من (الفقّوس الاستراتيجيّ) هي: توفير الظروف والإمكانات، لنقل فريقنا المفاوض مع طاولته المستديرة إلى كوكب (بلوتو)، الذي ستجري على بلوتوويّته المفاوضات المصيرية، لاستعادة الجولان المحتلّ منذ عشرة آلاف سنةٍ وثلاثة أيام، ولتحقيق السلام في المجموعة الشمسية.. حيث سيُطِلّ علينا رئيس وفدنا المفاوض (هو شقيق ابن حفيد خال جَدّة الحفيد السابع والتسعين لوليد المعلّم) من ذلك الكوكب (بلوتو) مُعلناً: إنّ السلام هو (فقّوسنا الاستراتيجيّ الوحيد) الذي لن نحيد عنه!.. لكن الفائدة الأكبر التي سنجنيها هي: تجنّب أزمة المواصلات الخانقة، على طريق الذهاب: (الأرض-المشتري-بلوتو)، وطريق الإياب: (بلوتو-المشتري-الأرض)!.. بعد أن نتخفّف من مهمّة نقل جيوشنا إلى ساحة المعركة، حسب مقتضيات (الفقّوس الاستراتيجيّ)!..

*     *     *

أما أهم من ذاك وذلك، وتلك وأولئك، فهو: (إننا لن نُستَجَرَّ إلى معركةٍ لم نحدّد نحن "نعم نحن" زمانها ومكانها)!.. والعوض بسلامتكم، وحسبنا أنّ (مجلس الأمن الدوليّ) ما يزال فيه رمق، لاستقبال شكاوينا، وتنديداتنا.. واستغاثاتنا!.. وكفى الله (المؤمنين) القتال.. ووجعَ المرارةِ.. والكبدِ.. والطّحال!..

               

* عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام