حوار بين شاب فلسطيني ورجل سوري على الماسنجر
حوار بين شاب فلسطيني ورجل سوري على الماسنجر
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
من القدس يسألني الشاب محمد
فقلت له
عندما كنا شبابا مثلك كان هدفنا الوحيد هو تحرير فلسطين , ولكن الآن تعددت الأهداف وكبرت وأصبح همنا الوطن البديل
نبحث في ثنايا الأرض لعلنا نجد فيها متسعا , نبحث في صحرائها وغاباتها وجزرها وبحارها لعلنا نجد مكاناً نريح فيه راحلتنا
فلن تجد يا بني طريقاً سالكاً , ولن تجد متسعا حتى تساعدني في إيجاد ذلك المكان
منذ ثلاثين سنة أبحث عنه , مع أنك من فلسطين المحتلة , وتقبع تحت ظل احتلال بغيض , وتحتاجون كل أنواع المساعدة , وتعرض المساعدة على شيخ كبير, له وطن غير محتل وفيه نمت عروقه
فكيف السبيل ؟
عندكم في فلسطين يوجد يهود وصهاينة وسلبوا الأرض وهتكوا العرض , ومع ذلك عاد لها الكثير
يا بني لا تحزن علي ولا تحزن على أحد من الناس
فالحزن والبؤس وكثرة التفكير بموضوع ليس منه فائدة , يجلب الكثير من الأمراض
فهل عندك وطن تملكه وتعطيني جزءاً من قطعة أرض , لكي أمضي بقية حياتي
يقول محمد
لقد أحببتك ولا أعرف السبب , لعل قصتك ومأساتك هي التي جذبتني للتعاطف معك , أريد أن أساعدك , أبحث عن شيء يناسبك يقف معك
فقلت له إن عاطفتك تلك نابعة من مشاعر إنسانية , تكثر حالاتها عندكم , ولعلها تكون أمر وأقسى
أو أنك لقيت الظلم والقهر صادر من بني جلدتك , قد تفوق جرائم وظلم الصهاينة في أرضكم
في وطننا العربي سيطر عليها كل متصهين , وزرع في ترابها شروراً تفوق شرار الصهاينة والمستعمر
قد يأتي يوم أو أنه جاء منذ زمن بعيد , لتقول فيه :
طوبى لنا حياتنا سعيدة بوجود المحتل , مقارنة بمن تصهينوا وأثبتوا ولاءهم للمحتل فضرب بني صهيون أقل
فالعبد يكون أشد قسوة من السيد , وأشد بطشا
في بلدنا وغيرها الكثير ,ألوف وألوف فقدوا في غياهب السجن
في بلادنا لن تر فيها شمسا , أو حتى نثرات من خيوطها تقع على الأرض
لو سقطت حبة مطر أو غيث في أرضنا لبكت تلك القطرة على خير يمكن أن يخرج بسببها
يقول لي محمد مواسياً :
لا تقلق يا عم, قريبا تعود لأرضك ووطنك , وتفرح ويخرج الأسى من داخلك
عبرت عن ذلك بضحكة ,أو حتى قهقهة مصحوبة بقهر الشوق والحنين كله وقلت له:
هل ترى بعد ثلاثين سنة سيكون وقت قريب ؟
في سورية يدور الآن جدل حول إمكانية نقل العاصمة من دمشق إلى حمص , فهل تعرف السبب؟
قال لا
قلت له :
في مصر عندما كثر البلع والطفح والسرقة والنهب وبيع الأرض والمصانع للعدو المحتل عندكم , وبيع الغاز وغيره , والشعب المصري يريد أن يأكل ليعيش , فدلوهم على الفول عوضاً عن اللحمة
وفي سورية تثمينا لحض الشعب على تناول الحُمّص والفلافل وهي أكلة صدرتها فلسطين لنا بعد الإحتلال , وتعبيراً عن تضامن الحكومة مع الشعب ستجعل العاصمة حمص (حُمّصْ) فالكثير من الناس غير السوريين يقولون عن مدينة حمص (حُمّص)
لعل ذلك يكون مقدمة للوحدة بين سورية ومصر , نابعا من تجانس أكل الشعبين ,الحمص والفول
وكل الأطباء ينصحون بالإبتعاد عن اللحوم الحمراء , فلندع ذلك للحكام ومن والاهم لعلهم يصابون بالأمراض ويذهبوا لمأواهم الأخير , ونحن نباتيون لن تصيبنا الأمراض وبالتالي نتخلص منهم ومن ذرياتهم
فليكن شعارنا يعيش الحمص والفول ورأس البصل والثوم
وليسقط اللحم والشحم والدهون
فهذه الفتاة الشابة عندنا , والتي اسمها طل الملوحي
فقد تعرضت لأذى كبير وترحيل وحرمانها من التعليم ومن ثم عادت لسورية بطريقة بوليسية لتعتقل وتغيب في السجون السورية المخابراتية
لأنها حضت الناس على أكل اللحم الأبيض , لأنها نادت على مدونتها الألكترونية
لقد سخر الله الأرض وما فيها خدمة للإنسان , ومن حق أي إنسان أن ينعم بهدايا الله له , ومن أجل ذلك فمن حق الإنسان في فلسطين وفي البلدان العربية أن يأكل اللحم وما تشتهيه نفسه , والفول والحمص ما هي إلا مقبلات تقدم على موائد الطعام
فاستنفرت الأجهزة الأمنية على كلامها هذا , واعتقلتها واختفت عندهم منذ زمن بعيد , لأنهم اعتبروا كلامها ينقص من عزيمة الأمة ويصيبها بالوهن والتمزق
هذه هي حالنا
وينعدم التفكير عندنا ولا نعرف من نحن
كل ذلك من تأثير الفول والحمص والبصل والثوم
فلك تحياتي يا بني
وإلى لقاء على زيتونة لا شرقية ولا غربية

