المالكي وتصريحاته المتناقضة

المالكي وتصريحاته المتناقضة!!

د. ياسر سعد

[email protected]

بعد نحو يوم من نشر تصريح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي  لمجلة دير شبيغل الألمانية والتي جاء فيها انه يؤيد خطة المرشح الديمقراطي باراك أوباما، والداعية إلى سحب جميع القوات الأميركية المقاتلة من العراق وذلك بعد 16 شهراً من بدء الفترة الرئاسية الجديدة في واشنطن. أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في بيان رسمي أن المالكي يؤكد أن تصريحاته لمجلة دير شبيغل أسيء فهمها وترجمتها ولم يتم نقلها بصورة دقيقة من قبل المجلة حول رؤية أوباما لمدة انسحاب القوات الأميركية. وأوضح البيان أن المالكي يؤكد على وجود رؤية عراقية تنطلق من واقع الحاجة الأمنية وعلى ضوء استمرار التطورات الإيجابية الأمنية على الأرض والتي جاءت ضمن الخطة الإستراتيجية للتعاون التي وضعها المالكي والرئيس بوش. وشدد المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية أن حكومته  تُقدر وتثمن جهود جميع الأصدقاء الذين يقومون بدعم ومساندة القوات الأمنية العراقية.

يأتي تراجع المالكي متزامنا مع رفض رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون "إعطاء جدول زمني زائف الآن" لانسحاب القوات البريطانية من العراق بعد لقائه برئيس الوزراء العراقي في بغداد.

في خلال زيارة نوري المالكي الأخيرة للأردن نقلت وكالة رويترز عنه القول بأن المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن التوصل إلى اتفاق أمني طويل الأجل وصلت إلى "طريق مغلق", بسبب مطالب أمريكية تنتهك سيادة العراق بدرجة كبيرة وهو ما لا يمكن قبوله أبدا. بعدها بساعات نفى سفير العراق في الأردن سعد جاسم الحياني ما نسبته الوكالة لرئيس الوزراء العراقي بشأن وصول مباحثات الاتفاقية طويلة الأمد إلى طريق مسدود. ثم  نقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين عراقيين وأميركيين قولهم أن تصريحات المالكي حول تعثر المفاوضات، قصد بها المسودة القديمة وليس النسخة الجديدة المعدلة والتي لم يطلع عليها المالكي بسبب انشغاله بالسفر.

في الصيف الماضي قال المالكي أن القوات العراقية جاهزة لتسلم الملف الأمني, وأن القوات الأمريكية يمكن  لها أن تغادر البلاد "في أي وقت تشاء". تصريحات المالكي أثارت حينها ضجة كبيرة مما دفعه للقول بأن "القوات العراقية في طريقها لتسلم المسؤولية من الجيش الأمريكي, لكنها ليست جاهزة الآن". كما قال مسؤولون عراقيون أن تلك "التصريحات أسيء فهمها"!! 

من الصعب  التقبل بأن مجلة عريقة مثل دير شبيغل تسئ الفهم والترجمة وأن وكالة أخبار كرويترز تخطئ في نقل تصريحات السياسيين, غير أنه من اليسير رؤية المالكي متراجعا عن تصريحاته ومواقفه بعد ضغوط أمريكية عليه. فالتردد والتأرجح في المواقف والتصريحات أمور صبغت الرجل -في مناسبات كثيرة ذكرت نماذج منها- لأسباب عديدة, من أهمها أن القرار في العراق كان وسيبقى ما بقي الاحتلال, بيد المحتل ووفقا لرغباته ومصالحه.