الجامعة العربية والعمل العربي المشترك

الجامعة العربية والعمل العربي المشترك

م. هشام نجار

najjarh1.maktoobblog.com

اعزائي القراء

هذا استعراض موجز للعمل العربي المشترك في المجال السياسي عبر  جامعة الدول العربيه علماً بأنه يمكن إسقاط نتائج هذا العمل المشترك على منظمات عربية إقليمية اخرى أُنشئت لنفس الغرض وأخص منها منظمة دول التعاون الخليجي ..ومنظمة إتحاد الدول المغاربيه

ومن المؤسف القول ان كل هذه التنظيمات التي أنشئت من اجل تدعيم العمل العربي المشترك قد باءت بالفشل. في حين تحاول الولايات المتحده وإسرائيل مع الأسف تهيئة سبل النجاح لآخر طبعه من الأحلاف في المنطقه متخذين من شيطنة إيران الأساس والعمود الفقري لتشكيل هذا الحلف  وذلك بضم اكبر عدد ممكن من الدول العربيه له , وبالفعل فقد تأسس هذا الحلف من الولايات المتحده وإسرائيل وإنضمام دولتان عربيتان هما  مصر والأردن وإماره كرتونيه فلسطينيه هي أمارة محمود عباس مع مباركه صامته من بعض الدول العربيه

الإخوه والأخوات

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء على دول المحور حاولت الدول الغربية المحتلة التخلي عن وعودها بمنح الاستقلال للدول العربية بالرغم من وقوف الأخيرة معها واستنزاف ثرواتها في المجهود الحربي

وكان الرأي العام العربي قد تهيأ لقيام وحدة عربية وبدأ يضغط عن طريق الأحزاب والصحف في هذا الاتجاه،فوَجَّه مصطفى النحاس باشا رئيس الحكومه المصريه آنذاك في١٢ تموز / يوليو١٩٤٤ الدعوة إلى الحكومات العربية التي شاركت في المشاورات التمهيدية لإرسال مندوبيها للاشتراك في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام التي ستتولى صياغة الاقتراحات المقدمة لتحقيق الوحدة العربية

.والؤسف ان هذه المبادره لم تكن ذاتيه بل كانت بناءً على مبادره بريطانيه تقدم بها إيدن وزير خارجية بريطانيا حيث ألقى خطاباً ذكر فيه "إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب "يتطلعون لنيل تأييدنا" في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً... وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأيّ خطة تلقى موافقة عامة". وفي٢٤  شباط / فبراير ١٩٤٣  صرح إيدن في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين "العطف" إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية

ولكن السؤال المهم والذي يطرحه القارئ وهو محق في طرحه هو : كيف يمكن لبريطانيا ان تدعو الدول العربيه  إلى مثل هذا التكتل والذي يمكن ان يتحول الى قوه إقليميه كبرى؟  

للإجابه على هذا السؤال اقول: ان بريطانيا لها خبره عريقه في تجميع دول شتى وحتى بدون ان يكون بينها روابط  وهو إتحاد دول الكومنولث حيث إستطاعت السيطره عليه وقيادته  لما فيه مصلحتها بالرغم من وجود اكبر دوله تقريباً فيه من حيث المساحة والسكان وهي الهند.هذا من جهة ومن جهة اخرى ان نتائج الحرب العالميه الثانيه بدأت تتوضح لصالح الحلفاء وان قيام حلف قوي مع الدول العربيه يعطي لبريطانيا  سبقاً على امريكا او روسيا الشيوعيه  من  ان ( تلطش ) منها هذه الدول وتضعف نفوذها في المنطقه العربيه. وهناك سبب هام آخر وهو التهيئه لقيام إسرائيل حسب وعد بلفور. فهي إذن بهذا التشجيع تحاول إظهار موقفها الحيادي بين الطرفين العربي واليهودي, وإذا لاحظتم كلمة العطف الوارده في خطاب إيدن نجد انها ذات الكلمه بالضبط التي إستعملها سلفه بلفور عندما وعد اليهود بإقامة دوله لهم في فلسطين

الإخوه والأخوات

ولدت هذه الجامعه العتيده عام ١٩٤٥ على يد ست دول هي مصر - سوريا -  لبنان - شرق الأردن - العراق - السعوديه  ووصل اعدادها اليوم إلى ٢٢ دوله , وتولى امانتها من يوم تأسيسها وحتى الآن ست أمناء هم 

عبد الرحمن عزام  ١٩٤٥ - ١٩٥٢

 محمد عبد الخالق حسونة ١٩٥٢ - ١٩٧٢  

 محمود رياض ١٩٧٢ - ١٩٧٩  

 الشاذلي القليبي ١٩٧٩ -  ١٩٩

 أحمد عصمت عبد المجيد ١٩٩٠- ٢٠٠١   

 عمرو موسى ٢٠٠١ حتى الآن  

 وعقدت منذ نشأتها وحتى الآن ٣٣ إجتماع قمه أولها كان قمة أنشاص  الإسكندرية بتاريخ ٢٨ - ٢٩  مايو / أيار١٩٤٦ وآخرها كان في ليبيا - سرت

بتاريخ  ٢٧-٢٨  مارس / آذار ٢٠١٠

الإخفاقات السياسيه لمجلس جامعة العربيه

 سأعدد لكم اعزائي القراء بعضاً من اسباب هذه الإخفاقات بالرغم من ان  دستور الجامعه غني بكثير من الإيجابيات ,الا انها لا تعدو عن كونها حبر على ورق لم يتم التقيد بها إطلاقاً ويمكن رد إخفاقات هذه المنظمه إلى الامور التاليه:

 التدخلات الخارجيه وخاصة البريطانيه منها في بداية تأسيسها ثم الأمريكيه لاحقاَ جعلت قرارتها في كثير منها لاتخدم قضايا الأمه العربيه وحيث ان اهم  قضيه  سياسيه واكبت تأسيس هذه الجامعه كانت قضية فلسطين ففشلت فيها فشلاَ ذريعاً  بسبب التدخلات الأجنبيه وإنصياع  معظم حكام العرب للإملاءات الخارجيه, والقضيه الهامه الأخرى كانت معالجتها للتدخل العراقي في الكويت وما نجم عنه من إحتلال العراق حيث أُجبر المجلس بتدخل امريكي وعن طريق النظام المصري بالتخلي عن دور الجامعه وترك  الأمور بيد الراعي الأمريكي مرتين الأولى بإخراج القوات العراقيه من الكويت والمره الثانيه بإحتلال العراق متبنياَ وجهة نظر امريكا بإستعمال الحل العسكري, واكثر من ذلك إصطفاف بعض الجيوش العربيه خلف امريكا  وفتح اراضي العرب ممراُ ومستقراً للجيوش الأجنبيه في إحتلالها للعراق بل وتدمير كل منشآته الحضاريه والعلميه وتهجير وقتل ملايين العراقيين وبقائه حتى الآن في حالة عدم إستقرار.

 أعزائي القراء ليس بوسعي ان اقول ان كل ذلك كان سببه قرارات الجامعه العربيه التي أُجبِر على إتخاذها من قبل الإداره الأمريكيه, ولكن اقول ان رفض هذه الجامعه بإستخدام القوه العسكريه العربيه رديفاً للعدوان الأمريكي كما فعلت تركيا كان يمكن ان يعزز من مواقف دول عالميه اخرى بعدم الوقوف وراء العدوان . اما الحاله الثالثه فكانت بعد العدوان الهمجي جنوب لبنان في صيف ٢٠٠٦ والحرب على غزه  في نهاية عام ٢٠٠٨ وبداية ٢٠٠٩ حيث إستطاع الرئيس حسني مبارك تعطيل  عقد جلسه طارئه لقمه عربيه في الوقت الذي تحولت غزه الى ما يشبه نيزك محترق وبلغت حصيلة القتلى بالآلاف وينسب جميع حالات الفشل الى فقدان الحكام لإرادتهم وتسليم مقدراتهم للأجنبي لتأمين مصالحهم الخاصه والتي صارت معروفه للقاصي والداني

 الصراعات العربيه العربيه

وهذه مصيبة اخرى حيث نادراَ ما تلقى دولتين عربيتين على قلب واحد , فهذا يدّعي "الثوريه" فعليه ان يعاكس اي قرار يتبناه  الحكام "الرجعيون" حتى ولو كان صائباً  وهذا ملكي والآخر جمهوري - جماهيري ولكنه  يُوَرِّث الحكم لمن يشاء  ومع ذلك لايدّعي الملكيه بل يريدنا ان نبارك نقاءه الجمهوري- الجماهيري ويريد ان يقنعنا بعدواته للنظام الملكي وما يصدر عنه من مقترحات, وأحدهم يرغب في حل قضية دارفور في السودان سلماً , وآخر يريدها منفصلة عن امها السودان نكاية به..وتعداد الخلاف قد يطول فكيف لهذه الجامعه ان تفلح

 فقدان الديموقراطيه

اعزائي عندما يريد الحاكم  ان يبقى متسلطاً على شعبه عشرات السنين ,فإن الأولوية له ليس الخروج بقرارات قمه تصب في صالح هذه الأمه,فأي قرار حقيقي ذو مصداقيه سيخدم الأمه معناه تقصيراً لفترة حكمه وإلغاءاَ لتنصيب وريثه. فبقاء القضايا الهامه عالقه لأطول فترة ممكنه هي اكبر خدمه تُسدى لهم  

ورب سائل يسأل : وماهي إذن وظيفة الأمين العام للجامعه العربيه, اقول إن وظيفته فض الخلاف بين الحكام وتبويس الشوارب واللحى, واخيراً قراءة البيان الختامي موجهاً الى الشعوب متخماً بكلمات التوافق والرضا والأماني الواعده ومما يُذكرعن المواقف السلبيه  للسيد  عمرو موسى الأمين العام للجامعه ما حصل في مؤتمر دافوس المنعقد بسويسرا، حيث اضاف لهيبة هذه الجامعه  سلبية أخرى فوق سلبياتها العديده حين غادر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردغان  قاعة المؤتمر وذلك بعد ملاسنة مع رئيس الكيان اليهودي "شمعون بيريز" حول محرقة غزه، حيث تم منعه من قبل احد المنظمين، من مواصلة الحديث، فقام غاضبا وغادر القاعة.

في حين كان يجلس بنفس المنصة، أمين عام جامعة الدول العربية عمر موسى،   فقام لمصافحته حين المغادرة، قبل أن يجلس لمكانه مرة أخرى، استجابة لإشارة من أمين عام الأمم المتحدة بانكي مون.

وختاماً اقول إن اي عمل عربي مشترك لن تقوم له قائمه ,وبالتالي لا نجاح لنا ولا إحترام لأمتنا من قبل الأمم الأخرى.. صغرى كانت ام  كُبرى..ولا تحصيل لحقوقنا المسلوبه  اذا بقي تفكير  الحاكم  انانياًً كارهاً لغيره من الحكام من جهة ومطيعاً لرغبات الدول الكبرى من جهة ثانيه وجالساً على رقاب شعبه هو وعشيرته للأبد من جهة ثالثه

  مع تحياتي