ومر العيد كسابقيه من الأعياد بلا فرحة أو ابتسامة

محمد فاروق الإمام

ومر العيد كسابقيه من الأعياد بلا فرحة أو ابتسامة

محمد فاروق الإمام

[email protected]

تابعت بكل اهتمام نشرات الأخبار في الفضائيات والمواقع الإلكترونية وصفحات الجرائد خلال أيام العيد الثلاثة المنصرمة، علّي أجد خبراً يفرح قلوب السوريين ويثلج صدورهم ويعيد الابتسامة إلى أفواههم والسعادة إلى حياتهم، بإطلاق سراح معتقلي الرأي ممن تغص بهم المعتقلات والسجون السورية وأقبية المخابرات المتعددة المعروفة منها وغير المعروفة، فلم أجد لمثل هذه الأخبار أي حيز في كل وسائل الإعلام المعروفة، المرئية أو المسموعة أو المقروءة التي تهتم بشؤون أصحاب الرأي المنسيين وراء القضبان أو في دهاليز الأقبية وغرف التحقيق، وبالعكس فقد قرأت الكثير من الأخبار في العديد من الدول العربية عن إصدارات عفو وإطلاق سراح العديد من سجناء الرأي والمعارضين، وإقدام العديد من أنظمة البلدان العربية على فتح صفحة جديدة مع أطياف المعارضة فيها لإغلاق ملف الاعتقال والملاحقة وإبرام عهود المصالحة الوطنية معهم، فقد أخلت السلطات الجزائرية بمناسبة حلول عيد الفطر السعيد سبيل الشيخ علي بلحاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأفرجت عن أحد قادة القاعدة في المغرب العربي ضمن خطة المصالحة الوطنية التي أعلن عنها النظام في الجزائر، وهناك العديد من الدول العربية – كما قلنا – أفرجت عن الكثيرين من المعتقلين السياسيين والمعارضين بهذه المناسبة.

وبعكس ذلك فإننا لم نسمع عن أي عفو قامت به الحكومة السورية أو الإعلان حتى عن نواياها في إطلاق سراح سجناء الرأي، أو الكشف عن مصير ما يزيد على سبعة عشر ألف من المفقودين منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، والبدء بمصالحة وطنية شاملة مع معارضيها، أو التفكير في إصدار قانون لعودة المنفيين والمهجرين وإلغاء القوانين الاستثنائية التي تحول دون عودة أهم أطياف المعارضة السورية المتمثلة في جماعة الإخوان المسلمين إلى الوطن، وفي مقدمتها القانون رقم 49/1980 الذي يجرم أي منتم لجماعة الإخوان المسلمين بعقوبة الإعدام.

لم أقرأ في وسائل الإعلام العالمية والعربية عن سورية إلا مزيداً من الاعتقالات والملاحقة، ومناشدة الحكومة السورية بإطلاق سراح الموقوفين من أصحاب الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في منظمات المجتمع المدني، مما دفع العديد من الدول والمنظمات الرسمية والشعبية مناشدة النظام في سورية لوضع حد لمسلسل الاعتقالات والملاحقة، وكان في مقدمة هذه المنظمات البرلمان الأوروبي الذي ناشد سورية إطلاق سراح الناشط السوري المدافع عن حقوق الإنسان شيخ الحقوقيين هيثم المالح. الذي حكمت عليه محكمة عسكرية في تشرين الثاني الماضي بالسجن ثلاث سنوات بعد إدانته بـ(نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة).

 كما أعرب البرلمان الأوروبي في مناشدته عن (عميق القلق) إزاء وضع المالح الصحي البالغ الثمانين من العمر (والذي تدهور وضعه الصحي بشكل خطير) خلال الأشهر القليلة الماضية.

وجاء في قرار أصدره البرلمان الأوروبي أن محاكمة المالح (لم تكن نزيهة) حسب المعايير الدولية (خصوصا بالنسبة إلى قرينة البراءة وحقوق الدفاع).

وطالب النواب الأوروبيون السلطات السورية بـ(التوقف عن ملاحقة المدافعين عن حقوق الإنسان وعائلاتهم) وتمكينهم من (القيام بنشاطاتهم بحرية ومن دون مضايقات ولا ترهيب).
ودعا النواب الأوروبيون في قرارهم دمشق إلى (إطلاق سراح كل سجناء الرأي على الفور خصوصاً مهند الحسني وعلي العبد الله وأنور البني وكمال اللبواني).

 كما دعا البرلمان الأوروبي الحكومة السورية (مرة ثانية إلى وقف العمل بقانون الطوارئ المفروض منذ نحو أربعين عاما) ووصفت هذا القانون بأنه (يحد من ممارسة المواطنين لحقهم بحرية التعبير والتجمع).

وإنني إذ أشعر بالأسى والحزن لموقف النظام في سورية، الذي يغمض عينيه ويصك أذنيه عن مثل هذه المناشدات الإنسانية، وأشعر بالحزن الشديد عن عدم استغلال النظام المناسبات الدينية والوطنية ويبادر إلى إطلاق سراح المعتقلين والإفراج عن الموقوفين، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم يعشقون وطنهم ويقدرون ويتفهمون مصالحه العليا، وما يضير النظام لو أطلق سراح الشيخ هيثم المالح وكل معتقلي الرأي وناشطي جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، وألغى العمل بقانون الطوارئ، وألغى القوانين الجائرة الاستثنائية، وفتح صفحة من المصالحة الحقيقية مع كل أطياف المعارضة، وفتح أبواب الوطن لعودة المنفيين أعزاء منتصبي القامة موفوري الكرامة، ليشارك الجميع في بناء صرح الوطن وتمتين قلعته في وحدة وطنية حقيقية، هي وحدها من تستطيع الوقوف في مواجهة أي عدوان، وإفشال أي مخططات تستهدف الوطن وكل أبنائه؟!