بشار، والكلمة الطيبة، والإصلاح
واسم( أنّ) وخبرها!!
د. طارق العربي
عبثا حاول الإعلامي النبيل الأستاذ محمد كريشان أن يحصل من قائد الشعب والأمة على كلمة طيبة بشأن من يفترض أنهم من أبناء شعبه ، من معتقلي الرأي الوطني الحر، والكلمة الشريفة ، الذين أردوا نصيحة لصاحب الأمر، و إصلاحا لمجتمعهم ووطنهم الذي يرونه تنهشه الذئاب ، وتتعاوره الكلاب المسعورة ، لا لمجرد النهش ، ولكن لإرواء حقد ولؤم وخسة ونذالة ، هي خسة الأوباش ونذالتهم .. . مجرد كلمة طيبة ؛ تقرب القائد الملهم من شعبه ، وتبعث أملا في نفوس ذوبهم وأهليهم وأطفالهم ....وحاول الرجل الأصيل النبيل أن يستنهض همة القائد ، ويحرك فيه مشاعر النخوة والمرؤة والنبل ؛ ظنا منه أنه يخاطب إنسانا...يعرف قيمة الكلمة الطيبة عندما تصدر من رئيس إلى شعبه ؛ كم تزيل من ركام ، وكم تجبرمن خواطر ، وكم تطيب من نفوس ، وكم تقرب من مسافات ، وكم تئـد من أحقاد ، وكم ...وكم ..؟ ولكن قائد ( سوريا الأسد ) أبى أن بعطي كلمة طيبة !! لأن القوانين صارمة بحق الأحرار الغيارى على شعبهم ووطنهم ، متسامحة مع اللصوص الذين جمعوا المليارات من قوت الشعب وعرقه ( فلم تعد مليارات مخلوف وغيره بخافية ) ولأن هذه القوانين الصارمة على الوطنيين الأحرار تصبح ألين من العلكة المعطرة عندما يتعلق الأمر بمصير وطن وأمة ؛ لتأتي بغلام وتنصبه على رقاب الشعب ؛ فيدخل هذا الشعب في متاهة التحالفات المشبوهة ، والسياسات الخرقاء ، وعمليات القتل والإجرام ، ويضع الوطن على رصيف المساومات الرخيصة، لعله ينجو من وهدة الإجرام التي سقط فيها شر سقطة !!
إن المرء ليتساءل : هل الذين قننوا كل قوانين الأرض ، والتي تقضي بأن من يستلم مقدرات شعب وأمة ينبغي أن يكون له من السن ومن النضج ومن العقل والحكمة ما يكفي ويضمن بأن لايضيع بتصرف أرعن شعبا ويدمر أمة ..هل كانوا ساذجين أو غيرمدركين لأهمية ما قرروا وخطورته ؟! وإلا ، فمالذي أوقع شعبنا ووطننا بما وقع به على يد هذا الرئيس الغلام ؟ ومع ذلك فإن تعديل القانون ( الصارم ) تحت سطوة المخابرات التي كانت ظاهرة للعيان أمام باب ما يسمى بمجلس الشعب ... لم يستغرق سوى دقائق !!
لقد ظن الناس المغلوبون على أمرهم من أبناء شعبنا السوري المنكوب بحكامه، أن الطريقة التي نصب بها رئيسا ستدفعه إلى أن يبرهن للشعب بأنه جدير بهذا المكان الذي وضع به زورا بغير وجه حق ؛ فيرفع الظلم والقهر والجور والسحق الذي خلفه أبوه عن هذا الشعب ، لعل ذلك يشفع له ، ولعل الشعب يتقبله ، ولكنه اختار أسلوب التجبر والغطرسة ، و أبى إلا أن يرث عن أبيه كل شيء ، عدا خبثا ومكرا لم يقدر منه على شيء ..
لقد رأيته يخاطب محاوره ، وكأنه شخص هبط من المريخ ، لاعلى أنه إعلامي متمرس ، ينتسب إلى مؤسسة إعلامية من أشهر مؤسسات الإعلام في الوطن العربي والعالم ، فيعرض عليه أن يذهب إلى سورية ليتأكد من أن المعتقلين قد ارتكبوا جرائم بحق الوطن!! وعبثا يحاول المحاور بأدبه الجم ، ومهارته الإعلامية ، ومهنيته العالية أن يفهم القائد الملهم بأنه ليس بحاجة إلى أن بتأكد مما يقول ، وأنه يعرف أن التهم الموجهة لهؤلاء الأحرار الشرفاء هي تهم ملفقة ، ومصنعة في مكاتب المخابرات ، وأن هؤلاء الناس كانوا يستحقون أن يكرموا ، ويكافؤواعلى مواقفهم بدل أن يزجوا في السجون والمعتقلات...ويأبى القائد العظيم أن يقول كلمة طيبة!!
إن حال شعبنا ووطننا ، مع إصلاح هذا الرئيس الذي حاورته وبجلته يا عزيزي ، لايختلف عن إصلاحه لاسم( أ نّ ) وخبرهاعلى لسانه ،عندما أراد أن يتفاصح ويظهر مهارته اللغوية إلى جانب مهارته السياسية ، فقال : ( والشيء المستغرب أنّ الأوربيون حريصون .. ) فشعر بخلل في اسم (أنّ) ، فأراد أن بصلحه ، فأصلحه فعلا، ولكنه للأسف ، أفسد خبر ( أنّ ) بعد أن كان صالحا !! وهو مايزال يعتقد بأن عملية الإصلاح على يديه ولسانه تسير على مايرام !!!
تحية من الأعماق للإعلامي النبيل محمد كريشان الذي عبر عن مشاعر أبناء الشعب السوري ومواقفهم ،وتطلعاتهم في طروحاته التي تعبر عن نبله ومهنيته العالية ، وإدراكه للدور الرائد الذي ينبغي أن يتحلى به الإعلامي في إثارته للقضايا التي تهم أبناء امته ، والإنسان بشكل عام ، بعيدا عن التملق والتزلف، ومانراه عند كثير من الإعلاميين الذين يتنازلون عن كرامتهم ,وإنسانيتهم من أجل شهرة زائفة ، ومكانة وضيعة لدى متغطرس متجبر على شعب سطا على مقدراته ، وسيطر على إرادته بطريقة أثارت استهجان العالم وسخريته ..