ولى عهد الممالك الأمريكية

د. جبر خضير البيتاوي

د. جبر خضير البيتاوي

[email protected]

[email protected]

أ. مساعد في قسم اللغة العربية/ كلية الآداب

جامعة النجاح الوطنية

تقف البشرية اليوم على منعطف حساس وخطير، فقد بدأ انتهاء عصر الانفراد الأمريكي –الإسرائيلي- الذي يفعل ما يشاء في مناطق العرب والمسلمين، وكذا تحكم السلطنات في مصير الشعوب والأقطار.

ولى الزمن الذي تشتري به الولايات المتّحدة الأمريكيّة مشارق الأرض ومغاربها، فهي لم تعد توف لمواطنيها مستلزماتهم الصحيّة والتّعليمية والوظيفيّة، فإن عجزها السنوي الآن يزيد عن خمسة عشر ترليون من الدولارات، وديونها فاقت خمسة عشر ترليوناً من دولاراتها التي تطبعها دون رقيب ولا حسيب، ومؤسساتها بدأت تنهار وميليشيات الولايات غدت تدق الطبول على الحكومة الفدرالية.

انتهى عصر الضحك على الذقون كما يقولون – فأمريكا اليوم تعاني من تدهور خطير في أوضاعها المختلفة، فلم تعد حريتها المزعومة ولا تمثالها تقنع أحدا لا داخلها ولا خارجها، وسقوط قيمها المدوي، ظهر جلياً في عدوانها السافر على العراق وأفغانستان، فاحتلالها هي وجوقتها لهذين القطرين المسلمين يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو منته بهزيمة عسكرية مدوية لما يسمى معسكر دول حلف العدوان الأمريكي.

أما منظومتها السياسية فقد انفرط عقدها، فدول أمريكيا اللاتينية التي كانت مستعمرات أمريكيا الضعيفة قد صحت من غفوتها وهي تشكل الآن تجمعاً سياسياً وعسكرياً وثقافياً يعتبر الإدارة الأمريكية عدوها الوحيد، وسبب جوعها وفقرها ونكباتها ولم يعد أمام إدارة اوباما إلا أن تعود بأساطيل أمريكيا وبوارجها قبل تدميرها لتصبح خردة خاوية على عروشها، في كل بحار العالم ومحيطاتها، فلم تعد مرحبا بها من كل شعوب العالم المقهورة وعلى رأسهم العرب والمسلمين الذين ينظرون الى الإدارة الأمريكية بحقد وكره شديدين نتيجة للمظالم التي وقعت عليهم.

فأمة العرب والمسلمين يعتبرونها العدو والمحتل والناهب لخيراتها، ومعهم شعوب العالم الثالث الفقيرة والمعدمة والمعوزة من كل شيء وسبب نكباتها منذ سبعين عاماً وأزيد. لا سيما بعد هذه المجازر الإسرائيلية وجرائمها ضد المتضامنين في أسطول حرية غزة وفلسطين.

والأدهى من ذلك يرون دول المعسكر الأمريكي هي الدّاعمة والمنشئة لأنظمة الفساد والتّخلف في عالمي العروبة والإسلام، وكل الأمم والشعوب المنهوبة؛ هذه الأنظمة ومنذ ثماني عاماً تقريباً لم تجلب لشعوبها إلاّ الخراب والذل والهزائم، فغدت تلك الشعوب مجموعة من الكيانات والجماعات والأحزاب المتناحرة والمتطاحنة التي تشكلت نتيجة لسياسة أبناء الأفاعي الذين يتسلطون على رقابها.

لقد غدت أقطار العرب والمسلمين في مجملها عبارة عن إقطاعيات متعفنة، يقودها مجموعة من القطط السمان، وأصحاب الجيوب المنتفخة، وأصبحت مؤسساتها في معظمها دكاكين لمخاتير القرى والضياع، بل أسوء.

لكن ها هي جبال الثلج النتنة تتصدع في كل الأمكنة والميادين، وما نشاهده ونستمع إليه كل يوم إلاّ عوارض المرض الخطير، إنّه سرطان الظلام والانكسار وممالك الشرّ الذي بدأ ينهار بنيانه في كل زاوية وناحية واتجاه.

وما على العقلاء إلا الاعتراف بهذه النتيجة المحتومة. فهذه الجرائم لأنظمة الطغيان بدت تتكشف في كل وادٍ وساحة، أمّا تكايا الدسائس والمؤامرات، فأصبحت مكشوفة ومعروفة لكل ذي بصيرة، وهاهم عصابات علي بابا والأربعين حرامي يتبرأ كل واحدٍ من صاحبه، لينقرط عقد أشباه الرجال، وصانعي الذل والخوف والإحباط لدى البسطاء الذين يهابونهم الى حين.

وعليه، فإن أمّة العرب والإسلام تراقب كل ذلك، وتدرك أنّ ساعة الخلاص الأخير آتية فنحن أصحاب حضارة عريقة قدمنا العلم والمعرفة والريادة ولا زلنا نملك في جعبتنا ما نثري الحضارة الإنسانية، ليعيد لها الحرية والعدالة والمساواة المفقودة، فنحن الحاضر والمستقبل.