لم يأتِ دوركم بعد.. أيها الأحوازيون

عبد الكريم النقيدان

عبد الكريم النقيدان

[email protected]

يرعى الراعي قطيع غنمه، ويقصد الماء والكلأ، ويتقي الذئاب والوحوش، وكلما جفت الأرض عن غنمه، عدل إلى أخرى تكون أغنى من التي قبلها، وهكذا دواليك دواليك..

فلا يهم الراعي إلاّ غنمه وإذا اعترض عليه راعٍ آخر بادره بالإقصاء والقتال، وهي الخطوة الأولى عند بني البشر، لأن طبائعهم تفرض عليهم الاستنصار حتى وإن كانوا ضد الحق، أو كان خصومهم من ذوي القربى.

لا تحزنوا أيها الأحوازيون .. سيلتفت إليكم العرب، وستجدون دولاً تقوم لكم ولا تقعد، وسياسيون يحرثون الأرض والسماء ذهاباً وجيئة لنصرتكم، وستبكي النساء وتولول، وتقام عشرات بل مئات المؤتمرات السياسية والصحافية والشعرية، وسيشدون بأبطالكم، ويصفون أحوالكم العاثرة، ويرثون موتاكم وسيكون ويكون ...

لكن ليس قبل أن تتجلى سماحة الغرب المقدسة، وتأذن لهم بالبكاء عليكم، وليس قبل أن تفرض مصالحهم ذلك، وليس قبل أن تصل المواقف العدائية مع الدولة الفارسية حد الترقوة، ثم تثار قضية احتلال الفرس لإقليمكم، ثم يبدؤون بالتنديد المبتذل بانتهاك الحقوق الإنسانية والمبادئ الدولية، ويظهرون بعدئذٍ الوحشية القمعية الفارسية ضد أهاليكم، ويَخرج القوميون من جحورهم، ويتسمرون على شاشات الإعلام. وكأنهم من قَبلُ لا يدرون هل الأحواز هي ما بين القمر والأرض أم هي نيزك مريخي سقط على الزهرة؟!

ولأن العلاقة ضاربة في المتانة بين إيران ومن يبده زمام وحلوق الشعوب ( أقصد أمريكا، ومندوبتها في الشرق الأوسط .. إسرائيل بالطبع ) فإن الأحواز ستبقى مختفية بين وبين .. حتى يكتشفوا موقعها. ولو أن ظاهر العلاقة تبدو بين إيران والغرب متوترة، والوجوه فيما بينهم عابسة، إلا أن الاحتضان والتقبيل خلف جدرانهم بحرارة وشوق.. كحرارة الأجواء الظاهرة أمام الشعوب الغبية.

توقفوا ـ بالله عليكم ـ من مناشدة النخوة العربية، لأن النخوة أناخت مطاياها، والكرامة التي تستنهضون بها الكرماء أُسيلت وانتهت.. وشبع من شبع حتى تورّم، وتعطلت كل أجهزة الإحساس عنده، وأُشغل مَن أُشغل بخبزه واختلاق الهموم الداخلية وتأجيجها، حتى صار العربي يخاف على شرفه وأعز ممتلكاته.. فكيف تناشدون أناساً لا تعرف حدود وطنها وبطنها.

هاهم العرب يضربون عنكم صفحًا، ويلوون رقابهم إلى ملذاتهم، ويتسابقون لإرضاء الآخرين لتمتد كراسيهم في الأرض حتى تصل إبليس، ليلقوا عليه تحية الصباح والمساء، ويقبلوا يديه ورجليه، ويدعوا الله بإطالة عمره.

ولكن .. في صبح يوم من التاريخ ستجدون العرب تبكي عليكم وتنوح، وتلطم الخدود وتحثوا التراب على رأسها، كل هذا بعد أن تأتي الحاجة لذلك، وسيستخدمونكم نبالاً لأهدافهم، وتأتي (القيادة العالمية) المنقذة والحامية لشعوب العالم، لتجعلكم مضخة ضغط على الفرس.. وستطالب فانفصال الأحواز واستقلالها ومنحها الحرية والشرعية، كما فعلت في تيمور الشرقية ـ رغم صِغر مساحتها وضآلة ثقافاتها ـ وكما تفعل اليوم في صحراء دارفور.

وبعد أن يـأتي هذا اليوم الغيـبي أسألكم بالله ألاّ تقلدوا العرب بعربدتهم. أقيموا الحقوقي السياسي والعدالة والكرامة والحرية، ولا تعضوا على كراسي الحكم حتى يرخي الموت فكاككم، أو تورثوها لأعقابكم وأعقاب أعقابكم، دعوا شعوبكم حتى يكونوا مواطنين لا موطيين..

* ناموا يا أحواز حتى يأتي صباح غير عربي، أو يأتي صباح شريف نقي.