أسوء متاجرة في الثورة السورية

أبو طلحة الحولي

الثورة السورية لها وجود التاريخي ووجودها الإعلامي ووجودها السياسي ، ووجودها الإنساني .. ومع هذا يتعامل معها العالم (أعضاء مجلس الأمن ، وأعضاء هيئة الأمم المتحدة )  في قراراته وفي أخلاقه وفي إعلامه  بلا تاريخ ولا إعلام ولا سياسة ولا إنسانية ..  وللآسف حتى عالمنا العربي والإسلامي يسير في نفس المركب ..

بدأت الثورة وباركها العالم.. ولكنهم انقلبوا عليها .. ولم ينقلبوا على الوحش الفاشي  حتى مجرد الانقلاب على اللفظ أو الاسم ، لم ينقلبوا ، فهو ما زال اسمه " النظام السوري" ، " النظام الاسدي" رغم كل هذه الفوضى والدمار والخراب ما زال اسمه " النظام السوري" ..

ودخل حزب الله بعداده وعدته رغم انف العالم  كله ، وعلى مسمع العالم كله ، دخل من أوسع الأبواب ، وكأنه ابن البلد ، وصاحب الشأن ، فهو ليس في عداد " الإرهاب " ، ولا في عداد " التطرف" ، ولا عداد " المتورطين في الجرائم" .. وما زال اسمه المستثمر للدين لحسابات شخصية وسياسية وطائفية جاهلية منشورا ومتداولا على أوسع نطاق  ، فلم يعترض عليه أحد .. وعندما أطلق الثوار اسم حزب اللات ، أو حالش لم تجد آذانا صاغية ، أو أوراقا تسطره ، أو إعلاما يتبناه ، بل المكاتب والمكاتبات الدبلوماسية العربية والغربية ووسائل الإعلام وأقبية السياسية يرفعون له يدهم "تعظيم سلام " وتكنيه بما يحب " حزب الله " والله منه برئ ..

وصنعت دولة الإسلام في العراق والشام بأيدي خفية غربية ، وباركها العالم سرا  ثم انقلبوا عليها علنا ، وانقلبوا على اسمه أيضا وأطلقوا عليها اسم " داعش "  اسم ليس معنى في اللغة ولا في الاصطلاح إلا في عقول من صنعوا هذا الوحش الهلامي المتطرف الذي هو جزء من الوحش الاسدي الإرهابي ..

انقلبوا على" دولة الإسلام في العراق والشام " الوهمية التي صنعوها وانقلبوا على اسمها ، لأنه انتهت مهمتها التي صنعوها لأجلها ،  بينما ما زال الوحش المتوحش متربعا على كرسيه بأجمل الألفاظ  وأعذب الكلمات ، وما زال المتآمرون والمجرمون والسفاحون من أبناء حزب اللات يسيرون تحت حماية الغرب ، فلا التحالف يقصفهم ، ولا يقصقص من اسمهم ..

إن العالم قلبه على اللقيطة الدولة المحتلة ( إسرائيل ) ، ولا يهمه بلاد الشام وإن دمرت كلها رأسا على عقب ، وإن قتل وهجر وشرد أهلها ..

إن العالم يعلم أن بلاد الشام لا يرفعون شعارات " الموت لأمريكا " و" إزالة إسرائيل " لمجرد الاستثمار ، والشهرة والمتاجرة بها لتحقيق مطامع سياسية وشخصية وتدميرية للإنسان ... كما تفعل إيران الصفوية وأذنابها ، وإنما يقولون للظالم قف مهما كان لونه ونوعه وحجمه .. ويرفعون شعار الله معنا لتحقيق إنسانية الإنسان وليس لعبودية الإنسان .

إن العالم يرفض أن ترفع راية فيها كلمة الله إلا إذا كانت للاستثمار الشخصي والسياسي كما هو موجود عند حزب اللات ، وأنصار اللات ، وإيران الفارسية .. وداعش التكفيرية !!

إنها كوميديا سوداء تبعث على الضحك حتى البكاء .. ولكن الشام باقية ، وأهل الشام باقون ، ولا يليق بهم إلا ما اختاره الله لهم " هو سماكم المسلمين " ولا يليق بأهل الغرب والمتآمرين والمجرمين والسفاحين إلا ما اختاره الله لهم " الكافرون " ،  " المشركون" ،  " المنافقون" .

قال تعالى في سورة الصف { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} ( الصف :8-9)

وقال تعالى في سورة التوبة {  يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون } ( التوبة : 32)

إن المجنون قبل العاقل يفهم جيدا ما يجري في بلاد الشام .. وأنه كان يجب وضع الألفاظ والكلمات في مكانها الصحيح منذ البداية " فمن صحت بدايته صحت نهايته " إنها ألفاظ ومصطلحات ولكنها أساسية لمعرفة أوضاع الألفاظ بالنسبة للمعاني ، واللفظ المتصوَّر هو الذي يوجد المعنى المتصوَّر ، كما يقول أهل المنطق ـ ومن هنا يجب إعادة الألفاظ والكلمات إلى تصوراتها الصحيحة ، والى معانيها المناسبة للحدث ..

وأخيرا إن إيقاف هذه المتاجرة ببلاد الشام بشرا وأرضا وحياة وجغرافية وتاريخا ولغة ومنطقا ، وأن الحل من هذه الدوامة ليس بالكثرة ، ولا بالاستقواء بالخارج ولا بانتظار القائد الفذ ، وإنما بالإخلاص والوحدة والجهاد .. ولا يمكن أن يكون هناك جهاد ما لم يكن هناك وحدة ، ولا يمكن أن يكون هناك وحدة ما لم يكن هناك إخلاص ...

قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم  } ( محمد 7-8)