"أسطول الحرية" كلانا يتحدى على طريقته
"أسطول الحرية" كلانا يتحدى على طريقته...!!
هنادي نصر الله
" في الطريقِ إلى غزة" هكذا يختم مراسل الجزيرة وزملاؤه الإعلاميون المرافقون لسفن كسر الحصار تقاريرهم اليومية عن سير سفن الحريةِ واختراق الحصار البحري المفروض على غزة عنوًا وقسرًا منذ أعوام...
أتابع تقاريرهم وأنا في حالةٍ من الجنونِ والهوس؛ فالشغفُ وحبُ المتابعةِ يقودني إلى مشاهدتهم في كافة النشرات الإخبارية، أشعرُ بإحساسهم فكلماتهم صادقة وأغانيهم عن النخوة والحرية والغربة والصعاب أيضًا صادقة، عزفهم للموسيقي يشعل أنينًا في قلوبنا؛ وإن كنا نعزف عن الاستماع إلى الموسيقى، وإن كنا نكره العزف بعموميته، فعزفهم مختلف إنه عزف الحنين لغزة المجروحة والمكلومة..
في هكذا موقفٍ إنساني، يتحد فيه البشر من شتى بقاع الدنيا لأجل مبدأ واحد وهو نصرة الكرامة، يكون مبررًا للإعلاميين أن ينقلوا رسالتهم الصحفية مفعمة بمشاعرهم المتدفقة وهم يخوضون معركة في عرض البحر، ويغامرون بأرواحهم؛ كي يتعرفوا على واقعنا عن قربٍ ودون رتوش أو تزييف للحقائق والوقائع على الأرض!!..
من هنا كان واجبًا عليّ أن أتابع تحركاتهم وهم يتنقلون بين الموانئ المختلفة، ويلتقون يبعضهم البعض، مختلفي الانتماءات والأفكار والأديان، ومع هذا محبين للإنسانية وللقلوب البريئة المحاصرة ظلمًا وغدرًا..
كم هو ممتعٌ متابعة رحلتهم الشيقة عبر الإعلام، كم هو رائعٌ أن تتخيل نفسًا مغامرًا معهم، فلربما تخيُل اليوم، يقودك إلى تجربته على أرض الواقع في الغد القريب، ربما يخلق لديك حالة من التمرد على الواقع المرير، فيجعلك تخطط لأن تكون سفيرًا للمعذبين هنا..
علينا آلا نقلل من شأننا، بل أن نطور من مهاراتنا، أن ننمي إحساس التخيل والمتابعة والحماسةِ بداخلنا، وندعمه بتخطيطٍ دقيق، يُلهينا عن أوجاعنا الشخصية، ويستفزنا كي نرسم رؤيتنا المستقبلية، بعنايةٍ ومسئولية، علينا آلا نكتفي بتغطيةٍ عابرةٍ للحدث، فالمبدع هو من يعيش التجربة الشعورية بكل تفاصيلها، يتخيل نفسه وقد أُسندت إليه المهمة بكاملها، ليرافق أسطول الحرية منذ لحظة انطلاقه حتى وصوله؛ فيتابع من رافقوه فعلاً، يستفيد من تجربتهم، ويتأمل ما كتبوا وما قالوه بحق المتضامنين ورحلتهم الرائعة، ولا يكتفي عند هذا الحد؛ بل يذهب مسرعًا إلى مكتبه؛ ليحضر ورقة وقلم ، ويكتب هو ما رآه في الصور التلفزيونية، وما استمع إليه؛ وكما قلت وكأنه بينهم، فلا شك أن هذه " البروفا" ستخلق حالة من الممانعة في قلبه، وأي ممانعةٍ هذه التي تقف حائلاً دون أي إحباطٍ قد يتسلل إلى نفسه جراء ضيق الحال الذي يعانيه الآن، نظرًا لنقص الإمكانات التي تحرمه من مرافقة المتضامنين في رحلتهم الجميلة والإنسانية والوطنية والأخلاقية إلى غزة المكلومة..
فكل طموحٍ يعمل في الإعلام، يجب أن يبتكر لنفسه شيئًا، يجعله مميزًا عن الآخرين، مخطئٌ من يتشبثُ ويتذرع بالعراقيل ويقول " ع قد لحافك مد رجليك" فمن يُقنع نفسه بهذا المثل في مثل هكذا حدثٍ تاريخي لا يدرك شرف المخاطرة والمغامرة وقيمة التخيل وآثاره على المدى القريب والبعيد!!
لنخطط ولنبادر في التغيير، سنواجه أزماتٍ جمة، لكن المطلوب آلا نتراجع، المطلوب آلا تنكسر الإرادة، المطلوب آلا نستسلم، فيا أسطول الحرية أنتَ تتحدى وأنا معك أتحدى، ولأجل المستقبل الواعد الذي أتمناه سأبقى دومًا أتحدى وأتحدى، وإلى لقاءٍ قريب يجمعني ببعض فرسانك وأبطالك، واقبل تقدير ابنة غزة التي تنتظر وصولك على أحر من الجمر...