تابع الملف النووي الإيراني 5
سخونة في العلاقات الأمريكية الروسية
واشنطن تهدد وموسكو تندد
حسين علي محمد حسنين
كاتب وباحث/ عضو إتحاد كتاب مصر
تابع الملف النووي الإيراني:
(1)
الكونجرس الأمريكى يحذر من صواريخ إيران
فى 12 يناير عام 2000 أصدر الكونجرس الامريكى قرارا يقضى بحظر الانتشار النووي ومنع بيع اى منتجات عسكرية أو تكنولوجيا متطورة قد تساعد ايران فى تطوير صواريخ بعيدة المدى ، وشدد القرار على أن الإدارة الامريكية جادة فى مساعيها لاستخدام العقوبات كوسيلة لدعم الجهود لحظر الانتشار النووي فى منطقة الشرق الأوسط . لكن قرار الكونجرس لم يشر الى إمتلاك إسرائيل لأسلحة دمار شامل أو حثها للتوقيع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية . فى نفس الوقت أعرب بعض أعضاء الكونجرس الامريكى عن قلقهم المتزايد من استمرار ايران فى تطوير شبكتها الصاروخية والتى على حد قولهم تهدد الأمن القومي الامريكى.
ايران تندد بازدواجية معايير الكونجرس الأمريكى:
فى اليوم التالى لقرار الكونجرس( 13 يناير 2000 ) أخذ الأعلام الإيراني يعرب عن ازدواجية المعايير بالنسبة لقرار الكونجرس الامريكى الخاص بحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل فى المنطقة والذي لم يشر فى قراره الى اسرائيل . فى نفس الوقت طالب الإعلام الإيراني بضرورة المضي قدما فى تحديث القوات المسلحة الإيرانية وذلك بعد قيام قوات الجيش الإيراني بالاستعراض العسكري السنوي الذى تضمن صواريخ باليستية أثارت جدلا واسعا داخل واشنطن وتل أبيب ، وقد شمل العرض العسكري قوات الحرس الثوري الإيراني التى شكلت من خمس وحدات للصواريخ الباليستية مزودة بصواريخ شهاب-3 البعيدة المدى والتى تصل الى عمق الأراضي الإسرائيلية والقواعد الامريكية المتواجدة فى الخليج . وفى ذلك العرض شدد الرئيس الإيراني محمد خاتمي فى خطاب له على أن هذا العرض لا يمثل تهديدا لأية دولة . وفى اليوم التالي للعرض العسكري أكدت الخارجية الإيرانية ما قاله الرئيس خاتمي من أن ايران لا تنوى تهديد الدول المجاورة أو القوات الامريكية المرابطة فى منطقة الخليج ، وقد جاء ذلك ردا على ما نشرته وسائل الإعلام الامريكية والإسرائيلية من أن الصواريخ الإيرانية تشكل تصعيدا خطيرا للأمن القومي الامريكى والإسرائيلي معا فى منطقة الشرق الأوسط ، كما تهدد أمن دول الخليج.
قلق أمريكي من جراء التعاون الروسي الإيراني:
وفى 15 يناير 2000 أعربت الإدارة الامريكية عن قلقها إزاء اتساع دائرة التعاون العسكري بين ايران وروسيا وشددت على أن تطور ذلك التعاون سوف يضر بالمصالح الامريكية فى منطقة الشرق الأوسط . وعليه قام وفد أمريكي بزيارة موسكو لتوضيح مدى قلق واشنطن إزاء ذلك التعاون ، وقد بحث هؤلاء مع كبار مسئولي الكريملين ضمان ألا تشمل العلاقات الروسية الإيرانية أي صفقات تقنية قد تستغلها طهران في تطوير شبكتها الصاروخية وخاصة شهاب-3 الذي يبلغ مداه 1500 كم تقريبا وهو ما يعنى تهديد الأمن والمصالح الامريكية بالمنطقة .
وإيران تعرب عن قلقها إزاء التعاون الاسرائيلى التركى:
كمال خرازى
فى المقابل أعلن وزير الخارجية الإيراني كمال خرازى فى 18 يناير 2000 أثناء زيارته للعاصمة التركية أنقرة قلق بلاده من التعاون الاسرائيلى التركى ومن تأثير الدولة اليهودية على شعوب المنطقة . نذكر هنا أن الرئيس الإيراني محمد خاتمي قد انتقد فى نهاية عام 1999 التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل وقال : إن تركيا ليست فى حاجة الى التعاون مع دولة برهنت على طبيعتها العدوانية والتى اضر وجودها جميع الدول فى المنطقة " وذلك فى إشارة الى اسرائيل ، وقبل ذلك إنتقد محمد خاتمي الدول التركية فى 22 سبتمبر عام 1997 لمشاركتها كل من اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية فى مناورة عسكرية فى ذلك الوقت ، وقال خاتمي فى هذا الصدد: إن أنقرة انحازت الى اسرائيل بضغط من الأمريكيين رغم سخط العالم العربى والإسلامي على ذلك الانضمام .. وشدد خاتمي على أن تلك المناورات العسكرية المعلنة تشكل تهديدا لمنطقة الشرق الأوسط .انفراجة أمريكية محدودة مع ايران:
فى 15 مارس 2000 أعربت إدارة الرئيس الامريكى السابق بيل كلينتون عن تليين طفيف في علاقاتها مع ايران وذلك فى محاولة لتشجيع التغييرات الديموقراطية التى حدثت مؤخرا في حكومة محمد خاتمي الذى دعا الى ضرورة الدفع باستئناف الحوار مع واشنطن وذلك بعد الفوز الكاسح للإصلاحيين الإيرانيين في الانتخابات التشريعية في فبراير2000 . وقد سمحت الإدارة الامريكية باستئناف استيراد الكافيار والفستق والسجاد الإيراني وذلك أملا فى أن تؤتى تلك المباردة الامريكية بثمارها من انفتاح ديمقراطي داخل البلاد . (يذكر أن الولايات المتحدة قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران عام 1980 وفرضت حظرا اقتصاديا عليها في أعقاب الثورة الإسلامية الإيرانية بعد احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية بطهران ، وقد عززت هذه العقوبات عام 1995 بعد اتهام إيران بدعم ما تصفه واشنطن بالإرهاب الدولي ومعارضة جهود السلام في الشرق الأوسط وسعيها للحصول على أسلحة للدمار الشامل .
ضغوط إسرائيلية على النظام الإيراني:
فى أوائل شهر مايو 2000 أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية فى بيان لها أن الجيش الاسرائيلى أجرى تجربة ناجحة لصاروخ ( حيتس ) الجديد المضاد للصواريخ الذى لديه القدرة على اعتراض اى صاروخ باليستى. وقد أشار البيان الى أنه اصبح بمقدور اسرائيل الآن التصدي لشبكة الصواريخ الإيرانية والعراقية . (تشير التقارير الامريكية الى أن مشروع حيتس بدا فى عام 1988 بمبادرة من البنتاجون فى إطار حرب النجوم التى أطلقها الرئيس الامريكى الأسبق رونالد ريجان والتى تم التخلي عنها رسميا فى عام 1993 . وقد قامت واشنطن بتمويل الإنتاج الأول من صواريخ حيتس ، أما الجيل الثاني فكان تمويله مناصفة بين واشنطن وإسرائيل . ويلاحظ ان تكلفة البطارية الواحدة 170 مليون دولار) .
تطوير شبكة الصواريخ الإيرانية:
فى منتصف شهر يوليو عام 2000 أعلنت الحكومة الإيرانية عن نجاح تجربة إطلاق صاروخ شهاب ارض-ارض ، وذلك ردا على قيام اسرائيل بإنتاج صاروخ حيتس المضاد للصواريخ . وقد أشارت بعض التقارير العسكرية الى أن صاروخ شهاب-3 هو نموذج متطور لصاروخ نودنج الكورى الشمالى الذي هو فى الأساس تطوير لصاروخ (سكود) السوفيتي الصنع ، وقد نجح العلماء الإيرانيون بالتعاون مع نظرائهم من الكوريين فى إطالة مداه ليصل الى 1300 كيلومتر (يلاحظ أن ذلك الصاروخ ينطلق بالوقود السائل وقادر على حمل 770 كيلوجرام من المواد المتفجرة).
قلق إسرائيلي من شبكة الصواريخ الإيرانية:
فى 22 يوليو عام 2000 أعربت اسرائيل عن قلقها الشديد إزاء تجربة الصاروخ شهاب-3 ، وفى هذا الصدد أشار تقرير للمخابرات الإسرائيلية يفيد بأن ايران تقوم حاليا بتطوير صاروخ شهاب-3 وإدخال بعض التعديلات عليه كى يصل مداه الى 2000 كيلومتر ويمكنه حمل رأس نووي وستطلق عليه ايران ( شهاب-4) ، وشدد التقرير على أن هناك دراسات جدية لبناء صاروخ جديد هو شهاب-5 . وقد أدى ذلك التقرير إلى حدوث قلق واسع النطاق داخل الجيش الإسرائيلى ، وكان الهادف الماثل أمام القيادة الإسرائيلية هو العمل على عرقلة المشروع الكورى-الإيراني . وهو ما حدث بعد ذلك حيث لعب جهاز الاستخبارات الاسرائيلى العسكري (أمان) دورا حيويا ، وذلك عندما قام بإيفاد شخصين من ابرز عملائه فى مجال تقنية الصواريخ الى كوريا الشمالية سرا لعقد عدة صفقات مقابل تجميد اتفاقية التعاون العسكري الكورى الإيراني الخاصة بتطوير صاروخ شهاب-3 ، لكن تلك اللقاءات لم تحقق النتائج المرجوة نظرا للضغوط الامريكية على كوريا الشمالية المتعلقة ببرنامجها النووي .
ايران تمضى قدما فى تطوير ترسانتها العسكرية :
علي شمخاني
وفى أوائل شهر نوفمبر عام 2000 أعلن وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني أن إيران ترغب فى زيادة تعاونها العسكري مع روسيا ، وشدد على أن الموقع الجغرافي للبلدين في هذه المنطقة الحساسة من العالم يقتضي تعاونا وثيقا بينهما في كافة المجالات ، وذلك على ضوء المتغيرات الدولية والزحف الامريكى السريع نحو المنطقة . جاء ذلك فى الوقت الذى كشف النقاب عن تقرير عسكري أمريكي يفيد بأن ايران تسعى لشراء صواريخ (إس-00 3) المضادة للطائرات وطائرات(ميغ-17 ) ومقاتلات سوخوي ، إضافة إلى عدد من الدبابات . وأوضح التقرير الأمريكى أن روسيا ستساهم فى بناء وتشغيل مفاعل اصفهان النووي الذى يعمل بقوة 40 ميجا وات ، ويستخدم لتدريب الطلبة والباحثين (يذكر أن هذا المفاعل قائم على الخبرات الصينية والروسية ) .
واشنطن تندد بالصفقة الروسية لإيران:
لما علمت الإدارة الامريكية بصفقة الأسلحة الروسية التى أبرمتها ايران مع الجانب الروسي أعلنت عن عدم شعورها بالإرتياح إزاء تلك الصفقة ، وشجبت ذلك التعاون الآخذ فى التطور. وأخذ الإعلام الامريكى وعدد من أعضاء الكونجرس ينددون بعدم احترام موسكو لاتفاقها المبرم مع واشنطن فى عام 1995 الذى يقضى بعدم بيع أسلحة تقليدية الى ايران . ولعل ذلك هو ما دفع الإدارة الامريكية الى إرسال وفد أمريكي عالي المستوى الى موسكو لعرض الموقف الامريكى على الحكومة الروسية إزاء صفقة الأسلحة . يذكر أن الوفد الامريكى قدم للجانب الروسي تقريرا مفصلا يشير فيه إلى تورط ايران فى دعمها لما وصفته " بالجماعات الإرهابية " المناهضة للغرب . فى نفس الوقت اقترح عدد من أعضاء الكونجرس الامريكى بضرورة اتخاذ موقف حاسم إزاء الحكومة الروسية مثل فرض عقوبات صارمة على الشركات الروسية . وقد لاقى هذا الاقتراح قبولا من بعض وسائل الإعلام إلا ان الإدارة الامريكية كانت اكثر تعقلا فى هذا الخصوص .
****************
(2)
واشنطن تهدد وموسكو تندد
ايجور إيفانوف
فى 23 نوفمبر عام 2000 شهدت العلاقات الامريكية الروسية سخونة غير متوقعة بسبب تكرار التهديدات الامريكية للشركات الروسية من جديد حول مبيعات تكنولوجيا روسية متطورة لإيران . فقد هددت واشنطن بفرض عقوبات جديدة على الشركات الروسية التي تبيع الأسلحة لإيران (ذلك على غرار " قانون داماتو" الذي يعاقب الشركات التي تتعامل مع طهران ) . وجاء رد الفعل الروسى واضحا عندما أعلن وزير الخارجية الروسي ايجور إيفانوف أن موسكو وحدها هي التي تحدد شركاءها التجاريين ( لكن إيفانوف لم يشر إلى إعلان رفض بلاده لاتفاق خفض مبيعات الأسلحة التقليدية الذي وقعته روسيا مع نائب الرئيس الأميركي آل غور عام 1995) . من ناحية أخرى أكدت موسكو ان العمل في المشروع الذي تبلغ كلفته 800 مليون دولار في ميناء بوشهر على الخليج العربى يسير حسب الخطة الموضوعة ومن المتوقع ان ينتهي العمل فيه بحلول عام 2002 (لكن إيران أكدت أن الموعد قد يتأخر نحو عامين اى بحلول عام 2004 ). جاء ذلك فى الوقت الذى أعلن وزير الدفاع الروسي ايجور سرجييف : أن موسكو تراعي التزاماتها الدولية بمنع انتشار الأسلحة النووية، بما في ذلك عدم تزويد إيران بأسلحة الدمار الشامل.
مزيد من السخونة الأمريكية ضد روسيا:
آل جور
فى 25 نوفمبر 2000 خرجت وسائل الإعلام الامريكية تندد باستمرار موسكو فى دعمها للثورة الإسلامية الإيرانية التى تهدد الأمن القومي والمصالح الامريكية بمنطقة الشرق الأوسط ، كما جاءت تصريحات بعض أعضاء الكونجرس الامريكى لتعلن أن روسيا أبلغت الإدارة الأميركية بأنها لم تعد ملتزمة باتفاق آل جور- شرنو مردين الذى عقد فى عام 1995 والذي يمنع روسيا من توقيع عقود جديدة لبيع أسلحة متطورة لإيران . ويذكر أن رد الفعل الروسى جاء بعد أن أفشى آل غور هذا الاتفاق السري خلال حملته الانتخابية ضد بوش الابن . ومرة أخرى شددت الادارة الامريكية على ضرورة فرض رقابة صارمة على حظر بيع التكنولوجيا المتطورة لإيران خشية استخدامها فى تطوير برنامجها النووي وانتاج القنبلة .
ضغوط إسرائيلية متواصلة:
فى 15 ديسمبر 2000 أعلنت اسرائيل عن إطلاقها للقمر الصناعي EROS A1 بغرض الاستطلاع والتجسس فوق منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة وإيران بصفة خاصة . وأشارت بعض التقارير التى تم سربتها إسرائيل الى ان هذا القمر هو نتاج لجهود مشتركة بين مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية وشركة (ايماج سات الدولية) وهى شركة أمريكية-إسرائيلية مشتركة . ويحمل هذا القمر أجهزة استشعار ذات دقة عالية ، كما يحمل كاميرا رقمية متطورة إسرائيلية الصنع وقادرة على التقاط صور بدقة تتراوح ما بين 180 سم الى 100 سم . وقد لوحظ ان الكاميرا التى يحملها القمر EROS A1 قد صممت فى الاصل من جانب شركة (البايت) للأنظمة المتقدمة بغرض تركيبها أساسا على أقمار (أفق) الإسرائيلية الخاصة بأغراض الاستطلاع والتجسس العسكري. كما أشار التقرير الى انه تم إطلاق هذا القمر بواسطة صاروخ الدفع الروسي " ستارت-1 " الذى يعمل على مدار قطبي فى حين ان أقمار التجسس الإسرائيلية تعمل على مدارات استوائية وهو ما يوضح ان ذلك القمر يستطيع ان يمر فوق جميع مناطق العالم بما فيها ايران وبقية الدول العربية بينما أقمار (أفق) محكومة بمسار محدد (ويرجع سبب ذلك الى ان اسرائيل لا تستطيع ان تطلق أقمارها الى مدارات قطبية من مواقع الإطلاق المحلية ).
مزيد من الدعم الروسي للبرنامج الإيراني:
فى 26 ديسمبر عام 2000 قام وزير الدفاع الروسي ايجور سرجيف بزيارة رسمية لإيران، وفور وصوله الى طهران أعلن أن التعاون العسكري بين روسيا وإيران يشكل قاعدة جيدة لأمن المنطقة واستقرارها ، كما أكد الوزير الروسي أن حقبة جديدة من التعاون العسكري والتكنولوجي المشترك ستبدأ بين البلدين ، وشدد سيرجييف أثناء لقائه مع نظيره الإيراني علي شمخاني على إلغاء اتفاق سابق بين روسيا والولايات المتحدة ( اتفاق عام 1995) الذى يقضي بامتناع موسكو عن بيع أسلحة لطهران، التي ترى فيها واشنطن خصماً إقليمياً لها . إلا أن سرجيف عاد من جديد وأكد على إن روسيا لن تنتهك أي معاهدات دولية قد أبرمتها ، وأن تعاونها العسكري مع إيران لن يؤثر على تلك الإتفاقات . ويذكر أن زيارة وزير الدفاع الروسي تعد الأولى منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
التحدي الإيراني:
فى 27 ديسمبر عام 2000 أكد وزير الدفاع الإيراني شامخاني أن العلاقات الإيرانية الروسية تشهد تطورا غير مسبوق وان التاريخ دفن اتفاقا وقعته موسكو مع الولايات المتحدة في العام 1995والذى كان يمنع روسيا من بيع أسلحة لإيران . وشدد شمخاني فى تصريحاته على انه جاء اليوم الذي تختار فيه الدول المستقلة ( يقصد ايران ) شركاءها دون أخذ أطراف أو قضايا أخرى بعين الاعتبار. وأشار شمخاني إلى أن لإيران وروسيا نفس وجهات النظر حيال موضوعات عدة منها : (1) توسيع حلف الناتو. (2) وحركة طالبان الأفغانية . (3) وتزايد النفوذ الغربي في منطقة القوقاز ووسط آسيا. وأوضح شمخاني أن تلك القضايا الدولية دفعت إيران وروسيا لتطوير وتعميق استراتيجية الدفاع والتعاون العسكري، التي تسمح بتدريب عسكريين إيرانيين في روسيا ، اضافة الى عقد اتفاقية التعاون الثنائي المتعدد الجوانب ومنها الجانب العسكري والنووي. وقال شمخاني إن الاتفاقية التى وقعت بين طهران وموسكو تتيح للبلدين التعاون المشترك في جميع القضايا الدفاعية بسبب تقارب وجهات النظر. وأضاف أن بلاده قادرة على تصنيع جميع الأسلحة محليا، وأنها تمتلك الآن خبرات ومهارات التكنولوجيا العسكرية. واكد شمخاني على أن بلاده فاقت أوروبا الشرقية في التطور التكنولوجي وأن إيران لا تحتاج إلى أية مساعدات أجنبية لتطوير تكنولوجيا الصواريخ.
وشدد شمخاني على حق إيران في غزو الفضاء، في إشارة إلى محاولات طهران لتطوير صاروخ شهاب-4 ليصبح قادراً على حمل الأقمار الصناعية إلى المدار الخارجي كما فعلت اسرائيل . وأكد أن عملية الإطلاق التجريبي ستكون ناجحة تماما، مثلما نجح اختبار صاروخ شهاب-3 متوسط المدى. وقال شامخاني : إن إيران تصنع الآن الوقود الصلب لتشغيل تلك الصواريخ ، إضافة إلى تصنيع المواد الأولية الداخلة في صناعة الوقود الصلب. وأكد أن بلاده ستفعل كل ما هو ممكن من أجل أن ترتفع إيران إلى المستوى الذي يليق بها.
**********
(3)
سيرجييف يزور إيران وتكهنات أمريكية
سيرجييف
فى 28 ديسمبر عام 2000 أعربت الولايات المتحدة عن قلقها الشديد من إعلان موسكو-طهران الخاص بتعزيز تعاونهما العسكري، وقد أصدرت الخارجية الأميركية بيانا جاء فيه : إن من شأن هذا التعاون تعريض أمن الولايات المتحدة وحلفائها للخطر. ويذكر فى هذا الصدد أن وزير الدفاع الروسي قد أعلن عزم بلاده بيع أسلحة لإيران رغم الاعتراضات الأميركية . وهنا جاء رد فيليبس ريكر المتحدث باسم الخارجية الأميركية الذى قال: أن واشنطن تشعر "بالانزعاج" من تقارير صحفية حول محادثات وزير الدفاع الروسي إيجور سيرجييف مع المسؤولين الإيرانيين ، وأشار ريكر إلى أن تلك التقارير تقول إن موسكو مستعدة لتزويد إيران بغواصات وصواريخ ومعدات عسكرية أخرى. وشدد ريكر على أن مبيعات الأسلحة الروسية المزمعة لإيران " سوف تعرض المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة وحلفائها وأصدقائها في المنطقة للخطر " . ورفض ريكر تأكيدات سيرجييف التى قال الأخير فيها: أن تلك المبيعات لن تهدد أمن أي طرف ثالث(يقصد بذلك الولايات المتحدة) وأنها لن تنتهك أي اتفاقات دولية . كما رفض ريكر أيضا تعهدات سرجيف الخاصة بان الأسلحة التى تبيعها روسيا الى ايران ذات طبيعة دفاعية وليست هجومية . وهنا قال ريكر: " لا يكفي بالنسبة لروسيا أن تقول ببساطة أن هذا النوع من المعدات دفاعي خاصة وان بعض المعدات تمثل تهديدا خطيرا ". أيضا أكدت الخارجية الامريكية أن السفارة الامريكية بموسكو ستسعى للحصول على إيضاحات بشأن نوايا روسيا تجاه العلاقة مع طهران. فى نفس الوقت أشارت بعض التقارير الى إن إدارة الرئيس جورج بوش قد تنتهج مع الحكومة الروسية خطاً أكثر تشدداً من إدارة الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون.
روسيا وتجهيز مفاعل بوشهر النووي:
فى 13 يناير عام 2001 قامت أجهزة الاستخبارات الروسية بتسريب معلومات لأجهزة الإعلام تشير الى إن شركة روسية كبرى لتصنيع المعدات النووية قامت بإرسال أول شحنة من معدات تكنولوجية متطورة الى ايران تستعمل في بناء مفاعلات نووية ، وأن إرسال تلك المعدات تم بموجب اتفاق سابق بين موسكو وطهران عقد فى عام 1995 خاص بإعادة بناء مفاعل بوشهر الذى دمرته العراق خلال حربها مع ايران. ويقضي ذلك الاتفاق بإرسال مفاعلين نوويين يعملان بالماء المضغوط لتجهيز وتفعيل مجمع بوشهر النووي. أيضا أشارت تلك المعلومات المسربة الى أن شركة أتوماش الروسية قامت بتسليم إيران إحدى القواعد التي سيجهز عليها المفاعلان.
رد الفعل الامريكى والإسرائيلى:
جاء رد الفعل الامريكى سريعا فور حصول واشنطن على تلك المعلومات حيث أعلنت الإدارة الامريكية عن تمسكها بالاتفاق المبرم مع روسيا فى عام 1995 بين آل جور نائب الرئيس الامريكى السابق والمسئول الروسي شرنو مردين . وفى 14 يناير 2001 أصدرت واشنطن تقريرا أوضحت فيه سعى ايران لامتلاك تكنولوجيا متطورة ، وشدد التقرير على أن طهران تسعى لامتلاك أسلحة نووية ، وطلبت الإدارة الامريكية من الحكومة الروسية عدم التعاون مع النظام الإيراني الذى بات يهدد المصالح الغربية . يذكر أن واشنطن تتهم طهران برعاية الإرهاب في حين تعرب الحكومة الإيرانية عن قلقها من اتهام واشنطن المتكرر لها بمحاولة إضعاف الجمهورية الإسلامية ووصف ايران بالشيطان الأعظم.
وفى 15 يناير 2001 قامت أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بتسريب معلومات تفيد بوجود سرب من الطيارين الإسرائيليين يتدربون منذ بداية يناير 2001 فى منطقة الأناضول الوسطى التركية على خطط تستهدف التحضير لقصف مفاعلات نووية إيرانية . وذكرت تلك المعلومات أن الطيارين الإسرائيليين يحلقون فوق الحدود الإيرانية ضمن تحضيرات قد تمهد لعمليات قصف أو إنزال عسكري بغرض توجيه ضربات محتملة لأهداف عسكرية إيرانية . وشددت تلك المعلومات على أن استخدام اسرائيل للأراضي التركية يأتى فى إطار اتفاقية التعاون العسكري مع تركيا والتي تسمح لإسرائيل باستخدام قواعد السلاح الجوى التركى كمراكز انطلاق لطائرات سلاح الجو الاسرائيلى لشن عمليات حربية ضد أهداف عسكرية استراتيجية فى ايران . (يذكر أن اتفاقية التعاون العسكري بين البلدين تسمح لإسرائيل بوضع 8 طائرات حربية للمراقبة بصورة دائمة فى الأراضي التركية) .