صفعات الدولة العبرية

محمد فاروق الإمام

يقابلها العرب بالشجب والاستنكار

محمد فاروق الإمام

[email protected]

النظام العنصري الذي قامت عليه الدولة العبرية منذ تأسيسها تسير وفق أجندة تنفذ بحسب قوة خصمها أو ضعفه وتأخذ أشكالاً وصوراً تضع خصمها في دوامة تجعله يحار في كيفية المواجهة، ففي كل يوم تختلق حدثاً جديداً يضعف خصمها ويزيد من إرباكه.

الدولة العبرية اليوم بعد أن دوخت العرب والفلسطينيين في دوامة مفاوضات السلام الماراتونية العقيمة، وفي ظلها أقامات المستوطنات واغتصبت بيوت الفلسطينيين في القدس والخليل ونابلس واستولت على آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية وأقامت جدار الفصل العنصري الذي مزق البلد الواحد والحي الواحد وراحت تنهش المقدسات (المسجد الأقصى، والحرم الإبراهيمي، ومسجد بلال، والمسجد العمري، وكنيسة القيامة)، إضافة إلى ضم مرتفعات الجولان السورية إلى الدولة العبرية بموجب قانون أصدره الكنيست عام 1980.

اليوم وفي ظل عجز خصمها (العرب والفلسطينيين والمسلمين) الذي وضع كل بيضه في سلة أمريكا (صانعة الدولة العبرية وحليفتها الإستراتيجية وربيبتها المدللة) وتبنى خيار السلام الإستراتيجي مع الدولة العبرية العنصرية، دون أية خيارات أخرى، توجه الدولة العبرية صفعة من العيار الثقيل إلى خصمها تجعله يترنح من وقعها، فهو لم يفق بعد من صدمات وصفعات تلقاها منها، وكان آخرها قرار ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلى التراث العبري.

اليوم تقرر الدولة العبرية البدء بتنفيذ حملة تطهير عرقي ضد آلاف الفلسطينيين من المقيمين في الضفة الغربية المحتلة، تحت ذرائع متعددة أبرزها كونهم من أبناء قطاع غزة، أو أن إقامتهم غير قانونية.

الأمر العسكري باعتقال هؤلاء وسجنهم لعدة سنوات أو ترحيلهم، جاء من قائد قوات جيش الدولة العبرية، مستهدفاً أبناء قطاع غزة كخطوة أولى، قد تتبعها خطوات تمس عرب عام 1948 وأهل الضفة تحت حجج واهية تختلقها الدولة العبرية، عجز نظام الفصل العنصري السابق في جنوب أفريقيا أن يتفتق ذهنه عنها، فأبناء القطاع يقيمون في الضفة باعتبارهم جزءاً من فلسطين أولاً، ويخضعون لسلطة من المفترض أنها تمثل الفلسطينيين جميعاً تحت الاحتلال، وتتفاوض باسمهم مع الحكومة العبرية، من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة والقطاع، عاصمتها القدس جنبا إلى جنب مع الدولة العبرية بحسب ما جاء في خارطة الطريق الأمريكية التي تبنتها الإدارة الأمريكية السابقة وانتهت ولايتها ولم تقم تلك الدولة، والآن تتعهد الإدارة الأمريكية الجديدة بتنفيذ تلك الخارطة، وأعتقد جازماً – بما لا يدع مجالاً للشك عندي – أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تفعل شيئاً ملموساً على الأرض بالنسبة لما جاء في تلك الخارطة، التي هي ملهاة عبثية للعرب سيظلون يعيشون على حلمها حتى يقام الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى وَيُرحّل معظم الفلسطينيون من ديارهم إلى منافي جديدة داخلية وخارجية!!

العرب من جهتهم لا يألون جهداً في تدبيج المعلقات وبيانات الشجب والاستنكار والتنديد بخطوات الدولة العبرية، وما تقوم به من تغيير طبوغرافي وديموغرافي في الأرض المحتلة، وهذا كل ما هو مسموح لهم، وما يستطيعون فعله في ظل ضعفهم وهوانهم وخذلانهم وتفككهم وانشغالهم فيما بينهم من تناحر وتنابذ ومخاصمات، جعلتهم أمام عدوهم أوهن من (ذات النحيين)!!