تضليل صهيونيّ غربيّ
قَتْل المَدنيّين
د. محمد بسام يوسف*
كلمة حقٍ أُريد بها باطل!.. فاليهوديّ الذي يستوطن في فلسطين المحتلّة قدِم من وراء البحار، ليحتلّ بالقوّة أرضاً ليست أرضه، ثم ليهجّر إحدى الأسَر التي عمّر أجدادها تلك الأرض منذ آلاف السنين، ويستولي على البستان والمزرعة والدار، فيسكن فيها بعد اغتصابها من أصحابها، ثم يتزوّج امرأةً يهوديةً قادمةً مثله من وراء البحار، فتنجب له ذريّةً من الذكور والإناث، ويكبر هؤلاء ويتدرّبون على حمل السلاح، ويشكّلون مع أمثالهم من اليهود جيشاً صهيونياً يقوم على حمايتهم كلهم لاستمرار احتلالهم، بل يقوم بسحق أصحاب الأرض الأصليين وقتل أطفالهم ونسائهم وذراريهم، والذرّية اليهودية الأولى تتكاثر وتتناسل فيصبح لهم أبناء وبنات.. وهكذا!..
أصحاب الدار والأرض يقاومون هذا الاغتصاب، وينتقمون لأرضهم وعِرضهم.. فيقتلون مَن يستطيعون الوصول إليه من الغاصبين!.. الغرب بزعامة أميركة يقوم ولا يقعد: الفلسطينيون يقتلون المدنيين من الأطفال والنساء والرجال، فهم إرهابيون مجرمون!..
اليهود نساءً وأطفالاً ورجالاً يُقتَلون.. نعم، لكن أين؟!.. يُقتَلون داخل الدار التي اغتصبوها، وضمن حدود الأرض التي سرقوها، وفي المزرعة التي انتزعوها بالباطل من أصحابها.. والذين استقدموهم إلى هذه الأرض وتلك الديار التي ليست لهم.. هم الذين قتلوهم.. هم القتلة الحقيقيون!..
عندما تشتعل الحرب بين دولتين، تحرِّم ما تسمى بالشرعيّة الدولية قتل المدنيين من الطرفين، أما عندما تأتي قُطعان اليهود فتغتصِب أرضاً ووطناً، فالشرائع كلها تقول: ليس بين هؤلاء مدنيون وعسكريون.. فكلهم مغتصِبون محتلّون، وعلى الغاصب المحتلّ تدور الدوائر، ويجب أن تدور الدوائر!.. أما أن يُصنِّعوا كياناً يهودياً، ويقيموه على أرضٍ محتلَّةٍ ليست أرضهم ولا أرضاً لليهود، ثم يُطلقون على هذا الكيان اسم (دولة إسرائيل)، ويُحَرِّمون مقاومة قُطعانها البشرية المحتلّة بحجّة أنهم مدنيّون.. فهذا ذروة النفاق والظلم والخداع والاحتيال!..
نقول ذلك، ولا نرغب في إعادة سرد سلسلة الجرائم الفظيعة ضد المدنيين، التي ارتكبها الغرب وأميركة، وما يزالون يرتكبونها بحق العرب والمسلمين في العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان والصومال و.. وغيرها من البلدان المسلمة في هذا العالَم!.. أي أنّ الغرب وأميركة هم الجهة الوحيدة في هذا الكون، التي لا يحق لها بأية حالٍ من الأحوال، الحديث عن قتل المدنيين!..
الفرق كبير بين قتل المرأة اليهودية القادمة من وراء البحار إلى فلسطين، التي سكنت بيتاً مُغتَصَباً في إحدى روابي القدس أو حيفا أو يافا أو.. وبين قتل المرأة الفلسطينية صاحبة البيت المغتَصَب، وأهلها هم أصحاب القدس (أو حيفا أو يافا أو..) الحقيقيون!.. وهكذا الفرق.. بين الطفل اليهوديّ والطفل الفلسطينيّ، وبين الرجل اليهوديّ الصهيونيّ والرجل الفلسطينيّ!.. هو نفس الفرق بين اللص وصاحب الدار، وبين الباطل والحق، وبين الظالم والمظلوم.. فهل يستويان؟!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام