علمانيون من أجل تحرير فلسطين

د.محمد الأحمد ود.حمزة رستناوي

وجهتي نظر

د. حمزة رستناوي*

[email protected]

د.محمد عبد الله الأحمد – د.حمزة رستناوي

محمد عبد الله الأحمد "مداخلة أولى" :

يرفع الدينيون تقريباً وحدهم لواء المشروع المقاوم و كأن العلمانيين في عطلة أو في حالة فرض كفاية .. هذا الأمر تستغله إسرائيل و تقدم المقاومين كحالة ظلامية ضد نور هي جزء منه !!!

كنا نعلم أن الرستناوي أبرأ من هذا الاتهام و القصة ليست قصته وحده إلا أن المشكلة برأيي أعم و واجبة النقاش المجتمعي .. تحرشت بأدونيس نفسه في مرمريتا في مداخلة هرب منها عندما قلت له :

نحن لا نسمعك و لا نراك عند الملمات !

هل يقصر العلمانيون في إنتاج الفكر المقاوم ؟

أظن ذلك و هذه مشكلة واجبة التحليل لأن المنتصر يفرض أجندته … انتبهوا المنتصر يفرض أجندته .

*

حمزة رستناوي "مداخلة أولى"

لقد أثار الصديق الأحمد قضية مهمة

تتعلق بالمشروع المقاوم و علاقته بالعلمانيين و المتدينين

أود الوقوف عند نقطتين :

أولاً: لا يمكن فصل المشروع المقاوم ضد الاحتلال و التبعية عن حاضنته و مناخة الطبيعي و هو المشروع الوطني و مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة دولة المشاركة الشعبية الديمقراطية و المؤسسات و احترام حقوق الإنسان و التنمية البشرية ..الخ.

ثانيا ً: العلمانيين ليسو أشرار , و الإسلاميين ليسوا أخيار

أو العكس

فهذا تعميم شائع مناف للبرهان

و احتكار المقاومة الحيوية لمشاريع الاحتلال الخارجي لصالح الإسلاميين أو العلمانيين مناف للبرهان

فما يجمعنا كبشر و سوريين أهم بكثير من هذا التصنيف المضلل

فالعلمانية ليست بالضرورة معادية للدين و الإسلام؟

فالعلمانية فصل الدين عن السياسة بالطريقة المباشرة , لمنع إساءة استغلال الدين لأهداف سياسية

و هي ليست تجريد المجتمع و الأفراد من بعدهم العقائدي.

المشترك بين:

البعد العقائدي للفرد و المجتمع

و البعد السياسي للفرد و المجتمع

هو الحرية : كشرط لوجود الكائن

فالاستبداد يفسد الدين

و يفسد السياسة كذلك

ما ينقصنا و أنا ضمنا- هو القراءة النقدية الحيوية للخطابات و التعبيرات العقائدية و السياسية المهيمنة في مجتمعاتنا

قراءة نقدية جريئة علمية

قراءة متفهمة بدافع المحبة

هذا ما أحاوله

و لقد استفدت من نقوداتك المنشورة في موقع مدرسة دمشق للمنطق الحيوي و في موقع كلنا شركاء في هذا الشأن.

*

محمد عبد الله الأحمد" مداخلة ثانية "

كلامك يشبه كلام الشاعر أدونيس متحدثاً عن الكتف التي تحمل البندقية و أنها أهم من البندقية .. و على صحة هذا الطرح إلا أننا أمام البراهين (انتو بتحبو البرهنة) التالية :

1- تسعون بالمائة من المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلي الآن دينيون (حتى مقاومي الجولان يقودهم شيوخ العقل) و المقاومة ذات الصبغة اللا دينية في عزوف غريب و هي مشغولة بشكل مخيف في تقليع شوكها و التنظير المستقبلي في زمن أظن أن توازي المقاومة ضد الاحتلال و قضية الحرية أمران ضروريان .

2- الإسلاميون تحديداً ظهروا بمظهر الأكثر صدقية و إخلاص و انجاز على الارض ضد إسرائيل دوناً عن الجميع

طيب أليس هذه مقدمات ستفرز نتائجها على الارض و هذا الأمر يستأهل الوقوف عنده . أين اليسار المقاوم و القوميين

و العلمانيين … أنا أدعو لتأسيس (علمانيون من أجل تحرير فلسطين) عندها و إذا كانت الصورة كما نشتهي ثق عزيزي أن قوة المشروع العلماني ستأخذ شرعيتها الضرورية..

الأمم المأزومة بالاحتلال تشبه ( و أنت طبيب) الجسد الملتهب و لا عملية جراحية حتى يذهب الالتهاب و حتى النقاش في مستقبل الجسد و عافيته مطلوب و لكنه أيضاً سينشغل بارتفاع درجة الحرارة

تحية.

*

حمزة رستناوي "مداخلة ثانية"

لا يمكن فصل البندقية عن الكتف التي تحملها على كل حال

كلامك صحيح فأكثر من 90 % المقاومة ضد الاحتلال الاسرائلي ذات صبغة فئوية دينية

و في مراحل سابقة كانت هذه المقاومة ذات صبغة علمانية :منظمة التحرير الفلسطينية و بعض قوميين و ماركسيين, و قبلها – إذا توسعنا- المقاومة السياسية ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا فقد قادتها شخصيات و أحزاب مدنية مثلا ..الخ

و رغم أنها لم تحقق النجاحات التي عرفناها مع حزب الله مثلا , و رغم أنها لم تحرر أرض..و لكن ما يحسب لها هو أنها مقاومة قدمت الكثير من الشهداء و التضحيات.. و فشل مشروعها يجب أن يكون عرضة للمراجعة النقدية و ليس للشماتة –لا أقصد أنك منهم و لكن يوجد الكثيرين كذلك- و أمر سلبي للغاية أن تتحول نجاحات المقاومة ذات الصبغة الإسلامية المذهبية إلى عنصر اسقواء على بعضنا البعض , و عنصر تفاخر بما يزيد شردمتنا في المحيط الوطني و العربي.

و قضية نجاح المقاومات ذات الصبغة الدينية أمر لا يمكن عزله عن سياقات و ظروف نشأة و عمل هذه المقاومات

و سأضرب مثال العراق:

فعموم الحركات و الأحزاب الدينية “الطائفية” لم تلعب دور مقاوم بل لعبت دور متستّر و مشرعن للاحتلال الأمريكي, على النقيض من تجربة حزب الله في لبنان مثلا؟

عزيزي الدكتور الأحمد

حقيقة لستُ من أنصار تقسيم المقاومة أو المعارضات إلى إسلامية و علمانية

و الانحياز و تبني طرف دون آخر.

هناك مصالح حيوية تعرضها المقاومات ذات الصبغة الدينية علينا ألا نقلل من أهميتها, هي مكسب وطني و سياسي يُقدر لها .

و هذا يؤكد على حيوية البعد العقائدي للفرد و المجتمع و الصلاحيات التي يعرضها.

و إقصاء أو استبعاد هذا البعد يعرض لمصالح جوهرانية أحادية تجد مثلتها في العلمانوية الجوهرانية مثلا.

و لكن هذا البعد العقائدي للأفراد و الجماعات معرض لإساءة الاستخدام – ليس بالضرورة عن سوء نية- ما لم يتم إعادة صياغة و تقييم تجربة الحركات ذات الصبغة الإسلامية

من هذه المخاطر:

- الدخول في حروب أهلية على أسس طائفية

- احتكار مشروع المقاومة لصالح فئة من الوطن

العلاقة بين آلية التكفير التي يؤمن بها كم غير قليل من هذه الحركات و آلية التخوين . بحيث تصبح العلاقة جدا ملتبسة بين الكافر و الخائن –طبعا من منظور فقهي

مثال حركة شباب المجاهدين في الصومال, و طالبان أفغانستان, و بعض الظواهر في عزة مع حماس و تقيدها لحرية الرأي و التعبير.

ما أود التذكير به هو بحث عن فضاءات أكثر حيوية لمشاريع المقاومة

و ليس الاقتصاص أو الإساءة لأحد.

&

إن مصطلح علمانيون عرضة سؤ فهم عميق و مزمن

العلمانية كضرورة لمنع استغلال الدين لأهداف سياسية شخصية و فئوية ضيقة هي العلمانية الحيوية.

و سأقترح صيغة :

أنا أدعو لتأسيس “من أجل تحرير فلسطين” و تحقيق تنمية سياسية و اقتصادية و اجتماعية في بلداننا.

ليس علمانيون أو إسلاميون: بل سوريون عرب مسلمون..الخ بالمفهوم الحضاري الثقافي للسوريين و العرب و المسلمين. و ليس بالمفهوم الذي يختصر الهوية في الدين و القومية.

بهذا المعنى المسيحي العربي هو ينتمي للإسلام ثقافيا و حضاريا

الإسلام ليس كجوهر أحادي , و لكن كشكل و طريقة تشكل شرطه الحرية و الإبداع المتجدد

و التراث المسيحي الشرقي هو تراثنا و ليس بالغريب عنا شيء قريب من مفهوم انطون سعادة للوطن

و في النهاية أختم بعبارة مهمة جدا وردت في تعليقك:

أن توازي المقاومة ضد الاحتلال و قضية الحرية أمران ضروريان .”

عن موقع مدرسة دمشق للمنطق الحيوي و الحوار – بقليل من التصرف.

              

* شاعر وكاتب سوري