انتخابات "الأمانة العامة لإعلان دمشق"
انتخابات "الأمانة العامة لإعلان دمشق"
هزيمة تيار أم عقلية ؟
أحمد مولود الطيار
أفرزت نتائج الانتخابات التي جرت لاختيار أعضاء " الأمانة العامة لإعلان دمشق " والتي جرت بتاريخ 1/12/ 2007 هزيمة قاسية ، لاثنين من أبرز قادة حزب " الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي " وهو حزب ذي أيديولوجيا ناصرية ، معارض و محظور هما : الأستاذ " حسن عبد العظيم " الأمين الأول للحزب والناطق باسم " التجمع الوطني الديموقراطي " ، ائتلاف أحزاب قومية ويسارية ، ظهر الى العلن كطريق ثالث إبان أزمة الثمانينات التي عصفت بسوريا ، أما الثاني فهو الأستاذ المحامي " عبد المجيد منجونة " أمين سر الحزب والخطيب المفوّه والوزير السابق قبيل انسحاب الحزب في عام 1972 من جبهة النظام المسماة " الجبهة الوطنية التقدمية " .
تودّ الإشارة هنا أن " الأمانة العامة لإعلان دمشق " المنتخبة حديثا هي بمثابة السلطة التنفيذية أما " المجلس الوطني " والذي ذهب شرف رئاسته الى الأستاذة " فداء حوراني " هو بمثابة السلطة الرقابية والتشريعية أو البرلمان .
الدافع وراء هذا المقال ، ينبع من حرص وود لحزب معارض ، تحمّل ويتحمّل ، أكلافا باهظة في مقارعته لنظام الاستبداد ، وان كنّا على اختلاف مع الكثير مما ينهج ويخط ، لكن هذا لا يفتّ في شئ ، طالما أن للحزب دورا مهما في الحياة السياسية السورية المعارضة ، ورصيد واحترام كبيرين في أوساط شرائح مهمة من المجتمع السوري .
إذا ما الهدف من هذا المقال؟ وما الغاية التي نرومها من وراءه ؟
المراجعة .
أقصى ما تطمح إليه وجهة النظر هذه المعبّر عنها في الأسطر التالية .
هل سيناقش المكتب السياسي للحزب ، أسباب الإخفاق بكل تجرّد وموضوعية ويعلنها بكل شفافية لمحازبيه ومناصريه ؟
هل ستتململ قواعد وكوادر الحزب ، وتساءل قيادتها ، لماذا منينا بتلك النتيجة المخيبة ؟
هل سيتقدم " حسن عبد العظيم " باستقالته من أمانة الحزب ، مفسحا المجال لغيره ، معلنا وبكل شجاعة ، أنه فشل في قيادة الحزب ، كذلك تجديد خطه وفكره وضخ دماء جديدة فيه ، وذلك على جري العادة في كل الأحزاب الديموقراطية في العالم ؟
أم ، وعلى جري العادة أيضا عند كل عقل مستقيل :
- كان هناك مؤامرة لإزاحتنا عن " الأمانة العامة لإعلان دمشق " .
- لقد تمّ إقصاءنا لأننا المعبّر عن طموحات " الأمة " والأكثر حرصا على " ثوابتها " .
- تمّ تهميشنا لأننا " الشوكة في حلق كل المشاريع الصهيونية والأمريكية " ، كذلك ، " لأننا نساند المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان والصومال وأفغانستان وكل قوى التحرر في العالم " .
العقل المستقيل ، يرمي بكل هزائمه وانكساراته على الخارج . يستمرأ دور الضحيّة . يهوى تحليل المؤامرة – إن كان للمؤامرة من تحليل – فيخيّل ويزيّن إليه أنه القابض على الحقيقية . لا أظن أن حزب " الاتحاد الاشتراكي العربي الديموقراطي ، " يقبل دور الضحيّة ، وأحسب أن إضافة " الديموقراطي " الى اسم الحزب ليست ديكورا وركضا وراء " الموضة " فقط .
كيف سيتعامل الحزب مع هذا الحدث ودلالاته ؟ هل بردود الفعل وتدبير الحال ؟ أظنّه سيعمد الى إعمال النقد في تجربته السياسية برمتها ، سيعمد الى تخطيط بعيد المدى ، يستوعب الواقع في رؤية شمولية دينامية جدلية ، ذلك هو الفكر الاستراتيجي من حيث القدرة على التحليل والتركيب والرؤى البعيدة . إن الفكر المنفعل واللغة الحماسية أو الاكتئاب ، لا تقود الاّ الى التحجر والتصلب والوقوع أسرى دوائر ضيقة ، لن ينتج عنها الا هزائم متوالية .
المثل الشعبي يقول : " الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويه " ، نتمنى على " حزب الاتحاد " كما ينادى اختصارا وتحببا ، الإفادة من الدرس بايجابية ، واستخلاص العبر ، ولن يستطيع أحد الادّعاء أن ساقيه تسابق الريح . كلنا نحبو ، لأن سنوات الاستبداد المريرة أكسحت خطونا ، ولا بأس أن نعيد تأهيل أنفسنا جميعا ، وذلك لن يكون الا بضخ الدم الى برامجنا وأفكارنا وآلياتنا ، فالعالم مسرع جدا ، وكنّا بفعل الحصار والتهميش والقمع والتجويع ندور في دوائرنا الضيقة ، نتج عن ذلك عدم تعرضنا للشمس بما يكفي فهزلت أجسادنا وتلعثمت ألسنتا وتعثرت خطواتنا .
إن كنّا ننشد عالما أفضل بدون استبداد لنا ولأبنائنا من بعدنا ، وان كنا نتمثل الديموقراطية سلوكا حقيقيا يخترق بنانا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهترئة ، فلنقل : إننا نتعلم ولا زلنا نتلمس بداية الطريق.