اشتراكية النظام الأسدي
اشتراكية النظام الأسدي
د.خالد الأحمد *
كم هتف الطلاب في الصباح شعار حزب البعث العربي الاشتراكي ( وحدة ، حرية ، اشتراكية ) وكأن النظام الأسدي يهزأ بهذه الشعارات ويريد تدميرها والقضاء عليها ، كما ينوي إلغاء القيادة القومية حالياً ، ومعنى ذلك شطب ( الوحدة ) من قاموس الحزب ؛كي يرضى أسياده الصهاينة وأعداء الأمة العربية والإسلامية ...
فأين موقف النظام الأسدي من الوحدة ؟ وقد وقف مع الإيرانيين في حربهم ضد العراقيين ، والعراق محكوم يومها من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي ، ولمدة ثمان سنوات والنظام الأسدي يقف مع إيران ضد العراق ، ثم وقف مع الإمبريالية ( أمريكا وبريطانيا وكندا ...) ضد الجيش البعثي العراقي عام (1991) ، فأي وحدة هتف لها الطلاب عشرات السنين !!!؟
وأي حريـة وقد أنفق النظام الأسدي على السجون ووحدات الأمن التي قهرت الشعب السوري واللبناني ، أضعاف ما أنفقه على الصحة والتعليم ...
أما الاشتراكية فلنقرأ ما ورد في بيان التيار السوري الديمقراطي يحذر من انتفاضة المحرومين في سورية :
لم يعد سراً أن نصف الشعب السوري يقترب من عتبات الفقر وأن ربعه ( خمسة ملايين مواطن ) يعيشون تحت خط الفقر وبالتوازي مع هذا الانحدار المذهل في دخل المواطن العادي تواصل العائلة الأسدية وزبانيتها والمتكسبين باسمها سرقة المليارت وتحويلها إلى البنوك الأجنبية .
ويرافق هذا الانقسام الطبقي الحاد الذي لم تشهد له سورية مثيلا أيام الاقطاع ارتفاع فظيع في أسعار السلع الغذائية وغلاء فاحش لم تعرفه البلاد منذ مجاعة ( سفربرلك ) في الربع الأول من القرن الماضي.
لقد باعت الدولة مساحات شاسعة من الساحل السوري بأسعار رمزية لكبار ضباط الجيش والمخابرات لضمان ولائهم، وقام هؤلاء بدورهم ببيعها بالمليارات لمستثمرين خليجيين ولا شك أن هذه الفئة المحدودة المتكسبة بالسرقات والرشاوى واستغلال النفوذ هي المتمتعة وحدها بخيرات سورية في حين الغالبية العظمى تصارع الفقر لتوفير الأساسيات ولا تستطيع تأمينها...
وهذا من أهم أسباب الغلاء ، فهذه الطبقة التي تملك المليارات تستطيع أن تشتري بالسعر الذي يطلبه البائع ، وبالتالي ترتفع الأسعار، وتزداد شريحة الفقـر اتساعاً بين الشعب المسكين الذي بات يكدح بذهنه وبدنـه وبكل ما أوتي من أجل تأمين لقمـة الخبـز لأسرته الجائعة ...
ويقول أحمد الأشقر معاون رئيس هيئة تخطيط الدولة ـ كما نشر في أخبار الشرق ـ يؤكد، أن المجتمع السوري يعاني من عدد من المشكلات تتمثل في ارتفاع نسبة الفقراء والفئات المحرومة إضافة إلى البطالة المرتفعة ومن تدني مستوى الخدمات الاجتماعية والخلل الواضح في توزيع الموارد جغرافيا.
كما يقول معاون وزير التخطيط السوري السابق والمحلل الاقتصادي والسياسي حميد مرعي : إن ما نعلمه جميعاً أن البطالة في سوريا مرتفعة جداً وهي بازدياد خاصة بين خريجي الجامعات، كما نعرف أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن نسبة من هم تحت خط الفقر في سوريا قد تجاوزت ثلث عدد السكان"، وأضاف مرعي "نلاحظ أيضاً أن الطبقة الوسطى في سوريا تكاد تنقرض، في حين تشكل الأكثرية في الشعب السوري قبل النظام الأسدي ، إذ كان معظم الموظفين ينتمون للطبقة الوسطى ، وكذلك الأطباء والمهندسون والصيادلة ، وصغار الكسبة، وملاكي الأرض ، كما أن الثروات تركزت في يد فئة صغيرة جداً من السوريين فيما النسبة الكبرى التي تتجاوز 98% يعيشون في ظروف متعثرة". وعن توجهات الاقتصاد السوري قال "هناك تركيز واهتمام كبير جداً في قطاع الخدمات فقط كالفنادق والمطاعم والمحال التجارية، ولا نجد اهتماماً يُذكر في الصناعة أو الزراعة، ولم نسمع في السنوات الأخيرة عن منشأة أو معمل أو مصنع كبير للقطاع الخاص أو العام قدّم جديداً للاقتصاد السوري، ومعظم المصانع التي أنشئت هي معامل عائلية أو شبه عائلية لا تخدم الاقتصاد السوري بالمعنى الحقيقي"، ونفى أن تستطيع سوريا تحقيق أي تطور وإصلاح اقتصادي دون أن تخطو خطوات حقيقية في مجال الإصلاح السياسي.
قد يعتقد البعض بأن تفشي ظاهرة الفقر وازدياد عدد العاطلين عن العمل في سوريا، ناتج عن قلة خيرات وثروات سوريا، ولكن سوريا فيها من الخيرات والثروات ما يجعل الشعب السوري يعيش حياة كريمة، سوريا غنية بشعبها المعطاء، سوريا تملك ثروة نفطية جيدة، سوريا تملك مخزون من الغاز، سوريا بلد زراعي، وسوريا فيها صناعة وطنية من الدرجة الأولى، تستوردها أوربا الشرقية بالذات ، ورغم ذلك يعيش ثلث سكان سوريا تحت مستوى خط الفقر. بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة، وبسبب سرقة خيرات وثروات الشعب السوري من حفنة صغيرة من أركان النظام، ولا يخفى على أحد الثروات الطائلة التي يملكها آل الأسد ومن يدور في فلكهم.
أمام هذا الواقع الاقتصادي المتردي، وزياد ظاهرة الفقر والبطالة، وزيادة نسبة الفاسدين من النظام واتباعه، وحصر معظم مفاصل الحياة الاقتصادية بيد حفنة منهم، سيجعل من هذه الظواهر نقمة على نظام دكتاتوري فاسد، وسوف يعجل بنهاية هذا النظام.
هذه اشتراكية النظام الأسدي ، وتلك وحدته ، وحريته ، التي هتف الطلاب لها عشرات السنين ، ولابد من القول أن حزب البعث وشعاراته بريئـة من النظام الأسـدي ، ولابد للبعثيين الشرفاء أن يثبتـوا للشعب السوري أنهم هتفوا للحرية ، وسيكافحون من أجلها ، وهتفوا للوحدة وسيكافحون من اجل تحقيقها ، وأقل ذلك التعاون مع العرب ، وليس مع إيران ، وتفضيل الدول العربية الشقيقة على النظام الإيراني ...
والبعثيون اليوم يتحرقون ألماً على ما فعله النظام الأسدي الذي باع سوريا أرضاً وسماء للحرس الثوري الإيراني، كما باع اقتصاد سوريا للشركات الإيرانية ....
وإن للبعثين ثورة ضد هذا النظام الأسدي ، لابد أن تقوم ، وعسى أن تكون قربية ....
* كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية