النظام الأسدي باع أولاده

النظام الأسدي باع أولاده !!؟

د.خالد الأحمد *

بحسب كتاب الصراع العربي الإسرائيلي للأخ محمد عبد الغني النواوي فإن النظام الأسدي قتل من الفلسطينيين أضعاف ماقتله الصهاينة ، ومن لايصدق يقرأ بأي صحيفة للعام (1976م) عندما دخل الجيش السوري لبنان بموافقة أمريكية صهيونية ، ومن نتائج دخوله لبنان كسر شوكة المقاومة الفلسطينية ، مما ساعد على ترحيلها من لبنان ـ وهذا ماتحلم به إسرائيل ـ حققه لها النظام الأسدي ، وهذه محنـة إنسانية ارتكبت بسبب تعسف المخابرات الأسدية ضد أحد الأخوة الفلسطينيين .

محمود الناموسي مواطن فلسطيني خسر موطنه يوم ولد عام 1948، وطاف من بلد إلى آخر حتى استقرّ في بيروت حيث رزق طفلين. عام 1982، قبضت عليه المخابرات السورية وسجنته (16) عاماً بدون محاكمة في مكان معزول عن العالم... وخلال عزلته أضاع محمود أغلى ما بقي له ولديه : إيهاب وهيفاء...

 وأفرج السوريون عنه عام 2002 بعدما اعتقلوه عام 1986 بسبب خلافات فلسطينية ـ سورية، إذ كان محمود ينتمي الى حركة «فتح». وقال إنه كلّف أصدقاء من عائلة بيروتية معروفة العناية بطفليه (وهما من مواليد 1975 و1976) خلال فترة غيابه وذلك عندما سافر إلى قبرص مع أفواج المقاومة الفلسطينية إبان الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982، وفي عام1986 عندما عاد إلى لبنان عن طريق سوريا، اعتقلته السلطات الأمنية السورية وسجن (16) عاماً دون أن يعرف عنه أحد شيئاً طوال تلك الفترة. فأصدقاؤه وزملاؤه في «فتح» اعتبروه ميتاً، بينما اعتقدت زوجته السابقة المطلقة اللبنانية أنه مع الطفلين في أحد بلدان اللجوء، ولم تكتشف حقيقة الأمر إلا عام 2002 عندما أطلق سراحه.  وعرف أن الأسرة البيروتية التي ترك ولديه عندها «رحّلت الولدين بجوازين مزوّرين الى دولة خليجية وسلّمتهما إلى عائلة ثرية لقاء مبلغ من المال» ( عرف منه مائة ألف دولار سحبت من مصرف غربي في بيروت ) . وتم ذلك بإشراف المخابرات السورية ، ودفع مبلغ ال( مائة ألف دولار ) عمولـة استلمتها السيدة ( سامية ) التي ترك الطفلين عندها ...

كيف علم محمود بالأمر؟

كان محمود معتقلاً في سجن في ريف دمشق، معزولاً عن العاصمة السورية وعن أي اتصال بالخارج. خلال (16) عاماً ممّا يشبه الحياة في ظلام سجن يتخلّله التعذيب الجسدي والنفسي، كان محمود قلقاً على مصير ولديه. وقال إن الصمت كان وسيلة التعذيب الأكثر إيلاماً التي تعرّض لها في سنوات سجنه. عاماً بعد عام في غياهب السجن لم يزره أحد، وخلال عشر سنين «زرب» في زنزانة إفرادية ضيّقة، مساحتها لم تسمح له حتى بالتمدّد.

بعد الإفراج عن محمود عام 2002 ، ورمتـه المخابرات السورية في البقاع (منطقة الصويري)، بدأ رحلة البحث عن ولديه، فزار منزله القديم المهجور. وفي مطلع 2003 جمعته الصدفة في زحلة بشخص يدعى ربيع، هو أحد أقارب العائلة البيروتية التي كان قد كلّفها العناية بطفليه في غيابه. وروى له ربيع أن ولديه بخير وأنهما موجودان في أحد البلدان الخليجية (وسمّاه له). فطلب محمود لقاء سامية، وهي السيدة البيروتية التي قال إنّها سفّرت الولدين الى الخليج. وتمّ اللقاء بعد أسبوع. ويقول محمود إن سامية روت له أنها كانت تعتقد أنه توفي لعدم توافر أي اتصال به،( وهذا مصير سبعة عشر ألفاً من المواطنين السوريين وغير السوريين الذين تعتقلهم المخابرات الأسدية )، فبحثت سامية عن مكان أو جهة تحضن الولدين، وساعدتها في هذه المهمّة شقيقتها ثريا. وبحسب محمود، كانت ثريا تعمل لحساب عائلة خليجية ثرية. فتمّ ترتيب تبنّي تلك العائلة إيهاب وهيفاء عام 1982 وسفّرا إلى الخليج «بجوازين مزوّرين». وغيّرت العائلة الخليجية اسمَي الولدين من إيهاب وهيفاء الى محمد ومنى. وطلب محمود الاتصال بطفليه اللذين يبلغان اليوم 31 و32 سنة ووعدته سامية بأنها ستزوّده في غضون شهر بعنوانهما وطريقة الاتصال بهما.

مرّ شهر ولم تفِ سامية بوعدها، فذهب الأب الباحث عن ولديه الى سفارة إحدى الدول الخليجية وطلب مقابلة السفير، وقدّم له مستندات تثبت أنه والد الطفلين. وخلال ستة أشهر بقي على اتصال بالسفارة التي عرضت عليه في نهاية الأمر «مبلغاً من المال قدره (50 ) ألف دولار أميركي لقاء وقفه البحث عن ولديه». وقال محمود إن السفير «حاول بمساعدة معاونيه إقناعي بأن أنسى الأمر بحجّة أن ولديّ بخير وهما يعيشان حياة رفاهية ومقتنعان بأن والدهما توفي منذ سنين» وأن لقاءهما به سيؤثّر سلباً عليهما.

كل ما يريده محمود هو لقاء ولديه: إيهاب وهيفاء، اللذين لم يرهما منذ 25 عاماً... ألا يحقّ له ذلك ؟

هذه واحدة من جرائم النظام الأسدي ضد الفلسطينيين ، ومع ذلك يدعي النظام الأسدي أنه نظام المقاومة والممانعة وأنه النظام العربي الوحيد الذي يناصر الفلسطينيين ...ويصدق الشارع العربي ذلك ؛ لأن العرب لايقرأون ، وكنا نظن أن تسمعهم الفضائيات ، ومع أنها ساهمت في رفع الوعي السياسي للعرب ، ولكن مازال الشارع العربي يصدق أكاذيب النظام لأسدي بأنه نظام الممانعة الوحيد ....

               

    * كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية