لماذا تسابق "السلفيون" لتقبيل "البيـــــادة"؟!

محمد عبد الشافي القوصي

لماذا تسابق "السلفيون" لتقبيل "البيـــــادة"؟!

محمد عبد الشافي القوصي

[email protected]

مازال كثير من القرويين و"الطيِّبين" يتساءلون بحسرة: لماذا هرول (السلفيون) إلى تقبيل بيادة العسكر في زلزال 30 حزيران الشهير؟!

  لماذا تسابق غلمان الوهابية –وفي رواية صحَّحها الألباني: أوغاد الوهابية- إلى تقبيل أحذية العسكر، ومنحهم المشروعية، ونفض الغربة عن وجودهم في حلبة السياسة؟!

 لماذا خذلوا إخوانهم من الرضاعة، وتخلُّوا عنهم في أشدّ الأوقات العصيبة ... مع أنَّ (لإخوان) رضي الله عنهم- قرَّبوهم، وسلَّموهم شأن الدعوة (وزارة الأوقاف بأجهزهتها) كيّ تصبح مصر قِبلةً للتكفيريين، وملجأً للمجرمين، ومرتعاً للقاعدة، وواحةً لبوكو حرام، ووكراً للدواعش، وغيرهم من تلامذة إبليس؟!

نعم! لماذا تركوا أحبابهم يواجهون المصير المجهول، والقدر المحتوم .. مع أنَّهم في الفقه البدوي متفقان، وفي قلَّة الأدب شريكان، وفي المكر والخداع ضليعان .. فبأيّ آلاء ربهما يكذّبان؟

الحقّ أقول: إنَّ الإجابة عن هذا التساؤل قد تطول وتطول .. بلْ تحتاج إلى نظرة الكواكبي، وعزيمة الأفغاني، وبصيرة محمد عبده، وشفافية الغزالي، وفراسة فريد وجدي، وثقافة العقَّاد!

  لكن؛ لا يجهل الاجابة عن هذا السؤال؛ إلاَّ من هو جاهل بحقيقة (الدعوة السلفية) وتاريخها، وأبواقها، ومموِّليها، ومقاصدها الدنيئة!

يكفي في هذا الصدد؛ أنْ أحيلكم إلى "الفصل الأول" من الكتاب الذي صدرتْ ترجمته العربية -مؤخراً- عن المركز القومى للترجمة بالقاهرة؛ للكاتب الصحفى والمستشار «مارك كورتيس» بعنوان: «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» وهو ترجمة للوثائق الرسمية البريطانية التى رفعت عنها السرية، خاصة وثائق الخارجية والمخابرات، إذْ يفضح تآمر الحكومة البريطانية مع المتطرفين والإرهابيين، فى أفغانستان، وإيران، والعراق، وليبيا، والبلقان، وسوريا، ومصر، وذلك لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

  وكيف اتفق (ابن عبد الوهاب) مع أجهزة المخابرات البريطانية على نشر التطرف الديني، وتحويل المسلمين إلى جماعات متناحرة، وتفتيت وحدة العرب والمسلمين!

*   *   *

  من جانب آخر؛ معروف أن (الدعوة السلفية) قائمة على التحالف مع أجهزة الاستخبارات العالمية، والتعاون من الأنظمة المستبدة، ومساندة الأنظمة الدموية والفاشية!

  فمثلاً؛ بينما كان الأساتذة الكبار (محمد الغزالي، والقرضاوي، ومحمد عمارة) يتصدّون لنظامٍ شمولي مستبد (نظام السادات- مبارك) بمقالاتهم وكتبهم النارية، كان (السلفيون) يهاجمونهم بوقاحة شديدة ... وذلك بأوامر من (كلاب أمن الدولة) كما اعترف بذلك صاحب كتاب "صرخة سلفي تائب"، وغيره من أوغاد السلفية!

 

  لذا؛ لا تعجب إذا رأيتَ (السلفيين) يُحرِّمون الخروج على الحكّام الطغاة، والجبابرة المستبدين، أوْ حتى مجرد تقريعهم بالكلمات!

بلْ إنهم يُرغِّبون في الركون إلى الأنظمة الجائرة، ولازالوا ينافحون عن طغاة بني أمية؛ بزعم أنهم أسلافنا، وأنهم .. وأنهم ... وقد اجتهد أحد قادتهم في تبرير جرائم يزيد بن معاوية، فقال: "حتى لا نقع في خطأ؛ فإننا نقول: إنَّ سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين"!!

بهذا المنطق الفاسد، وبهذه العقلية الساذجة؛ يقود "السلفيون" دفة الأمور، ويتصدرون المشهد، وينصبِّون أنفسهم دعاة وعلماء ومفكرين!!

 

  بلْ استمع إلى هذه الفتوى "السلفية" الجبانة المضلِّلة التي تلبِس الحق بالباطل، وتحرِّف الكَلِمَ عن مواضعه، بعنوان: هل تجوز منازعة الإمام الجائر؟ جاءت فيها هذه الكلمات:

   "ذهبت طائفة من المعتزلة، وعامة الخوارج إلى منازعة الإمام الجائر، وأمّا أهل الحق –وهم أهل السنَّة والأثر– فقالوا: الصبر على طاعة الجائر أولى، والأصول تشهد أن أعظم المكروهيْن أولى بالترك. وأحاديث مسلم كلها حجة على ذلك كقولهe "أطعهم وإنْ أخذوا مالك، وضربوا ظهرك"! وحديث أبي داود عظيم الموقع في هذا الباب، قال رسول اللهe: "يطلبون منكم ما لا يجب عليكم، فإذا سألوكم ذلك، فأعطوهم ولا تسبوهم". أيْ ندفع لهم ما طلبوا من الظلم، ولا ننازعهم، ونكف ألسنتنا عنهم. وقال ابن العربي: السلطان نائب رسول اللهe يجب له ما يجب لرسول الله من التعظيم والحرمة والطاعة!. ويزيد على النبيّ e لا بحرمة زائدة، لكن لعلّةٍ حادثة بأوجه، منها الصبر على أذاه ويُدعَى له عند فساده بالصلاح.

 

   الحـقّ أقـــول: إنَّ الجُبن وحب الحياة ومهادنة الضلال تقطر من كلمات هذه الفتوى، وما تُربِّي إلاَّ أذناباً للحاكمين، وحواشي للمستبدِّين .. وهي تصوِّر الفكر السائد عند دعاة السلفية!

وهو الفكر الذي حاربه زعماء الإصلاح وأئمة العلم، وبيَّنوا بعده السحيق عن دين الله.

وما أدري كيف يكتب هذه الكلمات من يعرف أنَّ الدِّين النصيحة، ومقاومة المنكر!

وأنَّ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر!

وأنَّ الأُمة إذا هابت أن تقول للظالم يا ظالم؛ فقد ماتت موتاً مادياً وأدبياً.

*   *   *

لذلك؛ لا تعجب عندما كان (الإخوان) يساقون إلى غياهب السجون –قبل ثورة 25يناير- بينما كان السلفيون يلهون ويرتعون مع أقطاب الحزب الحاكم!

  كان (السلفيون) يدعون إلى المآدب والحفلات! بينما كان (الإخوان) يستدعون إلى محاكم الجنايات!

كان (السلفيون) ترخَّص لهم الصحف والفضائيات، بينما كان (الإخوان) يُحرمون من حق الردّ المكفول عرفاً وقانوناً !

كان (السلفيون) تفتَّح لهم صالات كبار الزوَّار، بينما كان (الإخوان) يلقى القبض عليهم، ويُضيّق عليهم في الطرقات!

كان (السلفيون) تأتيهم الأموال الطائلة من نجد، وتتنزَّل الموائد على حوارييهم، بينما كان (الإخوان) تصادر أموالهم، بلْ ويبيعون متاعهم ومنازلهم!

كان (السلفيون) تغازلهم السلطة، وتعدهم بجناتٍ النعيم، بينما كان (الإخوان) تتوعدهم السلطة، وتجهِّز لهم سجوناً وزنازين مظلمة!

  الخلاصــــة؛ أنَّ ما قام به أوغاد السلفية في 30 حزيران الشهير؛ هو ذلك الدور المنوط بهم أداءه عبر العصور، وبتكليف من أسيادهم، وهذه هي طبائعهم اللئيمة، ودعوتهم الخبيثة، وثقافتهم المشينة ... وقد صفعناهم بالأحذية والنعال في كتابنا "مهزلة العقل السلفي"!