غلق مسجد الفتح.. الرمز والدلالة

غلق مسجد الفتح.. الرمز والدلالة

محمود القاعود

[email protected]

لم يكن مشهد ظهور تواضروس الثاني بطريرك النصاري الأرثوذكس ليتلو بيان عزل الرئيس المسلم محمد مرسي ، اعتباطيا .. كان الثالث من يوليو 2013م إيذانا بإعلان حرب صليبية تترية بكل ما تحمله العبارة من معان وملابسات .. كان المشهد يبدو حصادا لأكثر من أربعين سنة ظل خلالها شنودة الثالث البطريرك الراحل يحارب الإسلام بكل ما أوتى من قوة .. ها هو ابنه وتلميذه تواضروس الثاني يعلن عزل الحاكم المسلم .. وأول رئيس منتخب فى تاريخ مصر منذ آلاف السنوات ..

عانق الخيال الواقع .. حلم "الدولة القبطية" صار جاهزا الآن ! ميليشيات الانقلاب أغلقت الفضائيات والصحف الإسلامية .. وأعملت القتل والترويع والاعتقال ضد كل من يرفض هذا الانقلاب "الصليبي" .. ضد كل من يرفض دخول مصر عصر "حُكم البابا " .. استهداف تام لكل ما هو إسلامي .. السماح بالتنصير فى كل مكان .. إقامة مجازر عديدة ضد المسلمين كان أعنفها وأبشعها  "الحرس الجمهوري"  و " رابعة العدوية" و "النهضة" و" رمسيس" .. مجزرة تلو مجزرة .. حرق من يعارضون الانقلاب الصليبي أحياء .. اقتحام المساجد وتدنيسها وحرقها .. لا خطوط حمراء لدي هؤلاء .. هى ذات عقلية الصرب الأرثوذكس فى التعامل مع المسلمين فى يوغسلافيا وكوسوفا والبوسنة والهرسك .. هى ذات عقلية الأرثوذكس فى التعامل مع المسلمين فى الحبشة (إثيوبيا) ..

وفى إطار هذه الحرب الصليبية المعلنة التى يدعمها الغرب والشرق .. كان لابد لعسكر الانقلاب أن يقدموا على فعل كل ما يجعلهم ينالون بركة  "البطريرك" الذى يُحرك رعاياه فى أمريكا للتظاهر وتأييد الانقلاب ومخاطبة أعضاء الكونجرس الأمريكي للضغط على الحكومة الأمريكية لتقدم مزيدا من الدعم للعسكر الذين انقلبوا وخانوا ..

يأتى فى هذا السياق ما فعله العسكر من فض تظاهرة حاشدة انطلقت من أمام مسجد الفتح بميدان رمسيس .. فى الجمعة التالية للفض الإجرامي النازي لميدان رابعة العدوية والنهضة 14 أغسطس 2013م .. أقام العسكر مجزرة للمتظاهرين فى ميدان رمسيس.. ثم حاصروا الذين لاذوا بالفرار واعتصموا ببيت الله .. مسجد الفتح ..  فى صباح السبت 17 أغسطس بدأ دك المسجد بالرصاص الحي والجرينوف وقنابل الغاز .. واعتقال وسحل كل من اعتصموا بالمسجد من الشيوخ والنساء والأطفال والشباب والإعلاميين .. وبعدها بساعات أصدروا فرمانا بإغلاق المسجد الذى لا زال مغلقا حتى كتابة حتى هذه السطور فى سبتمبر 2014 .. أى منذ أكثر من عام !

منذ أكثر من عام .. ومسجد الفتح مغلق .. يفترش أمامه باعة الملابس والأحذية والمنشطات الجنسية ولعب الأطفال .. ويُقيم حوله الشبيحة والبلطجية الذين يتربصون بأية تظاهرة قد تخرج على حين غفلة .. فهؤلاء فى عرف الانقلاب " مواطنون شرفاء" !

على بعد عشرات الأمتار من مسجد الفتح  برمسيس .. تقع الكاتدرائية المرقصية بالعباسية .. التى تعد إحدي القلاع العسكرية التى لا يجرؤ العسكر أن يهمس بجوارها ..

فى عام 2004 .. اندلعت أزمة وفاء قسطنطين المسيحية التى أشهرت إسلامها .. حشدت الكنيسة أتباعها وطالبوا امريكا بالتدخل .. وهتفوا لشارون رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق " بالروح بالدم نفديك يا شارون" وأطلقوا الرصاص والخرطوش ضد الشرطة  "الشجاعة.. الباسلة" ..!  ومع ذلك لم تقتحم الشرطة الكاتدرائية .. ولم تصدر قرارا بتشميعها ! إنما قاموا بخطف وفاء قسطنطين وسلموها لشنودة !

الكاتدرائية تقرع أجراسها فى كل وقت .. ومسجد الفتح مغلق بأمر تواضروس .. الذى لا يُريد للقاهرة إلا أن تسمع صوت الأجراس .. وعسكر الانقلاب يستدعون الآن نموذج مسجد "آيا صوفيا" الشهير بتركيا .. الذى حوّله المجرم مصطفي كمال أتاتورك إلى متحف عام 1934م ..

إن دلالة غلق مسجد الفتح برمسيس .. توضح بجلاء .. أن ما حدث فى 3 يوليو لا يعدو كونه حرب صليبية إجرامية تستهدف الإسلام والمسلمين.