وانكشفت اللعبة ودخلت الجيوش الإيرانية للعراق بشكل رسمي!!

محمود أحمد الأحوازي

وانكشفت اللعبة

ودخلت الجيوش الإيرانية للعراق بشكل رسمي!!

محمود أحمد الأحوازي

[email protected]

بعد كل الألاعيب الإيرانية في المنطقة العربية، وبعد كل ما انكشف عن التعاون الغربي مع السلطة الفارسية في ايران على حساب توسعها في العالم العربي، مازال البعض يحلل السياسة الإيرانية تجاه الغرب وردة الفعل الغربية تجاهها أو بالعكس من ذلك يقوم بتحليل السياسة الغربية تجاه ايران وردات فعل ايران تجاهها، دون أن يتفهم هؤلاء( الإستراتيجين) أن العلاقة الإيرانية-الغربية صداقة كانت أو عداء، هي متطابقة الأهداف تماما في المنطقة العربية وإذا اختلفوا أحيانا، هو حول كيفية تقاسم المنافع والمصالح على حساب الأمن والإستقرار والثروة العربية، وهذا الأمر اليوم اصبح مكشوف اكثر من أي وقت مضى خصوصا بعد ما اضطر الطرفان لإعلان ذلك التطابق عمليا في عراق اليوم"ولا نعود لتعاون ايرن مع الغرب في احتلال افغانستان والعراق"، التطابق الذي سمح لدخول قوات الحرس الثوري الإيراني الى شمال العراق بشكل علني و رسمي غربي ومن مجلس الأمن الدولي و بسكوت عربي مريب من الجهات الرسمية ومن الجامعة العربية.

الغريب في الأمر أن الدول العربية وهي المتضرر الأول من مهادنة الغرب للسياسة الإيرانية في المنطقة العربية، ومع معرفتهم بهذا الخطر، مازالوا لم يغيروا في سياساتهم تجاه ايران ولا تجاه الدول الغربية التي وفرت دائما الغطاء للتدخل الإيراني مثل ما توفر اليوم له التدخل العسكري في العراق بحجة خطر داعش، ومازالوا القادة العرب لم يبنوا استراتيجية عربية تناسب الخطر الذي يهدد استقرار دولهم وهذه اشكالية للأسف عمرها عشرات السنين ولم نرى حتى في الأيام الأخيرة التي تأزمت فيها الأوضاع العربية بشكل دراماتيكي وأدخلت ايران حرسها بشكل رسمي ومعلن وبتوافق مع الدول الكبرى اراضي دولة عربية هي عضو في الجامعة العربية، لم نرى ردة فعل عربية تجاه هذا التدخل العسكري الخطير لإيران، وللاسف، اصبحت الدول العربية بمشاركتها غير المشروطة بعدم تدخل ايران عسكريا في العراق، بمثابة ضوء تعاون من نظر الإيرانيين، خصوصا والدول العربية تعرف أن إيران سياستها التوسعية حلم يراودها دائما وهي تستغل أي فرصة للوصول له حتى في الدول العربية التي تعتبر صديقة وحليفة لها مثل ما حصل في السودان وقبل يومين يطرد عدد من ملحقين سفارتها هناك،  والجميع يعرف أن إحتلال للعراق عسكريا بعد احتلالها السياسي له لمدة 13 عام، ليس التجربة الأولى لإيران بل وسبق لإيران واحتلت عسكريا الأحواز والجزر العربية الإماراتية الثلاث وضمتها لإيران دون رجعة، كما وسبق لها بعد احتلالها للفاو في الحرب العراقية الإيرانية، واعلنت الفاو محافظة ايرانية وجزء لا يتجزأ من ايران بعد ثلاثة أيام فقط من احتلاله ولو لم يتمكن الجيش العراقي من استعادتها لكانت اليوم خنجر في خاصرة المملكة العربية السعودية والكويت!!

للتذكير، سبق وذكرنا ومنذ اليوم الأول لدخول داعش مدينة الموصل، ذكرنا تحليليا أن دخول داعش الموصل هي متطابقة مع مصلحة المالكي لقمع ثورة الشعب العراقي في الشمال والغرب العراقيين بحجة وجود داعش الإرهابية هناك خصوصا وأن جيش المالكي هو الذي سمح لدخول داعش بعد ترك قادته الميدان والإنتقال الى بغداد بأوامر من قيادة الجيش والمالكي، لكن بعد ما استثمر الثوار العراقيين فرصة دخول داعش بشكل ذكي وطهروا محافظاتهم من جيش المليشيات التابع للمالكي، تغيرت السياسة الإيرانية تجاه داعش التي تطابقت مصالحها مع منافع المعارضة العراقية في المحافظات السنية، كما وتغيرت ايضا سياسة داعش تجاه ايران بعد ما تأكدت أن لديها حاضنة كبيرة ومؤثرة في شمال والغرب العراق بسبب سياسة القمع التي اتخذها المالكي ضد السنة هناك وبعد حصولها على اسلحة متوسطة وثقيلة امريكية متطورة ودبابات وعربات وناقلات متنوعة وخصوصا بعد انضمام بعض من القيادات العسكرية العراقية و خبراء حروب عراقيين لها من الذين طردوا من الجيش و كانوا مطاردين من قبل مليشيات المالكي وايران، بالإضافة إلى انها سيطرت على مراكز اقتصادية نفطية وغازية مهمة في العراق وسوريا تؤهلها لقيام دولتها الإرهابية.

وما يجب الإلتفات له اليوم في هذا التحرك الدولي المتأخر ضد داعش والذي بالتأكيد سيكون على حساب الثورة العراقية والشعب العراقي وعلى حساب المصالح العربية عموما، مع ضرورة مواجهة الإرهاب والتطرف وخصوصا داعش من قبل المجتمع العربي، لكن ما يجب الإلتفات له خصوصا من الدول العربية المهددة من قبل ايران، هو دخول الحرس الثوري الإيراني بشكل رسمي وضمن وحدات عسكرية منظمة تابعة للحرس الثوري لأول مرة بعد انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية، الأمر الذي ينذر بخطر كبير تحول من التهديد للفعل للدول العربية، ودخول الحرس إلى العراق برضا وتوافق دولي يمكن أن يحصل مستقبلا في الجنوب العراقي ايضا مادامت ايران هي التي تخطط وتنفذ كيف تدخل هنا وكيف تتدخل هناك دون رادع دولي، وليس صعب على ايران ان تؤسس داعش ثانية في جنوب العراق حتى تدخل قواتها الجنوب، وسيكون هذا التدخل إن حصل ايضا بحماية دولية ماطول داعش والتشدد الإسلامي أخذا مكان الخطر الشيوعي السابق ومازال هذا الخطر يمكن صناعته في أي لحظة، ولا أحد يسئل اليوم، وماذا عن القاعدة التي تأسست داعش على ايديولوجيتها؟ وهي مازالت موجودة في سورية واليمن ومالي ونيجريا والجزائر والصومال و...؟

و نوجه سئوالا للمحللين السياسيين الذين تغطي تحاليلهم ومقالاتهم صفحات متعددة من الصحافة ومراكز الدراسات المختلفة في العالم العربي وخصوصا الخليجي، لماذا لا يتحدثوا عن خطر دخول الجيوش الإيرانية للعراق؟ هل يتصورون أن محاولات المملكة العربية السعودية لإعادة المصالحة لدول الخليج العربي أخيرا لدفع خطرداعش كافية لمنع ايران من التوسع في المنطقة؟وهل عارضت الدول العربية دخول الحرس الإيراني للعراق وهل اشترطت تعاونها بعدم السماح لدخول الجيوش الإيرانية للعراق بحجة داعش؟ هل الكتاب العرب لم يتمكنوا من حل الطلسم السياسة الإيرانية وفهم إستراتيجيتها التي اصبحت مكشوفة من زمان وانتقلت اليوم الى الفعل الرسمي وبغطاء دولي؟، أم انهم لا يريدون ان يخرجوا عن المألوف الرسمي العربي؟ أو يمكن أنهم لا يريدوا أن يرعبوا الشعب العربي في الخليج و يفسدوا عليه الحياة المرفهة هناك؟ وماذا سيكتبون بعد سنة أو أثنين عندما يستقر الحرس الإيراني على الحدود مع الكويت أو مع المملكة العربية السعودية؟ أو بعد عبور القوات الإيرانية الخليج العربي باتجاه البحرين، او حتى عمان التي لا تبعد إلا عدة مئات من الأمتار أو قطر مع العلاقة الطيبة بظاهرها معهم؟ الم يعلن البطاط قائد مليشيا عصائب الحق الإيرانية في العراق تهديده لزحف مليوني من جنوب العراق لما اسماه تحرير بيت الله الحرام؟

كما ونوجه تحذيرنا من الخطر الإيراني لدول الخليج العربي الشقيقة مرة اخرى، التحذير الذي كررناه كثيرا وخصوصا للأشقاء في المملكة العربية السعودية التي اصبحت القوات الإيرانية تحيط بها على الجانب اليمني والعراقي ومن البحر الأحمر، ونأمل ان لا يفوتوا الفرصة الباقية لمنع انتقال التهديد الإيراني الى فعل في ظروف عربية ودولية مازالت تسمح لهم بلملمة قواهم لمنع استفحال هذا الخطر قبل أن تتغير هذه الظروف وتصبح إيران هي الدولة الكبرى الوحيدة في المنطقة التي تقرر مصير دولها العربية.