القدس وصولجان القسام

غسان مصطفى الشامي

تعيش القدس في هذه الأيام مخاطر كبيرة وحقد أسود ينصب عليها من كل مكان، فالأحجار والأبنية في هذه المدينة الشامخة تتآكل يوما بعد يوم، والأرض تسرق يوميا بعد يوم؛ والآثار والشواهد التاريخية تدمر وتزيف وتكب عليها أسماء عبرية توراتية.

القدس تشكل عنوان رئيسي على طاولة رئيس الوزراء الصهيوني، "نتنياهو" ويكرر دوما مقولة أمام المجتمع الصهيوني وهي (لا قدس بدون إسرائيل، ولا إسرائيل بدون القدس ) وبل يشدد على أن الحرم القدسي من أقدس الأماكن اليهودية، ودائما يرصد الصهاينة أكبر الموازنات المالية من أجل القدس، ليتم صرف هذه الموازنات في شراء منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ومتاجرهم ولمشاريع التهويد والبناء الإسرائيلي في المدينة، لذا فإن القدس دوما على رأس الأولويات والبرامج الصهيونية، وهي تمثل لدى الصهاينة شيئا وهاما وكبيرا وينتظرون اليوم المشهود في هدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم.

تنام القدس وتصحو على أعمال الحفريات والهدم والمشاريع الاستيطانية التي تنهش أرضها وجدارها وتقطع طرقتها وتمزق لحمها عن جسدها.. القدس اليوم تكال عليها مؤامرات كبيرة تستهدف فيها الأخضر واليابس والشجر والحجر والإنسان والهوية الفلسطينية .

القدس اليوم في طريقها للتقسيم المكاني والزماني، وهاهم الصهاينة يستعدون لفرض الخطط الجديدة ومواعيد الصلاة الجديدة، بل ويكثفون تواجدهم خلال الأعياد اليهودية ويوزعون منشورات تطالب الفلسطينيين بإخلاء ساحات المسجد الأقصى في الأعياد اليهودية.

إن الجماعات اليهودية المتطرفة التي تعمل تحت إطار ما يسمى " منظمات الهيكل المزعوم" تواصل عملها ليل نهار من أجل حشد الدعم الصهيوني واليهودي لمشاريع تهويد القدس والمسجد الأقصى، وتكثف هذه الجماعات نشاطاتها خلال الأعياد اليهودية، حيث تقوم بنشر دعوات عنصرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحث جمهور الصهاينة وكافة السياح اليهود الأجانب من شتى أنحاء العالم للمشاركة في اقتحامات المسجد الأقصى وتدنيس باحاته الطاهرة وأداء الصلوات التلمودية فيه، وتوفر الحكومة الصهيونية الغطاء الرسمي لهذه الزيارات بل وتوفر الحماية الأمنية الكاملة؛ ونحن نشاهد السياح الأجانب الصهاينة وهم يدنسون ساحات وباحات المسجد الأقصى المبارك نستذكر قول الشاعر أحرام على بلابله الدوح .. حلال للمستوطنين من كل جنس !!

لابد أن تكون القدس على رأس الأولويات والاهتمامات العربية، وكفى تقاعسا عن خدمة القدس.. وكفى كلاما وخطابات عربية عن القدس، حتى أموال العرب لاتصل إلى القدس، فالقدس بحاجة إلى الكثير من الأموال والخدمات، ولننظر إلى واقع الفلسطينيين في القدس والمؤسسات الفلسطينية في القدس التي تعاني من شح المال وقلة الموازنات، ولننظر إلى أحوال المواطنين في القدس الذين يعيشون يوميا تحت التهديدات الصهيونية بالتهجير والتشريد عن القدس، أمام المزارعين والصناع فهم أيضا تلاحقهم الضرائب الباهظة والتضييق المتواصل.. حال القدس اليوم أليم وهي تسأل متى المجيب ومتى النصير ومتى التحرير ..

وسط ما تحياه القدس من آلام وأحزان .. وصلت رسائل المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام إلى الجيش الصهيوني عندما أعلنت القسام أن الإعداد لمرحلة تحرير فلسطين قد بدأ، وقد وصلت الرسائل عندما شاهد الجنود الصهاينة قادة حركة حماس على حدود غزة ينظرون إلى المواقع العسكرية الإسرائيلية على بعد أمتار قليلة ، لقد كانت رسالة قوية من القسام إلى الصهاينة.

وقد كشفت مؤخرا وزارة الجيش الصهيوني عن منظومة دفاعية جديدة أطلقت عليها " صولجان القسام " أشرفت على إعدادها شركات عسكرية أمريكية؛ تسعى من خلالها اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية قصيرة ومتوسطة المدى وهذه المنظومة هي قيد التجربة ولم يتم اعتمادها؛ وحال المقاومة الفلسطينية يقول منظومة القبة الحديدية سقطت وتدهورت أمام إعلان كتائب القسام موعد قصف مدينة تل أبيب الصهيونية أيام الحرب الأخيرة الساعة التاسعة مساء ولم تتمكن هذه القبة البائسة من منع هذه الصواريخ، فإن هذه المنظومة ستسقط وتدهور ولن تنجح في منع صواريخ القسام من الوصول للمدن الصهيونية.

أمام العدو الصهيوني الكثير من العقبات والتحديات، ربما أكثرها صمت غزة وسط ظروف الحصار والإغلاق والجوع، والملف العربي وما يحدث في الوطن العربي من حروب ، وما يحدث من تطورات في مصر، كذلك أمامها الملف النووي الإيراني، وداعش وغيرها.. كل هذه الأحداث وغيرها ستجعل من مهمات الحكومة اليهودية صعبة وستبقى في حذر وترقب من مفاجآت غزة العدو الأكبر لها ..