الكُلُّ يَلعبُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

كلُّ الفِرقِ في المَلعبِ..كلُّ الجماهيرِ في الملعب..لا أحدٌ على مَنصّةِ التحّكيمِ..الكُلُّ يَلعبُ ولكن لا أهداف..نعم هناك ضغطٌ شديدٌ باتِجاه مَرمى النَّحلَةِ..لِمَ..؟ إنها نَحَّلَةٌ جميلَةٌ بكاملِ زينتِها ورشاقتِها..تتراقصُ وتُدندِنُ تُسوِّقُ لِمَغانِمِ مَرماها..تَهتفُ بمُحبيها وعُشّاقِها..ولكن لا أحد يَتمكّنُ من الوصولِ إليها..فالكُلُّ يُصفِّرُ للكُلِّ..والكُلُّ يَتهمُ الكُلَّ..والكُلُّ يُخِطِّئ الكُلَّ..والكلُ يُخونُ الكلَّ..والكُلُّ يُعيقُ الكُلَّ..والكلُ يَقطعُ الطريقَ على الكلِّ..فلا أحدٌ يصلُ لِقطافِ مَغانِمِ زينة مرمى النحلة..!أما مرمى الدبُورِ في الجانبِ الآخر..فلا أحدٌ يَتجهُ إليه..ولاأحدٌ يُفكّرُ بشأنِه..!غريبٌ أمرُ هذه المُباراةِ..لم يألف عُشاقُ الكُرةِ قط مِثلَها ..!جميعُ الفِرقِ تَضغطُ باتجاهِ مرمى واحدٍ..يتطاحنون ويتناطحون ويترافسون رغبةً في الوصُولِ إليه..ولكن دونَ جَدوى..!حقًا إنّه لعجبٌ عُجاب أمرُ هذه المباراةِ ..! لماذا مَرمى النَّحلَةِ دونَ غيرِها..؟ولماذا تَهجرُ الفِرقُ مَرمى الدبُورِ فلا تتجهُ إليه..؟ولكن لِمَ العَجبُ ؟!أليس مَرمى النَّحلَةِ هو مَرمى العسلِ والمُتعةِ والاسترخاء مرمى الزعامةِ والسُلطةِ والتسلُّطِ ..؟وهل مَرمى الدبُورِ إلا مَرمى التحدياتِ والكدحِ وتَحمُّلِ واجباتِ البناءِ والتضحياتِ..؟ولسوءِ الحظِ والتعاسةِ ينفضُ المتعاركون من الملعبِ بكُلِّ نَدمٍ..لا هم قَطفوا عَسلاً..ولا هم حَرثوا أرضًا بل تركوها لغيرهم..!وسينفضّون في كُلِّ مرةٍ بكل خيبة أمل وندم..إن بقوا يمارسون هذا الأداء المُخجلِ في ميادين التدافع..وسيُحشرون بكلِّ حسرة إلى مُواقعِ المَذلّةِ والهوان..وسيُساقون أذلة إلى أسواقِ الاستهلاكِ والاستجداءِ العالمي..إن لم يستدركوا ويدركوا حقيقة حالهم ويدكروا..!وبعدُ أليست هذه- في الغالبِ - حالُ اللاعبِ العربيِّ في ميادينِ السياسةِ..؟!الكُلُّ يَلعبُ..والكُلُّ يُصفِّرُ..والكُلُّ يُناطِحُ باتجاهِ العَسلِ..ولا عسل !