في أفغانستان... إرهاب أم مقاومة؟

د. ياسر سعد

[email protected]

لا يكاد يمر يوم وإلا والشأن الأفغاني في صدارة الأخبار ما بين عمليات نوعية لمقاتلي طالبان، أو خسائر كبيرة لجنود التحالف، أو تصريح وتقرير يقر بصعوبة المهمة ويعترف باستحالة تحقيق نصر عسكري، أو بدعوة صريحة للتفاوض مع الطالبان ومحاولة التوصل لتسوية سياسية معها. أخر أخبار أفغانستان تقرير يتحدث عن هلع أثارته اختفاء سيارة تابعة للأمم المتحدة من مطار كابول، والخوف من استخدامها كمفخخة أو لنقل مهاجمين إلى مواقع حساسة. ويأتي اختفاء المركبة وسط تشديد المنظمة الأممية لإجراءاتها الأمنية خلال الشهور الماضية، إثر شائعات عن تهديد يتعرض لأسطول سياراتها.

وتزامن خبر اختفاء السيارة مع الكشف عن مراجعة أمريكية لسياساتها في أفغانستان أشارت إلى أن الوضع "حرج" هناك. وأجمع مسؤولو 24 جهازاً حكومياً، من المشاركين في الدراسة غير المكتملة، على خطورة الوضع الأفغاني. وقال القائمون عليها إن معدلات العنف ارتفعت في أفغانستان بواقع 543% خلال السنوات الخمس الماضية، فيما تزايد حجم إنتاج المخدرات هناك بنسبة 100%، وسط تراجع الدعم الشعبي لقوات التحالف.

وفي الشهر الماضي قال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر إن تاريخ أفغانستان يبرهن استحالة تمكن القوات الأجنبية من البقاء في البلاد لأجل غير مسمى في محاولة لقمع التمرد المسلح فيها. وأضاف هاربر: "لا اعتقد انه بإمكاننا تحييد كل زاوية في أفغانستان، ما يمكننا القيام به هو فرض حد أدنى من الأمن وتدريب القوات الأفغانية بحيث تتمكن تدريجيا من الاضطلاع بالمهام الأمنية". وأصر هارب على أن احد لا يستطيع اتهام كندا بالتهرب من مسؤولياتها بسبب قرارها سحب كل قواتها من أفغانستان بحلول عام 2011، وقال إن الإعلان عن هذا الجدول الزمني ضروري لأجل ضمان تسليم المهام بشكل سلس.

أما رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون فقد اعترف أثناء زيارته الخليجية الأخيرة بأن تفاوض السلطة الأفغانية مع طالبان سيكون "صعبا جدا" فيما لا تزال المعارك جارية في البلاد، وقال براون اعتقد أن حكومة كرزاي ستمد اليد لبناء مجتمع موحد، مضيفا "أتمنى أن يفهم الناس في النهاية إن مستقبل أفغانستان سيتحدد من خلال عملية سياسية لا من خلال حرب عصابات".

تصريحات السياسيين والعسكريين للحلفاء الغربيين بل وحتى خلافاتهم العلنية والخفية حول الملف الأفغاني تشير بوضوح إلى أن التحالف يخسر المعركة العسكرية هناك ويفقد كل أنواع التعاطف والتضامن الشعبي. هنا يبرز سؤال صغير غير أن له مدلولات كبيرة، هل لنا أن نثق بالطرح الأولي للحرب الأفغانية بأنها كانت ضد الإرهابيين الأفغان؟ إذا كان الجواب إيجابيا، فهذا يعني أن الإرهاب انتصر وتفوق على الغرب بقضه وقضيضه وبقواه العسكرية وقيمه الديمقراطية والأخلاقية على رغم أن الإرهابيين مجموعة من البسطاء و"المتخلفين".

أما إذا كان التحالف الغربي في أفغانستان مدفوعا للتفاوض مع الطالبان لأنها حركة مقاومة وطنية مشروعة، خصوصا وأنه لا يفاوض الإرهابيين، فهذا يدفعنا للدعوة لإعادة النظر في تعريف الإرهاب ولوضع فارق واضح بين الإرهاب والمقاومة. والأمر بطبيعة الحال ينسحب على فلسطين والصومال وأماكن أخرى.