الخرطوم شرق ..

يعيشون حياة المدينة الصاخبة والقرية الساكنة، وحين يتكاثر البنيان يتبعثر السكان. فالناس يرحلون حين تطاردهم الضوضاء ويلاحقهم الصخب ممسكاً بتلابيب آذانهم؛ لكن لهذا الرهط الذي هنا (في شرق الخرطوم) مزايا تجعلك وأنت بين ظهرانيهم، تلقى عليهم السلام ولا تدير لهم ظهرك، وكأن بعض جيناتهم الوارثية تنسرب فيك حتى تكاد تقول أنا من هنا.

يتعايش قاطنو (الخرطوم شرق) مع تجربة (سمراء) تجمع بين بياض سكونه وخلوه من الجيران والمعارف، وسواد حركته بالمؤسسات والصحف والمصارف، فاستحقوا بذلك حياة مختلفة، لعل استقرار التيار الكهربائي يعد من إيجابياتها، حيث يتمتعون به من جاه الشركات والمؤسسات، وإن كانت هذه تحرمهم في آن من جار قريب كما تقول بذلك إحدى ساكنات الحي، وحيث تستطرد (مواهب) بأن أقرب أسرة إليهم تبعد عنهم بنحو شارعين .

ملء الفراغ

ولكن إرادة التعايش ظلت تداوي نتائج ما فرضته ظروف متباينة ربما في تحول تدريجي للحي إلى فضاء من السكان والتجارة في آن، إذ تضيف محدثتنا بأن بعض سيداته ينتظمن في جمعيات تعوض (الفراغات) بكثافة وجود في يوم مشهود أسبوعيا بمنزل إحداهن، وفي حين أن لمواهب منفذاً آخر تتمتع به من خلال جارتها (الوفاق) وصحفياتها اللاتي تقول إنهن ملأن عليها الحياة بعدما وجدن في منزلها ملاذا آمنا للوضوء والشرب والاستجمام، فبادلتهم الود بنهم الحرمان، والحل كذلك يؤكد صاحب دكان بأنه رغم التراجع في بيع الاستهلاكات الأسرية المنزلية مثل الشعيرية والمكرونة، إلا أن البيع ماشي - على حد ما يقول - بالفول والجبنة التي يتم شراؤها من قبل الموظفين بالجهات المتعددة. صاحب الدكان يضيف بأن للصلصة موضعاً خاصاً في متاجر المنطقة بسبب استهلاكها الكثيف من أصحاب المطاعم المنتشرة. هذا الوضع أفرز حجة من نوع يختلف بطبيعة الحال عن حجة أهل الأحياء السكانية بالكامل في الشراء، وطرافتها - بحسب حديث التاجر - تتمثل في كونها تنحصر في حجم العيشة إذ دائما ما يحتج عليه موظفو الحراسة بتعليقات (عيشتك دي مالا صغيرة كدة.. عيشك الصغار ده) وهكذا .

أسر عريقة ووافدون جدد

وللحديث حول العلاقات الاجتماعية في الحي بتعمق أكثر وكيفية التكيف مع أشكال الإزعاج المتنوعة في المكان، يحكي الأستاذ (صالح حيدر) من اللجنة الشعبية بالحي بأن هذه العلاقات تتداخل بشكل أكبر ما بين الأسر العريقة في المنطقة التي تبلغ نحو (50 أسرة)، فيما تقل بينهم والسكان المستجدين من المؤجرين أو غيرهم في المنطقة التي بدأ بعض الهدوء يعود إلى سكانها تدريجيا بعد نقل مستشفيات للولادة والأطفال تتسبب في قدر كبير من الصخب، أما عن عدد الأسر بشكل عام، فكشف أنها تبلغ (487). ويقع حي الخرطوم شرق بوسط الخرطوم، حيث يحده شارع النيل والقصر الجمهوري من الشمال، وشارع الطابية من الجنوب، ومن الشرق القيادة العامة للقوات المسلحة، ومن الغرب شارع القصر.

وسوم: العدد 643