ثورة السنة في العراق وحقيقة ما يجري وكيف نتعامل معه؟

ثورة السنة في العراق

وحقيقة ما يجري وكيف نتعامل معه؟

المنصور

إن تفسير الحوادث التي تلم بالأمة بالمؤامرة أمر لا ينفك عن العقلية العربية ويترتب على هذا التفسير الساذج إهمال للأخطاء الذاتية والعوامل الداخلية وأسباب أخرى تتلبس بها المجتمعات عامة والعربية خاصة وقد يستفيد من هذا ولا ريب الأعداء من غير سابق تدبير ولا تآمر بل إن دأبنا على تعليل كل شيء بالمؤامرة يزيد من تعقيد المسألة حيث نعمل على اتهام بعضنا بعضا وتخوين بعضنا بعضا أكثر مما هو كائن فيصب هذا في مصلحة العدو الواجم المتربص .

كتبت مقالات عديدة قبل وبعد الفتنة مع الدولة "داعش" بينت فيها حقيقة حالهم وكيفية التعامل معهم بناء على سنة الخليفتين الراشدين علي وعمر بن عبد العزيز ولكن أحدا لم يصغي لقولي لا العلماء ولا الإخوان ولا أصحاب الأقلام الفيسبوكيين والذين ينتفخ عامتهم وينتشون بأقلامهم أشد من نشوة وعنجهية أغر أمرد ببندقية روسية في يده فيصبون أحقادهم ويذكون نار الفتنة على داعش والتي حتى مع افتراضنا صدق كل ما يدعونه عليها فإن للضرورة أحكامها المختلفة تماما عن الأحكام المطردة العادية, إني لست أبرئ داعش من عظيم أخطائها وآثامها ولكنا في معركة مصيرية ويفترض علينا عدم خوض معارك جانبية ما أمكننا .

اليوم تثير الصحافة العالمية ومن ورائها آلاف الصفحات أن الفاعل في العراق (تحرير الموصل وما تبعه) هم داعش وليس هذا بصحيح كما لا يصح أن المالكي دبر مؤامرة بإملاء من ايران للانسحاب من المواقع السنية لقصد التعبئة وبعثرة جنود الدولة ومن ثم الانقضاض عليهم وكسب الدعم الغربي الأمريكي له, كل هذا بناء على نظرية المؤامرة ! والحقيقة أن الشعب العراقي محتقن لدرجة تفوق احتقان بقية الشعوب العربية كلها قبل ثوراتها فاجتمعت الظروف المناسبة ليعلن ثورته على هذه الطغمة الطائفية الفارسية فثار بعشائره وثواره وأتباع نظام صدام حتى ثارت النقشبندية السنية العراقية واستفادت داعش من هذا كما استفادت بقية الأطراف من داعش, ومن شاهد فيديوهات انسحاب الجيش المالكي من الموصل تبين له كثير من الحقيقة والتي تدل على أنها ثورة سنية عراقية في عامة مدلولاتها وإشاراتها .

على المعارضة السورية المسلمة وقادة الكتائب الإسلامية تأييد هذه الثورة السنية وعدم الوقوع في فخ الإعلام الكاذب الذي يصورها على أنها "دعشاوية" وعلينا أن نغتنم الفرصة لرأب الصدع مع هذه الفئة "داعش" بسبب شدة حماسة قادتها العراقيين للمصالحة مع بقية أفراد الثوار العراقيين لشعورهم الخاص بضرورة المصالحة والاتحاد ضد العدو الرافضي فكما استشعر أفراد جبهة النصرة السوريين قبل غيرهم وأكثر من الآخرين ضرورة التحالف مع الجبهة والثوار وتركوا كثيرا من معتقداتهم التي كانوا يتفقون فيها مع الدولة "داعش" لانتمائهم للشام فإن الدولة "داعش" اليوم في أغلب ظني ستسلك سلوك النصرة في الشام وتقلل من تشددها وتكفيرها بغية اتحادها مع بقية الأطراف العراقيين, وعلينا اغتنام هذا والتواصل مع قادة العشائر والثوار العراقيين من أجل التوسط لايجاد أرضية تضع الحرب بين الثوار المسلمين في أرض الشام والعراق كافة في مواجهتنا للعدو الرافضي البغيض وهذا أمر بالغ الحيوية والأهمية ولا يجوز تفويته بحال .

أما المعارضة السياسية فعليها أيضا تأييد ثورة الشعب العراقي والكف عن نعت الثورة السنية العراقية بأنها نتيجة لعمل الإرهابيين من داعش وعليها لزوما أن تتواصل مع تركيا لشرح هذه الحقيقة الناصعة وتحذير الرأي العام العربي والغربي من تدخل سافر للقوات الجوية الأمريكية ضد ثوار العراق مع تركهم لمجرم الشام ثلاث سنين وهو يستبيح عرصة المسلمين فعلى المعارضة السورية إرسال وفد للغرب يحذر من هذا ويطالب في حال ما أرادت أمريكا لا محالة توجيه ضرباتها لداعش أن تكون هذه الضربات من حظ النظام المجرم الأخطر والأكبر في الشام قبل داعش فتقصف مطاراته وقوته الجوية والصاروخية كاملة .