رسالة من مجاهد من الغوطة من فسطاط المسلمين

رسالة من مجاهد من الغوطة

من فسطاط المسلمين

إبراهيم كوكي

رسالة من مجاهد من الغوطة من فسطاط المسلمين عرفته وأهله عن قرب من المنافحين عن دينهم ووطنهم زرته مرة وهو جريح… وهو يتحدث من تجربة ميدانية من أرض الربط والجهاد أرض الشام الى إخوانه في ادلب الخضراء المحررة والتي لم تجف دماء اﻷبطال من أرضها الطاهرة بعد والذين نحسبهم شهداء في عليين.

للتاريخ .. لإدلب .. لكل شبر محرر :

في عام 2012 .. وبعد معارك طاحنة مع جيش النظام حررنا الغوطة الشرقية من داخلها .. قام الأهالي بتشكيل مجالس محلية ومدنية لإدارة البلدات والقرى والمناطق المحررة فيما توجهنا مع رفاق دربنا من المجاهدين والثوار إلى الثغور وإلى باقي القطع العسكرية لتحريريها ..

وما تزال الكثير من التشكيلات العسكرية الثورية بمنأى عن جميع الشؤون المدنية ، فيما لكل قرية وبلدة ومدينة في الغوطة مجلس محلي مدني يدير شؤونها ..

وكذلك مجالس قضائية وإغاثية وطبية وشرعية وغير ذلك..

فيما بقينا نضع نصب أعيننا التركيز على الثغور والجبهات لنصب فيها اهتمامنا .. ونبذل لها مل قوتنا ..

أذكر أننا جلسنا في اواخر عام 2012 بحضور عدد من ممثلي المجالس المحلية في جلسة نتباحث فيها شأن ادارة المدن المحررة .. فكان أن طلب الوجهاء منا اعانتهم في ضبط المناطق المحررة منعا من السرقة او الفوضى .. وأكد على طلب تشكيل مخفر للمدنيين ، ويكون عماده وقوته من الثوار ..

فرفضنا رفضا قاطعاً أن يدخل الثوار بأي عمل مدني وأجاب القائد:

أتريدون منا أن نسحب مجاهدين من الجبهات ومن قتال العدو لنزجهم في خلاف على دكان او دراجة او خلاف عائلي أو شيء من هذا القبيل ..؟؟

شكلوا المخفر من المدنيين .. واجعلوا شرطته من المدنيين .. ولكم منا الدعم والسلاح الفردي بقدر الحاجة ، بل والدعم الإغاثي أيضاً ..

بل واكثر من ذلك :

بعد معركة تحرير عربين وعين ترما ، تسربت لنا أنباء بنية الجيش ارسال قوة كبيرة جدا قوامها أكثر من مئة دبابة لاقتحام احدى مدن الغوطة انتقاماً من ثوارها واهلها .

فاجتمعنا اجتماعا طارئا مع المجلس المحلي المشكل حديثا وتباحثنا في المسألة ، وكانت دماء شهداء داريا لم تجف بعد وتوقعنا مجزرة مشابهة تدمر فيها المدينة وتزهق فيها الاف الارواح ..

فقال أحد القادة للجميع :

نحن نستطيع ان نقاوم ونمنعهم من الدخول ، وسيكون ثمن ذلك ارواح شبابنا وذخيرتنا وتدمير المدينة .. فاذا هزمونا لا قدر الله فسيكون الشهداء ليس بالآلاف .. بل لن يبقوا أحداً على قيد الحياة .. وإن هذه المعركة بما أعد لها خاسرة بكل المقاييس ..

فسأل رئيس المجلس المحلي :

إذاً .. هي المجزرة على كل حال ..

فأجاب القائد :

ليس إذا أخلينا المدينة من أهلها كاملةً ، وانسحبنا حتى نحن منها .. وتركناها لهم خاوية على عروشها …!!

تحمس بعض الشباب ورفضوا الانسحاب لكن القائد كان صارما وقال :

وماذا سيفيدنا الصمود سوى تدمير المدينة ..؟؟

وأذكر يومها كيف تم على عجل اخلاء المدينة من كل اهلها .. منهم من نزل الى دمشق .. ومنهم من ذهب باهله الى قرى بعيدة .. فيما انسحبنا الى مزارع الغوطة الشرقية وبقينا في الحقول أياماً .. وقد مروا قربنا لا يبعدون سوى مئات الامتار عنا ليس بيننا وبينهم الا الشجر .. الا أننا التزمنا بالخطة حرصا على المدينة من الانتقام والتدمير .. فالمروحيات لم تفارق الرتل ولا لحظة .. حتى جاء الراصد وأخبرنا بانسحابهم .. ..

عدنا الى المدينة نرى ما فعلوا واذا بالبيوت سليمة .. والمحلات آمنة .. ولم يفعلوا سوى البحث عن المشافي الميدانية حيث احرقوها .. وكان هنالك ثلاثة مجاهدين بحالة خطر لا يمكن تحريكهم ، ورفض طبيبهم تركهم فعثروا على المركز الطبي وقتلوهم جميعاً تقبلهم الله ….

وعاد الناس الى بيوتهم غير مصدقين أن الجيش دخل إلى المدينة وانسحب منها دون تدمير

كانت حمية المجاهدين وحماستهم هذه المرة ملجومة بالحكمة والتعقل .. فسلموا وسلمت المدينة ..

وما يزال الثوار الى اليوم بمنأى عن ادارة المناطق والتدهل بشؤون الناس .. بل يشاركون بجزء من الدعم الاغاثي وغيره

حيث وصلت دفعة طحين للقيادة قبيل العيد فهبزت ووزعت على بيوت المدينة كلها

فيما الادارات أغلبها مدنية مستقلة تماماً ..

لذلك لا تجد الخلافات نفسها التي نراها في بعض مناطق حلب وريفها او ريف ادلب ..

ولا نجد المجاهدين أو الفصائل يحاكمون المدنيين بأية أحكام أو جرائم .. ولا يقيمون الحدود ولا القصاص ..

بل ذلك يخضع لسلطة مدنية قضائية هو من اختصاصها

فالى الجبهات أيها المجاهدون ..

وإلى تتمة التحرير ..

ولنترك المقرات للمدنيين يديرون شؤونهم بأنفسم ..

فادلب ليست غاية .. ولا حلب .. ولا الدير ولا حوران ..

بل هي مرحلة .. وخطوات في الطريق إلى سوريا محررة .. تحقق أهداف الثورة بالعزة والكرامة والعدل والحرية

…………..

إبراهيم كوكي .. فيلق الرحمن .. الغوطة الشرقية ..