اقترح تسمية إيران فارس الإسلامية

وليد جنبلاط:

ادلى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بموقفه الاسبوعي لجريدة “الأنباء” الإلكترونية جاء فيه:

يبدو أن ثمة حاجة ملحة لإعادة توضيح بعض التسميات والتصنيفات على ضوء صدور أكثر من تصريح على لسان كبار المسؤولين الإيرانيين حول الإمبراطورية التاريخية دون أي إعتبار للشعوب العربية وتنوعها وسائر القوميات والطوائف، إن لم يكن إزدراءً لها، فإننا نقترح إستبدال تسمية الجمهورية الإسلامية الإيرانية بفارس الإسلامية، خصوصاً أن أياً من حلفاء طهران لم يعترض على تلك التصريحات، فيما سُجل موقف هام للرئيس العراقي فؤاد المعصوم رفض فيه هذه التصريحات وإعتبرها مرفوضة ومردودة. أليست هذه التسمية أكثر وضوحاً ودقة وإنسجاماً مع الواقع؟

في مسألة الفتنة المذهبية، فإن تقمص نوري المالكي لدور صدام حسين في سياسات الإقصاء والإلغاء أدت، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، الى ما يُسمى التطرف وولادة “الدولة الإسلامية” التي أطلق المالكي أبرز رموزها من السجون والمعتقلات يطريقة مشبوهة.

وهنا، أتطلع لأن يستطيع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يحرر المناطق العراقية من “الدولة الاسلامية” بعيداً عن تلك العصابات المسماة “الحشد الشعبي” التي عاثت فساداً وإجراماً وذلك من خلال بناء دولة وجيش متوازن لتحقيق متغيرات ميدانية جذرية تعيد الإستقرار الى العراق. لذلك، فإن دخول فارس الإسلامية الى العراق بالتدخل العسكري المباشر أو من خلال بعض الرموز السياسية إنما يعكس شيئاً من تلك الأحلام الإمبراطورية التاريخية التي تصاعدت مفاعيلها خلال المرحلة الأخيرة.

وفي مسألة الفتنة المذهبية أيضاً، كان واضحاً وقوف فارس الإسلامية في مواجهة غالبية الشعب السوري الى جانب الزمرة الأسدية وذلك منذ اللحظات الأولى لبدء الثورة السلمية. وكان طبيعاً أن يتولد من خلال هذه السياسة ومن خلال أعمال القهر والقتل والإجرام والقصف التي مارسها النظام السوري حركات متطرفة وبعضها أيضاً أُخرجت رموزها من السجون والمعتقلات، كما في العراق، بطريقة مشبوهة بهدف تسعير الصراع. وكم صدق وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عندما قال أن سوريا تقع تحت الإحتلال الفارسي بالكامل.

أما في اليمن، فلقد أجهضت سياسات فارس الإسلامية التوسعية الجهود السياسية التي تمثلت بالمبادرة الخليجية. فبإجتياح الثكنات العسكرية وتجريد الجيش من سلاحه والإنقضاض على الدولة، أصبحت ميليشيا مسلحة تهدد الأمن القومي لليمن والمملكة العربية السعودية التي قامت بردة فعل مشروعة من خلال “عاصفة الحزم” التي نؤيدها بالكامل وهي نالت مشروعية إضافية من خلال الغطاء الشامل الذي وفرته القمة العربية. وكلام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان دقيقاً ومسؤولاً في التأكيد على ضرورة العودة الى الحل السياسي والمبادرة الخليجية.

وهل من الممكن التذكير كذلك بسياسات فارس الإسلامية التوسعية في السودان وعلى مشارف جمهورية مصر العربية، والتوسع في تلك المنطقة يأخذ أشكالاً مختلفة؟

أما في مجال الإتفاق النووي المرتقب، فهو حاصل دون أدنى شك وفارس الاسلامية تمتلك القدرة على إنتاج القنبلة النووية منذ سنة 2008. وهنا، على الرغم من إدراكنا أن إمتلاك طهران للقنبلة النووية سيدخل المنطقة العربية والإسلامية برمتها في سباقٍ للتسلح وهو أمر مرفوض، إلا أنه لا يمكن للمرء أن يتغاضى عن أن الغرب لا يحرك ساكناً تجاه المشروع النووي الإسرائيلي ما يعطي إيران الذريعة للسير بمشروعها النووي.

ومع دخول الإتفاق النووي مراحله الختامية الأخيرة، وقبل أن تصطف كبريات الشركات الغربية للإستثمار في السوق الإيرانية، فإنه من المفيد معرفة ما إذا كانت المبالغ التي تتخطى 150 مليار دولار سوف تنفق لصالح مشاريع التنمية التي تخدم المواطن الإيراني أم أنها ستوظف لتنفيذ المزيد من المشاريع التوسعية لفارس الإسلامية.

أما ما قاله البعض أن “عاصفة الحزم” تستهدف  فقراء اليمن، فصحيحٌ أن اليمن فقير، ولكن أليست الحركة الحوثية هي التي جرت البلاد الى دوامة الحروب على حساب التنمية والإنماء؟ وماذا عن ثروة علي عبدالله صالح على حساب فقراء اليمن؟ وهل فكر أحد في فقراء سوريا الذين أتت عليهم الحرب المدمرة وزادت من معاناتهم؟ وهل سيفكر من يظفر في الإتفاقات الدولية في تخصيص الدعم لهؤلاء؟ إن أبطال سوريا وفقراءها يحررونها سوريا شبراً شبراً وينتصرون كما فعلوا في إدلب وبصرى الشام.

أما في فلسطين، فخير إنتصار للقضية الفلسطينية هو فوز بنيامين نتنياهو في الإنتخابات الأخيرة لأنه تعهد بإلغاء مبدأ الدولتين، وبهذا تتحول دولة فلسطين  رسمياً الى دولة تمييز عنصري. والقنبلة النووية الإسرائيلية لن تنفع لأن داخل فلسطين قنبلة نووية موقوتة ستنفجر مع استمرار سياسة التوسع الإستيطاني والفقر المتزايد والفصل العنصري والحصار المحكم. وليست فلسطين بحاجة الى قنبلة نووية فارسية أو غير فارسية إذ لن يحررها سوى أبناء فلسطين ومناضليها من هذا الواقع المرير بعيداً عن المزايدات السياسية وترسانات الصواريخ من هنا وهناك.

أخيراً، في لبنان، إذ نجدد تأييدنا لإستمرار الحوار السياسي، لكننا في الوقت ذاته نرفض إعادة ربط المسارين اللبناني والسوري ونؤكد مجدداً على ضرورة ترسيم الحدود في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا للخروج من الإلتباس المتمادي في هذا الملف وأن نحصر تالياً جهودنا في الدفاع عن حدودنا وحماية أرضنا وهو ما أشار إليه إعلان بعبدا الذي يؤكد في نهاية الأمر على حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.