ما الذي يجري في المؤسسات التربوية بتونس من نهش

ما الذي يجري

في المؤسسات التربوية بتونس من نهش

الناصر خشيني

كنت أعتقد أن المؤسسات التربوية مصانة ومقدسة من الجميع ولكن لما باشرت مشاكلها الحقيقية من باب التسيير الاداري ومن خارج منظومة التدريس تبينت لي عدة حقائق كانت خافية أومخفية ولكن اليوم بحكم حسي الصحفي اكتب عن هذا الموضوع موجها صيحة عميقة لكل مجتمعنا للتدخل العاجل والناجع من أجل انقاذ مدارسنا ومؤسساتنا التربوية من النهب المنظم الذي تتعرض له والهرسلة التي تجتاحها اجتياحا من اجل توظيفها والركوب عليها من جميع الجوانب .

صحيح ان هناك أيادي بيضاء رقيقة وناعمة تمتد للمؤسسات التربوية تبني وترمم وتقدم المساعدات السخية وفي كثير من الاحيان أصحابها لا يريدون حتى مجرد ذكر أسمائهم ولكن في المقابل هناك أيادي سوداء وخشنة أعتبرها معاول هدم وتدمير ممنهج لمؤسساتنا التربوية عندما تعتبرها مجرد رزق بيليك أي يمكن النهش منها كما نشاء وأعطي بعض الأمثلة على ذلك فمثلا فني في اصلاح الناسخات اصلح ناسخة بما يتجاوز خمسمائة دينارا وهي لا تساوي ذلك المبلغ و فني اخر يصلح تلفا بسيطا لاجهزة الاعلامية بمقادير خيالية تؤلم من يعرف حقيقة التلف الذي يصيبها وكيفية اصلاحه فعملية التفريغ للجهاز واعادة تشغيله بمنظومة جديدة يحتاج بضعة دينارات لا مئات من الدنانير كما يفعل البعض وأما المصورون فحدث ولا حرج فالقرص الليزري الذي يساوي مآئتي مليم يباع لمدارسنا بما يفوق الثلاثمائة دينارا اما الصورة الواحدة والمعالجة رقميا ولا تساوي في حقيقتها الموضوعية سوى بعض المئات من المليمات تباع لمدارسنا بدينارين .

أما شركات النقل فانها تفرض في الرحلات المدرسية شروطا قاسية تتضمن اذلالا فظيعا للمؤسسات التربوية ويمكن لمن يشاء ان يطلع على عقود كراء الحافلات لغرض الرحلات المدرسية وسيكتشف هذه الحقيقة عيانا ومن ذلك أن الشركة الجهوية للنقل في الولاية التي أعمل بها فرضت على مدرسة ابتدائية تقبع بالريف اضافة مآئة وثلاثين دينارا لأن الحافلة التي كانت ستقل التلاميذ تعطبت قبل ثمان واربعين ساعة تستطيع الشركة فيها ان تلغي العقد بحكم ما تفرضة من شروط في تعاقداتها ولما اتصل المدير بالمسؤول في الادارة الجهوية وبعد ان بثه شكواه من شركة النقل ترجاه ان لا يغضب الشركة حتى تتم الرحلة ويفرح الصغار الهذه الدرجة تقتل شركات النقل افراح طفولة ابناء تونس وتغتالها جشعا وجبروتا وفرضا لشروط مجحفة انه الزمن الأغبر الذي جعل مجموعة من لصوص المدارس يستنزفونها وينهبونها الى هذا الحد .

كما ان المؤسسات التربوية تتعرض الى هرسلةمن نوع اخر وهو الجمعيات الخيرية والثقافية والرياضية وغيرها فمنها جمعيات محترمة جدا لها خدمات جليلة وأثرت بحق المنظومة التربوية وتستحق كل التقدير والاحترام ولكن في المقابل ودون الدخول في التفاصيل والاسماء الاحظ ان بعضا من هذه الجمعيات رغم طابعها المدني والاجتماعي الا انها لم تسلم في تركيبتها من لوثة السياسة يمينا سواء كان بلحية او بدونها او البعض من اليسار الانتهازي فهؤلاء الشواذ عن واقع مجتمعنا العروبي الاسلامي المعتدل يحاولون تدجين مؤسساتنا التربوية وتوظيفها لخدمة أجنداتهم الحزبية والايديولوجية الرخيصة لانها في النهاية عملية قرصنة للحقيقة الموضوعية وهي حيادية المؤسسة التربوية وتجنيبها كل توظيف مهما كان والمحافظة على قدسية المدرسة وعلويتها ومن يفعل هكذا بمدارسنا ويحاول توجيهها نحو ما يريد فانه لا يقل اجراما وسرقة عن الذي يسرق ادواتها لان سرقة الدور ربما يكون اخطر من الادوات

وبناء عليه فان الدعوة ملحة واكيدة لكل المسؤولين في القطاع التربوي ان يعملوا بكل الوسائل على حماية مؤسساتنا التربوية من ان تسرق هي في حد ذاتها او يسرق دورها الحقيقي وان تغير لعبة التعامل مع المؤسسات التعليمية بمنح الكثير من الصلاحيات للمديرين للتعامل مع هذه الوضعيات باكثر جراة وادعو السيد وزير التربية الى اعادة النظر في كل الاتفاقيات المجحفة مع مختلف الاطراف المتدخلة في الشان التربوي بما يسمح للمؤسسة التربوية ان تكون لها اليد الطولى لا اليد القصيرة والتي يسهل الركوب عليها من قبل الجميع .