إدانة تدمير روسيا لسوريا قناعة شعوب عربية وليست مجرد قناعة أشخاص

أثارت بعض وسائل الإعلام الرقمية والورقية زوبعة بخصوص إدانة رئيس الحكومة المغربي تدمير روسيا لسوريا وكأن هذا الأخير أتى منكرا من القول، والحقيقة أن ما صدر عنه هو تعبير على قناعة الشعب المغربي وكل الشعوب العربية التي لم ولن تقبل أبدا ما تقترفه بعض الدول وبعض التنظيمات الإجرامية من جرائم وحشية ضد الشعب السوري الشقيق وعلى رأسها روسيا وإيران ، وحزب اللات اللبناني التابع لها  والميلشيات العراقية الشيعية . إن تدخل هذه الدول  وأذنابها في قضية ثورة شعب ضد حاكم طاغية هو اعتداء على إرادة هذا الشعب . ومعلوم أن هذا الشعب لم يطلب من هذا الديكتاتور السفاح أول الأمر أكثر من حقه في الديمقراطية دون أن يطلب منه المغادرة إلا أن هذا الحاكم السفاح توجس من حراك الشعب السوري، فبادر إلى ممارسة القمع  الوحشي ضده خشية سقوطه خصوصا في ظل أجواء الربيع الغربي الذي عرف سقوط بعض الأنظمة الشمولية الفاسدة . ونظرا لمصالح الروس والإيرانيين وأذنابهم في سوريا، فإنهم قد انخرطوا في عملية  دعم قمع ديكتاتور سوريا لشعبه  وأمدوه بالمرتزقة و بالأسلحة بما فيها تلك المحرمة دوليا من أجل إخماد ثورة الشعب السوري  وتركيعه .

ولقد بدأ التدخل الروسي في سوريا أول الأمر محدودا ثم ما لبث أن توسع وأنزل الروس قواتهم فوق التراب السوري  عبر البحر وانطلاقا من قاعدتهم العسكرية  في سوريا ، واحتل سلاح جوهم الأجواء السورية ،وصار يقصف ويدمر المدن السورية بوحشية غير مسبوقة ، ويزود طيران النظام الوحشي بالأسلحة الفتاكة بما فيها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة التي تعبأ في براميل تنفجر فوق رؤوس أبناء الشعب السوري أطفالا ونساء وشيوخا . وعلى غرار التدخل الروسي جاء التدخل الإيراني أيضا محدودا بداية الأمر ثم ما لبث أن صار مباشرا حيث تدخلت قواته القتالية في الحرب ضد المعارضة السورية التي تمثل ثورة الشعب السوري على الديكتاتورية . وأوعز النظام الإيراني إلى أذنابه في المنطقة حزب اللات اللبناني وحشود الرافضة العراقية للتدخل المباشر في سوريا .

والملاحظ أن الدول التي تدعم النظام الديكتاتوري  في  سوريا هي دول ذات أنظمة شمولية ، ذلك أن العالم يعرف كيف وصل الرئيس الروسي إلى مركز صنع القرار في بلاده ، كما أنه يعرف طبيعة النظام الإيراني الشمولية حيث يسيطر على صنع القرار أصحاب العمائم الذين يدعون العصمة في عقيدة فاسدة ، ويتقنعون بالديمقراطية الزائفة من خلال انتخابات صورية محسومة النتائج من قبل من يسمى مرشد الثورة . ولا يختلف أذناب النظام الإيراني في المنطقة حزب اللات اللبناني والحشود الرافضية العراقية عنه في الديكتاتورية حيث يستبد حزب اللات في لبنان  بصنع القرار، وهو يكون تنظيما عسكريا  مستقل عن الكيان العسكري النظامي للدولة ، وهو بذلك يجهز على الديمقراطية ، وقد خلق أزمة سياسية عويصة  في لبنان حيث ظل هذا البلاد لمدة طويلة دون رئاسة لأن حزب اللات يريد ذلك  وله مصلحة في ذلك خصوصا في ظرف العدوان على الشعب السوري. ولا تختلف الحشود الرافضية في العراق عن تنظيم حزب اللات اللبناني عقيدة وتبعية للنظام الإيراني ، وهي ميلشيات مستبدة في العراق ومستقلة عن الكيان العسكري النظامي للدولة بل هي نواة هذا النظام .  

والملاحظ أن الجهات التي تدعم النظام الشمولي في سوريا كلها جهات تتبنى النهج الديكتاتوري الشمولي  ، وكأنها وهي تدعم هذا النظام إنما تحاول إضفاء الشرعية  على ديكتاتوريتها . ومما أجهز على ثورة الشعب السوري خلق المخابرات الغربية لكيان إجرامي هو ما يسمى تنظيم الدولة أو تنظيم  داعش لتبرير التدخل في سوريا والعراق بذريعة محاربة هذا التنظيم ولعرقلة ثورة المعارضة السورية ضد النظام المستبد . ولقد وجد الروس والإيرانيون في ذريعة محاربة عصابات داعش الإجرامية الذريعة المناسبة لمحاربة المعارضة السورية حيث أصبح هؤلاء لا يميزون بين هذه المعارضة وبين ذلك التنظيم الإجرامي ، وهكذا اتفق الغرب مع الروس والإيرانيين على الإجهاز على ثورة الشعب السوري ، وسكت الغرب عن تدمير الروس لسوريا مع التظاهر إعلاميا برفض الحرب فيها . وتعرف مدينة حلب اليوم دمارا شاملا وجرائم حرب غير مسبوقة ضد الشعب السوري بسبب الحرب التي يشنها الروس عليه ، ومع ذلك يحتج السفير الروسي في المغرب على إدانة رئيس الحكومة المغربي لما يرتكبه الروس من جرائم شنيعة في حق الشعب السوري ، ويعاب إعلاميا على رئيس الحكومة ذلك، وكأنه قد مس بالسيادة الروسية ، ويعبر احتجاج السفير الروسي لدى الخارجية المغربية محاولة ابتزاز للدولة المغربية من أجل سكوتها عما يرتكبه الروس من فظائع ضد الشعب السوري الشقيق في حلب، وفي مناطق أخرى من القطر السوري .

ومقابل دعم القوى الديكتاتورية الروسية والإيرانية وأذنابها للنظام الشمولي في سوريا يبقى الدعم المقدم للمعارضة السورية محدودا  لا يعدل الدعم المقدم للنظام ، ومؤخرا صارت الجهات الداعمة  للمعارضة تتفرج على مجازر حلب الرهيبة دون رد فعل قوي وفعال بل لم يتعد الأمر حد التنديد اللفظي بذلك ، الشيء الذي أغرى الروس وحلفاءهم الصينيين الذين تربطهم مصالح فيما بينهم  باستخدام الفيتو ضد قرر وقف تدمير حلب وضد وقف الحرب على  سكانها في سابقة  غير مسبوقة لأن استخدام الفيتو ضد إيقاف حرب مدمرة يعد جريمة حرب  قذرة وقرار همجي . وأمام انعدام الضمير العالمي يتمادى الروس والإيرانيون وأذنابهم الروافض  في تقتيل الشعب السوري وتدمير سوريا وتخريبها دون رادع . ولقد ظل العالم كما كان دائما يسوده قانون الغاب حيث يأكل القوي الضعيف دون إدانة القوي وكبح جماحه ودون نصرة الضعيف والدفاع عنه . ولقد صارت المصالح هي الموجهة للسياسة المتحكمة في العالم الذي لم يعد فيه معنى للمبادىء والقيم والمثل . وأخيرا سيبقى كل من يدين الروس والإيرانيين  وغيرهم بتدمير وتخريب القطر السوري  وتقتيل شعبه معبرا عن إرادة الشعوب العربية التي تتشبث بالقيم والمبادىء خلاف الأنظمة التي يحكمها منطق المصالح ، وسيسجل التاريخ للطرفين موقفهما ، ولن يغفر الشعب السوري أبدا لأعدائه ، ولن يدوم الاستبداد والطغيان إلى الأبد .

وسوم: العدد 697