التقرير الخامس عشر لحالة حقوق الإنسان في سورية لعام 2016

اللجنة السورية لحقوق الإنسان

ملخص تنفيذي

clip_image002_d73f0.jpg

يعكس تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان الخامس عشر لحالة حقوق الإنسان في سورية لعام 2016 استمرار نزيف الدم في سورية، حيث وثّقت اللجنة خلال عام 2016 مقتل 19524 شخصاً، أي بواقع شخص واحد كل 27 دقيقة!. ومن بين الضحايا خلال هذا العام 2779 طفلاً و1625 سيدة.  

كما وثّق التقرير ارتكاب (633) مجزرة، قامت قوات النظام والميليشيات الأجنبية المتحالفة معها على الأرض بارتكاب (284) مجزرة منها، وقام النظام والطيران الروسي والميليشيات الأجنبية العاملة معهما بارتكاب (526) مجزرة. أي أن النظام والأطراف الأجنبية المؤيدة له ارتكبت ما نسبته 83.1% من المجازر خلال العام.

فيما ارتكب التحالف (31) مجزرة، بما نسبته 4.9% من المجازر، فيما قام تنظيم داعش بارتكاب (27) مجزرة، أي بما نسبته 4.27% من المجازر.

وكما في العام الماضي، تسبب سلاح الطيران بارتكاب معظم مجازر هذا العام، حيث ارتكب هذا السلاح (483) مجزرة، مقارنة مع (413) مجزرة في عام 2015. وتسببت البراميل المتفجرة وحدها بمقتل (4769) شخصاً خلال هذا العام، أي ما يعادل 24.4% من الضحايا الذين تم توثيقهم خلال العام.

وفي التوزيع الجغرافي، جاءت محافظة حلب في مقدّمة المحافظات في عدد المجازر طوال أشهر العام، وشهدت 50.5% من مجازر 2016 ، بواقع (320) مجزرة. تلتها محافظة إدلب بـ (101) مجزرة، فيما تراجع مستوى المجازر في ريف دمشق عن العام الماضي، لتحلّ في المركز الثالث بـ (52) مجزرة. كما جاءت محافظة حلب في مقدّمة المحافظات السورية خلال كل أشهر العام في عدد الضحايا.

وتوالت في عام 2016 عمليات استهداف الأسواق والمراكز التجارية والمخابز، ووثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في هذا العام (78) استهدافاً، منها (17) استهدافاً لأفران الخبز. وغالباً ما كانت عمليات استهداف الأسواق تحدث أثناء فترة الذروة، سواء في الأوقات الصباحية بالنسبة لأسواق المواشي، أو فترة الظهيرة لأسواق الخضار والفواكه، أو فترات ما قبل الغروب في رمضان.

وشهدت محافظتا حلب وإدلب أكبر عدد من عمليات استهداف الأسواق خلال العام، فقد شهدت مدينة حلب 32 استهدافاً، فيما شهدت إدلب 27 استهدافاً.

وكما في الأعوام الماضية، واصلت قوات النظام والقوات الأجنبية الداعمة لها استخدام الأسلحة المحرمة على نطاق واسع. وشهدت استخدام القنابل العنقودية والفسفورية والانشطارية ارتفاعاً ملحوظاً منذ بدء الطيران الروسي لعملياته في سورية في الربع الأخير من عام 2015، وأصبح استخدام هذه الأسلحة يومياً وعلى نطاق واسع.

كما شهد عام 2016 استخداماً لأسلحة جديدة لم تُستخدم من قبل، ومن أهمها الصواريخ الارتجاجية، والتي تُسبب اهتزازاً في طبقات الأرض، بما يدفع المباني للتساقط حتى بعد أيام من انتهاء القصف، والخراطيم المتفجرة، والاسطوانات المتفجرة، بالإضافة إلى الأسلحة التي بدأ استخدامها في العام الماضي، كالألغام البحرية والصواريخ العابرة للبحار.

واستمر تنظيم داعش في التمايز عن بقية الفاعلين من ناحية قيامه بتوثيق وتسويق الفظائع التي يتم ارتكابها من قبله. وسجّل العام عدداً من وسائل القتل الجديدة التي لم يستخدمها من قبل، بالإضافة إلى وسائل قتل قديمة.

وواصلت قوات النظام أعمال الاعتقال التعسفي في مختلف المناطق التي تُسيطر عليها. وتمّت معظم عمليات الاعتقال من خلال الحواجز المنتشرة في الطرقات والمعابر الحدودية البرية ومطار دمشق الدولي.

وصعَّدت قوات النظام السوري في عام 2016 من استهدافها لمؤسسات القطاع الصحي وطواقمها ومعداتها، وغدت هدفاً أساسياً لها في تصاعد ملحوظ لسياستها المتبعة منذ عام 2011. وقد وثّقت اللجنة ما مجموعه 142 استهدافاً لمشافي ومراكز طبية خلال العام، بالإضافة إلى استهداف (92) سيارة إسعاف.

كما تواصل استهداف الطواقم الطبية، حيث وثّقت اللجنة مقتل (27) من الكوادر الطبية، من بينهم (17) طبيباً، ومساعد طبيب وصيدلاني.

وتواصل استهداف القطاع الإغاثي والإسعافي، وشكّل جهاز الدفاع المدني وعناصره وآلياته ومقراته أحد أهم أهداف الطيران الحربي، وخاصة الطيران الروسي. حيث شهد العام مقتل (47) من عناصر الدفاع المدني، واستهداف (46) مركزاً للدفاع المدني،  وإصابة (64) من عناصر الدفاع المدني.

كما واصلت قوات النظام والطيران الروسي استهداف العاملين في مجال الإغاثة، بما في ذلك العاملون في منظمة الهلال الأحمر، والتي تعمل انطلاقاً من الأراضي التي يُسيطر عليها النظام وبإشرافه وموافقته. وقد وثّق التقرير مقتل (14) من عناصر الهلال الأحمر خلال العام، بالإضافة إلى استهداف 7 قوافل إغاثية، 5 منها في حلب وإدلب، واثنتان في ريف دمشق. 

وفي القطاع التعليمي، أظهر تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان استهداف (132) مؤسسة تعليمية خلال عام 2016، قام النظام والطيران الروسي بارتكاب (113) استهدافاً منها.

وكما في السنوات السابقة، استمرّ انحدار العملية التعليمية، نظراً للاستهداف المتواصل للمدارس من قبل الطيران الحربي، والأعمال العسكرية الدائرة في عدد كبير من المناطق، وهجرة نسبة عالية من الكوادر التعليمية، واستخدام المدارس من قبل نازحين كدور إيواء، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المناطق المستهدفة.

واستمرت سورية في التواجد على رأس قائمة الدول الأخطر على حياة الإعلاميين للعام الرابع على التوالي، بالإضافة إلى تصدّرها قائمة الدول الأخطر على حرياتهم. وسجّلت اللجنة مقتل (59) إعلامياً خلال عام 2016.

وإلى جانب أعمال القتل، فقد وثّقت اللجنة إصابة (43) إعلامياً، معظمهم متأثرين بالقصف العشوائي المستمر، أو نتيجة لإطلاق نار قد يكون عشوائياً أثناء تغطية الاشتباكات.

كما وثّقت اللجنة اختطاف واعتقال (11) إعلامياً وناشطاً إعلامياً خلال العام، (6) منهم على يد جبهة النصرة، واثنان منهم على يد قوات الحماية الشعبية الكردية. فيما لم تُعرف الجهات التي تقف خلف اختطاف الباقين.

كما شهد العام عدد من أعمال استهداف المؤسسات والمكاتب الإعلامية، (3) منها في حلب وإدلب، يُعتقد أن جبهة النصرة مسؤولة عنهم جميعاً، و(6) في ريف دمشق من قبل الطيران الحربي. 

وكما في العام الماضي، فإنّ المواطنين الصحفيين مثّلوا النسبة الأكبر من ضحايا قطاع الإعلام في عام 2016، نظراً لوجودهم في الخطوط الأمامية للمواجهات المسلحة، وعدم امتلاكهم لمعدّات الأمان التي يستعملها الصحفيون المحترفون، مثل السترات الواقية من الرصاص، وعدم خضوعهم لدورات تدريبية في مجال الأمان والحماية.

واستمرّت أزمة النزوح واللجوء في سورية للعام السادس على التوالي، ووصل عدد اللاجئين المسجلين رسمياً لدى الأمم المتحدة في نهاية عام 2016 ما مجموعه 4,861,112 لاجئاً، بزيادة مقادرها 470,673 لاجئاً خلال هذا العام وحده.

وبالإضافة إلى اللاجئين الذين غادروا سورية إلى دول الجوار أو إلى دول أخرى من بعدها، فإنّ 6.3 مليون شخص نزحوا من بيوتهم ، في انخفاضٍ مقداره 300 ألف شخص عن عام 2015.

وشهد عام 2016 ارتفاعاً في عدد حالات استهداف النازحين، حيث سجّلت اللجنة 36 حالة استهدافٍ خلال الشهور المنصرمة من العام، وغالباً ما تتم عمليات الاستهداف من خلال القصف المدفعي لمخيمات النازحين، وخاصة في ريف إدلب. وكانت قوات النظام والطيران الروسي مسؤولين عن ارتكاب 28 من هذه الهجمات، فيما كان تنظيم داعش مسؤولاً عن 8 هجمات.

وبالإضافة إلى النزوح الطوعي، شهد عام 2016 تحوّلاً في شكل التهجير القسري إلى حالة منظمة ومقننة بشكل غير مسبوق في حجمه، في الوقت الذي كان معظم هذا التهجير في الأعوام السابقة عشوائياً في شكل خروج الناس من بيوتهم، ومنظماً من ناحية أسباب التهجير وطريقة استهداف مناطق بعينها.

وتقدّر اللجنة السورية لحقوق الإنسان عددَ الذين شملهم التهجير القسري المنظم خلال عام 2016 بحوالي 50,000 شخص على الأقل، منهم 40,000 من أحياء حلب الشرقية وحدها، و5,000 من مدينة داريا في ريف دمشق.

وتواصلت خلال عام 2016 أعمال استهداف المساجد، حيث وثّقت اللجنة استهداف (140) مسجداً، قام الطيران الروسي بارتكاب (41) استهدافاً منها، فيما قام النظام بارتكاب (84) استهدافاً.

وشهد عام 2016 تعليقاً متتابعاً لصلاة الجمعة في عدد من المدن السورية، بسبب القصف الشديد الذي كانت تتعرّض له هذه المدن. وتكرر هذا التعليق بشكل خاص في مدينة حلب وفي ريف حمص الشمالي. وكان يوم 29/4/2016 هو يوم الجمعة الذي شهد التعليق الأول للصلاة في مدينة حلب منذ عام 2011، فيما كانت صلاة الجمعة قد عُلّقت في الربع الأخير من عام 2015 لعدّة مرات في ريف حمص الشمالي بعد بدء الاستهداف الروسي لها.

وتراجعت أعمال استهداف الآثار هذا العام بشكل ملحوظ مقارنة مع الأعوام السابقة، حيث سجّل التقرير (10) حوادث استهداف فقط، وكان معظمها بشكل طفيف. وكانت الأعوام السابقة قد شهدت استهدافاً مباشراً للآثار، وخاصة من قبل تنظيم داعش، والذي قام بتفخيخ وتفجير عدد منها خلال عامي 2014 و2015.

ويذكر أن اللجنة السورية لحقوق الإنسان هي منظمة مستقلة، تأسست عام 1997، ومقرها في لندن، وهي من أقدم المنظمات الحقوقية السورية، وتقوم بإصدار تقرير سنوي عن حالة حقوق الإنسان في سورية منذ عام 2001. 

وسوم: العدد 703