على الذين نزّلوا قانون تغريم الراجلين تحرير الأرصفة من الذين يحتلونها أولا

على الذين نزّلوا قانون تغريم الراجلين تحرير الأرصفة من الذين يحتلونها أولا وتحديد ممرات الراجلين في كل الشوارع وإصلاح حفرها وأخاديدها

من الطبيعي أن يثير موضوع قانون تغريم الراجلين بسبب السير في غير الممرات المخصصة لهم جدلا لدى الرأي العام الوطني لوجود ما يستدعي هذا الجدل، لأن هذا القرار الذي تم تنزيله ليس الغرض منه صيانة حياة المواطنين كما زعم الذين نزّلوه بل يبدو أنه يندرج ضمن مجموعة قرارات لجباية الأموال التي تعوض المال المنهوب ، وهي قرارات بدأ الحديث يدور عنها مؤخرا، ومنها الزيادة في رسوم رخص السياقة وجوازات السفر الشيء الذي ترتب عنه إقبال كبير للحصول على هاتين الوثيقتين قبل حلول العام الجديد لأن الأخبار التي راجت مفادها أنه ستحصل زيادات في رسومها . وتروج أخبار كذلك مفادها أن مصالح الضرائب عازمة على الزيادة فيها مع حلول العام الجديد فضلا عما تعرفه فواتير الماء والكهرباء من زيادات فاحشة . وإذا ما تأكدت هذه الأخبار فالقضية تتعلق بموضوع ملء صندوق الدولة الذي تملأه أموال المواطنين المحصلة بالكدح وعرق الجبين ومرارة العيش  والمعاناة ، ويفرغه المسؤولون إما بالنهب أو بسوء التدبير، وحين يكشف النقاب عنهم يسرحون سراحا جميلا ولا يحاسبون بل يعفون من مناصبهم ، ولا يطالبون برد ما نهبوا أو تسببوا في هدره من المال العام بسوء تدبيرهم .

ويأتي قرار تجريم المارة قبل التفكير في حقهم في الشوارع ،ذلك أن معظم الأرصفة محتلة يحتلها أصحاب المحال التجارية المختلفة .ولنضرب مثلا بالشارع الرئيسي في مدينة وجدة حيث يعاين من يمر به أن أحد جانبيه محتل رصيفه  حيث يضطر المارة إلى السير تحت هذا الرصيف المحتل عدة مرات قبل قطع الشارع  طولا . فإذا كانت شرطة تنظيم المرور تترصد من يقطعون هذا الشارع عرضا، فماذا عن الذين يقطعونه طولا وهم يضطرون  عدة مرات لذلك بسبب العراقيل التي يضعها في ممراتهم على الأرصفة  المحتلة أصحاب المحال التجارية  ؟ ألا يجدر بمن فكر في تنزيل قانون أو إجراء تغريم الراجلين أن يفكر أولا في تحرير أرصفة الشوارع لأن ما قيل عن الشارع الرئيسي بمدينة وجدة يقال عن باقي الشوارع فيها وفي غيرها من المدن المغربية . وإذا كان لا أحد يجادل في ضرورة تنظيم السير بالنسبة للراجلين وهو لصالحهم وصيانة لحياتهم ، فإن تنزيل قرار بشأنه يغرمهم قبل توفير ظروف السير المناسبة والعادية لهم  يعتبر اعتداء على حقهم وعلى حريتهم وكرامتهم كمواطنين ، ومن حقهم أن يرفضوا هذا القرار تماما كما يرفض الذين يحتلون الأرصفة وهي حق الراجلين الانصياع للقانون مع غياب مطلق لمن  يردعهم ويمنعهم من الاعتداء على هذا الحق  ويلزمهم باحترام القانون ،و لهذا ينسحب على قرار تغريم الراجلين القول المشهور : " حق أريد به باطل " . وفضلا عن احتلال ممرات الراجلين على  الأرصفة تعاني الأرصفة و الشوارع على حد سواء من آفة الحفر والأخاديد التي يتجنبها الراجلون والراكبون وهي تعرقل السير وتتسبب في الحوادث والإصابات . ومع سقوط المطر تتسبب تلك الحفر والأخاديد المملوءة بمياه المطر في تلطيخ المارة بالوحل ،كما تتسبب في مشاكل بينهم وبين أصحاب السيارات التي تكون سببا في تلطيخهم . ولقد وجهت من هذا الموقع الإعلامي نداءين إلى  عمدة المدينة في شأن آفة الحفر والأخاديد لكنه صم أذنيه وقد انتهت مهمته وشغله الشاغل باسترجاع المنصب البرلماني المسروق والذي يعتبر نصرا عظيما وفتحا مبينا .

ويستغل أصحاب صنع القرار في بلادنا غياب من يدافع عن حقوق هذا الشعب حيث صارت الأحزاب والنقابات والجمعيات مجرد تنظيمات صورية عديمة الفعالية وقد تم تدجينها لتملأ فراغا في التشريعات التي لا تعدو أن تكون حبرا على ورق ليرفع شعار : " دولة الحق والقانون " والواقع أنه لا حق ولا قانون ولا هم يحزنون .

وكان على وزير حزب العدالة والتنمية الذي برر تمرير قانون تغريم الراجلين أن ينتبه إلى ما يقوله الرأي العام عن حزبه الذي وعد الشعب بالدفاع عن مصالحه فإذا به يتحول إلى حزب تمرر عبره قرارات ترهق هذا الشعب . وما وقع لهذا الحزب الذي كان معارضا هو نفس ما وقع لمن كان قبله  في المعارضة أيضا ،ذلك أن المعارضة  والتي تعني الوقوف إلى جانب الشعب  تصبح  عندنا ضد الشعب  بعد بلوغ أصحابها مراكز القرار. ومما يتداوله الرأي العام  الوطني أن حزب العدالة والتنمية إنما فسح له المجال لتجاوز عاصفة ثورات الربيع العربي  بسلام  والانحناء لها ، وفي نفس الوقت لتشويه سمعته بما تم تمريره  على ظهره من قرارات أثارت سخط وغضب الشعب . وكان على  قيادة هذا الحزب لو كانت  تحترم الثقة التي وضعها الشعب فيها  أن ترفض استغلالها بهذا الشكل المخزي ، وتعود إلى معارضتها مصونة الكرامة والسمعة عوض الرضى بهذا الإذلال . ولا ندري ما نوع الغرامات التي تنتظر الشعب مستقبلا ، وهو شعب تجاوز صبره وتحمله كل الحدود ، فكلما ضيق عليه الخناق اكتفى بالشكوى ثم سرعان ما ينسى المعاناة السابقة ليدخل من جديد في معاناة جديدة، وقد اطمأن من يسببوا له المعاناة أنه  شعب صبور وقادر على التحمل بشكل منقطع النظير في هذا العالم .  

وسوم: العدد 751