رحلة في عوالم المنفى والذات المتشظية

dfdfdsf1124.jpg

ناشرون فلسطينيون

صدر حديثاً عن دار لاماسو للنشر في السويد ديوان "النزيل بمعماره في التيه" للشاعر والمترجم السوري الكوردي، عضو رابطة الكتّاب السوريين، خضر سلفيج. يضم الديوان بين دفتيه ثمانين قصيدة في مائة وخمس وعشرين صفحة. يأخذ الديوان القارئ في رحلة شعرية عميقة إلى عوالم المنفى الداخلي، حيث تتقاطع الذات مع الغياب، واللغة مع الصمت.

تتميز قصائد المجموعة بأجوائها الشذرية المشبعة بالحزن، والتي يسيطر عليها الإحساس بالتيه، والعزلة، والانفصال عن الزمن والمكان. تتجلى الذات المتشظية في الديوان عبر صور شعرية كثيفة ومرمّزة، تتوسل الذاكرة كملاذ، وتستدعي تفاصيل الطفولة والأب والأم والحب المبتور كأصداء لفقد أكبر.

ولا يقتصر المنفى في الديوان على كونه مكاناً جغرافياً، بل يتجاوز ذلك ليصبح حالة وجودية، تحاورها القصائد بحس صوفي ولغة ممعنة في التأمل. فالشاعر في هذه المجموعة لا يسرد تجربة عابرة، بل يعيشها كتابةً، ويحوّل الهشاشة والحنين إلى معمار شعري فريد يراوح بين الحلم والانكسار، ليظهر ككيان له جسد يدفن ويكلّم ويحنّط، ويتحول من حالة إلى كائن حي يلازم الشاعر كرفيق مظلم. وفي الوقت نفسه، يمثل المنفى مساحة للصمت والتأمل والخسارات المتراكمة، وتبرز جغرافيا الذاكرة من خلال رموز مثل الشام والمقاهي القديمة وسوق الزهور، التي تظهر كمرايا مكسورة لحيوات ماضية.

يتنقل الشاعر في هذا الديوان بين أطياف الذات المنفية، وأمكنة شبه متلاشية، وشخصيات رمزية مثل الغريب والعرّاف والنزيل، جميعها تسبح في فضاء التيه والاغتراب. وينسج عوالم قصائده من تفاصيل حسية دقيقة كالقهوة والركوة وناي الموتى وعطر الأب وساعة الجد، ليصنع منها ذاكرة مشققة تطاردها أشباح الفقد وتوق الروح للحضور، فتتجلى تبعا لذلك ثيمة أخرى، ألا وهي العزلة من خلال هذه الشخصيات، المفصولة عن الجماعة والواقفة على هامش العالم، حيث العزلة ليست اختياراً، بل نتيجة الانسحاب من زمن لم يعد يشبه الذات.

ويوظف الشاعر في الديوان لغة صوفية ورموزًا مثل "ترجمان الأشواق" والبخور والعراف الأعمى وصرخة في أغنية إغريقية، ليفتح النص على بعد ميتافيزيقي وصوفي، حيث الذات تبحث عن تطهير أو فناء رمزي في "التعبد" الشعري المستمر.

أما الذات الشاعرة في الديوان، فهي ذات متشظية موزعة بين مجموعة من الثنائيات الضدية: الذاكرة والحاضر، الحب والفقد، الوطن والمنفى، الذات والآخر أو العالم، وتشتغل كل قصيدة كمقطع نفسي يكشف جزءاً جديداً من هذه الذات التي لا تكتمل ولا تصالح بينها وبين العالم، بل تعيش في التيه كمكان رمزي لوجودها.

ويتميز أسلوب الشاعر في الديوان باللغة السلسة ذات الإيقاع الشجيّ، حيث تسيطر عليها الوجدانيات المغمسة بالحزن، والمكثفة القائمة على الإيحاء، والميل إلى التدوير داخل الجملة الشعرية الذي يجعل القراءة تجربة تأملية، والإكثار من استعمال الرموز المفتوحة التي تحمل شحنات عاطفية وثقافية عميقة.

يمثل ديوان "النزيل بمعماره في التيه" مجموعة شعرية لا تقرأ بتأويل واحدٍ، بل تعاد قراءتها في ضوء تغير الذات نفسها، حيث تفتح كل قصيدة باباً نحو هشاشة الإنسان أمام الغياب والزمن والحنين، وبذلك يمكن أن يكون هذا الديوان مثالا جيدا على شعر الاغتراب، ونموذجاً حياً، ليس لاغتراب الشاعر عن بلده سوريا فقط، أو ليثمل الإنسان السوري المنفي وحسب، بل إنه لطبيعة الطرح المطلق، فإن هذا الإحساس العام بالاغتراب والتشظي يحسّها كل إنسان واقع في مثل هذه الظروف، ليتحول الديوان من الخصوصية الفردية ليصبح من الشعر الإنساني العامّ.

ومن بين قصائد الديوان التي يمكن أن تمثّل بعض ثيماته الأساسية قصيدة "المَنْفِيُّونَ إِلى كَاهِلِ التِّيهِ":

المَنْفِيُّونَ إِلى كَاهِلِ التِّيهِ

أَرَقٌ يَوْمِيٌّ،

صَوْتٌ أَعْزِفُ عَنْهُ

وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُنِي،

يَتَسَرَّبُ فِيَّ

ويَحُثُّنِي عَلى الحَدِيثِ إِلَيْهِمْ

قَبْلَ أَنْ يَتَسَاقَطَ الصَّدَأُ

مِنْ حَنْجَرَتِي المُعَطَّلَةِ عَنِ العِتَابِ.

***

المَنْفِيُّونَ إِلى كَاهِلِ التِّيهِ

بِلَعْنَةِ الصَّبْرِ،

كَي تَقُولَ الرُّمُوزُ أَغَانِيهِمْ فِي مِهْنَةِ المَغْفِرَةِ.

أَدْمَنُوا خَدْشِي بِالمَجَازِ الطَّيِّبِ

وغَادَرُونِي.

أَخَذُوا قِطْعَةً مِنْ جَسَدِي مَعَهُمْ

لِأَتَذَكَّرَهُمْ بِهَا.

في السرود الصوفية ومتونها ثمة ما يحيل على مكانة الشيخ المربي (المرشد) في مساعدة الطالب المبتدئ (المريد) الراغب في التعلم والسلوك. يطلق عادة على هذا النهج في التعامل بين المعلِّم والمتَعلِّم بعملية التلقين L'initiation. وكثيراً ما يشير علماء الأنثروبولوجيا (بيير كلاسترز وكلود ليفي شتراوس مثلاً)، كما هو حال علماء النفس أيضاً، ولا سيما بالنسبة لعلماء التحليل النفسي (ومن ذلك كوستاف يونغ وتلميذته ماري لويز فان فرانز كنموذج)، إلى التلقين باعتباره النموذج الأولي لطقوس المرور، أو العبور، التي يجري اعتمادها لنقل الأفراد من وضع اجتماعي معين إلى وضع اجتماعي آخر؛ وضع يكون أرفع وأعلى وأنضج وأرقى وأسمى من سابقه. وبعبارة أخرى، الانتقال من مرتبة «الحال» إلى مرتبة «المقام». وفي «الفتوحات المكية» لابن عربي وصف لهذا العبور. وهكذا، يأتي «التلوين» بمثابة مقام الطلب لطريقة الاستقامة في مقابل «التمكين» الذي هو الثبات على الاستقامة، أي مقام الذي «وصل واتصل». ولا يكاد يختلف هذا النهج لدى باقي طرق التعلم والتربية ذهنية كانت أو روحية أو جسدية تعلق الأمر بثقافات الشرق القديم (البوذية والإسلام) أو بثقافات الغرب المسيحية والعلمانية.

يتولى الكتاب الذي أصدره «المدرب» المغربي محسن عيوش و«المدربة» البلجيكية باتريشيا لامبرت سنة 2017، في محاولة جادة، وربما غير مسبوقة، الإجابة عن مسألة علاقة التصوف Soufisme ، بمفهومه العالِم، بالتدريب Caoching في صيغته المعاصرة ذات القاع الثقافي العلماني والحديث(1).

وجه المؤلفان واحداً وعشرين سؤالاً محدداً إلى كل من فوزي الصقلي، عالم الأنثربولوجيا الدينية بخاصة، وكريستيان ليستيان Christian Lestienne، طبيب النفس السريري ومدرب، بقصد التفصيل في هذه العلاقة المفترضة التي تجمع بين عالمين؛ عالم التصوف، والتصوف الإسلامي بخاصة، وعالم التدريب النفسي المعاصر، أي بين الحكمة الشرقية والفلسفة الغربية.

والكتاب كما ورد في المقدمة هو عصارة تجربة لعمل هذا الرباعي امتدت بين عامي 2010 و2017 في المغرب وفرنسا وبلجيكا. ويقدم الكتاب مادة ثرية، لا غنى عنها، لكل من يرغب في ارتياد «التدريب» مساراً مهنياً أو سبيلاً نحو فهم الذات البشرية في مظاهرها المتعددة.

ولأمر يهمني، ويهم كل من تعرف إلى صديقي العزيز الأستاذ محسن عيوش، أطرح السؤال التالي: متى اقتحم الرجل هذا العالم وكيف، والحال أن الكثير منا عهده رجل سياسة بالأولى؟ من جهتي، أحسب أنني على بينة، إلى حد ما، من العناصر الرئيسة التي اجتمعت عند «المربي» أو «المدرب» أو «المرشد»، محسن عيوش، لكي يجعل من علم Caoching إطاراً لارتياد عوامل التصوف. فقد كان مربياً على الدوام. لم يكن التصوف بغريب عن حياة الرجل، ولعله من جبلّته وكبر معه. لقد ارتبطت مختلف جوانب حياته، كما عرفته، بثقافة التصوف ضمناً أو صراحة، وسيان هنا بين فهمه للعمل السياسي وممارسته له وبين فهمه للحياة اليومية والتعاطي لها في حيزاتها وبغتاتها وتقلباتها. وعلى هذا النحو أقدر أنه كان سياسياً في عباءة صوفي مثلما كان صوفياً في عباءة سياسي. محسن السياسة لا يختلف، من حيث العمق، عن محسن التصوف. وكما خبرته، منذ ترافقنا في السبعينات إلى يومنا هذا، فقد ظل الرجل محافظاً على شمائل تمتح من الثقافة الصوفية النسغ والمسام والألق؛ ثقافة متعالقة مع ثقافة «براغماتية» ولا شك. ولأترك الكلمة لمحسن نفسه لكي يؤكد ما أذهب إليه. يقول في وصفه لهذا المنحى من مساره: «بالواقع، متى تقاطعَ سبيلي بسبيل التصوف؟ ثقافياً قد أعيد هذا اللقاء إلى اطلاعي، خلال عقد التسعينات، على كتاب كلود عداسC. Addas (2): «ابن عربي أو البحث عن الكبريت الأحمر» (Ibn Arabî (ʻArabī), ou, La quête du soufre rouge. Gallimard, 1989) ، وأيضاً إبان مراهقتي حيث اكتشفت «قصيدة نهج البردة» للإمام البوصيري [محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري 1213م- 1295م]» ص. 241 ويضيف محسن عيوش إلى ذلك كل ما نقله إليه أفراد من عائلته من مناخات صوفية ضاربة وفي مقدمتهم الوالد وابن عم الوالدة(3). وفي هذا الإطار أظن، على قدر كبير من الجزم، أن حالة محسن عيوش، على هذا الصعيد، هي حالة أغلب رواد حركة 23 مارس المغربية ومناضليها أثناء مرحلة التأسيس. وقد يعود ذلك إلى بيئة النشأة، وهي بيئة طافحة بأجواء الوطنية وفيوض السلفية المستحدثة ومغرب الخمسينات والستينات من القرن العشرين حتى وإن تفاوتت هذه العوامل من مناضل إلى آخر وتنوعت مظانّها.

ومتى آنس الأستاذ محسن عيوش في نفسه ولوج عالم «التدريب»؟ يقول: «الذي حدثني بجد واحترافية عن الكاوتشين هو صديق. وبالرغم من تصور عام كنت أحمله عن الموضوع، فلم أكن أكوّن فكرة دقيقة عنه. وباعتبار ثقتي في ذلك الصديق فقد انطلقت في عملية تكوين محايث وعميق (...) والآن، عندما أنظر إلى الوراء، أستطيع أن أرى أنه في تلك اللحظة كان الوقت قد حان بالنسبة لي لمتابعة هذا المسار. لا قبل ولا بعد. لقد التقيت بهذا الصديق "بالمصادفة"... ثمّ إنني كنت عند نقطة تحول في مساري. وخلال هذه الجولة التدريبية، اكتشفت آفاقاً جديدة وعالمًا جديداً»(4)

ويقول محسن عيوش في توصيف هذا الخيار: «إنه إذا كان التدريب ظاهرة عابرة للثقافات، لأنه ينتمي إلى الجنس البشري ويمارسه الإنسان من أجل الإنسان، فإنه لا يستطيع أن يتحمل أن يكون ما فوق- ثقافي (ميتاثقافي) métaculturel، وإنما سيربح بشكل كبير متى تجذر في الثقافة المحلية سواء داخل الكيان الوطني، أو المجموعة العرقية، أو المجتمع، أو الفرد. لقد جلب لي هذا العمل بالتأكيد التوضيحات والرضا، لكنه تركني على عطشي إلى المزيد من المعرفة. لقد شعرت بأنني لم أستنفد السؤال، وأن عليّ أن أواصل البحث والتفكير والقراءة ومناقشة الموضوع. ولأجل ذلك وضعت سنة 2006 مشروع كتاب منحته عنوان:Le Caoch et le Soufi »(5). وهكذا تولدت فكرة الكتاب هذا.

الكتاب هذا إذن، لم يكن محض مصادفة، بقدر ما جاء عقب جهد ومثابرة وتقويم وتفكير، من صميم تجربة شخصية طويلة نافذة ومضنية، ليقدم للقارئ المعني بحرفة Caoching، أو بالتعرف إلى عالمي «التلوين» و«التمكين»، أو عالم المعرفة العالمة، مادة دسمة وممتعة. يتضمن الكتاب معجماً للمصطلحات وقائمة فرنسية- عربية لجملة كلمات من عالم التصوف، وبيبليوغرافيا مهمة، فضلاً عن تعريف بالمشاركين الأربعة في هذا المنجز القيم. صدر الكتاب بالفرنسية عن «منشورات طارق» بالدار البيضاء، المغرب، ويقع في حوالي 285 صفحة.

----------

Soufisme et coaching», Tarik Edition, Casablanca» (1) Mouhcine Ayouche, Patricia Lambert (2017),

(2) كلود عداس، لمن يهمه الأمر، هي باحثة فرنسية بولندية متخصصة في الإسلام. ألفت دراسات وازنة حول ابن عربي. وكلود عداس ابنة الفيلسوف المتخصص في التصوف الإسلامي ميشيل تشودكيفيتش (Michel Chodkeiwicz)، وهي حاصلة على شهادة في اللغتين العربية والفارسية، ومؤلفة لكتاب ابن عربي ورحلة اللاعودة (Ibn Arabî et le voyage sans retour, Le Seuil 1996)، إلى جانب أعمال أخرى في السياق العام عينه.

(3) م.ن، ص. 241

(4) م. ن، ص. 233

(5) م.ن، ص. 239.

في ثاني ليلة من ليالي الهجرة الطويلة من شهر اكتوبر تشرين الأول عام 1990م انتابتني الحيرة، وقد كنت للتو قد وصلت مع أسرتي الصغيرة إلى مطار هيثرو حيث وضعونا في فندق صغير جنوب غرب لندن، حيرة مريرة حيث الناس غير الناس، واللغة غير اللغة، والمكان غير المكان، كل شيء فيه جديد، وقلق من مستقبل مبهم لا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام في الهجرة الثالثة إلى المملكة المتحدة بعد الهجرة الأولى إلى سوريا والثانية إلى إيران، واعتصرني الألم لأن الزوجة أم محمد رضا دخلت الغرفة مرعوبة باكية لما حلَّ بها من موقف فضيع داخل المطبخ المشترك مع رجل إنكليزي نزيل مثلنا، كنت أحاول أن أهدئ من روعها لأسمع ما جرى لها حتى استوعب الموقف واتعامل معه بحكمة لئلا ينفرط عقد الوئام داخل الفندق تشاركنا مجموعة من الأسر المهاجرة مثلنا مع عدد من الشباب الأعزب.

في مطعم الفندق نزلت الزوجة لعمل وجبة عشاء خفيفة عبر قلي البيض مع الزيت إلى جانب علبة فاصولية، وفي المطبخ شاب طويل مفتول العضلات مع وشم يحمل بيده مطرقة يدق به مسماراً في الحائط أو ربما يتظاهر بذلك، نزلت حيث وجدت المقلاة موضوعة داخل حوض المغسلة، ولما جاءت الزوجة وجبة الطعام، وحيث لا توجد إلا مقلاة واحدة فقامت بغسلها ووضعتها على عين الطباخ، في هذه الأثناء كان الشاب المفتول العضلات ينظر إليها بشزر منتفخة أوداجه، وما أن شرعت بصب الزيت حتى انفجر في وجهها غاضباً وأخذ المقلاة ورماها بعيداً وصار يصرخ ملوحاً بالمطرقة فوق رأسها مهدداً بضربها، وهي لا تملك من الكلام إلا أن تقول بالإنكليزية: لا لا لا (No No No)، وكلما ردَدت أداة النفي ارتفع منسوب غليانه حتى ضايق حركتها بين الطباخ والحائط محاولاً نزع حجابها وراح يصب حمأة غضبه على الحائط ضارباً به، وهي خائفة من وقع الحدث ومطرقته حتى انفلتت من بين يده هاربة والرعب يلفها لفاً وكادت أن تهوي إلى الأرض من عظم الصدمة.

 وبعدما أن عرفت ما جرى، وعلى وجه السرعة خرجت من الغرفة وخرج غيري من نزلاء الفندق، وبلغة انكليزية ضعيفة تعلمناها من مدارس العراق لم تكن تغني من حوار جلي أو تسمن من ردٍّ حفي، والشاب يشير إلى المقلاة ورفيق النضال والهجرة الذي كانت زوجته قد استعملتها قبلنا ولم تغسلها يردد مثلما رددت زوجتي لا لا لا  (No No No)، وكلما ارتفعت في فضاء المطبخ اللاءات رأيت الشاب والشرر يتطاير من محاجر عينيه كأنه يسمع لاءات قمة الخرطوم الثلاث في وجه المحتل!!، وانفض مولد الخناق بعد أن تدخل موظف الفندق وأخذ من يد الشاب مطرقته لئلا يتهور زيادة، وكان حدث الشجار حديث النزلاء في ذلك المساء الأغبر.

ووصل أمر الشجار إلى بلدية كينغستون (Kingston Council) بمقاطعة سري (Surry) التي عادت وأرسلت إلينا شابة عراقية كردية كانت قد تولّت من قبل إسكاننا في هذا الفندق، وقامت بدور المترجم بيننا وبين الشاب، وعندها عرفنا أن الأمر لا يستحق كل هذا الجو المشحون، كان الشاب يخبرنا أن المقلاة تابعة له وكان الأولى علينا الإستئذان منه، وكان في ليلة الشجار يطلب منا الإقرار بأننا استفدنا منها ولم نرجعها إلى مكانها، ولما قامت زوجتي بغسلها وهمّت لعمل الطعام طلب منها الإعتذار أولا حتى يسمح لها باستعمالها ثانية، ولأن اللغة لم تسعفنا وكنا نظن أن أدوات المطبخ على قلتها مشاعة لكل النزلاء، لذا كانت اللاءات اللندنية هو محور حديث الطرشان مثلما هي لاءات الخرطوم، فكلما سمع الشاب الكلمة رفع من وتيرة صوته، وكان هو الآخر والله العالم يظن أننا نحسن اللغة الإنكليزية ولكننا نتجاهله، وانتهى مجلس الخناق بعد هذه الجلسة إلى الإقرار المشترك بسوء الفهم، فلا نحن أدركنا ما كان يقول ولا هو يدري بجهلنا للغة، وربما كان يعرف ذلك ولكنه اتخذها حجة لمهاجمة الزوجة بخاصة وانه حاول إلحاق الأذى النفسي والروحي بها عبر محاولته نزع حجابها بالقوة، وفي نهاية المطاف تم نقلنا إلى فندق آخر بعدما رفضت الزوجة البقاء في مكان تعرضت فيه إلى موقف صعب للغاية كاد الشاب المتهور أن يدق بالمطرقة رأسها، وما يدريك لعله يفعلها ثانية وبحجة أخرى!.

حِكَمٌ نثرية مُسَجَّعة

تذكرت هذه الحادثة وهي الأولى في المهجر الجديد بعدما هبطت بنا طائرة الخطوط الجوية البريطانية في مطار هيثرو في 19/10/1990م بعد رحلة طويلة بالسيارة مع الأسرة المصاحبة لنا قطعنا فيه الطريق نحو ألف كيلو متر من دمشق إلى استانبول، تذكرتها وأنا بصدد عمل قراءة موضوعية وصفية لكتاب (قصار الكَلِم في ألفٍ مِنَ الحِكَم) لمؤلفه المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي، الصادر حديثا (2025م) في بيروت عن دار العلم للنابهين في 147 صفحة من القطع المتوسط، حيث دقت حائط ذهني الحكمة المشهورة التي نقلها فخر الدين الرازي المتوفى سنة 604 للهجرة في كتابه عيون الحكمة: 1/8: (مَن تعلَّم لغة قوم أمن مكرهم)، وقيل (شرَّهم) بدلاً من (مكرهم)، كما جاء في كتاب: التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول: 5/253 للشيخ الأزهري منصور علي ناصف المتوفى بعد سنة 1951م معلقاً على قصة زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي (12ق.هــ- 45هـت) وتعلمة للغة العبرية لغرض الترجمة من كتب يهود المدينة ودفع غائلتهم.

وكما هو دَيْدَنه في فك شفرات الحياة بمفتاح العطاء، يقدم المؤلف في كتابه جانباً من تجاربه في الحياة على طبق من كلمات قصار غلبها على معظمها السجع أو التقفية النثرية حتى تجد مياهها الدفاقة مساربها نحو قلب المتلقي وعقله وضميره، وهذا وما وجدته وما استقر عليه رأيي وتصوري عند مراجعة الكتاب والتعليق عليه قبل أن يجد طريقه سالكاً إلى محابر المطبعة.

والكتاب كما يدل عليه عنوانه يتضمن ألف حكمة وحكمة توزعت مقاديم حروفها مجدولة على الحروف الهجائية من الألف إلى الياء تسهيلاً للقارئ والقراءة والمداولة المعرفية، فكان من حق الحروف (ألف، باء، تاء، ثاء، جيم، حاء، خاء، دال، ذال، راء، زاي، سين، شين، صاد، ضاد، طاء، ظاء، غين، غين، فاء، قاف، ولام) لكل منها (36) حكمة، وللحروف (لام، ميم، واو، وياء) (35) حكمة، وللحرفين (نون وهاء) (34) حكمة.

ومن يقرأ قصار كلمات الكتاب ويقارنها بما ورد من قصار الكلم المنسوبة إلى الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته الكرام عليهم السلام، سيكتشف بلا مواربة اندكاك الكلمات ببعضها وإن اختلفت الأساليب ومناطيق الكلمات الحكمية، فهي تنبع من مصدر واحد وهو ما يشير إليه الكرباسي في التمهيد عند الحديث عن جمالية النص والمتن في الشعر والنثر متناولاً: (الكلام المسجَّع، ذو المضامين العالية والتي لها صور متعددة، منها ما يستحق أن تكون مثلاً يُغرَّد في كل مكان ويُشاع على الألسن، ومنها الكلمات القصار التي صدرت عن الأئمة الأطهار عليهم السلام ضمن أحاديثهم التي لا تُقاس حتى بأغلى أثمان الجواهر والمعادن، فإنهم أطلقوها لتبقى تجري في النفوس ويسير الإنسان وفقها، والتي قد تدخل في قالب الأمثال).

ولكن ما الذي يميز المثل عن الكلمة الحِكمية القصيرة؟

المؤلف يجيبنا في التمهيد بقوله: (إنَّ المثل يخرج من رحم حدثٍ حصل على أرض الواقع، فيتفوه الحكيم بكلمة منثورة أو منظومة، فتجري بين الناس مثلاً، وأما قصار الكلمات فإنَّ الذي يميزها عن الأمثال أنها لا تعتمد على حدوث حدث أو وقوع واقعة بل تنبع من خَلَجات النفس، ومن صميم الفكر، لا يتجاوز النَّثر، ويغلب عليه السَّجع، وعادة لا يفارقه).

ويطلعنا الكرباسي أن الكلمات الألف التي قيدها في هذا الكتاب ما هي: (إلاّ نفثة من نفثات النفس خرجت أثناء السير في الطريق أو من على سرير النوم أحببت أن أسردها لعلها تكون مفيدة).

وما باح به نثراً قيدها شعراً بمخمسة حِكَمية قال فيها:

لنا ألفٌ بها أرجو لكم خيرا

قصارٌ قد أتَتْ خُذها فلا تهوى

فذا نصحٌ لمن يبغي هنا مأوى

هي الدنيا فلا تشكو على الشكوى

بألفِ حكمةٍ خذها تكن برّا

وأردف في نهاية الكتاب قصيدة من بحر المتقارب من نظم الشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز شبين قرَّظ فيها "قصار الكَلِم"، جاء في مطلعها:

شَرَدْنَ شُرودَ طُيورِ القِمَمْ ... وَبُحنَ بهِ عالياتِ الهِمَمْ

وَغَنَّيْنَ مُنْشَرِحاتِ الشِّفاه ... يُداعِبْنَ غُصْناً شَدا وابْتَسَمْ

وختم الناظم مقرظاً الناثر:

وكرباس يعلو عُلُوَّ الطيورِ إعــ ... ـــتلَيْنَ من الراسيات القِمَمْ

عيِّنات بيِّنات

يزخر الكتاب بحكم عميقة المعنى أفرزتها تجارب الحياة مرَّ بها ناطقها، لكن العبرة ليس بسماعها أو قراءتها فحسب، وإنما في تطبيقها والإعتبار بها حتى لا يقع المرء في محذور قول الإمام علي عليه السلام: (ما أكثر العِبَر وما أقل المعتبرين)، وينتقل من المحذور إلى المرجو كما في قوله عليه السلام: (من اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم)، ومن كان هذا أمره فهو على خير لأنَّ: (الإعتبار يقود إلى الرشاد) كما أضاف عليه السلام وأرشدنا إليه، اقتداءً بالمنطوق القرآني الشريف: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) سورة الحشر: 2.

ومما أفادنا الكرباسي من تجاربه في حرف الألف: (آفة العلمِ الغُرور، وآفة الغنى الشُّرور)، (إنْ شئت دوام شيء لك فشارك الآخرين معك)، (أسرع إلى قضاء الحاجات، ولا تعتذر للناس بالحادثات).

وفي حرف الباء: (البخلُ يزيدُك شقاءً، والكرمُ يزيدُكَ بهاءً)، (بعلٌ فقيرٌ وقور خيرٌ من زوجٍ غني غَرور)، (بلسمُ اللسان عطرُ الإحسان).

وفي حرف التاء: (التمنِّي مطيَّةُ المتقاعس، والمُثابرة وسيلةُ المتنافس)، (التربية أسُّ النقاء، والفلتان قاعدة البلاء)، (تلفُ المال ولا تلفُ الحال).

وفي حرف الثاء: (ثمرة العلم العزُّ والحفاوة، وثمرة الجهل الذلُّ والشقاوة)، (ثغرٌ باسم، للكآبة علاج حاسم)، (ثقلُ العلوم مغنمٌ وَفَرح، وثقلُ الذنوب مغرمٌ وَتَرَح).

وفي حرف الجيم: (جفاءُ القريب أشد من طعن الغريب)، (جمالُ المرء في القلب، وجمال القلب في الحب).

وفي حرف الحاء: (الحكيم يصبر في الكبائر، والجهول يثور عند الصغائر)، (الحذاقة نعمة ونباهة، والحماقة نقمة وسفاهة)، (الحرُّ حرُّ وإنْ مسَّه الضرُّ).

وفي حرف الخاء: (خدمة الناس منقبة، وخذلانهم مثلبة)، (خير العلوم ما انتفع منها العموم).

وفي حرف الدال: (دَبِّر ولا تبذِّر)، (دلال المرأة لزوجها فضيلة ولغيره رذيلة).

وفي حرف الذال: (ذلَّ من تقاعس، وعزَّ من تنافس)، (ذهنٌ وقّاد مرمى للحُسّاد).

وفي حرف الراء: (راحة المرء في الاستقرار، وراحة التاجر في الإستثمار)، (رعدٌ بلا مطر كوعدٍ بلا وطر).

وفي حرف الزاي: (زعامة بلا كَرَم ككاتبٍ بلا قَلَم)، (زادُ الكريم فيه المُنَّة وزادُ البخيل فيه المِنَّة).

وفي حرف السين: (سجنُ العدوان أهون من هجر الإخوان)، (السذاجة داء والنباهة دواء).

وفي حرف الشين: (الشعور بالزهو أول مراتب الكِبَر)، (شجرةٌ مثمرةٌ تُرْصَد، ورجلُ العلمِ يُقْصَد).

وفي حرف الصاد: (الصبرُ على البلاء مكرُمة، والجزع على حطام الدنيا مثلمة)، (صمتُ الثرثار رحمة، وسكوتُ العالم نقمة).

وفي حرف الضاد: (ضالَّة العاقل المعارف، وضالَّة الجاهل المعازف)، (الضنُّ شيمة اللئيم، والبذلُ شيمة الكريم).

وفي حرف الطاء: (طلبُ العلم فضيلة، والبقاء في الجهل رذيلة)، (طلاوة الكلام أنسُ الأنام).

وفي حرف الظاء: (ظلامُ الليل بالمَسْرَجة يُرفع، وظلام القلب بالمعرفة يُدفع)، (الظلمُ سلاحُ الجاهل، والعدلُ سلاحُ العاقل).

وفي حرف العين: (العلمُ بلا عمل كشجرة بلا ثمر)، (عدوٌ معروف الجناب خيرٌ من محبِّ ضعيف الصواب).

وفي حرف الغين: (غربةُ المرء بين أهله أشدُّ من غربة السجين لوحده)، (الغنى في الاقتصاد الوافر، والفقر في التبذير النافر).

وفي حرف الفاء: (فقدُ الظالم نعمة، وفقدُ العالم ثلمة)، (فتح البلدان أسهل من ولوج قلب المرء الغضبان).

وفي حرف القاف: (القدرُ لا محالة قادم، والأجل كتاب قائم)، (قومٌ بلا بأسِ كجسم بلا رأسِ).

وفي حرف الكاف: (الكدُّ في طلب الرِّزق مدعاةٌ لنبذ الرق)، (كلبُ الحراسة أفضل من مدَّعِي القداسة).

وفي حرف اللام: (لجمُ اللسان أصعبُ من لجم الحيوان)، (لكل شيءٍ آفة، وكلُ شيءٍ للعلم آفة)، (لا تجعل للخير حدوداً، واجعل للشر سدوداً).

وفي حرف الميم: (مَن تكبَّر وقع، ومن تواضع سطع)، (مسجدٌ بلا عُبّاد كمطعمٍ بلا رُوّاد).

وفي حرف النون: (نداءُ الفقير استغاثة، وامتناع الغني خباثة)، (نزعة الخير صلاحٌ، ونزعةُ الشرِّ طلاحٌ).

وفي حرف الهاء: (هفوةُ العالِم تهزُّ العالَم)، (هديةُ الظالم شرٌّ صراح، وعطيةُ العالم خيرٌ مباح).

وفي حرف الواو: (وضوءُ السماء غيثٌ منهمر، ووضوء الجبال سيلٌ منحدر)، (الولوج في البحث عن المداليل، سبيلٌ للخروج من المجاهيل).

وفي حرف الياء: (يُسْرُ الفقير هناء، وعُسْرُ الغني بلاء)، (يقرأُ الذكيُّ خفيَ السطور، ويهملُ الغبيُّ جليَ السطور).

وحقيق على من يلامس لآلئ كتاب الكَلِم وحروفها أن يطول قُلل قباب الحِكَم وقطوفها.

sdfdf1122.jpg

يعتبر تناول أي كتاب وقراءته ونقده والسبر فيه فناً من فنون الثقافة والأدب والإعلام، لا يجيده كل صاحب قلم، ولكنه ليس بعصيٍّ على الفهم لمن يروم الخوض بقلمه في ميادين الكتابة والتحرير المختلفة، لأن الكاتب المتمرس مثله مثل الصائغ يقولب قطعة الذهب بأنامله كيفما يشاء وأنى يشاء ولمن يشاء.

في هذا الإطار صدر حديثا (2025م) عن دار قناديل للنشر والتوزيع في العاصمة العراقية بغداد كتاب (فن قراءة الكتاب ونقده)، للباحث العراقي المقيم في العاصمة البريطانية لندن الدكتور نضير الخزرجي، في (848) صفحة من القطع الوزيري.

وقال المؤلف الخزرجي في التمهيد: خلال عقود من العمل في مجال الصحافة والإعلام والنشر الإلكتروني، تحصّلت في جعبتي الكثير من القراءات لكتب ومؤلفات ومصنفات لكتاب ومؤلفين من جنسيات مختلفة ومن أهواء ومشارب فكرية متنوعة، نشرتها في صحف ومجلات ورقية في دول مختلفة وانتقلت بعضها الى مواقع وصفحات الكترونية. ولأن عديد الصحف والمجلات التي فيها ما سطره يراعي غابت وأوصدت أبوابها بخاصة صحف ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من الألفية الثالثة الميلادية، وجدت من المناسب أن أجمع ما توفر لدي من قراءات للكتب بين الطيتين ليكون قائماً بين يدي القارئ، من عالم ومتعلم أو على طريق تعلم، لأنني أزعم غير قاطع بأن ما كتبته يشتمل على الخطوط العريضة وأكثر لفن قراءة الكتاب وتفاصيله.

ويمثل الإصدار الجديد في واقعه جانباً من جولة تحريرية ميدانية للمؤلف في عالم القرطاس والقلم لعقود من الزمن، فيه قراءة متنوعة لــ (142) كتاباً، يشكل خارطة طريق لكل كاتب ومحرر يروم العوم في بحر هذا الفن، حيث يجد القارئ في هذا الكتاب قراءة لعناوين كثيرة ومؤلفين كثيرين، قراءة بسيطة وأخرى معمقة، قراءة موضوعية وأخرى انطباعية، قراءة تفسيرية وأخرى توضيحية، قراءة فهرسية وأخرى عنوانية، قراءة نقدية وأخرى استعراضية، وغيرها من فنون قراءة الكتاب واستكناه مرامه، وسيقف القارئ بشكل ميداني وتحريري على هذا الفن من الأدب العالمي الذي يقدم فيه المحرر للقارئ الكتاب على طبق من المعرفة كما يقدم الطباخ الماهر وجبة الطعام الشهي.

هذا وتوزعت المؤلفات وكتّابها على البلدان التالية: الأردن، ألمانيا، الإمارات العربية، اميركا، إيران، الباكستان، البحرين، البحرين، بريطانيا، تونس، الجزائر، الدنمارك، السعودية، سوريا، السويد، العراق، فرنسا، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، مصر، والمغرب.

وجاءت أسماء مؤلفي الكتب على النحو التالي: ابراهيم السامرائي، إبراهيم العاتي، ابراهيم اليازجي، ابراهيم محمد جواد، أحمد الجدع القيسي، أحمد علي بابللي، أحمد الصائغ، أكرم محمد آل غريب، تحسين آل شبيب الموسوي، توفيق السيف، جليل العطية، جمال الدين عبد الله، جمعة أمين، جواد القزويني، جودت القزويني، حسن الغسرة، حسن رضا الغديري، حسن عباس مستجاب الدعوة، حسن الشمري، حسن علي شمس الدين، حسن الشيرازي، حسن الصفار، حسن نور الدين، حسين الرجا، حسين الصالح الصخني، حسين بركه الشامي، حمزة الخويلدي، حميد النجدي، حيدر الثابت، داخل السيد حسن، رسول الشريفي، رشيد الظالمي، رضية الخزرجي، رفعت المرصفي، زكي الصراف، سعيد السامرائي، سعيد الصفار، سلمان آل طعمة، صاحب الحكيم، صادق الشيرازي، صالح عضيمة، طاهر الشافعي، عادل رؤوف، عادل عبد المهدي، عباس الإمامي، عبد الأمير النصراوي، عبد الحسن الأمين، عبد الحسين القزويني، عبد الحسين مهدي عواد، عبد الحق العاني، عبد الحليم الغزي، عبد الحميد الأنصاري، عبد السلام الخزرجي، عبد الصاحب الشاكري، عبد العزيز العندليب، عبد العظيم المهتدي البحراني، عبد القادر الحضرمي، عبد الكريم العقيلي، عبد الكريم الأزري، عبد الكريم القطان، عبد الهادي الفضلي، عبدالرحمن محمد شريف، عدنان الصائغ، عزيز الصمانجي، عقيلة السيد محمد الشيرازي، علي حسين الجلالي، علي كريم سعيد، علي محمد فتح الدين الحنفي، غالب مقصود البغدادي، غسان عشّا، فاضل الحيدري، فائق عبد الكريم، فؤاد إبراهيم العلي، قاسم البريسم، قصي صالح الدرويش، كاظم عبود الفتلاوي، كريم المحروس، مجيد العادلي، محمد إبراهيم الموحد القزويني، محمد الشيرازي، محمد باقر الأنصاري، محمد بحر العلوم، محمد تقي الحكيم، محمد تقي المدرسي، محمد حسنين هكيل، محمد حسين الجلالي، محمد حسين الشيرازي، محمد زغلول القدوسي، محمد عبد الجبار الشبوط، محمد علي الكاتب، محمد فائق المصري، محمد كاظم القزويني، محمد محمد حسين المصري، محمد غالب أيوب الشابندر، مختار الأسدي، مرتضى آل ماجد، مرتضى الأوسي، مرتضى الشيرازي، مصطفى القزويني، مكي الآخوند، مهدي عبد الله شمخي، نجاح الطائي، نجيب الكيلاني، نضير الخزرجي، نعمان عبد الرزاق السامرائي، نقولا زيادة، نور الدين الشاهرودي، هادي المدرسي، هاشم الدباغ، وليد الحلي، وليد عبد الخالق السامرائي، يوسف حسن كنج، يوسف عز الدين السامرائي، ويونس علي حداد.

وضمَّ الكتاب قراءة نقدية وموضوعية لكتابين سابقين للدكتور نضير الخزرجي هما: "التعددية والحرية في المنظور الإسلامي" صدر عام 2011م، و"الإسلام والديمقراطية معالم المدرستين في التعددية السياسية" صدر عام 2021، حيث حرَّر وتحدث عن الأول كلٌ من: الدكتور فؤاد إبراهيم العلي (السعودية)، والدكتور نعيم (كرم) الخزرجي (العراق)، فيما حرَّر وتحدث عن الثاني كلٌّ من: الأديب سلام البناي (العراق)، الأديب لطفي عبد الواحد (تونس)، الأديبة حبيبة المحرزي (تونس)، الدكتور سعيد الشهابي (البحرين)، والدكتور عبد العزيز شَبِّين (الجزائر). 

عرعرة (فلسطين):

صدر في بدايات شهر رمضان سنة 1446ه، الموافقة لأوائل شهر آذار سنة 2025م، العدد الثّاني عشر من مجلّة "الإصلاح"، عن دار "الأماني" للطّباعة والنّشر والتّوزيع في "عرعرة- فلسطين"، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا العدد يختتم المجلّد الثّالث والعشرين. وقد جاء العدد مفعمًا بموادّ تعبّر عن المناسبات الّتي يتميّز بها آذار عن سائر الشّهور، حيث تزامن الفاتح منه مع الفاتح من رمضان، وبعد يوميْن مع بداية الصّوم المسيحيّ الكبير، ومن ثمّ في الثّامن منه يوم المرأة العالميّ، ويوم الثّقافة الفلسطينيّة في اليوم الثّالث عشر، وعيد الأمّ ويوم الشعر العالمي في الحادي والعشرين، وذكرى يوم الأرض الخالد في اليوم الثّلاثين.

صدر العدد محمّلًا بغلاف يحمل صورة المرحوم صالح أبو عيشة، صديق المجلّة الصّدوق وصورة النّصب التّذكاريّ لشهداء "يوم الأرض" الّذي صمّمه الفنّانان: عبد عابدي وغرشون كانسبل، وعلى الغلاف الأخير صورة لأعداد من مجلّة "الإصلاح صدرت هذا العام ضمن المجلّد ال 23،

كما صدر مع العدد ملحقّ باللّغة العبريّة يحمل الغلاف نفسه ويضمّ العديد من الموادّ حول الرّاحل وجيه كبها، ومقالة للكاتب العبريّ يشعياهو تدمور حول ضرورة التّحقيق في قضيّة التّربيّة، ومقالة لد. أبراهام فرانك حول المستقبل المصيريّ للمدارس الرّسميّة، وكتب د. حاتم محاميد حول القيادة في الثّقافة الإسلاميّة، وضمّ الملحق العبريّ قصيدة للشّاعر شارون أسيسكوبيتش بعنوان "الشّمس قالت لي".

وفي العدد كتب المحرّر في "العروة الوثقى" حول رمضان الكريم وعن المناسبات الّتي تميّز بها شهر آذار: يوم المرأة العالميّ وعيد الأمّ ويوم الأرض، ومن ثمّ عن دونالد ترامب وسياسته المتقلّبة ولكن الثّابتة في العداء للشّعب الفلسطينيّ وقضايا الأمّة العربيّة، ومن ثمّ تناول سيرة الصّديق الرّاحل صالح أبو عيشة ومسيرته الكفاحيّة من خلال الحزب الشّيوعيّ والجبهة الدّيمقراطيّة.

وفي زواياها الثّابتة تناول المحرّر في "خالدون في ذاكرتنا" سيرة المرحوم محمّد خليل غنايم (دعّوس) معدّدًا مناقبه ونشاطاته في مجالات الحياة العديدة، وفي رسالته من إسطنبول كتب محمود عقل منصور عن الأديب التّركيّ عمر سيف الدّين، وفي جولاته في "بساتين بنت عدنان" كتب عبد الرّحيم الشّيخ يوسف عن "ممّا لا يقوله غير العرب"، وفي الجلسة العاشرة مع المفكّر محمود أمين العالم تناول نبيل طاهر موضوع "دفاع عن العلم"، وفي أدب الأطفال والفتيان نقل العدد أغنية رمضانيّة للأطفال وتناول أغنية لعيد الفطر من شعر صلاح الدّين الطّبريّ، وفي عطر الكتب نقل العدد أخبارًا عن الإبداعات والإصدارات في مجال الأدب والثّقافة من كتب ودوريّات، صدرت في الشّهر الأخير، وفي زاوية "إلى لقاء يتجدّد" كتب محمّد علي طه خاطرة بعنوان "ترامبنياهو في بورصة آذار".

وفي باب المقالة نُشر عدد كبير من المقالات المتنوّعة في مواضيعها: السّياسيّة والاجتماعيّة والنّقديّة والعلميّة، فقد كتب فراس حجّ محمّد تحت عنوان "إنّما قاتل الله الحرب ما أبشعها"، وكتب البروفيسور حسيب شحادة حول "كلمات وعبارات عربيّة لبنانيّة في أوائل القرن السّابع عشر"، وكتب جواد بولس مقالته السّياسيّة "ما يشبه الرّسالة للرّئيس يتسحاك هرتسوغ"، وفي النّقد كتب د. نبيه القاسم عن "أسعد الأسعد وجمر الذّكريات"، و"حكاية مثل" كتبها د. محمّد حبيب الله، وكذلك كتب د. منير توما مقالة أدبيّة بعنوان "الفرادة الإبداعيّة للقاموس الوافي للإنجيل المقدّس من وضع د. فهد أبو خضرة"، وكذلك فعل عبد الله عصفور في "قراءة في كتاب بين الأضواء والكاميرا للمخرج والكاتب المسرحيّ رياض خطيب"، وكتبت مي يونس بدرة عن "الكمنجات صوت الوفاء الغائب" وفاء لأمّها الفنّانة وفاء يونس.

وفي زاوية "ثقافة مسرحيّة" كتب رياض خطيب عن "آمال وآلام الشّعوب"، وكتب سعود خليفة عن "مسلسل اغتيال رؤساء الولايات المتّحدة"، وكتب الشّاعر رشدي الماضي خاطرة بعنوان "سفر القصيدة"، وفي التّربية والتّعليم كتب البروفيسور العراقيّ محمود الرّبيعي حول "كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشّعوب في مجال التّعليم"، وفي باب القصّة نقل العدد قصّة قصيرة واحدة للكاتب أسعد مغربي بعنوان "خبر عابر".

وفي نافذة على الشّعر نقل العدد قصيدة للشّاعر العبريّ نتان ألترمان بعنوان "قصيدة لرفيقة الصّبا" ترجمها د. نعيم عرايدي، وكذلك نقل العدد قصيدة من الشّعر العالميّ للشّاعر السّنغاليّ ليبولد سنغور بعنوان "باب مذهّب" ترجمها د. شربل داغر، ونقل العدد مجموعة من القصائد لشعراء فلسطينيّين محلّيّين: لمالك صلالحة قصيدة "فوق الجرح"، وقصيدة بالمحكيّة بعنوان "الجذور" للشّاعر تميم الأسديّ، وليوسف جمّال قصيدة "موتي يبشّر بالحياة"، ولحسين جبارة قصيدة "عشق الوطن"، ولنظمات خمايسي قصيدة "جرحْتِ القلب"، ومسك ختام الشّعر كان لعلي هيبي وقصيدة "الدّيناصور" من ديوانه الّذي سيصدر قريبًا بعنوان "غزّة أرضيّة.

المزيد من المقالات...