clip_image002_e4330.jpg

عن منشورات "جسور ثقافيّة للنّشر والتّوزيع في عمّان" ودار الرّعاة للدّراسات والنّشر في رام الله" صدرت عام 2017 رواية الباطن للدّكتور صافي صافي أستاذ الفيزياء في جامعة بير زيت.

 الدكتور صافي صافي مسكون بالمكان كما كلّ الفلسطينيّين، خصوصا اللاجؤون منهم، فالفلسطينيّ الذي سرقوا وطنه ودياره لا يمكن أن ينسى ذلك، بل العكس فإنّ أبناءه وأحفاده من بعده لن ينسوا ذلك، فالذّاكرة لا تبعد عن صاحبها وإن حاول البعض إبعاده عنها بالتّرغيب أو بالتّرهيب.

والدّكتور صافي صافي ليس استثناء، أو يمكن اعتباره استثناء بإيجابيّته في الحفاظ على الذّاكرة، فهو دائم الحديث عن قريته "بيت نوبا" قضاء الرّملة التي ولد وعاش ومات فيها آباؤه وأجداده، وشرّدوا منها أيضا في نكبة الشّعب الفلسطينيّ عام 1984.

وفي روايته "الباطن" يستعيد أديبنا ذكرياته في قرية "بيت اللو" التي ولد فيها، يعود إلى بدايات نزوح اللاجئين عن ديارهم في النّكبة، حيث افترش البعض منهم الأرض يستظلّ بشجر الزيتون، والتحفوا السّماء.

من يقرأ هذه الرّواية يظنّ في الوهلة الأولى أنّ الكاتب يكتب شيئا من طفولته المبكّرة، لكن تتجلّى روعة الرّواية أنّ ما ورد فيها يمثّل بشكل وآخر مسيرة الحياة القرويّة، معجونة بهموم اللاجئين الذين شرّدوا من ديارهم في النّكبة الأولى، وتتجلّى روعة أسلوب الكاتب بالخيال الواقعيّ، حتّى أنّ الواقع قد يكون أحيانا خياليّا أكثر من الخيال، بمعنى أنّ ما جرى في مرحلة معيّنة على أرض الواقع قد يحسبه الجيل الجديد خيالا نسجه الكاتب في مخيّلته. وفي هذه الرّواية يصعب على القارئ العاديّ وحتّى المحترف أن يميّز بين الواقع والخيال، وهذا يسجّل لصالح الكاتب.

وفي تقديري أنّ غالبيّة إن لم نقل كلّ ما ورد في هذه الرّواية من أحداث وحكايات تشكّل الحبكة الرّوائيّة التي لا ينقصها عنصر التّشويق، قد عاشها أو عايشها الكاتب وأبناء جيله في مرحلة عمريّة معيّنة. فمثلا من يعرف الكاتب عن قرب، يعرف أنّه إنسان نباتيّ، ولم يخف ذلك في روايته فمّما ورد فيها:"كم يبكيني عندما يذبح أحدهم سخلا، وهو يصرخ أن لا، تحزّ السّكّين رقبته، ويسيل الدّم، ويحاول التشبّث بالحياة دون فائدة"ص80.

ومن الحكايات والأحداث التي وردت في الرّواية هو أنّ النّساء كن يقمن بغسيل ثياب الأسرة عند العين أو نبع الماء، وبعضهنّ ونتيجة للفقر كانت تخلع ثوبها، تغسله وتستحم وتبقى عارية حتّى يجفّ ثوبها لترتديه، كن يذهبن إلى عين الماء كمجموعات، يستحممن ويغسلن الثّياب، ويحمّمن أطفالهن، وبعضهنّ تتلصّص على عورة الطّفل الذّكر وكأنّها تحاول اكتشاف عالم الذّكورة من خلال جسد ذلك الطفل البريء.

وهناك حكايا عن حبّ الطفولة البريء حيث يقلّد الأطفال الكبار من خلال لعبة "عريس وعروس".

وقد توقّفت عند حكاية "ظلال" صفحة 137، حيث جاء" الفتاتان تخلعان ثيابهما تماما، تظنّان أن لا أحد يراهما، وتلتصقان، وتتموّجان..................-ما الذي يحدث يا صفيّة؟

-        تتزاوجان.

-        فتاة وفتاة؟ كيف؟

-        ألم تسمع بزواج بين فتى وفتى؟"

توقّفت هنا وتساءلت: هل نحن هنا أمام طفلتين تقلّدان ما رأتاه من والديهما بسبب ضيق البيوت والفقر، أم أنّنا أمام عملية سحاق؟ وكذا بالنسبّة للفتيين، هل نحن أمام تقليد طفوليّ أم أمام مثليّة جنسيّة، وبغضّ النّظر عن قصد الكاتب فيما كتب فإنّ ذلك موجود في مجتمعنا، وهذه جرأة في الطّرح تسجّل لصالح الكاتب، لأنّ كثيرين ابتعدوا عن كتابة هكذا أمور.

كما وردت حكايات وقصص عن الخرافات المتعلقة بالجنّ والعفاريت التي يعتقد البعض أنّها تتلبّس البشر، ويقوم البعض بمحاولة استخراجها من خلال الضّرب حتّى الموت.

يبقى أن نقول أنّ الرّواية جميلة ومشوّقة، وطرقت مواضيع واقعيّة لا يمكن القفز عنها.

clip_image002_3cea9.jpg

عن دار العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل-فلسطين صدرت قصّة الأطفال "المفتاح العجيب لمنصورة "ميسون" محمد التّميمي. وتقع القصّة التي أبدعت رسوماتها منار نعيرات في 24 صفحة من الحجم الكبير.

مضمون القصّة يدور حول منع جنود الإحتلال الطفلة جود ووالدها من زيارة القدس والصّلاة في المسجد الأقصى؛ لأنّهما من مدينة الخليل، ولا يستطيعان دخول القدس التي يغلقها المحتلون أمام أبناء شعبها من المناطق التي احتلت في حرب حزيران 1967. وبقيت جود حزينة تحلم بزيارة القدس.

و" كانت جود تجلس حزينة تفكر، فإذا بها ترى أمام عينيها حصانا ذهبيّا جميلا، .....ركبت جود الحصان العجيب" ص12. وتصل جود القدس وتصلي في الأقصى؟، وتفتح باب المغاربة بمفتاح ذهبيّ؛ ليدخل المصلّون يهتفون "القدس قدسنا وبوّاباتها لنا ، والأقصى أقصانا" ص22.

الأسلوب واللغة: لغة الكاتبة فصيحة وبسيطة تناسب الأطفال المستهدفين، وأسلوبها سلس لا تعقيد فيه.

الرسومات: الرسومات التي أبدعتها منار نعيرات جميلة وتناسب النّص.

تردّدت كثيرا في الكتابة عن قصّة الأطفال هذه، والتي قرأتها أكثر من مرّة، وذلك لأكثر من سبب منها أنّ هذا هو الإصدار الأوّل للكاتبة، والطّريقة التي عالجت فيها دخول جود إلى القدس التي يغلقها المحتلّون في وجوه أبنائها. فإذا كانت الكاتبة تعني بالحصان العجيب التّشبّه بالبراق الذي حمل خاتم النبيّين صلى الله عليه وسلّم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في معجزة الإسراء والمعراج المعروفة، فقد وقعت في خطأ كبير، لأنّه لا معجزات بعد الرّسول، وإذا قصدت أنّ الفلسطينيّين يزورون القدس في أحلامهم، ويهتفون لها في هذه الأحلام فقد وقعت في خطأ أكثر فداحة. فالقدس لأبناء شعبها الفلسطينيّ رغم أنف كلّ من يقول عكس ذلك، وفيها أقدس مقدّسات المسلمين "المسجد الأقصى" وأقدس مقدّسات المسيحيّين "كنيسة القيامة"، وهي مدينة التعدّديّة الثّقافيّة، التي يشهد كلّ حجر فيها أنّ بناته عرب، وتراب القدس مجبول بدماء الشّهداء من أبنائها الذين دافعوا عنها وحموها عبر تاريخها. ومن غير المعقول أن يزورها أبناؤها في الأحلام، بل يجب أن يبحثوا عن طرق ترغم المحتلين على الرّحيل عن المدينة؛ ليستطيع أبناؤها وأتباع الدّيانات من زيارتها والتّعبّد فيها. فالقدس ليست مدينة خياليّة، وأبناؤها موجودون فيها وفي أكنافها أيضا.

من غرائب مآخذ (ابن معقل الأزدي، -644هـ= 1246م)، في كتابه «المآخذ على شُرَّاح ديوان أبي الطيِّب المتنبِّي»(1)- وهو يَرُدُّ على (ابن جنِّي، -392/ 393هـ=1001/ 1002م)، في شرحه شِعرَ أبي الطيِّب، في كتابه المسمَّى «الفَسْر»- ومن طرائف فهمه للشِّعر، أنْ قال:

«وقوله:  نَزَلْنا عَنِ الأَكوارِ نَمشِي كَرامَةً ... لِـمَنْ بانَ عَنهُ أَنْ نُلِمَّ بِهِ رَكْبا

لم يذكُر معنى البيت، وهو من أغرب المعاني وأحسنها. يقول: نزلْنا عن إبلنا نمشي إكرامًا للمَحبوب الذي بانَ عنه؛ أي: لم يَعْلَم أنْ نُلِمَّ به، أي: بالرَّبع، رَكْبًا، أي: لو أَلْمَمْنا به راكبينَ، لم يَعْلَم بذلك لبُعده عنه، ولكنَّنا أَلْمَمْنا به ماشينَ كرامةً له. فأنْ والفعلُ في موضع رفعٍ بأنه فاعلُ «بانَ عنه»

وأقول: لم يشرح (ابنُ جنِّي) البيتَ لوضوحه وتقليديته.  أمَّا شرح (ابن معقل)، وتفسيره قول أبي الطيِّب: «لِـمَن بانَ عنه» بأنه يعني: لِـمَن «لم يَعْلَم أننا نُلِمَّ به- أي: بالرَّبع- رَكْبًا...»، فتكلُّفٌ خواء من فهم أساليب الشعراء في التعبير والتصوير.  وإنَّما أراد الشاعر القول: «نَزَلْنا عَنِ الأَكوارِ نَمشِي؛ إكرامًا للمحبوب- الذي بانَ عَن الرَّبْع مفارِقًا- وتأدُّبًا من أَنْ نُلِمَّ بِرَبْعِهِ راكبين». ففي البيت تقديمٌ وتأخير، وأصله: «نَزَلْنا عَنِ الأَكوارِ نَمشي كَرامَةً للرَّبْع من أَنْ نُلِمَّ بِهِ راكبين، وتلك الكرامة هي لِمَن بانَ عَنهُ، وليست للرَّبْع نفسه».  أمَّا أن يقول الشاعر: إنهم فعلوا ذلك على الرغم من أن المحبوب غائبٌ لا يدري عن فعلهم، ثمَّ زعمُ ابن معقل أن في ذلك غرابةً بلاغيَّةً استحسنَها، فليس بشيء. وشتَّان بين البلاغة والبلاهة، يا ابن معقل، غفر الله لك! ثمَّ إن ما استغربتَه، يا صاحب المآخذ، ليس بأغرب من مخاطبة الشعراء، منذ أقدم الشِّعر العربي، رسومَ الدِّيار وجنادلَها، وتقبيلِهم ثراها وأركانها، حنينًا لمن بانَ عنها وكرامةً له!  كما قال (مجنون ليلَى):

أَمُرُّ على الدِّيارِ دِيارِ لَيلَى ... أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وذا الجِدارا

وما حُبُّ الدِّيارِ شَغَفنَ قَلبي ... ولَكِنْ حُبُّ مَنْ سَكَنَ الدِّيارا

وقد التفتَ (عبد الرحمن البرقوقي)(2) إلى المعنى التداوليِّ لبيت أبي الطَّيِّب، في مثل قول (السري الرفَّاء) عن الطَّلل:

نَحْفَى ونَنْزِلُ وهْوَ أَعْظَمُ حُرْمَةً ... مِن أَنْ يُذَالَ بِراكِبٍ أو ناعِلِ

ونُعيد القولَ، الذي زعمناه في مقالٍ سابق: إنَّ (ابن معقل) ما ينفكُّ يبالغ في التماس مآخذه على (ابن جنِّي)، حتى يورده التمحُّلُ مواردَ تبدو فيها مآخذه عليه هو لا له.  انظر، من شواهد ذلك، كيف يأخذ على ابن جنِّي شرحه، قائلًا:

«وقوله:  وأُوْرِدُ نَفْسِي والمُهَنَّدُ في يَدِي ... مَوَارِدَ لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجَالِدُ

قال: أي: مَن وَقَفَ مِثلَ موقفي في الحَرب، ولم يكن شجاعًا جَلْدًا، هَلَكَ.

وأقول: لم يَفْهم المعنى، وهو: إنِّي أُوْرِدُ نَفسي مَوارِدَ من الحَرب لا يُنْجي فيها الفِرارُ، لِشِدَّتها وضِيقها وصُعُوْبَتِها، ولا يُنْجِي فيها إلَّا الجِلاد.»(3)

والحقُّ أنَّ في عبارة «لا يُصْدِرْنَ مَن لا يُجَالِدُ» معنًى عامًّا، لا يتعلَّق بـ«الفِرار» وحده، وعموميَّتها أشعر من الإلحاح فيها على فكرة الفِرار؛ فمَوارد الهلاك لا تُصدِر مَن يَرِدُها، لا بالفِرار ولا بغيره، ما لم يكن الجِلادُ منجاةَ الواردين.  ومن هنا فتفسير (ابن جنِّي)- كما ترى- أنسب وأحصف وأوجز وأشعر.

وكذا قال (ابن معقل) (4):

«وقوله:  عَرَضْتَ لهُ دُوْنَ الحَياةِ وطَرْفِهِ ... وأَبْصَرَ سَيْفَ اللَّهِ مِنْكَ مُجَرَّدا

 قال: لمَّا رآكَ لم تَسَعْ عَيْنُهُ غيرَك لعِظَمِكَ في نَفسِه، وحُلْتَ بَيْنَه وبينَ حياتِه فصارَ كالميِّتِ في بُطلانِ حواسِّهِ إِلَّا مِنك.  

وأقول: وهذا الذي ذَكَرَه ليس بشيء! 

والمعنى: أنَّ الدُّمُسْتُقَ لمَّا رأَى سيفَ الدَّولة خافَ منه؛ فلِشِدَّةِ خَوْفِهِ كأنه حالَ بينَ طَرْفِهِ وحياتِه...». 

وفَهْمُ (ابن معقل) مُسِفٌّ عن فهم (ابن جنِّي)، ومع ذلك فهو يرى قول ابن جنِّي ليس بشيء عند قوله!  فما الجديد في قول ابن معقل: «إن الدُّمُسْتُقَ خاف من سيف الدَّولة، فكأنَّه حالَ بينَ طَرْفِهِ وحياتِه»؟!  وليس هذا سِوى تكرار لبعض عبارة ابن جنِّي، بل تكرار لقول الشاعر نفسه: «عَرَضْتَ لهُ دُوْنَ الحَياةِ وطَرْفِهِ»! على حين شمل تفسير ابن جنِّي: معنى عِظَم الممدوح، حتى لم يَعُد الدُّمُسْتُق يرى سِواه.  والقول: إن حيلولة الممدوح بين الدُّمُسْتُق وطَرْفه حيلولةُ فَناء، لا حيلولة نَظَرٍ فقط.  كيف لا وهي حيلولة سيفٍ بتَّار، في حَدِّه الحَدُّ بين الحياة والموت! 

فأيُّ التفسيرين ليس بشيءٍ، يا (ابن معقل)؟!

بل بلغ الأمر بـ(ابن معقل) مبلغَ الجهل، أو التجاهل، شغفًا بأن يعيب (ابن جنِّي).  حتى ليقول:

«وقوله:  رَأَيْتُكَ مَحْضَ الحِلْمِ في مَحْضِ قُدْرَةٍ ... ولو شِئتَ كانَ الحِلُمُ منكَ المُهَنَّدا

قال: أي حِلْمُكَ عن الجُهَّال عن قُدْرَةٍ، ولو شِئتَ لَسَلَلْتَ عليهم السَّيفَ.

وأقول: الجَيِّدُ لو قال: (لقَتَلْتَهُم) بالسَّيف.»(5)

أتُراه لا يعرف أن عبارة «سَلَّ السَّيف» كناية تتضمَّن معنى «القتل» وزيادة؟!  فكيف استجادَ عبارته المباشرة القميئة: «لقَتَلْتَهُم» على عبارة (ابن جنِّي) البلاغيَّة: «لسَلَلْتَ عليهم السَّيف»؟!

وختامًا، فإن المتأمِّل في مآخذ (ابن معقل) سيلحظ أن نحويَّة الرجل قد جَنَتْ على الذوق الأدبي لديه، إنْ وُجِد. ولا أدلَّ على غيابه من منظوماته الضعيفة، التي كان يَعُدُّها من الشِّعر، وما هي منه. أضف إلى هذا نزوعه النفسي، المشار إليه سابقًا، لتخطيء الشُّرَّاح، ربما لكي يحظى- واقفًا على مشارف عصر «المستدركات» و«الموسوعات» و«الحواشي» و«التعليقات»- بمثل ما حظي به غيره من أعلام تلك القرون. هذا فضلًا عمَّا كان بينه وبين (ابن جنِّي)، خاصة، «ممَّا صنع النُّحاة»، من أسنَّة المِراء والتلاحي، فجاء تحاملُه عليه وعلى شرحه لافتًا جِدًّا(6).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  (2003)، المآخذ على شُرَّاح ديوان أبي الطيِّب المتنبِّي، تحقيق: عبد العزيز بن ناصر المانع (الرياض: مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلاميَّة)، 1: 21- 22.

(2)  (1986)، شرح ديوان المتنبي، (بيروت: دار الكتاب العربي)، 1: 182.

(3)، (4)، (5)  ابن معقل، 1: 50، 54- 55، 56.

(6)  انظر شواهد هذا التي رصدها محقِّق المآخِذ في مقدمته، 1: 56- 58.

اقرا بشوق كبير رواية 1948 تأليف جورج أوريل، التي تقع في دولة إيرستريب 1 وهي مقاطعة من دولة عظمى تدعى أوشينيا (بريطانيا العظمى سابقا)، في عالم متخيل صاغه جورج اوريل بذكاء حتى لا يتهم من الحزبيين العقائديين، رغم انهيار نظامهم، بانه يشوه تاريخ ثوراتهم الاشتراكية، ويرفضون المقارنة التي تصعد تلقائيا لفكر القارئ عن العلاقة بين الرواية المتخيلة والحقيقة المجسمة في انظمة سقطت، دون ان تجد حماية حتى من أقرب كوادرها واعضاء حزبها او جيوشها العقائدية.

حسب الرواية يتميز النظام السياسي الذي يسمي نفسه بالاشتراكي بانه نظام استبدادي قمعي يتحكم بالنظام وأعضاء الحزب ويعتبرون الفردية والتفكير الحر بوصفها جرائم فكر. يعاقب عليها من يتهم بالتفكير الحر بالإعدام. جرائم التصفية بما في ذلك تصفية القيادات المؤسسة للنظام (هذا جرى في حكم ستالين بتصفيته القيادات التي قادت الثورة الاشتراكية) لأنها ربما ما زالت متمسكة بالفكر الثوري الذي خاضت به الثورة، لذا هي خطر على الأخ الكبير (الرفيق الحاكم المطلق) ربما لأنهم يعارضون استبداده او يختلفون على اسلوبه الديكتاتوري، ولم يصبحوا أقرب للنعل الذي يرتديه. 

الرئيس (الأخ الكبير) سيطر وأصبح الطاغية ويرمز اليه بصفته ديكتاتور يعد حتى انفاس المواطنين. وله في كل موقع لوحة شاشة كبيرة لمراقبة المواطنين والموظفين وهمساتهم والاعدام او المحاكمات تمحى من سجلات التاريخ. لذا ملايين الأسماء التي أعدم اصحابها ومحيت اسماؤهم من السجلات الحكومية.

  بطل الرواية، وينستون سميث، موظف طبعا عضو حزب لا يفقه شيئا من فكره، ووظيفته هي التزوير وقلب الحقائق ضمن وظيفته التي يصفها جورج اوريل بطريقة تثير لدى القارئ السخرية بأكثر اشكالها سوادا. مثلا الحكومة اعلنت عن نمو اقتصادي بنسبة 10% لكن النمو كان اقل من 4% يجب تصحيح ان توقعات الحكومة هو نمو اقتصادي 3% ونجحت الحكومة بجعله 4%. الخطة مثلا انتاج 160 مليون حذاء لكن الانتاج كان 56 مليون حذاء لذا تزور الخطة الى ان الهدف كان 45 مليون حذاء فأنتجنا 56 مليون حذاء، وهكذا دواليك الرفيق الأخ الكبير دائما دقيق في التنبؤات بكل ما يخص الدولة والانتاج.

وزارة الحقيقة مثلا مسؤولة عن الدعاية ومراجعة التاريخ؛ وعمل سميث هو إعادة كتابة المقالات القديمة وتغيير الحقائق التاريخية بحيث تتفق مع ما يعلنه الحزب على الدوام. يتلقى الموظفون في وزارة الحقيقة تعليمات تحدد التصحيحات المطلوبة، وتصفها بالتعديلات عوضًا عن التزييفان والأكاذيب التي تحرق وتختفي من السجلات. لذا يعكف جزء كبير من الوزارة على تدمير المستندات الأصلية التي لا تتضمن تلك التعديلات. وبذلك يذهب الدليل على كذب الحكومة أدراج الرياح. يجتهد وينستون في عمله ويؤديه على أكمل وجه، مع أنه يبغض الحزب سرًا ويحلم بإضرام ثورة على الأخ الكبير. ويثير جورج اوريل في سرده الشكوك حول ما آل اليه مصير والديه اذ أنهما "اختفيا" وهو بجيل صغير ولا يتذكر عنهما شيئا.

طبعا هناك جوانب مثيرة عديدة اتركها ليكتشفها القارئ ويتمتع او يحزن لما حدث لحلم انساني كان كبيرا فتلاشى.

رواية1984، يمكن وصفها برواية خيالية لكنها تفضح الأنظمة الشمولية (النازية والفاشية والشيوعية)

طبعا سينتقدني بعض الرفاق على الصاقي الشيوعية بالأنظمة الاستبدادية، لأنهم مع الاسف غاطسون بنومة اهل الكهف على افكار قديمة تضليلية، لم تخدم الفكر الماركسي الانساني، ولا الفكر الشيوعي بل السلطة الديكتاتورية وعبادة الزعيم لدرجة تأليهه. من هنا ايها الرفاق بدا الانهيار في النظام الذي رأينا به حلما انسانيا راقيا وعادلا، اعطيته انا شخصيا نصف عمري.

ما زلت بوسط الرواية. وانصح كل انسان يملك تفكيرا حرا وعشقا للأدب الجيد ان يقرا رواية 1948، ويفكر بحقيقة الأنظمة التي حلمنا ان تكون خلاصا للإنسانية من الاستغلال والاستبداد والتحكم بعقل البشر بالأساطير والأكاذيب والارهاب.

كتبت هذا النص قبل ان انهي الرواية بدافع أنى يجب ان اقول شيئا عن هذا العمل الروائي العظيم.

واتمنى من كل انسان يحترم فكره وعقله ان يقرا هذه الرواية ويفكر بتفاصيلها ويقارنها مع انظمة سقطت دون ان يقوم أي شعب عاش تحت سلطتها "العادلة" بالدفاع عنها، حتى جيوشها وقفت متفرجة لا يعنيها سقوط نظامها. بل ربما ساهمت بسقوطه بصمتها ووقوفها على الحياد، مثبتة ان النظرية التي تشوه لا تجد من يحميها وينتصر لحزبها ودولتها، وللأسف تحولت الأحزاب التي كانت تفتخر بانها تضم ملايين الأعضاء الى مجرد تنظيمات مفلسة لم تجد عشرة اشخاص يقفون لحمايتها، بل حتى اعضائها كانون يتمنون نهايتها.

clip_image002_ca500.jpg

clip_image004_4f8c2.jpg

يُحكِمُ دهاقنة العصر سلطتَهم على حاضرهم. فمَنْ يُحكمُ قبضتَه على الحاضرِ، يُسيطرُ تِلقائيّاً على الماضي. ومن يُسيطر على الماضي، يُهندس المستقبل بالضّرورة، ويزجُّه في عقول النّاس مؤثّثاً بما يريد هو. تحولات شاملة تكتسح الحياة المعاصرة. يختلط فيها كلُّ شيء بكلِّ شيء. حجر الزّاوية فيها، تغييب الحقائقِ، وترويج الأكاذيبِ كحقائقَ بديلة عنها. بات كلُّ شي مشكوكاً فيه. مع الضّخّ الدّائم للزّيف والوهم، تخلخلت البُنى العميقة التي تَسْنُدُ الحياة، وصارتْ منبعاً لأسئلة دون إجابات قطعيّة.

من الطّبيعيّ أن تظهر بصمات كلّ ذلك في الإنتاج الأدبيّ، ومن الطّبيعيّ أن يكون السّرد الرّوائيّ أسرع الأشكال الأدبيّة تأثراً بهذا؛ فقد انصرفتْ الرّواية عن الخطوط التي عرفتها من قبل؛ فمن التّماسك والحقائق المستقرّة إلى تشكيلات الوهم، والزّيف، والعبث بحركة الشّخصيّات، وتشويه زمن الحدث.

حتى غدا السّرد مشروعاً منفتحاً على أسئلة شتّى ملتبسة، والمؤلّف في  ظلالها هو المهيمن على عملية السّرد. بعيداً عن أيّ يقينيّات؛ لتصير الرّواية حاضنة لقصص متناسلة ولأجناس عديدة متجاورة

تؤكّد الإصدارات الأخيرة للشّعلان على أنّها قد تأثرّتْ هي الأخرى كثيراً بالتّطوّرات الفاعلة في طرائق الحياة عامة وفي الآداب والفنون خاصّة.            

وأنّها قد عبرت مراحل تطوّر كثيرة، مكّنتها من تحديث ذاتها، واقتحام موضوعات لم تكن مطروقة من قبل، فانتقتها وفق سياق الحياة الجديد، الذي لم يعد يتّسم بالسّيولة والسّلاسة. ومن خلال الرّؤى الاجتماعيّة الانتقاديّة والأشكال الكتابيّة غادرتْ وعيها التّقليديّ الذي بدأت به، عبوراً إلى وعي جديد، أفادت به من سمات الرّواية الغربيّة الحداثيّة، وما بعد الحداثة وما بعدها.

هذه الرّواية "أدركها النّسيان" تطوير لتجربة الشّعلان الإبداعية وإثراء لها. وهي ترفض عبرها الاستسلام لاشتراطات ما بعد الحداثة في السّرد، ويبدو ما وراء القصّ واضحاً فيها في بنائها لمتون وهوامش النّصّ، استلّتْ كلّ ما يثري عمليّة السّرد بمنظور يدرك الأجمل في عمليتي التّفكيك والتّركيب. فاستفادتْ من التّكثيف الموحي ومن انفتاح النّصّ معاً، من الأسطورة والسّحر والخرافة والخيال؛ لإزاحة الحدود بين الأجناس، والتّعامل مع إشكاليّات النّصّ؛ فاستعانتْ بما يؤسّس، ويومض، ويوحي، وابتعدتْ عن كلّ ما يربك، ويعرقل مسيرة الدّلالة. كما حافظتْ على بهاء لغة قادرة على اقتناص أدّق التّفاصيل دون العبث بتشكيلاتها التي تحقّق للفنّ مهمته في دمج القيِّمِ بالجميل والمُشوِّق.  

لقائي بالمبدعة سناء الشّعلان كان ات مساء تشريني من العام 2007م؛ إذ التقيتها صدفة في مستشفى الأردن حيث كنت أرقد مهشّماً جرّاء حادث سير قاتل في عمان. أهدتني حينها وأنا على سرير الاستشفاء نسخااً من مجموعاتها القصصيّة التي لم أكن قد قرأتها بعد.تكرّرتْ لقاءاتنا ودردشاتنا على مدار أشهر تسعة قضيتها في المستشفى، وتواصلتْ معها خارجه، وتعمّق تبصرّي في كلّ ما أبدعتْ؛ لأقول بثقة أنّ الشّعلان في كتاباتها الوطنيّة أقرب إلى غسّان كنفاني، وفي الاجتماعيّة أقرب إلى نجيب محفوظ، وتذكّرني أناقة لغتها بالمنفلوطي، وطرافة أسلوبها بالمازني.

عبر معارج المشهد الثّقافيّ المحليّ تشعّبْت علاقتنا، وتوطّدتْ، وبتّ كلّما خيمت الدّنيا عليّ بتفاصيل تتعب روحي أجري إليها لائذاً بحرفها المسموعة والمقروءة لأستريح .

حاصرني منذ أيّام واقع لا أجيد فهمه، فبدتْ روحي هشّة غافية على حواف انطفاء؛ لألملم عشوائياتها التقيتُ الشّعلان، وفي نهاية دردشاتنا أهدتني نسخة من روايتها الجديدة "أَدْرَكَهَا النّسيان". اعتكفتُ بعيداً، قرأتها مثنى، بل ثلاث؛ الأولى استكشافيّة، والثّانية استفهاميّة، والثّالثة للتبصّر والفهم .مع القراءة الاستكشافيّة سرعان ما وجدتُ أنّ الشّعلان -بما عُرف عنها من جرأة لافتة- قد اتّخذتْ من أجساد أبطالها داخل فضاءات ميتم حكوميّ بائس، تنكسر فيه القواعد الأخلاقيّة الصّلبة، في وطن موحش من أوطان الشّرق المقيت باستبداده، بؤراً تتجلّى فيها وعبرها الذّوات والأشياء التي تكوّن عالم النّصّ وثيماته الفرعيّة: اليتيمة النّارية الحمراء بهاء، اليتيمة هدى ضحية زنا المحارم، مديرة الميتم العانس الشّهوانيّة، المدرّس أفراح الرّمليّ صيّاد الأجساد، طريد الميتم المتمرّد سليم الضّحاك الذي صار في مدينة الثّلج الاسكندنافيّة الأديب المشهور والأستاذ الجامعيّ المرموق،  وباربارا سكرتيرته الاسكندنافيّة العاشقة.

ترى الشّعلان في هذه الرّواية -عبر بدايات متعدّدة ولأسباب متشظّية- أنّ شهوات الجسد منطلق لتناسل الموضوعات السرديّة، وحركة كلّ الأحداث ومعطياتها، وسبب لنمو الدّلالات السرديّة. وتتبدى ثيمات القصّ الواقعيّة والمتخيّلة أغلب الأحيان من خلال منظورات التّهكّم والاتّهام والشّكّ.    وأدركتُ في القراءة الاستفهاميّة أنّ النّصّ مختلف كثيراً عما عرفتُه من نصوص الشّعلان من قبل؛ فهو بما احتوى من أنماط سرديّة وموضوعات روائيّة متجاورة، فهو نصّ مفتوح يتعالى على أحدايّة التّجنيس، ولكنّه مرتهن لحدود الرّواية. هو نصّ عجائبي لا تاريخيّ، يطرح قضايا العلاقة بين الحقيقة والخيال، ويحتفل بالأسطوريّ والغرائبيّ ليس بالمعنى الحرفيّ للأسطورة، بل بانتزاع إشارات من الواقع، تمتلك القدرة على الأسطرة بحكم هيمنة اللامعقول عليها.

محرك الكتابة الروائيّة في هذا النّصّ هو وعي الشّعلان بمدى تطوّر العالم المعاصر وفقده لإنسانيته في الوقت نفسه، وفي سعيها الدّؤوب إلى تحرير الإنسان بالعقل، وتخليصه من قسوة سجونه الزّائفة والملفّقة؛ إذ سعتْ إلى كشف دقيق عن الحقائق التي يخفيها الواقع والعوالم المتشظّية المتساكنة في فضاءاته، ونبشتْ، وبحبشتْ عميقاً في أسس المهيمن، وكسرت قوالبه، وخرجتْ على نماذجه السّائدة، وقاربتْ على نحو مدهش التّساؤلات المركزيّة عن العوالم المتحركة التي يحيا أبطالها في دواماتها؛ ممّا زاد من معاناة المبدعة لهذا النّصّ؛ إذ إنّها كانتْ أمام مجتمع مفكّك مبعثر، تخلخل المألوف فيه، ونبت الشّكّ في ثوابته وصيروراته السّائدة المتناقضة ذات التّعقيدات المتشابكة المثقلة بهيمنة الاضطهاد والظّلم الاجتماعيّ والحبّ والشّهوة وغيرها من الارتطامات اليوميّة والانفعالات المختلطة.

عتبة النّصّ تبدأ النّصّ بالحضور منذ أن تقع عينا القارئ على عنوانه  الذي يشي بموضوع العمل، ويحدّد مسار القراءة للمتلقّي، أيّاً كان الهدف المنوطُ بالعنوان، فإنّ قراءة متأنيّة له سرعان ما تنتهي إلى دلالات ذات أهميّة فيما النّصّ بصدده؛ فالجملة الفعلية "أَدْرَكَهَا النّسيان" تعني أنّ النّصّ مهتم بالبنية العميقة للمكان الدّاخليّ لأبطاله بحثاً عمّا تخفيه الذّاكرة لا ما يُظهره الواقع.

واقتران النّسيان بفعل أدركها يدل على وصول النّسيان إليها أخيراً، وكأنّها لم تكن ناسية من قبل، وكأنّ النّصّ يعلن منذ البدء أنّه مقبل على إزالة المخفي من الذّاكرة ليموت. ولكن ما الذي كان يمنع الذّاكرة من النّسيان؟ وما المخفي الذي يقصده النّصّ ضمن النّسق المسيطر، هل يرمي إلى المدنّس أو المختلف عامة أو كلاهما ؟ تتقافز الإجابات في ثنايا النّصّ من المشهد الأوّل فيه، وبعد قراءتي الثّالثة المنصتة لما لم يقله النّصّ، أضيف أنّ مسار الكتابة في هذه الرّواية مسار زئبقيّ، تصعب محاصرته بطريقة تجعلنا نطمئن إلى ما يحدّده ظاهر النّصّ. فهناك روافد كثيرة في الرّواية تسهم في فتح آفاق جديدة أمام رؤية ما بعد النّصّ في بناء موازٍ قد لا يتجلّى لقارئ متعجل، يقيم فيه إنسان عربيّ غير متصالح مع شيء، يعيش داخل تركيبة تحمل بذور موتها، ويبحث عن ماهيّة حقيقيّة غير كينونته الزّائفة، ليتكشف أنّ حضوره في الحياة مرهوناً بموته، وهذا يذكّرني بنكسة 1967م.

أمّا عن حضور القارئ في النّصّ صحيح أن النّصّ حين يخرج من يد مرسله، يصبح ملكاً لمستقبله، يمارس عليه كلّ حقوق الملكيّة، إلاّ أنّني أنصح المتلقّي بالتّحفز الواعي، وهو يجوس غيطان هذا النّصّ المرهق بحثاً عن إجابات؛ فهو أمام نصّ زئبقيّ، بؤره المتعدّدة تبقيه مفتوحاً على قراءات متأمّلة متعدّدة وعرضة للتّأويل المتنوّع.

مفاصل النّصّ مكتظة بتفاصيل ملتبسة متداخلة ومتناصّة، ظاهرها الغرائبيّ صداميّ، تثير توتّر المؤمن بالسّائد، فيقع في حيرة تبقيه متردّداً بين تفسير متصالح مع المألوف، وتفسير خارج عليه.

الخاتمة:

بعد الغوص مطولاً في هذه الرّواية، وفي جلّ ما أبدعت الشّعلان، أقول برضا: اسبغوا عليها ما شئتم من ألقاب تكرّم مسيرتها: "شمس الأدب العربيّ"، أو "ايقونة الأدب العربيّ"؛ فهي في كلّ الأحوال، تستحقّ عن جدارة كلّ تكريم. فهي بما راكمتْ حتى الآن من إبداعات قد نحتت لمشروعها الخاصّ، مجرى عميقاً في المشهد الثّقافيّ العربيّ المعاصر، إلى جانب كبار أدبائنا المعاصرين، مثل: جبرا، ومنيف، والطّيب، والغيطاني، ويوسف زيدان، وحبيبي، ونذير العظمة، وفاضل العزاوي، وغيرهم من الشّوامخ.

المزيد من المقالات...