wgsfg1098.jpg

عن دار الهدى، في 60 صفحة من الحجم الكبير والورق الصقيل وبغلاف مقوّى، يكتب الأديب جميل السلحوت رواية للفتيات والفتيان تدين بصراحة ووضوح زمنًا كان للخرافة فيه مكان فسيح، وكان العقل مغيبًا في كثير من قضايا الحياة.

تتمحور الرواية حول خوف الناس في إحدى القرى من مغارة نُسجت حولها حكايات كثيرة، ناتجة عن مخاوف وأوهام، بحيث صار المرور من أمامها في الليل مثيرًا للرعب، خوفًا من خطر الأرواح التي تسكن المغارة، وخوفًا من غضب الرجل الصالح حمروش المدفون في قلب المغارة.

الطفل سعيد بحسه الفطري وبما يتسم به من براءة ظل يسخر من الخرافات التي يرددها الكبار، ولا يخاف مما يشاع عن المغارة من قصص وحكايات، بل إنه تعاطف مع النوري عبده وزوجته صبرية اللذين وفدا إلى القرية للإقامة فيها مدة أسبوع، فبادرا إلى السكن في المغارة وهما لا يعلمان عن أسرارها شيئًا.

شكّل مجيء النوري وزوجته تنويعًا جديدًا على مادة السرد، إذ جرى التعرف على طبيعة الغرابيل والكرابيل التي يبيعها النوري، وهي من جلد الحيوانات، وتلك معلومة صحيحة ولا غبار عليها، وجرى في الوقت ذاته التعرف على بعض اختصاصات زوجته صبرية التي تقرأ الطالع بالكف أو بالفنجان، وتفتح بالودع، وتداوي النساء من أجل الحبل بأن تبصق في أفواههن، وهنا يلتقي الجهل مع الجهل، والخرافة مع الخرافة، ما جعل الطفل سعيدًا يتقيأ قرفًا حين شاهد صبرية وهي تبصق في فم إحدى النساء.

أخيرًا تنتهي الرواية بزلزال يصيب القرية، فيتهدّم قبر حمروش؛ ليتكشّف القبر عن جمجمة حمار مدفون هناك، وفي هذه النهاية إهانة مستحقة لمن تسيطر الخرافات على عقولهم.

وبالطبع؛ حين نغادر عالم الرواية ونستنطق التطورات التي وقعت في مجتمعنا، ندرك بأن التطور العلمي وانتشار الكهرباء التي قضت على الظلام كان لهما الفضل في دحر الخرافات، وتقليص هيمنتها على العقول، إلا فيما ندر من الحالات.

dsfddf1097.png

في المجموعة القصصية للقاص محمود سيف الدين الإيراني[1] "متى ينتهي الليل"[2] وردت قصة بعنوان "سر في صورة". تختزن هذه القصة العديد من الصور، ولا يقتصر الأمر على حديثها عن لوحة فنية. إن هذا أمر مهمّ في القصة لكنه ليس الوحيد، إذ يلتفت القاص أيضا من طرف خفي إلى كيفية التعامل مع الصور أو قراءتها، وتقدم القصة طريقتين لقراءة اللوحة الفنية، واحدة ظاهرة وأخرى معمّقة، قام بهما صاحبها الفنان التركي البائس، ضياء الدين بيك، تبدأ القراءة بالخطوة الأولى وهي "يجب أن تعرف كيف تنظر إليها أولاً... [...] قم... تعال نبتعد قليلا عن الصورة... مسافة مترين، انظر الآن". وأخذ يعدد صفاتها الخارجية. وبعد أن ينهي الوصف الخارجي يرشده إلى القراءة المعمّقة، وتقوم هذه القراءة على التأمل "ولكن تأمل قليلاً، وحاول أن ترى أكثر من هذه الألوان... وراء هذه الألوان". هذان أمران بالغا الأهمية في هذه القصة القصيرة، ومنهما تنطلق الأحداث جميعها، كما سأبين في ما يأتي من تحليل.

تقوم القصة على أسلوب السرد التقليدي بضمير الغائب (الضمير الثالث). للوهلة الأولى وبالقراءة العابرة سيجد القارئ أن السر في اللوحة التي تعطيها القصة وصف "الصورة" أمر ثانوي جاء من أجل العنونة اللافتة للنص، إنما في حقيقة الأمر- كما رأيت- إنها بؤرة معنوية تسيطر على الخلفية المعرفية للنص بكامله، وتنبع هذه السيطرة من أنها شكلت أساسا عميقا لفهم القصة وأحداثها، ولعلها أيضا كانت هي السبب في تركيز القاص على الوصف الخارجي لعناصر القصة، وخاصة المكان والشخصيات.

وشكلت اللوحة بمنطقها المغلف بالسر والملفع بنوع شفيف من السخرية طباقية- حسب المصطلح الإدواردي[3] مع المكان الذي حلت فيه، فجاءت غريبة عنه، فكل شيء متآلف فيه "إلا هذه الصورة ما شأنها هناك". فكيف جاءت هذه اللوحة لتكون في محل بيع مواد تموينية وعند رجل لا تناسبه، ولا يتناغم معها، ولم يستطع فهمهما ما سببت له قلقا، وسعى إلى فك رمزيتها وسرها، لكنها بقيت مستعصية عليه.

وما يعمّق طباقيتها في القصة هو أنها جاءت سداد دين، وربما هنا تبرز ثنائية مهمة؛ وهي أن عصر التطور المالي والاقتصادي الناشئ جعل الفن هامشيا وتابعا لرأس المال، بحيث يتحول إلى مجرد سلعة عديمة القيمة بيد رجل كالسيد حمدان الذي تطور ماديا لكنه بقي- كما تبدو صورته- يعيش بمزاج الماضي ومعايير ذلك الماضي.

وارتبطت اللوحة بمبدعها الذي يفهمها، لكنه بدا باهتا مدينا منكسرا بائساً، لم ينفعه الفنّ والإبداع في ظل سلطة المال وتسلّطه الذي بدا واضحا في حيازة حمدان للوحة بسبب الدين، وتبدو مرة أخرى صورة الفنان الفقير البائس الغني روحياً، يقابل الرجل الغني ماديا والفقير روحياً، لم ينتفع السيد حمدان بشرح الفنان وتوضيح للعناصر الجمالية للوحة، وبقيت بالنسبة له ذات سر غامض، فقد انتبه السرد القصصي إلى أن عطش حمدان للمرأة عطش خارجي شهواني جسدي، وهذا النوع من العطش لا يعمر طويلا مع النساء، فإذا ما ارتوى الشخص لم تعد لهذه المرأة حاجة؛ لذلك ظلت "عيشة" زوجته الأولى هي التي تلبي رغبات روحه وتتناغم معه على الرغم من نكدها وزعيقها الدائم وصورتها المنفرة وشعرها المنفوش.

من زاوية أخرى، فإن هذه اللوحة تتناظر في دلالتها وفي أوصافها إلى حد التطابق مع الزوجة الثانية للسيد حمدان الذي اغتنى وتبدلت حاله من فقر إلى غنى، فشعر أنه لا بد له من زوجة ثانية، فيحصل عليها ولتعميق الربط بين الصورة أو اللوحة الفنية وهذه المرأة فقد وصلتاه معا في اليوم ذاته، وتعبّر القصة بدلالة خاصة مرتبطة بالمرأة أنه "سينتقم لنفسه، ولحرمانه الطويل، لظمأ قلبه وجوع روحه".

تتعامل القصة مع هذه الزوجة المسمّاة هناء على أنها "بضاعة"، وبالتالي فهي لم تكن روحا ولا إنسانا كاملا، كاللوحة تماما التي نزلت من مستوى الفن الرفيع لتكون مادة باهتة فقط، قبلها على مضض. إذاً المرأة كاللوحة تلبيان حاجة مادية وليست حاجة روحية، فهذه العروس جاءت "كما اشتهاها في حرقة أحلامه وجنون اشتياقه إلى البدن الشهيّ". ولذلك عندما قضى وطره منها، لم يعد يرغب فيها، فقد مات الشغف، "لقد انطفأت وقدة الغرام، وحرقة الاشتياق إلى البدن الشهي التي كانت تلهب أحشاءه قد بردت."

لقد أعطى السرد الأوصاف ذاتها لكل من المرأة هناء واللوحة الصورة فقال في وصف هناء في الصورة المتخيلة في ذهنه بداية التفكير بزوجة ثانية: "حورية من الجنة، بيضاء، شقراء، ذات عيون زرق، فيها رقة وحلاوة ودلال". ثم عززها بالصورة الواقعية فجاءت كما تمنى بهذه المواصفات: "بياض، وشقرة، وورد على الخدين، وزرقة في العينين". أيضا كانت هذه الصفات الخارجية للوحة: "البشرة المخملية، وهذا الورد على الخدين، وزرقة البحر في عينيها، وتلك الابتسامة الخفيفة على شفتيها، والذهب الذي يتألق في شعرها". كما التقتا في الاعتبار نفسه عند السيد حمدان فالصورة هي "ليست أكثر  من شبه صورة لامرأة". وهنا لم تكن في النهاية سوى "إنها ألوان هي الأخرى". كما أنه وصف اللوحة ذاتها بالوصف ذاته عندما قال: "إنها مجرد ألوان تراكم بعضها فوق بعض".

إن الربط حاضر بقوة بين الصورة وبين المرأة، ولم يتمكن السيد حمدان من فهمهما أو التعايش معهما أو التصالح مع وجودهما؛ فكلتاهما سببتا له قلقا واضحا، اللوحة والمرأة، وكلتاهما تشتمل على سر، فهناء "تنطوي على سرّها" فتشعره، وإن امتلك جسدها، كما امتلك اللوحة وحازها في محله، إلا أنهما لا يبوحان له بسرهما، ولذلك يشعر بأن هناء أقوى منه، وأرفع منه، وتشعره بأنه ضئيل، وصغير وتافه. ما دفعه ليسأل نفسه "أي شيء وراء كل هذا؟".

يبين القاص إجابته على هذا السؤال من خلال قراءته المعمقة للصورة باعتبار أن الصورة تناظر المرأة هناء، وهو يشرح دلالات العناصر الفنية الخارجية السطحية، فالجفون فيها انكسار، ونظرتهما مصوبة إلى داخل النفس، والابتسامة ابتسامة مسكينة، استسلام حزين صامت. والنتيجة التي تلخص هذا التناظر بين اللوحة وهناء قول الفنان معقبا على المرأة اللوحة، وأغلب الظن يحيل القارئ على المرأة، الزوجة الثانية (هناء)، فيقول: "هذه المرأة خيبت لها الأيام آمالاً".

إذاً، يستطيع الدارس أن يقرر أن المرأة الثانية هناء في حياة السيد حمدان ما هي إلا صورة، نظر إليها من الخارج، ولم تتجاوز معرفته هذا المستوى، لتكون المرأة الثانية أيضا نقيضا، صانعة طباقية مركبة مع المرأة الأولى عيشة ذات الصفات المناقضة لصفات هناء، فهي نكدة، وتصرخ كثيرا، وشعرها منقوش، ووجهها مربدّ وأسارير متجهمة، وعينان مدورتان تبحثان عن الشر، ولسان سليط يدور دائما في حلقها. كل صفة في عيشة لها ما يناقضها في "هناء"، وفي المرأة اللوحة، وبذلك يكون القاص قد ربط خيوط النسيج القصصي بتآلف لتكتمل اللوحة الكلية بتمامها في هذا الجانب أولا؛ ألا وهو الجانب الخاص باللوحة والمرأتين.

على الجانب الآخر، ترسم القصة للسيد حمدان صورتين متناقضتين، واحدة ما قبل الحرب العالمية الثانية حيث كان فقيرا، وذا لباس متواضع، وهيأة تتمثل في أنه رجل بسيط ضائع في زحمة القطيع البشري، يشتري في العيدين قمبازا من الكتان الملون الرخيص، قذر وحائل، وحذاء غليظا، وسترة نصف عمر من بائع الملابس القديمة، أما شارباه فمتهدلان منكسران ولحيته مهملة شائكة وعيناه ذابلتان وجسمه متعب مكدود. تبدلت هذه الصورة بعد أن أصبح ذا مال، فأصبح هو التاجر الكبير، ويلبس حلته الإفرنجية الثمينة، وقميصه حريري مهفهف، وربطة عنق مشجرة نفيسة، وحذاء إنجليزي فاخر، وطربوش أنيق ممتاز، ويضع في أصابع يديه الخواتم من الذهب والألماس، ويزين معصمه بساعد يد ذهبية. أما هو شخصيا فصار رجلا آخر له صفات مختلفة تماما عن الصفات الأولى التي كانت تصفه في حالة ذلته وانكساره، فقد انقلبت هذه الصورة إلى النقيض؛ فالوجه الممصوص أصبح ممتلئا بالبشر والنضارة، والعينان الذابلتان الخابيتان تألقتا، والقامة الهزيلة قويت واشتدت، والشاربان المسترخيان نهضا واستويا مبرومين بعد ذلة وانكسار.

حاول السيد حمدان أن يجد له امرأة جديدة تناسب وضعه، ولو كان التناسب شكليا خارجيا، فكانت هناء، لكنه لم يجد معها ما كان يريده ويطلبه، فشعر بالهزيمة معها، وانحاز إلى عيشة بكل تلك الصفات التي تناسبه في العمق، فما هو فيه من بهرجة شكلية ما هي إلا عرَض مادي لا يؤثر في الروح، لذلك تراه يتساءل أمام اللوحة والمرأة، ويضع مصيرهما على الهاوية وذلك بالتخلص منهما معاً.

بهذه الكيفية ترتبط اللوحة بكل مفاصل القصة وأحداثها لتكون هي المحرك الأساسي للفكرة، ومجسّدة لها أيضا بأطرافها الثلاث: السيد حمدان، وهناء، وعيشة. ولعلي لا أتعدى الصواب لو قلت إن امرأة اللوحة أو اللوحة بهذا المفهوم هي البطل الحقيقي للقصة وليس السيد حمدان، على اعتبار أن البطل هو من يجسد الفكرة ويوضح رسالة القاص.

هذا أمر والأمر الآخر الذي لاحظته في بناء القصة أن الكاتب قد عمد إلى اللغة الواصفة، والباحثة عن التفاصيل لرسم المشاهد كلها، فجاءت القصة مبنية من مشاهد متعددة متآلفة مع بعضها، فكأنها مجموعة صور مرسومة بالوصف، وقد تدرّج الإيراني في رسم المشاهد من العام إلى الخاص، فرسم الصورة العامة بمشهدها الكلي ثم أخذ الصورة تركز شيئا فشيئا، وتتقلص مساحتها وصولا إلى دكان السيد حمدان وشخصه. تشعر وأنت تقرأ أنك تشاهد عرضا متحركا للحي بكامله وناسه قبل أن يصل القاص إلى هدفه والتركيز على الشخصية الرئيسية فيها.

نتيجة لهذا العرض الذهني اللغوي للمشاهد، كان هناك ما يزيد عن عشرين صورة، متفرعة من تلك الصورة المحركة للأحداث، اللوحة، فهناك وصف لصورة حي الأشرفية وتطوره، وصورة الناس والتنوع البشري فيه، وصورة المعروضات في دكاكين الحيّ، وصور البنايات القديمة والجديدة وتوسع الحيّ، ودكان سيد حمدان القديم وما فيه من معروضات وبضائع، وصورة مستودعه الكبير، وصورة حمدان وهو نائم، وصورته وهو يراضي زوجته، وصورة بيته الجديد.

وثمة صور ناشئة عن الحوار بين الشخصيات، كحوار حمدان مع عيشه، وحواره مع الفنان التركي مرتين، وحواره مع الصحفي، فكلها مشاهد صورية متعددة العناصر تقدم صورة تؤطر تلك العناصر في إطار معين من اللحظة التاريخية والمكان الذين ضمهما، فقد توفرت في هذه المشاهد كل العناصر التي تؤهلها لأن تكون صورا مرسومة بعناية.

وبدا في بعض المشاهد صورتان متخيلتان، متوقعتان، وذلك في مشهدين، الأول في تلك الصفات المتوقعة للزوجة الثانية، وبينت ذلك في موقعه سابقاً، وأما الصورة الأخرى المتخيلة فتمثلت في توجّسه عندما "اندلعت نار الحرب العالمية الثانية، فهوى قلب السيد حمدان إلى حذائه، وكان يسمع عنها ولا يفهم إلا أنه سيعرى ويجوع ويشّرد كما حدث له في الحرب الأولى. إنه إذاً يسترجع صورته القديمة، ليبني عليها صورة جديدة متوقعة في المستقبل، لكن تأتي صورة الحاضرة صورة مختلفة تماماً، اهتمت القصّة برسم تفاصيلها بالكامل.

كما أن السرد استطاع تصوير مشاهد متحركة لنشاط الناس في الحي، وحركة التجارة في مستودع السيد حمدان. وبذلك تكون القصة قد عبّرت عن الفكرة، فكرة سر في صورة، لتنفتح دلالتها، فليست مقصورة على فك شيفرة لوحة الفنان التركي ولا معرفة سر هناء، إنما السر أصبح في هذه الصورة الكلية المتشكلة من مجموع هذه الصور، وكأنها مقطعيات نسجية من جدارية كبيرة ترسم الحي وناسه، وتطوره العمراني، لكنه مع ذلك لم يستطع أن يتطور أهله روحيا، تطورا يوازي التطور المادي. وهذا ما تكشف عنه الصورة الكلية للعمل الأدبي، ولكن بتوظيف تقنية الصورة في رسم المشاهد، والاستعانة باللوحة الصورة التي جمعت كل الأحداث بفضائها، فهي بالتأكيد لم تكن "قطعة من الخيش المدهون"، وليست كذلك نوعاً من التفاهات.

الهوامش:

[1] كاتب فلسطيني، ولد في يافا عام 1914، وتوفي عام 1974، عمل في سلك التعليم، وصدر له عدة مجموعات قصصية. ينظر: موقع وزارة الثقافة الأردنية: https://2u.pw/1EQYElV4

[2] الأعمال الأدبية الكاملة، محمود سيف الدين الإيراني، مؤسسة عبد الحميد شومان، عمّان، 1998، ج 1، وتقع القصة بين ص 335- 341.

[3] نسبة إلى إدوارد سعيد، مصطلح استعاره من الموسيقى، وصكّه ليطبقه على دراساته الثقافية والنقدية، ويهدف من خلاله إلى أمرين: تعدد القراءة، والكشف عن التقابلات بين الثقافات وخاصة بين المستعمِرين والمستعمَرين.

ما أصدق القول إن الوطنية أحياناً نوعٌ من ملاذ، مجرد ملاذ. تذكرت ذلك فيما يتداول البعض انسحاب تميم البرغوثي (البعض سمّاه اعتذاراً، لكن لدى الشاعر من الأنا ما لا يسمح له بارتكاب هذه الفضيلة) من أبيات شعر قالها في بغداد، على هامش معرض الكتاب، فأثار عاصفة غُبارية لم تهدأ حتى الساعة، أيقظَ شتائم ومفاخر وفتناً كانت غافية إلى أن قال، من قلب دار الحكمة، بغداد، قولته:

تصيح زينب يا مولاي يا سندي… يا والدي وابنَ أمي ثم يا ولدي

إن الحسين عراقٌ حَلَّ في جَسد… إن العراق حسينٌ آخر الأبد

ودَهْرُهُ أموي ما لَهُ شرفُ

كان الأولى بالشاعر نفسه، إنْ كانت تعنيه الوطنية وقلة النعرات إلى هذا الحد، أن يؤجل قصيدته، كان أولى أن يقول شيئاً عن غزة، أو لبنان

الفتنة استيقظت مع العبارة الأخيرة التي يسيء فيها البرغوثي للأمويين (أولئك الذين قال عنهم سعيد عقل في قصيدة بديعة: أمويون فإنْ ضِقْـتِ بهم، ألحقـوا الدنيا بِبسـتان هشـام) فَيَصِمُهم بانعدام الشرف.هنا، مع هجوم شرس في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مساحات ومنابر شتى على الشاعر وقصيدته الخائبة، أراد أن يستدرك ويحاول استرضاء الجمهور الذي صنعه في الأساس، وما هو إلا صنيعة جمهور تلفزيوني بالذات، فكتب تبريراً مطولاً، وهنا تذكرت الملاذات التي يلجأ إليها الخائبون، إذ يفتتح كلامه بالقول: «لبنان يقصف تل أبيب، وبعض المنابر العربية مشغولة باقتطاع جزءٍ مِن قصيدة مِن سياقه لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية بين الناس».

وبالطبع كان الأولى بالشاعر نفسه، إنْ كانت تعنيه الوطنية وقلة النعرات إلى هذا الحد، أن يؤجل، على الأقل، قصيدته، كان أولى أن يقول شيئاً عن غزة، أو لبنان، ولا شك أن كنانته لا تنفد من القصائد البطولية. كان بوسعه هو أن يؤجل القصيدة وينيم الفتنة، التي أيقظها من دون أن يرف له جفن، أو ترتجف ساق.

في الباقي من تبريره، يرتكب البرغوثي ما هو أكثر فداحة من اللجوء إلى الوطنية كملجأ، فلربما كان يملأ العين أكثر لو كان لدى الشاعر رؤية متينة يفسر بها يقينه الشعري، غير أن انسحابه مخجل بعض الشيء، فهو يتكئ على حجة غير معهودة في الشعر، حجة مستعارة من عوالم المسرح والسينما والرواية والدراما التلفزيونية، حيث تستلزم كل تلك الأنواع وجود عدد كبير، في الغالب، من الشخصيات، ويستحيل أن يكون كل ما تنطق به ممثلاً للمؤلف، فمعلوم أن للشخصية منطقها، وهي تنسجم مع بيئة الشخصية وطموحاتها وتاريخها وموقعها في الصراع إزاء شخصيات وقوى مقابلة.. يصطاد البرغوثي هذه الفكرة، فيزعم أن الأبيات المقتطعة إنما هي لسان حال زينب، إذ يقول: «تصيح زينب يا مولاي يا سندي..»، وبالتالي فإن الشاعر يتنصل من الشتيمة ويلصقها بواحدة من شخصيات القصيدة، وما عهدنا أن تكون هذه الأخيرة، عنده، مسرحاً شعرياً، على غرار حواريات أحمد شوقي أو صلاح عبد الصبور أو السياب أو محمد الماغوط.

لكن الأهم مما عهدناه أو لم نعهده أن أداء الشاعر نفسه هو ما يكشف عن قدر تبنّيه الشخصي للأبيات، فلو كانت زينب هنا هي صاحبة الأبيات، لو كانت القصيدة لسان حالها، لَجاءَ الإلقاء خافتاً أكثر، حزيناً، متفجعاً، مكسوراً، فيما أدّى البرغوثي قصيدته بالضبط كما ألقى غيرها، بالمنبرية والعنتريات والضجة نفسها، بل إن الشتيمة (ما له شرف) تُلْفَظ كما نسمعها في أي مشاجرة شارعية.

إذن، فإن لغة الجسد، والإلقاء، تكشف وجهة الشاعر، لن يستطيع أن «يخفي ما الله مُبديه»، وهو على أي حال لم يستطع حتى إخفاء فرحته بردّة فعل الجمهور، المصفّق، المطبّل، المبتهج بالشتيمة.

لو كانت زينب هنا هي صاحبة الأبيات، لو كانت القصيدة لسان حالها، لَجاءَ الإلقاء خافتاً أكثر، حزيناً، متفجعاً، مكسوراً

بصراحة، ليس هذا هو الشاعر، لا في قوله الشتّام بالأساس، ولا في تنصّله، لنتذكر هنا بيت الشعر الذي قتل المتنبي، عندما ذكَّرَه به خادمُه: ألستَ القائل «الخيل والليل والبيداء..»، فلم يستطع أن يهرب أو يتراجع صوناً لكرامته. ولا هو الشاعر الذي يمكن لعظمة وروعة شعره أن تبقينا على الاستماع له وقراءته. هو ليس سوى ضجةٍ، صخبٍ، قرع طبول كرّسه التلفزيون.

انظر إلى تشدقه، في المقالة التبريرية نفسها، باستقبال رئيس الحكومة له، بعبارة لا تجد مكاناً لها في كلامه، ولا سبب لها غير المنفخة.

سمعته مرة يقول، في ظهور تلفزيوني مصوّر، واثقاً من وقوفه أمام جمهور عريض، بحسب نسب مشاهدة فيديوهاته: «من شاءَ فليحفظ عني: أيها الناس إن».

قلت حينها إن آخر من تحدّثَ بهذه اللغة، في خطاب، كان الأنبياء (حتى هؤلاء، غالباً ما يتخيلهم المرء على هيئة شعراء خافتي الصوت، لا منابر ضاجّة لهم)، أو ربما أحد الخلفاء.

كيف يمكننا إقناع شعراء اليوم أن الشعر كتابة، لا منابر، صوت خافت، لا سبابات مرفوعة، دروب تشق في الغابات، والجبال، والأزقة الفقيرة، المزدحمة بالفقراء الذين لا يملكون أجهزة تلفزيونية أو وموبايلات حديثة، إنها تماماً في الجهة المعاكسة لجمهور «شاعر المليون»، وما يطلبه الجمهور.

ومن لا يعرف المتنبي؟ إنه شاعر عربي ملأ الدنيا وشغل الناس من أواسط القرن الهجري الرابع حتى وقتنا الحاضر. شغل الناس في عصره، وترك في الدنيا دويّاً يصمّ الآذان، وشعره يتردد حتى الوقت الحاضر على كل لسان.

تلقف شعرَه في عصر النهضة العربية الحديثة دعاة القومية العربية وكتابها، فصار عندهم شاعر العروبة وشاعر القومية العربية، وإن اعتدل أحدهم جعله صاحب "نزعة عربية شديدة"، أوقد في نفوس العرب غيرة قومية (أنيس المقدسي في أمراء الشعر العربي في العصر العباسي)؛ ولذا يكثر في شعره الفخر بأصله العربي وذم الأعاجم، كما يقول كاتب آخر (صدقي إسماعيل) في كلمته "تجربة المتنبي" التي صدَّر بها شعر ديوان المتنبي: "وحدة المصير هذه عند المتنبي هي العروبة.. وهو يؤمن بالعروبة على أنها التعبير الصادق الذي به تصبح القيم المثلى بطلاً "!!

كل هذا الضجيج من أقلام دعاة القومية العربية بسبب أبيات ورد فيها ذكر العرب بالفخر والثناء، لا تزيد في عددها على عدد أصابع اليد الواحدة!! قال بعضها في مدحه لأمير عربي هو سيف الدولة الحمداني، كقوله له:

رفعت بك العرب العماد وصيّرت قممَ الملوك مواقدَ النيران 

أنساب فخرهم إليك، وإنما أنساب أصلهمُ إلى عدنان 

فبه رفع العرب عمادهم، وهم ينتسبون بفخرهم إلى الممدوح، وكذلك قوله له:

إذا العرب العرباء رازت نفوسها فأنت فتاها والمليكُ الحلاحلُ 

وقوله:

تُهاب سيوف الهند وهي حدائد فكيف إذا كانت نزارية عُرْبا؟ 

وقال بعضها بعد أن ناصب كافور العداء، فصار عنده عبداً أسود مخصياً، فقال من قصيدة يمدح فيها علي بن إبراهيم التنوخي، ويهجو كافور.

وإنما الناس بالملوك وما تفلح عربٌ ملوكها عجم 

بكل أرض وطئتها أمم تُرعى بعبد كأنها غنم 

يستخشن الخز حين يلبسه وكان يُبرى بظفره القلم 

فلو كان كافور أعطاه ولاية العراق لأفلح عرب ملوك عجم!

وآخر ما دل على روحه العربية عندهم قوله متحسراً عند وصفه لشعب بوان:

ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان 

هذه هي معظم الأبيات التي وردت فيها كلمة العرب والعربي في شعر المتنبي، والتي دفعت هؤلاء، إلى جعله شاعر القومية العربية في عقود الهبّة القومية من القرن العشرين! ولم يكن هؤلاء ينتبهون إلى أمرين آخرين:

روح لا قومية:

الأول أنه كان يرد في شعره أحياناً كلام يدل على ضعف الروح العربية عنده، من ذلك قوله عن نفسه مستغرباً أن يملك على الناس من ليس أهلاً للملك.

من لو رآني ماء مات من ظمأ ولو عرضت له في النوم لم ينم 

ميعاد كل رقيق الشفرتين غداً ومن عصى من ملوك العرب والعجم 

فالملوك عرباً وعجماً عنده سواء، فهو يتهددهم جميعاً بسيفه وأسوأ من ذلك أنه عندما كان في مصر يمدح كافور، كان يجعله فوق العرب عاربة ومستعربة، فيقول في مدحه:

وأي قبيل يستحقك قدره؟ معد بن عدنان فداك ويَعربُ 

فهو يفتدي بهذين الجدين من أجداد العرب كافور الإخشيدي العبد الأسود. وكذلك يقول له:

عند الهمام أبي المسك الذي غرقت في جوده مضر الحمراء واليمنُ 

فجود أبي الجود كافور يغرق العرب بقسميها مضر واليمن!!

الروح الإسلامية:

والأمر الثاني الذي أهمله دعاة العروبة وكُتّابها، وذلك عن عمد وسبق إصرار، هو الروح الإسلامية في شعر المتنبي.

إنهم تعمدوا ذلك، فلم يكن أحد منهم يشير إليه، لأن الصراع في العقود الوسطى من هذا القرن كانت بين الدعوة القومية ومفهوم العروبة وبين الدعوة الإسلامية والمفهوم الإسلامي، في البلاد التي اصطنع فيها هؤلاء الكُتاب خصومة وعداء بين المفهومين، بل كانت دعوتهم إلى القومية العربية مؤسسة على محاربة الروح الإسلامية!

وإذا استعرضنا ديوان المتنبي وقصائده فسنجد له وقفات كثيرة من الإسلام، ومفاهيمه السامية، والألفاظ الدينية، ولعل أبرز وأوضح شاهد على ذلك أنه عندما كان ينظر إلى المعارك الدائرة بين سيف الدولة الحمداني والروم ومن خلفهم، ينظر إليها على أنها حرب بين التوحيد الإسلامي والشرك، إنه يراها معركة دينية، ولا ينظر إليها على أنها معركة قومية بين عرب وروم، بل هي كما يقول في مدحه لسيف الدولة:

ولست مليكاً هازماً لنظيره ولكنك التوحيدُ للشرك هازمُ 

وقلعة الحدث التي دارت حولها المعركة كانت:

طريدة دهر ساقها فرددتها على الدين بالخطيّ والدهر راغم 

فقد أعاد هذه القلعة إلى دار الإسلام، وأرجعها إلى الدين.

ويختم قصيدته هذه بتهنئة الإسلام والمعالي والأمجاد بسلامة سيف الدولة وانتصاره:

هنيئا لضرب الهام والمجد والعلى 

وراجيك والإسلام أنك سالم 

ولمَ لا يقي الرحمن حدّيك ما وقى 

وتفليقه هام العدى بك دائم 

  • • •

مَن لَو رَآنِيَ ماءً ماتَ مِن ظَمَأٍ 

وَلَو مَثَلتُ لَهُ في النَومِ لَم يَنَمِ 

فأنت يا سيف الدولة جدير بحماية الله لك، ولماذا لا يصونك الله وأنت السيف الذي يقصم به الله رؤوس الأعداء؟

هذا كله في قصيدة واحدة!

وفي مدحه لسيف الدولة بقصيدته العينية "غيري بأكثر هذا الناس ينخدع"، يعدد اكتساحه للبلاد كالموت ليس له ري ولا شبع.

حَتّى أَقامَ عَلى أَرباضِ خَرشَنَةٍ 

تَشقى بِهِ الرومُ وَالصُلبانُ وَالبِيَعُ 

فأعداؤه الذين يشقون به هم الروم ومعابدهم وصلبانهم، وهذه إشارات واضحة إلى أن الصراع المحتدم، من وجهة نظر المتنبي هي حرب دينية بين الإسلام والنصرانية.

فلم يكن المتنبي يجد حرجاً في استعمال هذه الألفاظ بحقيقتها وصراحتها، لأنه كان يرى، ومعه الممدوح والمجتمع كله، أن المعركة بين الإيمان والكفر الذي يتجمع في جيشه كل لسان وكل عرق، وتجمعهم نصرانيتهم:

والمعركة بين دين الإسلام وأديان الكفر، وقد أذل الإسلام سائر الأديان كما خضعت كل السيوف لسيف سيف الدولة:

خضعت لمنصلك المناصل عنوة وأذل دينك سائر الأديان 

والطرق ضيقة المسالك بالقنا والكفر مجتمع على الإيمان 

الإسلام والعروبة صنوان:

ومما ينبغي الإشارة إليه أن المتنبي، وكذلك عصره، لم يكن يجد فرقاً بين الانتماء إلى الإسلام والانتساب إلى العرب، فهما صنوان أو هما مترادفان، بل أحدهما وعاء للآخر، ولذلك تجد المتنبي في هذه القصيدة التي منها البيتان السابقان يقول بعدهما بقليل:

رَفَعَت بِكَ العَرَبُ العِمادَ وَصَيَّرَت قِمَمَ المُلوكِ مَواقِدَ النيرانِ 

وهذا البيت، كما سبق، هو من الأبيات التي يحتج بها على قومية المتنبي ودعوته إلى العروبة. 

وهو يرى أن سيف الدولة يمثل حزب الله، مقابل حزب الشيطان والكفر، ويشمل ذلك النصارى وما عندهم من مصطلحات ومناصب، كالقرابين والصلبان والبطارقة، فيقول مخاطباً سيف الدولة:

هَنيئاً لِأَهلِ الثَغرِ رَأيُكَ فيهِمِ وَأَنَّكَ حِزبَ اللَهِ صِرتَ لَهُم حِزبا 

وما سيف الدولة إلا سيف بيد الخلافة الإسلامية تضرب به أعداءها، فالأمر ما أعدّته الخلافة للعدى وسمته دون العالمين الصارم العضبا:

فَمَن كانَ يُرضي اللُؤمَ وَالكُفرَ مُلكُهُ فَهَذا الَّذي يُرضي المَكارِمَ وَالرَبّا 

وبهذا البيت ختم المتنبي قصيدته. فإذا كان أعداؤه يعملون ليرضى عنهم الشيطان واللؤم والكفر فإن سيف الدولة يعمل ليرضى الله تعالى عنه وتثني عليه المكارم. وكأنه يتمثل بذلك قول الله تعالى ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

ومما يلفت النظر أيضاً أن هذه القصيدة التي تتوهج فيها روح الإيمان والإسلام في عدة أبيات منها، ورد فيها بيت سابق استعمل فيه المتنبي كلمة العرب فقال:

تُهابُ سُيُوفُ الهِنْدِ وَهْيَ حَدائِدٌ فكَيْفَ إذا كانَتْ نِزارِيّةً عُرْبَا 

مفاهيم إسلامية:

وهناك مفاهيم إسلامية كثيرة ترد في شعر المتنبي تدل على إيمانه بها فهو يعرضها في مجال الثناء عليها والثناء بها على من يمدحه، فسيف سيف الدولة يعلق نجاده على عاتق سيف الدولة، ولكن الذي يمسك بقائمه ويضرب به إنما هو جبار السماوات والأرض وقاهر الجبارين.

على عاتق الملك الأغر نجاده وفي يد جبار السموات قائمه 

وكأنه يتمثل في بيته هذا قوله الله تعالى: ﴿ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17].

وإذا رأى العدو الكافر المستكبر سيفَ سيفِ الدولة يهوي عليه، يسارع إلى إعلان إسلامه ليضمن لنفسه النجاة من القتل.

وَمُستَكْبِرٍ لم يَعرِفِ الله ساعَةً رَأى سَيْفَهُ في كَفّهِ فتَشَهّدَا 

وهو، بعزة نفسه وترفّعه عن الناس جميعاً، حين يرى نفسه جديرة بالتعظيم ولا يخضع لأحد، يستثني من ذلك حكم الله، فيقول عن نفسه:

تَغَرَّبَ لا مُستَعظِمًا غَيرَ نَفسِهِ وَلا قابِلاً إِلّا لِخالِقِهِ حُكما 

فهو متمرد على أحكام أهل الأرض، خاضع لأحكام رب السماء الذي خلقه.

ولا يؤثّر على وصف المتنبي بأنه ذو روح إسلامية في شعره، مخالفاتٌ سلوكية وقع فيها المتنبي أو اتهامه بأنه ادّعى النبوة، فهذا الاتهام الأخير لم يزد عن أنه اتهام، وأما لقبه المتنبي فهو من النَّبْوَة (عدم استواء المكان) وليس من ادعاء النبوة. وأما سلوكه فأعمال الشعراء غير أقوالهم، وأقوالهم غير أفعالهم.

من معجمه اللغوي:

يضاف إلى كل ما سبق كثرة الألفاظ الدينية، والمصطلحات الإسلامية في شعره، فالمتنبي شاعر ذو ثقافة إسلامية وذو معجم تكثر فيه الألفاظ الدينية الإسلامية، من ذلك ألفاظ المسيح واليهود وصالح وثمود في مجال حديثه عن نفسه، واضطراره إلى أن يعيش في أوساط أناس يخالفونه الرأي أو يناصبونه العداء.

مَا مُقامي بأرْضِ نَخْلَةَ إلاّ كمُقامِ المَسيحِ بَينَ اليَهُودِ 

أنَا في أُمّةٍ تَدارَكَهَا اللّهُ غَريبٌ كصَالِحٍ في ثَمودِ 

وهذا كله غيض من فيضِ ما يمكن أن يجده الباحث والمنقب في ديوان المتنبي من هذه الألفاظ والمصطلحات والمفاهيم الإسلامية.

وليس هذا غريباً على شاعر عاش في ظل دولة إسلامية مترامية الأطراف نهل من معين ثقافتها العربية الإسلامية التي تؤمن بمقولة عمر رضي الله عنه نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومن ابتغى العزة في غير ذلك أذله الله.

فالعروبة وعاء روحه الإسلام، وهما في صف واحد، وبينهما مودة ولقاء لا تنافر وعداء.

المخالفات العقدية في شعر المتنبي:

والمتنبي هو : أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد أبو الطيب الجعفي الكِندي، أبرز شعراء عصره، 

وهو كما قال ابن كثير: "وللمتنبي ديوان مشهور في الشعر، فيه أشعار رائقة ومعان ليست بمسبوقة، بل مبتكرة سابقة، وهو في الشعراء المحدثين كامرئ القيس في الشعراء المتقدمين" "البداية والنهاية" (15/ 276).

وقال الذهبي: " شاعر الزمان، أبو الطيب أحمد بن حسين بن حسن الجعفي الكوفي الأديب، الشهير بالمتنبي.

ولد سنة ثلاث وثلاث مائة، وأقام بالبادية، يقتبس اللغة والأخبار، وكان من أذكياء عصره.

بلغ الذروة في النظم، وأربى على المتقدمين، وسار ديوانه في الآفاق" "سير أعلام النبلاء" (16/ 199).

وقد قيل: إنه ادعى النبوة، وقال كلاما ركيكا زعم أنه قرآن أنزل عليه، وقد سجن لذلك، واستتيب فأعلن توبته.

قال ابن الجوزي: " وكان المتنبي لما خرج إلى كلب، فأقام بينهم ادعى أنه علوي حسني، ثم ادعى بعد ذلك النبوة، ثم عاد يدعي أنه علوي إلى أن شهد عليه بالشام بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرًا طويلًا، وأشرف على القتل، ثم استتيب وأشهد عليه بالتوبة وأطلق.

قال المحسن: وحدثني أبو علي بن أبي حامد، قال: سمعت خلقا كثيرًا بحلب يحكون وأبو الطيب المتنبي بها إذ ذاك أنه تنبأ في بادية السماوة ونواحيها إلى أن خرج بها لؤلؤ أمير حمص، فقاتله وأسره وشرد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب وغيرهما من قبائل العرب، وحبسه دهرًا طويلا فاعتل وكاد يتلف، فسئل في أمره، فاستتابه وكتب عليه ببطلان ما ادعاه ورجوعه إلى الإسلام، قال: وكان قد تلا على البوادي كلامًا ذكر أنه قرآنا أنزل عليه، فمن ذلك: والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من أَلْحَدَ في دينه وضل عن سبيله" انتهى من "المنتظم" (14/ 164).

وللعلامة المحقق الشيخ محمود محمد شاكر رحمه الله، بحث وتحقيق حول "نبوة المتنبي"، ودراسة نقدية للمصادر التي أوردته. فينظر في كتابه المهم الكبير: "المتنبي" .

ثانيا: المخالفات العقدية عند المتنبي :

الكلام على المخالفات العقدية في شعر المتنبي أو غيره يحتاج إلى دراسة لديوانه، وقد قام أحد الباحثين بذلك، وهو الأستاذ إبراهيم بن علي بن محمد الشريم، وكتب: " المخالفات العقدية في ديوان أبي الطيب المتنبي : جمعاً ودراسة" وهي رسالة ماجستير مقدمة لجامعة أم درمان.

ومما وقفنا عليه مما انتقد على المتنبي:

1-قوله:

يرتشفن من فمي رشفاتٍ ... هن فيه أحلى من التوحيدِ

قال الواحدي: " ويروى أحلى من التأييد، يقال رشفت الريق ، وترشفته : إذا مصصته ؛ يقول: كن يمصصن ريقي لحبهن إياي ، كانت تلك الرشفات أحلى في فمي من كلمة التوحيد ، وهي لا إله إلا الله ، وهذا افراطٌ وتجاوز حدٍّ" انتهى من "شرح ديوان المتنبي للواحدي"، النيسابوري المتوفى 468هـ، ص16 (ترقيم الشاملة).

وقال ابن القيم: " فتأمل حال أكثر عشاق الصور تجدها مطابقة لذلك، ثم ضع حالهم في كفة، وتوحيدهم وإيمانهم في كفة، ثم زن وزنا يرضى الله به ورسوله ويطابق العدل، وربما صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه، كما قال العاشق الخبيث:

يترشفن من فمي رشفات ... هن أحلى فيه من التوحيد" 

انتهى من "الجواب الكافي"، ص211

2-قوله:

إن كان مثلك كان أو هو كائنٌ ... فبرئت حينئذٍ من الإسلامِ

قال الواحدي س295: "هذا من المدح البارد الذي ، يدل على رقة دين ، وسخافة عقل ، وهو من شعر الصِّبا" انتهى.

3-قوله:

لعظُمتَ حتى لو تكون أمانة ... ما كان مؤتمنا بها جبرين

قال الواحدي: "جبرين : لغة في جبريل ، بكسر الجيم وحذف الهمزة وتبدل اللام نونا ، وكذاك يقال إسماعيل وإسمعين وإسرائيل وإسرائين.

يقول: لو كنت أمانة لكنت عظيما، لا يؤتمن بها جبريل الأمين على وحي الله وكتبه إلى أنبيائه، وهذا إفراط وتجاوز حد، يدل على قلة دين وسخافة عقل" انتهى.

وقال أبو البقاء العكبري (ت616هـ) بعد نقل كلام الواحدي: 

" بل يدل على زندقة وَكفر" انتهى من "شرح ديوان المتنبي" (4/ 208).

4-قوله:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره

لايجبر الناس عظما أنت كاسره.. ولا يهيضون عظما أنت جابره

قال ابن كثير: "وقد بلغني عن شيخنا العلامة أبي العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله – أنه كان ينكر على المتنبي هذه المبالغة، ويقول: إنما يصلح هذا لجناب الله عز وجل.

وأخبرني العلامة شمس الدين بن القيم - رحمه الله - أنه سمع الشيخ يقول: ربما قلت هذين البيتين في السجود" انتهى من "البداية والنهاية" (15/ 275).

وقال ابن القيم في "شفاء العليل"، ص240: " من صفات الكمال وأفعال الحمد والثناء: أنه يجود ويعطي ويمنح ، فمنها أن يعيذ وينصر ويغيث، فكما يحب أن يلوذ به اللائذون ، يحب أن يعوذ به العائذون. وكمال الملوك أن يلوذ بهم أولياؤهم ، ويعوذوا بهم ، كما قال أحمد بن حسين الكندي في ممدوحه:

يا من ألوذ به فيما أؤمله .. . ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره. ولا يهيضون عظما أنت جابره

ولو قال ذلك في ربه وفاطره لكان أسعد به من مخلوق مثله".

5-قوله:

لَو كَانَ علمك بالإله مقسمًا..فِي النَّاس مَا بعث الْإِلَه رَسُولا

أَو كَانَ لفظك فيهم، مَا أنزل التّــَوْرَاة وَالْفرْقَان، والإنجيلا

وَقَوله:

لَو كَانَ ذُو القرنين أعمل رَأْيه..لمّا أَتَى الظُّلُمَات، صرن شموسا

أَو كَانَ صَادف رَأس عازر سَيْفه... فِي يَوْم معركة، لأعيا عِيسَى

عازر اسْم الرجل الَّذِي أَحْيَاهُ الْمَسِيح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِإِذن الله عز وَجل

أَو كَانَ لج الْبَحْر مثل يَمِينه ... مَا انْشَقَّ حَتَّى جَازَ فِيهِ مُوسَى

قال الثعالبي بعد نقله هذه الأبيات: "وَكَأن الْمعَانِي أعيته حَتَّى التجأ إِلَى استصغار أُمُور الْأَنْبِيَاء" انتهى من "يتيمة الدهر" (1/ 211).

6-قوله:

أَي مَحل أرتقي ... أَي عَظِيم أتقي

وكل مَا قد خلق الله، وَمَا لم يخلق

محتقر فِي همتي كشعرة فِي مفرقي

قال الثعالبي: " وقبيح بِمن أَوله نُطْفَة مذرة، وَآخره جيفة قذرة، وَهُوَ فِيمَا بَينهمَا حَامِل بَوْل وعذرة: أَن يَقُول مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي لَا تسعه معذرة" انتهى من "يتيمة الدر" (1/ 211).

وقال أبو العباس المهلبي (ت644هـ): " قال: هذا غلو نستعيذ بالله منه!

وقال غيره: هذا كلام ما خرج من راس صحيح!

وقلت: إن من الشعراء من يقع منه في حال شبيبته، أو في حال غضبه، أو سكره (أشعار) يرغب العاقل المستبصر عن إثباتها له، وروايتها عنه، فيسقطها عند إفاقته وتأمله، ولا يكاد يذكرها بعد ذلك. وهذا المتنبي كان يُقرأ عليه ديوان شعره ، إلى حين هلاكه ؛ ولا يسقط شيئا منه، مما يقدح في دينه وعقله، ويثلم في فضله ومروءته، ولا يغيره. هذا مع أنه لا يشتمل على لفظ بديع ولا معنى غريب" انتهى من "المآخذ على شُرّاح ديوان أبي الطَّيب المُتَنَبِّي" (1/ 173).

فهذه نماذج من المخالفات العقدية الواردة في شعر المتنبي، ومن أراد المزيد، والنظر في المناقشات حول ذلك:

فليرجع إلى الرسالة والمصادر المذكورة، وللأستاذ عبد الله كنون بحث حول ذلك نشره في مجلة الرسالة، ومثله للأستاذ سعيد الأفغاني.

وصدق الله تعالى إذ يقول: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ الشعراء/224-227

المصادر:

١_ المستقبل الإسلامي العدد 114 – شوال 1421هـ يناير 2001م.

٢_ موقع شبكة الألوكة .

٣_ مواقع إلكترونية أخرى.

dfdsfd1096.jpg

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية الأسبوعيّة قصة الأطفال: " أرفض تسميتي معاقا" للكاتبة عايدة حمادة خطيب .

القصة التي صدرت عن مكتبة كل شيء الحيفاوية للعام 2023، تقع في 26 صفحة من القطع المتوسط، تزيّنها رسومات الفنان رعد عبد الواحد، ونسّقها شربيل الياس.

رحبت مديرة الندوة ديمة جمعة السملن بالحضور، وقالت:

تأتي قصة "أرفض تسميتي معاقا" ضمن أدب الأطفال المعني بتسليط الضوء على ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديداً الطفل "سفيان" الذي يعاني من إعاقة جسدية تؤثر على حركته ونطقه.

القصة تمثل رسالة إنسانية مؤثرة حول احترام الذات وقبول الاختلاف، وقد نجحت الكاتبة في تناول قضايا معقدة بأسلوب مبسط يناسب الأطفال، كما تعالج معاناة اجتماعية ونفسية يواجهها الأطفال المعاقون في المجتمع.

تبدأ القصة بتصنيف "سفيان" كطفل معاق منذ الولادة، مما يضعه في إطار مجتمعي معين يجعله يشعر بالعزلة والتمييز. هذه الفكرة تسلط الضوء على كيفية تأطير المجتمع للأفراد بناءً على إعاقاتهم بدلًا من التركيز على قدراتهم، وهو ما يعكس واقعاً معاشاً لدى العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة.

يعاني "سفيان" من نظرات الشفقة ونبذ المجتمع له، خاصةً في المدرسة حيث وضع في "الصف الخاص" الذي يطلق عليه "صف المعاقين". هنا تظهر الكاتبة قوة الرسالة الإنسانية في القصة، حيث تبرز مشاعر الحزن والغبن التي تسيطر على سفيان نتيجة عجزه عن المشاركة في الأنشطة المدرسية.

رغم قلة تواصله اللفظي، استطاع التعبير عن مشاعره من خلال الرسم، والذي كان مفتاحًا لتغيير نظرته إلى نفسه وتحويله إلى شخصية أكثر تفاؤلاً وإبداعاً.

إحدى النقاط الإيجابية في القصة هي دور المعلمة، التي لاحظت موهبة "سفيان" وقدرته على الرسم، وساعدته على تحويل طاقته السلبية إلى إبداع فني. هذا التحول يعكس رسالة مهمة للأطفال، مفادها أن كل فرد يمتلك موهبة خاصة وأنه من الممكن تحويل التحديات إلى فرص.

بالاضافة إلى ذلك، تقدم القصة رسالة مهمة حول تغيير المفاهيم الاجتماعية، حيث تحول "صف المعاقين" إلى "صف المبدعين"، مما يشير إلى أن الإبداع والتميز ليسا مرتبطين بالجسد بل بالعقل والروح.

القصّة تنقل رسالة قوية حول ضرورة احترام الاختلاف والابتعاد عن التسميات التي تهمش الآخرين. كما تشجع القصّة الأطفال على استكشاف مواهبهم والتعبير عن أنفسهم بطرق مبتكرة، خاصّة في مواجهة التّحديات.

وتبرز القصّة دور المعلمة الإيجابي، إذ ساعدت الطفل على تخطي مشكلاته النفسية من خلال الفن.

أمّا بخصوص رسومات الفنان المبدع رعد عبد الواحد، فقد كانت جزءًا مهمًا من القصة، حيث أضفت الألوان الزاهية والحيوية بعدًا بصريًا جاذبًا للأطفال.

وعلى الرغم من قوة الرسالة في القصة، إلا أنّه كان من الممكن أن يكون هناك تعمق أكبر في استكشاف التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الطفل بشكل أكثر تفصيلًا.

إذ كانت القصة تميل إلى تبسيط معاناة الطفل، حيث كان من الممكن أن تركز على تجارب أخرى أو مشاعر متنوعة يعاني منها الطفل المعاق في مختلف المواقف. .

وفي الختام، تعد "أرفض تسميتي معاقا" قصة مؤثرة وقوية للأطفال، تقدم رسالة تربوية وأخلاقية حول تقبل الآخر والإبداع. كما تسلط الضوء على أهمية دور المدرسة والمجتمع في تعديل المفاهيم السلبية والتشجيع على تقدير مواهب الأفراد بدلًا من التركيز على إعاقاتهم. لا شكّ أنّ القصّة تقدم نموذجًا إيجابيًا وملهمًا للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وللمجتمع ككل.

وقالت د. روز اليوسف شعبان:

وظفت الكاتبة عايدة خطيب القدرات الإبداعيّة لدى الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة، في قصّتها ( أرفض تسميتي معاقا).

   هناك توجّه عامّ في الدول الغربيّة منذ عدّة عقود لدمج الأطفال من ذوي القدرات المحدودة المختلفة في أجهزة التعليم العاديّة، بدلًا من إخراجهم إلى أجهزة تعليم خاصّة منفصلة.

عمليًّا تطرأ على أرض الواقع صعوبات لدى الشخصيّات التربويّة، الأهل والأطفال في الدمج التعليميّ والاجتماعيّ للأولاد ذوي الاحتياجات الخاصّة في التعليم العاديّ.

     أحد الحواجز في دمج الأطفال ذوي الإعاقات في إطار التعليم العاديّ هي مشكلة في الاندماج الاجتماعيّ لأولئك الأطفال. أحد الاستنتاجات التي طُرحت في أعقاب ذلك هي أنّه يجب التشجيع على الأجواء الدامجة في المدرسة وتطوير آليّات ومعايير لتذويت الدمج داخل المدرسة.

( مطاح) https://itu.cet.ac.il

في كتابه الإعاقة وتقبّل الآخر في أدب الأطفال(2021)، يشير الكاتب سهيل عيساوي، إلى أهميّة تحملّ المسؤولية من قبل الأهل، المدرسة، والمجتمع عامّة، في دعم وتمكين أصحاب الاحتياجات الخاصّة داخل المؤسسات المختلفة، ومساعدتهم على تذليل الصعاب وتحقيق ذواتهم، ومنحهم الفرصة على التميّز، وعدم اتّباع سياسة الإقصاء.(ص 21).

ويرى عامر عبد السلام(2019)،أنّ مشكلة ذوي الإعاقة تكمن في الظروف والسياقات الاجتماعيّة المختلفة، التي تضع قيودا وعقبات غير مبرّرة، ولا تستند إلى رؤى علميّة أمام مشاركة ذوي الإعاقة، في فعاليّات الحياة الاجتماعيّة، وتشير العديد من الأبحاث إلى أنّ مشكلات ذوي الإعاقة الحياتيّة والتوافقيّة لا ترجع إلى الإصابة أو الإعاقة في ذاتها، بل تعود أساسا إلى الطريقة التي ينظر بها المجتمع إليهم. فعندما نتحدّث عن ذوي الإعاقة بشكل عامّ نتّجه للتركيز على الإعاقة بدلا من الاهتمام بالفرد ذاته وما لديه من مميّزات وقدرات خاصّة، لذا جاءت النظرة سلبيّة إليه.

وهذا ما ظهر لنا في قصّة "أرفض تسميتي معاقا"، فقد جعلت الكاتبة عايدة خطيب الطفل سفيان يتحدّث عن إعاقته، وعن نظرة المجتمع له وعدم مراعاة مشاعره؛ لذا فقد جعلته، يعلن عن رفضه واحتجاجه على ذلك، وهي بذلك ترسل رسالة هامّة مفادها، أنّ هؤلاء الأطفال لديهم قدرات كبيرة، وعلى المربّين اكتشاف هذه القدرات وتوظيفها في مكانها الصحيح، وذلك لزيادة الثقة بالنفس لدى هؤلاء الأطفال، وحثّهم على الإبداع، ممّا يدخل ذلك الفرح إلى قلوبهم.

     سفيان فتى معاق، يجلس على كرسيّ متحرّك، يتعلّم في مدرسة عاديّة، في صفّ يضم طلابا من ذوي الاحتياجات الخاصّة. وبما أنه لا يستطيع أن يشارك طلاب صفّه أو طلاب مدرسته في اللعب في الساحة، انزوى جانبا، وانطوى على نفسه، وقد بدت عليه إمارات الحزن. انتبهت له مربّيته، التي طلبت منه أن يرسم رسمة؛ ليعبّر عمّا يضايقه، خاصّة أنه يتكلّم بضع كلمات فقط. وحين رأت المعلّمة رسمته الجميلة، قالت له :" أنت مبدع يا سفيان". اقترحت عليه أن يرسم لوحة على حائط الصفّ، وكتبت اسمه عليها، صفّق له جميع الطلّاب ممّا أدخل ذلك الفرح إلى قلبه وعزّز ثقته بنفسه. وحين قدم أحد الطلاب ليخبر طلاب الصفّ الخاصّ، أنّ سيّارة المعاقين التي تقلّهم قد وصلت، انتبه إلى رسمة سفيان، فأعجبته جدا، فصار ينادي على الطلّاب صف المبدعين، بدلا من الصفّ الخاصّ، أو صفّ المعاقين، الأمر الذي أسعد سفيان وطلاب صفّه أكثر فأكثر.

تسلّط الكاتبة الضوء أيضا، على دور المعلّمة في احتواء الطلّاب والمساعدة في دمجهم مع باقي طلّاب المدرسة، وإشراكهم في الفعاليّات المدرسيّة المختلفة، وتفهّم احتياجاتهم ورغباتهم، واكتشاف مواهبهم وحثّهم على الإبداع. لذا فقد جعلت الكاتبة عايدة خطيب من شخصيّة المربيّة شخصيّة نموذجية يحتذى بها.

أسلوب السرد:

   بدأت الكاتبة سردها على لسان الطفل المعاق، الذي بدأ سرده الذاتيّ، عن مشكلته الصحيّة وتحدّث عن إعاقته، وما يعتلج في نفسه من شعور بالنقص والحزن، والإقصاء، خاصّة عندما يستهزئ منه الطلّاب، ممّا يجعل القارئ يتماهى ويتعاطف مع شخصيّة سفيان، معتمدة في ذلك على تقنيّة الاسترجاع، والحوار الداخليّ(المونولوج)، حيث بدأ سفيان يسترجع حالته الصحيّة كما روتها له والدته:" وأنا ابن أشهر صنّفوني من ذوي الاحتياجات الخاصّة، أو من المعاقين كوني لا أتطوّر لا من حيث النّطق ولا من حيث الحركة، صحبتني والدتي إلى الطبيب".(ص 6). ثمّ انتقلت الكاتبة بالسرد إلى ضمير الغائب:" أصبح يكره نظرات الشفقة من الآخرين وسماع هذه الجمل(يا حرام، هذا يتلعثم في كلامه ولا يتحرّك مثلنا)".(ص 16). هذا التنوّع بالسرد يزيد من عنصر التشويق في القصّة. ومن حواراته الداخليّة:" أنا لست المذنب حتّى أصبحت بهذا الإطار..."(ص 14).

وقد جاءت اللّغة في السرد، جميلة تخلّلتها قصيدة مؤثّرة من تأليف الكاتبة، ممّا يزيد ذلك من عنصر التشويق والانفعال لدى الأطفال، فالشعر قريب إلى قلوبهم، ويمكن بواسطته تمرير رسالة تربويّة هامّة للأطفال. تقول الكاتبة في قصيدتها:"

لا تهزأوا مني لأنّني معاق

إنّني أحبّكم وأرفض الشقاق

إعاقتي مفروضة وعندي اشتياق

لأستدير مثلكم أو أدخل السباق

لكنّني محروم من هذا السياق

لا تهزأوا مني لأنني معاق...

أجاد الفنان رعد عبد الواحد في رسوماته، وجعل ألوانها مبهجة؛ لتدخل الفرح إلى قلوب القرّاء.

قصّة أرفض تسميتي معاقا قصّة تربويّة علاجيّة، طرحت الكاتبة فيها قضيّة تعامل الناس مع الطفل المعاق، وطرحت علاجا لهذه القضيّة، فالتعامل باحترام ومحبّة مع الأطفال المعاقين، والتحدّث إليهم، والاستماع إلى كلّ ما يضايقهم، واكتشاف قدراتهم الإبداعيّة، وتوظيفها في المكان المناسب، ودمجهم مع الطلّاب العاديّين في المدرسة، كلّ ذلك يساهم في تعزيز الثقة في نفوس هؤلاء الطلّاب، وإدخال الفرح إلى قلوبهم، وتقبّل إعاقتهم، وجعلها انطلاقة نحو الإبداع والتميّز.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

في قصة الأطفال "أرفض تسميتي معاقا " تحاول الكاتبة عايدة خطيب أن تثير قضية أثر المشاعر على الإنسان، خاصة حين يكون صاحب إعاقة، وفي القصة نجد بطلها الطالب سفيان الذي يتأذى ويحزن من سماع الطلاب يتلفظون بكلمة "يا حرام"أو من سماع الطالب الذي ينادي على الطلاب أصحاب الإعاقات بصف المعاق أو ذوي الإحتياحات الخاصة.

العنوان "أرفض تسميتي معاقا"هو يعبّر عن الرفض والتّحدي والألم، ويشير إلى مضمون القصّة، ولا شكّ أن المشاعر هي قلب الإنسان،فإذا تحطمت المشاعر،اهتزّ القلب،وعصفت الرّوح،ولذا من المهم مراعاة مشاعر الآخرين سواء المعاق أو غيره.

كان دور المعلمة مهما في الكشف عن موهبة سفيان في الرّسم،والتعبير عن غضبه وحزنه وفي النهاية جعلته يرسم على الجدار،ونال إعجاب الطلاب،والطالب الذي ينادي عليه،حيث أصبح يناديه بصف المبدعين.

هل عالجت المعلمة ومنعت تعرض سفيان للألفاظ الجارحة أو صور الشفقة؟

برأيي تمّ زرع الثقة عند سفيان من خلال شعوره بالسرور وأهمية موهبته،وتقبّل نفسه،ولكن بالنسبة للألفاظ الجارحة أعتقد أن الكاتبة لم تردع تكرار تعرض سفيان مستقبلا للأذى ،فمن الممكن أن يتغير الطالب الذي ينادى عليه،أو يتعرض سفيان لصور الشفقة من قبل آخرين،أو يتعرض لصور الشفقة خارج أسوار المدرسة،إما في المجمعات التجارية أوأماكن التّرفيه،ومقولة كلّ عاهة جبّار ربما لا تنطبق على كل طالب معاق،لو لم تكن لدى سفيان الموهبة لظلّ الطالب يناديه صفّ المعاقين،وعليه من وجهة نظري يجب أن يكون الوعي العام لدى المجتمع في حُسن استخدام الألفاظ منذ الصغر كي يتغير المجتمع،في أحبب لغيرك ما تحب لنفسك.

وأيضا أعتقد اليوم يوجد أسماء معينة لصفوف التربية الخاصة،ونادرا ما نسمع صف المعاق.

وضعت الكاتبة الاستنتاج والهدف من القصة في نهايتها، وبذلك هي تمنع من الطفل مساحة التّفكير والتّأمل بالقصّة، وأيضا فسّرت "هزّ رأسه، يعني نعم"فصورة الهزّ الرمزية معروفة ومفهومة لكلّ الأطفال.

جاء السّرد بضمير المتكلّم بحيث وصف سفيان حالته الصحية منذ ولادته،ومشاعر الشفقة تجاهه في المدرسة،ثمّ تحول السّرد بضمير الغائب.استخدمت الكاتبة مفردات بالعامية"يعني"برافو" لا حاجة لها،فهي لا تثري الطفل،وقد خلت القصّة من مفردات جديدة تثريهم لغويا،باستثناء مفردتي ذوي الإحتياحات الخاصة،والمعاق.

استخدمت تقنية الرّسم،والحوار الداخلي(المونولوج)،تحتاح علامات الترقيم إلى أكثر رعاية.ابتعدت الكاتبة عن مواكبة عصر التطور التكنولوجي في علاج حالة سفيان،علما أنّ الأطفال في علاقة حميمية مع هذا العالم،وكان بالإمكان استغلال الخيال التكنولوجي لأنه محبب للطفل.

جاءت النهاية سعيدة حيث جعلت سفيان يبتسم.

وقال بسام داوود:

نبارك للاديبة عايدة الخطيب هذا الاصدار الجميل الذي يندرج تحت ادب الاطفال .

القصة جميلة ومعبرة فيها رسائل كثيرة موجهة للطفل ذوي الاحتياجات الخاصة ولاهله وللمجتمع وللدولة .

الطفل سفيان ولد وهو معاق لا ذنب له بذلك هكذا خلقه الله سبحانه وتعالي استيعابه بطيء وحركته بطيئة ويحتاج لكرسي متحرك ليتنقل به وفي المدرسة يحتاج لصف خاص وسيارة لتنقله.

هذه الفئة من الناس قد تكون عندها مشاكل شبيهة بالمشاكل التي عند سفيان في وظائف الجسم وصعوبة الحركة تحول دون المشاركة الطبيعية بالحياة وقد تكون هذه الاعاقة دائمة او مؤقتة او جزئية مما ينتج عنها ضعف في القدرات الجسدية والعقلية والحسية والنفسية مما قد تسبب الاكتئاب والقلق والخوف عندهم من عدم القدرة على ممارسة الحياة الطبيعية وهذا ما عاناه سفيان عند مشاهدته الاطفال في الصف العادي يلعبون ويضحكون وهم سعداء وهو يجلس على كرسيه المتحرك لا قدرة لديه للعب مثلهم .

لذا على الاهل والمجتمع تقبل هذا الوضع وضرورة الاعتناء بهم واحترامهم والتحدث معهم بشكل طبيعي دون اشعارهم بالشفقة او العطف ودون التنمر عليهم فهم بحاجة لمن يفهمهم وان لهم احتياجات خاصة بهم يتفردون بها دون سواهم .فهم بحاجة الى الرعاية من الناحية النفسية والطبية والاجتماعية والقانونية اضافة الى توفير خدمات ترفيهية .

وهذا الطفل المعاق بحاجة الى من يكتشف ما بداخله من مواهب وابداعات وتشجيعه لابرازها كما حصل مع المعلمة في المدرسة عندما شاهدت سفيان يجلس حزينا ففكرت بازالة هذا الحزن والالم من نفسه بسبب عدم قدرته على اللعب مع زملائه بان لجأت لاكتشاف ما بداخله عندما طلبت منه ان يرسم بعد ان وفرت لهم كل ما يلزم من الادوات فرسم زملائه وهم يلعبون ورسم نفسه وهو جالس على كرسيه المتحرك فعرفت ان ذلك هو سبب حزنه فشجعته وقالت له انت مبدع ورسوماتك جميلة جدا ساجعلك ترسم على جدار الصف واكتب اسمك عليها ليعرف الجميع ان هذا من ابداعك فرسم رسومات جميلة اشجار ,عصافير ,الشمس وهي مشرقة وطلبت من الطلاب التصفيق له مما جعلته سعيدا وفرح كثيرا .

يقول سفيان ارفض تسميتي معاقا لذا من الضروري ان نسمعهم كلمات لطيفة وان نبتعد عن اي كلمة جارحة تسبب لهم الضيق كما كان يناديهم الطالب عند حضور السيارة بصف المعاقين فكان يتمنى سفيان ان ينادوهم بكلمة اجمل غير جارحة وهذا ما حصل بعد ان ابدع في رسوماته وجاء الطالب ليخبرهم بحضور السيارة واعجب برسومات سفيان وقال عنه انه مبدع واطلق على الصف اسم المبدعين ,كل هذا ادى لتغيير نفسيته وتعزيز ثقته بنفسه .

هذه الشريحة من الناس لها حقوق لتوفير فرص عمل لها لتندمج في المجتمع من خلال برامج تدريب وتأهيل مهني لتعزيز قدراتهم ومهاراتهم للحصول على فرص مستدامة كبقية افراد مجتمع وهنا يأتي دور الحكومة في توفير ذلك .

صحيح انه توجد عندهم اعاقة لكن الله عوضهم باشياء اخرى بداخلهم كالمواهب والابداعات مما تمكنهم من اداء دورهم في المجتمع .وهناك امثلة كتثيرة ممن ابدعوا على الرغم من اعاقتهم امثال طه حسين وابو العلاء المعري والجاحظ وغيرهم .

وقالت خولة أحمد إمام:

العنوان يبدأ بفعل ( أرفض) ،والرفض هنا يعني الترك، ويتضمن الاعتراض، وهي تعتبر كصرخة روح أرفض تسميتي معاقاً.

وهنا ينكر الطفل في القصة التسمية ولا يقبل بها لأثرها النفسي السيئ عليه.

تبدأ القصة بالتعريف عن معنى الإعاقة عبر التعريف عن الطفل وكيف تم اكتشاف حالته التي يعاني منها.

تختلف الإعاقة ما بين جسدية وعقلية وتتفاوت نسبة الإعاقة من طفل إلى آخر .

بدأت معاناة سفيان منذ ولادته بعد تشخيص حالته من ذوي الاحتياجات الخاصة، وازدادت معاناته عندما دخل المدرسة وبدأت مقارنته بأقرانه ، حيث أنه دمج في صف التعليم الخاص.

عبر الطفل عن ألمه الشديد لتسميته بالمعاق، ووصم صفه بهذه الصفة، حيث دخل بعدها في حالة اكتئاب وعزلة وانطوى على نفسه .

تأخذ المعلمة دوراً إيجابياً داعماً حين أجرت حواراً مع سفيان الذي كان يجيب بكلمات مقتضبة واستخدمت خبرتها في تعليم الصف الخاص حين أعطته أداة يعبر بها عن نفسه وهي الرسم والألوان حيث انطلق في إبداعه واكتشف موهبته ووظفها على جدران مدرسته، حيث تغيرت نظرة الطلاب إلى صفهم ليسمى لاحقاً بصف المبدعين.

ونلاحظ أيضاً أن لديه موهبة لغوية حين عبر عن نفسه بكلمات مغناة عن رفضه لتسمية معاق ، وأنه يأمل أن يكون عادياً يركض ويلعب مثلهم، لكن هذا ليس ذنبه.

تجولت الكاتبة في الدواخل النفسية للطفل الذي يعاني من نظرة المجتمع ما بين داعم وقادح ، وما بين متعاطف وما بين متنمر وكيف انعكس ذلك على شخصيته.

تبث الكاتبة دعوة للمجتمع لدعم المعاق ودفعه إلى اكتشاف ذاته واعتباره جزءا لا يتجزأ من المجتمع

. في داخل كل انسان بذرة إبداع، لا بد من اكتشافها ودعهما وتطويرها وهذا يعتمد على الوسط الذي يتواجد فيه. وفي النهاية نرى كيف عادت لسفيان ثقته بنفسه وكيف تحررت شخصيته من القيد الذي وصمه به المجتمع وتحرر من الإطار الذي تم وضعه فيه .

وقالت د. رفيقة عثمان:

تناولت الكاتبة فكرة جيّدة؛ لتقدّم رسالة هامّة، حول تغيير وصمة -.stigma العار - الستيجما –

تعني نظرة المجتمع السّلبيّة، نحو الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة.  

إنّ فكرة تقبّل عدم الآخر المختلف، تحمل أفكارًا مسبقة ونمطيّة، ومن الصّعب تغييرها؛ منذ القِدم ولغاية عصرِنا هذا، يعاني مجتمعنا العربي، من صعوبة تقبل الآخر المُختلف عن العادي والمُتعارف عليه في المجتمع. ويكون الاختلاف من النّاحية الجسديّة أو العقليّة، أو اختلافات في الدّين، أو الجنس، أو اللّون؛ يحمل هذا الاختلاف مواصفات سلبيّة في أذهان معظم النّاس. (وفق أبحاث بحثت هذا الموضوع).

هدفت قصّة " أرفض أن ينادوني معاقًا"؛ لتشجيع وتغيير الفكرة النمطيّة السّائدة في المجتمع. هذا الاختيار يُعتبر جيّدًا لصالح القصّة.

إنّ فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، بحاجة إلى جهود مكثّفة؛ من أجل تحسين أوضاعهم الاجتماعيّة، ورفع مكانتهم في المجتمع؛ وخاصّةً غرس قيمة احترام الإنسان كإنسان، بغض النّظر عن جنسه، أو لونه، أو دينه، أو لكونه من ذوي الهِمم، فهو إنسان يستحق الحياة، مثله مثل باقي البشر على هذه الأرض، وله كافّة الحقوق المتساوية المُتعارف عليها قانونيًّا ودوليًّا.

من الجدير بالذّكر، تبدأ التنشئة، والتّربية السّليمة، نحو غرس قيمة التّقبّل للآخرالمُختلف منذ الطّفولة المُبكّرة، بواسطة الدّمج المُبكّر في الصّفوف العاديّة، مع تقديم خدمات خاصّة تراعي احتياجات الأطفال المُدمجين؛ منقِبل معلّمين مؤهّلين، ووسائل تعليميّة خاصّة، وتجهيز الإتاحة للتنقّل، بالإضافة لتوفير كافّة الوسائل والأجهزة المُساعِدة.

في هذه القصّة أوجدت الكاتبة بطلًا للقصّة طفلًا بإسم سفيان، ذا إعاقة حركيّة، ويعاني أيضًا من الإضطّرابات الكلاميّة (التّلعثم)، وهو مُدمج داخل صفّ لطلّاب عاديين؛ عانى هذا الطّالب من مشاكل التكيّف الاجتماعي داخل صفّه، عندما نعتوه بالمُعاق. في نهاية القصّة غيّر الطّلاب بمناداته بالمُعاق، إلى الطّالب المُبدع، بعد إبداعه في رسومات على حائط الصّف برسومات رائعة وجميلة.

اختارت الكاتبة عنوان القصّة "أرفض تسميتي معاقًا"؛ كردّ فعل لتسمية الأطفال كلمة معاق، أو صف المعاقين، أمام الطالب سفيان، والّذي يعاني من مشكلة حركيّة في القدمين، واضطّرابات في الكلام.

هذا العنوان فيه دعوة غير محسوسة للأطفال، وتذكيرهم بكلمة معاق؛ من الأجدى ذكر الاسم المُحبّب بطريقة إيجابيّة؛ لتنغرس في ذهن الأطفال مثلًا : "أنا المُبدع الصّغير" وما إلى ذلك.

ورد صفحة 24 على لسان أحد الطّلاب "سأسمّي هذا الصّف صف "المبدعين". برأيي الشّخصي: لماذا ننتظر حتّى يقوم الطّالب بتسمية الصّف كما يحلو له، هذا لا يُعتبر خيارًا للأطفال؛ هذا الموضوع هام جدّا، فهو من مسؤوليّة المسؤولين عن المدرسة والطّلّاب؛ من المفضّل تسمية الصّف، وكتابة لوحة اسم الصّف على مدخله. يتوجّب على مربيّات الصّفوف على عمل ورشات عمل مختلفة؛ لدمج الطّالب ضمن المنهج المدرسي، وبشكل ثابت، والتذركيز على الطّالب بالتّساوي مثل باقي الطّلاب في صفّه دون تمييز يُذكر.

ممكن تسمية الصّف مثلًا: صف الزهور – صف المبدعين – صف الياسمين وما إلى ذلك.

تظهر الصّور جميلة ومُعبّرة، لنصوص السّرد، تناسب هذه القصة الصّفوف الابتدائيّة، ومن الممكن تجييرها للصّفوف الدّنيا.

لغة القصّة تلائم الأطفال في الصّفوف الابتدائيّة من الصّف الثّالث وما فوق.

في صفحة 24 انتقلت الكاتبة بالسرد على لسان الرّاوي الكاتبة وذكرت : " أصبح يكره نظرات الشّفقة من الآخرين، وسماع هذا الجمل: هذا لا يتلعثم في كلامه، ولا يتحرّك مثلنا". حبّذا لو استمرّت بالسّرد على لسان البطل سفيان، بضمير الأنا؛ ليكون تأثيره أكثر صدقًا، بوصف المشاعر الدّفينة".

صفحة 22 ذكرت الكاتبة "رسم سفيان أولادًا يجلسون على عجلات"، بينما لا يظهر في الرّسمة سوى طالب واحد فقط (سفيان) يستخدم كرسي العجلات؛ تبدو الضّرورة في مطابقة الصّور للسرد، فالأطفال دقيقو الملاحظة وتهمّهم المصداقيّة.

عبّرت الكاتبة عن العاطفة حول مشاعر الحزن والفرح، والخوف والقلق بطريقة جيّدة.

لم تذكر الكاتبة حول مكان سير الاحداث للقصّة، بينما ممكن الاستنتاج من الصورة للمعلّمة الّتي ترتدي غطاء الرّأس؛ فهنا ممكن حصر القصّة في المجتمع العربي والإسلامي. لم تذكر الكاتبة زمان حدوث الأحداث، ربّما لتعميم هذه الحادثة على كافّة الأزمنة.

خلاصة القول: قصّة "أرفض تسميتي معاقًا" قصّة بسيطة وسلسة، ذات رسالة قيّمة؛ لتقبّل الأطفال ذوي الهمم في المجتمع العربي، وتحتوي على أربعٍ وعشرين صفحة، وحجم الخط فيها صغير جدّا.

 أتمنى للكاتبة عايدة خطيب المزيد من العطاء.

وقالت خولة سالم:

القصة من تأليف الكاتبة عايدة خطيب ، تقع في خمسة عشر صفحة من القطع المتوسط ، منقحة بشكل ملفت ، تكاد لا تخلو كلماتها من كافة الحركات والتشكيل ، حجم الخط واضح وجميل يتناسب والوان الرسم المبهجة ، الرسومات معبرة وجميلة .

تركز الكاتبة على فكرة التنمر في حال وجود إعاقة في صف ما ، وكيفية تفاعل الطلبة الاصحاء مع الحالة الخاصة بحيث جعلت بطل الرواية والسارد طالب في صف للحالات الخاصة ويدعى سفيان ، وجعلته يتعرض للنعت بالمعاق بل وجميع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة ويسمون " صف الطلاب الخاص" او "الصف المعاق " ،بحيث يتضح خلال السرد مدى الألم الذي يعانيه سفيان نتيجة اعاقته ، وكيف تكون ردود فعل الطالب المتنمر عليه بسبب اعاقته .

المخرج الذي أوجدته الكاتبة لتحقيق هدف القصة يكمن في سلوك معلمة الطفل ، عندما فكرت بطريقة لتحويله لحالة ابداع يشار اليها بالبنان من خلال ارشاده للرسم والتعبير ، بحيث تحول سفيان من طالب معاق الى طالب مبدع حيث قام بإنجاز رسومات جدارية على حوائط صفه.

وهكذا تحولت النظرة اليه من نظرة سلبية تنمرية الى نظرة اعجاب وتميز .

القصة هادفة ، ومعبرة وذات رسالة سامية تهاني للكاتبة.

وقالت تالا تُشير:

يقول عالم النفس هاورد جاردنر في كتاباته عن التربية وأساليب التعليم أن المدرسة هي النموذج الاول للمجتمع لمعظم الناس ولذلك علينا أن نحرص على أن تكن البيئة التعليمية والتربوية مرحبة للفرض لأن في ذلك تأثير كبير على شخصيته لبقية حياته. في عام ٢٠٢٣ صدرت قصة للأطفال بعنوان " أرفض تسميتي معاقاً " للكاتبة عايدة حمادة خطيب ضمن سلسلة براعم الزيتون. هدفت الكاتبة بتوعية الأطفال إلى فئة معينة من المجتمع وذلك عن طريق تعريف معنى طفل ذو احتياجات خاصة واستخدام ال(Pathos) بغرض تعاطف الأطفال واحد للآخر.

اعتمدت الكاتبة لغة بسيطة في الكتابة ولكنها قد تتطلب مساعدة بالغ في القراءة وذلك لفتح المجال للحوار والنقاش بين الطفل والشخص الذي يلجأ إليه للقراءة.

تدور أحداث القصة حول طفل ذو احتياجات خاصة في يوم طبيعي في المدرسة. في البداية يتعلم القارئ ويفهم ما معنى أن يكن طفل ذو احتياجات خاصة وذلك لغرض توعية القارئ لهذه الفئة من المجتمع. مع تطور أحداث القصة يتقرب القارئ أكثر للطفل في القصة وذلك عندما يتعرف على مشاعر الطفل (pathos). نجحت الكاتبة بتوضيح احتياجات شخص ذو احتياجات خاصة وإثارة مشاعر تعاطف وتفاهم. كما أن الكاتبة تعزز علاقة قوية بين الطفل والشخص الذي يلجأ إليه للقراءة بأسلوبها الكتابي.

تبرز القصة أهمية المدرسة ودورها في إنشاء مجتمع صحي متعاطف ومتفهم للفئات المختلفة في المجتمع. هدفت الكاتبة باختيار المدرسة بالمكان لأحداث القصة لأن المدرسة تعتبر مجتمع مصغر للعالم الخارجي ومن المهم إنشاء جيل ذو وعي للموضوع المطروح في القصة. أما بالنسبة لعنوان القصة كنت أفضل اختيار عنوان ذو مفردات إيجابية وترك المجال للقارئ باستنتاج رسالة نفي تسمية طفل ذو احتياجات خاصة بالمعاق.

وقالت وفاء داري:

وفقت الكاتبة عايدة خطيب باختيار الرسومات لقصتها ( أرفض تسميتي معاقا) على يد رعد عبد الواحد في توصيل الهدف والفكرة ، حيث كانت رسومات بألوان جميلة وواضحة معبرة تخاطب وتوائم جيل الأطفال وكذلك تلائم قدرات ذوي الاحتياجات الخاصة .

راعت التشكيل في النص للقراء العاديين وهذه ميزة ممتازه بل ولا بد منها في قصص الأطفال .

فكرة القصة وهدفها يعتبر مهم جدًا من الجانب الإنساني اولًا ومشاركة مهمة لشريحة مجتمعية متواجده في المجتمع ومهمشه قليلًا ، والكتابه والكتب لهذه الفئه لم تأخذ حقها ، بل وشحيحه مقارنه بأنواع الادب الأخرى .

من أكبر معاناة هذه الفئة والتي تطرقت لها القصه بذكاء المسمى الذي يعاني منه الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم ايضًا وهو (معاق ، منغولي ،.. وغيرها ) بكلمات أخرى التركيز على الخصائص السلبية للشخص أو الطفل المعاق وما لا يستطيع القيام به من أهم العوامل التي تسبب الأذى لهذه الفئة من المجتمع لذا كان من الضروري أن تتم الإشارة للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمصطلحات العلمية المعتمدة وعدم ذكر مصطلحات تسبب الأذى لهم.. فعلى سبيل المثال نقول: (شخص من ذوي متلازمة داون) ولا نقول.. (شخص منغولي). للأسف الشديد حتى اليوم هناك دراسات ومقالات لازالت تعتمد المصطلح الخاطئ وهو وذوي الإعاقة والمصطلح المعتمد حديثًا وهو ذوي الاحتياجات الخاصة 

من اهم محاور القصة :

  • التطرق لمشاعر هذه الفئة
  • ضروره دمج هذه الفئة في المدارس والمجتمع
  • أساليب التعليم الحديثة والفعالة والتفكير الإبداعي للمعلمات
  • طرق حل المشكالات ومهارات التفكير التي أوجدت حل لمعاناه طفل

أهمية العمل مع الكتاب والناشرين المعنيين بكتب الأطفال كي تصبح هذه الكتب سهلة الوصول للأطفال من ذوي الإحتياجات الخاصة وقضية دعم المواهب والابداع  لهذه الفئة وتعزيز السلوك الإبداعي حيث السلوك الابداعي  ليس قاصرا على  العباقرة والمتميزين من الناس،هو  هبة أو إلهام. لقد أشارت الدراسات السابقة إلى ان الاستعدادات الابداعية موجودة عند جميع الناس؛ ذوي الاحتياجات الخاصة  وغيره، بالعموم هو السلوك الإبداعي  الذي يتسم بالوفرة والتنوع والملاءمة للهدف الموجه إليه. فالصورة الفنية مثلاً هي نتاج ابداعي أفرزه جهد فنان مبدع من خلال سلوك إبداعي.

يتم تعزيز السلوك الإبداعي من خلال: حيث يأتي نتيجة تضافر عدد كبير من ضروب أو وجوه السلوك، فهو وإن كان أساساً بمثابة استعدادات عقلية معرفية إلا أن الجوانب العاطفية والدافعية تؤدي دوراً في ابرازه ونموه. 

. أن الإطار الاجتماعي للمبدع يسهم إلى حد كبير في دفع نشاط المبدع وفي توجيه خطاه وفي تحديد هدفه ووجهته.

ويمكن تصور أن الجهود التي يمكن بذلها على طريق تنمية الابداع لدى الأشخاص ذوي الإحتياجات

  • تحديد نوع وفئة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين نرغب في تنمية سلوكهم.
  • الكشف عن استعدادات هؤلاء الأشخاص.
  • قياس وتحديد طبيعة وخصائص الدوافع الأساسية لديهم.
  • تحديد البرنامج وإعداده بما يناسب.

اخيرًا وفقا الأخت الكاتبة عايدة في قصتها للفت النظر لأهمية مراعاة هذه الفئه والالتفات لها .

وقالت ميرا إياد جبارين:

سبداية أحب أن أبارك للمؤلفة عايدة الخطيب على هذا العمل المهم جدا .

كما أود أن أهنئها على تحديد الفئة العمرية المستهدفة ، مع العلم أنّ الطلاب والطالبات في عمر ال١٢ لا يقرؤون الروايات والكتب كبيرة الحجم، وربما كان هذا سبب كره الكثير من الطالبات والطلاب للقراءة، لأنهم يرون حجم الرواية أكبر من قدرتهم على اكمالها ، كما أن حجم القصة أصغر من أن يرضوا بها.

وهذه مشكلة لاحظتها في مدرستي مع زميلاتي فهن يأخذن الرواية ويعدنها دون أن يقرأنها ...

أما عن العنوان فهو مميز ومهم ولكن غير مشوق برأيي على الأقل فأنا في ال١٣ من عمري أي تقريبا أعد من الفئة المستهدفة العنوان مهم ولكنه واضح ونحن جيل يعشق الغموض بكل أشكاله .

أما عن موضوع القصة نفسها فهو مهم ولكن لي ملاحظة بسيطة عن الأسلوب فأنتي استهدفتي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ٨و١٢ ولذلك كان يجب أن تراعي مستواهم العقلي في أسلوب الكتابة فأنتي كتبتي بأسلوب يناسب الأطفال فعلا ولكن الأصغر سنا من الفئة المستهدفة قد يتناسب الأسلوب مع الطفل الذي في الثامنة ولكنه لن يتناسب مع المراهق في ال١٢ أو ال١١ عاما

القصص القصيرة على الأقل في مدرستي فعندما تصل الطالبة لعمر ١٠ أعوام تتوقف عن قراءة القصص وتبدأ

أما عن محتوى القصة فهو مهم جدا وأبرزت القصة دور المعلم الكبير في حيات الطالب وفي اكتشاف مواهبه المدفونة وأظهرت مدى تأثر الطفل بما يسمع وأعجبني أنها أوصلت فكرة للأطفال أنه مهما كنت تعاني فلا تيأس فالطفل كان منبوذا وصار محبوبا مع أنه لم يكن يتوقع ذلك وأظهرت القصة أهمية دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بمن دونهم من الناس ....

أردت أن أعلق على كلمة (برافو ) التي ذكرت في الصفحة ال٢٢ والصفحة ٢٤ فهي كلمه غير عربية ولكن لم تضعيها بأقواس

وأكرر تهنئتي للمؤلفة على هذا العمل الهام.

وقالت المحامية سيما صيرفي:

تتناول القصة موضوعًا مهمًا حول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعبّر عن مشاعر سفيان الذي يعاني من التمييز والشعور بالضعف بسبب إعاقته. لكن القصة تحتاج إلى تحسين في عدة جوانب:

أولاً، الانتقال المفاجئ من مرحلة طفولة سفيان في أشهره الأولى إلى المرحلة المدرسية يفتقر إلى الوضوح. كان من المفيد أن تُفصل الكاتبة تأثير هذا الانتقال على حياة سفيان، وأن تسلط الضوء على تجربته خلال تلك المراحل الزمنية المختلفة.

ثانيًا، افتقدت رسمة سفيان على الورق على تفاصيل ذكرتها المؤلفة، حيث لم نرَ الأطفال على الكراسي المتحركة في الرسم في المشهد الثالث.

ثالثاً، ان المشهد الرابع يعاني من عدم التطابق بين الرسم والأحداث؛ لم يظهر صف ذوي الاحتياجات الخاصة المنفصل عن الصف العادي، بل رأينا سفيان فقط ضمن صف عادي، وهذا تناقض مع النص.

رابعاً: الأولاد الذين ظهروا يركضون في المشهد الأخير هم أنفسهم الذين ظهروا في المشهد السابق، مما أدى إلى خلل في فهم الأحداث وهل هم أولاد صف سفيان؟

خامسًا، من غير الواقعي أن يتمكن سفيان من رسم جدار كامل وهو جالس على كرسي متحرك. كان من الأفضل لو تم استبدال هذا الموقف برسم صورة صغيرة تُعلق على الجدار، مما يظهر إبداعه دون أن يُفقد النص مصداقيته. هذا التعديل سيبرز قدرات سفيان بشكل منطقي ويعزز الثقة بنفسه.

سادساً، غياب دور الأم يُفقد النص عنصرًا مهمًا من الدعم العاطفي. إدخال مشهد يوضح دعم الأم لسفيان، مثل حوار بينهما أو لحظة تعبر فيها عن دعمها، كان سيضفي بعدًا عاطفيًا أعمق ويساعد على توجيهه في مواجهة تحدياته.

سابعاً، ان النص يحتاج إلى تحسين في استخدام علامات الترقيم وصياغة الجمل. على سبيل المثال، عند إجابة الأم على سؤال الطبيب، كان من الأفضل استخدام نقطتين قبل حديثها: "لم ألاحظ، لكنه فجأة تغير رأسًا على عقب"، وإضافة علامة استفهام بعد سؤال الطبيب: "هل لاحظت عند ولادته أنه يختلف عن باقي الأطفال؟". هذا من شأنه أن يُحسن تدفق النص ويوضح الحوار بشكل أفضل.

أخيرًا، الحبكة تحتاج إلى تعقيد أكبر. الأحداث التي تعرض لها سفيان بدت كأنها مواقف يومية عادية، وكان من الأفضل تضمين موقف أكثر صعوبة يُظهر كيفية تغلبه على تحدٍ حقيقي، مثل التعامل مع التنمر. كم أن توضيح مشاعر سفيان تجاه أقرانه وتعميق علاقته بأسرته كان سيُغني النص، ويساعد على فهم تطور الشخصية بشكل أفضل.

بالرغم من أن القصة تحمل رسالة قوية حول الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنها تحتاج إلى تحسينات في تنظيم الأفكار والجمل، وتطوير الحبكة، وتوضيح الأدوار الاجتماعية، واستخدام علامات الترقيم المناسبة. هذه التعديلات ستجعل النص أكثر تأثيرًا وجاذبية.

وقالت م. إيناس أبو شلباية:

قصه جميله ومعبره عن واقع حال ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء بسبب مرض وراثي او مرض معدي كشلل الأطفال او زواج الأقارب والذي هو شائع في بلادنا ، او لأي سبب اخر .

هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم في اعاقاتهم ولا حول لهم ولا قوة.

وهم يتعرضون للتنمر والإساءه من أشخاص لا ضمير لهم او جهله او أغبياء او متعجرفين.

وفي العقود القليله الاخيره ظهرت اهتمامات بالانتباه لذوي الاحتياجات الخاصه سواء في المدارس في تشكيل صفوف خاصه لهم تربيه خاصه ومنهج واطر دراسية، ومباني تحتوي على مرافق خاصة مهيّأة لهم.

وهذه القصه تطرقت للجانب واحد وهو التنمر علي ذوي الاحتياجات الخاصه في المدرسه ،واستخدام التعزيز النفسي وتقويه الثقه بالنفس لدي سفيان وتغيير الانطباع عن ذوي الاحتياجات الخاصه من معاق الي مبدع

وهي طريقه مبتكرة وموفقة، أبدعت بها الكاتبه.

ولكن لدي بعض الملاحظات على طباعة القصة، فقد لاحظت أن الخط كان صغيرا، ومكتوبا على صفحات ملوّنة ورسومات ، وهذا يؤثر على وضوح الخط.

حبذا لو كانت الصفحات بيضاء تحت الكتابة، والخط اكبر، وخاصه انها قصه أطفال.

وكنت احبذ لو ان الكاتبه اختارت عنوانا آخر للقصة، فقد وجدته صادما.

المزيد من المقالات...