رواية حرب وأشواق

clip_image002_67bff.jpg 

قرأنا الكثير عن مأساة النكبة وصدمة النكسة، ولكن في كل عمل أدبي تلحظ أن الكاتب يختار زاوية خاصة يحددها، ينطلق من خلالها ليروي حكايته بأسلوبه وطريقته؛ لتعطي العمل نكهة خاصة تميزه عن كل ما تم خطه من قبل.

رواية حرب وأشواق للكاتبة نزهة أبو غوش كتبت عن ذات الموضوع من خلال قصص متناثرة، تعددت فيها الشخوص والأماكن في فلسطين المحتلة عام 1948 وعام 1967، كلها تضع القاريء في الجو العام لمأساة الشعب الفلسطيني، تصف مشاعر الخيبة والصدمة التي أصابت الفلسطينيين بعد أن سقطت باقي مدن فلسطين بيد الصهاينة عام النكسة ١٩٦٧، وتتطرق لآثار النكبة على الشعب الفلسطيني على المستوى الانساني.

أجادت الكاتبة وصف التشتت والضياع وشعور الألم وعذاب الفرقة والقلق الذي عاشه اهل بلدة عمواس بعد ان تم تهجيرهم قسرا من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي.

كما لونت الكاتبة الأحداث بقصص اجتماعية ومشاعر وأحاسيس إنسانية توثق من خلالها عذابات الفلسطينيين أثناء النزوح وما ترتب عليه من ألم وشعور بالضياع.

كثرت القصص التي وثقت حياة الفلسطينيين وعاداتهم وتقاليدهم وعلاقاتهم مع بعضهم البعض، لتعطينا فكرة واضحة عن البيت الفلسطيني البسيط المتواضع  وطريقة معيشته.

ركزت بشكل كبير على خيبة امل الفلسطينيين من الدول الشقيقة. حتى أن أمّ العرب  بعد ان شعرت بخيبة أمل من العرب قالت ص.76: " لا تقولوا لي أم عرب؟ احذفوا هذه الكلمة من قاموسكم، انسوها".

أجادت الكاتبة في وصف مشاعر الجنود العرب الذين كانوا ضحايا لزعمائهم الذين وضعوهم في الواجهة لأمر في نفس يعقوب. وكان الجندي نجاح الذي حارب كجندي أردني هو أحد الضحايا، حيث انتهى به الامر في مصحة عقلية لعدم استطاعته استيعاب ما حدث. فلم يأخذ أيّ أوامر بإطلاق النار، ممّا اضطره ان يتصرف على مسؤوليته ويطلق النار للدفاع عن نفسه ، فدفع ثمن هذا القرار  حيث تعرض للعقاب من مرؤوسيه.

الجندي المصري أيضا كان ضحية، وظهر مدى اخلاصه للقضية الفلسطينية.

ولكن يا حبذا لو ان الكاتبة أجادت الحديث بلهجته المصرية، فقد ظهرت الجملة التي تحدثت على لسانه نصفها باللهجة المصرية والنصف الاخر باللهجة الفلسطينية. حيث قالت على لسانه ص. 94: " يا هانم ما تتوسلي لهم، لأني ما راح اسلم دي قبل دي".

الأغاني والتهاليل جاءت جميلة ولم تأت مقحمة.

بدأت الرواية ب "علي" المناضل والد سامح، وانتهت به قبل آخر عنوان وهو " الصدمة" الذي لخص الواقع الفلسطيني المؤلم من جهة وبث الأمل بفجر جديد من جهة أخرى.

الرواية غنية وجميلة، إلا انني  كنت أتوه في بداية كل فصل قبل أن أحدد هوية الراوي، حيث وصل عددهم حوالي عشرة رواةٍ، وما كان يتم الكشف عن شخصية الراوي - في بعض الاحيان- إلا بعد مرور صفحتين أو ثلاثة، مما يضطر القارئ إلى العودة لبداية الفصل للربط من جديد بين الأحداث. فلم تتبع الكاتبة أسلوب الراوي العليم، ولم يكن المتحدث طيلة العمل الادبي شخصية واحدة، بل كان الكاتبة تذكر الحادثة الواحدة في بعض الأحيان أكثر من مرة، حيث تروي الحدث ذاته على لسان شخصية أخرى، لكي تظهر وجهة نظره، وتبرزه من جميع الجوانب.

يا حبذا لو أن الكاتبة اختصرت من عدد الشخوص، وقللت من عدد الرواة، كي يستطيع القاريء حصر الاحداث والشّخوص والرّبط بينهم.

الرواية تعتبر مرجعا وطنيا قيما تعطي صورة واضحة عن الوجع الفلسطيني الذي لم يذكره التاريخ، وذلك بلغة بسيطة بعيدة عن التّعقيد.

clip_image002_85cc7.jpg

صدر كتاب "أشواك البراري – طفولتي" للأديب المقدسي جميل السلحوت عام ٢٠١٨ عن منشورات مكتبة كل شيء الحيفاوية، ويقع الكتاب الذي يحمل غلافه الأوّل لوحة للفنّان التّشكيليّ محمد نصر الله في ٢٠١٤ صفحة من الحجم المتوسّط.

أشواك البراري هو عنوان السّيرة الذّاتيّة في مرحلة الطفولة للكاتب جميل السلحوت، والتي تناول فيها المرحلة الأولى  من حياته مرحلة الطفولة، التي تبدأ من مولده عام 1949 في قرية السّواحرة قرب القدس، ويختمها بنهاية المرحلة الثانويّة، وامتحان التّوجيهي الذي وقعت في أثنائه هزيمة حزيران عام 1967م، أمّا المكان فهو الرّقعة الجغرافيّة الممتدّة من قمّة جبل المكبر إلى عين الفشخة على البحرالميت، هذا بالإضافة إلى مدينة القدس، التي احتلت قسطا وافرا ومهمّا في سيرة طفولته، أمّا غيرها من المدن التي جاء على ذكرها فكانت عابرة لم تترك بصماتها على طفولته. في مقدمته التي أسماها (قبل الدخول) وضّح الكاتب أنّ غايته من كتابة هذه السّيرة ليس نقل عذاباته واستدرار العطف، وإنّما نقلُ واقع اجتماعيّ عاشه الملايين من أبناء شعبه وأمّته، ونقل تجربة يفيد منها الأجيال، والحقّ أنّ الكاتب رسم فيها لتلك الحقبة ملامح مهمّة ودقيقة للحياة السّياسيّة والاقتصاديّة والمدنيّة (متعلقات الحياة) في تلك الفترة، وكذلك رصد عادات وأعرافا منها المحمود ومنها المذموم، وكان لهذه السّيرة قيمة جغرافيّة لا تنكر، فالموقع الجغرافيّ للسّواحرة في تلك الحقبة وما قبلها المتمثل في القرب من القدس، والوقوع على الطريق التي تربط جنوب فلسطين بالضفّة الشرقية لنهر الأردن، وتحوّل طريق بيت لحم والخليل إلى جبل المكبر، كان له أثر لا ينكر في حياة الناس، فكانت ملجأ الثوار وطريق التّجار، وهناك إشارات مهمّة لبعض المواقع والمعالم العمرانيّة في القدس من مثل المدرسة التنكزيّة التي نالت منه قسطا محترما من التّعريف العمرانيّ والتّاريخيّ، وقد عرج على بعض التّراث الشعبيّ في بلدته السّواحرة مثل ألعاب الأطفال وأغانيهم، ورصد فيها أيضا التّطوّر التّعليمي في قريته والقرى المحيطة بها وفي مدينة القدس، ويبدو من سيرته هذه أنّ قريته السواحرة كانت في طريقها نحو التمدّن، والانتقال التدريجي من حياة البداوة، التي يغلب عليها الطابع الرّعويّ والزّراعيّ إلى حياة الاستقرار والتّوجّه المدنيّ، من خلال تلك السّيرة وجدنا الكاتب يدور حول محورين هما: محور العلم والتّعليم، ومحور الجهل بمتطلّبات الحياة المدنيّة، من مثل تربية الأطفال، والرّعاية الصحيّة وغيرها. ونجد الكاتب في بدايات سرده لقصّة طفولته يستغرق في وصف شقاء الأطفال في تلك البيئة، وانعدام رعايتهم، وذلك من خلال أحداث مرّ بها شخصيّا، حتى ليخيّل للقارئ أنّه لا شيء في تلك الطفولة يحمد، والتّجربة التي ينقلها الكاتب لنا وللأجيال، وهي بالتأكيد تجربة طفل أعطي نباهة وذكاء ولم يرض بتلك الظّروف، وتحدّاها عندما اشتدّ عوده أو ما استطاع إلى ذلك سبيلا، هي أنّه بالعلم والتّعليم تتقدّم المجتمعات وتهدم الكثير من المفاهيم والأعراف التي تختزل الجهل والتّخلف، العلم والتعليم الذي لا يفرّق فيه بين الذّكور والإناث، وكان للمرأة الحضور الوافر في قصّة طفولة الكاتب فهي أمّ وأخت وعمّة وزوجة أب وغيرها، وقد أكثر الكاتب من الإشارة إلى أمرين تعلقا بالمرأة، وكانا يقضّان مضجعه، أو أثّرا في نفسه، هما النّظرة الدونيّة لها والتّمييز بينها وبين الذّكور، وحرمانها من التّعليم، وفي ثنايا هاتين القضيّتين وجدناه قد بيّن مكانتها في تحمّل أعباء الحياة مع الرّجل سواء بسواء.

 هناك أحداث يبدو أنّها تركت أثرا في نفسه وورّثته سخطا على مجتمع طفولته، ونقدا حادّا له هي حادثة فقدانه عينه، وما ترتّب عليها من شعور من حوله بأنّه بسببها عاجز عن تحقيق حياة ناجحة، وهذه ربّما أنسته فكرة أنّ الحياة الخشنة أو التي فيها شيء من الشّظف تصقل شخصية الطفل وتمنحه شيئا من العصاميّة وتحمّل المسؤوليّة، ونجد أنّ هذه الحدّه تخفّ بالتحاقه بالمدارس والتّفوّق في الدّراسة، حتى إنّه عندما يصف بعض الأساليب التّربويّة الخاطئة التي تقع من مدرّس أو مدير مدرسة من عقوبة أو طرد من المدرسة بسبب أخيه، جاء على سردها بطريقة لطيفة تميل إلى روح الدّعابة، وكأنّ تقديسه للتّعليم والتّعلم جرّده من الحدّة التي بدأها، بل يبدو أنّه مازال يكنّ الاحترام لشخصيّة مدير مدرسة صورباهر داود وهبة، ويدلّ على تقديسه هذا تعريفه بمدرّسيه في المعهد العلمي الاسلاميّ-ثانوية الأقصى الشّرعيّة حاليا- وتتبّعه لسير حياتهم، ويبدو من خلال سرده لقصّة طفولته ميله الشّديد لتسجيل التّراث الشّعبيّ ،والقوليّ منه بخاصّة، وقلقه وخشيته أن يضيع، لذلك نجده قد بالغ في ذكر واستقصاء أغاني الطفولة والهدهدة، وكانت نظرته إليها تأخذ بعدا تربويّا علميّا إلى جانب البعد التّراثيّ.      

أمّا عن الشّخصيّات في قصّة طفولته، فنجد الشّخصيّة الممتدّة هي شخصيّة أبيه -رحمه الله-، الرّجل المكافح الكريم المنتمي لوطنه، والحريص على أبنائه، والمحبّ للعلم والتّعليم، المفتخر بنجاحاتهم. وكذلك أمّه المكافحة الولود الودود التي كانت له الصّدر الحنون، وهناك شخصيّات مرّ على ذكرها تعلقت بأحداث طفولته من أقاربه وأساتذته وأبناء بلدته من عشائر أخرى، كانت ذات مكانة ليس في قصّة طفولته بل في المجتمع.

غلب على الكاتب أسلوب السّرد القصصيّ التي كان فيها يسترجع الماضي بلغة فصيحة بسيطة تناسب كلّ قارئ، وبخاصّة الأجيال الصّغيرة والقرّاء العاديين، فكأنّي به يتجنّب اللغة الأدبيّة التي يخصّ بها المثقفين فقط، فبدت الغاية منها نقل التّجربة، أكثر من الحرص على التّلوين الفنّيّ، وهذا ديدن معظم كتّاب السّير. ولكنّ الفنيّة في مثل هذه السّيرة أنّها جاءت في عناوين فرعيّة غير متباعدة أو منقطعة، ويبدو أنّ أسلوبه الرّوائيّ قد غلب عليها.

القارئ لهذه السّيرة يجد نفسه أمام طفل عانى وشقي في طفولته، ولكنّ الحياة القاسية منحته شخصيّة قويّة وعصاميّة، صادفت منه الذّكاء والنّجابة، ولمّا شاءت له الأقدار أن ينال نصيبه الوافر من التّعليم، جعلت منه شخصيّة اجتماعيّة نبذت الأنانيّة، والتفت إلى إصلاح مجتمعه ومحاربة الجهل والدّعوة إلى التّعليم وإنصاف المرأة. فنحن بحقّ أمام ناقد اجتماعيّ أكثر منه راوي أحداث شخصيّة، وأخيرا ننتظر البقيّة من السّيرة الذّاتيّة التي أتوقع أن تكون مثار نقاش وأخذ وردّ، وأمام مساحة زمنيّة أوسع ومكان جغرافي أرحب، وأحداث أعمق. 

ينقسم السرد عادة إلى قسمين، سرد تقليدي وسرد حديث، كما أن الأحداث قد تكون واقعية، وقد تكون متخيلة، وحتى الواقعية منها لكي تصلح للحكي لا بد من مزجها بالمتخيل وإلا صارت تقريرا عن حدث، وفقدت طعم الرواية. والروائي عبدالرحمن منيف- في رواية" شرق المتوسط" - كعادته مع  باقي رواياته، اختارحدثا من الأحداث الواقعية الذي يعد من المحرمات ألاوهوالإعتقال السياسي، وما يرافقه من تعذيب، وانتهاك لحقوق الإنسان .وعمل على استثماره روائيا بطرائق سردية حديثة سواءعلى مستوى السردأوعلى مستوى بناء الشخصيات والفضاء والأحداث.

 وقد أشار منيف إلى هذا التحديث  خاصة على مستوى الفضاء، والأحداث في تقديمه المتأخربقوله" رواية" شرق المتوسط" توحي ولا تحكي تشير ولا تتكلم" 1 ونعلم مسبقا على أن الإيحاء والإشارة، ونقط الحذف، والرموز من الأساليب التي تحتاج إلى قدرة على التأويل لإغنائها دلاليا، ومعه تتعدد القراءة، وتتجدد مما يجعل الرواية نصا منتجا بامتياز، فرواية "شرق المتوسط" لم تتعرض إلى أسباب الإعتقال ولا إلى مكانه بالتحديد ولا إلى إيديولوجية المعتقلين بشكل مفصل. وكل ماأشارت إليه هوأن رجب، ومعه رفاقه كانوا ضد النظام الإستبدادي بالشرق الأوسط بسعيهم إلى مجتمع ديمقراطي تسوده الحرية والعدالة الإجتماعية، واحترام حقوق الإنسان. وهوما أفصح عنه الكاتب منيف في تقديمه المتأخر. أوأثناءعقدالمقارنة التي قام بها رجب بين أحوال الناس بأوروبا، وما يتمتعون به من حرية وديمقراطية، ومابين القمع، والتعذيب، والتخلف الذي يسود بدول شرق المتوسط، ونرصده كذلك أثناء سرد أنيسة لتفاصيل حياة أخيها رجب وبداية تشكل وعيه وتعلقه بالسياسة .وفي ذلك إشارة من الروائي إلى المرجعية الثقافية، والسياسية لشخصية البطل رجب باعتباره مثقفا عضويابتعبيرانطونيوغرامشي.

أما على مستوى الفضاء فلم تحدد الرواية دولة بعينها من دول شرق المتوسط وسمت بكل هذا الكم من الحقد على الرأي المخالف والمعارض ، المدافع عن حرية الإنسان، وكرامته وحقوقه الإجتماعية.بل تركت باب الإحتمال، والتوقع والشك، والإتهام مشرعا على كل دول شرق المتوسط بمعنى أن هذه الدول كلها معنية بهذا الكلام.فرواية" شرق المتوسط" تناولت موضوعا حساسا أسس فيما بعد لما سمي بأدب السجون، حيث عمل الروائي عبدالرحمن منيف، عبرشخصية البطل رجب الذي امتدت شعلة روحه كطائر الفنيق إلى كل من حامد، وعادل، وأنيسة- على فضح المعتقلات السياسية السرية بشرق المتوسط وما يجري بها من تعذيب، وقتل. موظفا مفهوما حديثا عرف بتعبير الباحث عزالدين بونيت سلسلة من التحقيرات خاصة شخصية البطل- وهو مفهوم البطولة التناوبية.وقد أشارإليه عبدالرحمن منيف في مؤلفه "الكاتب والمنفى".

 فإذا كانت الصحراء هي بطلة الرواية في خماسية مدن الملح فإن شرق المتوسط عرفت مظهرا جديدا، وتوظيفا مختلفا لشخصية البطل، تجلى في البطولة التناوبية،  وقدساهم في بنائها كل من أنيسة أخت رجب بطل الرواية، وزوجها حامد، وعادل ابنها.حيث نكتشف على أن البطل رجب حتى وإن تم قهره، وسجنه، وتعذيبه حد القتل. فإن روحه المتقدة الوهاجة تبعث كطائرالفنيق بالتناوب في أجساد، وعقول كل من حامد في البداية فعادل ثم أنيسة في النهاية.

تتألف رواية شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف من ستة فصول تناوب على سردها كل من البطل رجب وأخته أنيسة، وتنطلق أحداثها عبر تقنية الإسترجاع والتذكربرحلة رجب إلى أوروبا بعد خروجه من السجن من أجل العلاج على متن سفينة يونانية اسمها اشيلوس "أشيلوس تهتزوتترجرج"2 وأثناء هذه الرحلة يسترجع رجب ذكرياته الأليمة  بالسجن، وعلاقته بأسرته، ونضال أمه حتى الموت من أجله، فرجب كباقي أبطال روايات منيف، شخص مثقف خريج جامعة يبلغ الثلاثين من العمر،اختارالنضال السياسي من أجل التحرر من التخلف، والظلم، والاستبداد المسلط على الإنسان العربي بدول شرق المتوسط، وهو الأمرالذي يكشفه لنا رجب في الفصول الثلاثة التي قام بسردها عبرالتناوب مع أخته أنيسة.  فالقمع، والظلم كانا سببا في اعتقاله، وتعذيبه، ومرضه بروماتيزم الدم الذي عجل بسقوطه، وتوقيعه التزاما بعدم ممارسة السياسة، ومعارضة النظام مرة أخرى"الحالة ببساطة روماتيزم في الدم"3.

خرج رجب من المعتقل بعد أن أمضى به خمس سنوات كلها تعذيب بوسائل مختلفة  من كهرباء وصفع وضرب، وتعليق بالسقف، واغتصاب وتجويع، وسب وغيرها من الإهانات، وفي الفصول الثلاثة التي سردها بالتناوب مع أخته أنيسة نكتشف عوامل أخرى انضافت إلى مرضه، وساهمت في انكساره. ومن هذه العوامل وفاة أمه التي كانت السند الحقيقي له أثناء اعتقاله، وتخلي هدى حبيبته عنه، وزواجها من غيره. كما ساهمت الأخبارالتي كانت تنقلها له أخته أنيسة عن قصدفي انكساره"أنيسة التي دمرت حياتي جعلت أيامي الأخيرة في السجن جحيما "4

وبعد خروجه من السجن يشعررجب بالحزن، والندم، والألم. وأثناء مكوته بأروبا من أجل العلاج يفكرفي العودة من جديد للنضال السياسي. عبرالكتابة عمايجري من تعذيب للمعتقلين في سجون شرق المتوسط. خاصة كتابة الرواية حيث يطلب رجب من أنيسة، وحامد، وعادل الكتابة لإكمال مشوارالبطولة كبديل عن العمل السياسي المعارض، وكانت كتابة الرواية تشغله بشكل كبير.لما تتميزبه الرواية من خصائص لا تتوفر في الأنواع الأدبية الأخرى كالشعرمثلا. فهو يريد رواية تضمن تتعدد الأصوات، والأحداث، والأبطال، وتفضح الجلاد، وأنظمة الاستبداد بشرق المتوسط" وهذا ما طلبه من أخته أنيسة في إحدى رسائله قائلا"لوكتب حامد، ولوكتبت أنت، ثم أكتب أنا بعد ذلك"5 وتمنى رجب في النهاية لو كانت أمه على قيد الحياة لكي يضيف صوتها إلى هذه الأصوات.

وفي الفصل السادس، وهوالفصل الأخيروأثناء حديث أنيسة عن عودة رجب نرصد انتقال البطولة بوضوح من رجب إلى حامد زوج أنيسة. تقول أنيسة عن زوجها "ولم يتوقف حامد، بدأ يلعب لعبة رجب ذاتها، ولكن بشكل غامض، ومحير، لم يتركوه طويلا، أخذوه، منذ سنة وأربعة شهور أخذوه"6 لتنتقل البطولة بعد القبض على حامد إلى ابنه عادل، وفيها توجه آخرمن الكلمة إلى العمل المسلح على اعتبارأن الكلمة لوحدها غيركافية لمواجهة الإضطهاد، والقمع الممارس على المعتقلين السياسيين بشرق المتوسط ؛ وهوالفهم الذي رفضته أنيسة قائلة"والآن لا أحاول أن امنع عادل فقط، وإنما أردت أن أضربه، هل أخطىء مرة أخرى وأنا أمنعه؟ 7

وبعد عودة رجب، واعتقاله من جديد وموته نتيجة التعذيب، واعتقال زوجها تعود البطولة من جديد لأنيسة أخت رجب، وهذا ماصرحت به قائلة"لكن كما قلت لكم، أنا امرأة خاطئة ، وأريد أن أتبع طريقة رجب ذاتها، أن أدفع الأمورإلى نهايتها، لعل شيئا بعد ذلك يقع " 8 .

 استطاع الروائي عبدالرحمن منيف من خلال رواية "شرق المتوسط" أن يأخذنا بأسلوبه الروائي المشوق لنعيش معاناةالمعتقلين السياسيين في معتقلات شرق المتوسط .مسلطا الضوء على الآثار النفسية والجسدية الجسيمة التي يخلفها التعذيب، مستثمرا بشكل أسطوري البطولة التناوبية، فاضحا لهذه المعتقلات في محاولة للقضاء عليها نهائيا.

هوامش:

"شرق المتوسط  "عبدالرحمن منيف "

الطبعة التاسعة عشرة 2016

المؤسسة العربية للدراسات والنشر

1-"شرق المتوسط" ص8

2- -"شرق المتوسط"ص19

3- "شرق المتوسط" ص21

4-"شرق المتوسط"ص44

5-"شرق المتوسط"ص188

6-"شرق المتوسط"ص243

-7 -"شرق المتوسط" 243

8- " شرق المتوسط " 243

clip_image002_7b648.jpg

روايّة حرب وأشواق للكاتبة "نزهة أبو غوش"، وتقع الروايّة في 288صفحة من القطع المتوسط.

"حرب وأشواق"أم حب وأشواق؟ ليت حرف الرّاء سقط وما عرفناه ، ليته تركنا منذ ١٩٤٨وما كانت روايّة "خريف يطاول الشّمس" ليته نام كأهل الكهف، لكنّه أبى إلاّ أن يجرحنا ويشتتنا، هي الحرب ما أقساها! بقلمها النازف ألما وشوقا ، اختارت الكاتبة نزهة أبو غوش أن تستكمل الجزء الثاني من هزيمة العرب ، فقسمت الرّوايّة إلى فصلين: الأول يتمحور حول القرى المهجرّة الثلاث"عمواس، يالو، بيت نوبا" أمّا الفصل الثاني، فهو تدمير حارةالشرف والمغاربة وسقوط القدس.أما عنصر الزّمان فهو سنة 1967، والمكان يتنقل بين القرى المهجرة، أبوغوش والقدس. استطاعت الكاتبة أن تجسد وتنقل حالة القلق والخوف، فقدان الأهل والموت والشوق للأحبّة والقرى من خلال استنطاق شخوص الرّوايّة وظهورها بشكل منفرد، حيث تحدثت بشكل انسيابي عن صلتها بالحرب. وقد جاء مشهد أُم العرب على سبيل المثال معبّرا عن حالة القلق حين بلغت أقصى أُمنياتها أن تجمعها بمظلة تضم عائلتها، جاء عنوان الرّوايّة مترابطا مع مضمونها، فالرّوايّة تتحدّث عن الحرب بتفاصيلها، ذكرياتها المؤلمة والشّوق إلى المكان المتمثل بالقرى المهجرة، وكذلك الشوق إلى الأحبّة. سميح وليلى يشتاقان كل إلى الآخر، يتساءل سميح سرا عن حبيبته ثم يفضحه شوقه ولهفته أمام الأهل والأقارب الذين لم يعرفوا سرّه، فيبحث عنها تحت الركام ويناجيها. وكذلك ليلى فإنّها تحلم به حتى في حالة الاغماء أثناءسقوطها بين الأشواك. وتشتاقه بين نفسها وتتساءل كيف وقع حبّ سميح في قلبها؟ ويتزايد شوق شخوص الرّوايّة عامة في نهايّتها حين عادوا إلى عمواس وأخذ كل يبحث عن بيته المدمر، فالشيخ رضوان يبحث عن الحصيرة التي تعني له الكثير أيّام طفولته، وأُمّ محسن تجثم فوق الحجارة وتقبلّها بلهفة. رصدت الكاتبة المعاناة التي يعيشها الفلسطيني تحت ظل الحرب ومابعدها فصورت المواقف الإنسانيّة في كيفيّة نزوح العائلات، الصعوبات والمخاطر التي واجهوها في الطرق، كذلك الكثير من المشاهد المؤثرة من خلال الوصف الدقيق، وبيّنت الأثر النفسي والعاطفي على الشخوص كشخصيّة علي عبدالحكيم الثائر الذي مرض نفسيا جراء تأثره من قسوة الحرب، وكذلك إصابة نجاح عبدالعزيز بصدمة نفسيّة حادّة، وإصابة أبو محمود بالسكتة القلبيّة، ردة فعل جميل الجنجي الّذي بقي صامتا طوال عمله في الدّير، إلا أنّه انفجر غضبا وألما أثناء الحرب، عدم استقرار نفسي عند سميح وهو في سجن الظاهريّة يقول"أنا الآن في حالة عقيمة من الفهم، كل المعايير انقلبت أمامي، وأنا بحاجة لصفاء ذهني". طغت التساؤلات والجمل الخبريّة بكثرة في الرّوايّة وقد ظلّت تراود الشخوص في أغلب مراحلها، للتعبير عن حالة عدم التّصديق والهزيمة مرة أُخرى. فتراشقت الشخوص باتهام الزعماء العرب وايعاز الفشل إلى عدم استعداد الدّول العربية للحرب وأسباب أُخرى. ومن تلك التساؤلات المؤثرة والمثيرة للاستغراب كيف احتلت فلسطين في ستة أيام مع العلم لو أردنا التجول فيها لاحتجنا أياما أكثر؟ جاءت الّلغة مشوقة ،سلسة بسيطة غير معقدة وقد جعلت النصوص حيويّة غير جامدة بعيدة عن الرّتابة من خلال تنوع الأُسلوب الّلغوي حيث استخدمت أُسلوب النداء(يا ألله، يا إلهي) وأكثرت من التعجب(كم أشتاق لك أيتّها المحبوبة! كم أنت رائعة يا جدّتي!) وكذلك أكثرت من الإستفهام (كيف، ماذا، لماذا،هل) ،والقسم (والله، لا والله، أُقسم).أمّابالنسبة للعاطفة فقد استمطرت المشاهد بانفعالات النفس وأحاسيس الغضب، الحزن والحبّ من خلال نبرات أصوات الشخوص(غمغمت بصوت مقهور، تزاحمت أصوات بكاء، ترديد الأغاني الحزينة من خلال موّال العم أبو محمود كل صباح، كلنا بكينا كلنا هتفنا..).وأيضا فإنّ الكاتبة جعلت الشخوص تعبّر عن أحاسيسها بلسان المتكلّم، فاستخدمت الأفعال الحسيّة (شعرت، أحسست ،كاد قلبي يسقط منّي، أتحسسه،فزعت...الخ)جاء الحوار الدّاخلي في الرّوايّة ليعبر عن الشعور بالضياع ولإثارة قضيّة الإستخفاف بالعقل العربي في عدم مصارحته بالحقيقة. (يقول سميح: رحت أبحث عن نفسي كي أعبر بها من البدايّة حتى النهايّة..قولوا لي بصراحة بأنّ عمواس دمرت وهجرّت؟ لماذا الخط الأعوج؟). استخدمت الكاتبة الأمثال، الموّال الشعبي والأغاني التراثية. بيّنت الكاتبة الأسماء والمصطلحات الجديدة التي ظهرت بعد الحرب (النكسة، بوابة مندلبوم، متنزه كندا بدلا من عمواس، توحيد القدس ، خط التّماس، نازح،فتحت الدنيا على بعضها). سلطت الكاتبة الضوء على قضيّة الإعلام المضلل الذي كان ينقل الأخبار كذبا فترة الحرب من خلال إذاعة صوت العرب بصوت المذيع الشهيرأحمد سعيد، وأثرها السيءعلى المجتمع الفلسطيني في ظل الحرب. بيّنت الكاتبة حالة التشتت في ذهن الطالب العربي الذي يدرس ضمن المنهاج الإسرائيلي ومفهوم الخارطة الجغرافية لفلسطين وأسمائها والهويّة المفقودة. ختمت الكاتبة الرّوايّة بملامح الأمل من خلال زواج سميح وليلى بعد أن خيّم الحزن فصولها، وإعلان أبى سميح حين قال سنبني عمواس من جديد. روايّة تستحق القراءة ومرجع هام للأجيّال القادمة.

المؤرخ ( مجازا ) جرجي زيدان هو سبب تلويث الكثير من الشخصيات الإسلامية بسبب مؤلفاته المحشوة بالكذب والخيال وإختلاق أحداث ليس لها اصل في أي مرجع عربي أو أجنبي .

جورجي زيدان مؤرخ واديب من أكبر دعاة التغريب كما كانت له القصص التاريخية التي حشاها بالافتراءات على تاريخ الاسلام .

جرجي زيدان هو سبب الترويج لمدح الدولة العبيدية والتي سماها هو الفاطمية .

هو سبب الأخبار الكاذبة عن صلاح الدين الأيوبي والتي نشرت جريدة المصري اليوم مقال عن صلاح الدين كان منقولا كله من مؤلفات جرجي زيدان .

هو سبب تشويه صورة الخليفة المجاهد التقي الورع هارون الرشيد وإلباس سيرته بأباطيل وأكاذيب مثل حبه للنساء والجواري والخمر والغناء ورماه أيضا بممارسة الفاحشة مع الغلمان والعبيد .

وهو سبب تشويه سيرة العباسة أخت الرشيد وهي العفيفة النقية التقية المنفقة وصاحبة أعمال البر والخير

وهو سبب تشويه سيرة عمرو بن العاص وأنه غزا مصر وسرقها من أهلها النصارى على حد قوله وأن عمرو بن العاص سرق مصر ونهب خيراتها وقتل وشرد النصارى بها وهو كذاب .

رمى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكل نقيصة وخصوصا فيما يخص مصر .

رمى الخليفة المجاهد وكاتب الوحي سيدنا معاوية بن أبي سفيان وقال عنه أكاذيب لا تعد ولا تحصى وكان بينه تعاون تام مع الروافض في طباعة ونشر كتبه وأكاذيبه .

رمى الصحابي الجليل عثمان بن عفان بأنه كان يتصرف في أموال ووظائف الدولة لأهله وأقاربه واصحابه وأنه السبب الأول في فتنة على ومعاوية رضي الله عنهم جميعا .

رمى الصحابي الجليل أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه وأرضاه بكل نقيصة وترى الكثير منا لا يعرف القصة الحقيقية كاملة لأبي سفيان رضي الله عنه وهي قصة تجعلك تبكي من إخلاصه للإسلام ولدولة الخلافة الإسلامية وكذلك زوجه وأولاده رضي الله عن الصحب الكرام .

هو السبب الحقيقي لنشر أكاذيب عن الصحابي الجليل الحبيب سيدنا خالد بن الوليد سيف الله المسلول .

جرجي زيدان كتبه كلها سموم مخلوطة بالسمن والعسل .

وهو يميل في كل كتاباته إلى النصارى ولو بالكذب والإختلاق والخيال الأدبي على حساب الحقيقة والنقل الموثق .

أنصح المبتدئين بعدم مطالعتها او الحذر على الأقل مما يكتب .

اللهم قد بلغت أللهم فاشهد .

.

المزيد من المقالات...