clip_image002_9b18c.jpg

القدس: 19-5-2016 من رنا القنبر- ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، قصّة الأطفال"الطائرة الورقيّة" للكاتبة الفلسطينيّة رفيقة عثمان.

صدرت القصّة التي تزيّنها رسومات منار نعيرات مفروزة الألوان وبغلاف مقوّى، وتقع في 38 صفحة من الحجم الكبير، عام 2016 عن دار الهدى للطباعة والنّشر كريم.

أدار الندوة رنا القنبر التي أشادت بالقصة.

وبعدها تحدّث جميل السلحوت فقال:

الطائرة الورقية والحفاظ على البيئة

  واضح أنّ الكاتبة استفادت من عملها كمشرفة تربويّة، واحتكاكها بالمدارس والطلبة، لتكتب هذه القصّة الهادفة، والتي تحمل في طيّاتها دعوة للحفاظ على البيئة، والحدّ من التلوّث، الذي يضرّ بالحياة على كوكبنا.

 وفي هذه القصّة، التي جاءت متسلسلة في أحداثها، سيجد الطفل أكثر من هدف تعليميّ ومعلوماتيّ وتربويّ، ومنها:

- أنّ الورق الذي نستعمله مصنوع من الأشجار.

- الأشجار تحافظ على نقاء البيئة.

- الحثّ على التفكيّر والابتكار، وتحفيز الأطفال للمشاركة في ذلك.

- الاستفادة من المعلومات الجاهزة والتّفكير في البناء عليها.

- تعاون المدرسة والأهل لتشجيع وتنمية مواهب الأطفال.

- تشجيع الأطفال على زراعة الأشجار، والحفاظ عليها، لنصل إلى بيئة خضراء صحّيّة.

- الحثّ على النّظافة في المدرسة والبيت وفي الأماكن كلّها.

- عدم حرق النّفايات، بل تدويرها والاستفادة منها.

الرّسومات: الرّسومات تتناسب والموضوع، ويؤخذ عليها أنّ الأطفال ظهرت رسوماتهم كما الكبار بدءا من رسم الغلاف الأوّل.

اللغة: استعملت الكاتبة اللغّة الفصحى التي تتناسب مع فئة الأطفال المستهدفين، والكلمات مشكولة كي لا يقع التلاميذ في الأخطاء النّحويّة.

وكتب عبدالله دعيس:

"الطائرة الورقية"ومبادرات الأطفال الخلاقة

في غلاف مقوّى وصور أنيقة جميلة معبّرة، وخطّ واضح وكلمات مُشَكّلة ومناسبة للأطفال الصغار، تُصدر الكاتبة رفيقة عثمان قصّتها (الطائرة الورقيّة) لتحمل رسالة سامية، وتلهم الأطفال العديد من القيم، دون تلقين مملّ وبقصّة مثيرة ممتعة.

الرسالة الواضحة في هذه القصّة، هي ضرورة المحافظة على البيئة عن طريق إعادة تدوير الورق والاستفادة منه بصناعة أشياء مفيدة، وعدم حرقه أو إلقائه في الطرقات، والتقليل من استعماله للحفاظ على خضرة الأرض ونقاء هوائها. لكنّ القصّة تحمل أيضا العديد من الدروس والعبر، في كلماتها القليلة وصورها الملوّنة الجميلة.

من هذه القيم، احترام الكبار؛ فالطلبة الصغار ينادون عامل النظافة في المدرسة بالعمّ رشيد بكلّ احترام وتقدير، وهذه قيمة إيجابيّة تبثّها القصّة منذ كلماتها الأولى. كما وتعزّز القصّة أهميّة العمل الجماعي والتّخطيط السليم قبل القيام بأيّ عمل. فالأطفال يجتمعون ويتبادلون الأفكار المختلفة ويتناقشون دون أن يستأثر أحدهم برأيه أو يفرضه على الآخرين، ويستشيرون معلّمتهم، ثمّ يتوصّلون إلى قرار جماعيّ بالعمل معا على إعادة تدوير الأوراق، مع فسح المجال لكلّ طفل للتفرّد والإبداع وصنع الألعاب التي يختارها هو أو يحلم بها من هذه الأوراق، ما دامت تصبّ في نفس الهدف، ألا وهو الحفاظ على البيئة. ومن أهم القيم التي تعزّزها القصة لدى الأطفال أيضا قيمة المبادرة، فالأطفال هم الذين تنبّهوا للورق الذي تهدره المدرسة، وبادروا إلى إعادة تدويره دون أن يوجههم الكبار أو يفرضوا رأيهم عليهم.

وكما تشجّع القصة الأطفال على التفكير والإبداع، توجّههم أيضا إلى استخدام الحاسوب لتعلّم استخدامات أخرى للأوراق، لافتة نظرهم إلى أنّ للحاسوب استخدامات مفيدة جدّا عدا اللعب، وإهدار الوقت. ولا تخلو القصة من المعلومات المفيدة للأطفال، تُبَثّ لهم خلال الصفحات دون تلقين مملّ. فالورق مصدره الأشجار، وقطع الأشجار يفسد الهواء، وحرق الورق يلوّث الهواء.

وفي القصة درس آخر لا يقلّ أهمية عن بقيّة الدروس والعبر فيها: فالأمور لا تسير دائما على ما يرام، والمشاكل والأزمات قد تفرض نفسها علينا في الأوقات الحرجة دون أن نكون قد حسبنا لها حسابا. فبعد أن عمل الأطفال جاهدين على صنع الألعاب والطائرات الورقية وتلوينها، وبعد أنّ رتّبوها بعناية في ساحة المدرسة للاحتفال بيوم البيئة، تهبّ الرياح وتفسد ما صنعوا، ليجد الأطفال أنفسهم أمام حقيقة قاسية، أنّ هذه الدنيا مليئة بالمنغّصات كما هي مليئة بالجمال والسعادة، لكنّ الأطفال يتعاونون فيما بينهم ولا ييأسون ويستطيعون بمهارة أن ينقذوا أعمالهم ويدخلوها إلى داخل المدرسة وينزلوا الطائرات الورقية من أعالي الشجر؛ ليتغلّبوا بشجاعتهم على هذه المشكلة، وتسير الأمور في نهاية الأمر كما يحبّون ويتمنّون.

وهناك العديد من اللفتات الجميلة في هذه القصّة، فمدير المدرسة يكافئ الطلبة على جهودهم بإهدائهم شتلة زيتون لكلّ منهم؛ ليزرعها في حديقة منزله وتحمل اسمه، توجيها لهم لحبّ الزراعة والمحافظة على الأشجار، ليس عن طريق الاقتصاد في استخدام الورق وإعادة تدويره فحسب، بل عن طريق زراعة الأشجار وخاصة شجرة الزيتون التي هي رمز للحبّ والسلام على هذه الأرض المباركة. وتتضافر جهود الكاتبة رفيقة عثمان والفنّانة منار نعيرات، التي رسمت اللوحات الجميلة للكتاب، في تنمية الرّوح الوطنيّة لدى القرّاء من الأطفال وربطهم بتراثهم، فما الحفاظ على البيئة إلا صورة من صور حبّ الوطن. فالرسّامة تبدع في رسم البنات في يوم البيئة وهنّ يلبسن الثوب الفلسطينيّ المطرّز، والأولاد وهم يتلفّعون بالكوفيّة الفلسطينيّة، ثمّ تُنهي الكاتبة قصتها بأغنيّة عن البيئة استمدّتها من التراث الفلسطينيّ؛ فتكون (على دلعونا) خاتمة هذا الكتاب الممتع المفيد.

نمر القدومي قال:

الطّائرة الورقيّة ..و.. جذور الطفولة

هي أوراق ملوّنة، مزركشة ورائحتها طيّبة، تُنقّب عميقًا في طيّات الذّاكرة، نشتاقها ونشتاق حياة المدرسة، وترجع بنا الأيام لعهد الطفولة. تُرفرف الأرواح بأجنحتها ولا تأبه للسّنين عددا، ولا يعيب الشّخص فينا أن يلمس صفحات أطفاله ويقرأ لهم دائماً القصص المفيدة، حتى وإن ذرفتَ دمعة فرحة، أو نبضة قلب تائهة، أو حنين لزمن البراءة والضحكات العفويّة. الأديبة المربية "رفيقة عثمان" كانت لها بصمتها الماسيّة في قصَة الأطفال "الطّائرة الورقيّة". هذه القصّة الهادفة ذات الصّفحات الصّديقة والآمنة والجذّابة، امتازت بالرّسومات الملونة التي تفي بمضمون وهدف كلماتها. كذلك امتازت بالحروف الواضحة الطّباعة، ولغة بسيطة تليق بمستوى صغارنا.

إنَّ أدب الأطفال هو الأصعب على الإطلاق وأخطره درجة، وأنه أيضا بحاجة إلى رقابة جادّة  ومستمرة، لِما له من تأثير كبير على أدمغة وعقول الأطفال النديّة، والإستقطاب المبكّر لأجسادهم الشّفّافة. أما الخيال الواقعي، فلا بدَّ منه في قصص الأطفال، وكذلك اللجوء إلى تبسيط الكثير من الأمور العلميّة والإكتشافات المعقّدة، وقصص الرّحالة والرحلات المشوّقة الهادفة، من أجل أن يصبَّ في ذهنهم بصورة جميلة وإيجابيّة وخلاّقة. طائرة رفيقة الورقيّة، كانت مثالًا جميلاً للعمل الجماعيّ بين الصّغار في المدرسة، وقراراتهم الموحّدة دون خلافات خاصة. تحثُّ الكاتبة على ضرورة استشارة الصّغير للكبير قبل الإقدام على أفعال قد تكون خطيرة. كما عمدتْ من خلال قصّتها على تطوير وتمكين فِكر الأطفال والمشاركة الفعليّة في إحداث تغييرات، والحدّ من إيذاء البيئة المحيطة، والاستفادة  قدر المستطاع من خبرات المعلمين وأصحاب العقول النيّرة والتجارب السّابقة. في هذه القصّة الهادفة تم تعليم الأطفال عمليّة تدوير الأوراق غير الصّالحة في مدرستهم، وإعادة تشكيلها بطريقة يدويّة. فبدلاً من إحراقها وتلويث الأجواء والبيئة، قرروا أن يستفيدوا من المخلّفات الورقيّة والكرتونيّة لعمل الأشكال والمجسّمات العديدة والمتنوّعة، وعرضها على الجمهور في يوم البيئة العالميّ، إضافة إلى العناية أكثر بجمال الطبيعة؛ فمن أحداث القصّة، أنهم قاموا بزراعة الأشجار في أنحاء الحي، وإستدامة الخَضار دون الاضرار بالثروة الطبيعية.

الأطفال قد يرون بعض الأشياء التي لا يراها الكبار، فقصّة كاتبتنا تعتبر عملا منهجيّا صالحا للتعليم في صفوف مبكّرة، على مدار مدّة زمنيّة أو فصليّة، من خلال المنهاج المدرسيّ، لأنها من النّوع الذي فيه النّشاط العملي والأكاديمي معا، وفيها من التوجّهات والارشادات الحكيمة التي تنمّي وعي الصّغار. ولا يخفى على أحد منا أنَّ التّعامل مع الأطفال في تربيتهم وتعليمهم شاق ويحتاج إلى أناس ذوي كفاءات وخبرات، كذلك ميزات منفردة غير موجودة عند الكثيرين، وهذا ما تميّزت به الأديبة المربيّة "رفيقة عثمان" في عملها الجديد والمتميّز والمُتقن، الذي أبهر الكبار قبل الصّغار.

وكتب كاظم محمود أبو غوش:

 لفت انتباهي في هذه القصّة  تعدّد الأسئلة من قبل الطّلاب، كذلك الحوار والتّشاور فيما بينهم. هكذا نريد أطفالنا، أن يكونوا مبدعين، يتساءلون ويتحاورون، ويلاقون التّشجيع من معلّميهم ومعلّماتهم ومدرائهم وأولياء أُمورهم.

 المعروف تربويًّا أنّ الطّفل الّذي يكثر من الأسئلة هو طفل ذكيّ، يجب أن يحصل على اجابات صحيحة من والديه ومعلّميه، وعدم تقديم معلومات خاطئة لابنائهم وممّن يسألونه، وأن ننمّي فيهم شدّة الملاحظة.

ومن الجدير بالذّكر هنا أن نتذكّر العالم الكبير، اسحق نيوتن الّذي رأى حبّة تفاح سقطت عن شجرة تفّاح فراح يسأل نفسه:

لماذا سقطت التّفاحة على الأرض؟ 

هذا السّؤال قاده لاكتشاف قانون الجاذبيّة وأنّ الأرض مغناطيس كبير يجذب للأسفل.

 وكم يسعدني أن أشير إِلى أنّ قرآننا العظيم قد طرح آيات كثيرة، فيها تساؤلات تثير الفكر للوصول الى المعرفة والحقيقة للإيمان بالخالق العظيم سبحانه وتعالى.

انّ كاتبتنا المبدعة رفيقة عثمان شجّعت الحوار بين الأطفال، كذلك التّشاور وطرح التّساؤلات والاجتماعات المستمرّة للوصول الى نتائج تؤدّي الى بناء المجتمعات، وخدمة الانسانيّة والتّقدم في مختلف المجتمعات، وخدمة الانسانيّة والتّقدّم في مختلف جوانب الحياة.

رسومات القصّة جميلة ومعبّرة، ومطابقة للأحداث للفنّانة منار نعيرات.

أمّا نزهة أبو غوش فقد قالت:

الطّائرة الورقيّة والحبكة القصصيّة

 حبكة (بفتح الحاء) من حَبك حَبكا أي الشّدّ الوثيق، وحبك الشّيء- شدّه شدّا وثيقا. وفي المعجم الوجيز: أي أحكمه ويقال حَبَك الأمر أحسن تدبيره، والثوب ثنى طرفه وخاطه. وفي مختار الصحاح: عن ابن الأعرابي “أن كل شيء قد أحكمته وأحسنت عمله فقد حَبكته."

في قصّة الأطفال " الطّائرة الورقيّة" للكاتبة، رفيقة عثمان نلحظ بأنّ البناء الفنّي للقصّة بني على أساس السّببيّة، والنّتيجة، وعليه بنيت الحبكة، حيث أنّ سبب تطوّر الأحداث ونموّها كان سببها ادراك الطّلاب لمسبّبات تلويث البيئة؛ والنّتيجة، هي عمل الطّلاب من خلال الاقتراحات والتّشاور، وبالتّالي التّنفيذ، أي القيام بعمل مجسّمات من الأوراق والكرتون، بدل حرقها أو اتلافها. 

نرى بانّ الحبكة  في "الطّائرة الورقيّة" تعد هي المسار العام من البداية مرورا إلى الذروة ثم النهاية وتفكك العقدة.

حيث بدأت الكاتبة بنسج الأحداث بإيقاع  مرتفع منذ البداية، ثمّ سارت بالأحداث بإيقاع  طويل فيه المتعة والجمال.

اذ أنّ ملاحظة الأطفال لحرق الأوراق في ساحة المدرسة عملًا سلبيّا يحتاج إِلى حلِّ سريع جدا؛ من أجل انقاذ البيئة. ايقاع مرتفع تدرّج نحو الاستقرار، حيث انشغل الأولاد بالأعمال الفنّيّة المختلفة والالوان والزّينة. 

بما أنّ عنصر التّشويق هو من أهمّ العناصر في الحدث القصصي، عمدت الكاتبة رفيقة بأن تشدّ القارئ -الطّفل - منذ البداية، وتثير اهتمامه كمتلق من خلال سريان روح نابضة بالحياة، وخاصّة العمل على النّاحية العاطفيّة. حيث استثارت الكاتبة خوف وقلق، وتلهّف الأولاد على أعمالهم الفنّية من خلال هبوب الرّياح القويّة، الّتي أطارت كلّ ما تعبوا عليه وأنجزوه معًا.

اعتمدت رفيقة عثمان في قصّتها الطّائرة الورقيّة على الشّخصيّات، وما ينشأ عنها من أفعال، وما يدور في صدورها من عواطف، ولا يجيء الحدث هنا لذاته، بل لتفسير الشخصيات التي تسيطر على الأحداث، حسب رغبتها، فمثلًا شخصيّة الطّفل علاء بدت لنا شخصيّة متحرّكة، ذكيّة تسعى للبحث عن الحلول دون تلكّؤ. فعندما تسلّق الشّجرة؛ من أجل انقاذ الطّائرة الورقيّة، انزلقت قدمه، وكاد أن يقع ممّا خلق الخوف والهلع عليه من قبل اصدقائه، وكأنّما الكاتبة لم تكتفِ بالأزمة الأولى، وهي هبوب الرّياح وتشتّت الأعمال الفنّيّة للطّلاب، بل أضافت إِليها أزمة أُخرى؛ من أجل التّشويق والاثارة، وهي أيضًا هنا عملت على إثارة النّاحية العاطفيّة عند المتلقّي.

 ومن وظائف الحبكة  أيضًا، إثارة الدّ هشة والغرابة في نفس القارئ، حيث نلتمس استغراب واندهاش الشّخصيّات بالأعمال والانجازات من خلال عمليّة التّدوير الّتي قاموا بها، مثل المدير والمعلّمة والآذِن، فهي من النّاحية الفنّيّة تنعكس بالضرورة على مشاعر القارئ. 

وملخّصًا لما سبق نستنتج بأنّ الحبكة هي المجرى العامّ الّذي تجري فيه القصّة وتتسلسل بأحداثها على هيئة متنامية، متسارعة، ويتمّ هذا بتضافر عناصر القصّة جميعها.

وكتبت سهير زلوم:

قصة الطائرة الورقية تشمل العديد من المواضيع المهمّة جدا، والتي لها تأثير كبير في تربية الطفل. فنجد في القصّة الاحترام والتّعاون وحرّيّة الرّأي والتّفكير الخلاق. كما أن الرّسومات داخل الكتاب معبرة جدّا وألوانها رائعة، وهي تدلّ على ما هو مكتوب في القصّة وتقرّب المعنى للأطفال، كما وتعطي بعض الأفكار غير المكتوبة، وإنّما يستشفها الطفل من التّدقيق في الصّورة. ففي صفحة 2 مثلا نرى العمّ رشيد وهو يحمل الأوراق إلى إحدى زوايا ساحة المدرسة، لكنّنا نلحظ أيضا أنّ الحاوية الموضوعة خارج سور المدرسة مشتعلة، ونرى صورة الأطفال وهم ينظرون إلى كومة الأوراق والحاوية المشتعلة، وهذا يثير الكثير من التّساؤلات لديهم، والتي تقدّم لموضوع القصة وهو ضرورة إعادة تدوير الأوراق والابتعاد عن التّلوّث. وتظهر أيضا في بعض الرّسومات سلال القمامة التي تحمل ألوانا مختلفة مكتوب عليها ورق وبلاستيك، وهذا يعزّز فكرة إعادة تدوير النّفايات لدى الأطفال بمجرّد النّظر إلى الصّور وترسّخها في عقولهم.

ومن الدّروس المهمّة في هذه القصّة هو الاهتمام بالنّظافة؛ فالطلبة في القصّة يهتمّون بنظافة السّاحة والتّخلّص من الأوراق بشكل سليم. هذا السّلوك لدى الأطفال وتصميمهم على إعادة تدوير الأوراق، وعمل ألعاب وأشكال جميلة منها عن طريق التّعاون بينهم، هو أمر صحيّ جدّا ومفيد لنفسيّة الطفل.

وكتبت وفاء العويوي بيدس:

بعد قراءتي لقصة " الطائرة الورقية" أقدم أهم ملاحظاتي :

           بشكل عام هي قصة رائعة من حيث الفكرة والمضمون، فهي قصة تربوية تعليمية هادفة، تدعو إلى مسايرة عصر التكنولوجيا والاستفادة حاضرا ومستقبلا من الحاسوب، وبعد أن قرأتها على طالبات الصّف الرّابع وجدت منهنّ حماسا كبيرا لتنفيذ فكرة القصّة للتّخفيف من الأوراق المتناثرة هنا وهناك في مدرستهنّ.

وقد تعلمن من القصّة:

 -  أن الورق يصنع من الأشجار.

- يمكنننا استخدام الحاسوب في اختيار نماذج لأعمالنا الفنية، وفي الكتابة بواسطته، والاستغناء مستقبلا عن الورق والكتب .

- معرفة معنى كلمة بيئة وضرورة المحافظة على نظافتها.

- تعلمت الطالبة قيمة التعاون والتشاور لإنجاح أي عمل.

 –  تعلمت قيمة احترام عامل النظافة ومساعدته وإعطائه لقب " العم رشيد ".

-  ملاحظتهم لارتداء الطلاب ملابس تراثية في يوم البيئة.مما يحثهن على إحياء التراث الوطني والاعتزاز  به.

- الاستفادة من مخلفات البيئة وتدويرها في عمل اشغال فنية جميلة.

- تنمّي في نفس الطالبة التذوق الفني والإبداع وعمل شيء جميل من لا شيء.

- توظيف النشيد التراثي " على دلعونا " في خدمة أهداف القصة، وقد أحبت الطالبات النشيد لأنهن سمعنه بكلمات أخرى.

- تعلمت الطالبات المشاركة والمساعدة في حل المشاكل وعدم الهروب منها، وذلك من خلال المساعدة في انقاذ الأعمال الفنية  والطائرات الورقية التي تطايرت بسبب الريح.

- تعلمت الطالبات من القصة أن التعب والاجتهاد نتيجته المكافأة والثناء من المسؤولين .

من ملاحظات الطالبات على القصة أن العنوان غير مناسب، وانا أقول أنهن قلن ذلك لأن هناك درسا في كتابهن للغة العربية عنوانه الطائرة الورقية، وفكرته تتحدث عن كيفية صناعة الطائرة الورقية، وتتحدث عن قيمة التعاون في صناعتها.

ومن ملاحظاتهن كيف سيعطي المدير للطلاب أشجار زيتون لزراعتها، فأخبرتهن بفكرة  " الشتلة "  وأنّها شجرة صغيرة يمكن حملها وزراعتها . وكان من المفروض وجود صفحة في القصة تبين المدير وهو يقدم هذه الشتلات لطلابه لزراعتها .

وكتبت هدى خوجا:

           هيّا نحلق عاليا بالطائرة الورقيّة، لنحافظ على البيئة الخضراء والاستدامة وحلقات الدبكة بناقوس على دلعونا، نعم إنها الطائرة الورقيّة تأليف رفيقة عثمان .

     تعتبر مرحلة الطّفولة من أهم المراحل الّتي يمر بها الانسان، ويجب الاهتمام بأدب الأطفال، وتطوير التّفكير الابداعي لدى الطّفل في هذه المرحلة.

  هنالك عدّة قيم واتجاهات ايجابية من خلال القصّة، منها التّشاور واحترام الرّأي والرّأي الآخر، جعل البيئة خضراء ونظيفة وآمنة، ودعم الأفكار البناءة وتشجيعها من قبل المعلمة والمدير واحترام الكبير.

     التّفكير في حل المشكلات والتقليل من تقطيع الأشجار والمحافظة عليها بالتقليل من استخدام الأوراق، والاجابة عن  عدد من الأسئلة  منها كيفيّة المحافظة على البيئة الخضراء.

الحد من استخدام الأوراق وإعادة التّدوير، تقليل النّفايات الورقيّة، الكتابة بوساطة الحاسوب وعدم التّسبب في تلوث هواء البيئة ، وتشجيع الابتكار والابداع والعمل معا ، وعمل يوم البيئة، واستخدام الحاسوب في عمل الأشكال المتعددة الفنيّة، ومواكبة التّطور التكنولوجي والتّشجيع على الخيال والإبداع والرّسم والتّخطيط وطيّ الورق.

            الحلم أصبح حقيقة لشريف في القصّة وحلّقت الطّائرة عاليّا.

       كما ويمكن عقد عدّة ورشات فنيّة وتطبيقية لقصّة الطّائرة الورقيّة في المدارس والنّوادي والمخيّمات الصّيفيّة، في المحافظة على البيئة مع دمج الفنون الجميلة، واستخدام خامات من البيئة للاستدامة، وعمل معارض فنيّة باستخدام التّدوير ومواد من البيئة المحلية بدل رميها وتلويث البيئة.

الكلمات متناسبة ومتناسقة النّصوص والرسومات مناسبة وجميلة.

سوف تحلق الأحلام وتتحقق  مثلما حلقت الطائرة الورقية بالافق عاليا.

   وما أجمل ناقوس النهاية بأغنية تراثية، بفرحة وتلحين على دلعونا وبيئتنا الخضرا أجمل ما يكونا.

وكتبت ديمة جمعة السمان:

كان حلم الطفل شريف بأن طائرته الورقية الكبيرة.. ستحمل أصدقاءه وتحلق بهم عاليا نحو السماء.. لينطلقوا بأفكارهم وابداعاتهم دون حواجز ولا قيود.. لذلك صنع الطائرة الورقية الكبيرة.. وسعد بها زملاؤه كثيرا.. وقلّدوه.

 ولكن..  تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.. حيث أخذت الرياح  طائراتهم الورقية.. وعلقت بالاشجار العالية.. تسلق علاء من فوره الشجرة محاولا انقاذ الطائرات.. فانزلقت قدمه وسقط على الأرض.. وعندما اقترب منه أصدقاؤه ليساعدوه.. طمأنهم ورجاهم بأن ينقذوا الطائرات سريعا.

لقد عنت لهم طائراتهم الكثير.. رأوا فيها أحلامهم التي يسعون لتحقيقها لتحررهم من واقعهم.. وتطلق ابداعاتهم. لذلك كان الحلم أغلى من الروح.. كاد الاطفال يفقدون حياتهم اثناء عملية انقاذ الطائرات.

القصة تحوي العديد من الدروس غير التقليدية.. والعبر التي من الصعب على الطفل تقبلها من أيّ كان.. اذا ما طرحت بالاسلوب الاعتيادي.. أمّا وقد تناولت الكاتبة الحكم والعبر بأسلوب جميل متوازن.. محبب للأطفال.. كما عودتنا في جميع كتاباتها المخصصة لهذه الفئة العمرية.. فقد أوصلت رسائلها بسلاسة.. وتقبلها  الأطفال دون مقاومة.. بل شاركوها الرأي.. وعبروا عما في داخلهم  بحرية.

 الكاتبة تمتلك قدرة متميزة في مخاطبة هذه الفئة العمرية الحساسة. ولن أنسى " قصة الارنب المفقود" حيث أبدعت في تناول مفهوم الموت.. حيث عالجته بذكاء يسجل لها.. مع العلم أن هذه المواضيع تحتاج إلى حسّ عال جدا بفهم خصوصية تركيبة نفسية الطفل وتطورها؛ كي لا تترك خدشا في نفس الطفل.. كما تراعي دوما أن تكون النهاية سعيدة.. مع مراعاة حَبك العقدة بطريقة يفهم فيها الطفل أن الحياة ليست سهلة دائما.. مع الاشارة بأن لكل مشكلة حل.. ولكن على المرء أن يسعى ويستخدم عقله. أعتقد ان دراسة الكاتبة وتخصصها في التربية الخاصة ساعدها على اتقان هذا الأمر.

مع العلم أنّ فنّ الكتابة للطفل ليس كما يظن البعض أنه سهل.. ولا يحتاج إلى بذل مجهود كبير.. بل العكس تماما.. فن الكتابة الطفل من أصعب فنون الكتابة لا يتقنه أي كاتب حتى لو كان مبدعا في فنون الكتابة الاخرى.

وكتبت سناء عز الدين عطاري:

اللغة والأسلوب في قصة الطائرة الورقية 

يمكن القول أن غالبية الأدباء والباحثين الذين تطرقوا لقضية اللغة والأسلوب في أدب الأطفال، يجمعون على ضرورة مراعاة لغة الطفل وقاموسه حسب مراحل العمر والنمو، مع محاولة الارتقاء التدريجي لهذه اللغة، وهذا بدوره ينعكس في الأمور التالية:

"على صعيد الألفاظ والتراكيب اللغوية – الدعوة لاستخدام الألفاظ والتراكيب السهلة، وتجنب الغريبة غير المألوفة منها، والاقلال من المفردات والتراكيب المجازية إلا ما جاء منها عفو الخاطر، واللجوء إلى التكرار في الألفاظ والتعابير.

وعلى صعيد الجملة، تركيبها ونحوها – استخدام الجمل القصيرة أو المتوسطة الطول، وتجنب الجمل الطويلة المعقدة. استخدام الجمل والألفاظ الدالة على المعاني الحسية وتجنب المجرد المعنوي.

وعلى صعيد الأساليب – تحري الوضوح والجمال والدقة وتجنب الإسراف في الزركشة والزخرف والثراء اللغوي المتكلف، وتجنب أسلوب التلميح والمجازات الغامضة الصعبة، والاقتراب من خصائص "لغة الكلام" والاستفادة من أسلوب الراوي في الحكاية الشعبية الشفهية".

ويعتقد البعض أن الكتابة للأطفال أكثر مشقة من الكتابة للكبار، بسبب الاشتراطات التربوية والثقافية التي يلتزم بها كاتب الأطفال، وبسبب مراعاته للمستوى العقلي والنفسي للمتلقين.

وفي قصة " الطائرة الورقية"، استخدمت رفيقة عثمان الألفاظ السهلة السلسة الملائمة للمستوى العقلي والفكري للأطفال، والمتناسب مع موضوع القصة ألا وهو الحفاظ على البيئة الخضراء. ونلاحظ استخدام الكاتبة بعض المصطلحات الحديثة، مثل مصطلح "الاستدامة". أما جملها فهي قصيرة، وقد حاولت استخدام الجمل المتناسبة موسيقيا من حيث اللفظ، مثل: كي تظهر البلدة جميلة، ونظيفة، في أعين الصغار والكبار، وتجلب الأنظار، ويحبها الزوار".

وقد نحت الكاتبة منحى تقدميا في الأسلوب، حيث شجعت من خلال الحوار وتسلسل الأحداث التفكير الخلاق والإبداعي للأطفال، حيث أتاحت لأبطال قصتها الفرصة للتفكير والنقاش والمبادرة والإبداع.

وقد أعجبني أسلوب الكاتبة في ملائمة أغنية دلعونا، وهي من أغاني التراث الشعبي الفلسطيني لموضوع الحفاظ على البيئة الخضراء وهو من المواضيع التي تركز عليها التربية والثقافة الحديثة.

clip_image002_0449e.jpg

( الشاعرة نادرة شحادة مع الشاعر والإعلامي حاتم جوعيه )        

مقدمة : الشاعرةُ والاديبة "نادرة شحادة " من سكان قرية " كفر ياسيف" الجليليَّة"،أنهت دراستها الإبتذائيَّة والثانويَّة في قريتها كفر ياسيف  ودرست بعد ذلك موضوع الهندسة المعماريَّة  في الجامعةِ  ودرست أيضا  موضوع الجرافيكا المحوسبة والسكرتارية،عملت في مجال الهندسة المعمارية  لفترة قصيرة وبعدها عملت لمدة 16 سنة في مجال الجرافيكا المحوسبة  . وتعملُ الآن سكرتيرة  في جمعيّة " إبداع " للفنانين التشكيليين العرب  وهي جمعية  لرعايةِ الفنّ في الوسط العربي ومقرّها في قرية  كفر ياسيف .  تكتبُ  نادرة

الشعرَ والخواطرَ والمقالات المتنوِّعة منذ نعومةِ أظفارها، نشرت الكثيرَ من  نتاجها  الشعري  والأدبي  في معظم   وسائل  الإعلام  المحليَّة  وكتبَ  عن   إبداعاتِها الشعريَّة  العديدُ من النقاد المحليِّين  ومن  أبرزهم الشاعر والأديب والناقد الكبيرالدكتور"منير توما"..ورغم إنتاجها الإبداعي الغزير والمتراكم  لم  تُصدرْ حتى  الآن  كتابا  أدبيًّا  أو  ديوانَ  شعر على عكس الكثيرين  من الشعراء المحليِّين الذين  يفتقرون إلى المستوى الفنِّي المطلوب  فنجدُهم  كلَّ فترة قصيرة  يطبعون  ديوانَ  شعر جديد  لا يوجدُ  له  أيَّةُ علاقة مع الشعر والأدب والإبداع ...وأما الزميلة  نادرة شحادة  فهي  بحقٍّ  وحقيقةٍ  شاعرة وأديبة كبيرة  ومُمَيَّزة  وتضاهي  كتاباتها مستوى كبار الكتاب والادباء  في العالم العربي .

         وسأتناول في هذه المقالة ثلاث قصائد من  أشعارها مع الإستعراض والدراسة والتحليل .

مدخل :  سأستهلُّ  المقالة   بقصيدة  لها   بعنوان : " يا  ليلُ صمتك " ... وهذه القصيدة من ناحيةِ  البناءِ  والشكل  الخارجي على نمطِ الشعر الحديث وهي قريبة إلى شعرالتفعيلة حيث نجدُ فيها بعضَ الجمل والمقاطع الموزونة ، ولكنها غير مقيَّدة  بوزن واحد  وكلُّ جملة  أو تفعيلة  مستقلة  بحدِّ  ذاتها ، والموسيقى الداخليَّة في القصيدة وجمال الكلمات والألفاظ والمفردات  تعطي إيقاعا عذبا وجاذبيَّة وجماليَّة وسحرا أخاذا للقصيدة ...وتملؤُ  وتترعُ  أجواءَ  ومساحات القصيدة  الحيرةُ  والتساؤلُ والغموض الشفاف والفلسفة  الصامتة  ونستشفُّ ونرى نظرةَ الشاعرة  ورؤيتها  للمجهول وإلى العالم الميتافيزيكي  وما وراء الوجود . 

       تخاطبُ الشاعرةُ في هذه القصيدةِ  الليلَ، وقد تعني وتقصدُ  بالليل عدة أمور وأشياء  وأهداف .. فقد يكون الليلُ  ذاتهَا وكيانهَا الحزين والمضطرب   أو الحبيبَ الذي  يعيش  ويتفاعل مع الناس  والمجتمع  ومع  الملل  والحيرة  والإحباط ..أو كلّ  شيىء معتم  وداكن وحزين . 

     تطلبُ الشاعرة ُ نادرة  في مطلع هذه القصيدة من الليل أو الحبيب ( كما يبدو ويُفهم من سياق القصيدة) أن يعيرَهَا صمته وسكوته وحبرَ لونهِ الأسود  ( فالليل صامت) لأنَّ الكلام قد احترق على الورق..وتقصدُ كلَّ كلام إيجابي وجميل ومفيد وكلَّ فكرةٍ ومبدإ  فيه تنوير وهداية للناس ..وقد أضحت طيورُ البرّ ساكنة  وهادئة  وتخشى البكاء والنحيب  مثلها مثل الرمال التي تخشى  وتخاف البحر تفاديا من الغرق (مثلما تخشى الرمال من البحر الخرق ) كما جاء في وصف وتعبير الشاعرة  وإنهُ لتشبيه جميل وجديد .

    وتقولُ الشاعرة في القصيدة :

( " أعطني خيطا  ولونا  // من  ثيابِ يومك //

     لأبني عشًّا من سراب  //

     بلا نافذة  // ولا شرفة //

     ولا  بابْ

     مُشرَّعٌ  فوق حدودِ  الأرض  وتحت خارطةِ  السَّماء //

     أعطني فارورةَ عطر // حبَّة مسكٍ // ودواء ..  //  " ) . 

       تطلبُ الشاعرةُ من الحبيب أو رفيق الدرب والمشوار أن يعطيها خيطا ولونا  من  ثياب  يومهِ  لتحوكَ  به عشًّا  وأملا حتى  لو من سرابٍ  يصعبُ ويستحيلُ تحقيقهُ ...وتقصدُ بعبارة وبجملة لونا من ثياب يومك  أي أن  يكونَ فيه  تفاؤلٌ  فاليوم ليس  كالليل الأسود المعتم ...وهذا البناءُ البسيط  أو بالأحرى العش الذي  تحوكهُ  وتكوِّنُهُ  بلا  نافذة  ولا شرفة  وباب هو تشبيهٌ واستعارة مجازيّة  ويدلُّ هذا التشبيهُ ويرمز إلى عدم التكامل  وإلى استحالة تحقيق الحلم  والمشروع  والأمل والهدف الذي تسعى إليهِ . فهذا العشُّ الذي تتحدَّثُ  عنهُ  الشاعرة  يكون  مُشرَّعا  أي  موجودا  بشكل  مكشوف  وغير محصن ومحمي من الرياح والعواصف والسيول وأعين الأعداء والمتربصين  الذين يريدون الشّرَّ والأذيَّة . فهو فوق حدود الأرض وتحت  خارطة السماء  والكلُّ يراهُ ويبصرهُ - السَّلبي والإيجابي والمادي والروحاني -(أهلُ الأرض  والتراب وأهل السماء الروحانيين )  .

     وتطلبُ الشاعرةُ من الليل أيضا ألا يحرق لونهُ من أجلها لأنها استعارت  من  الحياةِ لونا آخر وفجرا آخر، بيدَ أنّهُ ما زال في مرحلةِ إسترجاع وإعادة عافيتهِ  ونشاطهِ  وهو يستفيق  من السباتِ  والنوم  والكسل..أي أنَّ الشاعرة  تطلبُ من حبيبها ألا يحرق نفسَهُ  بنفسهِ ولا يحرق لونهُ ويدمِّر ويمحو كيانه  من أجلها  ويقدِّم  ويضحِّي  بكل  شيىء  ويستنزف  كلَّ  طاقاتهِ  وامكانيَّاتِه  المحدودة  لأنها درست الحياة وعاركتها وعرفت كيفَ تتغلّبُ على الصعابِ  وكيف تستعيرُ لونا.. والمقصودُ  باللون الطريقة  والسبيل والاسلوب  ( لونا آخر وفجرا آخر) لأنها  ترنو وتسعى نحو النور والضياء والعدالة المثلى ... ولكنَّ هذا الفجر ما زالَ  يستفيقُ من السباتِ .. أيّ أنهُ لم يكتمل  بعد .. وهذا  الشيىء  وهذا  الأمر   ينطبق  على  واقعنا  المحلي  الإجتماعي  والسياسي  والإنساني  وعلى عالمنا العربي بشكل عام  فالعالم العربي لم يبزغ  ويسطع فجرهُ  بعد.. فالفجر تشبِّهُهُ الشاعرةُ بالإنسان حيث يستفيق من السبات بشكل  تدريجي  وعلى  مراحل ...والأمة  العربية  الآن  تصحو من سباتها  بشكل تدريجي  وتقومُ  اليوم  بهبات  وثورات وانتفاضات متتالية ومتواصلة  وكلُّ هذه الهبَّات والأحداث الجسام تسير بالشعب العربي بشكل متواصل وبطيىء نحو الفجر ..نحو الحريَّة  الإجتماعيَّة  والإنسانيَّة  أولا  ثمَّ  الحريَّة السياسيَّة  والإستقلال الكامل  الفكري  والمعنوي  والجغرافي  والإقليمي والإقتصادي  والسياسي..وفي طليعة ومقدمة هذه الحريَّة والإستقلال حريَّة المرأة  العربيَّة والشرقيَّة  وانطلاقها  للإنجاز والإبداع  .

تقول نادرة شحادة :

( "  لا تحرقُ يا  ليلُ  لونكَ من أجلي

     فقد    استعرتُ   من    الحياة

     لونا    آخر  //  وفجرًا    آخر 

     ما زالَ يستفيقُ من السُّباتْ  " ) .

    وتتابعُ حديثها فتقولُ :

( " أعرني صمتا وشيئا من  هذه الحياءْ

     فربَّما   سكنَ    النهارْ

     وجفَّ    قانونُ  البقاءْ  " )  .

  ...أي أنها تطلبُ من الليل والحبيبِ أن  يعيرَها الصمت (صمته وسكوتهُ )   وشيئا  ونزرا من الحياء  حتى  لا  تتكلّم  وتبوح  بكلِّ  ما هو  موجود  على هذه  البسيطة  والواقع  الذي نحياه  من سلبيَّات ورزايا .. فلربَّما سكنَ النهارُ  ... أي  سكتَ الضوءُ  وصوتُ الحقِّ  والعدالة  واختفى النور  ورحل الحبُّ ومات السلام  ولم يعد  قانونُ البقاءِ موجودا .  وقد  تفسَّرُ الشطرة الثانية من المقطع أو الجملة الأخيرة  بشكل  معاكس أيضا... وسكنَ النهار: أي  أصبحَ  النهارُ هادئا وصامتا  ولا يوجدُ ما يعكّرُهُ  وكلُّ شيىءٍ وأمر في هذا الوجود يجري  ويسيرُ بشكل  طبيعي  وصحيح ...وجفَّ  قانون  البقاء  تعني أنَّه  قد  انتهى الحرُب والصراع ُمن أجل الإستمراريَّة والبقاء .. 

   في المقاطع  والشطراتِ الأخيرة من القصيدة يبدو بوضوح هدفُ ورسالة  الشاعرة وهو تحقيق العدالة الكاملة والشاملة (الإجتماعيّة والإنسانيَّة والعدالة السماويَّة) ورحيل الظلم والظلام وحلول الأمن والسلام .  والشاعرة توظّفُ أشياءً وعناصر من الطبيعةِ والحياةِ  للوصول إلى المعاني والغاية  المنشودة ...ونجدُ شاعرتنا متأثرَّة إلى حدٍّ ما بالشاعر والأديب اللبناني العالمي جبران خليل جبران  وبأسلوبهِ  الجميل  والساحر ، وخاصَّة   في  توظيف عناصر الطبيعة  وفي  دفاعه المستميت  من أجل  تحقيق  العدالة  والحريَّة  وإعلاء كلمة الحق  ودحر الباطل وتحقيق السلام  المنشود ..السلام الشامل والمحبَّة المثلى للإنسانيّة  وللبشر .

   تقولُ الشاعرة :

( " إخلع   ثيابَ   يومك

     والبسْ رداءَ  السَّماءْ

     أما مللتَ  يا  ليلُ  سوادَ   الرِّداءْ ؟ " ) .

   والمقصود  هنا كلّ  إنسان يسير في طريق الخطأ  والرذيلة والضياع .

وتقول : " (  لديكَ من الألوان  ما شاءَت يداكْ

                 فعطّر    روحِكَ   بلونِ    النهار  " ) . 

                 ووهجِ الشَّمسِ ... وزرقةِ السَّماءْ

        وهنا تستعملُ  تشبيها واستعارة جديدة لم يستعملها  شاعر وأديبٌ من قبل  وفيها شيىءٌ  من التناقض  وهي ( العطر واللون ) حيث قالت : وعطّر روحَكَ  (بلون ) بدلا من عطر روحَكَ ( بأريج ) . لأنَّ الضوءَ أو النورَ  هو عطرٌ أبديٌّ  أزليّ  للإنسان النظيف روحيًّا   الذي  يسيرُ في طريق  الإيمان والنور  والفضيلة ( وهج  الشمس  وزرقة  السماء )  والشمسُ  دائما  ترمزُ  للحريَّةِ والإنتصار .

   وتقولُ في القصيدة أيضا :

( " لا تصمت طويلا 

     مثلما صمتَ الغرابُ // مع الكنارْ

     فالصَّمتُ  يحرقهُ الكلامُ 

     مثلما يحرقُ الليلُ  النهارْ ... " ) . 

  وتقولُ أيضا :

( " عيونك لا تنام // ولا تخشى السَّهرْ

  رداؤُكَ السَّرمديُّ  مطعَّمٌ 

  بالنّجومِ   وبالقمرْ //

  لا تجلسْ في الظلام طويلا 

  فأنتَ على موعدٍ مع النورْ  " ) . 

      هي تطلبُ من الإنسان الصَّامت عن الحقِّ والذي يرى السلبيَّات  والشرَّ والأذى أن  يتكلَّمَ ( الحبيب أو أيّ شخص آخر عندهُ المبادىء والقيم والروح النظيفة الطاهرة )...ولكنه وللأسف لا يتكلم  ومن المفروض والبديهي  ومن  واجبهِ أن  ينطق ولا يبقى صامتا كالغراب..ووضعت الشاعرةُ كلمة الغراب هنا وليس اسم طائر آخر مع أنَّ الغراب  دائما ينعقُ وصوتهُ  قويٌ  ومزعج ومنفر وذلك رمزا وتوظيفا  دلاليًّا  للشؤم  والسلبيَّات.. ولأنَّ الصمتَ يحرقهُ الكلام  والليلُ يحرقهُ النهار..أي كلّ ظلمة تتبدَّدُ  وتتلاشى وكل ظلم وعدوان وطغيان  يزول  في النهاية... ولهذا  فعلى الإنسان  ألا  يصمت على  الضيم  والإضطهاد والإجحاف بحقِّهِ .

    وهذا الإنسان  أو الحبيب  وفارس الأحلام الذي تخاطبهُ  الشاعرةُ عيونهُ لا تنامُ . أي أنهُ نشيط وفعَّال وغير خامل ويوجد عنده  بذرة الأمل  والتفاؤل  والحب والخير  والرغبة  في  الكفاح  من أجل  العيش  الكريم  والشريف...  ورداؤُهُ  السرمديّ  مطعّمٌ  ومزركش  بالنجوم والقيم .. أي  بالنور والضياء والجمال والحياة والأمل والإيمان وبكلّ ما هو جميل..والرّداءُ هنا هو الجسم والروح  والكيان بأجمعهِ  ..هذا ما تعنيه وتقصدهُ الشاعرة .

وتقول :

( "  لا تجلس  مع الظلام طويلا //

     فأنتَ  على  موعدٍ مع  النور 

     فآن  أوانكْ

     أن  يستلمَ  النهارُ مكانكْ   " ) .

  وفي نهاية القصيدة ، يتجلّى بوضوح البعدُ  الوطنيّ  والسياسي أيضا...وقد تعني الشاعرةُ هنا كلَّ شعب  مظلوم  ومضطهد على هذه الأرض  والإنسان والشعب الفلسطيني المنكوب  والمشرَّد  بشكل خاص الذي يعاني  من الظلم والعدوان  وإنهُ على  موعد  مع  النور  وقريبا  سيتحرَّر  من   قيود   الظلم  والإضطهاد، ولهذا عليهِ أن يبقى متفائلا  ولا يجلس في الظلام  طويلا  وأن  ينزعَ  ويطردَ من  فكره  ووجدانِهِ  كلَّ  فكرةٍ  سلبيَّةٍ وكلَّ  هواجس وأطياف اليأس والإحباط  والسوداويَّة .  

****************************************

      وإلى قصيدة أخرى بعنوان : " سحابة ليل "  :

       القصيدةُ حديثة في شكلها وتموّجاتها وقريبة  في طابعها  وأسلوبها إلى السرياليَّة نوعا ما ويطغى الغموضُ على  بعض المقاطع فيها ، وهي عميقة  وزاخرة بالمعاني، وفيها الصورُ واللوحاتُ الشعريّة  الخلابة  والإستعارات الجديدة والمصطلحات  والتشبيهات المبتكرة  .. ويجتمعُ  في القصيدةِ  أمورٌ ومواضيع   وعناصر متعددة ، مثل : الأمل ،  التفاؤل ، الحيرة ،  الضياع ، التحدِّي  والعنفوان والقوّة  والملل والضعف .. إلخ .

     وتوظفُ الشاعرة في هذه القصيدة  أيضا كلمة الليل الذي  يرمزُ هنا إلى أشياء عديدة ومختلفة عمَّا وردَ في القصيدة السابقة .. وتخاطبُ الشاعرةُ هنا الحبيب  ورفيق الدرب ... أو إنسانا  ما  .

      في المقطع الأول من القصيدة  يظنُّ القارىء والمتلقي أنَّ القصيدة ذاتيَّة ووجدانيَّة محضة  ولكنَّ  الشاعرة  تتطرَّقُ  إلى  مواضيع  عديدة  ومتشعِّبة في ما بعد..والشاعرة تخاطبُ الحبيبَ فعلا وهي تعاتبهُ وتتحدَّى الليل وتعاندهُ وتجولُ في مساحتها الليلكيّة ،وكل شيىء حولها  يوحي  ويؤكد على الحزن  واليأس  حيث لا سحابة  تظللها   ولا شعاع شمس  (تستعمل النقيض فشعاع الشمس لا يظلل  بل نحتاج نحنُ إلى جدار واقي وإلى ظل شجرة ليظللنا من الشمس  وأشعتها الحارة ) .  وظل  شعاع  الشمس هنا  له معنى  وبعد  آخر وهو كل شيىء  يعطي الراحة  والطمأنينة المنشودة )  فتطمحُ  أن تدخل إلى  إعماق حبيبها خلفَ هذا  السكون  وهي تعجز عن تحرير صمتِهَا أمامه  في مصير قد يكون عابرا وعلاقة ليست دائمة  وأزليَّة  .

     وفي بعض المقاطع واللوحات الأخرى من هذه القصيدة  تُدخِلُ الشاعرةُ مواضيع أخرى عديدة - كما ذكرَ أعلاه - : فلسفيَّة  وإنسانيَّة .. فتقولُ مثلا :

( "  نبضُ السراب // في سرير الليل //

     يلهثُ كالشعلةِ الهيفاء

     في معابر الذبول 

     والريحُ في يديكَ  ليست لكَ

     واللليلُ   سراج " ) .                                                   وشاعرتنا هنا هي أول من إستعملَ هذا المصطلح والتشيبيه وهذه الإستعارة  ( الشعلة  الهيفاء ) .

 وتقول :

( " على أرصفة الرماد  العاري

      تنصهرُ   كالأحاسيس 

      في روح الحياة //

     وتتعرَّجُ فيك  المسافات 

     لعمر   أطول     " ) .

وتقول : ( " أدركُ  أنَّ  للنبض

     مساحة  صغرى في  قلبك 

     وللزّمن  معزوفة   أخرى  

     تطرقُ    تعاريجَ   الأمل

     في غربةِ   السفر  الأول " ) .

        قد  تفسَّرُ هذه الجمل  والمقاطع الشعريَّة  على عدَّة  أشكال  ووجوه ..

فنبض السراب مثلا :( السراب  كل  شيىء  سلبي  ويخيبُ فيه  الأملُ  وهو  اليأس والإحباط   والتيه  والضياع ) ولكن هذا السراب ينبضُ  أي انّ هنالك  بارقة  أمل  وهنالك  شيىء  موجود  وملموس وفيه  نبضٌ  وحياة  وعطاء.. وهذا السراب في سرير  اللليل  والسرير  يرمزُ إلى الحبّ والجنس والشبق والخصب  (  سرير الليل )  ويرمزُ  إلى  الطفولة  أيضا  والبراءة  والهدوء والسكينة..وهذا  النبض نبض السراب هو الرجل الشرقي ..أيّ أنّ البصيصَ  والأملَ  يلهثُ مثل الشمعة  الهيفاء  الطويلة  والممشوقة  في معابر الذبول.. في طريق  الذبول  والعقم  والموت... لأنه  يريدُ  أن  يتقدَّم  ويعطي  ما  في جعبته...والريح في يدك ( يد الحبيب) إنها ليست لهُ..أي القوَّة  والطاقة  التي بقيت . ولليل  سراج .. أي  أنَّ الظلمة  لها سراج يضيىء،  وكل  شيىء آفل أو على وشك  الأفول والنضوب لهُ ما يوقدُهُ  ويشعلهُ  ويجدِّدُ  حياته وشبابه  ونشاطه .

  وتخاطبُ الشاعرة الحبيب  فتقول : (على أرصفة الرماد العاري )  أي إنَّ الارصفة القاحلة التي لا يوجدُ فيها ما يبعثُ الأملَ  والتفاؤل تجعلكَ  تنصهرُ وتتحللُ  كالأحاسيس من روح  ودفق الحياة، والمسافات  فيك  تكبر وتتعرَّج   وتتشعّبُ لعمر أطول . وهنا رمزٌ للتفاؤل والعطاء والخصب والبقاء الطويل الطويل، فالمسافات  تكبر في حبيبها  وتتعرَّجُ  وتمتدُّ  لعمر طويل .

     وفي نهايةِ القصيدة تضيفُ  فكرة سلبيَّة  نوعا ما  للحبيب  أو  بالأحرى  للرجل الشرقي  الأناني  الذي  لا  يحترمُ  ويقدِّرُ المرأةَ  وَيُعَبِّرُهَا  كما يجب فتقول :

( أدرك    أنَّ   للنبض //  مسافة  صغرى  في قلبك //

  وللزمن  معزوفةٌ  أخرى  // 

  تطرق  معاريجَ   الأمل // 

  في غربة  السفر  الأول  " ) .

    أي انَّ قلبَ الرجل الشرقي ( وحبيبها أيضا )  لا  ينبضُ  كما  يجبُ تجاه الحبيبة   والمرأة ، وتدركُ  أنَّ  حبيبَها   يوجد ُ للنبض  والشعور  والمشاعر والأحاسيس (مسافة صغيرة في قلبه )..وأما الزمانُ فلهُ معزوفةٌ  وسيمفونيّة  أخرى  مختلفة  ودائما  تطرقُ أبوابَ وسراديب الأمل  وقت السفر .. السفر الأول .. أي انَّ الزمنَ بلسمُ الجراح  والألم  ويرسلُ المعزوفات  والمبشرات  والبوادر  والأشياءَ  التي  تشير  إلى  التفاؤل  وتوحي   بالأمل  وقت  السفر  والإغتراب .

 وتقول الشاعرة :

( "  في رصيفك وردتان  //

      تعبقان بأنفاسكَ 

      كبستان  مهزوم 

      في ساحاتِ الليل

      الماثل  في روحك ... " ) .

    أي أنَّ الحبيب  ما زال  في رحيقة  وردتان  ويوجدُ  لديه وفي داخله  كلُّ ما هو جميل  وجذاب  وإيجابي . ولكن َّ هاتين  الوردتين  كبستان  مهزوم .. أي  أن  في  داخلهِ  عدا  الجمال   والبشاشة  والتفاؤل  والامل  يوجدُ  أيضا   الإحباط  والإنهزامُ  والإنكسارُ والتراجع .

     وفي هذه القصيدة  لومٌ  ونبرة عتاب من قبل المرأة الشرقَّة ( على لسان الشاعرة ) للحبيب وللزوج  الذي  يحيا  ويعيش بإحباط ، وما زال  مهزوما  ومتراجعا من داخلهِ  - عاطفيًّا ووجدانيًّا وإنسانيًّا ... وحتى الوردتان  اللتان  تعبقان  من أنفاسهِ  ومن رحيقهِ   هما  مثل بستان  مهزوم  في رياض الليل   .. وحدائق الحزن والظلام والسواد الماثل في روح الرجل الشرقي ...الرجل  الذي لا يقدِّرُ زوجتهُ وحبيبته ورفيقة دربهِ  كما يجب  كيانا  وإنسانا  وروحا  وعقلا وفكرا  وليس جسدا  فقط .

  ***********************************

  وسأنتقل إلى قصيدة  أخرى  من  بعنوان  " مناجاة "... وهذه القصيدة  رومانسيَّة غنائيَّة معظم  مقاطعها وجملها موزونة ..البعض على نمط  شعر التفعيلة  والبعض كلاسيكي ...وهي تخضعُ  لأكثر من وزن وهنالك  خروج طفيف على الوزن في بعض المقاطع .. والقصيدة  بشكل عام  جميلة وعذبة  وموسيقيَّة وأسلوبها  رشيق وجميل وهي رنانة وساحرة  وسلسة في أسلوبها  وانسيابها  اللفظي  والموسيقي  وتدخلُ  بسرعة  إلى أعماق  القلبِ  والروح  وتدخِلُ  الدفءَ  والراحة  للنفس  وتسكرُ القلبَ  والوجدانَ  بمعانيها  الجميلة وألفاظها العذبة وبموسيقاها الساحرةِ والأخّاذة  وفيها  نلمسُ بوضوح الأبعادَ الفلسفيّة ..   تقولُ في القصيدة :

( "  خذيني    مدًّا     وجزرًا 

      لا  تقطعي  بي  الدروبْ

      مشيئتي  أن  أكونَ   قلبا 

      ساكنا    كلَّ     الدروبْ

     إن   أردتِ   النّيلَ    منِّي 

     خذي     منِّي     صلاتي 

     واتركيني          للذنوبْ

    غدا   يموتُ  الحبُّ   فينا

     وكلُّ  ما   فينا   يذوبْ ...

     لو  أطلتِ   الصبرَ  يومًا

     ما     تعمَّدتِ    الهروبْ

     أعطني     يوما    أصلّي

     ربَّما      قلبي      يتوبْ

الأبيات  هنا  معظمها  على  وزن  الرمل  والبعض  على  وزن  الرَّجز مع خروج قليل على الوزن في  مطلع القصيدة .

وتقولُ الشاعرة في القصيبدة :

( " لا  أريدُ   الحبَّ   يبلى

    في    دهاليز   السراب 

    ما   دام   الوقتُ   يفنى

    أرجعي   حبَّ   الغيابْ 

    لا  تسيري  خلفَ  ظنِّي //   في      متاهاتِ     الزَّمانْ

    إنَّ   ظنِّي  ليسَ   منِّي  //   وهمٌ   تبدَّدَ   في  المكانْ ...  

    لا  تلومي  الدَّهرَ   فينا  //   واتركي     مرَّ      الكلامْ

   أرجعي    حُبِّي      إليَّ   //  فنحنُ  من  خلقَ   الغرامْ ...  

           ***********************

  تعالي واسمعي  أوتارَ عودي 

 فوقَ       هالاتِ      الغروبْ

 الشوقُ    ينزفُ   من   هوانا 

 والعشقُ   موطنهُ    القلوبْ...

 لا     ترُدِّي    الدربَ    عنِّي 

 وارجعيِني      في      سكون 

 قد     جننتُ     في      هواكِ 

 أو  ربَّما   نصفَ   الجنون ...

  ********************

أحضنيني    عبرَ     شوق

وابعدي     عنِّي      الهموم

الشوقُ      تحملهُ     الليالي 

وشوقُ الليلِ  تحملهُ  النجومْ ..

كلُّ  نجم  في  السَّماءِ  مُعَطّرٌ

 ينسابُ  من  جوف   الغيومْ

فانظري      لونَ       السَّما

قمرٌ       تلوِّنهُ        النجوم " )  ... إلخ  .

  إنَّ معاني القصيدة  مفهومة وواضحة، والقصيدةُ وجدانيّة  وصادقة مترعةٌ ومؤجَّجة   بالأحاسيس  والمشاعر الجيَّاشة  وهي  خارجةٌ من أعماق  القلب والوجدان  وبشكل عفويٍّ  وتلقائي ولا  يوجد ُ فيها  تصنعٌ  وتكلُّفٌ  وتزييف  وتحريف للحققيقة  وللواعج  وللأجواء  الوجدانيَّة  التي تحياها  وتحسُّ  بها الشاعرة .. وهذا  هو الشعرُ الحقيقي والصادق  الخارج من القلب إلى القلب  الذي يدخلُ إلى أعماق ووجدان القارىء  والمتلقي  المتذوق  للشعر والأدب  بسهولة ويؤثر فيه ويتركُ لديهِ انطبعا خاصا . وقد اتفق النقادُ على أن الشعر والأدب الحقيقي  والإبداعي هو الكلام الجيد الذي  يُحدِثُ  في نفس القارىء لذةً  فنيَّة  سواء  كان هذا الكلام  شعرا  أو نثرا... وهذا  ما  ينطبقُ على هذه القصيدة وعلى جميع ما تكتبه الشاعرة المبدعة نادرة  شحاده .وهذه القصيدة تعيدُ إلى أذهاننا  بشكل مباشر روائع  الشعراء الرومانسيين والرومانطيقيين والغنائيِّين  العرب الكبار ، مثل : أحمد رامي  شاعر الشباب  وعلى محمود طه  ومحمود حسن إسماعيل  وشعراء المهجر والشعراء اللبنانيين الكبار، مثل : إيليّا أبو ماضي وجبران خليل جبران وصلاح لبكي وإلياس أبو شبكة  وغيرهم ... وبشكل  خاص  يبدو  تأثرها  أكثر  هنا   بجبران  خليل  جبران  وقصائده الرومانسيَّة المُمَوسقة والمترعة بالعذوبة والسحر والجمال اللفظي والمعنوي والتي يكثرُ  فيها التوظيف والتكثيف في وصف الطبيعة وسحرها وجمالها وصمتها وروعتها وأسرارها  ويكون التوظيف لعناصرها لأهداف وقضايا وأبعادعديدة وأهمّها وأجلها الأبعاد الإنسانيَّة وهذا ممَّا وضعَ جبران في مصاف الكتاب والأدباء العالميِّين  وأوصلهُ  للعالميَّةِ وترجمت كتبه إلى معظم  لغات العالم  حيث  لم  يتقيد بموضوع  وقضيَّة  محليَّة آنيَّة ، وكتاباته معظمها تخاطب البشريَّة جمعاء .. هذا بالإضافة إلى أسلوبه الكتابي الساحر  والمميَّز .

وأخيرا:  سأكتفي بهذا القدر من إستعراض القصائد وأتمنى للشاعرة الكبيرة  نادرة  شحادة  المزيد  من  العطاء  والإبداع   الشعري  والادبي  المتواصل وأتمنى أن يصدر لها  قريبا ديوان شعر أو كتاب أدبي . 

clip_image001_697a6.jpg

 

clip_image003_c771f.jpg

أقامَ المجلسُ المِليُّ الأرثوذكسيّ الوطنيُّ في حيفا ونادي حيفا الثقافيّ ندوةً أدبيّة، بتاريخ 19-5-2016، في قاعة كنيسة ماريوحنا الأرثوذكسيّة، تناولت إشهارَ سلسلة (حديث الثلاثاء) بأجزائهِ الثلاثة للأديب سهيل عطالله، وذلكَ وسط حضورٍ كبيرٍ مِن مثقفين وأدباء وشعراء وأصدقاء وأقرباء، وقد تولّى عرافة الأمسيةِ الأديب فتحي فوراني، وتحدّث د. نزيه قسيس عن زمالتِهِ وعلاقتهِ المهنيّةِ الماضية، وقدّمتْ آمال عوّاد رضوان تحليلًا مُستفيضًا حولَ ميزاتِ السلسلةِ لغويًّا، تناصًّا، أسلوبًا وطرحًا. أمّا د. جوني منصور فقد تحدّث عن نماذج للمضامين الاجتماعيّة والسّياسيّة والتاريخيّة والتربويّةِ والوطنيّةِ، وكانت هناك مداخلاتٌ لكلٍّ مِن الزجّال شحادة خوري، والكاتب د. حاتم خوري والسيّد سهيل مخّول، ثمّ قامَ المحامي فؤاد نقارة مؤسّس ورئيس نادي الثقافيّ، مع المحامييْن كميل مويس وحسن عبادي بتقديم درعٍ تكريميٍّ للأديب سهيل عطالله، الذي ختم بدوْرِهِ الأمسية بكلمةِ شكرٍ للحضور وللمنظمين والمتحدثين، ومِن ثمّ تمّ التقاطُ الصّور التذكاريّة!

مداخلة الأديب فتحي فوراني: أيتها الصديقات، أيها الأصدقاء، أرحّبُ بالضّيوف الكرام الذين حضروا إلينا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، أرحّبُ بعشّاق عروس الكرمل؛ كرملًا وحرًّا وشاطئًا وثقافة. أرحّبُ بكم وأهلا وسهلا بكم جميعًا في بيتكم؛ نادي حيفا الثقافيّ. نشكرُ المجلسَ الملّيَّ الأرثوذكسيّ الوطنيَّ الذي يَفتحُ لنا صدرَهُ وصدرَ هذه القاعةِ الثقافيّةِ المتألّقة. نشكر الأخ والصديق فؤاد نقارة جمَلَ المَحامل، وحاملَ الشّعلة في نادي حيفا الثقافيّ، والعمّ فضل الله حارسنا وراعي أمسياتنا ودائم الخضرة والشباب، ونشكرُ كلَّ مَن يبذلُ جهدًا ولو صغيرًا، في سبيل إنجاح هذه الأمسياتِ التي تعطي لحيفا رونقها الثقافيّ، وتضعُ عروسَ الكرمل في الواجهةِ الثقافيّةِ لأبناء شعبنا في وطن الآباء والأجداد.

لا أروعَ  ولا أمتعَ مِن اللّقاءاتِ الصّباحيّةِ مع فنجان القهوة، في "مملكتي" الصّغيرة الّتي تُرصّعُ خارطتها  "إمارات" الزنبق والورد الجوري المنتشرة في أرجاء الحديقة. في "مملكة العطر" هذه تكونُ لقاءاتُ العشق الصّباحيّةِ اليوميّةِ معَ أبجديّتِنا الجميلة، ومع الصّحيفةِ الّتي أدمنّا لقاءَها منذ طفولتها، فقد تحوّلتْ هذه اللّقاءاتُ إلى طقسٍ مِن طقوسِ العبادةِ الأدبيّة، نُصلّي في مِحرابِها، ونعيشُ معها حالةَ عشقٍ عَزّ نظيرُها!

ومِن شرفةِ "صباحات الخير" اليوميّةِ تُطلُّ علينا أقلامٌ مُثقفةٌ جميلةٌ وذكيّة وشائقة، تُشكّلُ هُويّةَ هذه الزاويةِ وترسمُ مَلامحَها، وتضوعُ منها نسائمُ العطر الفوّاح كلَّ يوم وله مذاقه الخاصّ، فما إن تقع عينك على العنوان حتّى تعرفَ المكتوبَ من عنوانه، وتعرف الكاتبَ مِن عنوان "صباحيّتة"، حتّى لو كانت "الصباحيّة" بدون توقيع، فالعنوانُ والأسلوبُ والمضمونُ واللغة، تشكّلُ المَفاتيحَ الصّغيرةَ الّتي تميط اللثام عن هُويّة المبدع!

في هذه الصّباحيّاتِ الجميلةِ والمُنوّعةِ ألتقي صباحَ كلّ ثلاثاء مع صديقي وتوأم روحي ورفيق دربي الأستاذ سهيل عطا الله. ومع سهيل لي تاريخ وذكرياتٌ جميلة تمتدّ إلى أواسط القرن الهارب، وبيننا عيشٌ وملح فكريّ، وبيننا العديد من القواسم المشتركة التي تبلغ حدّ التّطابق التّامّ، وأرشيفي الأدبيّ يحفلُ بالرّسائل والحمائم الزّاجلة التي كانت تطيرُ مِن حيفا إلى كفر ياسيف، وتعودُ إليّ مُحمّلة عطرًا، مُخبِّئةً تحتَ أجنحتِها ما لذّ وطابَ من الإبداعاتِ والمُداعباتِ والمُنمنماتِ الأدبيّةِ خفيفة الظلّ.

في أحاديثِ الثلاثاء يُطِلُّ علينا الأستاذ سهيل بمواضيعَ مسحوبةٍ مِن الواقع السّاخن الحافلِ بألوانٍ شتّى، ويُعالجُها بأسلوبٍ عقلانيٍّ هادئٍ مُوجعٍ ولاذع، ذكيّ وبهيّ، فيهِ الكثير من التلميح، بعيدًا عن ابتذال التّصريح. الطريقُ شائكٌ أحيانًا، يُخيّمُ عليهِ الضّباب، غيرَ أنّ الرّؤية واضحة! ففي العقل بوصلة فكريّة، تقودُ السفينة التي تخوض الأمواجَ والأعاصيرَ، وتشقّ طريقها نحو شاطئ الأمان!

نبذة عن آمال عوّاد رضوان: تبدأ ببسمةٍ لوزيّةٍ تتوهّج، وتبعث له بسلام ينهمرُ مطرًا، فيردّ لها الصّاعَ صاعيْن، ويُحيطها بساعديْهِ، ويَضمُّها إلى صدره، ويُراقصُها ويهمسُ في أذنِها: أُدَمْوِزُكِ وتتعشترين؟ مُبدعة مشاغبة تتمرّدُ على المألوف الشعريّ.. تتسلحُ بالجرأة وتخوضُ الأمواجَ والأعاصيرَ في بحار الحداثة، وتقفُ على شواطئ ما بعد الحداثة. لها في كلّ عرس قرص. شريكة في الأعراس الأدبيّةِ والثقافيّة في هذا الوطن وخارج حدود الوطن. نقشتْ على رايتها شعارَ الإنسانية، ومحبّة الآخرين، وحبَّ العطاء الذي لا يعرفُ الحدود. أدعو إلى المنصّة المشاغبة المبدعة آمال عوّاد رضوان.

مداخلة آمال عوّاد رضوان: دراسة  لمقالات حديث الثلاثاء/ الجزء الأول للكاتب سهيل عطالله:

ملاحظات تقنيّة: *جميعُ المقالاتِ في أجزاء سلسلة "حديث الثلاثاء" يَنقصُها تواريخُ نشرها. *بعضُ المقالاتِ فيها جُملٌ طويلة، مِن غير علاماتِ ترقيم وافية.

*عناوينُ المقالات في الأجزاء الثلاثة: *مُوزّعة بغير ترتيب زمنيّ، إنّما بحسب أبجديّةٍ عكسيّةٍ، تبدأ مِن حرفِ الهاء نزولًا ووصولًا إلى الهمزة، سوى بعض المقالات تخرجُ عن نظام الأبجديّة، وبمتايعةٍ ومراقبةٍ لأرشيف النشر الإلكترونيّ، نجدُ جميعَها قد نشرتْ ما بين عام 2008 حتّى عام 2013.

*المقالاتُ قصيرة نسبيّا، لكنّها مُكثّفة زخمة، ومُعزّزة بمعلوماتٍ تاريخيّةٍ ودينيّةٍ، علميّة ومعرفيّةٍ، وبأمثالٍ ومقولاتٍ، وظّفها في مقالاتِه بدقة، لذا تحتاجُ إلى قارئ مُتروّ مُثقف، لأنّها قد تُعرقلُ القارئَ أحيانًا كثيرٌ مِن الجُمل الفكريّة، وتستوقفه ليُعيد قراءتها وفهمَها، وهذا ينمّ عن عُمق فكر الكاتب، وعينه الثاقبة وذهنه المتيقظ، فكلّ كلمة منتقاة، وفي موضعِها الصّحيح تخدمُ الفكرة.

*أسلوبُ الكاتب أفلاطونيّ رشيق شيّق وسلِس، يَطرحُ المواضيعَ بأسئلةٍ مبنيّةٍ على المنطق، كقبطان ماهر يُتقنُ إدارةَ دفة الحروفِ في بحر الكلمة، والسّلسلة تؤكدُ على سِعةِ ثقافةِ الكاتب، وتَمكُّنِهِ مِن لغتهِ، وقدرتهِ على الخيالِ والتخييل. بعضُ المقالاتِ مباشرة خاصّة في البدايات، لكنّنا نرى في معظمِها إبداعًا لغويًّا وفكريّا، فمعظمُ المقالاتِ نقديّة، تواكبُ الأحداثَ الحياتيّة اليوميّة، وتحمل أبعادًا أدبيّة وجماليّة وتربويّة وإنسانيّة واجتماعيّة وسياسيّة، تنطلقُ مِن القريب إلى البعيد، فيها رؤية بعينٍ للحاضر، تتكئُ على الماضي، وتستشرفُ المستقبل، فالكاتبُ سهيل عطالله يُلامسُ الواقعَ المؤلم بوجعهِ المرير، ويُصوّرُ وينتقدُ سلبيّات ظواهر ومظاهر تعكسُ حياتنا، لينتهي بعبرةٍ تدعو إلى الإنسانيّةِ والسّلام والوئام والمصالحة، فنراهُ "وفاءً وإجلالًا للماضي، يصوغ المستقبلَ بلغةٍ إبداعيّة، ينسجُ خيوطها ويُحيكها بجودةٍ عالية، ليُشبع أذهانَ وقلوبَ قرّائه، ويُنعشَ هِممَهم للتشبّث بالجميل، وللنفور والإعراض عن الدميم.

*المقالات تحملُ فلسفة عميقة، وتُشكّلُ رسائلَ موجّهة لمشروع وطنيّ توْعويّ، بعيدًا عن الخرافاتِ والعاداتِ المخطوءةِ المتوارثة، وتحثّ على التّسابق إلى فعل الخير والإعمار، لينعمَ أهل الوطن بالازدهار. *فلسفة الأحلام وعنف المسدس البشري المحشو بالكراهية أكثرُ فتكًا من المسدس المعدني ج1ص13. *فتاوى إسلامية بين التفكير والتكفير، تنهك تاريخنا وجذورنا والهوية القومية ج1ص13. *في عهد الإرهاب الفكري تتحوّل مسدساتنا إلى اقلام ودماؤنا إلى مداد ج1ص31. *إذا أتت الغصّة شخصًا ما وكان على وشك الاختناق، ولم يكن في المكان ماءٌ بل زجاجة نبيذ، عندها من الطبيعيّ إباحة المحظور، ودفع الغصّة بشرب الخمر، مع أنّه مُنكر ج1ص46. *زادُ الطفل من الفضائل يخرج من البيت ج1ص22.

عناوين مبنية على الجناس: نشاز ونشوز ج1ص9، مُختالون ومحتالون ج1ص13، رخام وسخام ج1ص55، بيارق وبوارق ج1ص77، الاعتراف والانحراف  ج1ص92، أفعال وأهوال ج1ص94، الغيتوات والفيتوات ج1ص106، بين الحلال والحرام ج2ص19، أغيار أشرار ج2ص26، النار والعار ج2ص57، بين الشعب والشغب ج3ص79، بين استوطأ واستوطن ج3ص83، الحلاج والحجاج في تونس ج3ص120، يتحول االمعمار والاعمار الى دمار واندثار ج1ص45.

في بطن المقالات: نحن في زمن الإِحَن والمِحَن ج1ص32، يتحول حقل الاعلام الى حقل الغام ج1ص39، أصباغ من السّم نَخْنق بها الأنفاس ونُخرس الأجراس ليبقى القاتل الخنّاس مجهول الهوية طليقًا بين الناس ج1ص51، تأثر بالآية الرابعة من سورة النساء مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)، 

*عناوين تحمل صيغة الفاعل المحرك: مختالون ومحتالون ج1ص13، المتحذلقون ج1ص85، المستعرِبون ج1ص110، الفتّانون ج2ص49، اللامبالون والحارقون ج2ص53، كذبة ودجالون ج3ص29، الجاحدون ج3ص93، الانقلابيون ج3ص97، السارقون ربيع بلادي ج3ص105، المستهدِفون ج3ص112، المتعصبون ج3ص114.

*عناوين تحملُ صيغة الفاعل والمفعول والعلاقة بينهما: عشاق ومعشوقات ج3ص47، القامع والمقموع ج3ص88، الخاطف والمخطوف ج3ص103، الهازم والمهزوم ج3ص120.

*عناوين تحملُ صيغة استفهاميّة استنكاريّة: هل أولياء الامور اولياء؟ ج1ص7. *من يذبح من؟ ج1ص11. *متى يأتي الكبار؟ ج1ص15. *لماذا يجب أن نقرأ؟ ج1ص19. تعايش أم تناهش؟ ج2ص11. *أين عظمة مصر؟ ج2ص26. *المماطلة لعنة أم بركة؟ ج2ص31. *الحاجة أم الانحراف؟ ج2ص35. *هل يرحل العظماء؟ ج2ص66. هل الأمم المتحدة متحدة؟ ج2ص68. هل لنا عودة للماضي الجميل؟ ج3ص9. سؤالان محيران ج3ص54.

*عناوين فيها تداعيات تسحبُنا إلى: هذه مدرستي ج3ص11- (هذه ليلتي). قانون إيمان اليمين ج2ص-89 - (قانون دستور الإيمان عند المسيحيين). سلاحف وأرانب ج2ص109- (قصّةعالمية). المساجد السبعة ج2ص55 – العجائب السبعة. 

*تعابير تتردد بكثرة في المقالة- الخيمة للاخفاء والتواري: *المرأة تتفيأ في خيمة أفلاطون الذي دعا الى "مشاع النساء" ج1ص9. *خيمة الأخلاق المنصوبة فوق رؤوسنا ج1ص9. ستبقى النكبة بيتنا وخيمتنا الى أبد الآبدين؟ ج1ص27. لي جارة تَنصُبُ خيمتها بجانب إناء ورد، أرتّب أزهاره كلّ صباح ج1ص45.

*الدائرة في المقالة كرمز لحلقة مفرغة ولحركةٍ لا نهائيّة: دائرة الاستهداف، دوائر المحاباة والانانية والتخلف ج1ص27، دائرة النكبة، دائرة الضغط المهني ج1ص41، من دائرة الخطأ إلى دائرة الصواب ج1ص49. دائرة الصلاح والصواب ج1ص7. دائرة المزاح ج1ص8.

يذكر عادات كثيرة شعوب مختلفة: *في إسبانيا في سهرة رأس السنة يأكل الفرد اثنتي عشرة حبّة عنب مع دقات الساعة في منتصف  الليل، تمثل كلّ حبة عنب شهرًا من شهور السنة ج1ص32.

*عروس النيل صنعها العرب وليس الفراعنة، فتخيل العرب نهر النيل فتى لا يستطيع العيش بلا حبيبة معها يتمّ الإخصاب، وينتقلان بدورهما الى الضفاف لتصبح مصر هبة النيل على هذه الضفاف، فأهل الريف يبتلعون أوراقا عليها آيات بيّنات، ويشربون بعدها أكوابًا من الماء والشاي، فتتحوّل إلى أدوية لعلاج شتى الأورام وطرد شياطين الامراض والنجاسة ج1ص43.

*عبدة الأوثان الماكوبا في البرازيل: ليلة رأس السنة يحملون شموعًا بيضاء، يرسمون على الشاطئ علامات غريبة، يفرشون شراشف بيضاء يضعون عليها القرابين لربّة البحر يمانجا، وفي منتصف الليل يدخلون البحر مع هداياهم، يتركونها عائمة لتغيب عنهم، معتقدين أنّ الإلهة قبلتها ج1ص44. 

يستشهد بالتاريخ الإسلاميّ وبآيات قرآنية: *اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيعملون، ويعملون فيخلصون، ويخلصون فيقبلون ج1ص14. *مقولة الحديث: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" ج1ص15. *عمر بن الخطاب صاحب الطبع الحارق الحديدي الذي تجلى في بدء الدعوة عندما مارس العداء للمسلمين، ليصبح بعدها أحد أعمدة الإسلام ج1ص49. وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. التوبة: 34} إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا {النساء: 10) ج1ص55. 

*يستشهدُ بالتاريخ المسيحيّ وبآياتٍ إنجيليّةٍ ودينيّة: *رأي القديس يوحنا ذهبي الفم: "من بين وحوش البرية المفترسة يستحيل عليك أن تجد حيوانًا أشد أذى من المرأة" ج1ص9. *تحوّل (شاول) ذو الطبع الناريّ الملتهب من اضطهاد ومطاردة المسيحيّين، ليصبح قدّيسًا عظيمًا اسمه بولس ج1ص49. *والد القدّيسة بربارة كان من عبدة الأوثان، وعندما آمنت ابنته برسالة الناصري، فقد أبوّته وسمل عينيها ثم أحرقها.. بعد هذه البشاعة أصبحت بربارة قديسة وشفيعة للعيون ج1ص49.

*هناك تعابيرُ لغويّة ثقيلة متينة تحتاجُ لقاموسٍ لغويّ: *يوغر الأولياءُ قلوبَ أولادهم ج1ص8. *نشاز ونشوز، نشزت الزجو بزجّها أو عليه؛ تمرّدت وابغضته، والزوجُ نشز منها وعليها؛ أساء عشرتها وأذاها، من (النساء34). "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً".

*مقالاتُ حديث الثلاثاء تغصّ بأسماء تاريخيّة: *قابيل، قيرون، نيرون، هولاكو، أبو جهل، الحجّاج، الحلاج، هتلر وموسوليني ج1ص5. *بكر صدقي وحسني الزعيم ج1ص5. *عهد العنتريات والاحمدَيْن: احمد الشقيري وأحمد سعيد ج1ص25. *ابو ذر الغفاري ومعاوية بن ابي سفيان ج1ص29. *ليبرمان ونتنياهو  ج1ص30، خيول هولاكية ج1ص30. *كتاب "قذائف الحق" للفقيه محمد الغزالي عكسه قذائف الباطل ج1ص30. *تشرتشل ج1ص39. *الشاعر سميح القاسم ج1ص54. *الشاعر سليمان مرقس ج1ص54،  *قتلى بالسمّ: سقراط انتحر مسموما، والمعرّي وأبي نواس وابن الرومي، ونابليون سمّه الانجليز، وعبد الناصر وياسر عرفات، ومحاولة اغتيال خالد مشعل بالسّم ج1ص51،

*عناوين ساخرة: جوائز من لحم ودم ج2ص127، عمود الغمّ ج2ص101، الطرب بثمن ج3ص107.

يعتمد الكاتب سهيل عطالله على التصوير السّاخر: *يرفع مؤذن الديمقراطية عقيرته داعيا امتنا الى الصلاة في معابد المذهبية والطائفية والحمائلية والقبائلية ج1ص33. *سلم القيادة يرتكز على تربة اعشابها شائكة تنبت بينها اشتال لا ديمقراطية بل اشواك طائفية بغيضة تكتنفها الحمائلية والقبائلية ج1ص33. *حزب الضمير! حزب التفكير السوي! ج1ص33. *في عهد فحيح الفتاوى المتدفقة سما زعافا ج1ص35.

*الكتابة عملية اطلاق نار على أهداف طائرة تستهدف إسقاط طائر التفكير اللامع كالبرق، وطائر التفكير ليس صيدا سهلا ج1ص37. ما الكاتب الا من فئة قناصي طيور التفكير، في مداد ريشته يرسم طيور فكر، لها أجنحة تحلق بنا لاكتشاف ما لم يكتشف بعد، أما إذا كانت هذه الطيور غير مجنحة، فكيف نستطيع الوصول بها ومعها الى مواقع الابداع وروائع الابتكار؟ ج1ص37.

*في غياب الحرّيّة ترتدي الحناجر كمّامات خشية المخالف والسكاكين ج1ص39. ويتحول حقل الإعلام إلى حقل ألغام ج1ص39. لا يعرفه شاعرًا رائعًا يحمل الوطن على أجنحة سطوره ونقاطه وليزرياته ج1ص42، صحيفة يتفيأ بين سطورها كتاب وكاتبات يزهو بهم الوطن ج1ص42.

 *هل نحتاجُ الى أساطيرَ عصريّة بها نجترح المعجزات، لنوفر أمصالا لأسقامنا المستعصية؟ ج1ص44، لي جارة تنصب خيمتها بجانب إناء ورد أرتب أزهاره كل صباح تسكن قرب معشوقتي فبريقها يشرق مع إطلالة كل صباح، إنها رسم فيه معلم من معالمنا، نسكنه ونقيم فيه ليبقى فينا ونبقى فيه. في الصورة نرى موقعنا لبلداتنا الفلسطينية بأنقاضها وعمرانها ج1ص45، يتناسل لدينا القمع ونتوارث الذل والإذلال، فأحكام رؤسائنا أبدا يانعة، ورؤوسنا نحن المحكومين المقموعين أبدا يانعة ج1ص47، السباحة مع التيار رياضة سهلة تحوّل أجساد هواة العوم إلى كرات تتدافعها الأمواج في كل اتجاه ج1ص47، مدادٍ من السّم على اختلاف أشكاله وألوانه، يَغْمِسُ القاتِل ريشته ليرسم لوحاتٍ، تحكي قصّة اغتيالات لطّخت وتلطّخ جبين حياتنا وصفاء إنسانيّتنا ج1ص51،

*لغة ساخرة: يعطي لمقالاته تشبيهاتٍ ولغة تتواءمُ والمضامين فيقول: يتحاورون بالأظفار والأنياب والعصي والنار ج1ص8. وحوش التمذهب والتكفير المتنمّرون والمستأسدون ج1ص11. العمالقة بالمال والدسائس، والأقزام بالفكر والكرامة ج1ص12. يتناهشون ويتحاورون بالرّصاص وانتهاك الممتلكات الخاصّة والعامّة ج1ص45. مصانع الديمقراطية العربية تأتينا بسلع غريبة عجيبة، على رأسها تربضُ سلعة رئاسيّة اسمها "مدى الحياة" ج1ص47. شراب "مدى الحياة" علقمٌ عربيّ، نتجرّعُهُ مدى الحياة، ولا نهاية لتاريخه في صيدليّات العرب ج1ص47. *كساة في الدنيا عراة في الآخرة ج2ص86.

*عناوين لحِكم وأمثال عربية ومقولات:  أحيانا يسشهد بحكمة أو بمثل لدعم رأيه، ما قلّ ودلّ ج3ص19، وأحيانًا يكسرُهما معًا مُفندًا إيّاهما برأي مُغاير فيقول: ليس السّكوت من ذهب! ج2ص129، وفاقد الشيء يعطيه! ج2ص95. ثمّ يقلب كلمات المثل المألوف "لسانك حصانك، إن صنته صانك وإن خنته خانك فيقول: إنّما حصانك لسانك ج3ص65،

يستشهد بمقولات وحكم وأمثال في مقالاته: لو دامت لغيرك ماوصلت اليك ج1ص5. من تعلم لغة قوم أمِن مكرّهم  ج1ص15. مقولة كونفوشيوس (أن تشعل شمعة واحدة خير لك من لعن الظلام) ج1ص27. مثل إسباني: الوردة التي يشمها الكثيرون تفقد رائحتها ج1ص38. الرجل المناسب في المكان المناسب ج1ص46. من الحديث رواه البخاري: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا قَالَ تَحْجِزُهُ عَنِ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ج1ص46. مثل شامي- من برّا رخام، ومن جُوّا سخام ج1ص55. مقولة الإمام علي: من نصب نفسه للناس إمامًا، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلمُ نفسه ومؤدّبها، أحقُّ بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم ج1ص55. *رائحة لابس الحرير الزاحف على بطنه سعيًا لجاه أو منصب، ستبقى موطن نتانة كرائحة السمك في مسرحية "هاملِتْ"، و"كل عطور العرب لا تزيل رائحته من اليدين"، شيكسبير/مسرحية هاملت ج1ص55. 

إشارات: ذبابة تْسي تْسي الإفريقيّة تلسع ضحيّتها فتميته، وبصاقها موجود على شكل محلول سام تختزنه 1ص52.

تعابير صادمة: قدرة غادر ج1ص5. معجم المستحيلات ج1ص18. ما أجمل أن تاكل الحروف أعمارنا! ج1ص19، وأد الجراح ولعلعة السلاح ج1ص25. لتأكلهم أمواج البحر ج1ص26. أسلحة الباطل ج1ص30.

من عِبَر المقالات: *عندما يوغر الأولياء قلوب أولادهم ضدّ زملائهم ومعلميهم، يستشري الفساد ويغيب الخير عن العباد ج1ص8. *صباح الخير لكل سيدة تتسامى فوق النشوز والنشاز ج1ص10. *الكبارُ حكمة وحنكة وصدق خطاب ج1ص16. *عندما يحيط الصدق بالصداقة، نستبدل ثياب الرياء بحرير الوفاء، عندها يترك الخلّ الوفيّ معجمَ المستحيلات ج1ص18. *نشوز المرأة يسبب نشازا في الأسرة والمجتمع ودعوة الى الانسجام بينهما ج1ص9. *رحيقُ الكتب يُكسب حياتنا جودة، وكلامنا رونقا ج1ص20. *إنّ زادَ الطفل من الفضائل يخرج معه من البيت، فالبيت بداية البدايات، إن لم نصُنْها نغرق في ليل النهايات ج1ص22.         

*يا البروفيسور ادريس التيتي ويا أمثالَه، بانتمائكم ووعيكم القوميّ لن تنطفئ جذوة لغتنا، بكم ستبقى ضادّنا عصيّةً على الاقتلاع ج1ص24. *يا أيّها الإسرائيليّون، خذوا غصن الزيتون، وحوِّلوه إلى شجرة يتفيأ في ظلّها أبناءُ إبراهيم، لنرمِ الجراحَ مِن حياتنا، فكلّنا يستحقّ الحياة ج1ص26. *تعالوا نترجم أمنيات العيد إلى عيدٍ حقيقيّ، يجمعُنا عربًا ويهودًا، إسرائيليّين وفلسطينيّين في حياةِ وئام وانسجام ج1ص32. *كم تكونُ حياتُنا أنقى وأجملَ، عندما نكنس من حياتنا أصحاب المآرب والأهواء، ونتحلّق حول أهل الوفاء والنقاء ج1ص34. *مجافاةُ روح العصر في كتاباتنا تُعيدُنا لاجترار الماضي البعيد، وتتركُنا نلوكُ ما لاكه الآخرون من روائعَ لمعَ بريقها يوم خرجت مِن مبدعيها ج1ص438. *ما أقبحَ المفترس الّذي يرى نفسه في الآخرين ج1ص40. *إنّ بلدًا بغير محبّة لن يكون عامرًا بأهله، وعندما يتسابق أهلُ البلد الى الخير تسابقَ الجياد، ننعَمُ جمعًا بوطن عامر زاهر ج1ص45. *ما أتعسَها من حياة حين تمسي فكرة (الرجل المناسب) في قائمة المحظورات المُحرّمات! ما أقبحَهُ من عالم يتساوى فيه الظالم والمظلوم والجلاد والضحيّة ج1ص46. *إنّ شعبًا فاسدًا تفترسُهُ القبائحُ والرذائل، يفرزُ أنظمةً فاسدةً قامعة ج1ص47. *عندما يصحو شعبُنا، يوصِلُ لسدّة حكمه حكّامًا عادلين صائنينَ عزّةَ وكرامةَ شعوبهم ج1ص47. *مَن لا يُشعل قنديله، يبقى غارقا في الظلام ج1ص48. *إصرار الآثم على الإثم، يجعله يكرهُ كلَّ ما هو إنسانيّ ج1ص49. *بالسّلام بعيدًا عن الخراب والذباب، تتهاوى شريعة الغاب ج1ص52. *تقطيعُ الأوصال لا يفرز تواصلًا، بل مزيدًا مِن الكُرهِ والاقتتال ج1ص55.

المواضيع والمضامين: *مقالات موجعة للمجتمع يقارن ما  بين الماضي والحاضر على مسرح الحياة، واختلاف أدوار الممثلين والممثلات من خلال اسئلة يعطيها بعضها أجوبة: حول مفهوم حقيقة الانقلابات. حقيقة مفهوم أولياء امور بين البيولوجي والرعائي. دور المعلم والمدرسة والأهل. نجاحات وهميّة، الرشوة. وتمرّد المرأة ومشاع النساء. أهمية القراءة. سلوك طلاب في المدرسة والشوارع. الأم والأسرة مدرسة. لافتات باللغة العربية. تنازع تنظيماتنا السّياسية المُتناهشة. التدافع نحو المنابر. القبلية. العنف. العنصرية. توسع دائرة النكبة بأشكال ووسائل متعددة. الشعارات. الخطابات. الانتخابات. هوس قابيل العربي. من يذبح من؟ نداءات الربيع العربي الخريفية على امتداد الأوطان العربية والخ..

مداخلة العريف عن جوني منصور: أشعر بافتخار عندما أقول إنه تخرج من معطفي في الكلية العربية الأرثوذكسية، وإنني علمته عشق اللغة العربية، وهو واحد من الآلاف الذين أخذت بيدهم، وكان  لي الشرف في تعليمهم الألف باء في مدرسة الحياة. له أكثر من عشرين مؤلفا، والعديد من الدراسات والأبحاث. آخر أعماله العمل الموسوعيّ عن "حيفا الكلمة التي صارت مدينة"، وهو عمل رائد وتأصيل للهوية القومية لشعبنا الباقي في وطنه. في السنوات الأخيرة نذكر حيفا، فنذكره حارسًا لتاريخها، وحارسًا لشاطئها وشوارعها وأسوارها التاريخية وظاهر عمرها.

مداخلة جوني منصور: إنها مناسبة سعيدة نحتفي بها بالاستاذ والأديب الرائع والجميل سهيل عطاالله. هذا الرجل الذي عرفته مربيا قديرًا، ومعلمًا واسع المعرفة ليس في ميدان تخصصه فحسب بل في ميادين ثقافية كثيرة، تنم عن حب العلم والمعرفة والعطاء. وعطاء المعلم ليس ماديًا، بل أكبر واوسع بكثير من حدود المادة الملموسة، إنه عطاء العلم والمعرفة والأدب والأخلاق. ونحن في مجتمعنا بدأنا نفقد مثل هذه الرموز وسط تحول مدارسنا إلى مصانع لانتاج علامات وليس لانتاج معرفة وتحليل وتقييم وتضحية وانتماء.

الزمن الجميل الذي علّم فيه الاستاذ سهيل وزملائه ليس كزماننا. زماننا هو عبودية للتكنولوجية التي استقيناها ليس من الباب بل من ثقب صغير، لم نر أي شيء سوى التسلية وتمضية الوقت. الزمن الجميل لن يعود، فلا ينفع البكاء ولا النحيب مطلقًا، لكن الأمل يبقى هو البوصلة التي توجهنا، وهذا ما يؤمن به الأستاذ سهيل عطاالله. فكرّس وقته بعد تقاعده للكتابة والقراءة، لأنهما سلاح قوي بيد من يريد تحرير ذاته قبل تحرير وطنه.

عرفته زميلاً ورفيقًا أثناء تطوعنا في اللجنة التربويّة لأبرشية الجليل لمدة تجاوزت الست سنوات، عملنا خلالها على إعادة هيكلة المدارس في الأبرشيّة، وبنائها اداريًّا وماليًّا وتربويًّا من جديد. وكانت له مواقف يشهد لها كلّ من عرفه في معالجة قضايا مستعصية جدًّا. أهنئ الاستاذ سهيل عطاالله لصدور مجموعة كتبه "حديث الثلاثاء"، وأتمنى له مزيدًا من العطاء، فالتقاعد ليس القعود، بل النهوض نحو مسارات وفضاءات أخرى، ينظر فيها الرجل إلى مجتمعه ويعمل على تقويمه وتحسين ظروفه.

أما بالنسبة لكتاباته التي يميل معظمها إلى فن المقالة، فإنه اعتمده أساسًا لتلك المقالات، مُحمِّلًا إيّاها أفكارًا نقديّة لمجتمعه ووطنه وحُكامه. ووفقًا لتعريف هذا الفن فإنه: "عبارة عن قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة، موحّدة الفكرة، تعالج بعض القضايا الخاصّة أو العامّة، معالجة سريعة تستوفي انطباعًا ذاتيّا أو رأيًا خاصًّا، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزًا غالبًا، يَحكمها منطق البحث، ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدماتها، ويخلص إلى نتائجها"، والمادّة التي يعالجها تكونُ سهلة القراءة والفهم، تحمل في طيّاتها رسائل يرغب في نقلها إلى جهة معيّنة أو إلى المجتمع بأسره. هو لا يتحوّل إلى واعظ أو داعية، إنما إلى شخص يهتمّ بمجتمعه، ويعمل على إصلاحه بطريقته الخاصّة.

أُبيّن المواضيع التي اعتمد الكاتب سهيل عطاالله تبنيها، كجزء من مشروعه الساعي إلى إعادة بناء مكوّنات مجتمعنا العربيّ الفلسطينيّ، والمصاب حتى النخاع بأزمات اجتماعيّة، سياسيّة، اقتصاديّة، ثقافيّة، أخلاقيّة ونفسية. ولتحقيق هذه الغاية، قرأت للمرة الثانية معظم المقالات التي نشرها من على صفحات جريدة الاتحاد، لكني اخترت عن دون قصد مجموعة من هذه المقالات لأبيّن وأوضح ما قصده وما أراده. فأيّ كاتب إن أشهرَ قلمه للكتابة، فإنّه يحمل هدفًا مركزيّا، أو مجموعة من الأهداف التي يبغي تحقيقها.

الهمّ الأوّل وأعتقد الرئيس الذي يقضّ مضجعه هو تراجع القراءة في أوساط أبناء شعبنا، حيث لمسَ وهو المعلم القدير صاحب الخبرة على مدار سنوات وعقود من الزمن، أنّ شعبًا لا يقرأ سيبقى قابعًا في حفرة الجهالة، وأنّ مُعلمًا لا يقرأ كتابًا واحدًا بعد تخرجه من الثانوية فهو ليس بمعلم، وهي دعوة لمحبّة لغتنا العربية الجميلة. وفي مقالة بعنوان "أخلاقيات الحكام" يتطرّق بصراحة ووضوح إلى تفشّي ظاهرة التحرّش الجنسيّ في أوساط مسؤولين سياسيّين وشرطيّين، داعيًا المرأة إلى رفض أيّ شكل من الاستغلال الموجه من قِبل الرجل، مُحرِّضًا إيّاها للتوجّه إلى الجمعيات الناشطة في حقل الدفاع عن حقوق المرأة، وإلى رفع شكاوى ضد المعتدين في محافل القضاء.

في مقالة "الترانسفير والسعادة" يُجري مقارنة بين مستوى السعادة الذي تنشده إمارة دبي، ومستوى الترانسفير الذي يسعى البرلمان الإسرائيلي إلى تطبيقه ضدّ مواطني البلاد العرب، داعيًا إلى تبني أساسيّات التسامح والانفتاح. وفي مقالة تحملُ عنوان: "أجراس التجنيد"، لا يدعو إلى التجنيد أو رفضه، بل يروي قصّة أو بالأحرى مأساة ومصرع جندي بدوي في صفوف حرس الحدود، وتُعلّق صبية من أشكلون شاكرة ربّها أنه ليس يهوديّا. فيكفي هذا المشهد ليخلع شبابنا فكرة التجنيد في جيش الاحتلال من عقولهم.

وفي مقالة تحملُ عنوان "هللويا: عندنا أهليّات"، يتطرّق إلى مَن عرّف المدارس الأهليّة بأنها مسيحيّة، فيعلن رفضه لهذا التعريف، مُشدّدًا على أنّها مدارس أهلية عربيّة، وإن كان مؤسّسوها من الهيئات الرهبانيّة المسيحيّة، إلا أنها تحتضن الوطن بمركباته المختلفة. إنّ هذا التعبير هو موقف مشرّف نفخر به، ويجب أن يتحلى به كلّ انسان في هذا الوطن، بل أكثر من ذلك، يجب أن تتحوّل هذه المواقف المشرّفة إلى قاموس مفاهيم واصطلاحات يستعمل في المحافل الاجتماعية المختلفة.

وفي مقالة "لغة الحرب"، يُفنّد مزاعم إسرائيل بأن الفلسطيني ارهابي، في حين أن الاسرائيلي يحاصر الفلسطينيّ ويُجوّعه. ويتحقق من أنّ هناك قاموسًا اصطلاحيّا إسرائيليّا ضدّ الفلسطينيّ الذي تُصوّره وسائل الإعلام الإسرائيليّة بأنه شيطان، وهو الرازح تحت نير الاحتلال وفلتان قطعان المستوطنين. لينقلنا إلى مقال بعنوان "ما لم أره في وطني"، مُقارنًا ما رأت عينه في تايلاند من احترام للديانات السماوية والبوذية، وما لمسه من استقبال فيه الكثير من الحفاوة والاحترام للإنسان في أستراليا، في حين أنّ الإنسان يُهان في بلد السمن والعسل، ويقبع الأسرى الفلسطينيّون في غياهب السجون لأنّهم ينشدون الحرّيّة، وهو من حقوقهم الإنسانيّة كمدافعين عن وطنهم السليب. وحول التحوّلات الحاصلة في سلوك مجتمعنا يُحلل ظاهرة العنصريّة في الملاعب، وخصوصًا التفوهات والعبارات العنصريّة التي يُطلقها مشجّعو الفرق اليهوديّة ضد المواطنين العرب، خصوصًا عبارة "الموت للعرب"، ألم يقلها الألمان ضدّ اليهود في زمن النازية؟

هذه نماذج قليلة من مقالات كثيرة جدًّا، دأب الأستاذ سهيل عطاالله على كتابتها، فتناول فيها القضايا التي تُشغل فكره وهي هموم مجتمعه ووطنه، وتحمل هذه المقالات ابعادًا تربويّة واجتماعيّة وسياسيّة، فيها النقد من أجل الإصلاح والتحسين. فمجتمع يسير في طريق معوجّ بحاجة ماسّة إلى قلمٍ كقلم الأستاذ سهيل عطاالله. أعتقد أن مساهمته في إعادة بناء منظومة القيم الاجتماعيّة هي مسألة في غاية الأهميّة، في زمن غاب فيه حبّ الإنسان لأخيه الإنسان، وأصبح الهمّ الأكبر والرئيس هو "الأنا". وكنت أقترح على المسؤولين والقيّمين في جهاز التربية والتعليم، سواء الرسميّ أو الخاصّ، تبنّي أكبر عدد من هذه المقالات، لتكون مادة ترفد حصص التربية في الصفوف المدرسيّة بدلًا من إضاعتها على لا شيء، كما هو حاصل في عصرنا. مرة أخرى، تهنئ الأستاذ سهيل وعائلته وزوجته واولاده والقريبين منه، ونهنئ أنفسنا برجل كألف ألف رجل. هنيئًا لك وهنيئًا لنا جميعًا، وكل عام وانتم بخير.

العريف عن نزيه قسيس: أيّها الإخوة، رأسُ النّبع قرية إقرث التي اغتُصِبتْ في عزّ النّهار والحرّاسُ نائمون، وبقيتْ مشلوحة في غابة الغابات التي سقطت صريعة تحتَ سنابكِ الغزاة، "وواعدوها وما جاؤوا لموعدها/ وأسكروها وكنت خمرهم كذبا" (نزار قباني). يغرفُ من النّبع الثرّ لصاحبهِ العمّ شكسبير، ويَروي الأجيالَ المتعطّشة إلى لغةِ العصر، ويُبدع معجمًا يُغري الآخرين بالسّطو على كلماتهِ، واغتصابها في وضح النّهار. باحثٌ يحملُ القنديلَ ويجوبُ غاباتِ الدّراساتِ والأبحاث، يمتطي خيولَ  الشعر العامّيّ الهادف، فترمحُ الخيولُ القسّيسيّة لتقتحمَ الميادين الاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة. يجلسُ على قمّة جبل حيدر، فيبعثُ السّلامَ بعيدِ ميلادِ السيّد المسيح، ويكتبُ مُهنّئًا بعيدِ الأضحى. أفتحُ الملفَّ فيُبهرني ما فيه من خيرات. حصلَ على شهادة الدكتوراه في علم اللسانيّات التطبيقيّة، وتخصّصَ في علم المعاجم في اللّغتيْن العربيّة والإنجليزيّة من جامعة إكستر في إنجلترا. مُربّي أجيال تخرّجَ الآلافُ مِن معطفهِ المَعرفيِّ والإنسانيّ. هذا غيضٌ مِن فيضٍ، فالملفُّ حافلٌ يحوي في داخلهِ مُحيطا عامرًا بالخيراتِ المَعرفيّة ولا شواطئَ له.

مداخلة د. نزيه قسيس: بدأت حكايةُ الزَّمالةِ الصادقةِ بيني وبين الأستاذِ سُهيل سنة 1967، عندما أنهيتُ دراسَتي الجامعية وعُدتُ الى المدرسةِ التي تَخرَّجنا منها أنا وهو، لـنَـتشاركَ في مُهِمةِ تَعليمِ موضوعِ اللغةِ الإنكليزية. تَقَبلنا بعضَنا بِلْطفٍ واحْترامٍ من البداية وعَمِلنا معًا بِصدقٍ وتفاهُمِ وتعاوُن، وكان هَمُّنا الوحيدُ هو "مَصلحَةَ الطُّلاب!" امتازتْ شخصيةُ الأستاذِ سُهيل بالأخْلاق العاليَة، وحُسنِ التَّعامُلِ والمَرَحِ مع كُلِّ الزُّملاء والطلابِ والإدارَة، فأصبح نائبا للمدير بِجَدارَة. استمرَّت هذهِ العَلاقةُ إلى ما يزيدُ عن 30 عامًا، وعندما حانتْ ساعةُ تقاعُدِه، قامَت إدارةُ المدرسَة بتَنظيمِ حَفلِ تَوديعٍ له، فأقرأ مقطوعتيْن من قصيدةٍ باللّهجةِ المّحكيّةِ كتبتُها:

خَـيّي سُـهـيــل – يَ رْفـيـقـــي يــا أنْــبَــــل رْفــيــق/ ثُــلــث الــقَــرِن إنْــتــي وأنــا بْــنَــفـــــسِ الــطـَّـريـــق

شــــاهِــدْ أنــــــا ، ومِــنّــي شَـــهــادِه مْــوَقَّــعَــــــه/ كُــنْــتِ الــزَّمــيــلِ الألْــمَــعــي وكُــنْــتِ الــشَّــقــيـــق!

ثُــلْــثِ الــقَــرِنْ – تِــبْــنـي مَـعـي وأبْـنــي مَـــعَــــك/ تِــسْــمَــعْ كَـــلامـــي عَــالْــهَـــــــداوِه ، وأسْـــــمَــعَــك

كـــانِ الــوَفـــا ، وكـــانِ الــصِّـــدِق بـــيـــنــاتْــنـــــا/ وكـان الــصَّــفـا يِــجْــمَــع فُـــؤادي، ويِــجْــمَــــعَــك!

وكَما تَرَوْن، فإن الصَّفا والوَفا والصِّدقَ تَجمَعُنا اليومَ في لِقاءٍ تَكريميِّ جديدِ لهُ، وقد دَعاني حَبيبُنا، طالبُنا سابقًا، المحامي حسن عبادي، أنْ أقولَ كلمةً وقصيدةً، فلبَّيت الدعوَةَ بِسُرورٍ، وكَتبتُ قصيدَةً جديدَةً باللهجةِ المَحكيّةِ تَحكي عن سهيل المُعلّم وعن كتابِه، أقول فيها ما يلي:   

بِــنْــمَـــسّــي عَ كُــلِّ الــنّـــاسْ/ مِــنْ قَـــلْــب صـافــي الإحْـسـاسْ/ وبِـنْـمَـسي كِـلْماتِ كْتابْ/ مَـوْزونِه بِـتْـعَـبّـي الـرّاسْ! بِــنْـمَــسّــي عَ أبــو الـــذّيـــب/ كــاتِــــبْــــنـا الرّاقــي الأديــب/ رْفــيـــقْ أيّـــامِ الــــتَّــــعْـــلـــيـــم/ ومـــاضـــيـــنـــا الْــغـــالــي الْـحَــبـيـب رْفـــيـــقْ أيّـــامِ الـــشَّـــبـــاب/ وكـــانْ يِـــجْـــمَــــعْـــنــا لِكْــتـاب/ أيّــام أعْـــطـــيــــنـــا الــنّـــور/ تَ نِـــضْــوي عْــيــونِ الــطُّلّاب أيــام راحـــت وســــنـــيــــن/ وبَـــعْـــدو بْــــيِـــجْـــمَـــعْــــنــا الْــــحَـــــنـــــيـــــن/ وأحْـــلامْ حَــــــقَّـــــــقْــــــنــــــاهــــــا/ وأحْــــلامِ بْـــرَحْـــمِ الـــتَّـــكْــــويــــــن أحْـلامِ نْــشـوفِ الـطُّلّاب/ مَـعـاهُــن أعْـلى ألْـقـاب/ شُـفْــنـاهُــن! طاروا وصاروا/ نْـجـومْ عَ جْـناحِ الـسَّـحـاب شُـفْـنـاهُـن– مِنْ بَـعـدِ غْـيـاب/ أرْقـى صَبايا وْشَباب/ شُـفْـناهُــن صاروا شُـعّـار/ وشُـفــنـاهُـن صاروا كُــتّـاب وشـــايِـــفْـــهُــــن– أذْـى  شُــبّـــان/ وشـايـــِف كــولــيــتِ وْســوزان/ وشايِـف كَميل وْحَـسّــون/ صاروا لَـلـنّادي عِــنْـوان! وشـــايِــف مــاضـــيــنــا الّــلي كــان/ يِــتْـــنَـــبّــا بْــهـــذا الـــزَّمـــان/ وشـايِـــف فـيكْ كـاتِـب خـيـر/ كِـلـماتـو لـولـو ومُـرْجان! وشـــايِـــفْ فِ كْـــتـــابَــــك أقْـــوال/ مَــــلْـــيـــانِــه حِـــكـــمِـه وأمْــثـــال/ وشـايِـــفْ كِـلْـماتِ الأديب/ وَراهــا مْــعَــلِّــم أجْــيــال وشــــايِـــــف تَــــجـــــارِب أيـّـــــام/ مَــــكْــــتـــوبــِه بْــألْــطَـفْ كَــلام/ أوَّلْــهــا "صَـــبــاح الـــخـــيــر!"/ وآخِــرْهــا "أحْـــلــى سَـــلام!" أوَّلـْها، فـــيــهــا إيـــمــــان/ صــافــي فــي كُــلِّ الأدْيــان/ وآخِـــرْها– عِـــبْـــرَه لـــلــنّــاس / يْـعـيـشـوا إخْـــوِه بْــهَــالأوْطــان وآخِـــرْهـا عِـــبْــــرَه وْتَــعْــــبــيـــر/ حــامِـلْ تَــنْــــبــيــه وتَــحْــذيـــر/ فـــيـــهـــا حِــــوارِ الْـــعُــــقّــــال/ وفـــيــهـــا لَــــلْـــجـــاهِــــلْ تَـــنْـــويــر وفــيـهـا بَـــسْــمــاتِ وْرَسْــمـات/ وفـــيــهـــا عـــتــابِ وْهَـــمْـــسـات/ وفـيها وَخْزاتِ الدَّبْوس/ وفـيها غَـمْـزاتِ الــنَّـسْـمات وفــيـــهـــا لــلــنّــاسْ تَــذْكــيــر/ عـــن مـــاضـــي مُــــرِّ وْمَـــــريـــــر/ وفــــيـــهـــــا بُـــــشْــــرى لِـلْأحْـــبـــاب/ بْــأيّــــام مِـثْـلِ الْـحَـريــر وفــــيــــهــــــا فِـــــكْــــرِ وْثَـــــقـــــافـــــي/ وفـــــيــهـــــا رِقَّـــه وْلَــطــــافـــي/ ومَــــرّات– غَــــزِّة إبْـــــرِه/ فــــــيــهـــا الـــتِّــــريــــــاقِ الــــشّـــافـــــي ومَـــرّاتْ حَـــبِّـــةْ بَـــلّــور/ نِـجْــمِـه مِــنْــها شَــعِّ النّــور/ بْـتِـضْـوي فِ عْــيونِ الْعُـمْـيان/ بْـتِعْـمي بَـصْـبـوصِ الْـمَغْـرور! بتضوي أو بتهز الروح/ بْتِبْكي عَالْجُرْحِ الْمَفْتوح/ بْتِحْكي عَـنْ ماضي مَلْيان/ وعَـنْ حاضِر فاضـي مَـفْضوح بْـــتِــحـْكـي عَـــن حــاكِم قــــاســي/ بِــلْــســانِ الــدَّبْــلـوماسـي/ بْــتِحْــكي عَــنْ روحِ الإِجْــرام/ وعَـــنْ أوْجــاعِ الـــمَــآســـي! بْـتِـحْكي عَـن وَطَن مَـوْجوع/ وإنْـسانْ ماتِ مْــنِ الْجوع/ بْـتِـشْكي لَـلْـقاضي والْقاضي/ صـوتو وِلْـسانو مقْطوع بْـتِـشْـكــي بِـــالــعَـقْـل الْــحـــَكـــيم/ مِـنْ فِكـرِ الْجـــيلِ الـقَـديـم/ بْــتِــتْــمَــنّى خَـــلاصِ الـــنّــاس/ بِالْــعِـلْمِ وْنـــورِ الـتِّــعْــلــيم بْـتِــتْــمــَـنّى هَـالْجَـهْـلِ يْـزول/ في كُـلّ كـلْمِه بِــتْــقـــول/ وإحْـــنا مِـــثْـــلَـــك خــايْـــفــــيـــن/ نْضـــيـــع بْسِــرْدابِ الْـــمَـــجْــهـــول وإحْـــنــا هَــالـــيـــومْ مَـعــاكْ/ بْــنُــطْـــلُـــبْ مِـــنْ ألّـله يِـرْعاكْ/ بْـــنِــــتْـــمَـــنّــى الــنّــــاسْ تِــــسْــــمَـــع/ وِالـــرَّب يِـــقْـــــبَـــلْ دُعـــاك! بْـــــنِــــتْـــــمــَــنّــالَـــك عَـــالـــدَّوام/ أفْـــكـــار فـــيــهـا إلْـــهـــام/ بْـــنِـــتْــــمَـــنّــى مَـــعْ كُـــلِّ كْـــتـــاب/ نِــــمْــــشــــي خُـــطْـــوِه لَــلْأمــــام! بْـنِـتْـمَـنّـى تِـكْـتِـب وِتْزيدْ/ وْفي كُلّ ثَـلاثـا جْـديـدْ/ يِـجْـمَـعْــنـا "صَبـاحِ الْخـيــر"/ ويَـعْـطـيـكِ الْـعُــمْـرِ الْـمَديد          ويِـــجْـــمَـــعْـــنا يـــومِ الْـخَمـــيـــس/ بْـــقــاعِــةْ يــوحَـــنّـــا الْـــقِــــدّيـــس/ وتِـــجْـــمَـــــعْـــــنا ســـوزي وْفُــؤاد/ بْــعَــروسِ جــديـــدِه وْعـــــريس!

كلمة المحامي كميل مويس عضو المجلس المِلّيّ وعضو نادي حيفا الثقافيّ: أحيّي أستاذي الأديب سهيل ديب عطالله الذي كان لي شرف تعلّم اللّغة الإنجليزيّةِ وآدابها على يديْه، في الصّفّيْن الحادي عشر والثاني عشر في مدرسة حنّا مويس الثانوية في الرامة. لا زلتُ حتّى اليوم لأعشق اللغة الإنجليزية بفضلك أستاذي الكريم. وُلدَ ضيفنا في قرية إقرث المُهجّرة، ونشأ في بلده الثاني الرامة، فكان ولا زال له روابط صداقة مع جميع أهالي القرية على مختلف انتماءاتهم، ويتفاعلُ مع المجتمع الذي يعيش فيه، ويُؤثر على مُجريات الأحداث بكلّ وعي ومسؤوليّة، مُدركًا تمامًا ما يجري حوله، ويحدّد لنفسه موقفًا من كلّ حدث أو مستجدّ، ولا يتقاعس عن قول رأيه صريحًا جريئًا، ليزيد في نفوس الجميع من مكانته الأدبيّة والاجتماعيّة، ويسمو بحضوره في المواقف ومواكبة الأحداث. أشعر بالبهجة والسرور أن أقدّم لك أستاذي الكريم هذا الدرع، تقديرًا وإجلالًا لمسيرتك الأدبيّة والإنسانيّة باسمي، وباسم رئيس وأعضاء المجلس الملّيّ الوطنيّ الأرثوذكسيّ في حيفا، ممثلًا بزميلي عضو المجلس الأخ جريس خوري، وباسم المحامي فؤاد نقارة رئيس نادي حيفا الثقافيّ، والمحامي حسن عبادي مُركّز سوق عكاظ الحيفاويّ في رحاب هذا النادي. نتمنى لك دوامَ العطاء والصحة والغزارة في الإنتاج. 

كلمة الأديب سهيل عطالله: في هذه القاعة التي يحتضنها يوحنا المعمدان، فتعمّد بالمعرفة وإبداعات المبدعين. قاعة متألقة أبدًا بالإخوة في المجلس المليّ وناديه الثقافيّ. قاعة تجمعُنا على امتداد أشهر السنة، وعلى فترات متقاربة بفنانين ومبدعين من أبناء وبنات شعبنا في هذا الوطن البديع، مبدعين نرضع من أثدائهم حليب الجمال وجلال الفكر وبديع الكلام. قاعتكم هذه أيها الإخوة في المجلس المليّ الأرثوذكسيّ الوطني حيفا، هي قاعة أعراس أدبيّة وأعراس وطنيّة فيها، يجمعنا حبّ الضّادّ وحبّ ناطقيها في هذه القاعة، ويحمل أهل العلم واصدقاءَهم المحتفى بهم على أجنحة الكلمة الجميلة الملتزمة المثقِّفة.

قال أعرابيّ لأحد الولاة: الناس تبني الدّور في الدنيا، وأراك قد بنيت الدنيا في دارك! والحديث هنا لوالٍ أحبّ الكتب، فحوّلَ جدرانَ غرفته إلى "مكتبة"! هكذا أنتم يا رئيس وأعضاء المجلس المليّ الحيفاويّ، هكذا أنت أيّها العزيز المحامي فؤاد مفيد نقارة، بصحبة صحبك في النادي حوّلتم هذه القاعة إلى مسرح، على خشبته يخطو عشّاقُ الكتب من أبناء شعبنا. لا أبالغ إذا ما قلت إنّكم بعثتم عكاظًا جديدًا مُتجدّدًا، في رحاب كنيسة تعبق بالبخور وتغتسل بدموع الشموع.

يُهاتفني الكثيرون قائلين إنّهم يبدؤون قراءة الاتّحاد من الصفحة الأخيرة بزاوية (صباح الخير)، وأمست صباحهم ولحظات استراحاتهم اليوميّة. تحيّاتي للأحبّاء المهاتفين وغير المهاتفين. إنّ تقديرهم لِما يُنشر في صباح الخير هو تقدير، أو بالأحرى، تكريمٌ لعشّاق الكلمة المكتوبة. لقد كتبت في مقالة لي هذا الشهر وقبل أيّام قليلة، عن هؤلاء القراء الذين أرى فيهم مدارس خير ومعرفة وحث على العطاء من مدارس القراء. يمتصّ الكتاب رحيق المعرفة وإثراء التجربة بكم أيها الحضور الكرام، وبالجالسين على المنصّة ألتقي مثقفين أدباء وأصدقاء عمر أوفياء، أتفيّأ بطيب كلامهم وجلال مداخلاتهم.

أنتم أيّها الإخوة والأخواتُ في القلب وفي بؤبؤ العين، يا نزيه قسيس، ويا آمال عوّاد رضوان، ويا جوني منصور، ويا فتحي فوراني، ويا سهيل مخول، ويا حاتم خوري ويا شحادة خوري، إنّ كلامَكم يتدفق ألقا وأوسمة محبّة أقلدُها لكلّ مَن حضرَ من قريب ومن بعيد في هذا المساء الجميل. أشكر حضوركم فردًا فردًا. أيّها الأعزاء، من خلالكم أكرّر صادق شكري لفرسان النادي ولكلّ القراء. أنتم أيّها القراء بفضلكم تبقى أقلامُنا بأيدينا، فعندما تنصرفون عن قراءة ما نكتب، ينصرف القلم بمداده ويرحل بعيدًا عن دفاترنا. دعونا نُحلّق سويّة حول عطاء متنوّع، ترعاه كنيسة تشمخ باسم قامة نبويّة مسيحيّة إسلاميّة، هي قامة يوحنا المعمدان أو يحيى بن زكريا.

يا أبناء المجلس الأرثوذكسيّ ويا أهله، يا كواكب ناديه ومُهندسي أمسياته، أنتم حفدة أبي سري خليل السكاكيني الذي بسكاكينه المغمدة تشبّث بعروبته، مُطالبًا كنيسته الأرثوذكسيّة في زهرة المدائن إلى تعريب لغتها وتعريب صلواتها، بدلًا من أبجديّة الإغريق الهيلينيّين. أيّها الإخوة، بكم ومعكم نرعى صرح الكلمة. يقول نزار قباني في رسالة أرسلها لابنة وطنه المبدعة سلمى الحفار الكزبري: "الكلمة هي الرّبّ الوحيد الذي يستحقّ أن نمنحه زيتنا وشموعنا. هي النافذة التي بقيت لنا على السفينة التي تقطعت حيالها ومات ربّانها. لا نجاة إلّا في الحرف وبالحرف". وأخيرًا، إنّ مشروعَكم الوطنيّ في هذه الكنيسة المباركة فيه التزامٌ أدبيّ روحيّ، وفيه زخم وطنيّ أبيّ، وفيه أيضًا وفوق كلّ شيء اعتناق، أو بالأحرى عناق للغتنا العربيّة ولكلّ مَن يعاقر خمورها. حيّاكم الله وبوركتم. 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وصحبه ومَنْ والاه.

وبعد:

فقد سُرِرتُ أيما سرور عندما وقعَ بصري على عنوان هذا الكتاب، وما انْ شرعتُ في قراءته حتى نما في داخلي السرور... فقلتُ في سعادةٍ غامرة وحبور:

أجل - أيها الأخ الفاضل - لقد أصبتَ الحق فيما صنعتَ، فنحن بأمسِّ الحاجة إلى ما سطَّرتَ من هذه المظاهر، وفقرُنا إليها بادٍ وظاهر.

وقد عدتُ بذاكرتي إلى زمن بعيد، يمتدُّ إلى عدة قرون حيثُ العلماء الربانيون مطلع القرن الثاني الهجري والثالث... الحسن البصري، وابن سيرين، وابن المبارك، والجنيد البغدادي، والسري السقطي، وأضرابهم - رحمهم الله تعالى ورضي عن أسلافهم - في سماء تلك الحياة، فعرفوا كيف يرشدون، وماذا يؤلِّفون، ولا غرابة فهم الفقهاء، وتلك سمة الفقيه.

وبحقٍّ أقول: ليس مثلي مؤهلاً لأنْ يصدِّر مثل هذا الكتاب، إذ التعبير عما في مضمونه يفتقرُ إلى مناسبة ظاهرة أو خفية، وليس عندي هذه ولا تلك، ولكن إذ أسديتَ إليَّ هذا الشرف فلأقدمنّ لكتابك بما في كتابك!! بعد أن أقولَ هذه الكلمات:

لقد تحققتْ رغبتي في تأليف هذا الكتاب، حيث كنتُ منذ الصغر أعلِّمُ على كل خبرٍ يهزّ قلبي أو يُجري عبرتي، رجاءَ أنْ أجمع ذلك في كتابٍ أذكِّر به نفسي، وأختبر بمحتواه قلبي، وهو ما وجدتُه في كتابك هذا.. فكم فيه مِنْ خبرٍ مؤثرٍ يضربُ على أوتار القلوب، وحكايةٍ صادقةٍ تُلهب الشوقَ إلى رياض المحبوب، وشعرٍ رقيقٍ يبعثُ الحنين، وأدبٍ رفيعٍ يحرِّك ساكن الحب الدفين إلى ذالك النبي المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم!!

وكيف لا؟ ونحن نقرأ فيه:

• هذا الخبر في البكاء والخشوع عند ذكره صلى الله عليه وسلم: أنّ عمر زار أبا الدرداء - رضي الله عنهما - فقال أبو الدرداء: أتذكرُ حديثاً حدَّثناه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أي حديث؟ قال: ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب، قال: نعم، قال: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟ قال: فما زالا يتجاوبان بالبكاء حتى أصبحا!!

• وهذا الخبر في الاتباع وتقصي طريقه وطريقته صلى الله عليه وسلم:

سمعت سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - يقول: إن استطعتَ ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل!!

• وهذا الشعر الرقيق في شدة الشوق إليه صلى الله عليه وسلم:

دار الحبيب أحقُّ أنْ تهواها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وتحنَّ من طربٍ إلى ذكرها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وعلى الجفون متى هممتَ بزورةhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يا ابن الكرام عليك أن تغشاها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وابشر ففي الخبر الصحيح مقرراً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أنَّ الإلهَ بطابة سمّاها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

واختصها بالطبيبين لطيبها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

واختارها ودعا إلى سكناها http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

• وهذه الحكاية في التبرُّك به وبآثاره صلى الله عليه وسلم:

قال محمد بن سيرين: قلتُ لعَبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من قِبل أنس بن مالك فقال: لأن يكون عندي منه شعرة أحب إليَّ من كل صفراء و بيضاء على ظهر الأرض!!

وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يدٌ مسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم!!

وقول الإمام الذهبي عن الحجر الأسود في تعليقه:

حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسَّته شفتا نبينا صلى الله عليه وسلم لاثماً له، فإذا فاتك الحجُّ ولقيتَ الوفدَ فالتزم الحاج وقبِّلْ فمه وقل: فمٌ مسَّ بالتقبيل حجراً قبله خليلي صلى الله عليه وسلم!!

• ثم هذا الأدب الرفيع عن إمام دار الهجرة - رحمه الله تعالى - فقد اشتهر عنه أنه كان لا يركب في المدينة ويقول: أنا أستحي من الله عز وجل أن أطأ تربة - فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم - بحافر دابة!!

• كيف لا تهتزّ قلوبنا، ونحن نقرأ هذا - وغيره كثير - في هذا الكتاب!! اللهم إلا أن تكون كالحجارة أو أشد قسوة، ونرجو أن لا تكون كذلك، إذ القلب القاسي أبعد ما يكون من الله - والعياذ بالله -.

فهنيئاً لك - أخي الفاضل - هذا التوفيق، وإنك بالمزيد مِنْ مثل هذا العمل لخليق، وأتوجه في الختام إلى العموم الفضلاء من القراء... بما فيهم الشعراء والأدباء والخطباء، بأنْ يتحفونا بألوان المديح للنبي المصطفى المليح صلى الله عليه وسلم، مديحاً يحرِّك كامنَ الشوق في القلوب، ويصلُ خلف الأمة بسلفها في معانٍ متألقة من الحُبِّ والتعلق بنبينا صلى الله عليه وسلم، وبعد أن كاد تعلقها بمظاهر الحياة يُفقدها ذلك أو ينقصه إلى حد كبير!!

ولا ريب أنَّ الحبَّ الصادق لسيِّد الصادقين صلى الله عليه وسلم من أكبر العوامل الدافعة إلى صدق الاتباع له صلى الله عليه وسلم، ولا ننس أنَّ قصائد مدحه صلى الله عليه وسلم كانتْ في يوم من الأيام عاملاً مهما في إيقاد جذوة الجهاد في نفوس المسلمين لدحر المعتدين من أعداء الدين.

اللهم صلِّ وسلمْ وباركْ على هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، وأنصاره وأحبابه والتابعين، ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأكرمنا اللهم بصدق محبته واتباعه صلى الله عليه وسلم، حتى نلقاه على الرضا والمحبة آمين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.

clip_image002_1fa6b.jpg

لكل منا من اسمه نصيب، هكذا يقال، ولنّوش* التي تصدّرت صورتها غلاف الرّواية، استطاعت بليونتها ونعومتها أن تدخل جدّها عالم الخيال؛ ليراها بذكائها المتوقّع طفلة عبقريّة، تخطو خطواتها الأولى نحو مستقبل مشرق، المستقبل الذي توقعه الكاتب للينا الطّفلة؛ ليكتب لها "لنّوش" الرّواية التّربويّة الهادفة، التي تحوي العديد من الرّسائل والنّصائح التي تثري عقول الأطفال والكبار، فينقلنا الكاتب نحو ثمرة اهتمام الأسرة ودفئها، فتتشكّل أمامنا لنّوش طفلة ذكيّة جميلة تطرق جدران الأسئلة، وتحلّل وتناقش كفتاة كبيرة تحبّ الشّعر والقصص والموسيقى، وتميّز الأشياء من حولها؛ فأسرتها التي واظبت على القيام بواجباتها تجاه طفلتها، لتكتسب مهارة في الحديث، وكسب حبّ واهتمام من حولها على الرّغم من صغرها،إلى قدسيّة العلم؛ ليشكّل خليطا واحدا أساسه الاهتمام والتّربيّة منذ الصّغر، فتشكّلت شخصية لنّوش الطفلة في ذهن الكاتب بعين ثاقبة نحو المستقبل، رواية لنّوش لليافعين تحمل رسالة جميلة وقويّة للمجتمع، والكاتب الذي اعتمد على دراسات حديثة في تربية وتنمية قدرات الطفل، وضّح رسالة هامّة جدّا، مفادها أنّ تنشئة  الطفل تنشئة سليمة، تجعله يكتسب مهارات عدّة، ويتمتّع بقدرات فعّالة مقارنة بأبناء جيله، فمن خلال الحبّ والاهتمام الذي حصلت عليهما لنّوش في كنف عائلتها وجدّها، الذي كان يروي لها القصص والحكايات الشّعبية منذ البداية؛ لينمّي خيالها، استطاعت أن تكتسب ثقة كبيرة بنفسها، وقدرة على السّرد والتّعبير السّليم عن رأيها  تفوق عمرها، ولكنّ حدّة ذكائها وأسئلتها التي لا تنتهي، لا يمكن أن يفوّتا عليها الأمر منذ دخولها المدرسة، فكيف لم تعلم لنّوش عن اسمها الحقيقيّ "لينا" إلا عندما دخلت المدرسة؟ وكأن الاسم ذكر أمامها لأوّل مرّة، فلا بدّ أنّه ذكر بمراحل سابقة في مدرستها من قبل معلماتها بالصّفوف السّابقة، على الرّغم من المبالغة في بعض الحوارات بين الطفلة والمعلمة، كالتّفريق بين الحكايات والقصص، الذي جعل لنّوش تبدو للقارىء أحيانا أكبر من ستّ سنوات، ولكنّ المبالغة هنا جميلة، فهي تفتح أفاقا واسعة أمام من يقرأها من اليافعين،  والوقوف أمام الممارسات الخاطئة في التّربية، والبحث بما يخصّ هذا الموضوع.

تعمّد الكاتب ذكر موضوع تقبيل الصّغار لأيدي الكبار، فأظهر الجدّ كمعارض لتلك القُبلة، مطالبا لنّوش بعدم تقبيل الأيادي اطلاقا؛ ليعلم حفيدته عدم الخضوع أبدا لأيّ شخص مهما كان، فسرعان ما تجيبه لنّوش ببداهة لاتخلو من براءة الطفولة " وعيت على الحياة وأنتم تبوسون يديَّ وقدميَّ ورأسي وصدري، فلماذا لا أبوس أياديكم؟" فجعل إجابتها رسالة للتّفريق بين الخضوع والحب المتبادل .

عزّز الكاتب ثقافة الانتماء لدى القارىء، فجعل لنّوش وزملاءها ينشدون النّشيد الوطنيّ، وهذه أيضا لفتة جميلة من الكاتب للأطفال .

امتازت الرّواية بلغة سهلة وبسلاسة السّرد والحوار، والتّنقل بين شخصيّات أساسية وهامّة في حياة الطفل، كالأمّ والأب والجدّ والجدّة والمعلمة .

"لنّوش" رواية لليافعين للأديب المقدسي جميل السلحوت، صدرت عن دار الجندي بداية شهر أيّار-مايو- 2016 عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس.

المزيد من المقالات...