clip_image002_8339d.jpg

clip_image004_373e4.jpg

clip_image006_1c6c6.jpg

دار الوسط اليوم للإعلام والنشر (فلسطين- الأردن) متمثّلة بالمخرج محمّد الجبور- مدير عامّ الوسط اليوم في الأردن، والإعلامي جميل حامد رئيس تحرير دار الوسط اليوم للإعلام والنشر الورقي والإلكتروني، نظّمت حفلَ توقيع ديوان (أدموزك وتتعشترين) للشاعرة الفلسطينيّة آمال عوّاد رضوان، في المكتبة الوطنيّة في عمّان، بتاريخ 27-8-2015، تحت رعاية وزير الثقافة الأسبق د. صلاح جرّار، ووسط لفيف من الحضور المميّز من أدباء وفنانين ومثقفين، ومدير عام المكتبة الوطنيّة الأستاذ محمّد يونس العبادي، وقد أدارَ الحفلَ الإعلاميّ حازم الخالدي.

افتتح الحفل المخرج محمّد الجبور بكلمة دار الوسط اليوم للإعلام والنشر الترحيبيّة، تلتها كلمة د. صلاح الجرار، جاءَ فيها:  إننا نستقبل على أرض الأردن شاعرةً من أرض الإسراء والمعراج التي باركها الله، هذا البلد الذي لم ينسَ قضيّة فلسطين، ولا القدس التي تنبض دائمًا بحبّ الأردن، والّذي ينقل كلّ معاناتها إلى كلّ المحافل الدوليّة، لإيجاد حلٍّ عادلٍ لها، وإنّنا نعتزّ بما تقدّمُهُ الشاعرة، ونفخرُ بإنتاجها عبر المجموعات الشعريّة، آملين بالمزيد من إتحافاتها عبر الكلمة الجميلة التي تقدّمها للقراء.

وتحدّث الشاعر راشد عيسى عن فكرة الديوان الشعري والعنوان (أُدَوْمِزُكِ وتتعشترين) مِن آلهة الأساطير دموزي وعشتار، والّذي تعودُ به الشاعرة آمال عوّاد رضوان إلى القصص والحكايات والأساطير السومريّة والبابليّة القديمة، وتُوظّفُها بطريقةٍ فنيّةٍ رومانسيّةٍ على الواقع الحديثِ، فتأخذها سحرُ الكلمات، وتلتقطُ منها أجملَ العباراتِ التي تزيد مِن تجلّياتها في الشعر.

وقدّمت الناشطة زينب مروان عرضًا لمضمون الديوان، ثمّ حيّا رئيسُ اتّحاد الكتاب والأدباء الأردنيّين الشاعر عليّان العدوان، الشّاعرة الفلسطينيّة آمال عوّاد رضوان، إذ تُشهِر كتابَها مِن المكتبةِ الوطنيّة، مُؤكّدًا على عُمقِ العلاقاتِ الأخويّةِ بين البلديْن، وأهمّيّة تعزيز الجوانب الثقافيّةِ بين المُثقفين والمفكّرين، من خلال إقامةِ النشاطاتِ والبرامج المشتركة.

وقدّمت الشاعرة آمال عوّاد رضوان برفقةِ الفنّان القدير الأردنيّ عبد الكريم القواسمي قراءاتٍ شعريّةً مِن نصوص الديوان، بعنوان (سماواتي يابسةٌ، غابتي تَعُجُّ بالنّمور، أُدَمْوِزُكِ وتَتَعَشْتَرين، أبْجِديني بجُنونكِ، خبّئيني تحتَ قميصِكِ المُعطّر، حرائقُ حواسّي، رضابي مُشمّعٌ بزقزقةِ طيورك).

وفي نهاية الحفل وقّعت الشاعرة ديوانها، وقدّمتْ إهداءاتٍ منهُ للحضور، تحت تغطيةٍ إعلاميّةٍ مُوثّقةٍ بتصويرِ كادرِ الوسط اليوم في عمّان، ومؤّسسةِ الرّيتاج للإنتاج والتوزيع الفنّيّ، بإدارة المخرج السينمائيّ محمّد الجبور، وتمّ التقاط الصّوَر الفوتوغرافيّة التذكاريّة. 

جاءَ في كلمةِ النّاقد د. راشد عيسى: سافو الصغيرة/ آمال عوّاد رضوان:

سبقَ لي أن اطّلعتُ على شِعر آمال عوّاد رضوان، وكانت لي مُداخلةٌ في (رحلة الى عنوان مفقود) ديوانها الثالث الشّيّق الجميل، وقد راقتْ لي فيهِ رمزيّة قرن الغزال (الزقوقيا)، فهي زهرةٌ برّيّةٌ مشهورةٌ في بلادِ الشّام، فأوراقُها الخضراء بشكل قلب، وأزهارُها تشبه قرن الغزال، وقبل حوالي 18 عاما حصلَ شجارٌ ما بين الوفدِ الإسرائيليّ والوفد الفلسطينيّ حولَ شعار قرن الغزال، ومنذ ذلك الوقت أسميتُها: آمال عوّاد رضوان زهرةُ قرن الغزال، فهي شاعرةٌ كنعانيّةٌ، وتحديدًا من عبلين الجليليّة في فلسطين، والتي تردُّنا إلى عبلين الأردنيّة قربَ عجلون.

سأقفُ قليلًا عند العنوان "أُدَمْـوِزُكِ وَتـَـتعَــشْـتـَـرِين"، والذي سبّبَ إرباكًا كبيرًا عندَ الكثيرين، وكانَ هذا مِن قبيل النحت، ولا بدّ للقارئ أن يعودَ إلى مسألةٍ مُهمّةٍ، بأن يكونَ عارفًا للأساطير، فالنّصوصُ كلُّها خطابٌ ذكَريٌّ مِن دموزي إلى عشتار، ولا ننسى أنّ هناك لدينا إشكاليّةً منذ أكثرَ مِن ستّين عامًا حول قصيدة النثر والتجنيس، وليس لدينا اتّفاقٌ حتى الآن حولَ الاسم، ولم تأخذ قصيدةُ النثرِ استحقاقَها في تجنيسِها الثابت.

نلاحظُ أنّ هناكَ نمطيّةً كبيرةً في كتابة مثل هذا الجنس الأدبيّ، بحيث أنّنا نكادُ لا نُفرّقُ بينَ شاعرٍ وآخر، وهذا ما يهمُّني في شعر آمال عوّاد رضوان، فهل حقًّا قدّمتْ شيئًا جديدًا وجديرًا بالقراءة، وخصوصًا أنّني أؤمن أنّ العيبَ ليس في قصيدة النثر، وإنّما العيبُ في ندرة الجيّدِ منها، والّذي يُقنعُنا أنّ هذا الجنسَ الأدبيَّ نصٌّ رائعٌ، وإلّا فكيف تفوّقَ محمّد الماغوط على أدونيس نفسه، ويَشهدُ على ذلك النقّادُ العرّب؟

أنا لاحظتُ أنّ آمال عوّاد رضوان أضافتْ ميزتيْن فنيّتيْن كبيرتيْن في هذا الدّيوان "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن"، وذلك باستطاعتها استعادة الميثولوجيا الأسطوريّة في العشق والجوى والحب عن طريق الأسطورة، وليس عن طريق اللغة الحسّيّةِ البشريّةِ العاديّة، إيمانًا منها بقيمةِ الحبّ وقُدسيّتِهِ وجلالِه، والنقطة الأهمُّ في نظري هي التشكيل الفنّيّ، الذي لعبَ دورَهُ في التّشكيلاتِ وبِعدّةِ مستويات.     

تتجاوزُ آمال عوّاد رضوان في (أُدَمْوِزُكِ وَتَتَعَشْتَرِينَ) ثلاثةَ مجموعاتِها الشعريّة السّابقة تجاوُزًا فنّيًّا، جديرًا باستحقاقِ التّميُّزِ، فالنّصوصُ الخمسُونَ تبدو قصيدةً مَلحميّةً واحدةً، تُسجّلُ اختراقًا جماليًّا بُنيويًّا، لما هو سائدٌ ونمَطيٌّ في شكلانيّةِ النّثرِ الشّعريّ، كما تُقدّمُ إضافةً نوعيّةً على صعيد موضوعةِ العشقِ عبرَ تاريخ الوجدان البَشريّ، ولا سيّما في العصر الإغريقيّ!

الثيمةُ الجوهريّةُ في الدّيوانِ الشّعريّ (أُدَمْوِزُكِ وَتَتَعَشْتَرِينَ)، تتوازى معَ الفُيوضِ المَبثوثةِ مِن لدُنِ الرّمزِ الذّكريِّ الأسطوريّ، والمُمثَّل بدموزي إله الخير عند السّومريّين، تجاه الرّمز الأنثويّ الأسطوريّ أيضًا عشتار إلهة الخصب والجَمال والحُبِّ والجنس عندَ البابليّين، ومنذُ الصّفحةِ الأولى في الدّيوان إلى آخِرِ سطرٍ فيهِ، يَفورُ دموزي تبجيلًا لمَحاسنِ عشتار ومَفاتنها الباذخة، وهو فوَرانٌ مَحفوفٌ بظلالٍ مِنَ العتابِ، وأفانين التّرجّي، وشكوى الشوْقِ العارم، والرّغبة في الاتّحادِ الرّوحانيّ والجَسديّ معًا.

غيرَ أنّ الأبرزَ والأجمَلَ في هذا الدّيوانِ هو التّجريبُ الإبداعيُّ الشّجاع، والمُتمثّلُ بالأساليبِ الجَماليّةِ الجديدةِ في إدارةِ البُنيةِ التّشكيليّةِ، وِفقَ طِرازٍ بُنيويٍّ يَخترقُ نمَطيّةَ المألوفِ مِن قصيدةِ النّثر، فيُنقذُها مِنَ البَلادةِ والاعتياديّةِ والفهاهة.

الدّيوان (أُدَمْوِزُكِ وَتَتَعَشْتَرِينَ) يَغتني بالمُزاحِ اللّغويّ، الّذي يَمنحُ العبارةَ طاقةً تعبيريّةً هائلةً، تُضاعفُ مُتعةَ التّأمُّلِ والتّلقّي، وتُضيفُ للنّصِّ الأدبيِّ الجديدِ قدرةً أخرى على تَجاوُزِ طرائق التعبير، ومنح تجربة آمال عوّاد رضوان سِمةَ الفرادة، ولا سيّما في هذا الدّيوان المَشغولِ بوعيٍ فنّيٍّ ماكرٍ وبشعريّةٍ ساخنةٍ، ومِن أمثلةِ هذا المُزاحِ الخلّاق:

*الانزياح التركيبيّ؛ كقوْلِها (على قيْد البرْقِ)، انزياحًا عن (على قيْد الحياة).

*المُجانسة: مثل تنْسِجينني وتسْجِنينَني، وضَوْؤُكِ وضَوْعُكِ، ويا مَلاذي (ملجئي) ويا ملاذّي (ملذّات)، وذلكَ في الجُملةِ الواحدة.

*العدولُ الصّرفيّ: كقولها (أهْدَيْتُهاكِ) عُدولًا عن أهدَيْتُكِها، أو أيْنَني من بصمةِ بسمةٍ، فأينني عُدولا عن أينَ أنا، وبصمةِ بسمة، فيها التجنيس!

*الانحرافُ النّحويّ: وهناكَ انشغالٌ على أخلاقِ اللّغةِ وعلى مَزاد الكلماتِ، وهذا الانشغالُ راقَ لي، وقد حققت آمال بما يُسمّى بالتفلُّتِ النّحويّ، وكما تعلمون، فالشّعر هو الذي يستطيعُ أن يتفلّتَ بسبب حفاظِهِ على المعيارِ الجَماليّ كقوْلِها: لِمَ تَتَهَكَّمُنِي أَمْوَاهُكِ؟ وهي مبالغة في التهكم والسخرية وفيه بعدٌ صوتيٌّ كبير، وكذلك تهَكّمَ فعلٌ لازمٌ، قامتِ الشّاعرةُ بتَعْدِيَتِهِ.

وإضافةً إلى النّحتِ مِنَ الجَامدِ دموزي (أُدَمْوِزُكِ)، فهناكَ ثيمةُ نحْتِ النّحتِ مثل (أَبْجِدِينِي) من الأبجديّة.

*أمّا الصّورةُ الفنّيّةُ فقد تماوَجَتْ بالتّشكيلاتِ الاستعاريّةِ الرّشيقةِ، الّتي منحَتِ النّصوصَ شفافيّةً تأمُّليّةً ارتقَتْ بثيمةِ الجوى والتّوْقِ إلى مستوًى مفتوحِ الدّلالة، وبدَتْ فيهِ المَعاني غزلانًا برّيّةً جافلةً.

كما ظهَرَتْ بعضُ الصُّورِ كأنّها مَشهديّةٌ سينمائيّةٌ مُدوْزنةٌ باللّونِ والحَركةِ والصّوتِ، والعاطفةِ المُتّقدةِ المُعبّرةِ عن عُمقِ الحنينِ الذّكوريِّ، إلى أُسْطُقُساتِ الأنوثةِ.

ونجدُ ظاهرة تقطيع الكلمات بشكل كبير كبيرة في الديوان، فنجدُ صوَرًا بصَريّةً، حيث قطّعَتِ الشّاعرةُ آمال عوّاد رضوان بعضَ الكلماتِ إلى أحرُفٍ مُستقلّةٍ، وفي تلوينٍ إيحائيٍّ جديد، وبذلك أعطت معنى وتصويرًا بصريًّا، فكلُّ هذهِ المَلامحِ لم تأتِ عفويّةً كما يَبدو لنا، وإنّما عفويّةً مدروسةً، وأعتقدُ أنّها نجحتْ بذلك.

أيضًا مِن أهمّ السّماتِ في هذا الديوان هي الصّورة الفنّيّة، وهي قامتْ هنا مِن حيث التصوير الفنّيّ بالتّخييلِ الغرائبيّ وليس فقط بالتّصوير، كقوْلها مثلا:  وَأَطْيَبُ أَحْلَامِي.. مَا كَانَ/ فِي بَطْنِ سَاقِيَةٍ ضَيِّقَةٍ/ تَوَقَّفَ فِيهَا الْمَاءُ.. هُنَيْهَةً! فهذه الصورةُ ليست صورةَ مُشبّه ومشبّه به، بل هي صورةٌ حركيّةٌ صوْتيّةٌ موسيقيّةٌ ملوّنةٌ، والمَشهدُ فيها سينمائيٌّ وحيويّ.

وكما نلاحظ، فإنّ جميعَ القصائد مُقدّمةٌ بخطابِ عشقٍ ذكريٍّ، وكما نعلم، فإنّ نزار قباني كتب 55 قصيدةً على لسان المرأة، وهنا الفارق، فكيفَ استطاعتْ آمال عوّاد رضوا وهي أنثى، أن تتقمّصَ خطابَ الذّكرِ في خمسين قصيدة، وبحيث لو بدأنا بأوّل حرفٍ في الدّيوان إلى آخِر حرفٍ فيه، أو لو انتقلنا مثلًا من صفحة رقم 10 إلى صفحة رقم 20، فلن يختلفَ علينا أيُّ معنى ولا أيُّ أداء، سوى هذا الفيضِ الصّوفيّ مِن العشق والجوى، تجاهَ الذّكَرِ الذي يُعذَّبُ ويَترجّى ويتمنّى، كعادة الذّكورِ مع الإناث.  

 إنّ هذا التّشكيلَ الفنّيَّ لِموضوعةِ العِشقِ في فُيوضِهِ الأسطوريّةِ المُؤلّهةِ، إنّما يُذَكِّرُنا بسافو شاعرة الإغريقِ الأولى،ويَدفعُنا للتّساؤُلِ: هل آمال عوّاد رضوان هي سافو الصّغيرة؟!

كلمة منظّم الحفل المُخرج محمّد الجبور؛ مديرِ عامّ الوسط اليوم، ومدير عامّ مؤسّسة الرّتاج للإنتاجِ الفنّيّ:

بسم الله الرّحمن الرّحيم. السّادةُ والسّيّداتُ الحضور الكرام. إنّ مِن الشّعر لحكمة، وإنّ مِن البيان لسحرًا، والأدبُ والشّعرُ على مَدارِ التاريخ كان وما يَزالُ وسيلةً لنشرِ الأفكار والمبادئ بين الجماهير، وذلك لِما يشتملُ عليهِ مِنَ الطّرافةِ والمُتعةِ، ونقلِ الكلمةِ بأسلوبٍ يأخذُ بالألباب.

أَيَا عَرُوسَ شِعْرِي الْأَخْرَس! إِلَيْكَ .. مُهْرَةَ بَوْحِي فَتِيَّةً.. بِفَوَانِيسِ صَفَائِهَا.. بِنَوَامِيسِ نَقَائِهَا.. حَلِّقْ بِبَياضِهَا.. صَوْبَ ذَاكِرَةٍ عَذْرَاءَ.. وَتَطَهَّرْ.. بِنَارِ الُحُبِّ.. وَنورِ الْحَيَاة!

بهذهِ الكلماتِ المُضيئةِ استهلّتِ شاعرتُنا آمال عوّاد رضوان مجموعتَها الشّعريّةَ الجَديدة "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن"، فيطيبُ لي باسمي وباسم أسرة الوسط اليوم في الأردن وفلسطين، أن نُرحّبَ بالمُبدعة والشاعرة آمال عوّاد رضوان، فقد أصدرَتْ هذه المجموعةَ عن دار الوسط اليوم للإعلام والنشر في فلسطين، وتتضمّنُ خمسين قصيدةً في 152 صفحة مِن القطع المتوسّط، فيما حملتْ لوحةُ الغلافِ إبداعَ الفنّان الفلسطينيّ محمّد شريف مِن عرّابة جنين.

هذه المجموعةُ الشّعريّةُ الجديدة "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن" من إبداع شاعرتنا المبدعة الفلسطينية آمال عوّاد رضوان، وقد جاءتْ بعدَ ثلاثة إصدارات شعريّة سابقة لها، وهي "بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج" صدر في عام 2005، و"سلامي لك مطرًا" صدر عام 2007، والإصدار الشّعريّ الثالث "رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقودٍ" صدر عام 2010، إضافة إلى خمسة إصداراتٍ أخرى في القراءاتِ النقديّةِ، واالتوثيق والبحث والمقالات ".

"أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن"– نصوصُ عشقيّاتٍ، حملتْ في بطنِها خمسينَ قصيدةً، كلّها جاءتْ بلغةِ عشقٍ روحيٍّ صوفيّ أسطوريّ، نحتتْها ما بين إله الخير السّومريّ "دموزي"، وإلهة الحُبِّ والخصب "عشتار" البابليّة، لتسمُوَ مِن خلال حروفِها إلى أرفعِ مَراتبِ العِشق الصّوفيّ والولهِ النّقيّ!

كما تضمّنت المَجموعةُ الشّعريّةُ الجديدة "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن" نبذةً مِن السّيرة الذاتية للشّاعرة آمال عوّاد رضوان، وبلغةٍ شِعريّة متميّزة، وإنّنا في الوسط اليوم نُرحّبُ بها، لتُعيدَ لنا الرّوحَ الشّعريّةَ التي تُنعِشُ الرّوحَ والوجدان، وتَسطُرُ الخيالاتِ في أفكارنا، آمِلينَ أن نبقى سائرينَ في دُروب العطاء، مِن خلال ما نُقدّمُهُ مِن ثقافةٍ وشِعرٍ للجيل القادم.

وجاء في كلمة الناشطة زينب مروان: بسم الله الرّحمن الرّحيم، أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة والحفل الكريم. أسعدَ اللهُ مساءَكم. بدايةً، أودُّ أن أشكُرَ مُؤسّسةَ الوسط اليوم للإعلام بفرعَيْها في عمّان ورام الله، وأشكرُ كذلك مُؤسّسةَ الرّيتاج للإنتاج والتّوزيع الفنّيّ، مُمثّلةً بالأستاذ محمّد جبور، المؤسّسة التي أنتمي إليها كواحد من الأعضاء العاملين فيها. أشكركم على تنظيم هذه الأمسيةِ الشّاعريّة، كما أخصُّ بالشكر المكتبة الوطنيّة، هذا الصّرح الوطنيّ العصريّ الذي نفخرُ بهِ ونفاخرُ، مُمثّلًا بعطوفة مديره العامّ السيّد محمّد العبادي المحترم، وتعاونهم في استضافة هذه الأمسية في إطلاق ديوان الشاعرة آمال عوّاد رضوان "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن".

أشكركمُ كذلك لإتاحة الفرصة لي للمشاركةِ كقارئ عامّ، فهذا هو الديوان الشعريّ الرابع للشاعرة آمال عوّاد رضوان، حيث تسجّلُ مواظبتَها على الكتابة وتمسّكَها بلغتِها العربية، على الرغم مِن جميع المُحاولاتِ البائسةِ المباشرةِ وغيرِ المباشرة لإعاقةِ لغتِنا لغة الضاد.

فبَعدَ التأكيد على أنّني من خارج الوسط الفنّيّ والأدبيّ عامّة والشّعري على وجهِ الخصوص، إلّا أنّني مِن عشّاقِ اللّغةِ العربيّةِ، ومن المُحبّين للاستماع لها والاستمتاع بقراءتِها، ولا أُنكِرُ عدمَ تمكُّني منها بالشّكل الذي أُحبُّ وأرغب، على عكس شاعرتنا آمال عوّاد رضوان التي تذوّقَتِ العربيّة، واستطردت بمفرداتها ومصطلحاتها، فلم يُعجبْها أن تتناولَ ما هو دارجٌ ومألوفٌ، بل تحدّتْ لغتنا التي نحملُ بداخلِنا، عندما ذكرت كلماتٍ يَعتقدُ القارئُ البسيط مثلي بأنّها مُعرّبة، ويتفاجأ بحجم المَخزون اللّغويّ للشاعرة، عندما يُرجعُ الكلمةَ إلى أصلِها دون تصريفاتها، فيعرفها معرفة المُتمكّن منها عربيّةً مُستحدَثة.

تعتمدُ آمال عوّاد رضوان الأسلوبَ النثريَّ في القصيدةِ والموسيقا الداخليّة في مجموعاتِها، وتبذلُ جهودَها الجبّارة في الاستعارة وتقمُّص شخصيّة الرّجُل في طيّات هذا الديوان، لتصفَ المرأة كإنسانةٍ وحبيبةٍ وعاشقةٍ، وتجعلُ الرّجلَ المُتقمّص يرى نفسَهُ في عيون هذه المرأة، وهذا عمل قد يكون يسيرًا على بعض الرجال الشعراء بحُكم فطرتِهم، أمّا على المرأة فبالتأكيد هو في غاية الصعوبة.

اعتمدت الشاعرة آمال عوّاد رضوان في مجموعتها الشعرية "أُدَمـْـــوِزُكِ.. وَتـَـتـَـعَــشْــتـَـرِيــن" لغةً روحيّةً معنويّة، وابتعدتْ عن الوصف المادّيّ الحِسّيّ للمرأة وعن الحُبّ الجسديّ، وتركّزُ على العلاقةِ الروحيّة المُتكاملةِ، فعلى الرغم من أنّ دموزي إله الرّعي والخير والشّجاعة عند السّومريّين، وعشتار هي إلهة الأنوثة والجمال والخصوبة والحبّ والتّضحيةِ عندَ البابليّين، إلاّ أنّ آمال رضوان تحاولُ بناءَ علاقةٍ تكامليّةٍ متكاملةٍ بينهما، لا تتوقّفُ عندَ حدودِ الجسدِ والارتباطِ الحِسّيّ المادّيّ، بل تتجاوزُها لتصِلَ لقدسيّةِ العلاقةِ التّشاركيّةِ بين الرّجلِ والمرأة، علاقة إنسانيّة آدميّة حدّ العبادة.

وتساءلت، لماذا لا أجدُكِ تصِفينَ الرّجُلَ بإحدى القصائد بذات الطريقة التي تناولتِ بها المرأة؟ ولماذا لم يَحتوِ الديوان على قصائدَ، تكون فيها آمال عوّاد رضوان هي المرأة الباحثة عن الحبّ أو المُتلوّعةُ بلسانها، وترى آمال المرأة نفسها من خلال انعكاساتها في عينيه؟

نلاحظ التّأثرَ الشديدَ بالقصص القديمة الخرافيّة والأساطير وبالأديان، بلغةٍ مصبوغةٍ بالصّوفيّة، من خلال الاستشهاد بلغةٍ دينيّة مِن مختلف الرّسائل السّماويّة الثلاث، وهذا محمود، إذ إنّ الأديان وبالأخص القرآن الكريم المُعجز بلغتِهِ هو مصدرٌ أوّل للغةِ العربيّة، ومَن يقرأ به أكثر وأكثر يمتلك مَلكة الكلام ويُقال له مُفَوَّهٌ، وعلّنا نحسبكِ سيّدتي منهم.

* سلام عليكم، طبتم مساء أيها العلماء وطاب مسعاكم إلينا! بسم الله – سبحانه وتعالى -! وبحمده، وصلاة على رسوله وسلاماً، ورضواناً على صحابته وتابيعهم، حتى نلقاهم.

  * أحمد الله الذي يسر لي أن أجاور هذه الطبقة من العلماء الأجلاء، وأسأله كما جمعنا عاجلاً أحباباً سعداء، أن يجمعنا آجلاً أحباباً سعداء، بلا مناقشات ولا مداولات ولا قرارات!

* وقعت هذه الرسالة في ثلاثمئة وخمس وسبعين صفحة، من: مقدمة في عشر صفحات (دواعي الموضوع، والدراسات السابقة)، وتمهيد في عشر صفحات  (تعريف الجملتين الخبرية والإنشائية)، وباب أول للجملة الإنشائية غير الطلبية في خمس وتسعين صفحة (أسلوب القسم، وأسلوب المدح والذم، وأسلوب التعجب، وصيغ العقود، والجملة المصدرة برب أو بكم الخبرية)، وباب ثانٍ للجملة الإنشائية الطلبية في مئة وتسع وثمانين صفحة (أسلوب الأمر، وأسلوب النهي، وأسلوب النداء، وأسلوب الاستفهام، وأسلوب التمني، وأسلوب الرجاء)، وخاتمة في أربع صفحات(النتائج، والتوصيات)، وفهارس فنية في ثمانٍ وأربعين صفحة (القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والأشعار، والمصادر والمراجع، والمحتويات)، وملخصان في تسع صفحات (ملخص عربي، وملخص إنجليزي).

* ولقد يذكر للطالب:

1- أنه جعل رسالته في الكلام العربي؛ فما أقل الرسائل التطبيقية، وما أكثر الرسائل التنظيرية!

2- أنه اتخذ الحديث النبوي الشريف لتطبيق رسالته مجالاً؛ فليس أفصح منه في الكلام العربي بعد القرآن الكريم ولا أبلغ، وقد عرفنا من بركة إخلاص الاشتغال به أنه يأخذ المشتغل به إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

3- أنه استحضر أسلوب القرآن أحياناً في أثناء تأمله أسلوب الحديث – 47- وهذا غاية المراد؛ إن يتضح كلٌّ منهما بالموازنة بينهما، وتتعمق دراستهما، ولكنه لم يلتزم ذلك. ولم تزل الموازنة مستصعبة لدينا مَهْجورة!

* وعلى رغم أن كثيراً مما أريد قوله قد أتى عليه أستاذي الحبيب الدكتور أحمد هندي، أتلمس فيما يأتي - والله المستعان!- ما يزيد الطالب انتفاعاً والعمل إتقاناً، مؤمناً بأن من عمل المشرف القدير أن يُوَثِّق تلميذه من نفسه، فيتركه يجترئ ويصيبُ ويخطئُ، حتى إذا ما راجعته لجنة المناقشة تأصَّل لديه منهج البحث العلمي الصحيح.

1- يا لطالبنا الأَنِفِ العَيُوف! أكثر زملاؤه وغيرهم من عنونة رسائلهم بعناوين مثل:

 "بناء كذا النحوي"، و"كذا: دراسة نحوية"، و"خصائص تراتيب كذا"

و"أسلوب كذا"؛ فرغب عنها إلى عنوان جديد يوهم الإطلاع على الأفكار اللغوية التي استحدثها تشومسكي ومن تبعه بإحسان أو إساءة، حتى إذا ما اطلعنا على الرسالة وجدناها مُلِئتْ نقولاً نحوية تعليمية قديمة!

2- ذكرت في دوافع اختيار الموضوع للدراسة أربعة دوافع – ه- وأحق منها بالدافعية أن تكون ظهرت لك ظواهر نحوية من النمط الذي تريد دراسته، وقد انتبهت لهذا الدافع الأصيل ولكن في خاتمة بحثك – 305- فعسى أن يكون أولاً في خواطر تفكيرك.

3- ذكرت مادة عملك "بالإضافة إلى بعض من كتب الحديث الأخرى الموثوق في صحتها"، وفي الحاشية تشير إلى أن "هذه الكتب على سبيل المثال لا الحصر" - ز- وكنت أظن أن مادتك منحصرة محددة غير متروكة بكتب أخرى أو كتب غير معدودة! ألا فاعلم أن لم تعد المادة الآن معجزة بعدما انتشرت البواحث

الإلكترونية، فأما المعجز على الحقيقة فالرؤية والمنهج والنقد والرأي.

4- حين جاء كتاب النسائي أطلقت عدد الأحاديث – ز- فمن لم يَعُدَّها لك لم تَعُدَّها له!

5- قلت: "وقد أفرد لها النبي صلى الله عليه وسلم! جانباً من الأحاديث الصحيحة من حيث وصفها والتعريف بها والتحذير منها وكيفية مواجهتها" -12- وما أَرَكَّ هذا! لكأن يجهزها ثم يبسطها بالسياسة على مدى عمره! حاشاه، صلى الله عليه وسلم!

6- لقد كان الطالب كأنه يذاكر واجباً منزلياً؛ فهو يفتش عن أفكار النحويين في كتبهم، وينقل كلامهم، ويكثر ما شاء أن يكثر، ثم لا يلقي بالاً لخصائص مادة بحثه (أحاديث الفتن)، فسواء عليه أن يحضره منها كثير أو قليل وألا يحضره منها شيء، فإن حضره شيء شكر الحق سبحانه، وتعالى! وأثنى عليه ومَثَّلها بشيء من أمثلتها، وإن فقدها اعتذر وتصبر بغيرها!

7- قال الطالب: "بالبحث في أحاديث الفتن لم أجد حديثاً واحداً شاهداً على حبذا في المدح ولا حبذا في الذم" - 74- ، وراجع من أمالة نلك في 84 ، و100، و102، و114، وغيرها ولم يكن ينبغي له أن يتفرغ من أفكار النحويين لما لا علاقة له بخصائص مادته، ولكنه لم يبدأ من مادته على عادة الباحثين، بل بدأ من أفكار النحويين على عادة تلاميذ الواجبات المنزلية، حتى انتهى في الخاتمة إلى قوله 305: " لم يرد فيها نص تطبيقي من أحاديث الفتن"، وكأن محدثه يُطَبِّقُ له، حاشاه، صلى الله عليه وسلم!

8- أنبحث عن واقع الحديث أم عن تمثيل الأوضاع النحوية عموماً، وإن كانت واردة في القرآن الكريم؟

9- وعلى رغم ذلك لم تورد من الأحاديث في رسالتك غير ست وثلاثين ومئة – 331- وهذا مقدار قليل!

10- تسمي لنا أجزاء جملة القسم وهي أمامنا - 44 - فهلا اشتغلت باكتشاف أنماطها الغالبة وسبر أغوارها!

11- إذا كانت بعض الدراسات المشابهة قد أمكنتك من نقدها، فقد أعجزتك بعض الدراسات المشابهة الأخرى – ط - حتى لم تدر بِمَ تعلق؛ فانتقلت إلى خطة دراستك من غير تنبيه، حتى ظننتُ أنها خطة الدراسة المذكورة المعروضة!

12- بل قد جاريت صاحب الدراسة المشابهة جداً بأكثر فصولك، عادة تعودها طلاب الدراسات العليا المشغولون عنها، يتنازعون رسائل سابقيهم، يشفع لها عندهم وجودها على الرفوف!

13- حاولت أن تخالف صاحب الدراسة المشابهة جداً فقدمت الجملة غير الطلبية ولكنك أهملت الجملة الشرطية - ط- فماذا بدا لك فيها حتى أهملتها؟ ولا سيما أنك ذكرت في خاتمتك – 305-  اعتماد الجملة الإنشائية على أدوات الشرط اعتماداً كما زعمت، يرتبط بالجانب التأثيري العاطفي لها ويضفي على الأنساق التعبيرية روعة وبهاء!

14- أهمل البلاغيون الجمل الإنشائية غير الطلبية واعتنيت بها أنت – 19-  فهلا قلت في أهميتها كلمة تشفع لمخالفتك إياهم! ولكنك نقلت كلام أستاذنا العلامة عبد السلام هارون في ص13 من كتابه في الأساليب الإنشائية.

15- عرف طالب الماجستير أنه مطالب باستيعاب أصول تخصصه؛ فاختار من مسائل البحث ما يعينه على ذلك، ولكنه جعل مشغلته المستمرة تقديم مداخل مستفيضة عن أفكار النحويين التعليمية، ولم يعبأ بخصائص مادة بحثه (أحاديث الفتن)، إلا على جهة التمثيل العارض فضيع أصول البحث العلمي!

16- نقول طويلة – 16- وما من تمهيد لها وما من تعقيب.

17- نقول كثيرة في معنى واحد – 19-  ليتك عبرت عنها ثم أحلت على كتبها.

18- ألن يكون للدلالة موضع ومورد – 54- وهذا غير كاف!

19- مثلت بعض الأفكار بنصوص مُجهَّلة – 111- فلمَ لم تنسبها إلى صاحبها؟ أم هي لك؟ كيف وهي كثيرة الأخطاء!

20- ذكر الطالب أنه يتبع المنهج الوصفي المعياري – ز- وهما متناقضان متعاديان من زمان! ولا أنكر أن المادة تقتضينا أن نلائمها ونتحرك كلما تحركت ونميل حيث تميل، ولكننا ننزه أنفسنا عن تلفيق ما لا يتفق!

 21- صنفت في الجمل الإنشائية ما ليس منها:

1- جعلت من أساليب المدح والذم الدالة عليه بأصل وضعها وأول أمرها، "أمدح، أثني، أستحسن.. أذم، أهجو، أستقبح " – 56 – وما هذه بمدح ولا ذم، إنما هي أخبار عن المدح والذم!

2- كان ينبغي لك أن تميز - 60 - في فهم المدح بين مثل كرم الذي يعتمد في ذلك على السياق وضرب الذي يعتمد في ذلك على الصيغة، ولا سيما أنك ذكرت - 85 - تحويل الصيغة إلى فعل للتعجب! أو قل لا غنى في فهم المدح عن نلك السياق؛ فقد تعلمنا أن تحويل ضَرَبَ وعَلِمَ مثلا إلى ضَرُبَ وعَلُمَ، يكون من أجل الدلالة على صيرورة الضرب والعلم في طبيعة الضارب والعالم؛ فالآن نستفيد من السياق التعجب من ذلك وإن كان جديراً بالعجب!

3- جعلت من صيغ أسلوب التعجب غير القياسية "عَجِبَ "، في قول رسول الله صلى الله عليه، وسلم: "عَجِبَ اللهَّ عز وجل مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ " – 92-  و"العجب" في قوله: "الْعَجَبُ أَنَّ نَاساً مِنْ أُمَّتي..." – 93 – وما من تعجب، بل خبر عن تعجب!

4- جعلت من أسلوب العقد بالفعل الماضي "بايع" في قول رسول الله صلى الله عليه، وسلم: "مَنْ بَايَعَ إِمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ..."، قائلاً – 99-: "بايع بصيغة الفعل الماضي لانعقاد العقد بها من غير توقف، ومن أسلوب العقد بالفعل المضارع "يبيع" في قوله: "يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا"، قائلاً- 100-: "استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم لفظة يبيع وهي من ألفاظ العقود" وما من عَقْدٍ ثَمَّ ولا هنا، بل خَبَرٌ عن عقد! حتى ذكرت في نتائج الخاتمة "ورود أسلوب الرجاء بأدوات أخرى غير الأداة "لعل، وذلك بالفعل الماضي "رجا"، والمضارع "أرجو"، فينبغي على هذا اعتبار كل فعل في أسلوبه، فإذا قال أؤكد فالأسلوب تأكيد، وإذا قال أنفي فالأسلوب نفي...! أي هزل هذا أشبه بهزل السياسيين الشاجبين المستنكرين!

5- جعلت "لقد، لئن" من الحروف التي تدل على القسم - 25 - وإنما اللام وحدها منهما هي المقصودة.

22 نقلت عن الإمام أحمد – د-  ثم لم تُحِلْ إلا على مجلة البحوث الإسلامية!

23 طلعت علينا فجأة ب"من" في حروف القسم – 33- فأين كان حين أحصيتها ص29!

24 أوحيت بفصل المكون الدلالي عن المكون الترتيبي - 42 - وهما متصلان في الواقع وفي أصل عملك.

25 عنونت لجملة القسم الفعلية الماضوية، ثم أوردتها "فوالله ما الفقر أخشى عليكم" – 44- وهي مضارعية لا ماضوية!

26 وصيت زملائك بوصيتين أنت أحق به – 307- إذ كانا من عملك، فلم تعملهما!

27 لم تكن محتاجاً من فهارسك إلا إلى فهرس الأحاديث النبوية وفهرس المصادر والمراجع وفهرس المحتوى!

28 ما هذا المقدار الضخم من المصادر والمراجع! هل اطلعت عليها واستفدت منها مباشرة فيما أثبت في هذه الرسالة؟ إن كنت فعلتَ فبها ونعمت، وإلا لَمْ يكن لك أن تحشدها علينا من غير داعٍ إلى التكثر!

29 ما كتاب "تعليق أبي الأخفش" هذا الذي برقم 91 من كتبك المتكاثرة!

30 يحسن تقديم فهرس المحتويات إلى أول الرسالة بعقب صفحة البسملة مباشرة، تسهيلاً على القارئ، ولا سيما إذا كثرت فهارسها وملاحقها وملخصاتها وغيرها من إضافاتها.

31 ولقد تواترت منك هفوات عروضية، من مثل ما يأتي:

1- ذاكراً – ذاكرَا.

2- رُبَّ – 105، و 105 ح - رُبَ

3- يَشِبْ القَذالُ – 105 – يَشِبِ القَذالُ.

32 وهفوات صرفية ومعجمية، من مثل ما يأتي:

1- سَمُقَ - شكر وتقدير- سَمَقَ.

2- الأَلْيَة – 22- الأَلِيَّة.

3- صَدُقَ – 83- صَدَقَ.

4- وِدَّك  -111- وُدَّكَ.

5- الصُّفْح - 111 – الصَّفْح.

33 وهفوات نحوية وأسلوبية، من مثل ما يأتي:

1- البحثُ - شكر وتقدير- البحثِ.

2- للأستاذ الدكتور مريم إبراهيم هندي داود الأستاذ المساعد – شكر وتقدير – للأستاذة الدكتورة مريم إبراهيم هندي داود الأستاذة المساعدة.

3- محمداً بْنَ عبد الله – ب- محمدَ بْنَ عبد الله.

4- ترابط العلاقة – هـ - وثاقة العلاقة.

5- بكلام أعمُّ (...) ولا أصدقُ (...) ولا أعدلُ (...) ولا أجملُ (...) ولا أكرمُ (...) ولا أحسنُ (...) ولا أسهلُ (...) ولا أفصحُ (...) ولا أبينُ (...) – ب- بكلام أعمَّ (...) ولا أصدقَ (...) ولا أعدلَ (...) ولا أجملَ (...) ولا أكرمَ (...) ولا أحسنَ (...) ولا أسهلَ (...) ولا أفصحَ (...) ولا أبينَ.

6- كلمةٍ – ج- كلمةَ.

7- أَنَّ - ج،  83 ، 105 ، 122- إِنَّ.

8- خاصة – ط- بخاصة.

9- قولُه – 12- قولِه.

10- تدل – 14- تدلان.

11- طلبيّ – 15- طلبيّان.

12- تكذيبِه – 15- تكذيبهُ.

13- يمينُ الله – 24- يمينَ الله.

14- فوقُه – 35- فوقَه.

15- متصرفاً مثبتاً – 42 – متصرفٌ مثبتٌ.

16- المتأخِّر عنه – 52- المتأخَّر عنه.

17- أنهم - 110- إنها.

18- الصفحَ – 111- الصفحِ.

19- أَبْعَدْتُهُمْ – 111- أَبْعَدْتَهُمْ.

20 من خروج هذه الجملة على – 305- من خروج هذه الجملة عن.

34 وهفوات إملائية وتشكيلية، من مثل ما يأتي:

1- أحداً –ج- أحدًا،

2- جَلِيَّانِ – ه- جِلِّيَانٌ (كَشْف).

3- مضماراً – هـــ- مضمارًا.

4- لمَا – 13- لمَّا.

5- نبإٍ - 15- نبأٍ.

6- أمراً – 15- أمرًا.

7- عمراً – 15- عمرًا.

8- من لمامُ - 61ح- من لمامِ (لمامْ).

9- بَواهًا – 89- بِواهًا.

10- إِنَّ - 93 ، 94،- أَنَّ.

11- عَاقَدَهُ:عَهِدَه – 69- عَاقَدَهُ: عاهده.

35 وهفوات طباعية، من مثل ما يأتي:

1- شّغِلُوا – ب – شُغِلُوا.

2- هَجْر – ب- هَجَر.

3- حَسُنَ المعرض – ج- حَسَنَ المعرض.

4- منة – 17ح – منه.

5- عناية اللغويين – 18- عناية اللغويين بها.

6- لام المفعول - 39 – المفعول.

7- أَصْدِقْ محمدٌ - 84 - صَدَقَ محمدٌ.

8- عَجِبَ اللهُ عز وجل مِنْ قَوْمٍ - 92 - عَجِبَ اللهَّ مِنْ قَوْمٍ (كيف يستبيح الطابع أن يضيف شيئاً وإن كان من جليلاً، ألا يعلم أننا نراعي كل ما يرد بالحديث).

 9- إلا أن كم ورب غير اسم – 104 – إلا أن "كَم" اسْمٌ و"رُبَّ" غير اسم.

36 وهفوات ترقيمية، من مثل ما يأتي:

وهجر الشهوات، والملاذ بالفقر والقحط – 12- وهجر الشهوات والملاذ، بالفقر والقحط.

هذا الكتاب من تأليف الدكتورة سناء عبد اللطيف، ترصد فيه القيم والتوجيهات التي تتضمنها الكتب الإسرائيلية الموجّهة للأطفال. وقد قام الأستاذ الناقد الأدبي عبد الله الطنطاوي بدراسة ضافية للكتاب المذكور، وهذه الدراسة هي التي قرأتها وأثارت في نفسي مشاعر شتى، أحببت أن أثبتها في هذه السطور، لعل فيها عبرة.

1- الاهتمام بأدب الأطفال: يؤكد الكتاب أن لأدب الأطفال أهمية قصوى في عملية تنشئتهم.. فإن ما يكتسبه الطفل في سنوات عمره الأولى من عادات واتجاهات وقيم ومُثُل، يؤثر في تكوين شخصيته.

نعم هكذا يهتم الإسرائيليون بأدب الأطفال، ولا يلقى أدب الأطفال عندنا كثير اهتمام. إذ قلّة من كتّابنا من يتوجه إلى هذا النوع من الأدب، وقليل من هؤلاء من يؤدي الرسالة بأمانة ونجاح.

وبخلاصة سريعة نقول: إن أدب الأطفال حتى يؤدّى بأمانة ونجاح يحتاج إلى عناصر كثيرة، أهمها ثلاثة:

الأول: أن يحمل هذا الأدب القيم العليا التي ينبغي تنشئة الطفل عليها من حب الله تعالى ورقابته، وحب نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه... وتعظيمٍ لقيم الصدق والوفاء والشجاعة والتعاون والتسامح..

الثاني: أن يكتب بلغة عربية سليمة وسهلة. ومن أبرز النماذج التي تحضرني في هذا المجال قصيدة "الطفل والبحر" وعشرات القصائد الأخرى للشاعر سليم عبد القادر، هذه القصائد التي أصدرتها مؤسسة سنا، بألحان وغناء غاية في الروعة.

الثالث: أن يخرج بحُلّة جميلة، وطباعة تناسب سن الطفل وذوقه، وأن تكون مرفقة بصور ملونة...

2- الدعوة إلى الاهتمام باللغة العبرية: لقد حرص أدب الأطفال الإسرائيلي على تأكيد أهمية وحدة اللغة للشراذم التي جاءت من أصقاع الأرض، واحتلت بلداً تزعم أنه أرض بلا شعب. ولأن هؤلاء الشراذم يتكلمون لغات شتى من حيث البلدان التي كانوا يقيمون فيها، فقد اقتضى توحيدُ هؤلاء، أن يعاد إحياء لغة كانت قد ماتت، فلا يكاد يتكلم بها إلا الحاخامات حين يؤدون الصلوات اليهودية. وكم كان صعباً على أبناء الشتات أن يتعلموا لغة من اللغات الميتة!!..

أقول: كم تألمتُ حين قرأت عما فعله اليهود من إحياء لغة ميتة حتى تكون عاملاً يوحّدهم، ونظرت إلى قومي الذين أكرمهم الله بلسان عربي مبين، أنزل فيه كتاباً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، كتاباً خالداً تعهّد الله تعالى بحفظه، وكان سبباً في المجد الذي كسبه العرب، وتشرّف به كل من هداه الله إلى هذا الدين العظيم... قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً، وراحوا يحيون لغات عامية تفرّق بين أبناء قطر وآخر، من أقطار الأمة المسلمة، بل تفرّق بين ابن مدينة وأخرى، وقرية وأخرى. وكم حذّر أصحاب الغيرة من إهمال الفصيح وتوكيد العامي، للدمار الذي يحدثه ذلك على وحدة الأمة. بل اختلط في لغتنا العامية كثير من الكلمات الأعجمية، ننطقها جهلاً، أو تظرّفاً، أو تهاوناً.. فيرسل أحدنا رسالة إلى صاحبه، لكنه يسميها "مسِج" وتسأله: "أهذا مناسب؟" فيقول لك: "أوكي"، ويرسل إليّ أحدهم رسالة على الخلوي: "عمو أبوي بدو يشوفك"، وقد شقّ عليه أن يقول: "أبي يريد رؤيتك".

أليس من أسباب قوة إسرائيل، الدولةِ المغتصبة أرضنا، حرصُها على لغة تجمعها، ومن أسباب ضعفنا تفرّقنا عن لغة كانت تجمعنا؟!!.

3- في بعض قصص الأطفال في الأدب الإسرائيلي أن مجموعتين من "أطفالهم" كانتا فريقين متخاصمين، وفي أثناء صدامهما إذا بطفل يجلس على غصن شجرة وكاد ينكسر به ذلك الغصن ويقع الطفل... تقول القصة: "وقفنا جميعاً حول الشجرة، فلم نعد مجموعتين متعاديتين، ولم تعد روح الحرب تفرّق بيننا.. إن القلق على سلامة الطفل وحّد بيننا".

نعم، إنها قيمة عليا تدعو إليها القصة: الاتحاد ونسيان الخصومة أمام خطر يهدد واحداً منا.

لقد جاءت نصوص كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، تؤكد جمع الكلمة، وتحذّر من التفرّق، فما بالنا، وقد رمتنا الأمم عن قوس واحدة، نثير أسباب الفرقة، ونبحث عما يفرّق، ونصدّق دعاوى الأعداء التي تحرّض بعضنا على بعض، ونغفُل عما يجمعنا، وما يجمعنا من حب لله تعالى ودينه ورسوله.. أكبر بمئات المرات مما يفرّق؟ ما بالنا نتخاصم ونتنازع فنفشل وتذهب ريحنا، ونحن أمام أعداء يتربصون بنا، بل ينهشوننا من كل جانب؟!.

4- وليس بعيداً عن النقطة السابقة: يرمي أدب الأطفال العبري إلى تنمية الوعي بالمصير المشترك، وتجسيد القدوة الصالحة في شخصيات عرفها، أو زعمها، التاريخ اليهودي، وإبراز دور الأعياد اليهودية والطقوس الدينية في توطيد العلاقة بين أبناء الشعب، وإثارة مشاعر الشفقة على الفقراء والضعفاء..

قد لا يحتاج الأمر إلى مزيد من التعليق. فأين نحن من إحياء سِيَرٍ لقدوات صالحة من الصحابة فمن بعدهم، وما أكثرهم، وما أعظمَ مزاياهم، ومِن تذكيرٍ لأسر بطرت معيشتها في بعض البلدان، بأسر لا تجد لقمة الخبز، أو علبة الحليب، أو زجاجة الدواء.

5- والتمسك بالتوراة: في الكتاب أن أحد المفكرين الصهيونيين يقول: "إن القومية التي أمثّلُها هي تلك القومية التي روحها التوراة، وحياتها مستمدة من تعاليم التوراة ووصاياها. إن الدين هو مصدر القومية".

نعم يقولونها بالفم العريض إنهم يتمسكون بالتوراة وتعاليمها. وقبل أيام كنت أسمع إلى إذاعة لندن وهي تتصل بمحلل سياسي إسرائيلي تسأله عن بعض قضايا النزاع بينهم وبين أصحاب الأرض الفلسطينيين... فيقول للإذاعة: نحن شعب الله المختار! وقد منحنا الله هذه الأرض.

وأنظر إلى قومي وإذا فيهم من يرفض الاحتكام إلى كتاب الله، وفيهم من يخجل لو قال: إنه يطالب بالحكم بما في كتاب الله، بل يكتفي بالمطالبة بأمور لا تتعارض (يزعم) مع كتاب الله. أما الدعوة إلى الحكم بالقرآن فقد أصبحت جريمة يلاحَق أصحابها. ألسنا منذ ربع قرن ونحن نسمع بين الحين والآخر أن جهة ما، ينبغي محاربتها، لأنها تريد إقامة "إمارة إسلامية" سواءٌ سلكت لذلك سبيل الانتخابات الحرة والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، أو سلكت أسباب القوة المادية؟!. إن إقامة إمارة إسلامية جريمة، أما إقامة دولة صهيوينة على أساس تعاليم التوراة، لِـ "شعب الله المختار"، فأمر يستحق الدعم السياسي والإعلامي والمالي... من الولايات المتحدة ومن حلفائها وعملائها.

6- وفي الكتاب: "يركّز أدب الأطفال العبري على تدعيم الإحساس بحتمية الحروب من أجل ضمان الوجود البيولوجي الإسرائيلي، حتى تنتقل المشاعر إليهم تلقائياً فتجعل الأطفال يتعايشون مع ويلات الحروب.. وتزرع في نفوسهم شعوراً بضرورة التفوق والتدريب.. وتستثير الروح العسكرية..".

هل يحتاج هذا إلى تعليق؟!!..

7- وفي الكتاب تأكيد لأهمية القصة التاريخية التي تحيي الأمجاد، أو تصور الظلم الذي تعرّض له الشعب في مرحلة ما، أو تصور نماذج من البطولة القتالية، أو البطولة الأخلاقية، وأهمية العمل والإنتاج، والتعاون والتراحم، وتنمية التفكير الإبداعي...

إنها رسالة إلى كتّابنا، ومفكرينا، وإعلاميينا... أن تعلموا الدروس من عدوّكم.

رُؤى ثقافيّة 173

العابثون بالتاريخ!

يذهب (د. الصليبي)(1) إلى أن كلمة "يهود"، تعني: "شَعْب الوِهاد"، جمع "وَهْدَة"، إشارة إلى الجانب البحري لجنوب وغرب (الحجاز). وهكذا يسعى جاهدًا، بصورةٍ اعتباطيَّة، لإلصاق الكلمات التوراتيَّة بأيّ مفردةٍ في معجم اللغة العربيَّة. لا يعنيه بعدئذٍ أ كانت اسم مكان، أم قبيلة، أم كانت وصفًا، قديمة أو حديثة؟ بل لا يسأل أ هي صحيحة أم مصحَّفة؟ فلقد فتنته فرضيَّته واستغوته عن كل تلبُّثٍ أو تأمُّلٍ أو تدبُّرٍ أو منهاج؛ فأراد أن يمضي في تأويله إلى أقصاه، فلا يترك صغيرة ولا كبيرة إلَّا أوَّلها وأصَّلها في الجزيرة العربيَّة. إن كلمة "وَهْدَة" وصفٌ للمنخفضٍ الأرضيٍّ، حيثما كان. لكن المؤلِّف إذا لم تُسعفه الأسماء، لجأ إلى الصفات. أمَّا اسم اليهود، فكأنما (القرآن الكريم) كان يشير إلى اشتقاقه في قوله، على لسان اليهود: "إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ"(2). ومادة (هود) في العربيَّة تعني: رَجَعَ. ومن ذلك لعلّ بعض اللهجات الجنوبيَّة، كلهجات (جبال فَيْفاء) و(جبال الرَّيث)، اشتقّت اسم "الهَوْد"، بمعنى: حفل الخِتان، أو النكاح.  من حيث هو رجوع إلى ذوي رَحِمٍ في مناسبةٍ كتِلك، تتجلَّى فيها صِلة الرَّحِم وعلاقة النَّسب. ولاسيما أن المختون في يوم الخِتان كان يمثِّل الذُّكورة، وما تعنيه عِرقيًّا، وكان لا بُدَّ له، من أجل ذلك كلّه، من أن يُلقي بين يدَي تلك العمليَّة الجراحيَّة سلسلة نَسَبه كاملًا، ونسب أخواله، في ثقةٍ وبلا تلعثم، في طقسٍ قَبَليٍّ مهيب. أمّا الشأن في هَوْد النكاح، فواضح.  وممَّا يدل على أن "الهَوْد" مشتقٌّ من ذلك، أن نجد في العربيَّة قولهم: إن الهَوَادَة هي الحُرْمَةُ والسَّبَبُ؛ فتَهَوَّدَ، إِذا تَوَصَّلَ بِرَحِمٍ أَو حُرْمَةٍ، أو تَقَرَّبَ بِإِحْدَاهُمَا. مستشهدين ببيت (زُهير بن أبي سُلمى):

سِوَى رِبَعٍ لَمْ يَأْتِ فيهِ مَخَافَةً  **  ولا رَهَقًا مِنْ عَانِـدٍ مُتَهَوِّدِ

قيل: المُتَهَوِّد: المُتَقَرِّب، أو المُتَوَصِّل بِهَوادَةٍ.(3) و"هاد"، في لهجة فَيْفاء بمعنى: حَضَرَ. يقولون: "هادَنْ عَبْلَةْ تَهُوْد"، أو "هادَنْ أُمُّ الصُّبْيَان". وهما اسما جِنِّـيَّـتَين، يستحضرانهما بهذا الدعاء، تذمُّرًا، أو تعبيرًا عن تأزّمٍ ما. وبذا فبدائل التأويل من هذا القبيل أوضح وأقرب من تكلُّفات الصليبي، رابطًا بين اسم اليهود وصفة الأرض التي ينسبهم إليها بلا دليل. ومن الواضح أنه لم يلجأ إلى صِفَةٍ هذه المرّة إلّا حين أعياه العثور على اسم مكانٍ ينسبهم إليه. ومع هذا، ولكي أَدُلَّه على أن بحر الأسماء بحرٌ طامٍ بلا ساحل، عَلِمَه من عَلِمَه وجَهِلَه من جَهِلَه، فسأُمِدُّه متطوِّعًا باسمٍ جديدٍ عليه. وأنا على ثقةٍ- كما يقول كاتب هذا المقال "اليهود.. وخِتان بني إسرائيل!"، (أ.د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي)- أنه لو عَلِمَه، لفرح به، ولما فوَّت الربط بينه وبين اسم "اليهود". ولا غرو فقد نَسَبَ مواضع من حوله إلى أسماء توراتيَّة وقِصص توراتيَّة شتَّى. ذلك المكان اسمه (امْوَهْدَة/ الوَهْدَة). مع أنه ليس بوَهْدَة، بل هو في أعلى جبل من جبال فَيْفاء. وهذا كان سيُعفي الصليبي من مغبَّة القذف باليهود إلى تهامة عسير أو الحجاز، لا لشيءٍ إلّا لعدم عثوره على اسمٍ جبليٍّ مناسب!

وأطرف ممّا سبق ربطه اسم (الأردن) بأماكن في جنوب شِبه الجزيرة تحمل حروف مادَّة (ريد)، كـ"رَيْدَة"، و"رَيْدان".(4) على الرغم من أن الرَّيْد في العربيَّة يعني: حَرْف الجبل عمومًا، أنَّى كان. وفي جبال فَيْفاء وحدها- على سبيل النموذج- آلاف الأرياد. وهي المدرَّجات الزراعيَّة على حروف الجبال وسفوحها. وهم يطلقون عليها: "أريادًا"، مفردها: "رَيْد". ومثل ذلك في جبال جنوب الجزيرة العربيَّة كافّة. أضف إلى ذلك عشرات المواضع المشتقَّة أسماؤها من هذه المادَّة في جزيرة العرب. وفي هذا السياق يصل بنا المؤلِّف إلى قِصَّة  خِتان (بني إسرائيل) على (تلّ القَلَف: جبعت هـ- عرلوت). ليزعم أنها (قرية الغلف)، في وادي (أضم)(5) بمنطقة (اللِّيث). ونحن نعلم أن (الغلف) أصلًا: نباتٌ معروفٌ، لعلّ القرية نُسِبت إليه، ولا علاقة لها لا بالقُلَف ولا بالغُرَل! والغَلِف/ الغَلْف: نبتة متسلِّقة، أوراقها عريضة ملساء، كالأكفّ، تكثر في جنوب الجزيرة العربية عمومًا.(6) ويستنجد الصليبي(7) هنا بما نقله بعض المستشرقين عن منطقة (عسير) وما جاورها من أن محفل الخِتان كان يُجرَى على بعض المرتفعات. فإذا هو يفسِّر ما ذكروه بأنه تقليد قديم مذ عهد (موسى)! بل يذهب إلى أن تسمية أهل عسير الخِتان بـ"التَّعْلِيَة" هو بمعنى: أخذ المختونين إلى مكانٍ عالٍ، اتباعًا لذلك التقليد الإسرائيلي العتيق. والواقع أن منطقة عسير وما جاورها معظمها تلال ومرتفعات وأماكن عالية، وإنما يُقام الخِتان في مكانٍ بارزٍ من أجل العلانية والإشهار. فذلك "يومٌ شاهرٌ"، كما نقول في فَيْفاء، ولا كلّ الأيّام. ولا علاقة لذلك بطقسٍ من الطقوس الإسرائيليَّة التي خُيّلت إلى الصليبي. وكان حفل الخِتان حفلًا مشهودًا، يُتَّخذ له المكان المناسب؛ ولأنها تصاحبه أيضًا بعض الألعاب الاستعراضيَّة والرقصات الشعبيَّة. ويمكن بالتأكيد أن يقام في سهلٍ كذلك أو في وادٍ. أمّا الاصطلاح على الخِتان بـ"التَّعْلِيَة"، فإشارة إلى تَعْلِيَة القُلفة عن الذَّكَر، أي أخذ الغُرلة إلى موضعٍ عالٍ منه بقطع جزئها السُّفْلي. فـ"عُلِّيَ" في تعبيرهم هو كقول العرب: "أُطْحِرَتْ خِتانَتُه"، أي استُقصيتْ في القَطْع. وقد كانوا يُطْحِرون الخِتان ويُعَلُّونه جدًّا، ويتفاخرون بذلك، في ما كان يُعرف بـ"التجليد"، وهو أن يُؤخَذ من الجِلْد، وصولًا إلى العانة، وربما الفخذَين فالبطن. تلك هي التَّعْلِيَة وذلك معناها، ولا علاقة لهذا التعبير بمكان إقامة حفل الخِتان، أو أخذ الختين إلى مكانٍ عالٍ. غير أن تلك من افتراضات الصليبي، التي لا أوَّل لها ولا آخر، والتي لا تقوم على معرفة بيئيَّة أو ثقافيَّة، لكنها التخمينات، اعتمادًا على الحروف والكلمات.

أضف إلى هذه "الفانتازيا"، ذهابه إلى أن (أردن لوط)، (سِفر التكوين، 13: 10- 12)، هو: قِمَّة جبل (هَرُوب). لماذا؟ لأن مكانًا هناك اسمه (رَيْدان).(8) أمّا (سدوم)، فهو لديه: وادي (دامس)، و(عمورة): (الغَمْر)، على منحدرات هَرُوب، فوق دامس!(9) وأمّا (مِصْر)، فقد عرفنا مكانها من قبل، وهو: (المصرامة)، بين مدينتَي (أبها والخميس).(10) وإنْ ظلّ متردِّدًا في تحديد مِصْر، بين المصرامة المذكورة، ومكان اسمه (مَصر) في وادي (بِيشة)، و(المضروم) في مرتفعات (غامد)، و(آل مصري) في (الطائف)! ولقد أضفنا إليه أيضًا مكانًا خامسًا في فَيْفاء لا يعرفه اسمه: (مَصر). أمّا الفراعنة، فيرجِّح أنهم من قبيلة (الفرعا) في وادي بِيشة! كيف لا، و(الفاء والراء والعين) خير برهان؟! لكن من حقِّنا أن نقول كذلك: لِمَ لا يورد احتمالًا آخر، هو أن الفراعنة من (وادي الفَرْع)، في جبال فَيْفاء؟! ليُصبح وادي الفَرْع هو وادي الفراعنة، بدل وادي النِّيْل. لِمَ لا، ولدينا في الجوار من وادي الفَرْع أماكن بأسماء مِصْريَّة شهيرة، مثل: (المعادي)، و(المَحَلَّة)، ومَنَفَة (=منف)، والحَرَم (الهَرَم)، والقهر (=القاهرة)، و(الصَّعيد)، وفوق ذلك: (مصر)؟! وعادةُ صاحبنا أنه لا يفتِّش عن تاريخ المواضع والتسميات، فليتقبَّل هذا الافتراض الإضافي بصدرٍ تاريخيٍّ رحب، كما عهدناه! إن الفراعنة، إذن، كانوا "ولا بُدّ" من أهل وادي الفَرْع وما جاوره، وإنْ وهم الواهمون! وهكذا نستطيع بيُسر أن نُجري بحثًا كبحث الصليبي يحمل مِصْر الكنانة وغيرها على بساط الريح التاريخي إلى مكانٍ آخر؛ لأن كل اسمٍ هناك لن نعدم له مشابهًا- أو حتى مطابقًا- هنا. فإنْ كان التشابه بين أسماء المواضع كافيًا وحده لنَقْل الأُمم عن مَواطنها التاريخيَّة، فأَرِّخ ولا حَرَج!

حتى إذا ختم الصليبي كتابه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" بخاتمةٍ، ألحقَها بمُلحقٍ حول "آثار اسميَّة ليعقوب والأسباط في غرب شِبه الجزيرة العربيَّة"، جاء فيه بالعجب العجاب. من ذلك أنه قال: "يبدو أن الوطن الرئيسي لقبيلة (شمعون) كان في الجزء الجنوبي من منطقة جيزان [كذا!]، عند حدود اليَمَن، حيث هنالك قرية تسمَّى الشَّعْنون (ولعله تحريف للاسم)!"(11) وعلى هذا أصبحت أبجديَّة اللغة العربيَّة حيثما وردت بها الأسماء قابلةً لتستوعب التوراة جميعها، بـ"يبدو" و"لعلَّ" وأخواتهما. فيما هو- في مَواطِن غالبة- ما يفتأ يؤكِّد يقينه المطلق بما يستنتج، في عبارات كـ"لا شك"، و"بالتأكيد"، و"لا بُدّ". حتى إنه ليصحّ أن يسمَّى كتابه كتاب "لا شكّ ولا بُدّ"؛ لكثرة ما يكرِّر هاتين العبارتين ومرادفاتهما. هذا في الوقت الذي لا يقدِّم على"لا شكّه" و"لا بُدّه" أدلّةً يُعتدّ بها عِلْميًّا. وهو ما يدلّ على أنه يقينٌ مبيَّتٌ، سابقٌ على البحث والأدلّة. بل لا غضاضة في تشخيص حالته بالقول إنه يتبع منهاجًا مقلوبة نتائجه على مقدماته. من حيث هو قد انطلق من فرضيَّة جاهزة، باتت لديه عقيدةً راسخةً؛ فلم يَعُد يبحث، ولا يشكّ، ولا يتساءل، ولا يُراجع، وإنما بات وكده كلّه: كيف يلتمس الإثباتات لتلك الفرضيَّة المحتّمة، ومهما كلَّفه الأمر. حتى إنه إذا عجز عن العثور على أحرفٍ من كلمةٍ يمكنه أن يربط بها المفردات التوراتيَّة بالجزيرة العربيَّة، صاح قائلًا: أنا متأكّد أن الدليل هناك لكني لم أهتد إليه! وهذا فِعل معتقِدٍ عقيدةً عمياء، لا فعل باحثٍ موضوعيٍّ ومنهجيّ. ولو أنه توقَّف عند طرح الأسئلة الجوهريَّة لأطروحته، واكتفى بتسجيل الملحوظات الإشكاليَّة، والقضايا المثيرة، الجديرة بالبحث والتأمّل، ثمَّ ترك تأكيد إجاباتها لعِلْم الآثار والبحث العِلْمي المستقبلي، لبدا إلى سَمْت العِلْم والباحثين أقرب. ولأجل نزوعه ذلك لا غرابة أنْ بقيَ عند تصوُّراته الأُولى، لا يتراجع ولا يتزحزح طيلة العمر، حتى وافاه الأجل. فلا هو قدَّم براهينه المقنعة ابتداءً، ولا هو بعد ذلك واصل البحث، فسعى لاستدراكٍ، أو تَحَرٍّ، أو برهنةٍ، ولا هو ناقش الردود على كُتُبه، طيلة خمسٍ وعشرين سنة. وكأن ذلك كلّه لا يعنيه في شيء، بل ما يعنيه تثبيت دعاواه الوهميَّة، ولو بالصمت المطبِق. وما يفعل هذا باحثٌ، بل يفعله دغمائيٌّ، يتوكَّأ على عصا التاريخ، ويهشّ بها على غنمه، وربما كانت له فيها مآرب أخرى!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر: الفصل 8، "أرض يهوذا"، من كتابه: (1997)، التوراة جاءت من جزيرة العرب، ترجمة: عفيف الرزّاز (بيروت: مؤسّسة الأبحاث العربيّة)، 155- 174.

(2) سورة الأعراف، الآية 156.

(3) انظر: ابن منظور، لسان العرب؛ الزَّبيدي، تاج العروس، (هود).

(4) انظر: الصليبي، م.ن، 133- 134.

(5) يضبط الصليبي (إضم) هكذا، بهمزة مفتوحة. والاسم، حسب وروده عن العرب، بكسر الهمزة. كما في قول (النابغة الذبياني، (1985)، ديوانه، تح. محمّد أبي الفضل إبراهيم (القاهرة: دار المعارف)، 61/ 1):

بانَت سُعادُ وأَمسى حَبلُها انجَذَما  **  واحتَلَّتِ الشَّرعَ فالأَجزاعَ مِن إِضَما

(6) جاء في معجم (ابن منظور، (غلف)): "الغَلْفُ: شجر يُدْبَغُ به مثل الغَرْف، وقيل: لا يُدْبغُ به إلَّا مع الغَرْف. والغَلِفُ، بفتح الغين وكسر اللام: نبت شبيه بالحَلَق ولا يأْكله شيء إلا القُرود؛ حكاه أَبو حنيفة." والحقّ أن الناس كانوا يأكلونه، ولكن ليس إلَّا في سني القحط والجوع الشديد؛ لأنه شديد الحموضة، وذو مذاق حرّاق جدًّا.

(7) انظر: م.ن، 136- 142.

(8) انظر: م.ن، 142- 143.

(9) وادي (دامس) يأتي من جبال (مَنْجِد) وجهات (هَرُوْب). ويلتقي بوادي (صَبْيا) ووادي (قَصْي) في موضع يُسمَّى (مجْمَع الأودية)- شرق قرية اسمها (جَرّ جبريل)، أو (الجَـرّ الأعلى)- ليتشكّل من ذلك كلّه ما يُعرف بوادي صَبْيا.

(10) انظر: الصليبي، م.ن، 146.

(11) م.ن، 301.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* [الكاتب: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفيفي، عنوان الموضوع: «العابثون بالتاريخ!: (23- اليهود.. وخِتان بني إسرائيل!)»، المصدر: صحيفة «الراي» الكويتية، الثلاثاء 25 أغسطس 2015، ص40].

"أن صراخ القوي المعادية للتيار الإسلامي أدركوا أن الممارسة الديمقراطية الصحيحة يمكن أن تأتي بالإسلاميين لحكم مصر فانقلبوا على الديمقراطية وشرعوا في شن حرب شرسة على الإسلاميين وعلى الشريعة وعلى الرموز الإسلامية والتاريخ الإسلامي أنهم فى حالة استنفار عام كأنهم يخوضون معركة حياة أو موت ولا يمكن فهم هذا الأمر إلا فى ضوء تأكدهم من عدم فوزهم عبر صناديق الإقتراع".

كتاب لابد أن يقرأ!!

لقد رفعت مليونية 21/6/2013 تحذير محمد يوسف عدس من "الجيل الرابع للحرب غير المتكافئة)!

كلام دقيق هادئ يلخص الحالة التي عليها القوي المعادية للتيار الإسلامي بقلم كاتب يجبرك على فحص معرفتك وينبهك ويثير قلقك ويشحذ عاطفتك.

أنت أمام قلم كبير أقلق الغرب بفكرة كما أقلقه (محمد أسد) من قبله أو (ليو بولدفايس) قبل أن يعلن إسلامه عام 1926. (محمد أسد) الرحالة العظيم والباحث العالم الذي رحل عن دنيانا فى أواخر ثمانينات القرن الماضي.

"محمد يوسف عدس(1934)" عطاء متجدد. قوة الفكر وقوة الحياة. كتب عن (على عزت بيجوفيتش) المجاهد العظيم رئيس جمهورية البوسنة وأحبه وكتب عنه (محمد أسد) واجبة.. كتب عن أرض البلقان التي شهدت أمجادنا وأحزاننا.

هل يستطيع صاحب قلم مثلي أن يكتب عن "محمد يوسف عدس"؟

لا أعتقد أن الكتابة عن العباقرة تحتاج إلى ثقافة لا أمتلكها. إنها مجازفة. أن السلسلة الذهبية من أمثال الرافعي عباس العقاد، محمود شاكر، مالك بن بنى، القرضاوي، محمد الغزالي، الطاهر بن عاشور، الشعراوى، سيد قطب، محمد أسد، بيجوفيتش وغيرهم... تحتاج فى ترجمتها الذاتية إلى قلم مشحون بالمعرفة لا تصلح هنا المعارف الفاسدة والثقافات البائدة أن تكون هي المصدر ولا المرجع إنما المصدر هو كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كتاب الله الذي وصفه رب العزة بأنه كتاب.. " لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ".

سنة نبيه صلى الله عليه وسلم الذي أوحى الله بها فقال الصادق المصدق (أتيت القرآن ومثله معه) ...

القرآن الكريم والسنة النبوية... مصدرا المعرفة ويقول أستاذ الإستراتيجية الشاملة اللواء أ/ح. فوزى طايل – رحمه الله – (لا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقليه بخلاف كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ص 15 من كتاب (كيف نفكر إستراتيجياً). أن القول بإعتبار الإجماع مصدرا مستقلا هو أمر مشروط بأن يكون إجماع العلماء المتخصصين الذين استندوا فى إجماعهم مع الكتاب والسنة.

ولا يعتبر قول الصحابي مصدراً نقلياً للأحكام ولا مرجعية للفكر، حقاً لا ينكر مؤمن فضل صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد سبغوا بالإيمان فما ادعى صحابي جليل أن قوله حجة ترثى إلى حجية كتاب الله تعالى أو سنة نبية أو أن رأيه ملزم يأتى بعد كتاب الله وسنة نبيه) صـ15 من كتاب كيف نفكر إستراتيجياً.

نعم، (لا يوجد للفكر والأحكام مصادر نقليه بخلاف كتاب الله وسنة رسوله).

هذه هي ثقافة العباقرة من كتاب الأمة.

أما عن ثقافة المهازيل فحدث ولا حرج عن الذين تخرجوا فى مدرسة دارون، فرويد، سارتر، نيتشه، النظام، السهروردى، الحلاج... ألخ رواد إثارة النعرات الطائفيه وقد جعل الأستاذ سلامة موسي من دارون معلماً له وكذا فرويد ومجموعه كبيرة أخرى أساتذة له في كتابة (هؤلاء علموني) الذي نشرته دار المعارف المصرية في سلسلة اقرأ !! كتاب يستحق ألا يقرأ يطبع على نفقة هذا الشعب الصابر المحتسب ليقرأه الناس تحت يافطة كبيرة (الأدب العالمي!) وبالمناسبة أذكر أن الكاتب الكبير عبد الوهاب السيري رحمه الله هاجم هذه المصطلحات في أحاديثه وندواته التي تشرفنا بحضورها فى منزلة بمصر الجديدة وأشار إلى بعضها فى كتابه الرائع (البدور والجذور والثمر) رحم الله الدكتور عبد الوهاب السيري.

ويقول: أستاذ الإستراتيجية الشاملة اللواء أ/ح.د. فوزي طايل:

"وما أراد الله أن يبقيه مصدراً للأحكام، ومرجعاً للفكر، مما أنزله على رسله وأنبيائه، فقد أنزله فى كتاب الله تعالي الخاتم (القرآن الكريم) أما بصيغة الأمر وأما بصيغة التقرير وما عدا ذلك لا يعتبر عندنا شرعاً، ولا منهاجاً، ولا قيماً ولا مرجعاً للفكر.

القرآن الكريم أثبت، ونسخ، وأضاف من الأحكام ما شاء الله تعالى أن يجعلها تماماً للإسلام الذي هو الدين عند الله ومن ثم فإن أي اجتهاد فكرى لا يكون مرجعة كتاب الله أو السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحتمل الخطأ فيه ويجانبة الحكمة وإتباع الهوى هو الغالب عليه" صـ17 من كتابه (كيف نفكر إستراتيجياً) 1997.

والرجاء من وزارة الثقافة أن تصدر هذا الكتاب ضمن مطبوعاتها وبسعر زهيد هدية للقارئ بدلاً من طرح الأفكار التالفة والفاسدة التي أتلفت العقول والنفوس.

لابد لهذه الأمة أن تقرأ، لأنها مأموره بالقراءة.

لماذا نقرأ ولمن نقرأ وكيف نقرأ أسئلة هامة جداً لابد من طرحها قبل أن نقرأ.

لقد غزت المفاهيم الغربية عقولنا واحتلها وصارت تلكم المفاهيم الوافدة فى صراع دائم مع كل مفاهيمنا العقدية والشرعية ويؤصل لهذا الصراع مجموعة كبيرة من المهازيل الذين انتسبوا إلى الثقافة زوراً وبهتاناً! أو الهلافيت الذين تناولوا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بما لا يليق، يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد:

"أن النبوة المحمدية صفة إلهيه تولى صاحبها من القداسة ما يوحيه الإيمان وتوجيه طاعة الإله. وبعد ذلك عظمة إنسانية راسخة القرار رفيعة الذروة، تهول الناظر إليها ولو كان فى عظمة الصديق، والفاروق، وذي النورين، والإمام، وسيف الإسلام، وأخوانهم الأفذاء بين عظماء الأمم والتاريخ. "تلك عظمة الشخصية التي استحقت من الله أن يجعل فيها رسالته كما جاء فى الكتاب المبين". من كتابة ما يقال عن الإسلام صـ168 أنه عباس محمود العقاد الذي شغل الدنيا.

هذه هي ثقافة العباقرة.

أما ثقافة المهازيل فما أكثرها. لقد أساءت الثقافة الهزلية إلى عقولنا.

فرق كبير للغاية بين الثقافة الجادة المبنية على اليقين وثقافة (مراد وهبة)!! ولا يمكن مقارنة أدب "دستوفسكى" بما كتبه البروتوموراميا أو "بلزاك"! وكذا لا يمكن مقارنة "صلاح أبو سيف" المخرج العبقري بهلافيت السينما وشواذها! وكذا لا يمكن أن نضع مؤلفات (عبد الوهاب المسيرى) إلى جانب مؤلفات (حسن حنفى)!!.

الثقافة الجادة تدفع الأمم إلى الأمام.

الثقافة الهزيلة تدفع الأمم إلى الخلف.

علينا أن نختار بين ثقافة عباس العقاد، عبد الوهاب المسيري، جمال حمدان، محمد يوسف عدس، محمد الطاهر بن عاشور، القرضاوي، الغزالي، وبين ثقافة مراد وهبة وسلامة موسي، وحسن حنفي، وحجازي! والحمد لله رب العالمين. 

المزيد من المقالات...