د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي

رُؤى ثقافيّة 170

(21- هلَّا احْتَلَبْتَ لنا الأَنسابَ من كُـتُبِ؟!)

العِلْم بالأنساب: عِلْمٌ لا ينفع، وجهلٌ لا يَضُرّ!(1)  وإذا صحَّ هذا في شأن الأنساب عمومًا، فإن الأنساب التوراتيَّة خصوصًا تبقى محلّ نظرٍ عميق، من حيث طبيعتها ووظيفتها.  فطبيعتها قائمة على الرواية الشفويَّة، وهي طبيعةٌ معرَّضةٌ للخلط والاختلاط، ووظيفتها قائمة على أهداف إديولوجيَّة وعنصريَّة لا ريب فيها.  وهذا هو الأساس في سردها، لا تسجيل معلومات الأنساب على نحوٍ عِلْميٍّ أو شِبه عِلْميّ.  كما أن القَصص في الكُتب الدِّينيَّة عمومًا ذو طبيعة خاصَّة، ووظيفة محدّدة.  فهو يندرج ضمن ما أسميته في مقاربةٍ سابقة بـ(النصّ الاعتباري)، الذي لا يهدف إلى القصّ، ولا إلى التاريخ، ولكن إلى التعليم والوعظ والاعتبار.  ومن ثَمَّ فإنه لا يصحّ الاستناد إليه بوصفه تاريخًا، ولا أن يُقرأ قراءةً حرفيَّةً ظاهريَّةً واقعيَّة.  ذلك أن هذا الضرب من النصوص يأتي عادةً في ما يُطلَق عليه في (القرآن الكريم) مصطلح (النبأ): "كَذَٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ ما قَدْ سَبَقَ"، (سورة طٰه، 99).  وتتبلور خصائص النَّبَإ في مجموعتَين من الخصائص، تتَّصل بالشكل الخارجي والداخلي.  تبرز المجموعة الأولى في: خاصيَّة الشكل الوظيفيّ، والطبيعة الرساليَّة. وتكمن خصائص الشكل الداخلي في: الشِّفْرَوِيَّة، والتناصِّيَّة، وربما تدخَّل صوت المؤلِّف، ولُعبة الالتفات، المتعلِّقة ببنية الأسلوب.  فيما تتمثَّل الخصائص المتعلِّقة ببنية الخيال في: الاتكاء على المرجعيَّة الماضويَّة، وربط النَّبَإ بمصدرٍ ما، ورائيٍّ، والدَّوَران على الأحداث الإعجازيَّة، والفانتازيَّة الخياليَّة، والتوظيف الميثولوجيّ، وعلى الرمزيَّة، مع الارتكاز في مخاطبة المتلقّي على التأثيريَّة الإيمانيَّة، لا على الإقناعيَّة الواقعيَّة.(2)  وتلك شؤون نصوصيَّة، لا يبدو أن المؤرِّخين غالبًا مؤهّلون للوعي بها؛ فكلّ نصٍّ لديهم تاريخ!  يفعلون هذا حتى في تعاملهم مع المستوى الأدبي الخالص من النصوص، أو الشِّعريّ المحض منها؛ فتراهم يتعاملون مع تلك النصوص ببراءةٍ قرائيَّة، وسذاجةٍ استقباليَّة، لا تميز الأدبي من المعرفي، ولا التخييلي من التاريخي.

ونعود إلى القول إن (د. كمال الصليبي)- إلى ذلك العِيّ النقدي في التعامل مع النصّ التوراتي- كان يَفِرّ كعادته من البرهنة على ادّعاءاته، إلى القول إن الأيّام حُبلى بما سيُثبت افتراضاته.  مع أن أرجاء الجزيرة قد تمخَّضت عن كثير من آثارها المهمّة هنا وهناك، غير أنها لم تُؤْذِن وإنْ بدليلٍ واحدٍ على ما حملتْه تأوُّلات الرجل.  في حين تحمِل الآثار إشارات شتَّى عن تاريخ الجزيرة وعلاقاتها الخارجيَّة، منذ فجر التاريخ، وما قبل التاريخ.  أضف إلى هذه المغالطة أن ما يحلُم به الصليبي من آثار، ليس بآثار قبيلةٍ نصبتْ مضاربها ذات يومٍ في مكان ثمّ ارتحلت، بل هو تاريخ قرونٍ (للمِصْريِّين) في (عسير)- بزعمه- بكلّ ما يعنيه المِصْرِيُّون القدماء من حضارة: بطبّها، وسِحرها، ومدافنها، ومراكبها، ومعابدها، وآطامها.  وهم قومٌ مشهورون بحُبّهم للتماثيل، والمسلَّات، والنُّصُب، وتشييد المقابر، والأهرامات، حيثما حلُّوا.  وهو كذلك تاريخُ قرونٍ متطاولة جدًّا لـ(بني إسرائيل)، في عسير و(الحجاز)، بأنبيائهم، ورسلهم، وكُتبهم، وصناعاتهم، وملوكهم وممالكهم، ولا سيما مملكتَي (داوود) و(سليمان).  هذا المَلِك الذي "قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِن بَعْدِي، إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّاب.  فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَاب.  والشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وغَوَّاص.  وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأَصْفَاد.  هـٰذا عَطَاؤُنَا فامْنُنْ أو أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَاب." (سورة ص: 35- 39).  وما يَرِد عن سليمان في (التوراة) أعظم.  فهل جاء الصليبي لتأويل هذه النصوص، أم لمحوها محوًا، واختلاق نصوصٍ أخرى من عنده، ثمّ تأويلها؟!  كان يلزمه تحديد أهدافه والالتزام بها.  إنْ كان جاء لتأويل التوراة، فتأويلاته تناقض التوراة، كما بيَّنَّا في مقالاتنا من قبل.  وإذا كان يرى أن العهد القديم يسوق معلومات عن مُلك سليمان ينبغي أن نَعُدّها ذات أصلٍ تاريخيٍّ، ومن هنا كان مُنْطَلَقه في البحث عنها، وعن جغرافيتها، فكذلك كان يلزمه أن يَعُدّ ما وَرَدَ في القرآن الكريم ذا أصلٍ تاريخي، وإنْ لدى غير المؤمن به دِينيًّا.  وبذا كان عليه، جدلًا، أن يخبرنا: أين ذهبت تلك المملكة العظيمة؟ وأين تلك الأبنية التي بناها عفاريت الجن لسليمان؟ وأيُّ غوصٍ أو غوّاصين بين شماريخ (النماص)، حيث زعم الصليبي أن مملكة سليمان كانت؟  أ غوصٌ في الصخور؟! 

إنها مملكة بجنِّها، وإنسها، وتماثيلها، ومحاريبها، ودروعها، وحروبها، وبهيكلها وأورشليمها.  فأين مسرح ذلك كلّه؟  أ في قرية (آل شريم)؟!  ثمّ هو تاريخُ قرونٍ طويلةٍ لأنبياء من أُولي العزم من الرسل: (إبراهيم)، و(إسحاق)، و(يعقوب)، و(يوسف)، و(موسى)، و(عيسى)، وغيرهم.  بل قبل ذلك، تاريخ (نوح) وما قبل نوح؛ فكلّ أولئك قد كدَّسهم الصليبي، متحاشرين في تلك الخُبوت والجِراد والشِّعاف، حسب فيلمه الغرائبي، في سينما الخيال التاريخي الأكثر شعبيَّة في العصر الحديث.

ولقد حظيت أعمال الصليبي بإعجابٍ لا ينكَر، ووافقت أهواء عاميَّة وميولات رغبويَّة لا عقال لها.  كانت تنبثق عن أسباب إديولوجيَّة، أو أسباب قوميَّة، أو أسباب قُطريَّة سياسيَّة، أو لأسباب خياليَّة محضة، أو لخليط من هذا وذاك.  أوهاها شأنًا وأطرفها تلك التي استخفت أصحابها لأن فرضيّات المؤلِّف تمنحهم تاريخًا مؤثّلًا لا نظير له، وإنْ كان تاريخًا من الأوهام.  قائلين في أنفسهم، أو في بني أهوائهم: وما لنا أن لا نفخر بأن نكون أرض الأنبياء والرسل، ومعدن التاريخ الدِّيني القديم؟!  أيُّ مجدٍ أسمَى، وأيّ نَسَبٍ أشرف، وأيّ تاريخٍ أعرق، وأيّ بلادٍ أكرم وأقدس؟!  وهؤلاء لا يعنيهم منهاج، ولا يؤمنون بتاريخ، ولا يحتكمون إلى منطق، وإنما تدغدغ عواطفهم المغالطات، وتغيب عن أفهامهم المقدّمات والمآلات.  وإلَّا فلو سأل سائل أستاذهم، وسأل مَن تُيِّم بافتراضاته لأمر من تلك الأمور أو لآخر- فإذا هو يُقيمه رائد مذهبٍ في البحث ورأس مدرسةٍ في التاريخ الحديث، بما تفتَّقت عنه مخيّلته الخرافيّة من طرائق قِدَدٍ في الاستقراء والاستدلال-: هلّا جئتَ لنا بنقشٍ صغيرٍ دالٍّ على ما تقول، أو برسمة صخرية، أو ببناءٍ شاخصٍ، أو بتمثالٍ، أو بعُشر تمثال!  لو سأل ذلك أو بعض ذلك، لما ألفى منه من شيء قط، لا لدى المسؤول ولا لدى أستاذه.  على حين بقيتْ في جزيرة العرب بعض الرسوم الصخريَّة، والنُّصُب التذكارية، وبقايا الآثار، وإنْ كانت لأعرابٍ حفاةٍ عراةٍ، من رعاة الشاء والإبل.  هذا فضلًا عن آثار أُمم أخرى وحضارات مرَّت على الجزيرة، أو كانت بينها وبين العرب علائق، ولو عابرة.  أ فيُعقل أن ذلك التاريخ الهائل، تاريخ بني إسرائيل، كلّه قد تبخر هكذا، أو ابتلعته الأرض؟  أ لم تبق له من باقية، غير أسماء الأماكن، التي هي رأس مال الصليبي، يقلّبها بين صفحات كتبه؟  أسماء شُبِّهت إليه ببعض مفردات التوراة، أو بالأصح حاول هو أن يشبِّهها إلى القارئ، فظلّ يُبدئ القول حولها ويعيد، هو ومَن تبعه بتقليد إلى يوم الناس هذا، وإلى ما شاء الله!  أ كان ذلك التاريخ أتفه من أن يدع لنا أثرًا شاخصًا واحدًا، ولو كالآثار (المعينيَّة)، ولن نقول كالآثار (الثموديَّة)، أو الآثار (السبئيَّة)، التي بقيتْ دالّة على أهلها وعلى تاريخهم وعلاقاتهم، وبلا حفائر أو تنقيب في بعض الحالات، على الرغم من سيل العَرِم وجميع السيول التاريخيَّة المتعاقبة.   ذاك مع أن تلك الآثار، في معظمها، هي أقدم من ممالك بني إسرائيل المزعومة.  ولقد عُثِر كذلك على بعض آثار المِصْريِّين القدماء، ربما دونما تنقيب، في الأماكن التي مَرُّوا عليها، وإنْ مرورًا، فكيف بمستعمرةٍ استوطنوها لعدّة قرون، وأسّسوا فيها دولةً وحضارةً، فكان لهم فيها العمران والمراكب والجيوش؟!

 أسئلة لا مفرّ من مجابهتها والتأمّل فيها بجديّة قبل التورّط في فرضيّات الخيال التاريخي، غير العِلْمي!  

نعم، عُثِر على بعض الآثار المِصْرِيَّة في شمال الجزيرة العربيَّة، لكنه لم يُعثر على شيء منها يُذكر في جنوبها.  فماذا يعني هذا بالنظر إلى ادّعاءاتٍ كادّعاءات الصليبي العريضة الطويلة؟!  هل من إجابةٍ، سوى أنها محض اختلاق؟!  عِلْمًا بأن المناطق التي نَسَبَ إليها استيطان المِصْرِيّين، ونَسَبَ إليها تاريخ بني إسرائيل المقترن بتاريخ المِصْرِيّين، هي مناطق صخريَّة جبليَّة، لا صحارى ولا رمال ليقال باحتمال انطماس الآثار فيها، واندثار الشواخص، وامّحاء الكتابات والنقوش والرسوم، فلا تُعرف- بالضرورة- إلّا بالحفر والتنقيب. ولقد بقيتْ آثار قوم (صالح)، مثلًا، وغير قوم صالح، في شمال الجزيرة وجنوبها وشرقها وغربها ووسطها، ماثلًا بعضها في الصحراء إلى اليوم، فيما لم يبق مثقال ذرّة من تاريخ الصليبي المخترع، مع ما يفترض من أنه تاريخٌ لما هو أعظم، ولما هو أطول وأكبر وأخطر!

والسبب واضح، وهو أنه لا يعدو تاريخًا هُلاميًّا مؤلَّفًا من الكلمات والأسماء والخيالات والأوهام.  إنه عجزٌ عن إثبات شواهد التاريخ على الأرض، فلجوءٌ إلى ادعائها من خلال بعض اللمسات الحروفيَّة، مقارنةً بين الأسماء في "العهد القديم" والأسماء في "المعجم الجغرافي للبلاد العربيَّة السعوديَّة".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ورد هذا في حديثٍ نبويٍّ، وقد قيل لديه: "فلانٌ علَّامة بالنَّسَب". (يُنظر: الآبي، أبو سعد منصور بن الحسين (-420هـ)، (د.ت)، نثر الدُّر، تحقيق: محمّد علي قرنة، وعلي محمّد البجاوي (القاهرة: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب)، 1: 268؛ ابن عبدالبر، أبو عمر يوسف (-463هـ)، (1994)، جامع بيان العلم وفضله، تحقيق: أبو الأشبال الزهيري (السعودية: دار ابن الجوزي)، 752 (1385)؛ البرهان فوري، علاء الدِّين علي المتقي بن حسام الدِّين الهندي (-975هـ)، (1985)، كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، باعتناء: بكري حياني وصفوة السقا (بيروت: مؤسسة الرسالة)، 10: 218 (29156)).  وإذا كان (ابن عبدالبرّ) قد ضعّف سنده، فإن معناه صحيح.  من حيث إن تداخل الأنساب مَضِلَّة، والانشغال بها ليس مما يقوم من العِلْم على معطيات صُلبة.  كما أنه ليس ممّا ينفع الناس، إلّا في حدودٍ محدودة جدًّا.  هذا إنْ لم يكن مفسدةً بين الناس؛ بما يبعثه من العصبيّات والنعرات والمنابزات.  ولا تَفاضُل في أصلٍ أصله تُراب، ومآله إلى تُراب.

(2) انظر بحثي: (1999)، «في بنية النصّ الاعتباري (قراءة جيولوجيَّة لنبأ حيّ بن يقظان: نموذجًا)»، (مجلَّة «أبحاث ‏اليرموك»، جامعة اليرموك، الأردن، م17، ع1، ص9- 52).

* [الكاتب: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفيفي، عنوان الموضوع: «العابثون بالتاريخ!: (21- هلَّا احْتَلَبْتَ لنا الأَنسابَ من كُـتُبِ؟!)»، المصدر: صحيفة «الراي» الكويتية، السبت 8 أغسطس 2015، ص18].

clip_image002_af92e.jpg

clip_image004_94c19.jpg

        لا يسمح لنا القاصّ العراقيّ المتميّز محمد رشيد بأن نخمّن بواعث السّرد ومحفّزات الكتابة عنده في قصّة"سيفمونيّة الرّماد"،بل يقودنا مباشرة إلى ألمه الأكبر الذي يولّد الحالة السّرديّة في هذه القصّة،وهي الحرب التي يدينها،ويحمّلها أوزار ألمه،إذ يقول في مطلع قصّته "نادراً ما أقتنص ( لحظات حُلمي ) وأمتطيها صوب الواقع لأعيشها, لكن مأساتي هي أن مخالب الحرب غالبا ما تطال هذه ( اللحظات ) وتقبل ( من أحب ) بعنف لأصحو بعدها متوجا بإنكساراتي"،وهو بذلك يرهص بالوجع إلى النّهاية التي يؤول حلمه إليها،وهي الألم والفجيعة والحرمان،فهو يقول إنّ الحرب تسبقه دائماً لتقبيل لحظاته الجميلة بعنف،ولا يمكن أن تكون قبلة الحرب إلاّ هي قبلة الموت،وإن كانت أجمل لحظات بطل القصّة هي لحظات لقاء الحبيبة،فإنّ محمد رشيد يرهص لنا بالنّهاية المفجعة لهذا اللّقاء،وهي قبلة الموت،وهي المعادل الموضوعيّ عنده للموت،وهذه الإرهاصة تصبح حقيقة عندما نتفاجأ في آخر القصّة بأنّ بطل القصّة يجد الحبيبة المشتهاة ميتة :"حينما شاهدت حشداً من المارة  ملتفين من حوله ,اقتربت منه , دنوت أكثر حتى اشرأب عنقي من بين الأكتاف المتلاصقة ,سمعت البعض منهم : (خطية ...مسكينة ..كانت تحبه ..ظلت مخلصة له..كانت تنتظره هنا يوميا وبلا كلل ..) هذه الكلمات راحت تثقبني حينما سمعتها ,شاهدتها مســــجاة فوق الأرض تعلوها قطعة من القماش ملطخة ببقع من الدم , اقتربت أكثر ,جثوت على ركبتي وأزحت من على وجهها تلك القماشــة ببطيء".

      ومنذ بداية القصّة نسمع مقطوعات من الحزن والألم والفجيعة التي يعيشها بطل القصّة،ولنا أن نقول إنّها معادل موضوعيّ لتلك السّيمفونيّة الحزينة التي كانت الحبيبة تعزفها له،فهي كانت بمعنى ما تعزف ألمه وألمها وألم شعبهما،وكانت تجيد تصوير ذلك الألم في موسيقاها،ولذلك أسمت السّيمفونيّة "سيمفونيّة الرّماد" لتجسّد به ذلك الاحتراق الذي يعيشه الجميع قهراً في أتون الحرب،فهذه السّيمفونيّة ليست أكثر من تعبير عن مأساة الإنسان العراقيّ في مشهد الحرب والموت والدّمار الذي يطارده في كلّ مكان،ونهاية القصّة تتناسب مع هذه السّيمفونيّة،فماذا يمكن أن يكون في نهاية هذه السّميفونيّة حيث الرّماد والاحتراق غير الموت والخراب،ولذلك اختار محمد رشيد لبطلة القصّة أن تموت على وقع سيمفونيتها التي يسمعها بطل القصّة تنبعث من مكانها حيث هي مسجّاة على الأرض:" اقتربت أكثر ,جثوت على ركبتي وأزحت من على وجهها تلك القماشــة ببطيء فوجئت بتطاير ذلك الريش (الذي فقده الطائر) إلى السماء يتراقص مع نوتات تلك السيمفونية ( سيمفونية الرماد ) التي كانت تعزفها لي (.....) ارتعدت حينها وتضببت الرؤيا من حولي ولم أحس سوى ظلاماً راح يطبق على الأرض ورأسي راح يتوسد ذراع الرصيف".

  فهذه القصّة لا يمكن أن تُقرأ إلاّ في خلفيّة مفترضة ومتخيّلة لسيمفونيّة أحزان اختار محمد رشيد أن يعزفها جهراً لحزنه المقيم في نفسه،وإن كان يزعم فنيّاً وسرديّاً أن حبيبته كانت صاحبة هذه السّيفمونيّة،وهي من كانت تعزفها له،وتسميها"سيمفونيّة الرّماد"( سيمفونية الرماد ) التي كانت تعزفها لي (.....)"،إلاّ أنّه في الحقيقة كان عازفاً من عازفين هذا المقطوعة الحزينة التي يعزفها كلّ عراقيّ بطريقته الخاصّة وفق أحزانه وتفاصيل حياته،ولذلك لنا أن نعدّ أنّ الفقرة الأولى من القصّة هي المقطع الأوّل في هذه السّيمفونيّة،وهي تعلو بشكلها الأعلى صوتاً في خاتمة القصّة عندما تموت الحبيبة،وتمطرها القلوب بالحزن والشّفقة،وهي من ظلّت مخلصة لحبّها حتى آخر لحظة من حياتها"خطية ...مسكينة ..كانت تحبه ..ظلت مخلصة له..كانت تنتظره هنا يوميا وبلا كلل "،فيتحطّم بطل القصّة،ويهرب نحو الاستسلام والحزن الذي يرافقه في حياتها كلّها:" ارتعدت حينها وتضببت الرؤيا من حولي ولم أحس سوى ظلاما راح يطبق على الأرض ورأسي راح يتوسد ذراع الرصيف ".

      وبين مقطوعة الحزن الافتتاحيّة ومقطوعة الحزن النّهائيّة في هذه القصّة نجد مقاطع حزن متعدّدة،أو نغمات ألم متباينة،فهناك الخوف الذي يسكن أعماق البطل،ويمنعه من تحقيق فكرة زيارة تلك المدينة التي يقصدها حيث الأحمر يقلقه،وتفاصيل الشّارع والحياة والتّدافع تغذّي قلقه وحزنه "كانت فكرة التوجه إلى تلك المدينة تنمو في دواخلي منذ أعوام لكن الضوء الأحمر لا يزال متمترسا ..ناشرا عباءاته على كل الفصول , المركبات يقلقني خصامها الأزلي مع التكنولوجيا".

       حتى أنّ المناظر الطّبيعيّة التي من المفترض أن تبعث الفرح والغبطة والتّفاؤل في نفس البطل،تفشل في أن تقوم بتحفيزها المفترض،وتتحوّل إلى شكل من أشكال حزنه ما دامت تذكّره بالحرب :" الطريق الطويل يغرز في دواخلي الســأم لأنه لا يزال يجهل فن التغزل بخضرة الطبيعة ليدنيها منه لكن لابد من التوجه اليها ..لتنعش ذاكرتي …لتخلع ما تبقى من ثيابي التي نسجت برائحة البارود والمثقبة بمخالب الحرب ..لأغتسل بدموعها ..لأغفو فوق تلَييها الحنونين …لتغطيني بشلالات شعرها الذي يمطر علي أزهارا أثمل بأريجها وفراشات أتدفأ بألوان أجنحتها ..لتعزف على ما تبقى من أوتار قلبي بأناملها ( قلوب النخيل) سيمفونياتها الكونية التي تذوبني في طقوس خاصة تفر منها الكلمات خجلى لأنها لم تستطع ان تصفها .المركبة راحت تلتهم إسفلت الشارع بأقدامها الدائرية وما ان يلتصق نظري على زجاجة المركبة الأمامية حتى تتحول الى شاشة تعرض لي ذكريات قديمة …وتنبؤات مستقبلية غالبا ما توقعني في مطبات حالما أوشي بها لغيري".

  وتتحوّل ذاكرة بطل القصّة إلى ساحة من الألم أو دائرة من دوائره،كما تشكّل تنغيمه من سيمفونيّة ألمه حيث لا شيء هناك سوى الرّماد؛فذاكرة بطل القصّة هي مساحة مسكونة بالوجع،ومشهد يرهص بالمزيد من الألم مادام هو المعطى الوحيد " أقدام المركبة مازالت تدور وتدور وأنا في اندماج روحي متصاعد وإنشداد ميكانيكي مع مسند الكرسي وتلك الأحداث التي تصدره لي تلك الشاشة من أيام طفولتي ….إلى آخر الانكسارات المخبئة لي".

   ومشهد الاستدعاء الحرّ لكوامن ذاكرته يندمج مع المشهد الحاضر،وهو مشهد ارتطام بسيارة الأجرة التي يركبها،فيغدو هذا المشهد هو ناقوس ألم جديد ومقطوعة حزن جديدة في سيمفونيّة الرّماد :" الأقدام الدائرية ظلت تدور وتدور حتى دوى ارتطام في الشاشة من الخارج حيث كان الصوت غير عادي بالمرة لم تحتضنه أذني بقدر ما طعن قلبي الذي بدأ ينكمش تدريجيا ، وقتها اغتسلت الشاشة بالقاني من الدماء وتقدد لحم ذلك الطائر المسكين بحافات تصدع الشاشة وبات المشهد موضع تفرس من قبل الجميع".

  وهذه التنغيمة من تنغيمات الحزن لا تستوقف السّائق أو الرّكاب إلاّ بقدر رغبتهم في تجاوز المشهد لمواصلة مسيرهم،وكأنّهم اعتادوا الألم والقهر ومشاهد الموت،فما عاد الألم والموت يوقف أحداً عن سعيه الموصول المكروب :"توقف السائق عن القيادة وراح يتمتم و يتململ وراح يحضر دلوا من الماء ليزيح ما تبقى من ذلك الطائر ,لحظتها راودني فضول لمعرفة جنس ذلك الطائر ,بحثت عن ريشه فلم أجده ,نقبت عنه مجددا في كل مكان فلم اعثر على أي شيء منه مما اضطر عددا من المسافرين لمناداتي بأصوات شابها التوتر والانزعاج لأنني على ما يبدو أضفت لرصيدهم تأخيرا آخر".

    ومحمد رشيد يعمد إلى قرن هذه التنغيمة من تنغيمات سيمفونيّة حزنه بسرد فانتازيّ يقودنا إلى المزيد من القلق والخوف والألم،فبطل القصّة لا يجد ريش الطّائر الميت كما لا يستطيع أن يحدّد نوعه،وكأنّه يريد أن يجعل من توليفة الغرابة والإلغاز هذه شكلاً من أشكال تعميم المعاناة العراقيّة التي تحرّق الجميع في أتونها،وهذا يسوّغ له أن يجد الرّيش المفقود من الطّائر يتطاير من تحت القماش الذي غُطّي به وجه الحبيبة المسجّاة ميتة على الأرض :"من على وجهها تلك القماشــة ببطيء فوجئت بتطاير ذلك الريش (الذي فقده الطائر) إلى السماء يتراقص مع نوتات تلك السيمفونية ( سيمفونية الرماد ) التي كانت تعزفها لي ".

    في رأيي الخاصّ لقد نجح محمد رشيد في أن يأخذنا إلى حزنه بهذه السيمفونيّة الرّماديّة التي يعزف على أوتار ألمها أمام معبد الموت،مادام هو النّهاية القهريّة للإنسان العراقيّ الذي يحاصره الألم والحزن وخيبات الألم في وطنه العراق،بدل أن ينعم فيه بحقّه الطّبيعيّ في الحياة والسّعادة والنّماء والحريّة والعدالة.نستطيع القول إنّ "سيمفونيّة الرّماد" هي رقصة حزن عراقيّة على أرض من الألم والخذلان والمؤامرة الكبرى على هذا الشّعب العظيم،إنّها صوت لا يفارق الفضاء مادام الحزن قائماً.

   لكن محمد رشيد في الوقت نفسه ينتصر للأمل الذي لا يسمح له بأن يفارق روحه،فهو إن كان يعزف سيمفونيّة الرّماد" إلاّ أنّه يؤمن بأنّ الإنسان العراقيّ ليس إلاّ طائر فينيق أسطوريّ لا بدّ أن يستيقظ من الرّماد،ليعيش حياة جديدة بعد أن يُبعث من رماده،لينتصر للحلم المرجوّ :"كل اللذين احتشدوا حولهما اندهشوا عندما شاهدوا طائرا بلون الشمس ولامع كالذهب خصوصاً عند الرقبة وباقي جسمه أرجواني وذيله لازوردي تشوبه ريشات بلون القرنفل ، يزين رأسه عرف رائع وريش لطيف تنتصب عليه قنزعه وريش طويل يضوع بشذا البنفسج أنبعث من مكان النبض لذلك الغريب وراح يحلق عاليا يتبع ذلك الريش والنوتات بخطوات راقصة إلى فضاء لا منتهي".

 * محمد رشيد: أديب عراقيّ وناشط في حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعيّة،وقد صدرت له الكثير من المجموعات القصصيّة،منها: موت المؤلف"و"ساعة الصّفر"و" للنّهر مرايا مهشّمة"،هي تتضمّن قصّة "سيمفونيّة الرّماد".

سلام عليكم، طبتم صباحاً - أيها العلماء- وطاب مسعاكم! بسم الله - سبحانه، وتعالى!- وبحمده، وصلاة على رسوله وسلاماً، ورضواناً على صحابته وتابعيهم، حتى نلقاهم!

أحمد الله الذي يسر لي أن أجاور هذه الطبقة من العلماء الأجلاء، وأسأله كما جمعنا عاجلاً أحباباً سعداء، أن يجمعنا آجلاً أحباباً سعداء، بلا مناقشات ولا مداولات ولا قرارات!

ينبغي أن يذكر للطالب أنه:

1- اختار التطبيق، والشعر، وعلي الجارم.

2- حياناً باختيار شاعر مصري درعمي، تحية نشكره عليها!

3- احتفز إلى مسألته بمقال الجارم نفسه "الجملة الفعلية أساس التعبير في اللغة العربية".

4- أحسن محاجَّته عن موضوعه عمومه وخصوصه.

5- أوجز تعريف الجارم إيجازاً كافياً شافياً.

6- امتلك مقدرة لغوية طيبة.

7- أحسن ضبط الشعر.

8- أحسن تمييز بعض صور التقديم والتأخير الملتبسة.

9- قدم الكلام في الترتيب على الكلام في التهذيب.

10- أحسن تتبع أسلوب سيبويه في التعبير عن الحذف.

11- اعتنى بالتشكيل، دلالة على الإتقان.

12- ضبط تنظيم رسالته من غير اضطراب.

13- انتبه أحياناً إلى امتزاج مطالب العروض واللغة معاً.

14- أحسن فهرسة آيات القرآن الكريم، بترتيبها من داخل ترتيب سورها.

15- أحسن ترتيب الأبيات ببحورها من داخل حركات أرويتها وتجريد قوافيها وإردافها وتأسيسها.

16- جعل بيت الشعر المشَّطر لا المشطور، بيتاً واحداً، مهما كانت أغصانه.

17- اقتبس من هدوء أستاذه الدكتور محمد عبد الفتاح العمراوي واتزانه.

* وعلى رغم أن كثيراً مما أريد قوله قد أتى عليه أخي الفاضل الدكتور فضل يوسف، أتلمس فيما يأتي - والله المستعان!- ما يزيد الطالب انتفاعاً والعمل إتقاناً، مؤمناً بأن من عمل المشرف القدير أن يُوَثِّق تلميذه من نفسه، فيتركَه يجترئُ ويصيبُ ويخطئُ، حتى إذا ما راجعته لجنة المناقشة تأصل لديه منهج البحث العلمي الصحيح.

* وقعت "العدول عن الأصل في الجملة الفعلية بديوان علي الجارم"، رسالة طلال بن أحمد بن سالم الزعابي، لاستكمال متطلبات درجة الماجستير من قسم اللغة العربية وآدابها، بإشراف أخينا الفاضل الأستاذ الدكتور محمد عبد الفتاح العمراوي- في 231 صفحة:

- غلافان وبيانات وإهداء وشكر وملخصان عربي وإنجليزي وفهرس موضوعات =15 ص.

- مقدمة =4 ص.

- تمهيد (التعريف بعلي الجارم =6 ص، ومفهوم العدول عن الأصل =9 ص) =15 ص.

- فصل أول (العدول عن الأصل بالتقديم والتأخير: الجانب النظري =36 ص، والجانب التطبيقي =37) =73ص.

- فصل ثانٍ (العدول عن الأصل بالحذف: الجانب النظري =38 ص - ورُحِّلَ أول أسطر إحدى صفحاته إلى أخرى بلا ترقيم- والجانب التطبيقي =26 وسقطت منه 5 ص) =64 ص.

- خاتمة =2 ص.

- فهرس الآيات =9 ص.

- فهرس الأشعار =32 ص.

- المصادر والمراجع =17 ص.

* وليس أعجب من أن يزيد فهرس الأشعار على المبحث الثاني من الفصل الثاني!

* كأنك من بهلاء يا زعابي؛ تهدي عملك إلى كل الأرواح التي أحبتك أو أحببتها؛ فاللهم، حوالينا، لا علينا!

* نقد الترتيب على العموم وعلى الخصوص:

- ص ز: كيف تؤخر التطبيق عن التنظير وتفصله عنه لتضطر إلى رؤيته من خلاله، ورسالتك تطبيقية ينبغي أن ترى التنظير فيها من خلال التطبيق! ولكنك تخاف ألا تجد من التطبيق ما تملأ به فضاء الرسالة، هذه حيلة معروفة!

- ومن أضرار الفصل بين التنظير والتطبيق وتقديم التنظير على التطبيق، أن تفتقد في المادة بعض ما أوردته في التنظير، لتقول كما يقول تلامذة المدارس: ولم أعثر على كذا! ومثل هذا غير مقبول في الدراسات العليا، إلا أن تتأمل ما غاب لتذكر في سره شيئاً.

- ص142: وقعت في التصريح بعدم وقوفك على أنماط حذف الفعل العامل في الحال أو الواقع في أسلوبي الإغراء التحذير غير المكررين أو المعطوفين=ولسنا في واجب، وهذه نتيجة فصل التنظير من التطبيق حتى عد كأنه تدريب عليه، ولو انتبهت لجعلتها ظواهر، ثم خلطت فيها التطبيق بالتنظير.

- ص157: لست في تمرين واجب منزلي لتقول: فأما كذا فلم يرد في مادة البحث!

- لا أنكر أن نتائج الافتقاد السلبية واردة جائزة، ولكنها يتكلم عنها في أثناء الظواهر، ويسبر غورها، ويتقصى سرها، لكيلا يبدو الأمر مثل عمل التلاميذ بالتمارين المنزلية.

- ص108: هذه الفقرة "ج- حذف الفعل في باب الاشتغال"، داخلة في هذه الفقرة السابقة "أ- إذا كان الفعل مفسراً بفعل مذكور يدل عليه".

- ص111: لا وجه لفصل فقرة "و- حذف الفعل في باب الإغراء"، من فقرة "هـ- حذف الفعل في باب التحذير"، غير التكثّر، ولا سيما أنك جمعت بينهما في قولك بعدئذ - ص112-: "فائدة الحذف في التحذير والإغراء معاً...".

- يبدو أن ترتيب القوافي كان يضطرب منك في الحروف الكثيرة الاستعمال كالباء والراء والنون؛ فقد فرقت بين أبيات القصيدة الواحدة أحياناً بأبيات قصيدة غيرها من بحر آخر، وانتقلت من القوافي المردفة إلى المؤسسة أحياناً، لتعود إلى المردفة فالمؤسسة ثم المجردة!

- ص200: الاتفاق الآن على ترتيب الكتب بأسماء مؤلفيها لا أسمائها.

نقد الاستغناء عما لا يستغنى عنه:

- ص18،19: أهملت من مظاهر العدول في الجملة ما يخص الأدوات، وكأنها ليست منها!

- ص28: نقلت ولم تعلق على ما نقلت، وكنت أحب ألا تترك نقولا بلا تعليق على أي وجه مناسب، ولن يستحيل عليك.

- ص35: علقت على الآراء باختيار أحدها، وكنت أحب أن تستمر على هذا.

- ص50: ادعيت أن القيمة البلاغية للتقديم والتأخير منحصرة في الأوضاع الجائزة، ولكن الجرجاني الذي تعتمد عليه، اشتغل بالموازنة في اختيار الشاعر بين الأوضاع الثابتة المختلفة الترتيب.

- ص51: اقتصرت على النقل، وفيه ما لا يخص المقام، وهذه نتيجة الاستئسار للنقول.

- ص57: لم تقم عملك على أساس إحصائي ثابت، بل ذهبت تتخطف الأمثلة، وهذا أشبه بواجبات التلامذة المنزلية، منه بالبحث العلمي!

- ص158، 66، 71، 92: بصورة كبيرة... أكثر من...، قليل جداً...، بشكل كبير أيضاً...، أكثر من هذا النمط...، وكيف عرفت هذه النسب السرية!

- وفي الخاتمة أعدت الكلام العام غير المؤسس على أسس إحصائية منضبطة.

- ص57: أخفيت الأغراض (التعجب والدهشة، التشويق، تهويل أمره وتعظيمه)، وكانت جديرة بعناوين جانبية خاصة مميزة، فافتقدتها في الخاتمة، ولم تستطع ذكرها!

- ص75: تتجلى في عملك الجزئية؛ فلم تتصور الأمر على مستوى القصيدة كلها، ولم تفسره على أساس هذا التصور - و"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"- ولكنه كان وارداً غير ممتنع من خلال تتبع الجملة الفعلية، ولا سيما أنك أردت اختبار غلبتها.

- ينبغي التنبيه على سبق تمام حسان إلى إحياء مصطلح العدول.

- ص157: كان ينبغي لك في الخاتمة أن تذكر ما بحثت عنه موجزاً من قبل أن تذكر نتائج بحثك عنه، حتى إذا ما قرأ الخاتمة قارئ متعجل عرف البحث من أطرافه، وخرج بفائدة كاملة.

- ص157: ادعيت في الخاتمة ميل الجارم إلى بعض الأنماط اللغوية كثيراً، وبنيت على ادعائك غلبة ثقافته اللغوية، ولا وجه لهذا البناء، ولم تمثل أياً من هذه الأنماط.

- ص158: كنا نتواصى بألا نكتفي في تقديم المقدم بالعناية، ولا في حذف المحذوف بالإيجاز.

- ص158: كنا نتواصى بأن نستنبط الأسرار من بين الأضداد (بين التقديم وعدمه، وبين الحذف والذكر)، وألا نكتفي بتأمل أحدها تأملاً مطلقاً، وهو ما ألممت به، ولم تلتزمه.

- أين اسم المشرف على الغلاف؟ على رغم ما في الرسالة من وجوه تكريم مشرفك الكثيرة نسيت إثبات اسمه على الغلاف!

- ص18: لقد زللت زلة لا تغتفر! كيف لا تذكر أن هذه المدرسة الشعرية الخاصة التي نوه بها العقاد في تقديمه لديوان الجارم، هي مدرسة دار العلوم، وهي الآن من حولك: موضوعاً وإشرافاً ومناقشةً، ولولا الجغرافية لكانت كلية رئيس لجنة مناقشتك؛ فقد كان فيها قديماً قسم للجغرافية! ولا أخلي نشاط مشرفك لهذا الموضوع من بره بكليته! والجارم مذكور على عموم مصر، وباسمه تسمى المدارس والشوارع وسائر الأمكنة، وكانت روايته "غادة رشيد" مقررة على جيلنا في المرحلة الإعدادية. وابن الجارم هذا الذي اعتنى بأعماله أستاذ بكلية الطب من جامعة القاهرة، وهو لغوي أديب بالوراثة، وأظنه الآن من رجال المجمع، وأحييه من مجلسي هذا في الأبناء البررة!

نقد الاستنباط والتوجيه:

- ص12: في تحديد مستويات الكلام تضع الخطأ في المستوى الثالث فوق المستوى القاعدي والمستوى البلاغي، فهل تنبه على أن المبالغة في البلاغة مخرجة إلى الخطأ!

- ص25-26: وافقت أشرف خضر على ما ذكره مما سماه مصطلحات سيبويه للتعبير عن مفهوم التقديم والتأخير، وليست هي كلها للتعبير عن مفهوم التقديم والتأخير، ولو قلت: الكلمات التي استخدمها سيبويه في الكلام عن التقديم والتأخير لكان أدق وأحسن.

- ص33: أظن أن جملة "حُكْمُكَ مُسَمَّطًا" وهي مثل، هذه قد مرت من الفعلية إلى الاسمية بثلاث مراحل: حُكْمَكَ مُسَمَّطاً، حُكْمُكَ مُسَمَّطاً، حُكْمُكَ مُسَمَّطٌ، وقد استفاد البصريون من مرحلتها الثانية.

- ص34: أنبهك في تأويل كلمات القوافي المُقْوَاة، على رأي ابن هشام في ردها إلى مثل ما حولها بإعراب حركة القافية، وهو لطيف جداً.

- ص37: ينبغي أن تعرف أن الأمر في حكم تقديم الفاعل المشتمل على ضمير المفعول، دوار مع الفهم؛ ولهذا أجازه ابن جني وابن مالك فيما لم يلتبس فيه الفهم.

- سويت في ترتيب أسلوب القصر بين " إنما" و"ما وإلا"، وقد ميز العلماء بينهما بجواز تقديم المستثنى بإلا معها على المستثني، كما في قول الكميت: وما لي إلا آل أحمد شيعة.

- ص42: ذكرت في جواز تقديم المفعول المشتمل على ضمير الفاعل عليه "أطاع أمَّه الطفلُ"، أنه مؤخر الرتبة، وأدق من هذا أنه يحتمل عندئذٍ أصلاً إضمار الفعل في الفعل، فإذا ما جاء الفاعل تمكن وصار الأسلوب كأنه من إبدال الظاهر من المضمر.

- ص50،79: أحببت أن أنبهك على عدم التفريق بين المعمولات والمتعلقات، إلا مضطراً بعدم فهم العمل، ولا سيما أن قد ثبت لك أن الجاري على غير الجار والمجرور من معمولات الفعل يجري عليهما.

- ص52: تورد كلام السامرائي في قول الحق - سبحانه، وتعالى!-: "وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه..."، على أنه من العناية بالقسمة، وأحسن منه أنه لبسط المتعدد بعد المفرد، بدليل "وارزقوهم"، قياسا على "نرزقهم وإياكم"، و"نرزقكم وإياهم"، من أسلوب القرآن الكريم.

- ص53: زعمت أن تقديم "على محمد" في "سلمتُ على محمد مبتسماً"، يصرف الحال إلى محمد، وأن تأخيرهما في "سلمتُ مبتسماً على محمد"، يوهم أن الحال للمتكلم، والحقيقة أنه يجوز في الأولى أصلاً أن يكون الحال من المتكلم، ولا يجوز في الآخرة أصلاً أن يكون الحال من محمد!

- ص98: شرحت المثل "أهلك والليل"، بأنه "بادر أهلك والليل"، والصواب "بادر أهلك قبل الليل"، أو "بادر (أدرك) أهلك، واسبق الليل".

- لا ريب في علاقة الحذف بالإضمار؛ فالإضمار إخفاء الوجود، والحذف إلغاؤه، كما في تحويل الظاهر في "محمد عند علي"، إلى مضمر في "محمد عنده"!

- ص108: تستبعد تقدير فعل النداء في "يا محمد"، لأن المنادى مبني على الضم، ونسيت بناء المقطوع عن الإضافة مثلاً، وهو معروف.

- ص121: رأيت أن بناء الفعل للمجهول في قول الحق - سبحانه، وتعالى!-: "أحلت لكم بهيمة الأنعام"، إنما كان للعناية ببهيمة الأنعام، وغفلت عن أن من البلاغة عند بداهة الفاعل صرف المتلقي إلى ما ينوب عنه، ولا بأس بالحديث عن تفضيل إنابة "بهيمة الأنعام"، على إنابة "لكم".

- ص124: تكلمت عن حذف المفعول من " شئت"= ونسيت حذفه من "أصدق"، أي أصدقنا.

- ص141: جعلت الاكتفاء في الجواب بأداته "نعم"، من حذف الفعل، وهو من حذف الجملة كلها.

- ص148: رددت المبني للمجهول في قوله: "وإن لم يمتع باجتلائك ناظره"، إلى المبني للمعلوم، بقولك: وإن لم يمتع اجتلاؤك ناظره؛ فخرجت إلى تركيب آخر، والصواب مثلاً: وإن لم يُمَتِّعِ اللهُ نَاظِرَهُ بِاجْتِلَائِكَ.

- ص155: جعلت الحذف للاقتصار، في قوله: فإذ وصلت فكل شيء باسم وإذا هجرت فكل شيء باكي، وكأنه يريد: كنت واصلة، وهو للاختصار، لأنه يريد: وصلتني، بدليل قوله من قبل: ملكت زمام صبابتي.

- من أسباب توفيق كتابي الجارم ومصطفى أمين "النحو الواضح" و"البلاغة الواضحة"، التي طلبها الدكتور مكي، سلامة ذوق الشعراء، الذي يميز كتبهم إذا كتبوا.

- ذكرت التزام الجارم بقواعد اللغة فيما ارتكب من عدول، على رغم ما ينبغي أن يكون في العدول أصلاً من جرأة على قواعد اللغة، ثم غفلت عن الاستفادة من فكرة تأثير علمه على فنه!

- ص157: كان ينبغي لك أن تبني على علم الجارم طبيعة أسلوبه، أي تأثر فنه بعلمه، ولا سيما أنك انعطفت عليه كما ذكرت، بما اجتمع له من خيال الشاعر الفذ ومنهجية العالم المتمكن.

- ص157: ألا ترى أن انحصار الجارم في إطار القواعد، هو الذي صنفه في المحافظين؟

- ذكرت اختلاف طبيعتي الشعر والنثر، ثم نقضت ذلك بذكر قيود الوزن والقافية التي تضطر الشاعر إلى الاحتيال عليها، ولم تدر أنه لو لم يعجبه البيت لغيره أو تركه!

- ص99: ينبغي أن تذكر أن الضرورة الشعرية هي تعبير القدماء عن لغة الشعر، التي يجوز فيها للشاعر كل ما يخدم عمله.

- ص127: جعلت حذف المفعول به لمراعاة الوزن والقافية، ولن يخلو عند الشاعر الكبير من حسن التعبير، وإلا تركه لغيره.

نقد التحقيق والتخريج:

- ص ب: لا بأس بنظم الشكر شعراً مؤثراً ما لم تفسده الأخطاء: وبكل، وبكل، أرصِعُهُ=بكل، بكل، أُرَصِّعُهُ.

- ص175، 179، 189: جعلت بيتي الرجز المشطور بيتاً واحداً!

- ص178، 199: جعلت ثلاثة أبيات الرجز المشطور بيتاً ونصف بيت، ولم ينبهك نصف البيت!

- ص200: صرنا نسمي كتب العمل المراجع أو الكتب، وفي تفصيلاتها نذكر أحوالها المطبوعة والمخطوطة وما يحتاج إلى بيانه.

- ص141، 156: فصلت جزأي كلمة التدوير من بعد الموضع، ولو لم تفصلهما لكان أحسن.

- ص11ح: تعتمد على نشرة دار الكتب العلمية من المحكم لابن سيده بتحقيق عبد الحميد هنداوي، دون نشرة معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بتحقيق مصطفى السقا وحسين نصار بتصدير طه حسين!

- تعتمد على ديوان امرئ القيس بتحقيق عبد الرحمن المصطاوي، دون تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.

- صاحب كتاب "الأسلوب دراسة لغوية إحصائية"، هو الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح، لا سعد الله مصلوح!

- ص79: جعلت وفاة الخليل سنة 170هـ - رحمه الله!- وهي سنة 175هـ.

- ص109ح: أفرطت في الكلام على الحديث، وكان يكفيك تخريجه من البخاري فقط.

- ص14: أجريت الكلام عن كلمة "رَحْمَن" وكأنها على وزن "فَعَّال"، وهي على "فَعْلان"!

- ص57: فصلت من شؤون بعض القصائد ما لم تفصل من شؤون غيرها.

نقد الضبط والأسلوب والإملاء والترقيم والطباعة:

- ص116: فاعل لفعل محذوف جوازاً تقديره "خلقهن"= فاعل فعل محذوف جوازً هو ومفعوله تقديره "خلقهن"

- ص27: فيجعلُ= فيجعلَ.

- ص27: في كلَّ شيء وكلَّ حال= في كلِّ شيء وكلِّ حال.

- ص47: ولا ذا حقَّ قومٍك تظلمِ= ولا ذا حَقِّ قَوْمِكَ تَظْلِمِ.

- ص106: لأنها عوضاً عن كان المحذوفة= لأنها عوضٌ عن كان المحذوفة.

- ص123: واِنطِقِ، واِصدُقِ= وانطِقِ، واصدُقِ.

- ص130: لو اِستطاعت= لو استطاعت.

- ص148: جميلُ نداءٌ= جميلُ نداءٍ.

- ص13: من المفاهيم واسعة الانتشار= من المفاهيم الواسعة الانتشار.

- ص13: إنما بمصطلحات= لكن بمصطلحات.

- ص13: عن الاسم هو علم=عن اسم هو علم.

- ص14: الممنوع للصرف= الممنوع من الصرف.

- ص14: لاستوائها= لاستوائهما.

- ص22: بل وأَوْضحِها=بل أَوْضحِها.

- ص29: رتبة الفعل يجب أن يكون أولا=رتبة الفعل أن يكون أولا.

- أي أن الأصل في الفاعل...=أي الأصل في الفاعل...

- ص48: ثم ألا ترى=أثم لا ترى.

- الحذر من المتقدم=التحذير من المتقدم.

- ص57: على بعضها= بعضها على بعض.

- ص105ح: رغم... إلا أننا نجده...=على رغم... نجده....

- ص106: فلا يحذف الجار والمجرور= فلا يحذف الجار.

- ص108: لو أجزنا... لوقعنا في إشكال مع المنادى= لو أجزنا... لأشكل علينا المنادى.

- ص111: ولعل الأَوْلى في الاتِّباع هو...= ولعل الأَوْلى بالاتِّباع هو....

- ص112: قوام هذه الظاهر معتمد على تغير الحالة الإعرابية= قوام هذه الظاهر تغير الحالة الإعرابية.

- بخلاف لوكان...= بخلاف ما لو كان...

- ص124: أراد المتكلم اقتصار معنى الفعل للفاعل= أراد المتكلم قصر معنى الفعل على الفاعل.

- ص125: وهو يأكل ويشرب، و..و= وهو يأكل ويشرب وكذا وكذا.

- ص1: يتلاءم وطبيعة هذا البحث - وإن كان أفضل من يتلاءم مع طبيعة البحث الخطأ الشائع- يتلاءم هو وطبيعة هذا البحث.

- ص81: يتماشى مع ما قرره= يتماشى هو وما قرره.

- ص110: يتلاءم مع حذف الفعل= يتلاءم هو وحذف الفعل.

- ص126: تناسباً مع فواصل الآيات= مناسبة لفواصل الآيات.

- ص130: يشترك مع المبتدأ= يشترك هو والمبتدأ.

- ص ب: أعرف الصفة المشبهة من "خ ل ق" ، و"ش ف ق"، على فعيل: خليق، وشفيق، فأما الخلوق والشفوق فمن استمراء إجازة المجمع إطلاق صياغة الصفة المشبهة على فَعول!

- ص30: ولو= وإذا.

- ص41: خُفيت=خَفِيَتْ.

- ص54: الكبير=الكثير.

- ص57، 195: المُفِنِّ=المِفَنِّ.

- ص77، 195: وِجْدانه= وُجْدانه.

- ص112: مرجع ذلك=أثر ذلك.

- ص119: العزيمة=المأدبة، الوليمة...، تأثرت اللهجة.

- ص126: مهولة=هائلة.

- ص127: تخطِف=تخطَف.

- ص149: نَفَدَتْ=نَفَذَتْ.

- ص1: مضطراً=مضطرًّا

- ص13: لكلٍ=لكلٍّ.

- ص102: لكلٍ مفهومُه= لكلٍّ مفهومه.

- ص102: إن شراً فشرٌ= إن شرًّا فشرٌّ.

- ص117: حجًا، مهديًا، مهديًا= حجًّا، مهديًّا، مهديًّا، ولو لم تضع الفتحتين لأصبت.

- ص117: أساسيًا= أساسيًّا.

- ص123: الرَبع، الرَكب= الرَّبع، الرَّكب.

- ص129: "يخوِفكم أولياءه"= "يخوِّفكم أولياءه".

- ص130: السِماد، السِهام= السِّماد، السِّهام.

- ص22: الجميلة=الجملة.

- ص25: مبنيًا= مبنيًّا.

- ص30ح: هريري=هريدي.

- ص57: فَصَوٍّرْ= فَصَوِّرْ.

- ص100: والخي=والخير.

- ص102: يعنوِّن= يُعَنْوِنُ.

- ص115: كنت= كانت.

- ص129: تتتاسها= نتناساها.

- ص30: - مثلاً-=، مثلاً.

- ص119: فرعت فجأة بخط ثقيل من عبارة بخط خفيف ما أوحى بالاضطراب.

- ص200: جعلت فهرس المصادر والمراجع "خامساً"، وهو الثالث، ولكن يبدو أنك قدمت إلى أول الرسالة الملخص وفهرس الموضوعات، ونسيت تعديل الترقيم على ما انتهيت إليه.

- لقد حشرت عليك من أخطائك العروضية والصرفية والمعجمية والنحوية والأسلوبية والإملائية والتشكيلية والترقيمية والطباعية، ما لا تحتمله لا أنت ولا الوقت المتاح؛ فهاكَ نونيةَ الجارم "قبر حفني"، وهي من مادة دراستك؛ فأنشدنا إياها، ولا تخطئ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها!

قبر حفني

يا قبر حفني أجبني ماذا صنعت بحفني

ماذا صنعت بعلم وما صنعت بفن

وما صنعت بفكر ماضي الشباة وذهن

طويت خير مثاب للطائفين وركن

في كل يوم رثاء لصاحب أو لخدن

حتى لقد كاد شعري يبكي لضعفي ووهني

فإنما أنا منه وإنما هو مني

الوزن من نبض قلبي والبحر من ماء جفني

رحى المنايا رويداً خلطت طحناً بطحن

وإنما الناس ظعن يسير في إثر ظعن

فما حديد بباق ولا حذار بمغني

وكل عقل مضيء إلى خمود وأفن

يكاد إن مال غصن يشكو الزمان لغصن

تعساً له كم نعزي حيناً وحيناً نهني

من اجتماع لعرس إلى اجتماع لدفن

والمرء يحيي الأماني والدهر يبلي ويفني

فكم تمنيت لكن ماذا أفاد التمني

دعني أقلب طرفي في ظلمة الليل دعني

حيران أضرب كفي أسى وأقرع سني

قد خانني الدهر يوماً يا ليته لم يخني

أكلما مر نعش أو طاف نعي بأذني

طار الفؤاد فلولا بقية ند عني

لولا التقى لم أجده بجانبي أو يجدني

قالوا أجدت المراثي فقلت إن وإني

دموع عيني قريضي وزفرة الوجد لحني

علي أداوي حزيناً فالحزن يمحى بحزن

أو يشتفي ببكاء من شأنه مثل شأني

أين النبوغ توارى يا قبر حفني أجبني

أكلما لاح بدر رمته ريح بدجن

وخلف الأرض حيرى سهل يموج بحزن

ورب زهر شذاه يزري بأرواح عدن

كأنما منحته ألوانها ذات حسن

جماله الغض أغرى أغصانه بالتثني

غذته أطباء طل حينا وأثداء مزن

تسري به الريح رفقاً في خشية وتأني

كأنها فم أم يمر في وجنة ابن

النحل ترشف منه رحيقه وتغني

تجني ولم تدر يوماً أن الردى سوف يجني

طغت عليه سموم حرى كأنفاس جن

فغادرته ركاماً أجف من عود تبن

والدهر أحرى رفيق بأن يخون ويخني

يا قبر حفني أجبني وارحم بقية سني

قد راعني منك صمت بحقه لا ترعني

ففيك أمضى جناناً من كل فصح ولسن

وفيك شعر نقي من كل وقص وخبن

كأنه بسمات للوصل بعد التجني

أو نفحة من جميل طافت بأحلام بثن

أو رغوة من سلاف تفيض من رأس دن

كم نكتة فيه كادت تخفى على كل ظن

مصرية جال فيها ذوق الأديب المفن

لو كنت تعرف حفني لقلت زدني وزدني

نحو يصك الكسائي ويزدري بابن جني

وإن أثير جدال رأيته خير قرن

العلم أمضى سلاح له وأوقى مجن

قد كان ضخماً جسيماً يبدو كشامخ حصن

اللحم رخو بدين له نعومة قطن

والصدر رحب فسيح ما جاش يوماً بضغن

في وجهه الجهم حسن من روحه المستكن

قد زارني ذات يوم في وقت قيظ وكن

فكان أنسا تدانت به المنى بعد ضن

فاض الحديث زلالاً عذباً وما قال قطني

فكاهة من لدنه ونكتة من لدني

في الأذن قهوة كرم والكف قهوة بن

أروي ويروي القوافي كالدر وزناً بوزن

يا مجلساً عاد وجداً يذكي الفؤاد ويضني

ضاع الصبا ورجعنا منه بصفقة غبن

حفني سلام ونور لقلبك المطمئن

فارقت أهلاً وسكناً لخير أهل وسكن

تثني إليك القوافي أعناقها حين تثني

سلام عليكم، طبتم صباحاً - أيها العلماء والفنانون- وطاب مسعاكم إلينا!

بسم الله - سبحانه، وتعالى!- وبحمده، وصلاة على رسوله وسلاماً، ورضواناً على صحابته وتابعيهم، حتى نلقاهم! أحمد الله الذي يسر لي أن أجاور أستاذيَ الجليل الدكتور شعبان صلاح وأخي الكبير الأستاذ الدكتور أحمد هندي، وأشكره، وأسأله كما جمعنا عاجلاً أحباباً سعداء، أن يجمعنا آجلاً أحباباً سعداء، بلا مناقشات ولا مداولات ولا قرارات!

هذه الرسالة 470 صفحة صغيرة خفيفة: مقدمة (9صفحات)، تمهيد (6)، فصل أول للتكرار (59)، فصل ثانٍ لإطالة بناء الجملة (52)، فصل ثالث للتقديم والتأخير في أجزاء الجملة (57)، فصل رابع للحذف على المستوى النحوي (78)، فصل خامس للإطراد (106)، فصل سادس للأساليب (82)، خاتمة (5)، فهارس للآيات والأحاديث والأقوال والشواهد الشعرية والمصادر والمراجع والموضوعات (13)، وملخص بالإنجليزية، وفي معاني ذلك ومبانيه نظر طويل (3).

وعلى رغم أن كثيراً مما أريد قوله قد أتى عليه أخي الكبير الأستاذ الدكتور أحمد هندي، أتلمس فيما يأتي ما يمكن أن ينتظم في خمسة المسالك الآتية: في المناقب العامة، ثم في المبادئ النزارية، ثم في المثالب العامة، ثم في تعبير الطالب عن أفكار غيره، ثم في تعبير الطالب عن أفكاره. ومن أدلة المحبة وطرق التحبب، أن أستفتح بمناقب هذه الرسالة كِفاءَ ما جمعتنا هذا الاجتماع الطيب.

في المناقب العامة

1- أول مناقب هذه الرسالة مشرفها أ.د. شعبان صلاح الشاعر اللغوي الكبير، الذي بذل من وسعه عمره في علم الشعر وعمله؛ فلكل تلميذ من أستاذه نصيب، ومن أشبه أستاذه فما ظلم!

2- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك صياغة مسألة البحث صياغة دقيقة محكمة، أفضل ما يمكن في صياغة مسائل الماجستير، خالية من الزائدة الدودية "الدلالية" الواقعة في أكثر الصياغات.

3- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك اختيار نزار قباني - وإن بَعْدَ ثلاثَ عشْرةَ سنة- فهو أحد كبار شعراء مدرسة الشعر الشعبية على مدار تاريخ الشعر العربي - في تسمية الدكتور نجيب البهبيتي، رحمه الله!- المدرسة التي رادها الوليد بن يزيد الخليفة الأموي بلديُّ نزار، ثم أبو العتاهية والسيدُ الحميري، إلى أن تحمل عبئها نزار قباني السوري وأحمد مطر العراقي. وهي مدرسة من يطاردون بشعر الفصحى شعر العامية، ومن شهد منكم المتظاهرين في ميدان التحرير وأنصت إليهم، اطلع على طرف من هذه المنافسة التاريخية بين شعر الفصحى وشعر العامية: أيهما أصدق تعبيراً، وأيهما أنفذ تأثيراً، وأيهما أبقى ترديداً.

4- ومن مناقب هذه الرسالة كذلك حسن تأتي الطالب إلى المباحث الآتية:

1- إطالة الخبر شبه الجملة - 90- لإفادة الفسحة والاتساع والإطلاق.

2- إطالة المفعول به الصريح - ص92- لإفادة اجتهاد الشاعر في البحث والاستقصاء.

3- الإطالة بالحال - ص95- لإطالة الحكاية بإطالة الصورة.

4- إطالة النعت - ص99- لتوضيح اللفظ وترسيخه في الذاكرة.

5- تقديم الجار والمجرور - ص173- للدلالة على كثرة العوائق المتجمعة ثم للتشويق إلى المؤخر.

6- تسمية إضافة المتماثلين استنساخاً - ص302- وهي تسمية موفقة، لظاهرة واضحة.

7- اختلاف أسلوب النداء بين الشعرين الغزلي والسياسي - ص391- من حيث أدوات النداء.

8- اشتراك المنادى والمبتدأ بعده - ص400- في مادة واحدة.

9- اشتراك المنادى والخبر بعده - ص401- في مادة واحدة.

10- تقديم الاستفهام - ص441- على الأمر.

11- تقديم الأمر - ص442- على الاستفهام.

12- اقتران الأمر - ص443- بالنداء.

13- أسلوب الأمر والنهي - ص434- الذي اضطرك إلى تأمل دلالته والانطلاق الذي تمنيناه.

14- المدخل - ص448- إلى أسلوب التمني والترجي.

في المبادئ النِّزاريَّة

1- سألت سعاد الصباح نزار قباني سنة 1992م، عن شعريه الغزلي والسياسي؛ فقال: "بكل صدق أقول إنني متعاطف مع شعري الغزلي ضد شعري السياسي. والسبب هو أنني جررت إلى الشعر السياسي جراً، بحكم الأحداث المتفجرة التي أشعلت المنطقة العربية. أما شعر الحب فقد ذهبت إليه باختياري، ولم يجرني إليه أحد. وبتعبير آخر أشعر أنني في شعري الغزلي كنت سيداً على أوراقي بينما كنت في شعري السياسي خاضعاً لسطلة التاريخ السياسي عليّ وضغط الأحداث على أصابعي وأعصابي. وربما لم أقل هذا الكلام قبل الآن لأحد. ولكنني اليوم أسجل هذا الاعتراف حتى أبرئ ذمتي أمام تاريخ الشعر"!

2- ثم سألتْه: لا يعدك التقليديون تقليدياً ولا الأصوليون أصولياً ولا الحداثيون حداثياً؛ فمن أنت في زحمة الألقاب العربية؟ فقال: "أنا نزار قباني فقط! أنا هذه اللغة التي اشتغلت في نحتها كالصائغ على مدى خمسين عاماً ولم يتمكن أي صائغ آخر من صياغة لغة تشبهها في بساطتها وديناميكيتها وديمقراطيتها. إنني لست بحاجة إلى أي لقب سلطاني أو إلى أي فرمان عثماني حتى أعرف من أنا فالألقاب الشعرية لا تصدر من فوق بل تصدر من تحت حيث الملايين تبحث عن كسرة خبز أو كسرة حرية. من هذه الملايين أستمد سلطتي الشعرية، ومن هذه الملايين أتسلم أوراق اعتمادي كسفير فوق العادة للطيبين والبسطاء والمعذبين في الأرض، ومن هذه الملايين أنال أصواتي الانتخابية لا من وزارات الثقافة ولا من النقاد ولا من أجهزة المباحث"!

3- ثم سألتْه: هل أنت ضد الحداثة في الشعر؟ فقال: أنا ضد الفوضى وضد التخريب وضد العدمية؛ فالشعر هو قبل كل شيء نظام وانضباط ومسؤولية. إنني أفتح قلبي لأي شعر جديد يقنعني بأنه شعر، ولكنني لا أستطيع أن أكون مع هذه الهيستيريا اللغوية التي اسمها الحداثة. إنني غير متمسك بالصياغات والأشكال القديمة أبداً، ولا أنا متمسك بالقصيدة العصماء والمعلقات وتفاعيل الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ فالشعر نهر يغير أمواجه في كل لحظة، ولكنه يبقى نهراً، وأنا أرفض أي دعوى حداثة تطالب بإلغاء النهر وشطبه من أطلس الجغرافيا. وكما تغيرت ملابسنا وبيوتنا وطعامنا وعاداتنا وأذواقنا وانتقلنا من مرحلة البادية إلى مرحلة المدنية، فإن شعرنا هو الآخر تغير واختلف جذرياً عن الشعر الجاهلي والأموي والعباسي. فلا الفرزدق له اليوم شعبيته ولا النابغة الذبياني محبوب لدى أطفالنا ولا عمرو بن كلثوم يشرب القهوة معنا في الكافيتيريا. إن لغتنا الشعرية اختلفت 180 درجة عما كانت عليه (...) وكذلك اختلفت صياغاتنا وأفكارنا وعاداتنا الشعرية. وهذا يعني أننا نتطور ونتغير ونستجيب لمتطلبات العصر دون أن نكون بحاجة إلى من ينسف بيوتنا بالديناميت ويحول تاريخنا الشعري إلى رماد. إن مدينة الشعر تتغير بطلاء جدرانها وتوسيع ساحاتها وإضاءة شوارعها وتجميل حدائقها. أما استعمال البولدوزر لتحديث الشعر العربي فهو عمل إرهابي أرفضه رفضا قاطعا"!    (كتاب العربي العدد81:83-86).

4- وفي أجوبة نزار تلك - لو وقف عليها الطالب- منطلقات كفيلة بتأسيس دراسته على أسس قوية من معالم مدرسة الشعر الشعبية، العروضية واللغوية:

1. من مثل وزن القصيدة إما من الأبحر المفردة وإما من الأبحر المركبة الكثيرة الاستعمال، وتقفيتها إما من القوافي الذُّلُل وإما من القوافي النُّفُر أو الحُوْش المحورية الكلمات.

2. ومن مثل بناء القصيدة القصيرة على لقطة واحدة، وبناء القصيدة الطويلة على لقطات متعددة متجاورة بلا تركيب عضوي معقد، ومتصلة بوجوه التكرار المختلفة.

3. ومن مثل تحريف البناء الصرفي وهلهلة البناء النحوي، عفواً أو قصداً، واستعلاء دارجاً أو استثقالاً فلسفياً!

4. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لانتبه إلى إركاك نزار الكلام عمداً وضعاً منه للجمهور؛ فقد كان مقتنعاً أن الشعر رغيف يخبز للجمهور كما تعرفون وتأكلون فيه التراب والمسامير وأعقاب السجائر إن وجد أصلاً!

5. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لبنى رسالته على الموازنة بين شعري نزار الغزلي والسياسي؛ فعالج الصعوبة التي اعتذر بها - ص3- ثم كان عمله أدق وأعلى، ولم يتوجس في أواخرها - ص307- من التعبير عنها!

6. ولو عثر الطالب على تلك الأجوبة، لم يقل في نزار - ص15-: "خاض معارك العشق شاباً ومعارك النضال الوطني شيخاً، حتى وهن القلب ولم يعد يحتمل أحوال أمته وما آلت إليه"!

في المثالب العامة

1- لقد رد عليك الرسالة أستاذك الدكتور شعبان لتصححها وتعيد طباعتها - وهو ما لم أعرفه لمشرف قبله- ففعلتَ، فلما قرأتُ النسخة الواردة أخيراً، حرت فيها أهي المصححة أم المحرفة؛ فقد تكاثرت عليَّ الأخطاء الإملائية والصرفية - يُؤويه لا يَأْويه، وبِلْقِيْس لا بِلْقَيْس- والنحوية - ص30- حتى عطلت لدي حاسة الفهم والتذوق! ولم يعد غريباً أن تقع - ص27- في 7 أبيات مثلاً 10 أخطاء، ولا أن نحار - ص45- في جهة القصيدة بفتح مكسور يجوز كسره وفتحه، والشاعر نفسه قد حدد أحد الوجهين تحديداً صريحاً، ولا أن تجعل - ص277- الفعل المضارع "تُبَرْعِم" اسما "تَبَرْعُم"، على رغم حاجتك في مبحث اطراد الفعلية إلى فعليته، لا لم يعد أي من ذلك ومن مثله غريباً!

2- وفي ديوان نزار نفسه تحريفات بعضها من عمله هو - "قُرُنْفُلة" ص281 وهي "قَرَنْفُلَة"، و"أَعُزُّ" ص289 وهي "أَعِزُّ"، و"أَخْطُفُ" 407 وهي "أَخْطَفُ"، وبعضها من عمل الطابع- ينبغي أن تميز بعضها من بعض، لكيلا تُظَنَّ من تحريفاتك، ولكن كيف وأنت نفسك لا تعرفها.

3- أنت تكسر وزن الشعر ولا تعرف العروض، وأعجب الأشياء مشتغل بالشعر لا يعرف العروض؛ إذ العروض روح الشعر - وهذه 11 مثالاً: 25، 27، 40، 51، 73، 88، 90، 136، 225، 281، 291- خَمَّنْتُ كثيراً منها، ووجدته في الديوان على ما خمنت- وأعجب من ذلك مشتغل بالشعر نُقِلَ إشرافه إليَّ، سألته: أتحب الشعر؟ فقال: لا.

4- عجباً لك أيَّ عجب! تكتب رسالتك بخَطَّيْنِ، قَبيح وحَسَن؛ و"ما حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكْ فَتَوَلَّ أَنْتَ جَمِيْعَ أَمْرِكْ"

5- مسألة الرسالة كافية جداً، ولكنها غير منحصرة، وقد ذكرت في الصعوبات - ص4- "اتساع الموضوع"، وأنك عالجته باختيار أبرز قضاياه، فكان لَقْط لَقَطات؛ حتى لَيُعَدُّ عملك من دراسة عوارض البناء النحوي!

6- إن الغالب على عملك تمثيل بعض الأفكار المتخطفة من بعض الأبواب، تمثيل الواجب المنزلي -ص126، 243- بلا تفكير علمي نحوي؛ وإلا فأين ضبط المادة، بل أين مقاييس النحو! إن مادتك محددة - وإن أهملت تحديدها في مقدمتك لتكرار الفهرس وكان نقد مجموعات نزار أولى بالمقدمة- فلِمَ لَمْ تحص عناصرك إحصاء، لتستخرج معطياتك فتفسرها تفسيراتك، وترى رأيك؟ هذا عبث بنا - يا بني- يؤكد الشائعة القائلة: إن تسجيل الموضوع أهم ما في الموضوع!

7- صحيح أنه نَدَّ منك عفواً في أسلوب النداء - ص390- إحصاءٌ انتبهتَ به فجأة إلى ضرورة إحصاء العناصر الدالة وإلى ضرورة الموازنة بين طرفين، ولكنك لم تحكمه - كيف وما هو إلا رمية من غير رام- وإلا لأحصيت الغزلي بجوار السياسي خطوة خطوة، ولأحصيت أوضاع أجزاء أسلوب النداء!

8- لقد كان ينبغي لك تنميط تراكيب المكررات ونقد الغالب منها - لم كان غالباً؛ أَلِيَتَمَكَّنَ من التعبير عن كذا مثلاً؟- والنادر لم كان نادراً؛ ألأنه مثلاً لم يعبأ بكذا أو كان حريصاً على الإيحاء بأنه لا يعبأ به؟

9- ألم تنتبه إلى أنك تَحَرَّجْتَ -ص69-75 وغيرها كثير- من تكرار عبارة الاستقصاء وإعادة ألفاظ الشاعر بعد كل نقل؛ فكففت عنها، وتركتنا مع مختارات من شعر نزار!

10- وادعيت - ص77- ترديد النظر في إطالة الجملة بين التراث العربي وشعر نزار، من غير أن توازن بينهما منذ الخطوة الأولى وتستعمل الإحصاء والتحليل والتفسير منذ البدء قبل أن يستعصي الأمر!

11- ينبغي أن تنمط للإطالة أنماطاً تجتمع في قيمها الدلالية أمثلة المقبول وأمثلة المرفوض فالحركة إنما تكون من خلال وحدة النمط النحوي.

12- غرابة استعمال نزار لحروف المعاني (الأدوات أو الملونات) - ص38، 73،- ظاهرة تستحق الدراسة فربما كان من إنابة الحروف، وربما كان من تضمين الأفعال، وربما كان من استلهام الحديث الشعري العام، وربما كان خطأً وعبثاً!

13- بلغ تلاعب نزار بالحروف أن غير الباء - ص67- في المثل "رجع بخفي حنين" إلى في!

 14- أستفيد من قولك – ص 45 – "تكرار بيت معين.. وتكرار الجمل والعبارات..."، حيرتك بين المقاييس الشعرية والمقاييس النحوية، ففي أثناء كلامك عن تكرار البيت الواحد تستشهد بتكرار الجمل والعبارات! وتخلط قيم التكرار المختلفة؛ فمقطع وبيت من واد وتركيب وجملة وكلمة وصيغة من واد.

15- ما حيلة نزار - ص186- في الواجب، إلا أن توازن بين شعره وشعر آخر غير عربي؟ ما لنا -210- وللحذف الواجب! إنه يُتَكَلَّمُ عنه في أثناء الكلام عن بناء الجملة لتذكر أنماط الجملة الموجزة كيف تكون أو يذكر فرق ما بين العربية وغيرها من اللغات! تحصيل حاصل حذف المفعول المطلق وجوباً - ص213- وتوصيل واصله!

16- وهكذا - ص457- كان تناولك جزئياً ولم تنتبه إلى اصطفاء قصيدتين كاملتين كافيتين، فتوازن بينهما موازنة نحوية تستحضر فيها كل ما تتبعته جزئياً لتقدم نمطاً عالياً من التفكير أو النقد النحوي الفعال، ولتكن إحداهما من الشعر الغزلي والأخرى من الشعر السياسي؛ عسى أن تختبر دعواك أنت فيهما أو دعوى الشاعر نفسه. لقد أوردت - على ست صفحات من ص39- قصيدة كاملة كما تمنيت عليك ولكن من غير جدوى!

17- أوليس التكرار والإطالة والاطراد بعضها من بعض على نحو ما! أظن أننا إذا استوثقنا من بعض الفصول جاز أن نجعل رسالتك في بنية التكرار في شعر نزار! ولا سيما أن هذه الفصول الثلاثة هي نصف الرسالة، وأن الفصل السادس حيران بين الفصول، أما الفصلان الثالث والرابع فدخيلان!

18- كان ممكناً - ص459- جعل التكرار من مباحث الإطالة ولكنك أردت الإطالة وليس بمستحيل ذلك ولكن تدقيق النظام أجدر بك!

19- ثم يا أخي الكريم لا يجوز إطلاق الأحكام - ص279- من غير مقدمة بإحصاء العناصر الدالة.

20- في مبحث أسلوب الشرط أظن أن طريقة التحليل النحوي إلى أساليب غير مستقيمة مع سائر الفصول، بل أظن أن تقسيم الفصول غير موحد المنهج؛ فبعضها ينبغي أن يدخل في بعض، وبعضها ينبغي أن يغير على وفق بعض!

21- إذا أردت - ص197- كلام غيرك فعبر عنه بأسلوبك ثم أحل عليه في الحاشية، إلا إذا أردت نص كلامه لشيء فيه ستعلق عليه فعندئذ تنقله. ولكن المشكلة أن الطالب يستضعف نفسه عن أن يعبر بأسلوبه عن فكرة غيره. ألا فاعلم أن غيرك إنما هو بمنزلتك يستفيد ممن سبقوه ويعبر بأسلوبه!

22- ثم أين دراسات بناء الجملة وإطالته في القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر النفيس! لكن كيف تَأْتيك - ص84- إلى حيث تقيم بصعيد مصر "والسيل حرب للمكان العالي"! أم كيف تأتيك وأنت مشغول عنها بعملك اليومي والمشغول لا يشغل! اعلم أن لدينا من الدراسات في ذلك الأمر ما يحرجنا عن دراسته مرة أخرى!

23- من الملاحظ جداً عدم الحواشي فكأنك تعمل وحدك! حتى إذا اعتمدت كان اعتمادك على دراسة شعر مانع سعيد العتيبة! وما شعره في الشعر ليكون لدراسته مكان في النقد، ثم ليكون لاعتمادك عليها درجة في الاحتجاج!

24- من مشكلات الدراسات العليا اضطرار نتائج الدرجات للطلاب إلى أقسام لا تناسب في ظاهرها مواهبهم، كاضطرار حملة القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر النفيس، إلى قسم النحو والصرف والعروض. ينضمون إلى قسمنا، ويمضون في سبيله، ثم يسجلون للماجستير والدكتوراه في القرآن والحديث والشعر، ثم يعرضون على الأساتذة عملهم، فإذا هو خال في كثير من الأحيان من التفكير النحوي مشغول بالتفكير غير النحوي. ألا فليعلموا أن قسمنا محتاج إليهم بمواهبهم هذه، فهي نِعَمٌ لِلَّهِ عندهم تستحق الشكر، وشكرها في قسمنا أن ينتهجوا في معالجة ما يحملون، منهجاً نحوياً، ويدخلوا إليه من مداخل نحوية، ويشتغلوا في أثنائه بتشقيق الأفكار النحوية. وليطمئنوا إلى أنهم بهذا يجمعون الحسنيين؛ التفكير النحوي والتفكير الفقهي والجمالي، ولا يقلقوا؛ فكثير من الأفكار الفقهية والجمالية، ما هي عند التحقيق إلا أفكار نحوية كما فصل أستاذنا الدكتور محمد حماسة في كتابه "النحو والدلالة"، الذي جعل شعاره كلمة مشهورة لأستاذنا الدكتور مصطفى ناصف الناقد الفيلسوف: "النَّحْوُ مَشْغَلَةُ الْفَنَّاْنِيْنَ وَالشُّعَرَاْءِ".

    ==ثم قطعت الكلام فيما يأتي: ===

في تعبير الطالب عن أفكار غيره:

1- تنثر النقل - ص18- ثم تنقله من غير تقديم بين يديه ولا تعليق عليه، ولو عبرت بكلامك ثم أحلته في الحاشية على كتابه، كنت أعذر، إلا أن يكون لك تعليق على نص المنقول!

2- تنقل -ص26، 29- ولا تعلق وكأنك تحرجت من تلك الحال.

3- تنثر أمثلتك من الشعر بعقبها نثراً عقيماً - ص63،256- وكأننا لم نقرأها.

4- نقلت - 19- عن الزركشي أن التكرير أبلغ من التأكيد لأنه وقع في تكرار التأسيس؛ فهل تعرف أنت معنى تكرار التأسيس؟

5- أعرف أن كلامك في آثار التكرار ودوره في البناء النحوي فرشة تمر فيها على الزمان مروراً ولكنني أستحيي لك من هذه العناوين الكبيرة - ص17-ص22...- من غير طائل وراءها!

6- توحي - ص51- بأن تكرار ضميرها كتكرار اسمها وليس كذلك!

7- إذا جاز أن تخص ضمير الغيبة بكلام بعد ضمير الخطاب وضمير التكلم لم يجز - ص52- أن تميز ضمير الغائبين مثلاً بعنوان بعد عنوان ضمير الغائب فالمعول هنا على الغيبة المطلقة مقابل الحضور!

8- بنيت الكلام - ص53- على أن "من" موصولة وهي شرطية، كيف والقصيدة مبنية على ما يكشفه عنوانها "من علمني حباً صرت له عبداً"، وهو التركيب الذي اختتمت به القصيدة ولم يقتصر على عنوانها

9- ألا ترى كيف تخلو تعليقاتك - ص54- من التفكير النحوي! وهكذا....

10- تكتفي في تحديد المراد بقولك: "كأن الحال التي نحن فيها بعد الحرب تشبه الحال التي نقول فيها: كل عام وأنتم بخير"! وما هذه الحال في رأيك؟ إنها المناسبة المتكررة العيد!

11- هكذا جريت - ص60- على سنة من تكرار ما لا حاجة إلى تكراره وقد سبق قريباً!

12- لم لم تجعل - ص62- ليس من الأدوات الأفعال التي ذكرتها من قبل وهي كذلك؟

13- ومن الأدوات حروف فلم لم تخرجها - ص64- من ثوبها؟ ذاك ألا تصور كلياً لك بل تخبط خبط عشواء!

14- هل تكرار "ألم تبيعوا" - ص65- تكرار كلمة؟

15- أرجو قبل أن تستقصينا أن نجد -67 - في الأغراض شيئاً غير الاستقصاء.

16- أرأيت كيف شعرت - ص69-74 - بمهزلة الاستقصاء وإعادة ألفاظ الشاعر السابقة قريباً فأعرضت أو سهوت.

17- كذلك التكرار والاطراد من إطالة بناء الجملة أحياناً!

18- تدعي - ص118- الثقل بطول الاعتراض، ولا ثقل ثَمَّ، بل جمع بين ضميره وندائها جمع حبيبين وهذا أدل على صدق عاطفته.

19- هذا التعقيب - ص128،186- الذي أشرت إليه وإن ابتسرته أنت على عجل، ولكنك صنعته على أية حال، مما يدل على اضطراب منهجك بين قدراتك وميولك وبين تنبيهات أستاذك، بارك الله فيه!

20- أحياناً تنشط لبيان طرف من سياق الفكرة النحوية -ص136- وأحياناً تكسل.

21- اسم ليس - ص152- ضمير الشأن المستتر، لا المصدر المؤول!

22- لا تقديم - ص153- والاسم ضمير المتكلم المستتر! وكذلك بعدئذ الاسم ضمير الشأن المستتر!

23- طيب! إذا كان التقدم -ص168- واجباً والتباعد مبحوثاً في مكان آخر فأين التعليق! أو ما حاجتك إلى ما لا تعليق لك عليه إذ لا شيء فيه مما يعنيك!

24- أرجو أن تستبعد من أسباب التقديم والتأخير مراعاة القافية؛ كيف وقد كان يمكنه وهو الشاعر الكبير أن يحذف ويرتاح!

25- الطول والثقل والكثرة كل أولئك - ص190- من أسباب الحذف، فيما سره التخفيف.

26- السبب هنا - ص190- طول الجملة لا إطالتها وإلا لسميتها مطالة لا طويلة والطول كائن فيها وبه يكون الحذف أحياناً والإطالة سوف تكون.

27- تورد في أسباب الحذف - ص192- المأثورة ما لا تمثله!

28- تعدد في شروط الحذف - ص193- ما هو واحد!

29- كان ينبغي لك في تحرير الإيجاز - ص195- أن تستفيد من كلام البلاغيين العالي في تقسيمه على إيجاز اختصار وإيجاز اقتصار - وسبحان الله! الاقتصار والقصر من مادة واحدة فهي إذن أولى إذ هي مصطلح عند البلاغيين. في إيجاز الاختصار تريد وتترك معتمداً على فهم ما تريد. وفي الآخر لا تريد فتترك منعاً لتعليق الفهم. من الأول س: هل شرب عصيره؟ ج: لم يشرب. من الثاني س: ماذا فعل؟ ج: أكل ولم يشرب.

30- زعمت - ص199، 200- أن الفاعل محذوف وهو مستتر، والتمثيل ينبغي أن يكون لما لم يجر له ذكر، وهو معروف في الشعر.

31- ذكرت حذفه الجملة في قوله: هل أنت إسبانية ساءلتها -رسمتها سائلتها!- قالت وفي غرناطة ميلادي فترى لم حذفها هي وأداتها الجوابية؟ إنه يعبر عن بداهتها واستنكار المسؤولة جهل السائل أو سؤاله!

32- زعمت في تأويل قوله: "الشمس كانت تلبس الكاكي"، أن من حذف النعت والمنعوت، والتقدير: كانت تلبس الملبس ذا اللون الكاكي! وتكلفت؛ فالكاكي لون كالأسود مثلاً في قولك: لبس الأسود، من حذف المنعوت وحده!

33- عبارتك - ص270- "من أهم الملامح التي توضحها ظاهرة الاطراد في البناء النحوي لشعر نزار" تدل على خوفك من التحديد لأنك غير واثق من علمية ما تفعل؛ ملامح أي شيء؟

34- تدعي - ص275- أن ليس بالقصيدة جملة رئيسية فعلية، وفيها ثلاث جمل فعلية رئيسية كما تقول.

35- قلت: - ص277- "واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض..."، فانقلب نزار الشاعر فجأة نحوياً يدعي لنفسه كلام سيبويه! ألا ترى عبثك بالنقول! لولا أخطاء ضبطك الكثيرة جداً لقلت إن هذا العبث من آثار الكمبيوتر فإنه يساعد على الإضافة العشوائية والحذف العشوائي! والكاتب عليه لا يقع في مثل تلك الأخطاء الضبطية البشعة!

36- قلت: - ص278- "وهذا يضع قصائد نزار المكونة عناصرها من الأفعال أو يكون أغلب عناصرها أفعالاً في موضع الثقل"! أهذا كل ما قدرت عليه! اعلم أننا ممن يتبركون بكلام سيبويه، ولكن كان ينبغي لك ألا تهمل الحركة التي في الفعل المضارع والثبات الذي في الاسم، إن أهملت أي شيء سواهما!

37- ترى - ص279- في صيغة الأمر زمن استقبال، ولقد ينبغي ألا ينظر في صيغة الأمر إلى الزمن، بل إلى إنشاء الطلب مقابل الإخبار في الماضي والمضارع.

38- في أي فصل نحن - ص293- في بناء الجملة أم في اطراد أوضاعها التركيبية.

39- كما ذكرت في التكرار عن نازك استحسانها تغيير العبارة في المرة الثانية، تذكر تصاعد العبارة وكأن في ذلك تهابطاً، وهنا يتجلى لك وجاهة اشتمال الفصل الأول على هذا الفصل.

40- دعاوى لا دليل عليها - ص374- وركاكة وعبث!

41- تحدث - ص395- عمن دخول أداة النداء على غير الاسم، وحق المسألة أن تبحث في حذف المنادى وهناك يطرح الرأي الآخر.

42- مبحث مواقع النداء -396- هو السياق الذي تمنيته عليك منذ قليل! لكنني لم أظن أن يكتفي بالإشارة والتمثيل فقط، بل لا بد من الإحصاء والتحليل والتفسير!

43- تركيب المنادى - ص400 لا تراكيب المنادى!

44- في مبحث حذف فاء جواب الشرط - ص422،423،424- أرأيت كيف تكرر الكلام في عناصر فصول سبقت!

45- بعض ما أوردت في أسباب التقديم والتأخير - ص460- واضح جيد، وبعضه ملتبس ببعضه!

في تعبير الطالب عن أفكار

1- تكتب -على وجه الغلاف-: "... بحث مقدم لنيل درجة الماجستير حسين محمد حسين أبو زيد"، والدرجة كما تعرف غير مسجلة باسمك؛ فكان ينبغي أن تقول:

من الطالب فلان، ولكنك كرهت صفة طالب ويا ليتنا نظل طلاب علم ما حيينا، إذن لتفيأنا أعلى المنازل. وكان يمكنك أن تحسن الهرب بمثل "بحث مقدم... من حسين"

2- وتزعم - ص2- أن لبناء شعر نزار النحوي صداه في نفوس كثير من هواة الأدب والدارسين، والحق أنه كذلك من حيث هو عصب التعبير لا من حيث اتجاههم إليه بالتأمل، ولولا هذا لسبقوك إلى هذه الرسالة!

3- كل ما ذكرته من ص5 إلى ص9 من شأن الفهرس لا المقدمة.

4- وتتحدث - ص5، 6، 29- عن وصايا تريد أن توصي بها الشاعر، ثم تشير إلى انتصاحه بها أحياناً! عجباً! أتخاف النحويين! أما والله لو كنا إنما ندرس الشعر لتوصية الشعراء لم يكن أخيب مسعى عندئذٍ من مسعانا! من يوصي من! لقد أثرت فيك نازك وهي شاعرةً أكبرُ منها عالمة؛ بتوصيات نقدها المتعصبة، كما في اشتراطها لنجاح بعض أنواع التكرار أن يدخل الشاعر عليه تغييراً طفيفاً؛ فقد ذهبت تعثر لها على تكرار لنزار لا تغيير فيه، وقد كان الأولى ألا تُصَدِّرَها للأحكام العلمية أصلاً، ولكن كيف وقد جعلتها مع العقاد -ص18- من علماء اللغة! ألا إن الشاعر إذا كان أسير مذهب فني، فإن العالم أسير المنهج العلمي!

5- ولا تتجاوز موقف المخافة في قولك - ص45-: "فهل بعد أن تحقق شرط التغيير الطفيف الذي اشترطته نازك قد حظيت هذه القصيدة بحكم النجاح عند متذوقي الشعر؟ أليس الحكم على التكرار بالجمال والنجاح فيه تفاوت بين متذوقي الشعر ونقاده فما تعده نازك الملائكة ناجحاً قد يأخذ حكماً غير حكم النجاح بقليل أو بكثير. وأرى أن هذا المقطع لا يشترط لنجاحه هذا التغير فهو تكرار ناجح فلو ترك نزار هذا التغيير لنجحت القصيدة وإن كان هذا التغيير له أثره في دلالة المقطع"؛ فلا تُرَكِّكُ هذه التكرارات المتفشية، وتشهد لنزار بالتوفيق إلى هلهلة الشعر العربي مرة أخرى أورده سيرته الأولى! ولكنها بادرة تحتاج إلى تكملة!

6- أيرضيك ما صنعته بترتيب عناصر فصل الإطالة! تورد الأسباب - ص103- وقد أوردتها من قبل في أثناء ما سبق!

7- رأيت هذه الأنواع من التكرار - ص107- الدالة على ما قلت لك من تداخل فصول الرسالة وحاجتها إلى منهج غير منهجها!

8- هو إذن - ص48- من تكرار بنية الجملة دون لفظها. وانظر معي إذا كان كرر بنية الجملة الأولى ولفظها أكنت تعد هذا من تكرار الجملة (بنيتها) أم من تكرار البيت! أرأيت فيم يوقعك اضطراب المقاييس!

9- أما لهذا الفصل - ص374- من مدخل يطلعنا على مجاله ومخرج يذكرنا ما كان فيه مما يمهد لمجيء ما بعده.

10- لي على حذف أداة النداء -394- مأخذان: أن فصل الحذف قد سبق مما يدل على خلل منهجي، وأنك تطبق وكأنك في واجب منزلي، لا تبحث خاضعاً لما يؤديه المبحوث! وهذا مهم لطلاب الدراسات العليا جميعاً!

11- وتعد الحقول الدلالية - ص459- من أسباب الإطالة ودواعيها وكأن نزاراً كان في عمل معجمي كلفه به المجمع!

12- وتصف أركان الجملة - ص6- بأنها أركان رئيسية، فعجبت هل هناك أركان فروع!

13- وتذكر في القيود ذات الأثر البالغ في توجيه المعنى نحو المبالغة - ص304- خمسة قيود ثم لا تتكلم إلا عن اثنين!

14- وتخترع وجوها من الركاكة، كما في قولك - ص305-: "لا تُطال لا من الظنون ولا من حتى ظنون الظنون"، كأنك تتحرى الإركاك في التعبير عن الركيك، ذكرت بها قصيدة الدكتور حسن طلب التي تساخر فيها ببعض الحكام حتى قال له اخترت لقصيدتي فيك أسخف أوزان الشعر العربي المتدارك!

15- تكرار هذا الذي في ص8، 9 أم ذهول؟ ما لك تتبع الفقرة مثلها على نحو عجيب من التكرار والتطويل الضائع!

16- لماذا تكرر ما قد سبق؟ اشغل نفسك بالتأمل النحوي أفضل لك!

17- سوء أسلوب ص58

18- أنت كذلك - ص20- مكرر كبير أو تكراري كبير!

19- عدنا -ص164- إلى التكرار.

20- لا يجوز الخلط في المدخل - ص22- بين تراث التكرار وبين التكرار في شعر نزار بل تفرغ من مدخلك لشعر نزار مستخرجاً منه ما فيه دون ادعاء عليه ما ليس فيه.

21- ها هو الخلط- ص24- ذا!

22- ألا يغني الاستيعاب - ص25- عن الاستقصاء، والتأكيد عن التثبيت والتقرير!

23- لكلمة مقطع دلالة لغوية اصطلاحية وقد جرى بين علماء الشعر استعمال مصطلح قطعة ومقطعة ومقطوعة للقصيدة القصيرة فإذا انبنت القصيدة الطويلة على عدة قطع جاز لك أن تتمسك بمصطلح قطعة لتتكلم به عما في هذه القصيدة خروجاً من هذا المأزق. ثم إن عملك نحوي فكان عليك أن تلتزم الوحدات والعناصر النحوية تستعملها وتقف عندها وتتأملها هكذا: بنية الكلمة (التي هي ركن أو عمدة أو مؤسس ومكمل أو فضلة ورابط أو أداة أو ملون) وبنية الجملة (التي هي فعلية واسمية ووصفية وظرفية وشرطية) وأبنية الجمل (التي هي فقرة من النص).

24- يبدو أن استفدت أنت أو كاتبك من هذا التكرار - ص42- فصرتما تنسخان ما شكلتماه من قبل لكيلا تتكلفا إعادة تشكيل ما لم يشكل ومن ثم تكررت الأخطاء أنفسها كما هنا!

25- وتسمي الإعادة - ص34- تكرارا؛ إذ كيف يكرر أول المقطوعة، ولم يذكره غير مرة واحدة!

26- وتستعطفنا باختيار كثير مما غُنِّيَ من شعر نزار قديماً وحديثاً، وليس سواءً؛ فالغناء زينة ربما تكشفت عن ضغينة!

27- لو كانت لديك نتائج - ص460- لفصلتها في الخاتمة.

28- وتفهرس ما وقع رسالتك من آيات وأحاديث وأقوال وشواهد، وشعر نزار الواقع الممثل به فيها أولى، حتى يستعين به المطلع على رسالتك فيما يطلبه من نقد مشكلات شعر نزار وما أشبهه مما قبله ومما بعده كليهما!

29- وتصف مصادرك ومراجعك صفاً مضطرباً، فضلاً عن خلط كتب المصادر بكتب المراجع.

30- وتُوَسِّط فهرس الموضوعات بين آخر الرسالة والملخص الإنجليزي، ولو كنت قدمته أول الرسالة بعد صفحة العنوان الكبير والبسملة الكبيرة، كان أسهل وأنفع، ولكن كيف وقد شغلت بالفهرس مقدمتك!

    == قطعت الكلام في ذلك قائلاً للطالب: ===

بقيت عشرات التعليقات على تعبيرك عن أفكار غيرك وعن أفكارك. أستطيع أن أعفيك منها بشرط أن تنشدني شيئاً من شعر نزار! تستطيع؟ لا ألزمك أن تُسَمِّعَ! ما رأيك؟ تُفَتِّشُ في رسالتك وقد عرفناها! ما رأيك في أن تقرأ لي هذا النص، أنا جئت لك بنص، تَعالَ، تفضل! هذا من أواخر ما أنتجه نزار، إذا قرأتَ لي هذا النص اكتفيتُ ولم أتكلم بعده، لا أريد أكثر من هذا! أنا معي نسخة بين يدي، ومنه نسخة بين يديك؛ فاقرأ، وارق؛ فإن منزلتك عند آخر كلمة تقرؤها:

1

لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان

جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان

تساقط الفرسان عن سروجهم

وأعلنت دويلة الخصيان

واعتقل المؤذنون في بيوتهم

وأُلغي الأذان

جميعهم تضخمت أثداؤهم

وأصبحوا نسوان

جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل

وبالرضاعة

جميعهم قد ذبحوا خيولهم

وارتهنوا سيوفهم

وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان

ما كان يدعى ببلاد الشام يوماً

صار في الجغرافيا

يدعى (يهودستان)

الله  يا زمان

2

لم يبق في دفاتر التاريخ

لا سيف ولا حصان

جميعهم قد تركوا نعالهم

وهرّبوا أموالهم

وخلّفوا وراءهم أطفالهم

وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان

جميعهم تخنثوا

تكحلوا

تعطروا

تمايلوا أغصان خيزران

حتى تظن خالداً ... سوزان

ومريماً .. مروان

الله ... يا زمان

3

جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان

يلبس في كل صباح كفناً

ويشعل الجنوب إصراراً وعنفوان

جميعهم قد دخلوا جحورهم

واستمتعوا بالمسك، والنساء، والريحان

جميعهم مدجن، مروض، منافق، مزدوج .. جبان

ووحده لبنان

يصفع أمريكا بلا هوادة

ويشعل المياه والشطآن

في حين ألف حاكم مؤمرك

يأخذها بالصدر والأحضان

هل ممكن أن يعقد الانسان صلحاً دائماً مع الهوان؟

الله ... يا زمان

4

هل تعرفون من أنا

مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

وهذه الدولة ليست نكتة مصرية

أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان

فأرض (قمعستان) جاء ذكرها

في معجم البلدان

وأن من أهم صادراتها

حقائباً جلدية

مصنوعة من جسد الانسان

الله ... يا زمان

5

هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض (قمعستان)

تلك التي تمتد من شمال أفريقيا

إلى بلاد نفطستان

تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ القتل

الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان

وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان

ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة

ويفقأون أعين الأطفال بالوراثة

ويكرهون الورق الابيض، والمداد، والاقلام بالوراثة

وأول البنود في دستورها:

يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان

الله ... يا زمان

6

هل تعرفون من أنا؟

مواطنٌ يسكن في دولة (قمعستان)

مواطنٌ

يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة الحيوان

مواطنٌ يخاف أن يجلس في المقهى

لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان

مواطن أن يخاف أن يقرب من زوجته

قبيل أن تراقب المباحث المكان

مواطن أنا من شعب قمعستان

أخاف أن أدخل أي مسجد

كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان

كي لا يقول المخبر السري:

أني كنت أتلو سورة الرحمن

الله ... يا زمان

7

هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟

تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها

أخرجها الشيطان

هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟

حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

ورغبة الزوجين في الإنجاب

تحتاج إلى قرار

وشعر من أحبها

يمنعه الشرطي أن يطير في الريح

بلا قرار

8

ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)

حيث الذكور نسخة عن النساء

حيث النساء نسخة من الذكور

حيث التراب يكره البذور

وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور

وصاحب القرار يحتاج إلى قرار

تلك هي الأحوال في دولة (قمعستان)

الله ... يا زمان

9

يا أصدقائي:

إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان

ليس لها شوارع

ليس لها أرصفة

ليس لها نوافذ

ليس لها جدران

ليس بها جرائد

غير التي تطبعها مطابع السلطان

عنوانها؟

أخاف أن أبوح بالعنوان

كل الذي أعرفه

أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي

يرحمه الرحمن

10

يا أصدقائي:

ما هو الشعر إذا لم يعلن العصيان؟

وما هو الشعر إذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟

وما هو الشعر إذا لم يحدث الزلزال

في الزمان والمكان؟

وما هو الشعر إذا لم يخلع التاج الذي يلبسه

كسرى أنوشروان؟

11

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تجهل حتى الآن ما هو النهار

وما هو الفارق بين الغصن والعصفور

وما هو الفارق بين الورد والمنثور

وما هو الفارق بين النهد والرمانة

وما هو الفارق بين البحر والزنزانة

وما هو الفارق بين القمر الأخضر والقرنفلة

وبين حد كلمة شجاعة

وبين خد المقصله

12

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان

باسم الذين انتزعت أجفانهم

واقتلعت أسنانهم

وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان

باسم الذين ما لهم صوت

ولا رأي

ولا لسان

سأعلن العصيان

13

من أجل هذا أعلن العصيان

باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار

تحت الشاشة الصغيرة

باسم الجماهير التي يسقونها الولاء

بالملاعق الكبيرة

باسم الجماهير التي تركب كالبعير

من مشرق الشمس إلى مغربها

تركب كالبعير

وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير

وما لها من الطموح غير أن تأخذ للحلاق زوجة الأمير

أو ابنة الأمير

أو كلبة الأمير

باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم

وحزمة البرسيم

14

يا أصدقاء الشعر:

إني شجر النار، وإني كاهن الأشواق

والناطق الرسمي عن خمسين مليوناً من العشاق

على يدي ينام أهل الحب والحنين

فمرةً أجعلهم حمائماً

ومرة أجعلهم أشجار ياسمين

يا أصدقائي

إنني الجرح الذي يرفض دوماً

سلطة السكين

15

يا أصدقائي الرائعين:

أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه

أنا العيون للذين ما لهم عيون

أنا كتاب البحر للذين ليس يقرأون

أناالكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون

أنا كهذا العصر، يا حبيبتي

أواجه الجنون بالجنون

وأكسر الأشياء في طفولة

وفي دمي، رائحة الثورة والليمون

أنا كما عرفتموني دائماً

هوايتي أن أكسر القانون

أنا كما عرفتموني دائماً

أكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون

16

يا أصدقائي:

أنتم الشعر الحقيقي

ولا يهم أن يضحك ... أو يعبس

أو أن يغضب السلطان

أنتم سلاطيني

ومنكم أستمد المجد والقوة والسلطان

قصائدي ممنوعة

في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة

قصائدي ممنوعة

لأنها تحمل للإنسان عطر الحب والحضارة

قصائدي مرفوضة

لأنها لكل بيت تحمل البشارة

يا أصدقائي:

إنني ما زلت بانتظاركم

لنوقد الشراره

" كان يريد إقامة إمبراطورية إسلامية . وإخلاص الإخوان المسلمين للإسلام أكثر من إخلاصهم لوطنهم!". هذا ما قاله قائد الانقلاب في حوار له مع الواشنطن بوست ليسوغ انقلابه العسكري الدموي الفاشي على الرئيس المنتخب محمد مرسي. أما  وزير خارجيته "نبيل فهمي" - الهارب من التجنيد - فقد ذكر في حوار نشر على الموقع الإلكتروني لجريدة (دير شبيجل) الألمانية أن : " مرسي أراد إقامة نظام حكم إسلامي وما كنا نسمح له بذلك ، ولذلك لجأنا إلى الجيش ". وأضاف : " لو كانت المشكلة هي أداء مرسي لكنا انتظرنا ثلاث أو أربع سنوات لكن المشكلة أنه كان يقود البلاد نحو وجه إسلامي !" .

المسألة إذا ليست محمد مرسي أو الإخوان ، ولكنها رفض الإسلام والوجه الإسلامي ، تحت دعوى تجديد الخطاب الديني! . المسلمون لديهم ما يعرف بالتجديد الديني ، ويؤمنون أن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد الإسلام ، أي يطهره مما ألحق به وليس منه ، ويجلو عناصره الأساسية ، ويذكر الأمة بثوابته ومتغيراته . 

لماذا يغرقوننا في حكاية تجديد الخطاب الديني ، وما الغاية من ورائها ؟ الإجابة هي استئصال الإسلام كي يعيش الصهاينة آمنين . دعونا نسأل عن معني كلمة خطاب ؟

كثيرون من ذوي النوايا الحسنة لا يفهمون معناها الحقيقي أو مفهومها الأصلي ، ويظنون أن الخطاب يعني الأسلوب أو طريقة الدعوة ، كما يشير المعنى اللغوي " مادة خطب - الـخَطْبُ: الشَّأْنُ أَو الأَمْرُ، صَغُر أَو عَظُم؛ يقال: ما خَطْبُك؟ أَي ما أَمْرُكَ؟ وتقول: هذا خَطْبٌ جلـيلٌ، وخَطْبٌ يَسير. والـخَطْبُ: الأَمر الذي تَقَعَ فـيه الـمخاطَبة، والشأْنُ والـحالُ؛ وخَطَبَ الخاطِبُ على المِنْبَرِ خَطَابَةً، بالفتحِ، وخُطْبَةً، بالضمِ، وذلك الكلامُ: خُطْبَةٌ أيضاً، أو هي الكلامُ المَنْثُورُ المُسَجَّعُ ونحوهُ .. إلخ" .

شياطين الإنس من الشيوعيين وأشباههم يعرفون معنى الخطاب اصطلاحا أدبيا ونقديا ، بحكم أنهم يعرفون المصدر الغربي الذي صاغها والغايات التي يهدف إليها . حيث الخطاب كل ملفوظ يندرج تحت نظام اللغة وقوانينها ليكون نصا ، وإذا ما خرج هذا النص ليندرج تحت السياقات الاجتماعية سمي خطابا ، فالخطاب إذن ينهض بمهمة توصيل رسالة، ويمكن القول بأن العلوم المجاورة والمساعدة ،التي اتخذت من النص الأدبي موضوعا لها، ترى للخطاب معاني مختلفة ، فحقل اللسانيات يرى أن "الكلام " يولد خارج النظام ، وضد المؤسسة ، لأنه يتميز بطابع فوضوي تحرري ، وهو الفضاء الذي تنشأ  فيه الصياغة اللغوية ، وهذه اللغة الجديدة ، لها أن تكون "رسالة "أو بنية أو "نصا " أو "خطابا" فكلها أصلها الكلام. وإن كان الخطاب(DISCOURS) يختلف عن النص (TEXTE) حيث يعتبر الخطاب رسالة تواصلية إبلاغية متعدد المعاني ...

ومع تعدد تعريفات الخطاب فإن معظمها يتفق على أنه مضمون وليس وسيلة أو طريقة في الدعوة والتعريف ، وهو ما يلح عليه السادة الشيوعيون وأشباههم عند الحديث عن الخطاب ، وإذا كان الناس يسمعون من قائد الانقلاب أوامر مستمرة للأزهر وغيره بتغيير الخطاب الديني أو القيام بثورة دينية كي لا يؤذي المسلمون العالم بأفكارهم الدينية المنحرفة (!) ، فإن أحد أقطاب الحظيرة الثقافية يرجع المأساة الدموية التي تعيشها الآن بلاد العالم العربي وخاصة ليبيا والسودان وسوريا والعراق إلى انحراف الفكر الديني (!) الذى يبدأ من العقل ثم يعطى أوامر لليد التي تنفذ القتل والإرهاب ابتداء من السيف وانتهاء بالقنابل. أي إن الإسلام سبب النكبات في العالم العربي ، وليس الحكام الطغاة أو اللصوص الكبار أو العملاء الخونة، وأن انحراف الفكر الإسلامي هو الذي دفع إلى قتل ربع مليون سوري وعشرات الألوف في ليبيا والسودان والعراق واليمن ومصر .. وليس بشار وحفتر والبشير والمالكي والحوثي والانقلاب العسكري ؟ وكأن الإسلام على امتداد أربعة عشر قرنا هو الذي يدعو إلى القتل والذبح والتخلف ، وليس العصابات الخائنة التي تحكم بلاده بين حين وآخر!

 القطب الحظائري الكبير يرى أن العقلانية الإسلامية هي الحل ، ويجب أن تكون    مسيطرة، وعلينا أن نستبدل ابن رشد وتفكيره بابن تيمية وطريقته!  

بالتأكيد فالحظائريون من الشيوعيين وأشباههم الذي يلحون على فكرة تجديد الخطاب الديني ، لا يقصدون التجديد الديني الذي عرفه المسلمون على مدى تاريخهم الطويل ، ولكنهم يريدون تغيير مضمون الدين وإلغاء ثوابته أو فرائضه الأساسية من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد وزواج وما يعرف بالحلال والحرام ، بالإضافة إلى تقنين الربا والشذوذ وترسيخ التبعية لثقافة الغرب الفاسدة وليس الصالحة ، وعدم الحديث عن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر .. إلى غير ذلك من أصول ديننا الحنيف حتى يرضى عنا الغربيون المهيمنون وأتباعهم المحليون والإقليميون !

إنهم يتخذون من بعض حوادث العنف التي تجري هنا وهناك دليل إدانة للإسلام ، مع أنهم يعلمون جيدا أن معظمها تقوم به أجهزة مخابرات محلية وإقليمية ودولية محترفة عن طريق بعض السذج ، وأنها لم تكن قائمة قبل سيطرة الغرب على بلاد المسلمين واصطناعه حكومات مستبدة موالية له . ثم إن الإسلام لم يدع يوما إلى سفك الدماء بغير حق ، ولكن عصر الأكاذيب يحاول أن يرمي المسلمين بدائه وينسل !

ثم إن دعاة ما يسمى تجديد الخطاب الديني يتجاهلون الخطر الأكبر وهو عدم تعليم الإسلام في المدارس والجامعات والأزهر . لقد صار الإسلام لا وجود له في مناهج التعليم بالمعنى العملي . وزارة التعليم مثلا خصصت حصة واحدة لما يسمى التربية الدينية ، وهي مادة لا تضاف إلى المجموع ، وينجح فيها الطلاب آليا سواء طالعوا كتابها أو لم يطالعوه ، وصار تقليدا شهيرا في المدارس أن مدرسي المواد الأخرى التي تضاف إلى المجموع يستغلون وقتها لتدريس موادهم واستدراك ما تأخروا في تدريسه لسبب أو آخر ، وقد لا حظت أن الكتاب الذي يحافظ على هيئته التي خرج بها من المطبعة في أيدي الطلاب هو كتاب التربية الدينية لأنه لم يفتح إلا يوم الامتحان ، ثم يطوح به إلى القمامة !

أما الأزهر الشريف فله الرحمة ولمحبيه السلوان ، معظم طلابه لا يحفظون القرآن الكريم أساس الدراسة فيه ، والمواد المتعلقة بالإسلام واللغة صارت قشورا لا تسمن ولا تغني ، واسأل عن الغش الذي طال كل معاهده ، ونسبة الثانوية الأزهرية هذا العام 28,1% . والناجحون لم ينجحوا بجهودهم على كل حال !

لمن يتوجه تجديد الخطاب الديني المزعوم إذا ؟ لمن لا يفقهون الدين ولا يستطيعون التفرقة بين الحلال والحرام ؟ ومن يقوم بهذا التجديد ؟ من لا يصلون ولا يصومون ولا يزكون ، ويلعنون الجهاد ويباركون الربا ؟ أو من يقولون : القرآن به ألفاظ تجرح مشاعر الآخرين (يقصدون النصارى).. الهرم أقدس عندنا من الأقصى.. كلما قابلنا قداسة البابا سنقبل يده.. الحجاب ليس فرضا. أو من يقولون : القرآن به متناقضات..؟ أو من يقولون :"كتير من الشباب ألحدوا.. يعني مخرجوش من الإسلام". " والكفار سيدخلون الجنة !" ، أو من يقولون : " الرقص هو الإسلام الوسطي ؟" . هل يستطيع دعاة تجديد الخطاب الديني أن يطلبوا التجديد من الكنيسة ؟

الله مولانا . اللهم فرّج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم ! 

المزيد من المقالات...