dgsgfhfsg930.jpg

أعرف الكاتب والروائي الفلسطيني جميل السلحوت منذ مدة طويلة، حيث كنا ننشر إبداعاتنا معًا في عدد من المواقع العربية والجرائد التي تهتم بالشأن الأدبي والثقافي عمومًا، وكل إبداعاته موجهة إلى قضايا الإنسان والمجتمع الفلسطيني أولًا والعربي عامة. والكتابة الأدبية لدى السلحوت تنطلق من قناعته الخاصة بأهمية الأدب وقدرته على طرق مواضيع مسكوت عنها أو محظور التطرق إليها سواء عرفًا أم قانونًا. وتأتي روايته الجديدة "الخاصرة الرخوة" (دار مكتبة كل شيء، حيفا، 2020) في إطار هذه النظرة، نظرًا لكونها رواية تعالج قضية المرأة ومعاناتها داخل المجتمع وخاصة في مواجهة نظرة ذكورية تسلطية تفرض قوانين ما أنزل الله بها من سلطان ولا يمكنها أن تمنح المرأة إنسانيتها وحريتها في اتخاذ قراراتها.

إن صورة المرأة في الرواية قد اتّسمت بالتعدّد والتنوع، لأنها لم تعدْ فقط صورة نمطية قارة في العقول والأذهان، وثابتة في الأفكار عند الروائي نفسه، بل أصبحت موضوعة للقول الإبداعي وتيمة له، فكانت موضوعًا مهمًا له ما لهُ وعليه ما عليه، خلافًا لما كانت عليه من قبل، وخاصة في التصورات المتشددة لفائدة الثقافة الذكورية المحضة، والتي تستمد مشروعيتها من الفكر الكلاسيكي والرجعي الموغل في التراث القروسطي... ومن هنا، يمكننا القول إن جعل قضية المرأة في معزل عن القضايا الإنسانية الأساسية، وتجريدها من سياقها الجمعي داخل المجتمع البشري، كما نستنتج من الرواية، هو قول غير صائب، وعمل لا ينفع في شيء، خاصة وأن المرأة وقضيتها هي جزء من قضايا الإنسان عامة، أن تنفتح على آفاق واسعة ورحبة في مقاربتها لقضية المرأة في المجتمع التقليدي، حيث نجد في الرواية رؤية مختلفة وواعية تلحُّ على الاندماج الطبيعي المفترض بين المرأة والرجل في عالم يبحث عن الحداثة ويهدف إليها، لكنه منقسم بين غرب يقف حجرة عثرة أمام التحديث، من خلال تمزيق الأنساق التقليدية للعلاقات الاجتماعية التي لا بد لكل تحديث أن يقوم بتفكيكها، وبين مجتمع أبوي ذكوري مستبد يمنع نصفه الثاني من المساهمة في هذا التحديث بدعوى أنه عورة فاضحة قاصرة ومبتورة ومطمورة، ولكنه نصف مثير للشبق والرغبة، على حدّ قول فاطمة المرنيسي. ولنتصور ذلك مع الروائي حينما يقول في الرواية: "التفتَ أبوه إليه غاضبًا وتساءل: ماذا ستستفيد من دراستها؟ فالنساء خُلقن للزواج والإنجاب وخدمة أزواجهن" (الرواية، الصفحة 9). أو كما في قوله: "التفتَ أبو جمانة إلى أبي أسامة وقال متجهمًا: إذا جئتم تطلبون خادمة لابنكم، فقد أخطأتمْ في العنوان، فالنساء شقائق الرجال، والزواج سنة الحياة، والحياة الزوجية تقوم على البر والإحسان، وابنتي لن تكون خادمة لأحدٍ، لكنها ستكون زوجة صالحة لمن تكون من نصيبه" (الصفحة 10).

"في الرواية رؤية مختلفة وواعية تلحُّ على الاندماج الطبيعي المفترض بين المرأة والرجل في عالم يبحث عن الحداثة ويهدف إليها، لكنه منقسم بين غرب يقف حجرة عثرة أمام التحديث وبين مجتمع أبوي ذكوري مستبد"

ولكي تستطيع الأنثى استرجاع ما فقدته، واستعادة شعورها بذاتها، فهل هي في حاجة إلى ولي أمرها أو إلى أي أحد آخر ليدافع عن كرامتها وعن إنسانيتها أمام جبروت النظرة المجتمعية التسلطية؟ وهل هي في حاجة إلى من يأخذ بيدها إلى برّ الأمان ويخرجها من عنق الزجاجة الذي وُضعت فيه باسم عناوين وأعراف ما أنزل الله بها من سلطان؟ ولكي تحقّق كل هذه الأشياء كان لا بد لها أن تستغل شيئًا تملكه لتحقق به ما عجزت عن تحقيقه بعقلها وفكرها ورأيها، وهو العلم والمعرفة، معرفة حقوقها كإنسان أولًا وأخيرًا من حقه أن يدافع عن نفسه ويشعر بوجوده وذاته دون حاجة إلى وصي أو واسطة. هنا تتجلّى قوة المرأة وقدرة الأنثى على التمرّد والثورة ضد الأعراف التقليدية، ورغم أنها في بعض الأحيان، تسقط فريسة أمام سلطة الأب والأم، فإنها في أحيان أخرى تستطيع أن تمرر عبرهما العديد من الأفكار والقناعات التي تحافظ على كرامتها وعلى حقها في الرفض والتعبير عن أحاسيسها بكل حرية.

وإن في اتساع الهوة بين الذات والحياة، بل بين الذات والعالم المحيط بها، ما يؤدي إلى التيه على مستوى الفكر والعاطفة، وينتج بالمقابل مشاعر مهزوزة ومشتتة بين أطراف تلك العلاقات الأسرية. فغياب الحب داخل الأسرة بين الأم والأب مثلًا، يدفع الفتاة إلى البحث عنه خارجًا لأنها تعرف أن الحب هو إكسير الحياة الأسرية، ووقودها، ومنتج السعادة والمحبة والمودة الدائمة. ولذلك تجد الفتاة، في مثل هذه الحالات، تروم الوحدة والعزلة والانزواء إلى الخفاء والغياب ودخول سراديب وممرات التفكير السلبي والقاتل للأنوثة والأمومة، أو البحث عن شخص آخر يمكنه أن يفهمها ولو مؤقتًا ويحافظ على ماء وجهها الذي فقدته في إطار وعي ذكوري تعيشه داخل البيت وتعاني منه في كل تفاصيل الحياة، كما فعلت صابرين التي أرادت أن تعيش حياتها بأسلوب مختلف عن باقي فتيات العائلة وتختار لنفسها زوجًا وحبيبًا وتمارس حياتها بشكل مختلف انطلاقًا من خلع الحجاب إلى الخروج مع حبيبها والذهاب معه إلى بيته دون ترقب للعواقب أو حساب منها لكلام الناس ورقابتهم.

لقد مزّقت صابرين كل مواقف الخجل والحياء والخوف من المجتمع وردود فعله في الصوت الأنثوي، مثل لقائها بحبيبها في بيته أو في كل الأماكن والأوقات، ومصافحته بسلاسة وتقبيله بحرية أمام الناس، والخروج معه في أوقات متأخرة من الليل أمام الجميع، ووصف عشقها له ورغبتها في الزواج به وممارسة الحب معه.. فصابرين توجّهت في هذه المواقف نحو موضوعات تتعلق بهويتها الأنثوية، وسؤال الذات المتمركزة في منطقة غير متكافئة مع الرجل في مجتمعها الفلسطيني الذي يكرّس ثقافة معينة تنحو في اتجاه تكريس الصوت الذكوري الذي يقطع الطريق على المرأة لتحقيق ذاتها، والخروج من سلطته المطلقة التي تمنحه إحساسًا بوجوده وبذاته المتضخمة، التي يشعر في بعض الأحيان باضمحلالها خاصة أمام الأنثى. إن الابتهاج بالحب، والفرح بهذا الشعور الجميل، جعل صابرين تقوم بجهد كبير لإقناع أمها بالخروج مع عشيقها وعدم البوح بسرها إلى أبيها. هذا الحب منحها إرادة جديدة في تحقيق الذات، وأعطاها قدرة هائلة على الإبداع الفني، لأنه قضى على تلك المشاعر الدفينة داخلها والتي كانت تقضي على آمالها في الحب والزواج وبناء أسرة. ورغم أنها في النهاية كانت عرضة للخيانة من حبيبها، زير النساء، حيث تطلقت منه، لكنها بقيت وفية لنهجها في الحياة دون أن تتعرض لصدمة قوية تفقدها ثقتها في ذاتها.

"توجّهت صابرين نحو موضوعات تتعلق بهويتها الأنثوية، وسؤال الذات المتمركزة في منطقة غير متكافئة مع الرجل الذي يقطع الطريق على المرأة لتحقيق ذاتها"

عندما تصل الأنثى إلى مرحلة معينة من حياتها، وعندما تبدأ بالشعور بذاتها كأنثى وكإنسان قادر على التفكير والتعبير عن نفسه وعن مشاعره وأحاسيسه خاصة بعد تعرّضها للعديد من الهزات، وتحّس بعقلها وقد عرف الكثير من الإصلاحات والتدخلات التي تتحكم في أفكاره ومواقفه، وترسم له مساحات التحرك والتفكير والتعبير، فإنها تكون في النهاية فريسة وعي يجعلها تفقد القدرة على السيطرة في تصرفاتها وأفعالها، لأنها تكون قد تعرضت لتشويش معين على مستوى الوعي بالصواب والخطأ، وبالمقبول والممنوع، بل يصل بها الأمر إلى الحد  الذي يجعل منها امرأة متمردة على كل ما له صلة بالصواب والمقبول وما يقرره الرجل من قوانين وقيم وأخلاق وحدود، فتخرج عليها مدعية الحرية والحق في الاختيار والتعبير... وهذا لعمري يؤكد بالملموس نتائج التسلط القيمي والفكري المفروض عليها وعلى فكرها وحقها في الحياة. ولنقرأ مع جميل السلحوت المقطع التالي: "انتفضتْ عائشة باكية غاضبة: ما هذه القرية الظالمة؟ يا إلهي إنهم يكذبون ويصدقون كذبهم، فوالله إنني ظُلمتُ، ولا أزال مظلومة، ولم أجدْ من يرفع الظلم عني، ليتني متُّ واسترحتُ من هذه الدنيا البائسة" (الصفحة 115).

تعلن عائشة عن هذا الظلم والتسلط البشري في مجتمع ذكوري ظالم لا يعترف بقيمة المرأة وبراءتها أمام أفعال الرجل التي قد تصل إلى وأد طموحها وكرامتها تحت ظلال عناوين ثقافية تستمد شرعيتها من وعي قروسطي منغلق، فتتشبث بالله والأمل في رحمته، بل إنها تطلب منه أن يمدها بالقوة على الصبر على هذا الظلم والمغفرة منه جراء التفكير في الانتحار ومغادرة الحياة الظالمين أهلها. إنها مفارقة عجيبة. كيف لامرأة شرقية أن تنتفض وتتمرد على إرادة المجتمع الذكوري وترفض قراراته وتقاليده؟ وحتى لو شعرت المرأة بالظلم والإهانة فعليها أن تتقبل الأمر وتحتسب ذلك عند الله، لكن أن يصل بها الأمر إلى المعاناة والتعبير عنها علنًا وترفض ما يقرره لها الرجال فإن في ذلك ثورة على القيم المجتمعية التي رسموها وتفرض عليها الطاعة دون نقاش أو تمرد. فإنها مطالبة بالانتحار على أن تبادر إلى الاعتراف بالظلم فهذا شيء مرفوض وغير مقبول ولا يمكنها أن تعود إليه مرة أخرى.

"تعلن عائشة عن الظلم والتسلط البشري في مجتمع ظالم لا يعترف بقيمة المرأة وبراءتها أمام أفعال الرجل التي قد تصل إلى وأد طموحها وكرامتها تحت ظلال عناوين ثقافية تستمد شرعيتها من وعي قروسطي منغلق"

ختامًا، نقول إن جميل السلحوت من خلال روايته هاته، يحاول أن يقرأ مجتمعه الفلسطيني من جانبين اثنين: جانب متعلّق بما يؤمن به من تقاليد وعادات وأعراف تكاد تقضي على حق المرأة باعتبارها نصف المجتمع في التعبير عن الذات والحفاظ على إنسانيتها واختلافها عن شقيقها الرجل، وجانب مرتبط أساسًا بمدى قدرة جزء مهم من النساء على التمرد والثورة ضد هذه التقاليد رغم التضييق وأساليب المنع والقمع باسم عناوين لا علاقة لها بتعاليم الدين والقيم المتعارف عليها إنسانيًا. وبالتالي يمكن اعتبار الرواية نقدًا موجهًا إلى المجتمع الفلسطيني عامة من أجل إعادة النظر في بناء وعي إنساني جديد يعطي لكل ذي حقٍ حقه، ويمنح المرأة الفلسطينية إمكانية المساهمة في بناء المجتمع دون تضييق عليها أو وصاية، فلا يعقل أن تكون المرأة الفلسطينية أمُّ الشهداء والمقاومين والشرفاء عرضة للظلم والاضطهاد. فمقاومة الاحتلال والظلم تبدأ بالضرورة من شعور أفراد المجتمع دون تمييز جنسي أو عرقي أو ديني بحريتهم أولًا وأخيرًا.

 "عابر في الماضي" مشروع لرواية ملفتة للنظر، ومنذ العنوان: "عابر في الماضي" يعطينا الكاتب محـمد الرفاعي فكرة أولية أن الحديث سيكون عن شخص ما عبر في الماضي وأتجه للمستقبل منه، وليس عن عملية عبور في الماضي والبقاء فيه وإلا لتغير العنوان إلى: "العبور في الماضي"، وحين الانتقال من العنوان إلى الإهداء نجد أن هناك ما يكرس فكرة العنوان في الذهن، فالإهداء عبارة عن فقرات لقول قالته أنثى ما إلى الكاتب، وكان ذلك "ذات شتاء عابر"، مما يؤكد الفكرة التي خامرت ذهني بمجرد الاطلاع على العنوان ومن ثم على الإهداء. 

   وبما أن الرواية أو العمل الإبداعي بشكل عام يحمل بعض من ملامح شخصية الكاتب أو بعض من تجربته، يشدنا العنوان مع الإهداء أننا بصدد الاطلاع على تجربة ما للكاتب، عكست نفسها بشكل أو آخر، فتحولت لفكرة الرواية، أو هي الرواية بحد ذاتها. 

   في الجزء الأول من الرواية وبمجرد البدء، يلجأ الكاتب إلى أسلوب استدراج الذاكرة، فهو يتحدث عن الماضي، وصيغة الفعل الماضي في هذا الفصل واضحة تماماً، فهو يستخدم هذه الأفعال منذ البدء، فيقول مثلاً وليس على سبيل الحصر: أنهيت، فكرت، رتبت، أضافت، فتحت.. وغيرها من أفعال الماضي، ويشير لذلك بوضوح بعبارات مثل: مطر على ذاكرة المكان، ويشير بوضوح إلى قصة حب تعود للماضي لامرأة تزوجت ورحلت "سنوات أضعتها في حب وزمن لا يعرفان الرحمة"، ويضيف الكاتب لاستدراج الحدث من الذاكرة، استدراج العديد من الكتابات لكتاب آخرين واستخدامها في سياق الفكرة وللتأكيد عليها، فهو يستعيد عبارات للشاعر محـمد الماغوط، رواية الفراشة لهنري شاريير، أدونيس، محمود درويش، ناظم حكمت، عبد الرحمن منيف، ارخنغلسكي، أرسطو، عبد اللطيف عقل، رسول حمزتوف..الخ، ويجعلها في سياق يخدم هدف الرواية. 

   الماضي والارتباط به محور أساسي في الرواية، فالكاتب في حواره من خلال شخصية زياد بدروي مع صديقه عماد القيس، عبر الرسائل المكتوبة والمنصوص عليها يؤكد على ذاكرة المكان، وارتباط هذه الذاكرة بذاكرة إنسان المكان، ولا يعتبر الابتعاد عن المكان حلاً للخلاص من الماضي "الابتعاد يزيدنا شوقاً لعناقه والذوب فيه"، فالماضي يشكل في شخصية زياد بدوري محوراً هاماً في تركيبته النفسية وظروفه، فهو الوحيد "أنا والليل وثالثنا سهر، وثلاثتنا لا أهل له"، ويرفض أن يجلس في مقاهي الثرثرة الفكرية وترهل الحالة الثقافية، يلتجئ للموسيقى والأغنيات، يلتجئ للحبر والورق والحلم، "أشتاق للأهل، للأصدقاء، التفت حولي، أين هم؟"، يخاطب الزمان: "ألا انصرف أيها الزمن، فأنا وإياك خطان لا يتساويان لا نلتقي"، ويلتجئ لدفتره وفيه يكتب. 

   يلتجئ الكاتب إلى تقسيم كل جزء من الكتاب إلى عدة فصول، ويبدأ الفصل عنده بالانتقال من نهاية سردية وحدث، فينتقل إلى سردية وحدث آخر تشكل فصلاً جديداً من الجزء الذي بدأه، دون الإشارة المكتوبة أو المرقمة لهذا الانتقال، تاركاً للقارئ أن يشعر بذلك بنفسه من خلال ترابط الحدث وإن تغيرت الصورة والمكان، فنلمس ذلك بوضوح في الانتقال مثلا من الفصل الأول للثاني من الجزء الأول، فرغم اختلاف المكان والحدث، إلا أن الذاكرة واستعادتها تظل تلعب دورها بقوة، وتمثل القاعدة التي ينتقل منها الكاتب لفصل جديد بدون أن يشعر القارئ بعملية قطع أو بتر في تسلسل الحدث في الرواية.  

   من الماضي وبأسلوب سلس ينتقل الكاتب إلى الحاضر فيعطي للرواية حبكتها وعقدتها، فهو ينقلنا من تداعيات الذاكرة إلى الحاضر وعمله الصحفي من خلال العديد من الشخوص، وكل من هذه الشخوص يمثل حالة وشخصية، فالشاعر نيسان في مناقشته يطرح فكراً وتحليلاً طبقياً يركز على دور الإنسان، مما يستدعي حواراً له علاقة بالثورات والفقر والكادحين، يبحر في أعماق الشخوص، ينتمي للأرض ويعتبر الإنسان سنابل محنية لأنها تحمل البذور، فكأنه ناظم حكمت الشاعر اليساري الذي دفع عمره ثمناً لأفكاره. 

   ومن هنا نجد أن الكاتب لجأ لسعة اطلاعه على الأدب والشعر والفلسفة، بعكسها على شخوص روايته، فكل منها يمثل حالة مختلفة، تتجمع في النهاية بصور إنسانية عديدة، تمثل الإنسان بأفكاره المختلفة، مما يجعل الرواية تحمل هدفاً فكرياً وهدفاً إنسانياً، فمن شخصية زياد البدوري بطل الرواية وشخصيته الأساسية، مروراً بصديقه عماد القيس فالجميلة المجهولة وصولاً للموسيقي أبو المهند حتى شخصية الشاعر والفنان نيسان، وأيضا شخصية المدرس حسن عرفان، ومن خلال شخوصه هذه يلجأ الكاتب وعلى ألسنتهم لإيصال أفكار يحملها، فيقول على لسان زياد: " نحن المهابيل الذين يدركون الحياة ولا يدركون كيف يمكن أن تعاش"، ويقول على لسان أبي المهند: "الموسيقى تخترق جدار صمتنا السميك وتذوبه"، وعلى لسان نيسان: "هذه الثورات أو غالبيتها إلى ماذا انتهت؟ أما طغمة عسكرية، وإما ديكتاتورية، وإما إلى الفشل"، ويقول على لسان المدرس حسن: "لو كنت أعلم أن مهنة المعلم ستصل إلى هذه الدرجة من التدني لما تعلمت أبداً"، وهكذا تتكرر عبارات تحمل أفكاراً وحكمة على ألسنة شخوص الرواية، لو جمعت على شكل عبارات منفردة لكانت فلسفة خاصة في الحياة وجماليتها. 

   وهنا لا بد من أشير أن الكاتب استخدم عبارات وضعت بين أقواس وهي كلمات وردت على لسان المدرس، فخرج المعلم من طور المعلم إلى طور القرف من الواقع الذي وصلت إليه رسالة المعلم، فاستخدم ألفاظاً لا تليق بمعلم، وهي كلمات عامية متدنية المستوى، وفي نفس الوقت أصبح الصحفي زياد هو من يوجه المعلم لكيفية السلوك لنيل الحقوق، وفي هذا استبدال غريب ومقصود لدور المعلم الذي كان يمثل المحرك في المجتمع، فتحول لمن يوجهه ويمنحه النصيحة ويعلمه أسلوب الثورة على الواقع. 

   في الرواية وبأسلوب سلس ينقلنا الكاتب إلى حكايات شخوص روايته، فكل شخص فيهم يحمل قصة، وكل قصة فيها حكايات بين الألم والدموع، فأبو مهند سجين سياسي سابق دفع ثمناً باهظاً، ونيسان شاعر لا يجد أي اهتمام ببلده فيفكر بالهجرة، وزياد العاشق الذي فقد حب الطفولة وفعل به الزمن فعله من تركه وحيداً، يحلم بحب جديد يجعله يجتاز شتاءه العابر، فيلتجئ للكتابة والحلم حتى يظهر حبه القديم فيشكل له مأساة جديدة، والمدرس حسن عرفان الذي ترك التعليم وذهب للترجمة، رنيم التي تزوجت وهاجرت وعانت من زوج أناني لا يقيم للحياة الزوجية أي اعتبار، ولكن المشاعر والرغبة تشتعل في جسدها، نيسان الشاعر والفنان المتمرد الذي عانى من والده المتشدد في مفهوم الدين فطرده صغيراً من البيت، يتعب على نفسه حتى يصبح رجلاً، عاشق بصمت لإمرأة لم يصارحها ولكنها وحي لفنه وشعره، ينتمي للأرض والوطن حتى الجذور، نسرين الفنانة التشكيلية التي بقيت ذاكرتها مرتبطة بالطفولة والمكان والآخر وتحلم بالغائب والغد، رأفت الذي ترك القرية طفلا مع والده ولكنه عاد لجذوره بعد وفاة والده الذي هاجر. 

   زياد بطل الرواية ومحورها الأساس كان المدار للكاتب للحديث عنه وعن معاندة القدر له خلال أجزاء الرواية وفصولها، فالقدر لم يتوقف عن العبث معه عبر حياته منذ الطفولة حتى أصبح الشخصية الرئيسة في الرواية، ومن هنا يمكنني القول أن الكاتب تمكن من إجادة استخدام المفاجئة في الحدث في روايته، فحين تكون الرواية في اتجاه ما، نجد المفاجئة تأتي من اتجاه غير محسوب أبداً، وهذه ميزة تسجل لحساب الكاتب وقدراته. 

   الهم الوطني لم يفارق الكاتب في روايته، لكنه ابتعد عن أسلوب الخطابة والشعارات، لجأ إلى استخدام عبارات دخلت في الأحداث بدون الإشارة المباشرة للوطن، لكنها عبارات حملت معنى وأفكار وخدمت الفكر والوطن، فهو يخاطب أثينا في زيارة لها بقوله: " أنت يا أثينا أريد أن أقبل التراب الذي مشى عليه سقراط، ليس لأنه سقراط بل لأنه من تجرع السم وبكل شجاعة لإيمانه فيما يقول"، ثم يقول بعد مسافة من الكتابة: "بلدي هي الأخرى تضاء بشموع الراحلين والقادمين بعنف البقاء على الأرض، على التراب الذي تخضب بعرق الأجداد، بلادي هي الأخرى كان فيها مليون سقراط"، وفي قسم آخر يخاطب الوطن في نفسه بالقول: "آه يا بلادي رغم الأمل المفقود في واقعنا المتردي لكن تبقى الشموع تضيء حلكة السراديب التي تحاول أن تتطاول على ذاكرة الوطن"، ويرفض الهزيمة تحت شعار التفاوض ويقول على لسان الشاعر نيسان: "الشعوب التي تحترم نفسها ترفض أن تصافح يد قاتل أطفالها"، وعلى لسان الشاعر أمام مخابرات بلاده يقول: "الغير لا يريدوننا أن نحيا على أرضنا هذه التي تستحق الحياة". 

   الكاتب تمكن من وضع كثير من الأفكار من خلال الرواية وأحاديث شخوصها ، فيقول على لسان زياد: " لماذا نختبئ؟ لماذا نهرب من هزائمنا؟"، وعلى لسان رنيم: "أعظم الحب هو الذي تجده في نفسك، في ذاتك التي تحضنك"، ويقول أيضا على لسان زياد: "بات من الصعب أن تحلم في واقع المستحيل، بات الحلم واقعنا المر"، وفي حوار مع نيسان يقول له: "قرفت زياد الذي يحاول أن يكون مثقفاً ويعيش في برج عاجي وينظر إلى الأشياء بدون أن يحرك مؤخرته"، في إشارة واضحة لرفض واقع المثقفين وتناقض القول مع الفعل، وعلى لسان نيسان: "عرفت كيف يكون البعد ملح العاشق في زمن تلاشت فيه حتى الرحمة"، وفي ظل صراع زياد بين الواقع والحلم يقول: "لم تعد الكلمات وحدها تغير معنى واقعنا، لا يوجد أمامنا طريق سوى أن نحمل البندقية حتى نتخلص من وجعنا". 

   وهكذا وجدت نفسي أمام مشروع رواية جميل ومتميز، لغة جميلة وأفكار من واقع الحياة والألم والاحتلال، الصراع ما بين الواقع والحلم، الحب بأشكاله المختلفة، الحبيبة، الجسد، الأم، الأرض، الوطن كفكرة وواقع، الصداقة والخيانة، فامتلك الكاتب أصول العمل الروائي مما يبشر بولادة روائي متميز، وإن كانت الرواية بحاجة لترتيب فني في الفصل بين الأقسام بداخل الجزء الواحد، وما بين الأجزاء نفسها، وإن كنت أرى أن يتم استبدال كلمة الجزء إلى كلمة الفصل، فالجزء يستخدم حين يكون كتاباً من عدة أجزاء، وكل جزء مطبوع بشكل كتاب مستقل، بينما رواية "عابر في الماضي"، رواية متكاملة يمكن تقسيمها لفصول وكل فصل إلى أقسامه المختلفة، مضافاً لذلك ضرورة مراجعة بعض الأخطاء اللغوية والتي ربما يكون قسماً منها يدخل في إطار الأخطاء في الطباعة. 

   وفي النهاية.. آمل أن تطبع وتنشر هذه الرواية، فهي تشكل إضافة نوعية في عالم الرواية الفلسطينية، وخصوصاً في ظل ندرة العمل الروائي الجيد. 

adffjsgh930.jpg

وصلني من الصديقة الشاعرة فاتن مصاروة، مجموعتها الشعرية الثالثة الموسومة "كأني حدائق بابل"، الصادرة حديثًا عن دار الرعاة في رام اللـه، وجسور الثقافية في عمان. وقد قرأتها من الغلاف إلى الغلاف، ووجدت فيها الكثير من المتعة، ومن الكلام البليغ الجميل، الذي لا يصدر إلا عن روح مرهفة، وشاعرية حساسة، وموهبة ملهمة. 

تقع المجموعة في 136 من الحجم المتوسط، وقدم لها الناقد الفلسطيني خالد عرار، وجاء في الاهداء :"إلى ميسلون.. أيا زعرورة الوادي/ سأنشد وهج أغنيتي على خصلات حرفك/ فكوني بوحي الباقي/ لأطبع قبلتي/ في حنّاء وردك"، وتحتوي على نصوص تتراوح بين الشعر والنثر، ما بين قصيرة وطويلة، وتدور حول موضوعات شتى، تغني وتحاكي الوطن والأرض والأحزان والأوجاع وغربة الإنسان الفلسطيني، وتستحضر فيها الأمكنة التي شكلت جزءًا كبيرًا من حياتها، ومن الوجدان والتراجيديا الفلسطينية، فضلًا عن قضايا إنسانية ووجدانية متنوعة. 

تقتاد فاتن مصاروة في مجموعتها القارئ والمتلقي لينطلق من القهر والوجع والعذاب اليومي والضيق والحصار والموت إلى الحياة والمقاومة والصمود والتشبث بكل حبة تراب من أرض الوطن المقدس، ولا تتوانى عن الزج به في فضاءات التغريبة الفلسطينية والفاجعة العربية على وجه الخصوص، وصولًا لعودة الطيور المهاجرة. 

قصائد المجموعة رقيقة حالمة، وومضات ذكرى، ومحطات وقوف مع الذات الفلسطينية الحقيقية، زاخرة بالصور والخيالات والتشبيهات، وتنبع من أحاسيس مختلفة ومتضاربة وجدل مع الذات، حافظت فيها على أسلوبها الذي انتهجته منذ دخولها محراب الشعر وعالم الإبداع في الوضوح والجمالية الفنية واضفاء الجرس والايقاع الموسيقي، مستخدمة لغة حداثية رشيقة، جذابة، والدفقة الشعورية بما تمتزج به من معنى، جاءت متماسكة من حيث الصياغة والسبك، متقنة الفرز والتصفيف، فلا حشو في التركيب، ولا ثغرات في النص، وهو ما تطلبه البنية الذاتية لقصيدة النثر. 

وما يلفت النظر في قصائد المجموعة، صدق الإحساس والرقة المتمازجة مع العاطفة الشفافة والروح الدافئة، والايحائية، وكثافة العبارة، وسعة الخيال، محلقة عبر مشاعرها بأجنحة خيالاتها إلى فضاء الدهشة، الفضاء الذي ترسمه بأحلامها ومكنونات روحها وقلبها وحروفها الأنيقة وإلهامها الشاعري، وتنجح في توظيف طاقاتها الإبداعية للتعبير عن خلجات نفسها الهائمة بعشق الوطن الفلسطيني الذبيح والجريح، فتقول: 

وأظن يا قلبي المُطلَ على البلادِ 

على النَّوافذِ 

شاهقًا  

مُتأنِّقَا  

مُتموسِقًا  

سَتَرى 

بأنَّ جَوارِحي قد تَحمِلُ الآنَ اغتِرابي قُبلةً  

أو غَيمةً  

لِتُلملمَ الوطنَ الجَريحَ قرنفلًا  

أرويه فيكَ صدى  

فَقُم  

قُم عاشِقًا  

طر عاشقًا 

سبِّح بصوتِ بلادِكَ الأشهى  

...لِتبقى للبلادِ مَنازلًا فِيَّ 

..انتصارًا للبلادِ 

فَيا سفرُ 

اتلُ القلوبَ بِصوتكَ الأشهى  

لِيكتملَ الوطن 

فاتن مصاروة ترتوي بماء المجاز والاستعارة والخيال الجموح، وتنصاع لعوالم التخييل، ونوستالجيا الذات الفلسطينية، وأثبتت قدرتها الفائقة على التقاط اللحظة الراهنة، وتشييد عوالم شعرية بهية، وهي تطل من أعلى شرفة الحزن، وتجعل من صوتها متفردًا بعمق الرؤيا وجسارة استشراق آفاق واعدة، من خلال الانخراط في قضايا الوطن والحرية، ومسائل العصر والواقع واسئلته الحارقة في تعالقاتها الممكنة مع المتخيل والذائقة الشعرية، وتشكيل بنية عميقة قابلة للقراءة والانشاد والتأويل. ويجد القارئ صدى لذائقته وإحساسه الوطني وفكره وموسوعته في هذه الإضمامة الشعرية الوارفة. 

ولا يسعني في النهاية إلا أن أتمنى للصديقة الشاعرة فاتن مصاروة ديمومة الإبداع، وأن تكون دائمًا ودائمًا متجددة ومجددة بموضوعاتها وصورها الفنية والجمالية، تقدم رؤية منفتحة على الدلالات وتطرح اشكالات وجودية كبيرة وعميقة، مع خالص التحيات. 

الصديق الشاعر المبدع إبراهيم حجازي، المقيم في طمرة الجليلية، يمتلك أصدق المشاعر الإنسانية، ويسهم في حضور القصيدة العمودية المرهفة. تمتاز قصائده بحس مرهف ثاقب، وعاطفة متفجرة، ورؤيا معمقة، ولغة سليمة سهلة ممتنعة ومنسابة بحروفها وكلماتها وايقاعاتها. 

في الرابع والعشرين من نيسان الماضي، فقد إبراهيم ابنته الحبيبة الغالية، المعلمة والمربية الراقية المغفور لها سوسن، التي غابت عن الدنيا، ووريت الثرى، فكان لهذا الحدث أثاره، إذ شابت لموتها المفارق، وتاقت إلى غصنها الغض القلب والعين، ورثاها بقصيدة مؤثرة، من جميل ما قرأته من شعر رثاء، فهي في قمة الوجدان والإحساس الأبوي الصادق.. حيث يقول: 

ودعتكِ محزوناً وعدتُ بائساً 

                  وألم  الفِراقِ بخاطري  يتفاعلُ 

فراغ   ألّمَ  بي بعد  رحيلكِ 

            وهكذا الدهر لا يَعيهِ عالِمٌ أو جاهلُ 

وإني لا انام الليل بعد فراقكِ 

            وهجرني النوم وعنكِ دوما نتسائلُ 

فهل يا ترى تشعرين بحالنا 

                 وشوقنا لكِ يزداد  والدمع نازلُ 

وكم  مرة  أصحو  من  غفوةٍ 

                 لأرى مُحياك في خيالي يتماثلُ 

فأجلس  مهموماً  على أريكتي 

                ولا   يُزيل  الهموم   إلا  التفاؤلُ 

حبيبة ما سمعنا عنها بعد غيابها 

                  وهاجنا  الشوق  والبعد  حائلُ 

ما أصعب البعد حين يفصل بيننا 

       ولم  يبقَ سوى  الذكرى والشوق شاغلُ 

وإنا نناجيك ليلا ونهارا     

               فهل تسمعين همسنا وأنتِ راحلُ 

لقد  أحببناك  يا  غالية  ولنا  أملٌ 

                  ما  زال   ينتظرنا  لقاءٌ  عاجلُ 

لقد  سئمنا  العيش  بعد  فراقكِ 

          وزادت همومنا وأصبح الجسم ناحلُ 

وإذا الأحباءُ غابوا وطال غيابهم 

                 فما نفعُ الحياة وعُمرُ المرء زائلُ 

في هذه القصيدة وجع عميق، وألم شديد، ونبض صادق، وتصوير حقيقي لحالة البعد والفقدان والفجيعة والمصاب الجلل والأسى الكبير، وتعبير عن حزنه ووصف لمشاعرالشوق تجاه ابنته، أغلى ما يملك. 

ونلمس في قصيدة إبراهيم شاعرية خصبة، ومخيلة واسعة، ورهافة إلى أبعد حد في عالم الكلمات، يرتدي فيها وجدًا لابنة عزيزة وغالية أشعل موتها وغيابها الاستعارة في كلماته والحزن في قلبه. ويتكئ فيها على الصور الحسية وصور البديع والمحسنات البلاغية واللفظية، والتوصيف الدقيق لمشاعره وحالته النفسية. 

إنها قصيدة رقيقة وعذبة ومؤثرة بمنتهى الروعة والجمال، فيها أنفاس الشعر الصافي، جاءت من عمق الجرح، وشدة الصدمة، وتعكس حزنه وأساه، حيث فاضت عيناه دموعًا وأسفًا وحسرة ولوعة وشجن على غياب ابنته فلذة كبده، وكتبت بمداد أشجانه، وسطر حروفها بدموع أحزانه، ولم يملك ما يقوله سوى شعرًا حزينًا ورثاءً مؤثرًا يخفف عن الروح معاناتها، وهو واجم القلب المحسور، وصدره بالأسى مغمور. 

dffdfdj929.jpg

القدس: أبو ديس- 9-5-2021عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع في القدس صدر كتاب "روايات جميل السلحوت كما يراها النقاد" إعداد وتأليف الرّوائيّة المقدسيّة ديمة جمعة السّمّان. ويشمل الكتاب التّوثيقي الذي يقع في 372 صفحة من الحجم الكبير كلّ ما استطاعت جمعه المؤلّفة ممّا كتبه النّقاد والقرّاء عن روايات الأديب جميل السلحوت وهي: ظلام النهار، جنة الجحيم، هوان النعيم، برد الصيف، العسف، رولا، أميرة، زمن وضحا، عذارى في وجه العاصفة، نسيم الشوق وعند بوابة السماء.

يعكس الكتاب آراء الكتّاب والأدباء في أعمال الأديب جميل السلحوت من حيث اللغة والعنوان والصراع والسرد والأسلوب والأفكار التي يتضمنها في أعماله، حيث تتميز أعمال السلحوت بأنها تصوّر مأساة الشعب الفلسطيني وويلاته من النكبة والنكسة والتهجير والتنكيل والاستيطان والاستعمار وعمليات الاعتقال والتعذيب، كما أنه ومن خلال كتاباته يُدين الخرافة والاتكالية ويطرق أبواب الظلم الاجتماعي ويتحدث عن واقع المرأة في المجتمع الفلسطيني، وما تعانيه من الظلم والاستبداد والخنوع.

يعتبر الكتاب جامعًا لآراء الكتّاب والأدباء  في أعمال الأديب جميل السلحوت بطريقة نقدية واضحة وسلسلة.

وممّا جاء في وصف الأديبة السمان لروايات اللأديب السلحوت:" وُصفت كتابات السّلحوت بالواقعيّة والجريئة، إذ أنّه استمدّ مواضيع حكاياته من الواقع وزيّنها بباقات من خياله، وغلّفها بعنصر التّشويق والحبكات الفنّيّة القويّة الذي تميّزت بها معظم أعماله الرّوائيّة، فزادت من جماليّاتها. تناولها القارىء  بنهم، فهي المفيدة والشّيقة في آن واحد، يعيش أحداثها فيشعر بصدقها، لا تكلّف ولا مبالغة تشحنه بالقوّة وتشجّعه على أن يكون مؤثّرا في حياته، له رؤية.. له هدف.. لا أن يعيش ويموت وهو ليس أكثر من صفر على اليسار لا قيمة له في هذه الحياة. 

روايات تعزّز مفهوم المبادرة والتّطوّع والعطاء والكرم والقوّة وترسّخ الهويّة الوطنية، وتحافظ على كنز التّراث بكلّ أشكاله وألوانه، والتمسّك بالمبادىء والقيم والأخلاقيّات العالية التي يتمتع فيها كلّ من يحترم نفسه."

وقالت الأديبة السّمّان أنّه سيصدر لها في الأسابيع القليلة القادمة كتاب آخر تحت عنوان" الخاصرة الرّخوة والمطلقة في الميزان"، وهما روايتان للأديب السّلحوت لاقتا صدى واسعا عند النّقاد والمثقفين.

المزيد من المقالات...