سَلطَنَةٌ على وَتَرِ الجِراحِ

يا شِعرُ صَدِّق قَتيلَ الشَّوقِ ما كَتَبا

تَنعى الحروفُ بريقًا خانَهُ وخَبا

صَمتًا يُراوِدُ غَصّاتٍ تُمَزِّقُهُ

عَن جُرحِ ذاتٍ غَدَت أسفارُها نَصَبا

ما أصعَبَ الجُرحَ إن أخطا مَقاتِلَنا

لا يَرحَمُ الجرحُ شَهمًا في المَخاضِ كَبا

يا شِعرُ رَدِّد صدى أنّاتِ مَن سَكَنوا

ليلا تَسَربَلَهُم لا يَحضُنُ الشُّهُبا

ضاقَت مَذاهِبُهُم والدَّهرُ ذو عِلَلٍ

والوَهمُ يَخطِفُ مَن عَن ذاتِهِ اغتَرَبا

ما أهوَنَ المَرءَ إن صارَ الفُؤادُ هَوا

هل يَرحَمُ الدَّهرُ مَن وِجدانُهُ ذَهَبا؟

لا تَبكِ  يا شِعرُ  حَرفًا  لا يُعاقِرُني

معنًى ولا نَغَمٌ في الوَجدِ ما سُكِبا

يا شِعرُ تكتُبُني الآهاتُ مُرتَحِلا

القلبُ مَركَبَتي والبَحرُ قَد صَخَبا

الشَّوقُ يَقرِضُني ذاتَ اليَمينِ هَوًى

والصَّبرُ يَحسَبُني من آيِهِ عَجَبا

والحادِثاتُ مَضَت تَقتاتُ مِن جَلَدي

هَل كُنتُ مِشعَلَها أو كُنتُها نَسَبا؟

يا حُرقَةَ الوَجدِ في حالٍ يُوَزِّعُني

نارًا على الضّيمِ  أو تُرمى  بهِ رَهَبا

لا لونَ للفَزَعِ المنثورِ في شَفَقي

والدّهرُ يَعجمُني سَهمًا وحَدَّ ضُبا

لا صِدقَ إلا الّذي تحياهُ أورِدَتي

وكُلُّ ما خَبِرَتْ مُرًا ومُلتَهِبا

الجرحُ كانَ لنا وعدًا نُعانِقُهُ

ما عاشَ مَن كانَ مِن أقدارهِ هَرَبا

يا شِعرُ لوِّن عَجيبَ الصّمتِ مِن ظُلَلي

وانثُر بَقايايَ في الأوطانِ ريحَ صَبا

واذكُر نِداءاتِ مَن فيهِم مَرابِعُنا

عاشَت شُموخًا كِفاحًا نَهضَةً وإبا

حُلمًا وما قامَ للأحلامِ مُنتَصِبٌ

جلْدٌ  وعاشَ مدى الأزمانِ مُغتَرِبا

نَكْباتُنا لم تَكُن إلا مَفازِعُنا

لا يُكمِلُ الدَّربَ مَن يَمشيهِ مُضطَرِبا

يا شِعرُ بَلِّغ كلامي لِلأُلى نَكَصوا

مَن مِن حِياضِ الرَّدى يا قَومُ ما شَرِبا؟

فاخلِصْ فُؤادَكَ لي واعزِفْ على وَتَري

وَلْنَدفِنِ الخوفَ  والأوهامَ  والتَّعَبا

 

وسوم: العدد 809