ألا حبذا صحبة المسجد

إلى روح جار الجمعة والجماعة أبي حسام (محمد قطيفان)، بمسجد "عائشة أمِّ المؤمنين" "بعبدون" 

لا ، لن أشُقَّ، ولن أنوحَ لجارِ

حسبي بما يبكيكَ من أشعاري

أصغي لكونٍ فاقدٍ متواجدٍ

ينعى بما قد حُمَّ من أقدارِ:

يبكيكَ جَمْعُ الفَجْرِ في الأسْحَارِ

 وَعَشِيُّ ذِكْرٍ، ثمَّ في الإِبكَارِ

تبكيكَ (عَبْدُونُ) التي قد عشتَهَا

عِشْقَ المَشُوْقِ إلى لقَاءِ الدَّارِ

تَبكيكَ في الصُبحِ المُبكِّرِ نسمةٌ

كم داعبتْكَ بلطفِها المِعْطَارِ!!

ونسائمُ الغَسَقِ المُطبِّقُ جَوْنُهُ

والنَّجمُ في أفْقِ التَّعبُّدِ سَارِ

وبكاكَ تبرٌ من سبيكةِ بارىءٍ

وذُكاءُ تنظرُ في ضحىً بنُضَارِ............

ومُطوَّقاتُ العُنْقِ ناحت بالجَوَى

ونحيبُ وَجْدِ البُهْمِ في الأوْكَارِ

والطيرُ إذْ بَكَرتْ بغدوةِ مخمِصٍ

وسحابةٌ أطَّتْ من الأطيارِ.................

يبكيكَ رهطُ المُدلجين إلى الهُدى،

والبدرُ مفتقدُ الوضاءةِ جارِ

تبكيكَ (عائشةُ)* التي أوليتَهَا

ذكراً بحالِ الجهرِ والإِسرَارِ

وهريرةٌ في الحيِّ َعدو لا تَني

تَرجوكَ بَعضاً من غذا الأوضَارِ

فقدَتْكَ في الصبحِ المشعشعِ ضحوةٌ

أنداءُ تمسح جبهة الأزهارِ

وهديلُ ورقاءٍ تهدَّجَ لثغُهَا

قد حشرجَتْهَا فَجْعَةُ الأخْبَارِ

كم كنتَ تَسعَى للمَساجدِ دَائباً

في الصحوِ، في حَرِّ، وفي الأمطَارِ

قرآنُ فجرٍ لم يفتْكَ مواظباً

(خمسين.....أو ستينَ) في إصرارِ

يَا حَبذا في اللهِ صحبَة مَسجدٍ

ثم افترَاقٌ في دُنَى الأسفَارِ

سَفَرٌ إلى اللهِ الرحيمِ وقُرْبَةٌ

وجوارُهُ، يَا طيبَ حُسْنِ جوارِ!!

لكنّنَا بجلاَلِ مَن بَرَأَ الهدَى

مستمسكونَ بعصمةِ السَّتّارِ

فيظِلَّ أهلَ الحبِّ في أفيائِهِ

من قد تَحابُّوا خَشيَةً من نَارِ

يا ربِّ فاجمعنا بهِ في جنَّةٍ

مع سيدِ الأطهارِ، والأخيارِ

============================

 

يا صاحبَ القلبِ المسالمِ دهرَهُ

كم قد حَبَستَ النفسَ في إحصارِ

علمتنا كيفَ التسامحُ والوَفَا..........

ترقى بصبرِكَ في سَمَا الأبرَارِ

مذ كنتَ مدرَسَةَ التصبُّرِ عن أَذَىً

وَضَرَبتَ صَفْحَاً عَن دُنى الإضرارِ

إمَّا تلاَحَى مَن تَمَارَواْ في سُدَىً

جَانبْتَ كلّ مُهَاترٍ، مِهْذَارِ

..........وتلوذُ بالصمتِ العَميقِ تَرفُّعاً

تَنأى عَن الدورانِ في الإعصَارِ

يَا صَاحبَ الأخلاقِ كَم علمْتَنَا

أنَّ السكوتَ خليقةُ الأطهَارِ!!!

والحِلْمَ ِمغلاَقٌ لدَرءِ مَصَائبٍ

مفتاحَ قَلبٍ مُقْفَلٍ بجدَارِ!!

مَرثيَّتي...... ومآثِرٌ...... وتلعثُمي

لا... لن......... تَفِيْكَ رَوَائعُ الأشعَارِ

سَأظلُّ طُولَ العُمرِ أقفُو صَمتَكُم

ودُموعيَ الثّكْلَى عليكَ جَوَارِ

محمد الخليلي

3/3/2019

*مسجد عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- (بعبدون)؛ الذي كان يحرص على جماعته ربعَ قرن

وسوم: العدد 816