يا عاذِلي في الهَوى

يا عاذِلي في الهَوى قد ذبْتُ أشواقا    فارْحَمْ فؤاديَ للأوْطانِ خفَّاقا

لمْ تدرِ أنت عذابَ النَّأيِ فيه غدا  دمعي يُقرِّح أجفانًا وأحداقا

فالقلبُ في ذكره قد بات منشغلًا  والعشقُ يغزو حنايا النّفسِ دفَّاقا

أبِيتُ أذكره في اللّيْلِ منفردًا  والنَّاسُ قد هَجَعوا والصَّدرُ قد ضاقا

وحين يخلعُ عَتْمُ الَّليْلِ بُردَته  تسافر الرُّوحُ تُهدي الزَّهرَ أطواقا

قالوا جُنِنتَ وشتَّ العقُل واعجَبًا  فقلتُ إنَّ بأرض الشَّام تِرياقا

هيَ الفراديسُ في الدُّنيا وليْس لها  في الأرض من شَبَهٍ في الحسن قد فاقا

يا للنّسيمِ يُناجي النَّفسَ يُنعشها  والصُّبحُ في جذَلٍ قد زادَ إشراقا

يا للزُّهورِ كأنَّ العشق لامَسَها  مالَتْ إلى بعضِها ثغرًا وأعناقا

فاحتْ بأطيابها في كلِّ ناحيةٍ      والمِسكُ يختطفُ الأجْواءَ مُنْساقا  

يا للطُّيورِ تُغنِّي في مَرابعها  فتغرقُ الكوْنَ بالألحانِ إغراقا

يا للجَمالِ تمَاهى في مَعالِمها فظلَّ يَسبي قلوبَ النَّاسِ بَرَّاقا

يا للحواريِّ تحكي أعصرًا سمقتْ  وقد تسامَتْ على الأيَّامِ أخلاقا

هي الشَّآمُ كتابُ العاشقين فمَنْ  يَزُرْ ثراها يُناجي اللَه خلَّاقا

وإنَّها توْءَمٌ للْمَجْدِ مُذ خُلِقتْ  وأغنياتٌ تصوغ اللَّحنَ أنساقا    

لأجْلِ عيْنيْكِ ها إنِّي نذرتُ دمي  فأنتِ أثمنُ ما في الأرض أعلاقا

والنّأيُ قد زادني عِشقًا ومَوْجدَةً  قد اصطليْتُ بهِ في القلب حَرَّاقا

(لا يعرفُ الشَّوْقَ إلَّا مَن يُكابده  ولا الصَّبابةَ إلَّا) مَن لها ذاقا

وسوم: العدد 823