(في كلِّ شبرٍ دِماء)

في كلِّ شِبْرٍ دماءُ يُغري اللَّيالي العُواءُ

والهمُّ هَمٌّ ثقيلٌ وما عَراه انْكِفاءُ

والمَوْجُ يعلو ويعلو وفيه رانَ الشَّقاءُ

يغتالنا ألفُ سَيْفٍ وما لجرحٍ شِفاءُ

كلُّ الأفاعي عليْنا  يَؤزُّ فيها العَداءُ

بنو الرَّذيلة خانوا وفي النُّفوسِ رياءُ

وفي النُّفوسِ خِداعٌ وفي النُّفوسِ جَفاءُ

نقتات مِلْحًا أجاجًا وليْس في الملح ماءُ

ونشرب البحرَ رَهْوًا وليْس فيهِ ارتواءُ

هي الجحيمُ تلظَّتْ وكلُّ داءٍ وباءُ

هبَّتْ رياحٌ عليْنا تجتثُّنا هَوْجاءُ

فالحقُّ أضحى غريبًا وما له نُصَراءُ

والقفلُ فوْق القوافي والحرفُ فيهِ الْتِواءُ

والفِكرُ رهنُ المُرابي يجولُ فيما يشاءُ

قد استبانا غُثاءٌ ولا نقولُ غُثاءُ

زهورُنا ذابلاتٌ قد ضاعَ منها الرُّواءُ

وفي الغيوم اشتهاءٌ لكنَّها لا تُضاءُ

ما عاد يُحصَدُ زرعٌ ما عاد فيهِ نماءُ

فإنْ ضحِكنا فإنَّا نبكي وفيهِ افتراءُ

وبالثَّلاثة بانتْ أفراحُنا والرَّخاءُ

أضحى الحِمى مستباحًا وما بَنى الآباءُ

والسُّوسُ ينخر فينا قد مات فينا الإخاءُ

ما عادَ في النَّاسِ قرمٌ أوْ مُصلِحٌ لا يُساءُ

كأنَّما العَجزُ صافى نفوسَنا وَهْوَ داءُ

متى ستشرق شمسٌ متى يُشِعُّ الضِّياءُ؟

متى سيُزهر روْضٌ ينزاح فيهِ العَناءُ؟

متى سينشأ جيلٌ فيهِ الهدى والصَّفاءُ؟

يا رَبِّ إنَّا هَرِمْنا في كلِّ يَوْمٍ بُكاءُ

يا رَبِّ إنَّا ظُلِمْنا يا رَبِّ عمَّ البلاءُ

ومنكَ ينداحُ لطفٌ ومنك يصحو الشِّفاءُ

يا رَبِّ إنَّا اضطُرِرنا وقدْ ألحَّ الدُّعاءُ

ففرِّجِ الهمَّ عنَّا فمِنك يأتي الرَّجاءُ

وسوم: العدد 827