الشوقُ حَرَّكني بغير تردُّ

د. وافي الحاج ماجد السوداني

الشوقُ حَرَّكني بغير تردُّدِ والشعرُ أبْحَرَ في غرام محمّدِ

إنْ صمتُ عن نظم الكلام تكلفًا فالصمتُ أبلغُ في جلال المشهدِ

وإذا الهوى سلبَ الفؤادَ فإنني أسقي البلاغةَ مِن مديحِ محمّدِ

هِمْ يا زمانُ فذا أوانُ الموعدِ رَدِّدْ غرامي في مديح محمّدِ

قلبي يطيبُ بقربِ ذاك الموردِ ويطيرُ يسمو فوق هامِ الفرقدِ

قلبي يذوبُ بعشقِهِ، فغرامُهُ وجهُ الحبيبِ الهاشميّ محمّدِ

فإذا مدحتُ محمّدًا بقصيدتي فلقد مدحت قصيدتي بمحمّدِ

هِمْ يا زمانُ فذا أوانُ الموعدِ وأرِحْ مَطِيَّكَ عند بابِ محمّدِ

أسِبغْ على الأكوانِ أبهى حُلّةٍ وانشُرْ غرامي في مديح محمّدِ

خَلَعَتْ لكَ الأيامُ تاجَ ولائِها إذْ أبصرتْ بعُلاك تاجَ السؤدُدِ

يُمناك تُرْوي كلَّ جيشٍ ظامئٍ والريقُ منكَ شفاءُ عينِ الأرمدِ

والجذعُ في فَنّ الحنينِ مُعَلّمٌ والذكرُ يُسمَعُ مِن صميمِ الجَلْمَدِ

والبدرُ مِن شغفٍ بنورك شُقَّ كي يُروى بكأس القربِ بل كي يفتدي

وصِحَابُكَ الزُّهْرَ النجومَ فدَيتُهُمْ أقمارُ تِمٍّ في سماءِ المهتدي

خِلْتُ الفراقدَ في السماءِ سوابحًا فإذا الفراقدُ في بقيعِ الغَرْقَدِ

يا يُوسُفِيَّ اللفظِ قدْ وَاَفتْكَ أَبْكارُ المعاني إذ تروح وتغتدي

تَيَّمْتَهُنَّ فَذُبْنَ إذْ قَطَّعَنْ مِنهُنَّ القلوبَ بلهفةٍ وتَنَهُّدِ

سَفَرَتْ لمنطِقِكَ اللآلئُ حُسَّرًا فإذا نطقتَ تَخَضَّبَتْ بِتَوَرُّدِ

فالدرُّ في أعتابِ لفظِك طامعٌ ليذوقَ شهدًا مِن حديثِ محمّدِ

أنَّى يُزاحمُ منكَ ألفاظًا وكلْلُ الدُّرِّ خُدَّامٌ لِلَفْظِ مُحمَّد

فإذا مدحتُ محمّدًا بقصيدتي فلقد مدحت قصيدتي بمحمّدِ

نالَ الأَمانَ معَ البشائِرِ ظافِرًا مَنْ حازَ نورًا مِنْ شريعةِ أحمدِ

مِنْ عَذْبِ سيرتِهِ الأكابِرُ تستقي فإذا ظمِئتَ وَرَدْتَ أعذبَ موردِ

فمحاسِنُ الأخلاقِ إنْ حُشِدَتْ فَلَيْسَتْ غَيْرَ سَطْرٍ في كتاب محمّدِ

وعرائِسُ الأَزْهارِ إِنْ نَفَحَتْ فَلَيْسَتْ غيرَ عِطْرٍ مِنْ عَبيرِ محمّدِ

ومناقِبُ الساداتِ إنْ سَطَعَتْ فَلَيْسَتْ غيرَ نجمٍ في سَمَاءِ محمّدِ

وروائِعُ الأشعارِ إنْ وَصَفَتْ تَنَاهى الحُسْنُ فيها مِن جمالِ محمّدِ

وبلابلُ الأطيارِ إنْ صَدَحَتْ ففي معنىً يفيض محبّةً لمحمّدِ

ومدائحُ البُلَغاءِ إِنْ تُلِيَتْ فما هيَ كُفءُ حَرْفٍ من حروفِ محمّدِ

فإذا مدحتُ محمّدًا بقصيدتي فلقد مدحت قصيدتي بمحمّدِ

هل يبلغُ الولهانُ بَلَّ أُوَامِهِ فالروحُ في ركْبِ الفَنا وكأنْ قَدِ

عِللُ النفوسٍ شذا الوصالِ شفاؤها وشفاءُ نفسي في مديح محمّدِ

قالوا: مدحتَ، فقلتُ: أكرمَ مرسلٍ قالوا: عشقتَ، نَعَمْ، ومَن كمحمّدِ

قالوا:غرامُكَ، قلتُ: فيه مُحقّقٌ قالوا: مرامُكَ، قلتُ: مدحُ محمّدِ

لَكَ في عُيُونِ الشِّعْرِ بَيْعَةُ مُغْرمٍ فإذا قَبِلْتَ فذاكَ بابُ المَقْصِدِ

فاقرأْ مِنَ الأشواقِ أَسْطُرَ أَدْمُعٍ نَظَمَتْ تراجِمَ شوقِها بِتوَقُّدِ

وإذا نظمتُ الشهبَ فيك قصائدًا حَقَّقْتُ أَنّيَ في مقامِ المُبْتَدِي

فإذا وصفتُ فعاجِزٌ رامَ السُّهى وإذا صدحتُ فيا قوافي غَرّدي

إن قلتَ: زِدْ، أَزْدَدْ لهيبًا في الحشا أو قلتَ: رِدْ، وِردي مديحُ محمّدِ

فلتسمعِ الدنيا فقلبيَ قد شدا فخري بأنّيَ خادمٌ لمحمّدِ

فإذا مدحتُ محمّدًا بقصيدتي فلقد مدحت قصيدتي بمحمّدِ

وسوم: العدد 835