الداعية الأديبة الأستاذة سعاد عبدالرحمن الولايتي يرحمها الله

من سلسلة : ( في سجل الخالدين )

إنَّ إسهامات الإنسان في حياته هي المؤشر على أهمية منهجه ،  وثبوت الإنجازات دليل على  تقبل الناس لها ، وإن امتداد ذكره بعد موته لهو حضور جديد لروحه في ميدان الأفكار  التي تغري المتابعين لاستقصاء نشأة ذلك الإنسان من خلال رصد لسيرته ، وما أثَّر في حركتها الإيجابية لخدمة مجتمعه بل والإنسانية ، لأن الهدف المنشود هو الوصول إلى فتح أبواب القيم السامية التي تهم كل إنسان ، من هنا نجد أن نشأة الداعية والأديبة الكويتية ذات سمات أهلتها  لتقديم نفسها إنسانة عاشت لبلدها ولجميع بلاد المسلمين ، فقدَّمت مشاعرَ فيَّاضةً بالنبل من خلال ماتركت من آثار .

تلكم الداعية الأديبة / سعاد عبد الرحمن راشد الولايتي ... المرأة التي نالت محبة قومها وتقديرهم لها ، للسيرة المحمودة والقيم الجليلة المشهودة التي تحلت بها فقيدة الكويت  يرحمها الله  ومما لاشك فيه أن التربية الأسرية لها أثرها البالغ في نفس صاحبة هذه السيرة الوجيزة التي تشير إلى بعض الملامح من حياتها  ‘ فكانت البنت البارة بوالديها ، والزوجة الصالحة في بيت زوجها ، والأم التي اعتنت بتربية أبنائها ، والواعية التي يفرحها الخير الذي أراده الله سبحانه وتعالى لبلدها  ، ويحزنها الشر الذي يصيب البلد كاحتلال العراق له ، وما رافق  الاحتلال من أخطار وإراقة دماء ، هذا بالإضافة إلى مكانة والدها الشيخ عبدالرحمن الولايتي  يرحمه الله  الاجتماعية ، ونشاطاته الدعوية والإعلامية ، ومواقفه التي أهلتْه لهذه المكانة المرموقة ، وأثر كل ذلك على توجهات ابنته سعاد الدينية والإعلامية ، فبصمات الوالد ظاهرة على جمال الترجمة وبهجة السيرة الكريمة للفقيدة  يرحمها الله 

ولدت سعاد بنت عبدالرحمن راشد الولايتي  في مدينة الكويت عام 1954م لأبوين كويتيين، أمها ( غنيمه ناصر الشايجي) ، وكان لأبويها اهتمام بالعلم  والثقافة، ولأبيها خاصة اهتمام بالدعوة الإسلامية مذ مطلع شبابه ، يتجلى ذلك في نهج المجلات التي تولى رئاسة تحريرها ، وفتح صفحات هذه المجلات لكتَّاب  يُشهد لهم بحمل أعباء الدعوة الإسلامية ، وتواصله مع العديد من العلماء والأعلام في الفكر الإسلامي  ، وهو بطبيعة الحال رئيس  تحرير مجلة البلاغ الإسلامية الصادرة من الكويت ، والتي حملت رسالتها على مدى نصف قرن تقريبا .

كانت سعاد المولود الأول لوالديها ، وتلاها لاحقا ستة من الأبناء الذكور- توفي أحدهم رضيعا -وثلاث من الإناث، وكان الطابع الديني والثقافي الغالب على أسرتها ، وهذا ما أثَّر في توجهاتها كما ذكرنافي اهتماماتها الدينية والثقافية مستقبلا . تلقت سعاد تعليمها الابتدائي والمتوسط في مدرسة الزهراء الكائنة في منطقة القبلة ، وهو من الأحياء القديمة في مدينة الكويت، وأكملت دراستها الثانوية في ثانوية قرطبة التي كانت تقع في منطقة الشامية آنذاك، وفي عام 1973م التحقت بجامعة الكويت وتخصصت بدراسة الأدب الإنجليزي ، وقد تزايد اهتمامها بالأدب والدين في هذه الفترة . وبعد تخرجها في عام 1978م، عملت مدرسة للغة الإنجليزية لمدة عامين في مدرسة غرناطة في منطقة العديلية، ثم انتقلت بعدها لمدرسة الإسراء في منطقة السرة، وعملت بها مدرسة لعام واحد فقط ، وخلال هذه الفترة كانت تشارك في أنشطة جمعية الإصلاح وهي من أشهر الجمعيات الإسلامية في الكويت. في عام 1981م تزوجت / الدكتور جمال محمد الزنكي الذي كان مبعوثا من قبل جامعة الكويت للحصول على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة، فسافرت معه حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة قريلي في ولاية كولورادو، وهناك أنجبت بكرها المثنى عام 1983 وخلال إقامتها هناك شاركت في الأنشطة الإسلامية التي كانت تشرف عليها رابطة الشباب المسلم العربي في أمريكا وكندا، وتولت رئاسة اللجنة النسائية فيها لمدة عام. وأثناء إقامتها في أمريكا التي امتدت لأربع سنوات أنجبت أيضا ولداها علي  ثم محمد .

في عام 1986م انتقل الزوج لبريطانيا لإكمال دراسته. شاركت خلال إقامتها هناك في أنشطة جمعية الطلبة المسلمين MAYA وتولت رئاسة مؤتمرها الخامس والعشرين الخاص بالنساء. في عام 1990م وقبل احتلال العراق لبلدها بأشهر قليلة عادت مع أسرتها للكويت بعد حصول الزوج على درجة الدكتوراه من جامعة سانت أندروز باسكلتندا، وبعد تحرير الكويت :

* أصدرت روايتها الأولى ( واكويتاه ) التي وثقت بها أحداث الغزو العراقي ، وتوالت إصداراتها الأخرى على مدى السنوات التالية...

*كما تولت تحرير صفحة الأسرة في مجلة المجتمع الكويتية ...

* لها زاوية أسبوعية في صحيفة الوطن الكويتية بعنوان وقفة  ...

ولم يتوقف نشاطها الديني خلال هذه الفترة إذ :

*كانت من واعظات جمعية الإصلاح في الكويت .

*و نهجت خطا جديدا في مسيرتها الدعوية حين شرعت في عام 1994م بدراسة العلم الشرعي على يد مجموعة من مشايخ الكويت، من أبرزهم الدكتور الشيخ محمد عبد الغفار الشريف العميد السابق لكلية الشريعة في جامعة الكويت، فدرست على يديه المذهبين الحنبلي والمالكي إلى جانب دراستها لمواد شرعية أخرى مثل أصول الفقه والحديث والقواعد الفقهية والعقيدة والسيرة النبوية وتزكية النفس على يديه، وعلى يد غيره من المشايخ .

* وحرصا منها على تدعيم أسلوبها الأدبي واللغوي قامت بدراسة النحو سنوات عدة على يد الدكتور إبراهيم محسن أستاذ مادة والنحو والبلاغة والصرف في جامعة الكويت.

*في عام 1997م عملت مديرة للشؤون النسائية للجنة التعريف بالإسلام وهي اللجنة المتخصصة في دعوة المقيمين بالكويت لغير الناطقين باللغة العربية للإسلام، وخلال عملها قامت بتدريس الفقه باللغة الإنجليزية والعربية لداعيات اللجنة إلى جانب دروس الوعظ وكيفية الارتقاء بالشخصية الإسلامية وبعد عشر سنوات من هذا العمل، آثرت أن تتفرغ لدراستها الشرعية ومؤلفاتها.

*هناك جانب آخر أثار اهتمامها وهو النفس البشرية وتداخلاتها وما قد يطرأ عليها من أعراض نفسية، فاتجهت لدراسة علم "أنماط الشخصيات" Personality Types الذي أرست دعائمه الأمريكية ( ايزابل مايرز ) ، وقد قامت بدراسته على يد الطبيب الكويتي الدكتور موسى الجويسر.

*ولديها العديد من المؤلفات التي تحكي عما يجول في نفسها مما يهم دينها القويم ، و وطنها الكويت ، ويعكس اهتماماتها الرائدة في تربية الجيل على القيم العالية والأدب الرفيع . ومن أهم مؤلفاتها :

·         واكويتاه رواية : ( في جزأين ).·         وانقشع الضباب : ( رواية ).·         أريد أمًّا؛ ( قصص قصيرة ) .·         أزواج وزوجات؛ قصص قصيرة ( في جزأين ).·         أمَّاه... هل فات الأوان؟ ( تجارب تربوية ) .·         كويتي + كويتية : ( رواية ).·         تعلم كيف تتعلم ؛ ( مترجم ).·         الداعية التي نريد؛ ( دعوي ).·         رسالة في مجالس العزاء.·         دع عنك التفكير : ( بالاشتراك مع الكاتبة مها البحر ).·         ولديها : أيضا رواية بعنوان ( نوف  ) .·         ولديها : (سلسلة أشرطة مغامرات خالد لتعليم الفقه للأطفال ) .

*صحيفة فنون الخليج أوردت شيئا من سيرة أم المثنى  يرحمها الله  وكتبتْ :

: ( رحلت من بيننا قبل أسابيع الداعية والأديبة «أم المثنى»، سعاد الولايتي، بعد رحلة دعوية وأدبية حافلة على مدى سنوات مضت، وبرحيلها خسرت الكويت وأهلهاسيدة ومعلمة فاضلة سنظل جميعا نفتخر بها، نشأت – يرحمها الله تعالى – بين كنف أبوين فاضلين مهتمين بالعلم والثقافة والمعرفة والدين ... ) .

كريمة «الوطن الكويت» سعاد عبد الرحمن الولايتي*

واستطردت في ذكر بعض معالم من حياتها: ( حيث كانت عضوا في رابطة الأدب الإسلامي العالمية . وكانت لها زاوية أسبوعية في صحيفة «الوطن» الكويتية حملت عنوان (وقفة ) . وختمت حديثها المؤثِّر عن الفقيدة بقولها : وبرحيلها يكون رحيل الأطياف الكويتية الثلاثة  فالأول كان رحيل أ. عبد الرحمن، ومن ثم. أ. وسمية الولايتي، رحم الله الراحلين بواسع رحمته، هؤلاء رحلوا جسدا عنا ومن بيننا، لكن ذكراهم العطرة وإنجازاتهم الطيبة ستبقى خالدة حاضرة بالذاكرة والعقول . (ووفقا لما نشر بصحيفة القبس ) . وقد توفيت  يرحمها الله : ( في 16 يونيو 2012م ) .

فإلى روحها الطاهرة في جنَّات الخلود إن شاء الله :

إلى الفقيدة الأستاذة سعاد الولايتي يرحمها الله 

داعية الكويت وأديبتها  

 

وتعودَ الآفاقُ بيضَ الليالي = قائلاتٍ للغيِّ : لن تلقاني .

وسوم: العدد 872